الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 29 مايو 2019

الطعن 19153 لسنة 61 ق جلسة 18 / 5 / 1993 مكتب فني 44 ق 74 ص 499


جلسة 18 من مايو سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ بدر الدين السيد وحسن أبو المعالي أبو النصر ومصطفى عبد المجيد وعبد الرحمن أو سليمه.
-----------------
(74)
الطعن رقم 19153 لسنة 61 القضائية

(1) حكم "وضعه. إصداره" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
 (2)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". وصف التهمة.
اتباع شكل خاص لتنبيه المتهم إلى تغيير الوصف أو تعديل التهمة. غير لازم. كفاية التنبيه بأي كيفية تراها المحكمة.
 (3)تزوير "أوراق رسمية". عقوبة "العقوبة المبررة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
اعتبار الحكم جريمتي الاشتراك في تزوير بياني قيد الميلاد والبطاقات الشخصية والعائلية جريمة واحدة. ومعاقبة الطاعن الأول بالعقوبة المقررة للجريمة الأخيرة التي لم يقبل نعيه بشأنها. انتفاء مصلحته فيما يثيره بشأن جريمة الاشتراك في تزوير بياني قيد الميلاد.
(4) تزوير "أوراق رسمية". ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
أثر الارتباط في العقوبة والمصلحة في الطعن في الحكم.
 (5)إثبات "بوجه عام" "شهود" "استعراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم رسم القانون صورة خاصة للتعرف على المتهم.
لمحكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم. حد ذلك؟
 (6)إثبات "بوجه عام". أوراق رسمية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إقناعية الدليل في المواد الجنائية. مؤداها: حق المحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية.
 (7)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
 (8)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استناد الحكم - صحيحاً - إلى دليل ثابت في الأوراق. كفايته.
 (9)إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". تزوير "أوراق رسمية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم فيما لا أثر له في منطقه. لا يعيبه.
(10) إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب تحقيق النيابة. لا يصلح سبباً للطعن على الحكم. علة ذلك؟
(11) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دعوى جنائية. نقص "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تمسك الطاعن بوجود متهمين آخرين في الدعوى. عدم جدواه. طالما أنه لا يحول دون مساءلته عن الجرائم التي دين بها.
(12) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. دفاع موضوعي. الرد عليه صراحة. غير لازم.
 (13)تزوير "أوراق رسمية". قانون "تفسيره". أسباب الإباحة وموانع العقاب "أسباب الإباحة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
طاعة الرئيس في مفهوم المادة 63 عقوبات. عدم امتدادها إلى ارتكاب الجرائم.
الدفاع القانوني ظاهر البطلان. عدم التزام المحكمة بالرد عليه.
 (14)دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بنفي التهمة. دفاع موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً.
(15) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية إيراد الحكم الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه. ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 (16)تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
القصد الجنائي في جريمة التزوير. موضوعي. لا يلزم التحدث عنه صراحة في الحكم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
 (17)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". تزوير "أوراق رسمية حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
مثال:

-----------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - من المقرر أن القانون لا يتطلب اتباع شكل خاص لتنبيه المتهم إلى تغيير الوصف أو تعديل التهمة، وكل ما يشترطه هو تنبيهه إلى ذلك التعديل بأية كيفية تراها المحكمة محققة لهذا الغرض سواء أكان هذا التنبيه سرياً أو ضمنياً أو باتخاذ إجراء ينم عنه في مواجهة الدفاع وينصرف مدلوله إليه، 
3 - لا يجدي الطاعن فيما أثاره في طعنه بالنسبة إلى جريمة الاشتراك في تزوير بياني قيد ميلاد المتهمتين الأولى والثانية، ما دام الحكم المطعون فيه قد دانه بجريمة الاشتراك في تزوير البطاقات الشخصية والعائلية موضوع الدعوى وأوقع عليه عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات عن جميع الجرائم موضوع الاتهام التي دارت عليها المحاكمة، وذلك بالتطبيق للمادة 32/ 2 من قانون العقوبات وهي عقوبة مقررة لجريمة الاشتراك في تزوير البطاقات الشخصية والعائلية سالف الذكر، التي ثبتت في حقه وبرئ الحكم من المناعي الموجهة إليه بخصوصها، مما تنعدم معه مصلحة الطاعن فيما ينعاه على الحكم المطعون فيه بالنسبة للجريمة المعنية.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جميعاً - بما فيها التهمة الأخيرة كفالة كل من المتهمتين الأولى والثانية في استحصالهما على جواز سفر مشتملاً عن اسم غير حقيقي... مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة واعتبرها كلها جريمة واحدة وأوقع عليها العقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم وهي جناية الاشتراك في تزوير محررات رسمية فإنه لا يكون للطاعنين - من بعد - مصلحة في هذا الوجه من الطعن.
5 - إن القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل إذا لم يتم عليها، وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه ما دامت قد اطمأنت إليه، إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه، فلا على المحكمة إن هي اعتمدت على الدليل المستمد من تعرف المتهمة الثانية على الطاعن الأول ما دام تقديره قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها، وتكون المجادلة في هذا الخصوص غير مقبولة.
6 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ومن ثم فإن النعي على الحكم يكون في غير محله.
7 - الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها.
8 - لما كانت مدونات الحكم واضحة الدلالة على أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهد الأول - العقيد..... - له أصوله الثابتة فيما قرره بجلسة المحاكمة بتاريخ 12 من يونيه سنة 1991، ولم يحد الحكم فيما عول عليه منها عن نص ما أنبأت به أو فحواه، فقد انحسرت عنه بذلك قالة خطأ التحصيل وفساد التدليل.
9 - إن ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم في بيان أرقام البطاقات المستخرجة وتواريخ صدورها وخلطه بينها، فإنه بفرض وقوعه في هذا الخطأ - لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله إلى مقارفته والجرائم المسندة إليه.
10 - حيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة في السابع من يوليو سنة 1991 أن من بين ما أبداه الدفاع عن الطاعن (دفعاً) بقصور تحقيقات النيابة العامة لاستبعاد.... و.... دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المهلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. إذ من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها وطالما لم يطلب الدفاع إليها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لمنعاه.
11 - من المقرر أنه لا يجدي الطاعن ما يثيره من وجود متهمين آخرين في الدعوى طالما أن اتهام ذلكما الشخصين فيها لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعن عن الجرائم التي دين بها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
12 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع 
الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
13 - من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم أن القانون يعاقب عليه، ومن ثم فإن دفاع الطاعن في هذا الخصوص يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان ولا على المحكمة إن هي التفتت عنه لم ترد عليه.
14 - نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
15 - من المقرر إنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يقبل معه معاودة التصدي أمام محكمة النقض.
16 - لما كان القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
17 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بقوله: "وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار باقي المتهمين وتلتفت عما أثاره دفاع كل منهم من أوجه التشكيك في أدلة الثبوت في الدعوى والسالف بيانها لاطمئنان المحكمة إلى تلك الأدلة التي جاءت متساندة مبرأة من قالة التناقض وتستخلص منها ما تطمئن معه إلى أن المتهم الرابع (أي الطاعن) هو الفاعل الأصلي في جريمة تزوير صورتي قيد ميلاد المتهمتين الأولى والثانية بطريق الاصطناع بأن أنشأهما على غرار المحررات الصحيحة في أثناء تأديته وظيفته بسجل مدني.... ويختص بما كلفه به رؤساءه من أعمال سواء كان هذا التكليف مكتوباً أو شفوياً والثابت أنه قام بتحرير هذين المحررين بتكليف من رئيسه المتهم الثالث وهو ملم بأن البيانات التي أثبتها في هذين المحررين مخالفة للحقيقة وتستخلص المحكمة هذا العلم من كونه موظفاً بالسجل المدني وعلى دراية بالأعمال التي يباشرها فيه وبإجراءاتها ومع أن العمل المسند إليه كتابة ينصب على قيد واقعات الوفاة فإن إقدامه على تحرير بيانات صورتي قيد واقعتي الميلاد محل الاتهام معتمداً على إملائها له من المتهم الثالث دون أن يرجع في شأنها إلى دفتر قيد المواليد اعتماداً على ثقته في المتهم الثالث حسبما ادعى لا يعتبر إهمال في مباشرة أعمال وظيفته وإنما يكشف بجلاء عن علمه بأن ما أثبته في هذين المحررين مخالف للحقيقة وأنهما مزورين الأمر الذي أكده الشاهد المقدم.... في أقواله بتحقيق النيابة..... وحيث إنه بالنسبة لواقعه تزوير البطاقات الشخصية والعائلية واستمارات طلب الحصول عليها...... تستخلص المحكمة علم المتهم الرابع بتزوير تلك البطاقات من ثبوت علمه بمخالفة البيانات التي حررها في صورتي قيد ميلاد المجانيتين لغرض الحصول على بطاقة للأسباب التي سبق أن أوردتها المحكمة بصدد تزويره لهذين المحررين فضلاً عن توقيعه كشاهد على استمارتي طلب جوازي سفر المتهمتين الأولى والثانية في وقت معاصر الأمر الذي يكشف عن معرفته بحقيقة أمر هاتين المتهمتين ومخالفة البيانات الخاصة بهما للحقيقة....." وهو رد سليم يسوغ به إطراح دفاع الطاعن ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين "محكوم عليهم" بأنهم أولاً: الطاعنون اشتركوا بطريق الاتفاق فيما بينهم بطريق المساعدة مع موظفين عموميين آخرين حسنى النية بسجل مدني.... في ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي طلبات الحصول على البطاقات أرقام 127093 شخصية.....، 100730عائلية..... بدل فاقدها و127142 شخصية..... وبدل فاقدها وكررت تلك البطاقات وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها بأن أثبتوا بتلك المحررات أن المتهمين الآخرين مسيحيتين الديانة وأنهما من مواليد..... وذلك على خلاف الحقيقة وأرفقوا بها المحررات المزورة موضوع التهمة المنسوبة للآخرين وأمدوه بالبيانات اللازمة فقام الموظفان حسنى النية باستخراج البطاقتين سالفتا الذكر فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق فيما بينهم وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهمون (الطاعنون) اشتركوا والمتهمتين الأخرتين وبطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو الموظف المختص باستخراج جوازات السفر بقسم جوازات.... في ارتكاب تزوير في محررين رسميين هما طلبات الحصول على الجوازين رقمي 536093، 529076 وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرهما بأن أمدوه بطلبات جوازي السفر والبيانات الواردة بالبطاقتين المزورتين السالف الإشارة إليهما وذلك على خلاف الحقيقة فقام الموظف المذكور باستخراج الجوازين سالفي الذكر فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق فيما بينهم وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 42، 211، 213، 214، 216 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة الطاعن الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات. ثانياً: بمعاقبة كل من الطاعنين الثاني والثالث بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر عما أسند إليهم باعتبار أن التهمة المسندة إلى الطاعن الثاني هي تزوير في محررين رسميين هما بياني قيد ميلاد المتهمتين الأخرتين. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعنين الأول والثالث ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم تزوير محررات رسمية واشتراك فيه وكفالة كل من المتهمتين الأولى والثانية (..... و.....) في استحصالها على جواز سفر مشتملاً على اسم غير حقيقي، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في الإسناد، ذلك أنه قد اكتفى في بيان واقعة الدعوى على ما ورد عنها بوصف الاتهام ودون أن يفطن إلى تعديل الوصف، كما إن المحكمة عدلت وصف التهمة بالنسبة للطاعن الأول من فاعل أصلي في جريمة تزوير - في محررين رسميين هما بياني قيد ميلاد المتهمتين الأولى والثانية - إلى اشتراك فيها دون لفت نظر الدفاع، وأضافت - بعد أن سمعت الدعوى وقررت إقفال باب المرافعة - تهمة جديدة (التهمة الأخيرة) لم ترد في أمر الإحالة، كما أن الطاعن تمسك ببطلان عملية العرض وإهدار الدليل المترتب عليها استناداً إلى أنه عرض منفرداً على المتهمة الثانية أثناء تواجدها في غرفة التحقيق، إلا أن المحكمة عولت في قضائها بإدانته على الدليل المستمد من تلك العملية، وقدم للمحكمة مستندين ثابت منهما عدم اختصاصه بالإشراف على السجل المدني بـ...... وأن ذلك من عمل أمين السجل وتمسك بدلالتهما على انتفاء مسئوليته، إلا أن المحكمة أغفلت هذين المستندين ولم تقل كلمتها فيهما، كما خالف الحكم الثابت في الأوراق إذ أورد بمدوناته - فيما أورد - أن الطاعن الأول كان يعمل يوم 20/ 12/ 1989 بمكتب سجل..... منوف وأن استخراج البطاقة المزورة للمتهمة الأولى تم في ذلك اليوم استناداً من الأوراق والكشوف التي قدمها الشاهد الأول - في حين أن الثابت أن تاريخ استخراج تلك البطاقة كان يوم 20/ 12/ 1989 أثناء قيام هذا الطاعن بإجازة مرضية، ونسب الحكم إلى الشاهد المذكور قوله أن الطاعن المذكور كان يعمل - في الفترة المعاصرة لوقائع الاتهام - مفتشاً مساعداً بمكتب السجل بـ..... ويشرف على أعمال المكتب وموظفيه وله الرئاسة على أمين السجل في حين أن أقواله في التحقيقات التي أجرتها المحكمة بجلسة 13/ 6/ 1991 قد خلت من ذلك إذ أنه شهد بأن أمين السجل هو المسئول عن أعمال المكتب وموظفيه وكل موظف مسئول عن عمله بصفته شخصية وأن المفتش المساعد مسئول عن أعماله الشخصية التي تصدر منه، وأطرح الحكم بأسباب غير سائغة دفاعه القائم على أنه لم يكن موجوداً في مكتب السجل المدني بـ..... في تواريخ استخراج البطاقات المزورة وأنه كان في إجازة اعتيادية ومرضية في تلك الفترة، ونسب الحكم إلى الشاهدين.... و.... في هذا الشأن ما لم يقولا به وخلط بين أرقام البطاقات المستخرجة وتواريخ صدورها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله:"..... تتحصل في أن التهمة الأولى.... المولودة بتاريخ 15/ 6/ 1942 بدائرة مركز أبنوب محافظة أسيوط المطلقة من زوجها....، وبنتها المتهمة الثانية..... المولودة، بتاريخ 5/ 7/ 1966 بدولة أثيوبيا والمسلمتي الديانة بعد اعتناق الأولى للدين المسيحي - سعياً من كليهما للحصول على بطاقة وجواز سفر ليتمكناً من مغادرة الجمهورية إلى الخارج دون أن تكشف السلطات المختصة بسر أمرهما فقد اتخذت كل منهما لنفسها اسماً مسيحياً فتسمت المتهمة الأولى باسم.... وتمست الثانية باسم.... واتفقتا مع المتهم الثالث (الطاعن الأول)..... المفتش المساعد بسجل مدني..... محافظة....... على أن يحصل لكل منهما على بطاقة وجواز سفر مزورين بالاسم الذي تسمت به وبناء على هذا الاتفاق وفى خلال شهري ديسمبر سنة 1989 ويناير سنة 1990 قام المتهم الثالث بدوره بالاتفاق مع المتهم الرابع (الطاعن الثاني)..... الموظف بسجل مدني..... على تزوير صورة رسمية مجانية تفيد واقعة ميلاد لغرض استخراج بطاقة لكل من المتهمتين الأولى والثانية بالاسم الذي تسمت به السالفة بيانه على أنهما مولودتان بـ..... وذلك بطريق الاصطناع وساعده على تزوريها أن أملاه بياناتهما على أن المتهمة الأولى مولودة بتاريخ 15/ 6/ 1942 بـ.... وأن واقعة ميلادها مقيدة بدفتر مواليد السجل برقم 7801 بتاريخ 19/ 11/ 1962 وأن المتهمة الثانية مولودة بتاريخ 18/ 8/ 1968 بـ..... وأن واقعة ميلادها مقيدة بدفتر مواليد ذلك السجل برقم 7365 بتاريخ 27/ 8/ 1968 وذلك خلافاً للحقيقة إذ أن الواقعة الأولى خاصة بميلاد..... والواقعة الثانية خاصة بميلاد....، فقام المتهم الرابع بإنشاء هذين المحررين الرسميين على غرار المحررات الصحيحة في أثناء تأدية وظيفته بأن أثبت فيهما بخطه تلك البيانات المخالفة للحقيقة مع علمه بتزويرها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. كما قام المتهم الثالث، بناء على اتفاقه مع المتهمتين الأولى والثانية والرابع والخامس (الطاعن الثالث)..... الموظف بسجل مدني بـ.... بمساعدة موظفي سجل مدني بـ.... المختصين باستخراج البطاقات الخاضعين لرئاسته وإشرافه والحسنى النية، على تزوير البطاقات رقم 127093 شخصية بـ..... الصادرة بتاريخ 24/ 12/ 1989 وبدل فاقدها الصادر بتاريخ 1/ 1/ 1991 بالاسم الذي تسمت به المتهمة الثانية بأن قدم المتهم الثالث لهؤلاء الموظفين استمارات طلبات حصول كل من المتهمتين الأولى والثانية على تلك البطاقات ثابت بها أن كل منهما مولودة بـ..... وبالتاريخ المعطى لميلادهما وأنهما مسيحيتي الديانة خلافاً للحقيقة مشوبة بإمضاءات وبصمات كل من المتهمتين التي حصل المتهم الثالث عليها منهما بمنزله بـ..... وتوقيعات المتهمين السادس والسابع كشاهدين على تلك الاستمارات مرفقاً بها صورتي قيد ميلاد المزورين اللتين أنشأهما المتهم الرابع لهذا الغرض وأدلى المتهم الثالث لهؤلاء الموظفين بالبيانات اللازمة وكلفهم بحكم رئاسته لهم باستكمال بيانات هذه الاستمارات واتخاذ إجراءات استخراج تلك البطاقات للمتهمتين على أنهما معرفتين له واستجابة لطلبه قام كل من.... الموظف المختص باستلام استمارات الحصول على البطاقات الشخصية باستكمال بيانات هذه الاستمارات بتأشير كل منهما بإمضائه على الاستمارات المختص بها بما يفيد أنه الأخذ لبصمة كل من المتهمتين على ما يخصها من استمارات واعتماد توقعي شاهدي كل استمارة على أنها صدرت منهم أمام كل منهما خلافاً للحقيقة استجابة لطلب المتهم الثالث، بينما قام المتهم الخامس..... بناء على اتفاق مع المتهم الثالث، بالمساعدة في تزوير البطاقة العائلية رقم 100730 بـ..... الخاصة بالمتهمة الأولى بقيد بياناتها بالسجل المدني برقم قيد عائلي جديد على أنها رب أسرتها التي تشمل بنتها المتهمة الثانية بعد وفاة زوجها الذي سمي في الاستمارة باسم..... خلافاً للحقيقة رغم أنها لم تقدم ما يثبت ذلك بالمخالفة لقانون الأحوال المدنية ولائحته التنفيذية وبناء على هذا الاتفاق بين المتهمين من الأولى للخامس والمساعدة التي قدمها المتهمون الثالث والرابع والخامس قام الموظفون المختصون بسجل مدني منوف باستخراج البطاقات المزورة سالفة الذكر فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. كما استعملت المتهمة الأولى بطاقتها العائلية رقم 100730 بدل فاقد بـ.... المزورة واستعملت المتهمة الثانية بطاقتها الشخصية رقم 127042 بـ..... المزورة مع علمهما بتزويرهما بأن قدمت كل منهما بطاقتها سالفة الذكر إلى قسم جوازات بـ..... وحصلت بموجبها على جواز سفرها بالاسم الغير حقيقي، كما قامت المتهمة الأولى بالحصول على جواز السفر رقم 536092 بـ..... بتاريخ 9/ 1/ 1991 وحصلت المتهمة الثانية على جواز السفر رقم 29076 بـ..... بتاريخ 26/ 12/ 1989 وتسمت كل منهما في جوازها بالاسم الغير حقيقي الذي تسمت به في بطاقتها المزورة حسبما سلف البيان بينما كفل المتهمون الثالث والرابع والخامس كل من المتهمتين في الحصول على جوازها المشتمل على الاسم الغير حقيقي مع علمهم بذلك بأن وقع المتهمان الرابع والخامس على استمارات طلب كل من جوازي المتهمتين كشاهدين على بياناتهما وضامنين لهما ووقع المتهم الثالث على الاستمارتين باعتماد توقيعي المتهمين الرابع والخامس عليهما وإدراج اسمه فيهما مقروناً بعنوانه ورقم تليفون منزله بـ..... الذي أقر بصحته - باعتباره ممن يمكن مراجعتهم عند الضرورة" وقد دلل الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين بما ينتجها من وجوه الأدلة التي استقاها من معينها الصحيح من الأوراق بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون وإذ كان صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لا يتطلب اتباع شكل خاص لتنبيه المتهم إلى تغيير الوصف أو تعديل التهمة، وكل ما يشترطه هو تنبيهه إلى ذلك التعديل بأيه كيفية تراها المحكمة محققة لهذا الغرض سواء أكان هذا التنبيه سرياً أو ضمنياً أو باتخاذ إجراء ينم عنه في مواجهة الدفاع وينصرف مدلوله إليه، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن المحكمة عدلت وصف التهمة المرفوعة به الدعوى من تزوير بياني قيد ميلاد المتهمتين الأولى والثانية إلى اشتراك فيه بالنسبة للطاعن الأول وذلك في الجلسة العلنية وفى مواجهة الطاعن ذاته والمدافع عنه قبل أن يبدأ مرافعته ثم أبدى مرافعته على هذا الأساس، فإن في ذلك ما يكفي لتنبيهه إلى هذا التعديل ومن ثم ينحسر عن الحكم دعوى الإخلال بحق الدفاع ومن جهة أخرى لا يجدي هذا الطاعن فيما أثاره في طعنه بالنسبة إلى جريمة الاشتراك في تزوير بياني قيد ميلاد المتهمتين الأولى والثانية، ما دام الحكم المطعون فيه قد دانه بجريمة الاشتراك في تزوير البطاقات الشخصية والعائلية موضوع الدعوى وأوقع عليه عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات عن جميع الجرائم موضوع الاتهام التي دارت عليها المحاكمة، وذلك بالتطبيق للمادة 32/ 2 من قانون العقوبات وهي عقوبة مقررة لجريمة الاشتراك في تزوير البطاقات الشخصية والعائلية سالفي الذكر، التي ثبتت في حقه وبرئ الحكم من المناعي الموجهة إليه بخصوصها، مما تنعدم معه مصلحة الطاعن فيما ينعاه على الحكم المطعون فيه بالنسبة للجريمة المعنية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جميعاً - بما فيها التهمة الأخيرة كفالة كل من المتهمتين الأولى والثانية في استحصالهما على جواز سفر مشتملاً على اسم غير حقيقي..... مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة واعتبرها كلها جريمة واحدة وأوقع عليها العقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم وهي جناية الاشتراك في تزوير محررات رسمية فإنه لا يكون للطاعنين - من بعد - مصلحة في هذا الوجه من الطعن. لما كان ذلك وكان القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل إذا لم يقم عليها، وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه ما دامت قد اطمأنت إليه، إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه، فلا على المحكمة إن هي اعتمدت على الدليل المستمد من تعرف المتهمة الثانية على الطاعن الأول ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها، وتكون المجادلة في هذا الخصوص غير مقبولة. لما كان ذلك، وكان الحكم من المقرر في قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ومن ثم فإن النعي على الحكم يكون في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، فإن بفرض صحة ما ذهب إليه الطاعن الأول من خطأ الحكم - في بيان تاريخ استخراج إحدى البطاقات التي دين بالاشتراك في تزويرها وبأن تاريخ استخراجها الصحيح كان في فترة إجازته المرضية - لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها بعد أن اطمأنت المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات من حضور الطاعن المذكور إلى مكتب السجل المدني في تاريخ استخراج البطاقات التي دين بالاشتراك في تزويرها ومن أن حصوله على إجازة مرضية لم يكن ليحول دون حضوره إلى مكتب السجل المدني طالما لم يثبت أنه كان ملازماً الفراش، ومن ثم فإن ما يثيره هذا الطاعن في هذا النعي لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكانت مدونات الحكم واضحة الدلالة على أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهد الأول - العقيد.... - له أصوله الثابتة فيما قرره بجلسة المحاكمة بتاريخ 12 من يونيه سنة 1991، ولم يحد الحكم فيما عول عليه منها عن نص ما أنبأت به أو فحواه، فقد انحسرت عنه بذلك قالة خطأ التحصيل وفساد التدليل، لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم في بيان أرقام البطاقات المستخرجة وتواريخ صدورها وخلطة بينها، فإنه بفرض وقوعه في هذا الخطأ - لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله إلى مقارفته والجرائم المسندة إليه، ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا تكون مقبولة لما هو مقرر - على ما سلف - من أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها - لما كان ما تقدم، فإن هذا الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تزوير في محررات رسمية واشتراك في وكفالة كل من المتهمتين الأولى والثانية في استحصالهما على جواز سفر مشتملاً على اسم غير حقيقي، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع بقصور تحقيق النيابة لإغفاله آخرين هما...... و...... وبتلفيق التهمة وبانحسار الحقيقة عنها، كما دفع بانطباق حكم المادة 63 من قانون العقوبات عليه لأن ما صدر من الطاعن كان طاعة لأمر رئيسه (المحكوم عليه......) وبأن هذا الأخير هو المتهم الوحيد في الدعوى كما دفع - أيضاً - بعدم توافر القصد الجنائي في حق الطاعن تأسيساً على أنه لم يكن يعلم بأن البيانات التي أمليت عليه مزورة، إلا أن الحكم أطرح كل هذا الدفاع بما لا يسوغ به إطراحه، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة في السابع من يوليو سنة 1991 أن من بين ما أبداه الدفاع عن الطاعن (دفعاً) بقصور تحقيقات النيابة العامة لاستبعاد...... و..... دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المهلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. إذ من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها وطالما لم يطلب الدفاع إليها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لمنعاه هذا فضلاً عن أنه لا يجدي الطاعن ما يثيره من وجود متهمين آخرين في الدعوى طالما أن اتهام ذالكما الشخصين فيها لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعن عن الجرائم التي دين بها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، ومن ثم منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم أن القانون يعاقب عليه، ومن ثم فإن دفاع الطاعن في هذا الخصوص يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان ولا على المحكمة إن هي التفتت عنه لم ترد عليه. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يقبل معه معاودة التصدي أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وفي وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بقوله: "وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار باقي المتهمين وتلتفت عما أثاره دفاع كل منهم من أوجه التشكيك في أدلة الثبوت في الدعوى والسالف بيانها لاطمئنان المحكمة إلى تلك الأدلة التي جاءت متساندة مبرأة من قالة التناقض وتستخلص منها ما تطمئن معه إلى أن المتهم الرابع (أي الطاعن) هو الفاعل الأصلي في جريمة تزوير صورتي قيد ميلاد المتهمتين الأولى والثانية بطريق الاصطناع بأن أنشأهما على غرار المحررات الصحيحة في أثناء تأديته وظيفته بسجل مدني بـ...... ويختص بما كلفه به رؤساءه من أعمال سواء كان هذا التكليف مكتوباً أو شفوياً والثابت أنه قام بتحرير هذين المحررين بتكليف من رئيسه المتهم الثالث وهو ملم بأن البيانات التي أثبتها في هذين المحررين مخالفة للحقيقة وتستخلص المحكمة هذا العلم من كونه موظفاً بالسجل المدني وعلى دراية لأفعال التي يباشرها فيه وبإجراءاتها ومع أن العمل المسند إليه كتابه ينصب على قيد واقعات الوفاة فإن إقدامه على تحرير بيانات صورتي قيد واقعتي الميلاد محل الاتهام معتمداً على إملائها له من المتهم الثالث دون أن يرجع في شأنها إلى دفتر قيد المواليد اعتماداً على ثقته في المتهم الثالث حسبما ادعى لا يعتبر إهمال في مباشرة أعمال وظيفته وإنما يكشف بجلاء عن علمه بأن ما أثبته في هذين المحررين مخالف للحقيقة وأنهما مزورين الأمر الذي أكده الشاهد المقدم..... في أقواله بتحقيق النيابة..... وحيث إنه بالنسبة لواقعة تزوير البطاقات الشخصية والعائلية واستمارات طلب الحصول عليها..... تستخلص المحكمة علم المتهم الرابع بتزوير تلك البطاقات من ثبوت علمه بمخالفة البيانات التي حررها في صورتي قيد ميلاد المجانيتين لغرض الحصول على بطاقة للأسباب التي سبق أن أوردتها المحكمة بصدد تزويره لهذين المحررين فضلاً عن توقيعه كشاهد على استمارتي طلب جوازي سفر المتهمتين الأولى والثانية في وقت معاصر الأمر الذي يكشف عن معرفته بحقيقة أمر هاتين المتهمتين ومخالفة البيانات الخاصة بهما للحقيقة..." وهو رد سليم يسوغ به إطراح دفاع الطاعن ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون كسابقة - على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق