الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 30 مايو 2019

الطعن 24966 لسنة 59 ق جلسة 7 / 6 / 1993 مكتب فني 44 ق 84 ص 566


جلسة 7 من يونيه سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر وحسن حمزة وحامد عبد الله ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.
------------------
(84)
الطعن رقم 24966 لسنة 59 القضائية

(1) تهريب جمركي. عقوبة. "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التمتع بالإعفاء من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها المنصوص عليها في المادتين الرابعة والخامسة من القانون رقم 91 لسنة 1983. شرطه؟
(2) تهريب جمركي. عقوبة "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب".
نوعا الإعفاء الجمركي المنصوص عليهما في القوانين أرقام 65 لسنة 1971، 43 لسنة 1974، 203 لسنة 1989؟
(3) تهريب جمركي. قانون "قانون أصلح".
القانون الذي ينشئ للمتهم مركزاً أو وضعاً أصلح من القانون القديم قانون أصلح للمتهم. المادة الخامسة عقوبات.
 (4)تهريب جمركي. جريمة "أركانها". مسئولية جنائية "المسئولية المفترضة". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جريمة التهريب الجمركي. عمديه. يتطلب القصد الجنائي فيها اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الواقعة الإجرامية مع علمه بعناصرها.
عدم صحة القول بالمسئولية المفترضة إلا إذ نص عليها الشارع صراحة. أو كان استخلاصها سائغاً من نصوص القانون. إذ الأصل ثبوت القصد ثبوتاً فعلياً.
عدم مساءلة الشخص فاعلاً كان أو شريكاً إلا بقيامة بالفعل أو الامتناع المجرم قانوناً.
افتراض المسئولية. استثناء. قصره في الحدود التي نص عليها القانون فحسب.
(5) حكم "بيانات حكم الإدانة" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". تهريب جمركي.
تجهيل الحكم. لأدلة الثبوت في الدعوى. يعيبه
مثال 

-----------------
1 - لما كانت المادة الرابعة من القانون رقم 91 لسنة 1983 تنص على أن "يجوز بقرار رئيس الجمهورية بناء على اقتراح من وزير المالية الإعفاء من كل أو بعض الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها..... وذلك بالنسبة إلى الجهات الآتية: - 1 - ..... 2 - المشروعات التي يوافق عليها تطبيقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974..... بالنسبة لما تستورده من أصول رأسماليه ومواد تركيبات البناء اللازمة لإنشاء هذه المشروعات.....". كما نصت المادة الخامسة منه على أن "تعفى من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها وبشرط المعاينة: 1 - ما تستورده المنشآت المرخص لها بالعمل في المناطق الحرة من الأدوات والمهمات والآلات ووسائل النقل (فيما عدا سيارات الركوب والأثاث) اللازمة لمزاولة نشاطها داخل المنطقة الحرة، وذلك دون إخلال بالأحكام الأخرى المنصوص عليها في المادتين 36، 37 من نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 42 لسنة 1974، 2 - ....". ونصت المادة 11 من ذات القانون على أن مع عدم الإخلال بما نص عليه في هذا القانون من أحكام خاصة تخضع الإعفاءات الجمركية للأحكام الآتية: - 1 - .... 2 - .... 3 - تطبق الإعفاءات الجمركية الممنوحة للمشروعات المقامة داخل المناطق الحرة والدوائر الجمركية على ما يستخدم فقط داخل هذه المناطق..... وإذ كانت واقعات الدعوى على النحو السالف بيانه وعلى ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن، تقطع بأن البضائع المضبوطة ليست من الأصول الرأسمالية أو مواد تركيبات البناء اللازمة لإنشاء الشركة مالكتها وأنها غير مستوردة من خارج البلاد بل مدخلة إلى المنطقة الحرة من داخل جمهورية مصر العربية ولا يدعى الطاعنان صدور قرار من رئيس الجمهورية بالإعفاء الجمركي، كما أنها ليست من المهمات والآلات اللازمة لمزاولة نشاط الشركة داخل المنطقة الحرة أو مما يستخدم فقط داخل المنطقة الحرة الخاصة بالشركة، ودخلتها خلسة ولم تخضع للمعاينة من الجهات المختصة قبل دخولها المنطقة الحرة، ومن ثم فإنها لا تتمتع بالإعفاء من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها المنصوص عليها في أي من المادتين الرابعة والخامسة من القانون رقم 91 لسنة 1983.
2 - صدور القانون رقم 230 لسنة 1989 بإصدار قانون الاستثمار - بعد صدور الحكم المطعون فيه وقبل الفصل في الدعوى بحكم بات - وقد أورد في المادتين 31، 32 منه ذات الإعفاءات الجمركية المنصوص عليها في المادتين 26، 27 من القانون رقم 65 لسنة 1971 والمادتين 36، 37 من القانون 43 لسنة 1974 المقابلة لهما، ذلك أن البين من استعراض نصوص القوانين الثلاثة المذكورة أنها تضمنت نوعين من الإعفاء الجمركي أحدهما إعفاء مطلق من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها يرد على البضائع أو المواد الغير ممنوع تداولها والتي تصدر من المنطقة الحرة إلى خارج البلاد أو التي تستورد إلى المنطقة الحرة من خارج البلاد وذلك فيما عدا ما هو منصوص عليه في هذه القوانين، إذ البين من استقراء تلك القوانين أن المشرع قصد المغايرة في الأحكام بين تلك الحالة - التي قصر الإعفاء الجمركي عليها - وبين إدخال بضائع ومواد محلية من داخل البلاد إلى المنطقة الحرة أو سحب بضائع منها للاستهلاك المحلي، فتعامل معاملة البضائع المستوردة من الخارج إلى داخل البلاد أو المصدرة من البلاد إلى الخارج من ضرورة اتخاذ الإجراءات المتبعة للاستيراد أو التصدير حسب الأحوال وسداد الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها. أما النوع الآخر من الإعفاءات الجمركية فهو إعفاء معينة يرد على الأدوات والمهمات والآلات ووسائل النقل الضرورية للمنشآت المرخص بها في المنطقة الحرة والمواد المحلية التي تشتمل عليها البضائع التي تسحب من المنطقة الحرة للاستهلاك المحلي وكذا ما يسمح بإدخاله من بضائع إلى البلاد من المنطقة الحرة أو إليها من داخل البلاد وذلك بصفة مؤقتة لإصلاحها، ولإجراء عمليات تكميلية عليها.
3 - القانون الأصلح في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات هو القانون الذي ينشئ للمتهم مركزاً أو وضعاً يكون أصلح له من القانون القديم.
4 - جريمة التهريب الجمركي جريمة عمديه يتطلب القصد الجنائي فيها اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الواقعة الإجرامية مع علمه بعناصرها والأصل أن القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعليا، ولا يصح القول بالمسئولية الفرضية إلا إذا نص عليها الشارع صراحة أو كان استخلاصها سائغاً عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن، إذ من المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الإنسان لا يسأل بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه دخل في وقوعه من الأعمال التي نص القانون على تجريمها، ولا مجال للمسئولية المفترضة في العقاب إلا استثناء وفى الحدود التي نص عليها القانون ويجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل.
5 - من المقرر أنه يجب ألا يجهل الحكم أدلة الثبوت في الدعوى بل عليه أن يبينها بوضوح بأن يورد مؤداها في بيان مفصل يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الأحكام وتتمكن معه محكمة النقض من أعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً، وكان الحكم لم يبين كيفية استفادة الطاعنين من الجريمة وارتكاب المتهم الثالث لها لصالحهما ولحسابهما ودون أن يدلل على علمهما بارتكابه الجريمة أو يفصح عن سنده في أن المتهم الثالث يعمل لصالحهما ولحسابهما فإن يكون معيباً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)..... (طاعن) (2)..... (طاعن) (3)..... بأنهم شرعوا في تهريب البضائع الأجنبية والمحلية المبينة بالأوراق دون سداد الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عليها بأن قاموا بإدخالها إلى المنطقة الحرة التابعة لشركة الإسكندرية للملاحة والأعمال البحرية دون اتخاذ الإجراءات الجمركية الواجبة عليها وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبطهم والجريمة متلبس بها على النحو الوارد بالأوراق. وطلبت عقابهم بالمواد 45، 47، 37، 38، 57 من القانون رقم 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون 32 لسنة 1977 والمواد 56، 57، 59 من قرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون المذكور والمواد 4/ 2، 11، 13 من القانون رقم 91 لسنة 1983 بشأن تنظيم الإعفاءات الجمركية والمواد 121، 122، 124، 124 مكرراً، 125 من القانون 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 57 لسنة 1980 في شأن الجمارك.
ومحكمة جنح الشئون المالية والتجارية بالإسكندرية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل متهم سنتين مع الشغل وغرامة ألف جنيه وكفالة ألف جنيه لوقف تنفيذ عقوبة الحبس وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لمصلحة الجمارك مبلغ 6088 جنيه و400 مليم ضعف الرسوم الجمركية المستحقة والمصادرة. عارضوا وقضي بقبول المعارضة شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف المحكوم عليهما الأول والثاني (الطاعنان).
ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الشروع في التهريب الجمركي قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ذلك أنهما يتمتعان بالإعفاء الجمركي المنصوص عليه في القوانين أرقام 65 لسنة 1961 بشأن استثمار المال العربي والمناطق الحرة 43 لسنة 1974 بإصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة 65 لسنة 1974 بإنشاء شركة الإسكندرية للملاحة والأعمال البحرية كما أقام الحكم مسئولية الطاعنين عن الجريمة على مجرد كون الطاعن الأول رئيساً لمجلس إدارة الشركة التي يعمل بها المتهم الثالث وأن الطاعن الثاني هو المدير التجاري لها دون أن يدلل على توافر القصد الجنائي لديهما بما يكفي لحمل قضائه منشئاً بذلك قرينة لم ينص عليها القانون هي افتراض علم الطاعنين بالواقعة، كل ذلك مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن واقعة الدعوى حسبما يبين من الأوراق ومدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه توجز في أنه بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1983 ضبط المتهم الثالث حال إدخاله سيارة محملة ببضائع أجنبية ومحلية مملوكة لشركة الإسكندرية للملاحة والأعمال البحرية، إلى المنطقة الحرة التابعة لها، بقصد اتجار الشركة فيها، وذلك دون اتخاذ الإجراءات الواجب إتباعها وسداد الضرائب والرسوم المقررة، وأن الطاعن الأول هو رئيس مجلس إدارة تلك الشركة وأن الطاعن الثاني المدير التجاري بها، وقد دفع الطاعنان تهمة الشروع في التهريب الجمركي المسندة إليهما بأنهما يتمتعان بالإعفاء الجمركي المنصوص عليه في القانونين رقمي 65 لسنة 1971 بشأن استثمار المال العربي والمناطق الحرة 43 لسنة 1974 بإصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة عملاً بالقانون رقم 65 لسنة 1974 بإنشاء شركة الإسكندرية للملاحة والأعمال البحرية. إلا أن هذا الدفع مردود بأن الإعفاءات الجمركية في تاريخ الواقعة - 27/ 11/ 1983 - يحكمها القانون رقم 91 لسنة 1983 بتنظيم الإعفاءات الجمركية الصادر بتاريخ 18 من يوليو سنة 1983 والمعمول به من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 28 من يوليو سنة 1983، وذلك بحسبانه القانون الذي وقعت الجريمة في ظل العمل بأحكامه، وقد نص في المادة 13 منه على أن يعمل بالأحكام المنظمة للإعفاءات الجمركية الواردة به وإلغاء كل ما يخلف ذلك من إعفاءات جمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها المنصوص عليها في العديد من القوانين والقرارات من بينها القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك والقانون رقم 43 لسنة 1974 - وهذا القانون الأخير قد نص صراحة على إلغاء القانون رقم 65 لسنة 1971 فضلاً عن أنه لاحق القانون إنشاء شركة الإسكندرية للملاحة والأعمال البحرية - ولما كانت المادة الرابعة من القانون رقم 91 لسنة 1983 تنص على أن "يجوز بقرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح من وزير المالية الإعفاء من كل أو بعض الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها..... وذلك بالنسبة إلى الجهات الآتية: - 1 - ..... 2 - المشروعات التي يوافق عليها تطبيقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974..... بالنسبة لما تستورده من أصول رأسمالية ومواد وتركيبات البناء اللازمة لإنشاء هذه المشروعات.....". كما نصت المادة الخامسة منه على أن "تعفى من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها وبشرط المعاينة: 1 - ما تستورده المنشآت المرخص لها بالعمل في المناطق الحرة من الأدوات والمهمات والآلات ووسائل النقل (فيما عدا سيارة الركوب والأثاث) اللازمة لمزاولة نشاطها داخل المنطقة الحرة وذلك دون إخلال بالأحكام الأخرى المنصوص عليها في المادتين 36، 37 من نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974. 2 - ....". ونصت المادة 11 من ذات القانون على أن مع عدم الإخلال بما نص عليه في هذا القانون من أحكام خاصة تخضع الإعفاءات الجمركية للأحكام الآتية: 1 - ..... 2 - ..... 3 - تطبق الإعفاءات الجمركية الممنوحة للمشروعات المقامة داخل المناطق الحرة والدوائر الجمركية على ما يستخدم فقط داخل هذه المناطق.....". وإذ كانت واقعات الدعوى على النحو السالف بيانه وعلى ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن، تقطع بأن البضائع المضبوطة محل الإدانة ليست من الأصول الرأسمالية أو مواد وتركيبات البناء اللازمة لإنشاء الشركة مالكتها وأنها غير مستوردة من خارج البلاد بل مدخلة إلى المنطقة الحرة من داخل جمهورية مصر العربية ولا يدعي الطاعنان صدور قرار من رئيس الجمهورية بالإعفاء الجمركي، كما أنها ليست من المهمات والآلات اللازمة لمزاولة نشاط الشركة داخل المنطقة الحرة أو مما يستخدم فقط داخل المنطقة الحرة الخاصة بالشركة فضلاً عن دخولها إليها خلسة دون أن تخضع للمعاينة من الجهات المختصة قبل دخولها المنطقة الحرة، ومن ثم فإنها لا تتمتع بالإعفاء من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها المنصوص عليها في أي من المادتين الرابعة والخامسة من القانون رقم 91 لسنة 1983 فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دفاع الطاعنين في هذا الصدد تأسيساً على أن القانون رقم 91 لسنة 1983 والقانون رقم 66 لسنة 1963 هما اللذان يحكمان واقعة الدعوى لا يكون قد أخطأ في شيء وتكون النتيجة التي خلص إليها في هذا الشأن متفقة والتطبيق القانون السليم. ولا يقدح في ذلك صدور القانون رقم 230 لسنة 1989 بإصدار قانون الاستثمار - بعد صدور الحكم المطعون فيه وقبل الفصل في الدعوى بحكم بات - وقد أورد في المادتين 31، 32 من ذات الإعفاءات الجمركية المنصوص عليها في المادتين 26، 27 من القانون رقم 65 لسنة 1971 والمادتين 36، 37 من القانون رقم 43 لسنة 1974 المقابلة لهما، ذلك أن البين من استعراض نصوص القوانين الثلاثة المذكورة أنها تضمنت نوعين من الإعفاء الجمركي أحدهما إعفاء مطلق من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها يرد على البضائع أو المواد الغير ممنوع تداولها والتي تصدر من المنطقة الحرة إلى خارج البلاد أو التي تستورد إلى المنطقة الحرة من خارج البلاد وذلك فيما عدا ما هو منصوص عليه في هذه القوانين، والآخر إعفاء مقيد يرد على الأدوات والمهمات والآلات ووسائل النقل الضرورية للمنشآت المرخص بها في المنطقة الحرة والمواد المحلية التي تشتمل عليها البضائع التي تسحب من المنطقة الحرة للاستهلاك المحلي وكذا ما يسمح بإدخاله من بضائع إلى البلاد من المنطقة الحرة أو بإدخاله إليها من داخل البلاد وذلك بصفة مؤقتة لإصلاحها أو لإجراء عمليات تكميلية عليها. وفيما عدا ما تقدم فإن سحب بضائع من المنطقة الحرة للاستهلاك المحلي أو إدخال بضائع ومواد محلية من داخل البلاد إلى المنطقة الحرة، يعامل معاملة البضائع المستوردة من الخارج إلى داخل البلاد أو المصدرة من البلاد إلى الخارج من ضرورة اتخاذ الإجراءات المتبعة للاستيراد أو التصدير حسب الأحوال وسداد الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها. وإذ كانت واقعة الدعوى بما أظهرته من كيفية حدوث الضبط ونوعية البضائع المضبوطة التي دين الطاعنان بالشروع في تهريبها - على نحو ما سلف بيانه - تفصح عن أنها مما لا يشملها الإعفاء الجمركي بأي من نوعية التي أعاد القانون رقم 230 لسنة 1989 العمل بها، فلا يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعنين، ذلك أن القانون الأصلح في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات هو القانون الذي ينشئ للمتهم مركزاً أو وضعاً يكون أصلح له من القانون القديم، ويكون القانون رقم 91 لسنة 1983 هو الذي يسرى على واقعة الدعوى دون غيره تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أحال إلى الحكم المستأنف بشأن وقائع الدعوى التي خلص إلى تسبيب قضائه بالإدانة بقوله "لما كان ذلك، وكان المتهم الأول هو رئيس مجلس إدارة شركة إسكندرية للملاحة والمتهم الثاني المدير التجاري بها، بمعنى أنهما المسئولين عن الإدارة بالشركة والمستفيدين في النهاية وأن هذه الجريمة إنما ارتكبت لصالحهما وحسابهما ولا يقدح في ذلك ما أثاره الدفاع بشأن الجريمة وأن المتهم الثالث هو المسئول عنها إذ أنه يعمل لحسابهما وأمرهما فإذا كان هو فاعلاً أصلياً فإن المتهمين الأصليين شركاء له في الجريمة بما تنعقد معه مسئوليتهما الجنائية عند التهمة المسندة إليهما. لما كان ذلك، وكانت جريمة التهريب الجمركي جريمة عمديه يتطلب القصد الجنائي فيها اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الواقعة الإجرامية مع علمه بعناصرها والأصل أن القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعليا، ولا يصح القول بالمسئولية الفرضية إلا إذا نص عليها الشارع صراحة، أو كان استخلاصاً سائغاً عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن، إذ من المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الإنسان لا يسأل بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه دخل في وقوعه من الأعمال التي نص القانون على تجريمها، ولا مجال للمسئولية المفترضة في العقاب إلا استثناء وفي الحدود التي نص عليها القانون، ويجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل. ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه لم يورد الظروف التي استخلص منها ثبوت ارتكاب الطاعنين للواقعة ولم يدلل على ذلك تدليلاً سائغاً، وإنما أطلق القول بأن الطاعن الأول هو رئيس مجلس إدارة الشركة وأن الطاعن الثاني هو المدير التجاري بها وأنهما المستفيدين وأن الجريمة ارتكبت لصالحهما ولحسابهما وأن المتهم الثالث يعمل لصالحهما ولحسابهما، مع ما في ذلك من إنشاء قرينة لا أصل لها في القانون مبناها مسئولية الطاعنين عن واقعة التهريب الجمركي التي اقترفها المتهم الثالث - لمجرد كون الأول رئيس مجلس إدارة الشركة والثاني المدير التجاري بها وأنهما المسئولين عن الإدارة المستفيدين في النهاية من الجريمة ورغم ما قدمه الطاعن الأول من مستندات تفيد أنه لم يكن رئيساً لمجلس الإدارة وقت وقوع الجريمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب ألا يجهل الحكم أدلة الثبوت في الدعوى بل عليه أن يبينها بوضوح بأن يورد مؤداها في بيان مفصل يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الأحكام وتتمكن معه محكمة النقض من أعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً، وكان الحكم لم يبين كيفية استفادة الطاعنين من الجريمة وارتكاب المتهم الثالث لها لصالحهما ولحسابهما ودون أن يدلل على علمهما بارتكابه الجريمة أو يفصح عن سنده في أن المتهم الثالث يعمل لصالحهما ولحسابهما، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق