الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 29 مايو 2019

الطعن 23842 لسنة 61 ق جلسة 20 / 12 / 1993 مكتب فني 44 ق 186 ص 1214


جلسة 20 من ديسمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر ومجدي منتصر ومصطفى كامل ومحمد عبد العزيز محمد نواب رئيس المحكمة.
-------------
(186)
الطعن رقم 23842 لسنة 61 القضائية

 (1)نقض "الصفة في الطعن" "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. توقيعها". 
توقيع مذكرة الأسباب بإمضاء يتعذر قراءته. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. لا يغير من ذلك. أن تحمل ما يشير إلى صدورها من مكتب محام
 (2)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". 
حق المحكمة أن تستند في إدانة متهم إلى أقوال متهم آخر. أساس ذلك؟
 (3)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". 
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي
مفاد أخذ المحكمة بأقوال شاهد؟
(4) إثبات "بوجه عام" "اعتراف" "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اقتناع المحكمة بها
إثارته أمام النقض. غير جائزة.
 (5)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع بشيوع التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يجوز إثارته لأول مرة أمام النقض.
 (6)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع بنفي التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
الدفع بارتكاب الجريمة بمعرفة آخر. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم
(7) جريمة "أركانها". باعث. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
الباعث على الجريمة ليس ركناً فيها. عدم تحقيق المحكمة له. لا ينال من سلامة الحكم
(8) محكمة الجنايات. حكم "سقوطه". نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام" "سقوط الطعن". 
للنيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها. الطعن بالنقض في الحكم. الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية
حضور المتهم أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة أثره. بطلان الحكم الصادر في غيبته واعتباره كأن لم يكن. المادة 395 إجراءات
الطعن بالنقض في هذا الحكم يعتبر ساقطاً بسقوطه
 (9)استيلاء أموال أميرية. عقوبة "تطبيقها" "عقوبة تكميلية". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". 
وجوب الحكم بالعزل والرد والغرامة بالإضافة إلى العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112، 113/ 1، 2، 4، 113/ 1 مكرراً، 114، 115، 116، 116 مكرراً، 117/ 1 عقوبات. أساس ذلك؟ 
إدانة المطعون ضدهما بجريمة تسهيل الاستيلاء على أموال بنك مصر. وإغفال الحكم بالغرامة المنصوص عليها بالمادة 118 عقوبات. خطأ في القانون. يستوجب النقض الجزئي والتصحيح

-------------
1 - لما كان يبين من الاطلاع على مذكرة أسباب الطعن المقدمة من الطاعن..... أنها وإن كانت تحمل ما يشير إلى صدورها من مكتب المحامي.....، إلا أنها وقعت بإمضاء غير واضحة بحيث يتعذر قراءتها ومعرفة اسم صاحبها، ولم يحضر أحد لتوضيح صاحب هذا التوقيع، لما كان ذلك، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد أوجبت في فقرتها الأخيرة بالنسبة إلى الطعون التي يرفعها المحكوم عليهم أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض، وكان البين مما سبق أن أسباب الطعن الماثل لم يثبت أنه قد وقع عليها من محام مقبول أمام هذه المحكمة، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً
2 - للمحكمة أن تستند في إدانة متهم إلى أقوال متهم آخر بما لها من كامل الحرية في تكوين عقيدتها من كافة العناصر المطروحة أمامها ما دام قد اطمأن وجدانها إلى هذه الأقوال
3 - إن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها
4 - لما كان ما حصله الحكم المطعون فيه من اعترافات المحكوم عليهما الآخرين ومن أقوال الشاهدة..... وغيرها من الشهود - وما أورى به تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير سائغاً للتدليل على مقارفة الطاعن الجرائم المسندة إليه، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لأنه لا يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اقتناع المحكمة بها مما يستقل به قاضي الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض
5 - لما كان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يبديه في طعنه من شيوع الاتهام بينه وبين المحكوم عليه الأول، وكان هذا الدفع من الدفوع الموضوعية التي كان يتعين عليه التمسك بها أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يسوغ له إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض
6 - لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً
7 - لما كان دفاع الطاعن بأنه لم يتقاض أية مبالغ من المحكوم عليهما الآخرين ولا مصلحة له في مقارفة الجرائم المسندة إليه، إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة، وهو ليس من أركانها أو عناصرها، ومن ثم فلا ينال من سلامة الحكم عدم تحقيق المحكمة له، وما أوردته في هذا الشأن هو مما يسوغ به الرد عليه
8 - إنه وإن كان القانون قد أجاز في المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض للنيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها، كل فيما يختص به - الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية، وكانت المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية تجرى على أنه: "إذا حضر المحكوم عليه في غيبته، أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة، يبطل حتماً الحكم السابق صدوره سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتضمينات ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة. وإذا كان الحكم السابق بالتضمينات قد نفذ تأمر المحكمة برد المبالغ المتحصلة كلها أو بعضها" فإن مؤدى هذا النعي هو تقرير بطلان الحكم الصادر في غيبة المتهم واعتباره كأن لم يكن، ولما كان هذا البطلان الذي أصاب الحكم الغيابي الصادر من محكمة أمن الدولة العليا في الجنايات المنسوبة إلى المطعون ضده الأول فيه معنى سقوط هذا الحكم مما يجعل الطعن فيه غير ذي موضوع، ومن ثم فإن الطعن من النيابة عنه يعتبر ساقطاً بسقوطه
9 - لما كانت المادة 118 من قانون العقوبات تنص على أنه "فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115، 116، 116 مكرراً، 117 فقرة أولى، يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه....". وكان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضدهما الثاني والثالث عن جرائم تسهيل الاستيلاء على أموال بنك مصر والاستيلاء والتزوير والاستعمال والاشتراك، وأغفل الحكم عليهما بالغرامة المنصوص عليها بالمادة 118 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد خالف القانون بما يتعين معه نقض الحكم نقضاً جزئياً وتصحيحه بتغريم المطعون ضدهما الثاني والثالث متضامنين مبلغ ستة آلاف دولار أمريكي بالإضافة إلى ما قضى به الحكم المطعون فيه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم أولاً: المتهمان الأول والثاني (1) بصفتهما موظفين عموميين (الأول حارس أمن والثاني موظف بالحاسب الآلي بإدارة المدخرات ببنك.....) سهلا للمتهم الثالث الاستيلاء بغير حق على مبلغ ستة آلاف دولار أمريكي من حساب العميل المبين بالأوراق وذلك بأن أمداه بالإمكانات اللازمة باصطناعهما أوامر الدفاع والبطاقة الشخصية وكارت نموذج توقيع العميل المبينة بالتحقيقات ودسهما كارت نموذج التوقيع المزور على موظفة الجيشية "الشباك" المختصة بعد استبداله بالكارت الأصلي وقاما بالاتفاق مع المتهم الثالث على أن ينتحل صفة المستفيد في أوامر الدفع المصطنعة والاسم الوهمي المدرج بها وبالبطاقة المزورة والتقدم بها للموظفة المختصة وأمكنه بهذا الأسلوب من صرف قيمة أوامر الدفع المشار إليها من حساب العميل..... وقد ارتبطت هذه الجريمة ارتباطاً لا يقبل التجزئة بجنايتي تزوير في محررات رسمية واستعمالها فيما زورت من أجله مع العلم بتزويرها وهي أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفتهما المشار إليها آنفاً: ارتكبا تزويراً في محررات رسمية وأخرى شأنها شأن الرسمية هي كارت نموذج التوقيع وأوامر الدفع والبطاقة الشخصية المبينة بالأوراق وذلك بطريقي الاصطناع وتغيير المحررات ووضع صور إمضاءات مزورة بأن غيرا بيانات الاسم في البطاقة الشخصية واستبدلا الصورة عليها بصورة المتهم الثالث وجعلاها باسم وهمي غير حقيقي تسمى به المتهم الثالث وقلد المتهم الأول توقيع صاحب الحساب المنوه عنه سلفاً على أوامر الدفع بعد أن اصطنعها وجعلها على غرار أوامر الدفع صحيحة بأن حررها بخط يده ومهرها بتوقيعات مزورة نسبها للعميل سالف الذكر وقلد هو والمتهم الثاني توقيع العميل على كارت نموذج التوقيع المصطنع على النحو المبين بالتحقيقات. واستعملا كارت نموذج التوقيع المزور باسم العميل..... مع العلم بتزويره وذلك بأن قاما بدسه على موظفة الجيشية المختصة. وتحصلا بغير حق على أختام البنك واستعملاها استعمالاً ضاراً بمصلحته ومصلحة العميل صاحب الحساب المنوه عنه على النحو المبين بالتحقيقات. (2) أ - ارتكبا تزويراً في محررات للبنك هي كروت نماذج التوقيع بأسماء العملاء المبينة بالأوراق وذلك بطريق الاصطناع وتقليد توقيعات العملاء المذكورين بأن اصطنعاها وحرر المتهم الأول بياناتها وذيلها بتوقيعات مقلدة نسبها زوراً إلى هؤلاء العملاء على خلاف الحقيقة. ب - تحصلا بغير حق على أختام البنك واستعمالاها استعمالاً ضاراً بمصلحته ومصالح عملائه بوضعها على كارت نموذج التوقيع المنوه عنها على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهم الثاني: بصفته سالفة البيان استولى دون وجه حق على الكمبيالات الثلاث المبينة بالأوراق وذلك بأن انتهز فرصة غياب موظفة التحصيل بفرع..... التابع للبنك عن مكتبها لبعض شئونها واستولي على الكمبيالات خلسة. ثالثاً: المتهم الثالث: اشترك بطريق الاتفاق مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب الجريمة موضوع البند رقم 1 من الوصف أ - بأن اتفق معهما على أن ينتحل الاسم الوهمي بالبطاقة الشخصية وأن يتسمى بهذا الاسم غير الحقيقي بالمستندات المزورة وتقديمها للموظفة المختصة بإدارة المدخرات بالبنك منتحلاً هذا الاسم بعد قيامهما بدس كارت نموذج التوقيع المقلد على صاحب الحساب العميل.... وتمكن بهذا الأسلوب من صرف قيمة أوامر الدفع المزورة والمنسوبة على خلاف الحقيقة للعميل السالف وذلك من حسابه المبين بالأوراق وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق ب - وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريق المساعدة مع موظفة عمومية حسنة النية هي..... موظفة الجيشية بإدارة المدخرات ببنك...... وذلك بتزوير محررات للبنك هي كشوف اليومية والسجلات والأوراق المعدة للصرف من حسابات العملاء بالبنك حال تحريرها المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن توافقت إرادته مع المتهمين الأول والثاني على أن يتقدم لهذه الموظفة بالبطاقة الشخصية وأوامر الدفع الثلاثة المصطنعة والمنسوب صدورها زوراً لصاحب العميل.... والمتسمي بالاسم الوهمي لصرف قيمة أوامر الدفع توصلاً للاستيلاء على هذا المبلغ فأدلى أمامها بهذا الاسم الوهمي ووقع بتوقيعات مزورة على مستندات الصرف فتمت الجريمة بناء على هذه المساعدة. ج - استعمل المحررات المزورة سالفة البيان مع علمه بتزويرها بأن قدمها للموظفة المختصة بالبنك على النحو المبين بالأوصاف السابقة والتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وفي أثناء المحاكمة عدلت النيابة العامة نسبة الاتهام المبين تحت بند ثانياً إلى المهتم الأول بدلاً من المتهم الثاني
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للمتهم الأول وحضورياً للمتهمين الثاني والثالث عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 113، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 مكرراً/ هـ، 209، 211، 214، 214 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وعزله من وظيفته وإلزامه والمتهم الثاني برد مبلغ ستة آلاف دولار متضامنين. ثانياً: بمعاقبة المتهمين الثاني والثالث بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات لكل منهما عما أسند إليهما وعزل الثاني من وظيفته وإلزامه مع المتهم الأول متضامنين برد مبلغ ستة آلاف دولار أمريكي. ثالثاً: بمصادرة الأوراق المزورة المضبوطة
فطعن المحكوم عليهما (الثاني والثالث) والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
من حيث إنه يبين من الاطلاع على مذكرة أسباب الطعن المقدمة من الطاعن..... أنها وإن كانت تحمل ما يشير إلى صدورها من مكتب المحامي.....، إلا أنها وقعت بإمضاء غير واضحة بحيث يتعذر قراءتها ومعرفة اسم صاحبها، ولم يحضر أحد لتوضيح صاحب هذا التوقيع، لما كان ذلك، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد أوجبت في فقرتها الأخيرة بالنسبة إلى الطعون التي يرفعها المحكوم عليهم أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض، وكان البين مما سبق أن أسباب الطعن الماثل لم يثبت أنه قد وقع عليها من محام مقبول أمام هذه المحكمة، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعن...... قد استوفى الشكل المقرر في القانون
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تسهيل استيلاء على أموال بنك مصر وارتكاب تزوير في محررات رسمية وأخرى شأنها شأن الرسمية، واستعمال هذه المحررات مع العلم بتزويرها والتحصيل بغير حق على أختام البنك واستعمالها حال كونه موظفاً عاماً، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك أنه عول في قضائه بالإدانة على أقوال المحكوم عليهما الأول والثالث في حين أن ما قرره المحكوم عليه الأول في اعترافه إنما يؤكد إدانته هو ليس الطاعن ولا يعدو قولاً من متهم على متهم آخر ليدفع المسئولية عن نفسه وليس ثمة دليل على صحة هذه الأقوال، وأنه وبفرض صحتها فإن التهمة تكون شائعة بينهما، وأن ما ورد باعتراف المحكوم عليه الثالث لا يؤدى إلى إدانته، كما تساند الحكم بالإدانة إلى أقوال الشاهدة..... رغم أن ما قارفته من أفعال يسلس إلى القول بمساءلتها عن الجريمة من دونه ذلك أنها قامت بصرف أوامر الدفع الثلاثة للمحكوم عليه الثالث باسم مغاير لاسم صاحب الرصيد الذي جرى سحب المبلغ منه وأثبتت عنواناً مخالفاً لعنوانه، كما أنه لم يثبت أن الطاعن سلم المحكوم عليه الأول بطاقة زوجته التي تم تزويرها أو أنه قام بتغيير كارت العميل أو أنه قارف عملاً ترتب عليه تسهيل الاستيلاء على أموال البنك، هذا إلى أنه لم يثبت تقاضيه أية مبالغ من المحكوم عليهما الآخرين، وتبعاً فلا يتصور ثمة علاقة له بموضوع القضية الماثل، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعن، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من اعترافات المحكوم عليهما الأول والثالث وأقوال الشهود وتقدير قسم أبحاث التزييف والتزوير وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تستند في إدانة متهم إلى أقوال متهم آخر بما لها من كامل الحرية في تكوين عقيدتها من كافة العناصر المطروحة أمامها ما دام قد اطمأن وجدانها إلى هذه الأقوال. وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان ما حصله الحكم المطعون فيه من اعترافات المحكوم عليهما الآخرين ومن أقوال الشاهدة.... وغيرها من الشهود - وما أورى به تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير سائغاً للتدليل على مقارفة الطاعن الجرائم المسندة إليه، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لأنه لا يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اقتناع المحكمة بها مما يستقل به قاضي الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يبديه في طعنه من شيوع الاتهام بينه وبين المحكوم عليه الأول، وكان هذا الدفع من الدفوع الموضوعية التي كان يتعين عليه التمسك بها أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يسوغ له إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن بأنه لم يتقاض أية مبالغ من المحكوم عليهما الآخرين ولا مصلحة له في مقارفة الجرائم المسندة إليه، إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة، وهو ليس من أركانها أو عناصرها، ومن ثم فلا ينال من سلامة الحكم عدم تحقيق المحكمة له، وما أوردته في هذا الشأن هو مما يسوغ به الرد عليه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده...... بوصف أنه قام والمطعون ضده الثاني بتسهيل استيلاء المطعون ضده الثالث على أموال بنك مصر، وارتكاب تزوير في محررات رسمية وأخرى شأنها شأن الرسمية واستعمال هذه المحررات مع العلم بتزويرها والتحصل بغير حق على أختام البنك واستعمالها حال كونه موظفاً عاماً، فقضت محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة غيابياً بمعاقبته بالأشغال الشاقة خمس سنوات عما أسند إليه وعزله من وظيفته وإلزامه والمطعون ضده الثاني متضامنين برد مبلغ ستة آلاف دولار أمريكي وذلك طبقاً بالمواد 40/ 2، 3، 113، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 مكرراً/ هـ، 209، 211، 214 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 منه - وهو الحكم موضوع طعن النيابة العامة - ثم قبض على المحكوم عليه وأعيدت الإجراءات في مواجهته وقضى في الدعوى حضورياً بتاريخ 17/ 5/ 1992 بمعاقبته بالأشغال الشاقة خمس سنوات، ومن حيث إنه كان القانون قد أجاز في المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض للنيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها، كل فيما يختص به - الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية، وكانت المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية تجرى على أنه: "إذا حضر المحكوم عليه في غيبته، أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة، يبطل حتماً الحكم السابق صدوره سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتضمينات ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة. وإذا كان الحكم السابق بالتضمينات قد نفذ تأمر المحكمة برد المبالغ المتحصلة كلها أو بعضها. "فإن مؤدى هذا النعي هو تقرير بطلان الحكم الصادر في غيبة المتهم واعتباره كأن لم يكن، ولما كان هذا البطلان الذي أصاب الحكم الغيابي الصادر من محكمة أمن الدولة العليا في الجنايات المنسوبة إلى المطعون ضده الأول فيه معنى سقوط هذا الحكم مما يجعل الطعن فيه غير ذي موضوع، ومن ثم فإن الطعن من النيابة عنه يعتبر ساقطاً بسقوطه
ومن حيث إن الطعن المقدم من النيابة العامة بالنسبة للمطعون ضدهما..... و.... و.... قد استوفى الشكل المقرر في القانون
ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده الثاني عن جرائم تسهيل الاستيلاء على أموال بنك مصر وارتكاب تزوير والتحصل على أختام البنك واستعمالها، ودان المطعون ضده الثالث عن جرائم انتحال اسم وهمي بالبطاقة الشخصية المصطنعة والاشتراك بطريق المساعدة مع موظفة حسنة النية في تزوير محررات للبنك واستعمال هذه المحررات، وقضى بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة ثلاث سنوات وعزل المطعون ضده الثاني وإلزامه والمحكوم ضده الأول متضامنين برد مبلغ ستة ألاف دولار أمريكي، قد شابه خطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه أغفل توقيع عقوبة الغرامة تطبيقاً للمادة 118 من قانون العقوبات مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه
ومن حيث إنه لما كانت المادة 118 من قانون العقوبات تنص على أنه "فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115، 116، 116 مكرراً، 117 فقرة أولى، يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه....". وكان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضدهما الثاني والثالث عن جرائم تسهيل الاستيلاء على أموال بنك مصر والاستيلاء والتزوير والاستعمال والاشتراك، وأغفل الحكم عليهما بالغرامة المنصوص عليها بالمادة 118 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد خالف القانون بما يتعين معه نقض الحكم نقضاً جزئياً وتصحيحه بتغريم المطعون ضدهما الثاني والثالث متضامنين مبلغ ستة آلاف دولار أمريكي بالإضافة إلى ما قضى به الحكم المطعون فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق