جلسة 18 من مايو سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس
المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضوان ورضوان عبد العليم ووفيق الدهشان
نواب رئيس المحكمة وبدر الدين السيد.
----------------
(73)
الطعن رقم 17629 لسنة 61 القضائية
(1) اختلاس. موظفون عموميون.
حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
متى تتحقق جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات؟
(2)اختلاس.
جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ركن التسليم بسبب الوظيفة. يتحقق متى كان المال قد سلم إلى الجاني
بأمر من رؤسائه ولم يكن في الأصل من طبيعة عمله.
(3)اختلاس.
جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نطاق تطبيق المادة 112 عقوبات؟
(4)اختلاس.
جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية إيراد الحكم لوقائع وظروف تدل على توافر ركن التسليم.
(5) اختلاس. اشتراك. جريمة "أركانها".
حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاشتراك بالاتفاق. ماهيته؟
(6)عقوبة
"عقوبة مبررة". ارتباط. نقض "المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم قصوره في بعض الجرائم المسندة للطاعن. لا مصلحه له
فيه ما دام أن المحكمة أخذته بعقوبة الجريمة الأشد المسندة إليه.
-----------------
1 - جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة
112 من قانون العقوبات تتحقق متى كان المال المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي أو
من في حكمه طبقاً للمادتين 111، 119 من ذلك القانون بسبب وظيفته.
2 - يتحقق ركن التسليم بسبب الوظيفة متى كان
المال قد سلم إلى الجاني بأمر من رؤسائه حتى يعتبر مسئولاً عنه ولم يكن في الأصل
من طبيعة عمله في حدود الاختصاص المقرر لوظيفته.
3 - لما كان قانون العقوبات إذ عاقب بمقتضى
هذه المادة الموظف العام أو من في حكمه إذا اختلس شيئاً مسلماً إليه بحكم وظيفته
فقد دل على اتجاهه إلى التوسع في تحديد مدلول الموظف العام في جريمة الاختلاس
وأورد على ما عددته المال 111 منه معاقبة جميع فئات العاملين في الحكومة والجهات
التابعة لها فعلاً أو الملحقة بها حكماً مهما تنوعت أشكالها وأياً كانت درجة الموظف
أو من في حكمه في سلم الوظيفة وأياً كان نوع العمل المكلف به لا فرق بين الدائم
وغير الدائم.
4 - لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن
التسليم بسبب الوظيفة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه.
5 - الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق من اتحاد
نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس
ولا تظهر بعلامات خارجية وإذ كان القاضي الجنائي - فيما عدا الأحوال الاستثنائية
التي قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة - حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر
شاء فإنه له - إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو
غيره - أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه كما له أن يستنتج
حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به.
6 - لما كان الحكم قد دان الطاعن بهذه
الجريمة وأوقع عليه العقوبة المقررة لها باعتبارها الجريمة الأشد فلا مصلحة له ولا
وجه لما ينعاه بشأن قصور الحكم في بقية الجرائم المسندة إليه بفرض صحة ذلك.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم:
أولاً/ المتهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً..... إحدى وحدات القطاع العام اختلس
أوراقاً هي إيصالات تحصيل رسوم الكهرباء المبينة بالتحقيقات والمملوكة للشركة
سالفة الذكر والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي
تزوير في محررات الشركة واستعمالها فيما زورت من أجله ارتباطاً لا يقبل التجزئة هي
أنه في الزمان والمكان سالف الذكر اشترك والمتهمين الآخرين بطريق الاتفاق
والمساعدة في ارتكاب تزوير الإيصالات المبينة بالتحقيقات بأن أمدهما بها وأملاهما
بياناتها التي استحصل عليها من المتهم الثاني فقام المتهمين الآخرين بملئها وجعلها
على غرار فواتير تحصيل قيمة استهلاك التيار الكهربائي الصحيحة وغيرا بيانات أحد
الإيصالات بزيادة مبلغ استهلاك التيار الكهربائي الوارد به عن القيمة الحقيقة.
ثانياً المتهم الثاني "أ": بصفته موظفاً عاماً...... إحدى شركات القطاع
العام أتلف وأعدم الإيصالات الصحيحة لاستهلاك التيار الكهربائي والصادرة من الشركة
التي يعمل بها على النحو المبين بالتحقيقات "ب" بصفته سالفة البيان حصل
على ربح من وراء عمل من أعمال وظيفته واستغلالاً لها بأن قام بتحصيل مبالغ تزيد عن
المستحق من بعض مستهلكي التيار الكهربائي المبينة أسماؤهم بالتحقيقات بلغ مقدارها
1294 جنيه على النحو المبين بالأوراق (ج) اشترك مع المتهم الأول بطريق الاتفاق على
ارتكاب الجناية المبينة بالوصف أولاً وذلك بأن اتفق معه على اختلاس الإيصالات
الفارغة الثلاث من القسم الذي يعمل فيه بدلاً من إعدامها فتمت الجريمة بناء على
هذا الاتفاق. ثالثاً: المتهم الأول والآخرين اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع
المتهم الثاني على ارتكاب الجناية المبينة الوصف السابق وذلك بأن اتفقوا معه على
تحصيل مبالغ تزيد على المستحق بتزوير الإيصالات الثلاثة الفارغة التي أمده بها
المتهم الأول والتخلص من الإيصالات الصحيحة بإعدامها وقام المتهمين الآخرين
باصطناعها بإثبات بيانات وأرقام استهلاك التيار الكهربائي والقيمة المستحقة مخالفة
للحقيقة وبصمها المتهم ببصمة الخاتم الصحيح في غفلة المختص وغيرا بيانات أحد
الإيصالات بإثبات مبالغ تزد عن قيمة الاستهلاك الحقيقي والمستحق فوقعت هاتان
الجريمتان بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالأوراق. رابعاً:
المتهم الثاني أيضاً اشترك مع المتهمين الآخرين في ارتكاب الجناية المبينة بأن
اتفق معهما على ارتكابها وساعدهما المتهم الأول على ذلك بأن أمدهما بالإيصالات
المشار إليها وأملاهما بياناتها التي استحصل عليها من المتهم الثاني فقام المتهمين
الآخرين بتزويرها على النحو المشار إليه بالوصف السابق فوقعت الجريمة بناء على تلك
المساعدة وذلك الاتفاق على النحو المبين بالأوراق. خامساً: المتهم الثاني أيضاً:
بصفته سالفة البيان استعمل المحررات المزورة سالفة الذكر فيما زورت من أجله مع
علمه بتزويرها بأن قدمها للمشتركين فتكمن من تحصيل المبالغ التي تزيد عن المستحق
على النحو المبين بالأوراق. سادساً المتهم الأول استحصل بغير حق على خاتم جهة عمله
واستعمله استعمالاً ضاراً بها وعمله خاصة وهي مصالح المشتركين المشار إليهم بأن
مهد له الإيصالات سالفة الذكر على النحو المبين بالأوراق. سابعاً: المتهم الثاني
أيضاً: اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم الأول على ارتكاب الجنحة المبينة الوصف السابقة
فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا
بالقاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات أمن
الدولة العليا قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 112/ 1، 2ب، 114، 118،
118 مكرراً ب، 119مكررا هـ، 206 والجنحة المنصوص عليها في المادة 207 من قانون
العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة
ثلاث سنوات عما أسند إليهما وبتغريمهما مبلغ 1293.700 وبعزلهما من وظيفتيهما. بعد
أن عدلت في وصف التهمة الثانية المسندة إلى المتهم الثاني بجعلها بصفته سالف الذكر
وله شأن في تحصيل الضرائب والرسوم والفواتير والغرامات وغيرها - أخذ لنفسه ما ليس
مستحقاً مع علمه بذلك بأن أخذ من كل 1 - ..... ، 2 - ....، 3 - ....، 4 - .....
المبالغ المبينة بالأوراق وجملتها 1293 جنيه و700 مليم على النحو الموضح
بالتحقيقات.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه
إذ دانهما بالجرائم المسندة إليهما قد شابه القصور في التسبيب وانطوي على خطأ في
تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول الطاعن الأول أن الحكم دانه بجناية الاختلاس
المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات مع عدم توافر أركانها ذلك أن مناط
تطبيقها أن تكون الأوراق المختلسة مسلمة إليه بسبب وظيفته وهو أمر غير متحقق في
هذه الدعوى وقد دفع أمام محكمة الموضوع بذلك وبأن وظيفته مؤقتة إلا أن المحكمة
التفتت عن هذا الدفاع ولم تعن بالرد عليه أما الطاعن الثاني فيقول بأن الحكم دانه
بالاشتراك في جريمتي الاختلاس والتزوير المسندتين إلى المتهم الأول مع أن المستفاد
من اعتراف الأخير وبقية المتهمين المقضى ببراءتهم أن الطاعن الأول وحده هو مرتكب
الواقعة وليس في الأوراق ما يفيد حصول اتفاق بينه وبين الطاعن على ارتكاب أي جريمة
كما دانه الحكم بجريمة إتلاف الإيصالات الصحيحة عمداً مع أنه لا سند لها في
الأوراق وأخيراً فإنه كان حسن النية في تحصيله قيمة هذه الإيصالات مما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أن
المتهمين...... وهو مساعد أمين عهدة لشركة توزيع كهرباء القاهرة وعمله ينحصر في
استلام إيصالات فواتير استهلاك العملاء لكميات الكهرباء مطبوعة بالحاسب الآلي
بجريدة الأهرام وتوزيعها على المحصلين ومنهم المتهم الثاني..... المحصل بذات
الشركة ليقوم بتحصيلها من المستهلكين وتوريد ثمنها لخزينة الشركة أو ردها إن لم
تحصل إلى أمين عهدته المتهم الأول ولما كان الحاسب الآلي يترك فواتير بدون بيانات
فارغة بين إيصالات كل منطقة استهلاك فقد انتهز المتهمان هذه الفرصة واستوليا على
أربع فواتير فارغة منها ثم توجها بها إلى مكتب الآلة الكاتبة الخاصة بـ.... وطلب
ملئ بيانات هذه الفواتير الأربعة بما يخالف قيمة المستحق الفعلي لدى كل من العملاء
1 - .... 2 - .... 3 - .... 4 - .... وذلك بإضافة مبلغ 500 جنيه خمسمائة جنيه على
فاتورة العميل الأول ومبلغ 200 جنيه مائتي جنيه على فاتورة الثاني ومبلغ مائة جنيه
على استهلاك الثالثة ومبلغ 493 جنيه 700 مليم على استهلاك الرابعة...... وتوصلا
بذلك إلى تحصيل هذه المبالغ من المستهلكين الأربعة وجملتها 1293 جنيه 700 مليم ثم
وردا إلى خزينة الشركة المبالغ الحقيقية المدونة في إيصالات الاستهلاك المطبوعة
واحتفظا لنفسيهما بالمبالغ آنفة الذكر وقد استمد الحكم ثبوت هذه الواقعة من أقوال
شهود الإثبات وتقرير مصلحة الأدلة الجنائية وهي أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه
الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من
قانون العقوبات تحقق متى كان المال المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي أو من في
حكمه طبقاً للمادتين 111، 119 من ذلك القانون بسبب وظيفته ويتحقق ركن التسليم بسبب
الوظيفة متى كان المال قد سلم إلى الجاني بأمر من رؤسائه حتى يعتبر مسئولاً عنه
ولم يكن في الأصل من طبيعة عمله في حدود الاختصاص المقرر لوظيفته وكان قانون
العقوبات إذ عاقب بمقتضى هذه المادة الموظف العام أو من في حكمه إذا اختلس شيئاً
مسلماً إليه بحكم وظيفته فقد دل على اتجاهه إلى التوسع في تحديد مدلول الموظف
العام في جريمة الاختلاس وأورد على ما عددته المادة 111 منه معاقبة جميع فئات
العاملين في الحكومة والجهات التابعة لها فعلاً أو الملحقة بها حكماً مهما تنوعت
أشكالها وأياً كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلم الوظيفة وأياً كان نوع العمل
المكلف به لا فرق بين الدائم وغير الدائم وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً
عن ركن التسليم بسبب الوظيفة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل
على قيامه وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن الأول على ما سلف بيانه أن الإيصالات
المختلسة سلمت إليه بسبب وظيفته باعتباره مساعد أمين عهدة بشركة توزيع كهرباء
القاهرة ينحصر عمله في استلام هذه الإيصالات مطبوعة من الحاسب الآلي بجريدة
الأهرام وتوزيعها على المحصلين ومنهم الطاعن الثاني لتحصيل قيمتها وتوريدها إلى
خزينة الشركة ورد ما لم يتم تحصيله إليه فاختلس أربعاً منهم - فارغة - بالاشتراك
مع الطاعن الثاني وتوجها سوياً إلى أحد مكاتب الآلة الكاتبة وحيث قاما بملئ
بياناتها بما يجاوز قيمة المستحق الفعلي لدى بعض العملاء وحصلاً هذه المبالغ ثم
وردا إلى خزينة الشركة المبالغ الحقيقية وأخذ الباقي فإن هذا الذي أثبته الحكم
تتوافر به العناصر القانونية لجناية الاختلاس التي ارتبطت بجناية تزوير ومن ثم فإن
النعي على الحكم بالقصور والخطأ في القانون لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان
الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه
وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا تظهر بعلامات خارجية وإذ كان القاضي
الجنائي - فيما عدا الأحوال الاستثنائية التي قيده القانون فيها بنوع معين من
الأدلة - حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء فإنه له - إذا لم يقم على
الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره - أن يستدل عليه بطريق
الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه كما له أن يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة
يشهد به وكان الحكم على التفصيل المار بيانه قد دل على اشتراك الطاعن الثاني مع
المتهم الأول بما أورده من أقوال الشاهدين.. من أنهما اتفقا على أن يقوم المتهم
الأول باختلاس عدد من الإيصالات الفارغة ونفاذاً لهذا الاتفاق قام الطاعن الأول
باختلاس أربعة إيصالات وتوجه والطاعن الثاني سوياً إلى مكتب للآلة الكاتبة حيث
قاما بالاشتراك في تزوير بياناتها على التفصيل السابق وكان ما أورده الحكم سائغاً
في المنطق ويتوافر به الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة في جريمة الاختلاس
المرتبطة بجريمة الاشتراك في تزوير فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير
سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دان الطاعن بهذه الجريمة وأوقع عليه العقوبة
المقررة لها باعتبارها الجريمة الأشد فلا مصلحة له ولا وجه لما ينعاه بشأن قصور
الحكم في بقية الجرائم المسندة إليه - بفرض صحة ذلك - لما كان ما تقدم، فإن
الطعنين يكونا على غير أساس متعيناً رفضهما موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق