جلسة 17 من مايو سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس
المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد يحيى رشدان ومقبل شاكر ومجدي منتصر وحسن
حمزه نواب رئيس المحكمة.
--------------
(72)
الطعن رقم 5896 لسنة 61 القضائية
(1) تربح. جريمة
"أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اختصاص الموظف بالعمل الذي حصل على الربح أو المنفعة من خلاله. ركن
في جريمة التربح. وجوب إثباته بما ينحسم به أمره. إعراض الحكم المطعون فيه عن الرد
على دفاع الطاعن بعدم اختصاصه بالعمل. يعيبه.
مثال.
(2)دفاع
"الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة. شرطه؟
عدم تعرض الحكم لدفاع الطاعن. إيراداً له ورداً عليه رغم جوهريته.
قصور.
--------------
1 - من المقرر أن اختصاص الموظف بالعمل الذي
حصل على التربح أو المنفعة من خلاله أياً كان نصيبه فيه ركن أساسي في جريمة التربح
المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات مما يتعين إثباته مما ينحسم به
أمره، وخاصة عند المنازعة فيه، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من الرد على
منازعة الطاعن في توافر ركن الاختصاص بل أنه قد أثبت في تحصيله للواقعة أن الطاعن
قد استورد الآلات من الشركة الصينية باسمه الشخصي وليس باسم الشركة التي يعمل بها،
كما أنه لم يستظهر تاريخ استيراد تلك الآلات رغم أن ما أثاره الدفاع من أن إسهام
الطاعن - بعيداً عن عمله وليس من خلال وظيفته - في إبرام صفقات مع الشركة الصينية
لحساب الغير في تاريخ لم تكن تلك الشركة قد ارتبطت فيه بعد مع الشركة التي يعمل
فيها بثمة رابطة أو وكالة، يعد - في خصوصية هذه الدعوى - دفاعاً جوهرياً، لأن من
شأنه - لو صح - أن ينأى بالواقعة برمتها عن نطاق التأثيم الجنائي - بغض النظر عما
قد ينجم عن هذا الفعل من مسئولية إدارية إذا كان ينطوي على مخالفة للوائح الشركة
إذ ينحسر به ركن الاختصاص عن جريمة التربح، كما ينتفي به فعل الإضرار وأيضاً لأن
أحقية الشركة التي يعمل بها الطاعن في مبلغ العمولة التي استأثر به - وهو لب جريمة
الإضرار وعمادها - إنما تستند إلى عقد وكالتها عن الشركة الصينية وبالتالي لا يكون
هناك محل للقول بالإضرار إذ ثبت صحة الدفاع بأن حصول الطاعن على تلك العمولة كان
سابقاً على عقد الوكالة.
2 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة
المتهم في مناحي دفاعه المختلفة، إلا أنه يتعين عليها أن تورد في حكمها ما يدل على
أنها واجهت عناصر الدعوى، وألمت بها على وجه يفصح عن أنها قد فطنت إليها ووازنت
بينها، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لدفاع الطاعن - إيراداً له ورداً عليه
- رغم جوهريته لاتصاله بواقعة الدعوى وتعلقه بموضوعها وبتحقيق الدليل فيها، ولو
أنه عنى ببحثه وتمحيصه وفحص المستندات التي ارتكز عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي
في الدعوى، ولكنه إذ أسقط جملة ولم يورده على نحو يكشف عن أن المحكمة قد أحاطت به
وأقسطته حقه، فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يبطله.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: بصفته
موظفاً عاماً (أخصائي أول شئون تجارية بإدارة الورش والآلات بالشركة..... إحدى
شركات هيئة القطاع العام للتجارة الخارجية) حصل لنفسه بدون حق على ربح ومنفعة من
أعمال وظيفته بأن استغل صفة الوظيفة آنفة البيان في التعاقد مع.... و.... على
استيراد ماكينات تنتجها إحدى الشركات الصينية المرتبطة مع الشركة التي يعمل بها
بمعاملات وعلامات تجارية وعمد إلى إخفاء أمر هذا التعاقد عن جهة عمله وباشر
إجراءات الاستيراد لحسابه الشخصي وألحق بذلك ضرراً جسيماً بأموال ومصالح الشركة
التي يعمل بها لحصوله على المقابل الذي تستحقه الشركة عن استيراد الماكينات آنفة
البيان والذي يقدر بسبعة آلاف دولار أمريكي على النحو المبين بالأوراق. وأحالته
إلى محكمة أمن الدولة العليا بطنطا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 115، 116/ أ مكرراً،
118، 119/ ب، 119/ هـ مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون
العقوبات. بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة وبعزله من وظيفته لمدة عامين
وبتغريمه سبعة آلاف دولار أمريكي وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضى بها لمدة ثلاث
سنوات.
فطعن الأستاذ/..... المحامي عن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن
المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه
أنه إذ دانه بجريمتي التربح والإضرار العمدي بأموال الشركة التي يعمل بها، قد شابه
القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عنه تمسك بأن الصفقات
التي أبرمت لحساب كل من.... و.... لاستيراد آلات من الشركة الصينية منبتة الصلة
بأعمال وظيفته، كما أنها تمت في تاريخ سابق على سريان عقد الوكالة بالعمولة بين
الشركتين والذي لم يكن الطاعن على علم بأمره لأنه لا يخص الإدارة التي يعمل بها،
ولكن الحكم التفت - إيراداً ورداً - عن هذا الدفاع، وأعرض عن المستندات التي قدمت
إثباتاً له، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن قد
ارتكز على انعدام أي اختصاص وظيفي له بالصفقات التي أبرمت لحساب الغير مع الشركة
الصينية وأن تلك الصفقات سابقة في التاريخ على إبرام عقد وكالة الشركة.... التي يعمل
بها الطاعن - عن الشركة الصينية، وقدم الحاضر مع الطاعن مستندات لإثبات هذا
الدفاع، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في الرد على أوجه دفاع
الطاعن على القول (أن المحكمة وقد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى، فأنها تلتفت
عما أثاره الدفاع من ضروب دفاع لا يلقى سنده من الأوراق. وقوامه أثاره الشك في
التهمتين ولا يسع المحكمة إلا إطراحه اطمئناناً منها إلى صدق رواية شهود الواقعة
واعتراف المتهم بتحقيق النيابة والصادر عن إرادة حرة واعية.) لما كان ذلك، وكان من
المقرر أن اختصاص الموظف بالعمل الذي حصل على التربح أو المنفعة من خلاله أياً كان
نصيبه فيه ركن أساسي في جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون
العقوبات مما يتعين إثباته بما ينحسم به أمره، وخاصة عند المنازعة فيه، وكانت
مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من الرد على منازعة الطاعن في توافر ركن الاختصاص
بل أنه قد أثبت في تحصيله للواقعة أن الطاعن قد استورد الآلات من الشركة الصينية
باسمه الشخصي وليس باسم الشركة التي يعمل بها، كما أنه لم يستظهر تاريخ استيراد
تلك الآلات رغم أن ما أثاره الدفاع من أن إسهام الطاعن - بعيداً عن عمله وليس من
خلال وظيفته - في إبرام صفقات مع الشركة الصينية لحساب الغير في تاريخ لم تكن تلك
الشركة قد ارتبطت فيه بعد مع الشركة التي يعمل فيها بثمة رابطة أو وكالة، يعد - في
خصوصية هذه الدعوى - دفاعاً جوهرياً، لأن من شأنه - لو صح - أن ينأى بالواقعة
برمتها عن نطاق التأثيم الجنائي - بغض النظر عما قد ينجم عن هذا الفعل من مسئولية
إدارية إذا كان ينطوي على مخالفة للوائح الشركة إذ ينحسر به ركن الاختصاص عن جريمة
التربح، كما ينتفي به فعل الإضرار أيضاً لأن أحقية الشركة التي يعمل بها الطاعن في
مبلغ العمولة التي استأثر به - وهو لب جريمة الإضرار وعمادها - إنما تستند إلى عقد
وكالتها عن الشركة الصينية وبالتالي لا يكون هناك محل للقول بالإضرار إذا ثبت صحة
الدفاع بأن حصول الطاعن على تلك العمولة كان سابقاً على عقد الوكالة، لما كان ذلك،
ولئن كان الأصل أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة، إلا
أنه يتعين عليها أو تورد في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى، وألمت بها
على وجه يفصح عن إنها قد فطنت إليها ووازنت بينها، ولما كان الحكم المطعون فيه لم
يعرض لدفاع الطاعن - إيراداً له ورداً عليه - رغم جوهريته لاتصاله بواقعة الدعوى
وتعلقه بموضوعها وبتحقيق الدليل فيها، ولو أنه عنى ببحثه وتمحيصه وفحص المستندات
التي ارتكز عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، ولكنه إذ أسقط جملة ولم
يورده على نحو يكشف عن أن المحكمة قد أحاطت به وأقسطته حقه، فإنه يكون مشوباً
بالقصور بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق