الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 29 مايو 2019

الطعن 12508 لسنة 61 ق جلسة 21 / 7 / 1993 مكتب فني 44 ق 107 ص 685


جلسة 21 من يوليو سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وإبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب نواب رئيس المحكمة.
--------------
(107)
الطعن رقم 12508 لسنة 61 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على الأسباب التي بني عليها. وإلا كان باطلاً. المادة 310 إجراءات.
المراد بالتسبيب المعتبر؟ 
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة لا يحقق غرض الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام.
(2) تربح. جريمة "أركانها". موظفون عموميون "اختصاصهم". 
جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 عقوبات. مقتضيات توافرها؟
 (3)إضرار عمدي. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. قصد جنائي.
جريمة الإضرار العمدي المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً عقوبات. مناط تحققها؟
 (4)رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون "اختصاصهم". 
اختصاص الموظف بالعمل المطلوب أداؤه. حقيقياً كان أو مزعوماً أو معتقداً فيه. ركن في جريمة الرشوة. وجوب إثبات الحكم له بما ينحسم به أمره.
 (5)تربح. إضرار عمدي. رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون "اختصاصهم". قصد جنائي. حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إفراغ الحكم المطعون فيه في عبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصوده لا يتحقق به غرض الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام.
مثال لتسبيب معيب لحكم بالإدانة في جرائم إضرار عمدي ورشوة وتربح.
 (6)عقوبة "العقوبة التكميلية". عزل. تربح. إضرار عمدي. رشوة. موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
إدانة الحكم المطعون فيه الطاعن بجريمتي التربح والإضرار العمدي وعقابه بالسجن والغرامة والرد وجوب القضاء فضلاً عن هذا بعزله من وظيفته. إغفاله ذلك. خطأ في القانون.
القصور له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون.

-------------
1 - من المقرر أن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها، وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة، أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم.
2 - إن جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات تقتضي توافر صفة الموظف العام أو من في حكمه بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من القانون ذاته في الجاني وأن يكون له اختصاص - أياً ما كان قدره ونوعه - بالعمل الذي تربح منه أو حاول ذلك
3 - من المقرر أن جناية الإضرار العمدي المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات لا تتحقق إلا بتوافر أركان ثلاثة (الأول) صفة الجاني وهي أن يكون موظفاً عمومياً أو من في حكمه بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من القانون ذاته (والثاني) الإضرار بالأموال والمصالح المعهودة إلى الموظف ولو لم يترتب على الجريمة أي نفع شخصي له (والثالث) القصد الجنائي وهو اتجاه إرادة الجاني إلى الإضرار بالمال أو المصلحة ويشترط في الضرر كركن لازم لقيام هذه الجريمة أن يكون محققاً أي حالاً ومؤكداً
4 - من المقرر أن اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب أداؤه أياً كان نصيبه فيه، وسواء كان حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه ركناً في جريمة عرض رشوة على الموظف العام المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات، فإنه يتعين على الحكم إثباته بما ينحسم به أمره وخاصة عند المنازعة فيه.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر أن الطاعن موظف عام أو من في حكمه بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات كما لم يثبت في حق الطاعن اختصاصه بالعمل الذي تربح منه، كما خلت مدوناته من بيان قصد الطاعن الإضرار بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها، كما لم يفصح الحكم عن اختصاص الموظف العام الذي عرض الطاعن عليه مبلغ الرشوة بالعمل الذي دفع الجعل مقابلاً لأدائه مع أنه ركن من جريمة الرشوة التي دانه بها، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام، ولا يتحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمتي التربح والإضرار العمدي بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها المنصوص عليها في المادتين 115، 116 مكرراً من قانون العقوبات وعاقبه بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ثلاثة عشر ألف جنيه وبإلزامه برد مثل هذا المبلغ مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقضي فضلاً عن هذه العقوبات بعزله من وظيفته أما وهي لم تفعل فقد جاء حكمها مشوباً بعيب الخطأ في تطبيق القانون مما كان يؤذن بتصحيحه والقضاء بهذه العقوبة - كطلب النيابة العامة في طعنها - إلا أنه لما كان الحكم قد شابه القصور في التسبيب على النحو السابق إيضاحه، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة، لما هو مقرر من أن القصور في التسبيب له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون وهو ما يعجز هذه المحكمة عن أن تقول كلمتها في شأن ما تثيره النيابة العامة بوجه طعنها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن أولاً: بصفته موظفاً عاماً (مدير مساعد ببنك ......) حصل لنفسه بدون حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته بأن أجرى استبدالاً لعملة أجنبية قدرها (ثلاثون ألف دولاراً أمريكي) بعملة مصرية وفق أسعار السوق السوداء دون إثبات ذلك بحوافظ تغيير بالعملة بالبنك المذكور وحصل على مبلغ الفرق بين العملتين وقدره ثلاثة عشر ألف جنيه مصري على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: بصفته سالفة الذكر أضر عمداً بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها بأن أضاع على تلك الجهة المبالغ المبينة بالتهمة الأولى والتي استحصل عليها لنفسه دون حق. ثالثاً: عرض رشوة على موظف عام ولم تقبل منه بأن قدم لـ..... الصرافة ببنك.... مبلغ 1580 جنيه (فقط ألف وخمسمائة وثمانون جنيهاً) على سبيل الرشوة مقابل قيامها بالتستر عليه وعدم الإبلاغ عن الواقعة المنسوبة إليه لكن الأخيرة لم تقبل هذه الرشوة منه. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 104، - 109 مكرراً، 115، 116 مكرراً، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات والمادتين 30، 32 من القانون نفسه بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ثلاثة عشر ألف جنيه مصري وبإلزامه برد مثل هذا المبلغ للبنك المجني عليه ".....". 
فطعن كل من المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التربح والإضرار العمدي بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها وعرض رشوة لم تقبل منه قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم خلا من بيان أركان الجرائم المسندة إليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها، وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة، أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على مجرد قوله "أن الواقعة حسبما استيقنتها المحكمة من واقع الأوراق وما انطوت عليها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تخلص أن المتهم...... يعمل مدير مساعد ببنك..... - وبتاريخ...... حضر إليه مندوب من...... وطلب استبدال مبلغ عشرة آلاف دولار بسعر البنك فقام باستبدالها وإثباتها في دفتر إيصالات آخر غير الدفتر المعد لذلك مع المختصة....... ولما اكتشفت الموظفة المذكورة أمره وأنه يقوم بتغيير العملة من خزينة البنك دون إثبات ذلك في الدفتر الرسمي ويحصل على فرق السعر بعد بيعهم في السوق السوداء قام بإعطائها مبلغ 1500 (ألف وخمسمائة جنيه) لعدم إبلاغها عن الواقعة إلا أنها قامت بإبلاغ مدير البنك بالواقعة وبجرد عهدة المتهم تبين أنه قام باستبدال العملات الأجنبية الثابتة بالإيصالات.....، .....، .....، ..... ولم يقم بإيداعهم في حوافظ تغيير العملة الأمر الذي ترتب عليه ضرر للبنك هو نقص موارد السوق المصرفية لهذه المبالغ خارج البنك بنسبة 50% وهو الفرق بين سعري البيع والشراء وهو ما يستفيده البنك من عملية التحويل هذه" لما كان ذلك، وكانت جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات تقتضي توافر صفة الموظف العام أو من في حكمه بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من القانون ذاته في الجاني وأن يكون له اختصاص - أياً ما كان قدره ونوعه - بالعمل الذي تربح منه أو حاول ذلك. لما كان ذلك وكان من المقرر أن جناية الإضرار العمدي المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات لا تتحقق إلا بتوافر أركان ثلاثة (الأول) صفة الجاني وهي أن يكون موظفاً عمومياً أو من في حكمه بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من القانون ذاته (الثاني) الإضرار بالأموال والمصالح المعهودة إلى الموظف ولو لم يترتب على الجريمة أي نفع شخصي له (والثالث) القصد الجنائي وهو اتجاه إرادة الجاني إلى الإضرار بالمال أو المصلحة ويشترط في الضرر كركن لازم لقيام هذه الجريمة أن يكون محققاً أي حالاً ومؤكداً، وكان اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب أداؤه أياً كان نصيبه فيه، وسواء كان حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه ركناً في جريمة عرض رشوة على الموظف العام المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات، فإنه يتعين على الحكم إثباته بما ينحسم به أمره وخاصة عند المنازعة فيه. لما كان ذلك كله، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر أن الطاعن موظف عام أو من في حكمه بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات كما لم يثبت في حق الطاعن اختصاصه بالعمل الذي تربح منه، كما خلت مدوناته من بيان قصد الطاعن الإضرار بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها، كما لم يفصح الحكم عن اختصاص الموظف العام الذي عرض الطاعن عليه مبلغ الرشوة بالعمل الذي دفع الجعل مقابلاً لأدائه مع أنه ركن في جريمة الرشوة التي دانه بها، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام، ولا يتحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي وجوه طعن المحكوم عليه.
ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجرائم التربح والإضرار العمدي وعرض رشوة لم تقبل منه قد أخطأ في تطبيق القانون إذ لم يقض بعقوبة العزل. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة 118 المعدلة بالقانون رقم 63 لسنة 1975 قد نصت على أنه "فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115، 116، 116 مكرراً، 117 فقرة أولى، بعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته" وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمتي التربح والإضرار العمدي بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها المنصوص عليها في المادتين 115، 116 مكرراً من قانون العقوبات وعاقبه بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ثلاثة عشر ألف جنيه وبإلزامه برد مثل هذا المبلغ مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقضي فضلاً عن هذه العقوبات بعزله من وظيفته أما وهي لم تفعل فقد جاء حكمها مشوباً بعيب الخطأ في تطبيق القانون مما كان يؤذن بتصحيحه والقضاء بهذه العقوبة - كطلب النيابة العامة في طعنها - إلا أنه لما كان الحكم قد شابه القصور في التسبيب على النحو السابق إيضاحه، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة، لما هو مقرر من أن القصور في التسبيب له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون وهو ما يعجز هذه المحكمة عن أن تقول كلمتها في شأن ما تثيره النيابة العامة بوجه طعنها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق