الدعوى رقم 32 لسنة 39 ق "منازعة تنفيذ" جلسة 6 / 4 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من أبريل سنة 2019م،
الموافق الثلاثين من رجب سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر
شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمــد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمــد سالمان
وطارق عبدالعليم أبو العطا. نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
في الدعوى
المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 32 لسنة 39 قضائية "منازعة
تنفيذ" .
المقامة من
ورثة المرحومين رضا داود يوسف وجوليا كيرلس غبريال، وهم:
1- داود رضا داود
2- ماجد رضـــا داود
3- سامح رضـا داود
4- منى رضـــــا داود
ضد
وزير الماليـة
الإجراءات
بتاريخ العشرين من نوفمبر سنة
2017، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين
الحكم بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 19673 لسنة 85
قضائية، المؤيد لحكم محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 6786 لسنة 107
قضائية، والاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى
رقم 28 لسنة 6 قضائية "دستورية"، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها
إعادة ملف الطعن رقم 19673 لسنة 85 قضائية إلى محكمة النقض، لتقضى فيه على ضوء
المعايير والأسس التي أرستها المحكمة الدستورية العليا في حكمها السالف ذكره.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو
المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة بجلسة 2/3/2019، إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم، مع التصريح بإيداع مذكرات في أسبوع، وفى الأجل المشار إليه أودع المدعون
مذكرة صمموا فيها على الطلبات الواردة بصحيفة دعواهم.
المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق،
والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما
يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن مورث المدعين، كان قد أقام أمام
محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 5406 لسنة 1987 مدنى كلى جنوب القاهرة،
ضد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضى، ورئيس مجلس إدارة
الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، طلبًا للحكم: أولاً: بندب مكتب خبراء وزارة العدل
بجنوب القاهرة، ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين، تكون مأموريته الاطلاع على ملفات
الاستيلاء على الأطيان المملوكة له، والتي تم الاستيلاء عليها نفاذًا للقوانين
أرقام 178 لسنة 1952بشأن الإصلاح الزراعي، 127 لسنة 1961 بشأن تعديل بعض أحكام
قانون الإصلاح الزراعي، 50 لسنة 1969 بشأن تعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد في الأراضي
الزراعية وما في حكمها، وبيان المبالغ المستحقة له في ذمة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي
ووزارة الزراعة، والفوائـد التي لم يتم صرفهـا. ثانيًّا: الحكم بإلزام المدعى
عليهما في تلك الدعوى، متضامنين، بـأن يؤديا لمورث المدعين، ما يظهره الخبير
المنتدب من مبالغ مستحقة، وبتاريخ 6/3/1988، تم إدخال وزير المالية خصمًا في الدعوى
المذكورة، ووجهت إليه الطلبات ذاتها. وبجلسة 24/4/1990، قضت تلك المحكمة، بعدم
قبول الدعوى بالنسبة لوزير الزراعة، لرفعهـا على غير ذي صفة، وبإلزام وزير المالية
ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بأن يؤديا لمورث المدعين مبلغ
29140,448 جنيهًا، مقابل الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها. وإذ لم يلق
هذا القضاء قبولاً لدى المحكوم ضدهما، طعن أولهما عليه بالاستئناف المقيد برقم
6786 لسنة 107 قضائية، طلبًا للحكم بإلغاء الحكم المستأنف، وبعدم قبول إدخاله في الدعوى
لانعدام صفته، واحتياطيًا: بسقوط الحق في الدعوى بالتقادم، ومن باب الاحتياط
الكلى: رفضها، كما طعن المحكوم ضده الثاني على الحكم ذاته بالاستئناف المقيد برقم
7378 لسنة 107 قضائية، طلبًا للحكم بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بعدم
قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، بالنسبة للهيئة المذكورة. وبجلسة 25/8/1993،
قضت محكمة استئناف القاهرة، أولاً: بعدم قبول الدعوى، لرفعها على غير ذي صفة،
بالنسبة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وبتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به ليصير
إلزام وزير المالية بإصدار سندات اسمية للمستأنف ضـده بمبلغ 29,900,904 جنيهات،
وأخرى بمبلغ 16788,680 جنيهًا، وبأن يؤدى إليه مبلغ 53021,570 جنيهًا على النحو
المنوه عنه بأسباب ذلـك الحكم. وإذ لم يرتض مورث المدعين هذا القضاء، طعن عليه
بطريق النقض بالطعن رقم 8253 لسنة 63 قضائية، وبجلسة 24/12/2002، قضت محكمة النقض
بنقض الحكم المستأنف، وأعادت الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة لنظرها مجددًا أمام
دائرة أخرى. تدوول نظر الاستئناف، وتم تصحيح شكل الاستئناف، لوفاة مورث المدعين
وأُدخل ورثته في الاستئناف المقام من وزير المالية المار بيانه، وبجلسة
19/11/2015، قضت محكمة استئناف القاهرة بتعديل الحكم المستأنف بجعله إلزام وزير
المالية بصفته، بأن يؤدى للمدعين مبلغ 32296406,25 جنيهات، ورفض ما عدا ذلك من
طلبات. وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المدعين، فقـــد طعنوا عليه، أمام محكمة
النقض للمرة الثانية بالطعـن رقم 19673 لسنة 85 قضائية، وبجلسة 21/12/2016، قررت
تلك المحكمة - في غرفة مشورة - عدم قبول الطعن.
وإذ ارتأى المدعون أن قـرار محكمة النقض - في غرفـــة مشـورة - في الطعن
رقم 19673 لسنة 85 قضائية، المؤيد لحكم محكمة استئناف القاهـرة في الاستئناف رقم
6786 لسنة 107 قضائية السالف ذكرهما قد ناقضا حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر
بجلسة 6/6/1998، في الدعوى رقم 28 لسنة 6 قضائية "دستورية"، والذى قضى
أولاً: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة
1952 بشأن الإصلاح الزراعي، من أن يكون لمن استولت الحكومة على أرضه، وفقًا لأحكام
هذا القانون الحق في تعويض يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية لهذه الأرض، وأن
تقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة بها الأرض، وبسقوط
المادة (26) من هذا المرسوم بقانون في مجال تطبيقها في شأن التعويض المقدر على
أساس الضريبة العقارية. ثانيًا: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الرابعة من
القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي من أن
يكون لمن استولت الحكومة على أرضه تنفيذًا لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يقدر
وفقًا للأحكام الواردة في هذا الشأن بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار
إليه، وبمراعاة الضريبة السارية في 9 سبتمبر سنة 1952، وبسقوط المادة الخامسة من
هذا القرار بقانون في مجال تطبيقها في شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة
العقارية، كما تساند المدعون - كذلـك - إلى تناقض قرار محكمة النقص - في غرفة
مشورة - سالف الإشارة إليه مع أحكام سابقة ولاحقة أصدرتها تلك المحكمة في دعاوى
مماثلة، فقد أقاموا دعواهم المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها
أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه،
وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن
ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك
المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو
الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام
وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ
متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة
مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها،
وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هى التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته
الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا
- وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم
عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص
الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين
حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء
بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها.
ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنُا، فإذا لم
تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة
عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تعد طريقًا للطعن
في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إنه بشأن ما ينعاه المدعون من وجود تناقض بين قرار محكمة النقض -
في غرفة مشورة - المؤيد لحكم محكمة استئناف القاهرة السالف ذكرهما، مع أحكام أخرى
لمحكمة النقض صدرت في دعاوى مماثلة لدعواهم الموضوعية، فإن ذلك النعي مردود: بأنه
لا يجوز أن تكون مخالفة حكم صدر من إحدى دوائر محكمة النقض لأحكام صادرة من
الدائرة ذاتها بتلك المحكمة أو من دوائر أخرى بالمحكمة المذكورة - بافتراض تحققه -
سببًا لإثارة اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر منازعات التنفيذ المعقودة لها
بموجب نص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والذى يدور
حول إزالة العوائق التي تعترض تنفيذ أحكامها، دون أن يمتد إلى تصحيح ما لحق الأحكام
الصادرة من جهات القضاء الأخرى من عوار، إذ لا تعد المحكمة الدستورية العليا حال
ممارستها هذا الاختصاص جهة طعن في تلك الأحكام، مما يتعين معه الالتفات عما أثاره
المدعون في هذا الشأن.
وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا
في الدعاوى الدستورية - وعلى ما استقر عليه قضاؤها - يقتصر نطاقها على النصوص
التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً
حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن
قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب
اتصالاً حتميًا لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث إن الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 6786
لسنة 107 قضائية قد عوَّل في شأن التعويض الذى قضى به على تقرير الخبرة الفنية،
بما تضمنه من تقدير سعر فدان الأرض الزراعية المستولى عليها وقت رفع الدعوى بمبلغ
ثلاثين ألف جنيه للفدان الواحد، على نحو ارتآه الحكم سالف الذكر "كافيًا لجبر
الأضرار عن عدم تقدير التعويض العادل والتأخير في صرفه، وما يرتبه من خسارة، محققة
قدر انخفاض قيمة العملة نتيجة التضخم، وفوات فرصة استغلال ذلك المبلغ في الغرض
المخصص له"، وكان قرار محكمة النقض في غرفة مشورة في الطعن رقم 19673 لسنة 85
قضائية، قد ساق في أسبابه بشأن عدم الحكم بريع الأراضي المستولى عليها "أن
ملكية الأراضي الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى المستولى عليها طبقًا لقوانين
الإصلاح الزراعي تؤول للدولة بمجرد صدور القرار الابتدائي بالاستيلاء، ومن ثم تكون
ملكية تلك الأطيان قد خرجت من ملك مورث الطاعنين منذ تاريخ الاستيلاء عليها، وبالتالي
لا يستحق عنها ريع لكونهم غير مالكين لتلك الأطيان".
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية
العليا بجلسة 6/6/1998، في الدعوى رقم 28 لسنة 6 قضائية "دستورية" قد
قضى بإبطال النصوص القانونية التي وضعت معايير جزافية لتقدير التعويض، مجحفة بحقوق
أصحاب الأراضي الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى المقرر للملكية الزراعية، والتي تم
الاستيلاء عليها، في حين قضى حكم محكمة استئناف القاهرة المار ذكره، حال تقديره
للتعويض، بناء على ما لحق المدعين من خسارة وما فاتهم من كسب نتيجة الاستيلاء على الأراضي
الخاصة بمورثهم، وأيده قرار محكمة النقض - في غرفة مشورة - فيما تقدم، دون أن يتخذ
أي منهما من عناصر التعويض التي تضمنتها النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها
سندًا لما قضى به، وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا المشار إليه لم
يعرض لمسألة ريع الأراضي الزراعية المستولى عليها، وهى المسألة عينها التي عيب
المدعون في شأنها حكم محكمة الاستئناف، وقرار محكمة النقض السالف ذكرهما، ومن ثم
لا يكون الحكمان المشار إليهما مصادمين للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا
في الدعوى رقم 28 لسنة 6 قضائية "دستورية"، ولا يشكلان عقبة في تنفيذه،
مما تنحل معه المنازعة المعروضة، والحال كذلك، إلى طعن في ذلك القضاء، لا يستنهض
ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، الأمر الذى تضحى معه الدعوى المعروضة قمينة بعدم
القبول برمتها.
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ مائتى
جنيه مقابل أتعاب المحاماة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق