الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأحد، 6 أبريل 2025

الطعن 2119 لسنة 53 ق جلسة 14 / 3 / 1991 مكتب فني 42 ق 114 ص 714

جلسة 13 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة/ حسين علي حسين وعضوية السادة المستشارين: ريمون فهيم نائب رئيس المحكمة، عبد الناصر السباعي، إبراهيم شعبان ومحمد إسماعيل غزالي.

---------------

(114)
الطعن رقم 2119 لسنة 53 القضائية

(1، 2) دعوى "المسائل التي تعترض سير الخصومة" "وقف الدعوى" حكم "حجيته". نظام عام. مسئولية. تزوير. استئناف حكم "تسبيبه" "عيوب التسبيب".
(1) الدعوى المدنية. وجوب الحكم بوقف السير فيها عند رفع الدعوى الجنائية عن ذات الفعل حتى يتم الفصل نهائياً فيها. تعلق هذه القاعدة بالنظام العام، المواد 265/ 1، 456 ق إجراءات جنائية، 102 إثبات.
(2) اتهام الطاعن في جنحة تزوير واستعمال عقد الإيجار المرفوع بشأنه دعوى مدنية صدر فيها حكم ابتدائي. استئناف هذا الحكم. وجوب وقف المحكمة الاستئنافية السير في الاستئناف حتى يتم الفصل نهائياً في الجنحة المذكورة. مخالفة المحكمة المدنية ذلك واستمرارها في تحقيق واقعة تزوير ذات عقد الإيجار موضوع تلك الجنحة وانتهائها إلى القضاء برده وبطلانه. خطأ. علة ذلك.

-----------------
1 - مؤدى نص المادة 265/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية أنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان جنائية ومدنية ورفعت دعوى المسئولية المدنية أمام المحكمة المدنية فإن رفع الدعوى الجنائية، سواء قبل رفع الدعوى المدينة أو أثناء السير فيها يوجب على المحكمة المدنية أن توقف السير في الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نهائياً في الدعوى الجنائية، وهذا الحكم متعلق بالنظام العام ويجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى، ويعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها والذي نصت عليه المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات.
2 - إذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية رقم... ضد الطاعن لاتهامه بتزوير واستعمال عقد الإيجار المؤرخ / / موضوع الدعوى المدنية الصادر في شأنها الحكم المطعون فيه، وأنه لم يفصل في هذه الدعوى الجنائية بعد، وطلب الطاعن وقف الفصل في الاستئناف لحين الفصل في الجنحة المذكورة وقدم تأييداً لطلبه شهادة صادرة من واقع جدول الجنح بنيابة قسم أول بندر الزقازيق تفيد قيد الجنحة المذكورة ضد الطاعن بطلب معاقبته عن جريمة تزوير عقد الإيجار المشار إليه واستعماله لهذا العقد مع علمه بتزويره، وكانت واقعة تزوير هذا العقد هي الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية ويتقيد في شأنها القاضي المدني بما يقضي به في جريمة تزوير ذلك العقد واستعماله المنسوبة إلى الطاعن مما كان يتعين معه على محكمة الاستئناف أن توقف السير في الاستئناف حتى يتم الفصل نهائياً في الجنحة المذكورة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر رغم تحصيله للطلب المشار إليه المبدى من الطاعن ومضى دونه بتحقيق واقعة تزوير ذات عقد الإيجار موضوع جنحة التزوير وقضى برده وبطلانه على ما أورده بأسبابه من أن تلك الجنحة لم يعد لها سند بعد أن قضت المحكمة بإلغاء الحكم الذي قضى برد وبطلان عقد الإيجار المؤرخ / / وأن الدعوى الجنائية لم يفصل فيها حتى الآن رغم أن قيام النيابة العامة بتحريك الدعوى الجنائية بتزوير عقد الإيجار سند الدعوى كافياً بذاته لإجابة طلب الطاعن بوقف الفصل في الاستئناف لحين الفصل في الدعوى الجنائية المشار إليها فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 102 لسنة 1970 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية طالباً الحكم باعتبار القيمة الإيجارية لمقهى النزاع المؤجر له بمبلغ 5.120 جنيهاً شهرياً وإلزامها برد مبلغ 66.100 جنيها قيمة الزيادة في الأجرة، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 10/ 1957 استأجر من المطعون ضدهما المقهى المذكور بإيجار شهري مقداره 8 جنيهات، وإذ يتقاضيان منه أجرة شهرية مقدارها 8.500 جنيه دون وجه حق فقد أقام الدعوى. كما أقام المطعون ضدهما على الطاعن الدعوى رقم 61 لسنة 1975 أمام ذات المحكمة طالبين الحكم برد وبطلان عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1957 تأسيساً على أن العقد المذكور لم يصدر منهما. وأن الطاعن يستأجر منهما عين النزاع بموجب عقد مؤرخ 17/ 9/ 1957 بإيجار شهري مقداره 8.500 جنيه ضمت المحكمة الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، وندبت خبيراً، وبعد أن أودع - تقريره حكمت بتاريخ 22/ 3/ 1977 في الدعوى رقم 61 لسنة 1975 مدني كلي الزقازيق برد وبطلان عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1957 ثم قضت بتاريخ 6/ 12/ 1977 في الدعوى رقم 102 لسنة 1970 مدني كلي الزقازيق برفضها، استأنف الطاعن هذين الحكمين بالاستئنافين رقمي 295 لسنة 20 ق، 34 لسنة 21 ق المنصورة "مأمورية الزقازيق"، وبعد ضم الاستئنافين حكمت المحكمة بتاريخ 5/ 12/ 1978 في الاستئناف رقم 295 لسنة 20 ق بإلغاء الحكم الصادر في الدعوى رقم 61 لسنة 1975 مدني كلي الزقازيق وبعدم قبولها وفي الاستئناف رقم 34 لسنة 21 ق بإعادته للمرافعة للمناقشة وفيه طعن المطعون ضده الأول بالتزوير على عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1957 طالباً الحكم برده وبطلانه. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 9/ 4/ 1983 برد وبطلان عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1957 وأعادت الدعوى للمرافعة لنظر الموضوع، وبتاريخ 8/ 6/ 1983 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بطلب وقف الدعوى وبرد وبطلان عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1957 حتى يفصل في الجنحة رقم 7299 لسنة 1967 قسم أول بندر الزقازيق المقامة من النيابة العامة ضده عن جريمة تزوير واستعمال العقد المشار إليه، وإذ لم يستجب الحكم المطعون فيه لهذا الطلب تأسيساً على أن النيابة العامة لم تحرك الدعوى الجنائية ضد الطاعن إلا بعد أن حكمت محكمة أول درجة برد وبطلان ذلك العقد وهو الحكم الذي ألغته محكمة الاستئناف وقضت فيه بعدم قبول الدعوى فلم يعد هناك سند لمحكمة الجنح في الاستمرار في نظر الجنحة وإنما يتعين تريثها حتى يفصل في الطعن بالتزوير على عقد الإيجار المذكور والمقرر به أمام محكمة الاستئناف، وإن الدعوى الجنائية لم يفصل فيها بعد حتى يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي أو تعلق الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية فإنه يكون قد خالف القاعدة المقررة من أن "الجنائي يوقف المدني" الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مؤدى نص المادة 265/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية أنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان جنائية ومدنية ورفعت دعوى المسئولية المدنية أمام المحكمة المدنية فإن رفع الدعوى الجنائية، سواء قبل رفع الدعوى المدينة أو أثناء السير فيها يوجب على المحكمة المدنية أن توقف السير في الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نهائياً في الدعوى الجنائية، وهذا الحكم متعلق بالنظام العام ويجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى، ويعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها والذي نصت عليه المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية رقم 7299 لسنة 1967 جنح قسم أول بندر الزقازيق ضد الطاعن لاتهامه بتزوير واستعمال عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1957 موضوع الدعوى المدنية الصادر في شأنها الحكم المطعون فيه، وأنه لم يفصل في هذه الدعوى الجنائية بعد، وطلب الطاعن وقف الفصل في الاستئناف لحين الفصل في الجنحة المذكورة وقدم تأييداً لطلبه شهادة صادرة من واقع جدول الجنح بنيابة قسم أول بندر الزقازيق بتاريخ 8/ 4/ 1979 تفيد قيد الجنحة المذكورة ضد الطاعن بطلب معاقبته عن جريمة تزوير عقد الإيجار المشار إليه واستعماله لهذا العقد مع علمه بتزويره، وكانت واقعة تزوير هذا العقد هي الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية ويتقيد في شأنها القاضي المدني بما يقضي به في جريمة تزوير ذلك العقد واستعماله المنسوبة إلى الطاعن مما كان يتعين معه على محكمة الاستئناف أن توقف السير في الاستئناف حتى يتم الفصل نهائياً في الجنحة المذكورة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر رغم تحصيله للطلب المشار إليه المبدى من الطاعن ومضى دونه بتحقيق واقعة تزوير ذات عقد الإيجار موضوع جنحة التزوير وقضى برده وبطلانه على ما أورده بأسبابه من أن تلك الجنحة لم يعد لها سند بعد أن قضت المحكمة بإلغاء الحكم الذي قضى برد وبطلان عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1957 وأن الدعوى الجنائية لم يفصل فيها حتى الآن رغم أن قيام النيابة العامة بتحريك الدعوى الجنائية بتزوير عقد الإيجار سند الدعوى كافياً بذاته لإجابة طلب الطاعن بوقف الفصل في الاستئناف لحين الفصل في الدعوى الجنائية المشار إليها فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.

الطعن 208 لسنة 59 ق جلسة 12 / 3 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 أحوال شخصية ق 113 ص 707

جلسة 12 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة/ أحمد نصر الجندي وعضوية السادة المستشارين: حسين محمد حسن عقر نائب رئيس المحكمة مصطفى حسيب عباس، فتحي محمود يوسف وسعيد غرياني.

----------------

(113)
الطعن رقم 208 لسنة 59 القضائية "أحوال شخصية"

(1 - 4) دعوى الأحوال الشخصية "الإجراءات"، "الإثبات".
(1) وجوب النطق بالحكم في جلسة علنية - مخالفة ذلك. أثره. بطلان الحكم. إثبات بمحضر الجلسة أن الحكم لم يصدر في غرفة مشورة على خلاف الثابت بنسخته الأصلية من أنه صدر في غرفة مشورة. العبرة بمحضر الجلسة. اعتبار الثابت بالنسخة الأصلية خطأ مادياً لا يرتب البطلان.
(2) خلو محضر الجلسة مما يفيد انعقادها في علانية. مفاده. أنها عقدت في غرفة مشورة. طالما لم يقدم الطاعن الدليل على خلاف ذلك.
(3) تقدير البينات وفهم ما يقدم فيها من قرائن والموازنة بينها والأخذ بما يطمئن إليه من أقوال الشهود بلا معقب. شرطه. عدم الخروج بهذه الأقوال عما يؤدي إليه مدلولها.
(4) الشهادة. كفاية أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى الحقيقة. عدم وجوب أن تكون واردة على الواقعة المطلوب إثباتها بجميع تفاصيلها.

------------------
1 - النص في المادة 174 من قانون المرافعات على أنه، ينطق القاضي بالحكم بتلاوة منطوقه، أو بتلاوة منطوقه مع أسبابه، ويكون النطق به علانية وإلا كان الحكم باطلاً، يدل - على أن المشرع رتب البطلان جزاء على عدم النطق بالحكم بتلاوة منطوقه أو منطوقه مع أسبابه في جلسة علنية. لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت ما لم يقيم الدليل على خلاف ذلك وكان الثابت من محضر جلسة... التي نطق فيها بالحكم المطعون فيه أنها لم تنعقد في غرفة مشورة مما مفاده انعقادها في علانية، وأن تضمين النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه صدوره في غرفة مشورة، لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا يرتب البطلان.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت صحيحة ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك. لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة... أمام محكمة الاستئناف أنه خلا مما يفيد انعقادها في علانية مما مفاده انعقادها في غرفة مشورة، وإذ لم يقدم الطاعن الدليل على خلاف ذلك فإن نعيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قاضي الموضوع هو وحده صاحب الحق في تقدير ما يقدم إليه من بينات وفي فهم ما يقدم فيها من القرائن وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر والأخذ بما يطمئن إليه من أقوال الشهود بلا معقب عليه في ذلك إلا أن ذلك مشروط بألا يخرج بهذه الأقوال عما يؤدي إليه مدلولها.
4 - لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الواقعة المطلوب إثباتها بجميع تفاصيلها بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى الحقيقة فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 188 لسنة 86. ك. أحوال نفس بور سعيد على المطعون ضدها الحكم بتطليقها منه، وقال بياناً لدعواه إن المطعون ضدها زوجته بصحيح العقد إلا أنها أخلت بواجباتها الزوجية حياله بأن أساءت معاشرته مما أدى إلى استحكام النفور بينهما، وإذ هجرت منزل الزوجية وافترقا أكثر من ثلاث سنوات فقد أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن سمعت شاهدي الطاعن حكمت في 19/ 1/ 1988 بتطليق المطعون ضدها من الطاعن، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية بور سعيد" بالاستئناف رقم 1 لسنة 88 أحوال بور سعيد. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت في 11/ 6/ 1989 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي ببطلان الحكم المطعون فيه وبنقضه. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى دفع النيابة ببطلان الحكم المطعون فيه أن الثابت من النسخة الأصلية له أنه قد صدر في غرفة مشورة بالمخالفة لحكم المادة 174 من قانون المرافعات التي توجب النطق بالأحكام في علانية.
وحيث إن هذا الدفع مردود. ذلك أن النص في المادة 174 من قانون المرافعات على أنه، ينطق القاضي بالحكم بتلاوة منطوقه، أو بتلاوة منطوقه مع أسبابه، ويكون النطق به علانية وإلا كان الحكم باطلاً، يدل - على أن المشرع رتب البطلان جزاء على عدم النطق بالحكم بتلاوة منطوقه أو منطوقه مع أسبابه في جلسة علنية. لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك وكان الثابت من محضر جلسة 11/ 6/ 89 التي نطق فيها بالحكم المطعون فيه أنها لم تنعقد في غرفة مشورة مما مفاده انعقادها في علانية، فإن تضمين النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه صدوره في غرفة مشورة، لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا يرتب البطلان، ويكون الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقول إن الدعوى نظرت أمام محكمة الاستئناف بجلسة 9/ 4/ 89 دون أن يثبت بمحضرها أنها عقدت في غرفة مشورة بالمخالفة لحكم المادة 871 من قانون المرافعات التي توجب نظر دعاوى الأحوال الشخصية في سرية على أن يصدر الحكم علناً، وهو ما يعيب الحكم بالبطلان لقيامه على إجراءات باطلة.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت صحيحة ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك. لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة 9/ 4/ 1989، أمام محكمة الاستئناف أنه خلا مما يفيد انعقادها في علانية مما مفاده انعقادها في غرفة مشورة، وإذ لم يقيم الطاعن الدليل على خلاف ذلك فإن نعيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن شاهديه شهدا أمام محكمة الموضوع بإخلال المطعون ضدها إخلالاً جسيماً بواجباتها الزوجية لرفضه مطالبها غير المقبولة، ورفضها عروض الصلح التي عرضت عليها، مما أدى إلى استحكام النفور بينهما وافتراقهما ثلاث سنوات سابقة على رفع الدعوى بما يتوافر معه شروط تطليقها منه طبقاً للمادة 57 من لائحة الأقباط الأرثوذكس، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض دعواه لعجزه عن إثبات عناصرها لعدم تناول شهادة شاهديه سبب الخلاف بينه وبين المطعون ضدها واستحالة دوام - العشرة بينهما، مهدراً بذلك دلالة بينته، ناسباً إليه الإخلال بواجباته نحو المطعون ضدها، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن قاضي الموضوع هو وحده صاحب الحق في تقدير ما يقدم إليه من بينات وفي فهم ما يقدم فيها من القرائن وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر والأخذ بما يطمئن إليه من أقوال الشهود بلا معقب عليه في ذلك إلا أن ذلك مشروط بألا يخرج بهذه الأقوال عما يؤدي إليه مدلولها، وكان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الواقعة المطلوب إثباتها بجميع تفاصيلها بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى الحقيقة فيها، وكان البين من أقوال شاهدي الطاعن أمام محكمة أول وثاني درجة أن المطعون ضدها غير راغبة في استمرار الحياة الزوجية بينهما، وإنها رفضت عروض الصلح التي عرضاها عليها، وتركت منزل الزوجية ودامت الفرقة بينهما ثلاث سنوات سابقة على إقامة الدعوى، وإن العشرة مستحيلة بينهما بما يتوافر معه شروط التطليق إعمالاً لنص المادة 57 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1938 التي تجيز طلب الطلاق إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الآخر أو أخل بواجباته إخلالاً جسمياً أدى إلى استحكام النفور بينهما وانتهى الأمر بافتراقها ثلاث سنوات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وأهدر دلالة هذه البينة وقضى بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن على قوله من أن شهادة شاهدي الطاعن لم تتناول بيان سبب الخلاف بين الطاعن والمطعون ضدها أو أن العشرة مستحيلة بينهما، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.
ولما تقدم. وكان الموضوع صالحاً للفصل فيه، وكانت شروط التطليق طبقاً للمادة 57 من مجموعة الأقباط الأرثوذكس متوافرة في جانب المطعون ضدها، فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 1 لسنة 88 "أحوال بور سعيد" برفضه وبتأييد الحكم المستأنف.

الطعن 2493 لسنة 88 ق جلسة 21 / 11 / 2020 مكتب فني 71 ق 107 ص 975

جلسة 21 من نوفمبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / وجيه أديب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / بدر خليفة ، خالد جاد ، خالد إلهامي وممدوح فزاع نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(107)
الطعن رقم 2493 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها . المادة 310 إجراءات جنائية .
(2) قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاصه . موضوعي .
مثال لتدليل سائغ على توافر القصد الجنائي في جريمة قتل عمد .
(3) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . حد ذلك ؟
وزن أقوال الشهود . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟
للمحكمة التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى . متى اطمأنت إليها .
(4) حكم " بيانات حكم الإدانة " . محضر الجلسة . دعوى مدنية . محكمة النقض " سلطتها " .
خلو الحكم ومحاضر الجلسات من بيان أسماء المدعيين بالحقوق المدنية . يؤذن بنقضه في خصوص الدعوى المدنية . صلاحية الدعوى للفصل فيها . مقتضاه : اكتفاء محكمة النقض بذكر الأسماء في أسبابها لرفع أي لبس في التعريف بهما ‏. ‏أساس ذلك ؟
(5) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء" . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إيراد الحكم من تقرير الصفة التشريحية ما يحقق مراد الشارع بالمادة 310 إجراءات جنائية من بيان مؤدى أدلة الإدانة . لا قصور.
عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .
لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير . حد ذلك ؟
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تـر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(6) باعث . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الباعث على الجريمة . ليس ركناً فيها . الخطأ فيه أو إغفاله . لا يقدح في سلامة الحكم .
(7) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قضاء المحكمة على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين لا على الفرض والاحتمال . صحيح . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . قتل عمد . سبق إصرار .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
نعي الطاعن باعتناق الحكم صورتين متعارضتين للواقعة . جدل موضوعي .
لا تناقض في أن تطمئن المحكمة لتوافر قصد القتل العمد دون الاطمئنان لقيام ظرف سبق الإصرار . علة ذلك ؟
(9) حكم " حجيته " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
عدم تقيد القاضي وهو يحاكم متهماً بما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على ذات المتهم . قيام تناقض بين حكمه والحكم الآخر . لا يعيبه .
مثال .
(10) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها مُعززة لِمَا ساقته من أدلة . إيراد الحكم منها ومن أقوال مجريها ما يحقق مراد الشارع بالمادة 310 إجراءات جنائية . صحيح . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(11) عقوبة " تطبيقها " . غرامة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
إدانة الحكم الطاعن بجرائم القتل العمد وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بغير ترخيص وتغريمه خمسة آلاف جنيه عن الجريمة الثانية بعد إعمال المادة 32 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون يوجب تصحيحه . أساس وعلة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً كاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوي المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، كما جرى عليه نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته يحقق مراد الشارع من بيان الواقعة بأركانها ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة ، ومن ثم فإن رمي الحكم المطعون فيه بالقصور لا محل له .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن في قوله : ( وحيث إنه بشأن قصد القتل – نية إزهاق الروح .... فإن المحكمة تستظهر نية القتل لدى المتهم الماثل من استخدامه لسلاح ناري فتاك بطبيعته – فرد – وتصويبه إلى المجني عليه وفي موضع قاتل من جسده – منطقة العنق – بنية إزهاق روحه وذلك لسبق وجود خلافات على أرض زراعية وأخرى أسرية مما يقطع بما لا يدع مجالاً للشك في توافر نية القتل لدى المتهم الماثل ) . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم المطعون فيه على النحو المار ذكره هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعن فإنه لا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد .
3- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، فإنه لا ضير على الحكم إذ أحال في بيان مؤدى شهادة الشاهد الثاني إلى ما أورده من مؤدى أقوال الشاهد الأول بالتحقيقات ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها ، ومتى أخذت بأقوال الشاهد دل ذلك على اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عول على أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني بتحقيقات النيابة العامة دون أن يعول على أقوال الشاهد الأول أمام المحكمة ، ومن ثم فلا جدوى مما يثيره الطاعن من أن الحكم أحال في إيراد أقوال الشاهد الثاني إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول رغم عدول الأول عن أقواله أمام المحكمة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم .
4- لما كان – وإن كان صحيحاً - ما يثيره الطاعن من خلو الحكم ومحاضر الجلسات من بيان أسماء المدعيين بالحقوق المدنية ورثة المجني عليه بما كان يؤذن بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى المدنية ، إلا أنه لما كانت الدعوى صالحة للفصل فيها وكان الثابت من المفردات المضمومة أن المدعيين بالحقوق المدنية هما .... بصفته والد المجني عليه و.... بصفتها شقيقة المجني عليه فإن المحكمة تكتفي – في أسبابها – بذكر ذلك لرفع أي لبس في التعريف بهما عملاً بحقها المقرر بالمادة 39/2 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدلة بالقانون رقم 11 لسنة 2017 .
5- لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به : ( وثبت .... وجود جرح ناري دخولي يقع يسار منطقة العنق وأسفل من مستوى حلمة صيوان الأذن اليسرى وجرح ناري خروجي يقع يمين العنق وعلى نفس مستوى رمانة آدم وأسفل من مستوى حلمة صيوان الأذن اليمنى وقد تبين وجود انسكابات دموية حول وفي مسار العيار الناري الدخولي بيسار العنق وخروجه من يمين العنق وبتتبع الانسكابات الدموية في مسار العيار الناري وجد نافذاً محدثاً في مساره تهتكات بالأوعية الدموية والأعصاب الرئيسية بيسار ويمين العنق وكذا بالمريء محدثاً به فتحة دخول بيساره وفتحة خروج بيمين العظم اللامي وتعزى الوفاة إلى إصابة المجني عليه بالعنق وما أحدثته من تهتكات بالأوعية الدموية والأعصاب الرئيسية بيسار ويمين العنق والمريء وما صاحب ذلك من نزيف دموي وصدمة .... ويمكن حدوث إصابة المجني عليه من السلاح الناري المضبوط ) . وكان هذا الذي أورده الحكم يكفي لتبرير اقتناع المحكمة بالإدانة ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، هذا إلى أنه من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده تقرير الخبير بكامل أجزائه ، وكان لمحكمة الموضوع الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها ، وكان مؤدى ما حصله الحكم من الدليل القولي لا يتعارض بل يتطابق مع ما نقله الحكم من تقرير الصفة التشريحية للطب الشرعي والخالي من التعارض ، كما أن ما رد به الحكم على دعوى الخلاف بين الدليلين كاف وسائغ ، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافعين عنه لم يطلب أياً منهم من المحكمة إجراء - عن طريق المختص فنياً – باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ، فليس له - من بعد – أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذه ، فإن ما يسوغه الطاعن من تناقض الدليل الفني والدليل القولي ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير قيمة هذا الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
6- من المقرر أن الباعث على الجريمة ليس ركناً فيها فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه أو إغفاله ، فإن ما يثيره في هذا الصدد – بفرض صحته – لا يكون سديداً .
7- لما كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة وبناء على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الاحتمالات والافتراضات الظنية حسبما يذهب إليه الطاعن فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
8- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وإذ كانت المحكمة قد أوردت في حكمها الأسباب التي أقامت عليها قضاءها بما لا تناقض فيه واطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة وحصلت مؤداها بما لا يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها وبما يكفي بياناً لوجه استدلالها بها على صحة الواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ، هذا وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه أن المحكمة وإن اطمأنت إلى توافر جريمة قتل المجني عليه عمداً إلا أنها من وجه آخر قد أيقنت بانتفاء ظرف سبق الإصرار لما تبينته من أن الحادث لم يكن مسبوقاً بفترة زمنية من الوقت تسمح للجاني بإعمال الفكر في هدوء وروية وهو استخلاص سائغ لا تناقض فيه ؛ ذلك بأنه لا تلازم بين قيام القصد الجنائي وظرف سبق الإصرار فقد يتوافر القصد الجنائي مع انتفاء الإصرار السابق الذي هو مجرد ظرف مشدد في جرائم الاعتداء على الأشخاص ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله .
9- لما كان لا وجه لما يثيره الطاعن من سبق صدور حكمين من نفس المحكمة في ذات الجناية بمعاقبة متهمين آخرين انتهت فيهما المحكمة إلى إدانتهم بجريمة الضرب المفضي إلى الموت بعد أن استبعدت توافر نية القتل في حقهم في حين أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى توافر هذه النية في حق الطاعن ، إذ إنه من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر ، ولا مبال بأن يكون من وراء قضاءه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر ، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون سديداً .
10- من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات الشرطة ضمن الأدلة الأساسية التي استندت إليها ؛ لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بالتحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت قد عرضت على بساط البحث ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون محض جدل في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا وكان ما أورده الحكم من تحريات الشرطة وأقوال مجريها يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس .
11- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن اقترافه جرائم القتل العمد وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بغير ترخيص وأعمل في حقه مقتضى نص المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط الجرائم ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة وقد جرى منطوقه خطأ بتغريم الطاعن مبلغ خمسة آلاف جنيه عن الجريمة الثانية الخاصة بإحراز السلاح غير المششخن وذخيرته ، ومن ثم فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة الغرامة والاكتفاء بعقوبتي السجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً والمصادرة التي قضى بها والمقررة للجريمة الأشد وهي جريمة القتل العمد ، وذلك إعمالاً للحق المخوَّل لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين سبق محاكمتهم بأنهم :
1- قتلوا .... وشهرته .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية عدد ثلاثة أسلحة نارية محلية الصنع وما إن ظفروا به حتى أطلق المتهم الأول صوبه عياراً نارياً من سلاحه الناري سالف الذكر بينما وقف الثاني والثالث على مسرح الجريمة للشد من أزره قاصدين من ذلك قتله فحدثت الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته .
2- أحرز كل منهم بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن " سلاح ناري يدوي " .
3- أحرز كل منهم ذخيرة " عدد واحد طلقة " استعملها على السلاح الناري آنف البيان حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى ورثة المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ ألفين جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234 /1 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 6 ، 26 /1 ، 4 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والجدول رقم (2) الملحق بالقانون الأول وذلك مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات - بعد أن استبعدت ظرف سبق الإصرار - أولاً : بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً وتغريمه خمسة آلاف جنيه ومصادرة المضبوطات . ثانياً : بإلزامه بأن يؤدي للمدعيين بالحق المدني مبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمته مصاريفها ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه – بمذكرتي أسباب طعنه - أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد وإحراز سلاح ناري وذخائره بدون ترخيص قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه لم يشتمل على بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها وأدلة الثبوت عليها وجاءت أسبابه في عبارات عامة غامضة ومجهلة ، وأن ما أورده بياناً لنية القتل لا يكفي لاستظهارها والاستدلال على توافرها في حقه ، وجاء ترديداً للأفعال المادية التي قام بها الطاعن والتفت الحكم عن منازعة الدفاع في هذا الشأن ، وأحال في بيان أقوال الشاهد الثاني .... إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول .... رغم تناقضهما وتضاربهما في أقوالهما وعدول الشاهد الأول أمام المحكمة عن أقواله ، كما أن الحكم لم يبين أسماء الورثة المدعين بالحقوق المدنية وعددهم بالمخالفة لنص المادة 178 من قانون المرافعات ، كما خلت محاضر الجلسات من هذا البيان ، هذا وقد تساند الحكم في قضائه بالإدانة إلى الدليل المستمد من تقرير الصفة التشريحية دون أن يورد مضمونه واكتفى في ذلك بالإشارة إلى نتيجته دون بيان واضح ومفصل لمؤداه ومقدماته وأسبابه التي تؤدي هذه النتيجة فضلاً عن تناقضه مع الدليل القولي تناقضاً يستعصي على الموائمة والتوفيق ورد على دفع الطاعن في هذا الخصوص بما لا يصلح رداً ، وكان على المحكمة تحقيقه عن طريق المختص فنياً وحده ، كما أن الحكم لم يدلل على الباعث من ارتكاب الجريمة واستندت في ردها إلى احتمالات وافتراضات ظنية ، كما وأن الحكم اعتنق صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى حين حصل مضمون شهادة شاهد الإثبات الأول على نحو متناقض ومتضارب واستدل على توافر نية القتل في حق الطاعن من وجود خلافات سابقة بينه وبين المجني عليه ثم عاد عند حديثه عن عدم توافر ظرف سبق الإصرار في حقه استناداً إلى أن الواقعة وليدة لحظة ، كما تناقض هذا الحكم مع حكمين سابقين صادرين في ذات الجناية بمعاقبة متهمين آخرين انتهت فيهما المحكمة إلى إدانتهم بجريمة الضرب المفضي إلى الموت بعد أن استبعدت توافر نية القتل في حقهم في حين أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى توافر نية القتل العمد ودان الطاعن على هذا الأساس مما يصمه بالتناقض والتخاذل ، هذا وقد اتخذ الحكم من تحريات الشرطة دليلاً أساسياً في الإدانة دون أن يورد مضمونها على نحو واف ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه . حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً كاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوي المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، كما جرى عليه نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته يحقق مراد الشارع من بيان الواقعة بأركانها ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة ، ومن ثم فإن رمي الحكم المطعون فيه بالقصور لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن في قوله : ( وحيث إنه بشأن قصد القتل – نية إزهاق الروح .... فإن المحكمة تستظهر نية القتل لدى المتهم الماثل من استخدامه لسلاح ناري فتاك بطبيعته – فرد – وتصويبه إلى المجني عليه وفي موضع قاتل من جسده – منطقة العنق – بنية إزهاق روحه وذلك لسبق وجود خلافات على أرض زراعية وأخرى أسرية مما يقطع بما لا يدع مجالاً للشك في توافر نية القتل لدى المتهم الماثل ) . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم المطعون فيه على النحو المار ذكره هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعن فإنه لا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، فإنه لا ضير على الحكم إذ أحال في بيان مؤدى شهادة الشاهد الثاني إلى ما أورده من مؤدى أقوال الشاهد الأول بالتحقيقات ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها ، ومتى أخذت بأقوال الشاهد دل ذلك على اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عول على أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني بتحقيقات النيابة العامة دون أن يعول على أقوال الشاهد الأول أمام المحكمة ، ومن ثم فلا جدوى مما يثيره الطاعن من أن الحكم أحال في إيراد أقوال الشاهد الثاني إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول رغم عدول الأول عن أقواله أمام المحكمة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم . لما كان ذلك ، - وإن كان صحيحاً - ما يثيره الطاعن من خلو الحكم ومحاضر الجلسات من بيان أسماء المدعيين بالحقوق المدنية ورثة المجني عليه بما كان يؤذن بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى المدنية ، إلا أنه لما كانت الدعوى صالحة للفصل فيها وكان الثابت من المفردات المضمومة أن المدعيين بالحقوق المدنية هما .... بصفته والد المجني عليه و.... بصفتها شقيقة المجني عليه فإن المحكمة تكتفي – في أسبابها – بذكر ذلك لرفع أي لبس في التعريف بهما عملاً بحقها المقرر بالمادة 39/2 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدلة بالقانون رقم 11 لسنة 2017 . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به : ( وثبت .... وجود جرح ناري دخولي يقع يسار منطقة العنق وأسفل من مستوى حلمة صيوان الأذن اليسرى وجرح ناري خروجي يقع يمين العنق وعلى نفس مستوى رمانة آدم وأسفل من مستوى حلمة صيوان الأذن اليمنى وقد تبين وجود انسكابات دموية حول وفي مسار العيار الناري الدخولي بيسار العنق وخروجه من يمين العنق وبتتبع الانسكابات الدموية في مسار العيار الناري وجد نافذاً محدثاً في مساره تهتكات بالأوعية الدموية والأعصاب الرئيسية بيسار ويمين العنق وكذا بالمريء محدثاً به فتحة دخول بيساره وفتحة خروج بيمين العظم اللامي وتعزى الوفاة إلى إصابة المجني عليه بالعنق وما أحدثته من تهتكات بالأوعية الدموية والأعصاب الرئيسية بيسار ويمين العنق والمريء وما صاحب ذلك من نزيف دموي وصدمة .... ويمكن حدوث إصابة المجني عليه من السلاح الناري المضبوط ) . وكان هذا الذي أورده الحكم يكفي لتبرير اقتناع المحكمة بالإدانة ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، هذا إلى أنه من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده تقرير الخبير بكامل أجزائه ، وكان لمحكمة الموضوع الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها ، وكان مؤدى ما حصله الحكم من الدليل القولي لا يتعارض بل يتطابق مع ما نقله الحكم من تقرير الصفة التشريحية للطب الشرعي والخالي من التعارض ، كما أن ما رد به الحكم على دعوى الخلاف بين الدليلين كاف وسائغ ، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافعين عنه لم يطلب أياً منهم من المحكمة إجراء تحقيق - عن طريق المختص فنياً – باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ، فليس له - من بعد – أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذه ، فإن ما يسوغه الطاعن من تناقض الدليل الفني والدليل القولي ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير قيمة هذا الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الباعث على الجريمة ليس ركناً فيها فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه أو إغفاله ، فإن ما يثيره في هذا الصدد – بفرض صحته – لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة وبناء على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الاحتمالات والافتراضات الظنية حسبما يذهب إليه الطاعن فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وإذ كانت المحكمة قد أوردت في حكمها الأسباب التي أقامت عليها قضاءها بما لا تناقض فيه واطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة وحصلت مؤداها بما لا يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها وبما يكفي بياناً لوجه استدلالها بها على صحة الواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ، هذا وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه أن المحكمة وإن اطمأنت إلى توافر جريمة قتل المجني عليه عمداً إلا أنها من وجه آخر قد أيقنت بانتفاء ظرف سبق الإصرار لما تبينته من أن الحادث لم يكن مسبوقاً بفترة زمنية من الوقت تسمح للجاني بإعمال الفكر في هدوء وروية وهو استخلاص سائغ لا تناقض فيه ؛ ذلك بأنه لا تلازم بين قيام القصد الجنائي وظرف سبق الإصرار فقد يتوافر القصد الجنائي مع انتفاء الإصرار السابق الذي هو مجرد ظرف مشدد في جرائم الاعتداء على الأشخاص ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان لا وجه لما يثيره الطاعن من سبق صدور حكمين من نفس المحكمة في ذات الجناية بمعاقبة متهمين آخرين انتهت فيهما المحكمة إلى إدانتهم بجريمة الضرب المفضي إلى الموت بعد أن استبعدت توافر نية القتل في حقهم في حين أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى توافر هذه النية في حق الطاعن ، إذ إنه من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر ، ولا مبال بأن يكون من وراء قضاءه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر ، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات الشرطة ضمن الأدلة الأساسية التي استندت إليها ؛ لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بالتحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت قد عرضت على بساط البحث ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون محض جدل في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا وكان ما أورده الحكم من تحريات الشرطة وأقوال مجريها يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن اقترافه جرائم القتل العمد وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بغير ترخيص وأعمل في حقه مقتضى نص المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط الجرائم ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة وقد جرى منطوقه خطأ بتغريم الطاعن مبلغ خمسة آلاف جنيه عن الجريمة الثانية الخاصة بإحراز السلاح غير المششخن وذخيرته ، ومن ثم فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة الغرامة والاكتفاء بعقوبتي السجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً والمصادرة التي قضى بها والمقررة للجريمة الأشد وهي جريمة القتل العمد ، وذلك إعمالاً للحق المخوَّل لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 2072 لسنة 88 ق جلسة 28 / 11 / 2020 مكتب فني 71 ق 111 ص 1031

جلسة 28 من نوفمبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / نبيه زهران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد الخولي ، محمد عبد الحليم ووائل أنور نواب رئيس المحكمة وأشرف خيري .
---------------------
(111)
الطعن رقم 2072 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) سرقة . قصد جنائي . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
القصد الجنائي في جريمة السرقة . ماهيته ؟
تحدث الحكم عن نية السرقة استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
مثال .
(3) أمر الإحالة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إدانة الحكم الطاعنين بذات الجريمة الواردة بأمر الإحالة . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول .
(4) قانون " تفسيره " . تلبس . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " .
المادتان 37 و 38 إجراءات جنائية . مفادهما ؟
اقتياد الأهالي الطاعنين إلى مأمور الضبط القضائي عقب مشاهدتهما متلبسين بالسرقة . تعرض مادي يقتضيه واجبهم في التحفظ على المتهمين . استناد الحكم لهذا النظر رداً على الدفع ببطلان القبض عليهما . صحيح .
توافر مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة . كفايته لقيام حالة التلبس .
تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس . موضوعي . حد ذلك ؟
(5) دعوى جنائية " قيود تحريكها " . شروع . سرقة . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية . استثناء يجب قصره على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها دون سواها ولو كانت مرتبطة . جرائم الشروع في السرقة لا يتوقف رفع الدعوى الجنائية عنها على شكوى المجني عليه أو وكيله الخاص .
إثارة الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .
(6) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . حد ذلك ؟
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفاع الموضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته مما أورده الحكم من أدلة الثبوت على نسبة الجريمة للطاعنين . تعقبهما في جزئيات دفاعهما . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
مثال .
(9) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعنين بخلو الأوراق مما يفيد انقطاع التيار الكهربائي . غير مقبول . ما دام الحكم لم يدنهما بجريمة إتلاف خط كهرباء .
(10) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير الدليل . موضوعي .
إيراد الحكم أدلة مؤدية لثبوت مقارفة الطاعنين للجريمة التي دانهما بها . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي غير جائز أمام محكمة النقض .
(11) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثارة الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبولة . علة ذلك ؟
مثال .
(12) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم .
مثال .
(13) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم ضبط الأدوات المستعملة في الجريمة . لا يقدح في سلامة الحكم . حد ذلك ؟
(14) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثارة الطاعنين الدفع بانتفاء صلتهما بالواقعة وعدم ضبطهما على مسرح الجريمة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .
النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها ، وأقام عليها في حقهما أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى وإيرادها لمضمونها على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، مما يكون منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد .
2- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه ، ولما كان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لديه ، وكان التحدث عن نية السرقة استقلالاً في الحكم أمراً غير لازماً ما دامت الواقعة الجنائية كما أثبتها تفيد بذاتها أن المتهم إنما قصد من فعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الشروع في سرقة المهمات والأدوات الكهربية المملوكة لشركة .... بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد .
3- لما كان يبين من الاطلاع على الجريمة التي وردت بأمر الإحالة وهي الشروع في سرقة المهمات والأدوات المملوكة لشركة .... هي ذاتها التي دانهما الحكم عليها - خلافاً لما يزعمه الطاعنان - ولم يدنهما بالجرائم التي أشارا إليها بمذكرة الأسباب .
4- من المقرر أن المادتين 37 ، 38 من قانون الإجراءات الجنائية أجازتا لغير مأموري الضبط القضائي من آحاد الناس أو من رجال السلطة العامة تسليم وإحضار المتهم إلى أقرب مأمور ضبط قضائي في الجنايات أو الجنح التي يجوز فيها الحبس الاحتياطي أو الحبس على حسب الأحوال ، متى كانت الجناية أو الجنحة في حالة تلبس ، وتقتضي هذه السلطة – على السياق المتقدم – أن يكون لآحاد الناس أو رجال السلطة العامة التحفظ على المتهم وجسم الجريمة الذي شاهده معه أو ما يحتوي على هذا الجسم بحسبان ذلك الإجراء ضرورياً ولازماً للقيام بالإجراء الذي استنه القانون وذلك كيما يسلمه إلى مأمور الضبط القضائي . لما كان ذلك ، وكان ما فعله الأهالي بوصفهم آحاد الناس من اقتياد الطاعنين بعد ارتكابهما واقعة السرقة إلى مأمور الضبط القضائي ومن إبلاغه بما وقع منهما لا يعدو - في صحيح القانون – أن يكون مجرد تعرض مادي يقتضيه واجبهم في التحفظ على المتهم بعد أن شاهدوا جريمة السرقة في حالة تلبس ، وكان يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ، وكان الثابت من مدونات الحكم أنه انتهى إلى قيام هذه الحالة استناداً إلى ما أورده في هذا الخصوص – على النحو المتقدم – من عناصر سائغة لا يماري الطاعنان في أن لها معينها من الأوراق ، وكان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع دون معقب عليها ما دامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً – على السياق المتقدم – إلى رفض الدفع ببطلان القبض ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله .
5- لما كان الأصل أن القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إنما هو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها دون سواها ولو كانت مرتبطة ، وكانت جرائم الشروع في السرقة ليست من الجرائم التي عُدت حصراً في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية التي يتوقف رفع الدعوى الجنائية عنها على شكوى المجني عليه أو وكيله الخاص ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير سند من القانون ، هذا فضلاً أن البين من محضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا بما يثيراه في طعنهما من عدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها من غير ذي صفة ، فلا يجوز لهما من بعد إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات ، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هوالحال في الدعوى الراهنة - وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع السرقة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعتهما حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
7- من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عُرضت على بساط البحث ، فإن ما يثيره الطاعنان من تناقضها مع ما جاء بأقوال الشهود ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
8- لما كان ما يثيره الطاعنان بشأن أن الأسلاك المضبوطة متداولة بالأسواق ويمكن لأي شخص تملكها ، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا يستأهل من الحكم رداً ، إذ الرد مستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة ونسبتها إلى الطاعنين ، ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن في غير محل .
9- لما كان لا جدوى مما يثيره الطاعنان بشأن خلو الأوراق من إخطار يفيد انقطاع التيار الكهربائي ، كون الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعنين جريمة إتلاف خط كهرباء المترتب عليه انقطاعها ولم يدنهما بها ، ومن ثم فإن ما يثيراه في غير محله .
10- من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين لجريمة الشروع في السرقة التي دينا بها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
11- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثرا شيئاً عن اختلاف الكابلات المضبوطة عن التي تم عرضها على النيابة العامة ، فلا يجوز لهما من بعد أن يثيرا ذلك أمام محكمة النقض ؛ لما هو مقرر من أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض ، نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا المقام لا يكون مقبولاً .
12- لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعنين اقتصر في مرافعته على النعي على النيابة العامة عدم سؤال المدعو .... ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص ، فلا يحل لهما من بعد أن يثيرا شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ، ويكون منعاهما في هذا الشأن غير سديد .
13- من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم المطعون فيه عدم ضبط الأدوات التي استعملت في الجريمة ؛ ذلك لأنه ما دام أن الحكم قد اقتنع من الأدلة السائغة التي أوردها بأن الطاعنين كانا يحملان أدوات استعملاها في الجريمة وهو ما يكفي للتدليل على توافرها في حقهما ولو لم تضبط تلك الأشياء ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه لا يكون له محل .
14- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يثر شيئاً عما ذهب إليه بوجه طعنهما من انتفاء صلتهما بها وعدم ضبطهما على مسرح الجريمة ، فلا يسوغ لهما أن يثيرا مثل هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ، ولا يقبل منهما النعي على المحكمة إغفال الرد على دفاع لم يثر أمامها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :
شرعا في سرقة المهمات والأدوات المملوكة لشركة كهرباء .... ( كابلات كهربائية ) والمعدة للاستعمال في مرفق توصيل التيار الكهربائي التي أنشأتها الحكومة على النحو المبين بالأوراق .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/1 ، 46/2-3 ، 316 مكرر ثانياً (أ) من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أُسند إليه من اتهام .
فطعن الأستاذ / .... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الشروع في سرقة مهمات معدة للاستعمال في توصيل التيار الكهربائي " كابلات كهربائية " مما رخص في إنشائه لمنفعة عامة قد شابه قصور في التسبيب ، وفساد في الاستدلال ، وأخطأ في تطبيق القانون ، فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه صيغ في عبارات عامة وغامضة وخلا من بيان الأدلة التي عول عليها في الإدانة ولم يستظهر الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة رغم انتفائها ، ودانهما بجريمة غير التي أوردها أمر الإحالة ، واطرح بما لا يسوغ دفعهما ببطلان القبض عليهما لانتفاء التلبس وصفة الضبط القضائي عن القائم بضبطهما ، وكان يتعين على المحكمة القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ، وعول على أقوال الشهود التي لا تجدي في إثبات ارتكابهما للجريمة وتناقضها بما يبعث على الشك فيها خاصة وأن أياً منهم لم يشاهد الواقعة والطاعنان على مسرحها بما ينبئ بتلفيق الاتهام ، واستند على تحريات المباحث رغم دفعهما بعدم جديتها وتناقضها مع أقوال الشهود ، كما أن الكابلات التي تم ضبطها متداولة بالأسواق ، وخلت الأوراق من أي إخطار يفيد انقطاع الكهرباء ومن أي دليل على إدانتهما ، فضلاً عن اختلاف الكابلات المضبوطة عن التي تم عرضها على النيابة من حيث الطول ، ولم تقم النيابة العامة بسؤال شاهد الإثبات القائم على الضبط ، وأخيراً دانهما الحكم رغم عدم ضبط الأدوات المستخدمة في الواقعة وانتفاء صلتهما بها وعدم ضبطهما بمسرح الجريمة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها ، وأقام عليها في حقهما أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى وإيرادها لمضمونها على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، مما يكون منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه ، ولما كان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لديه ، وكان التحدث عن نية السرقة استقلالاً في الحكم أمراً غير لازماً ما دامت الواقعة الجنائية كما أثبتها تفيد بذاتها أن المتهم إنما قصد من فعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الشروع في سرقة المهمات والأدوات الكهربية المملوكة لشركة .... بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على الجريمة التي وردت بأمر الإحالة وهي الشروع في سرقة المهمات والأدوات المملوكة لشركة .... هي ذاتها التي دانهما الحكم عليها - خلافاً لما يزعمه الطاعنان - ولم يدنهما بالجرائم التي أشارا إليها بمذكرة الأسباب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المادتين 37 ، 38 من قانون الإجراءات الجنائية أجازتا لغير مأموري الضبط القضائي من آحاد الناس أو من رجال السلطة العامة تسليم وإحضار المتهم إلى أقرب مأمور ضبط قضائي في الجنايات أو الجنح التي يجوز فيها الحبس الاحتياطي أو الحبس على حسب الأحوال ، متى كانت الجناية أو الجنحة في حالة تلبس ، وتقتضي هذه السلطة – على السياق المتقدم – أن يكون لآحاد الناس أو رجال السلطة العامة التحفظ على المتهم وجسم الجريمة الذي شاهده معه أو ما يحتوي على هذا الجسم بحسبان ذلك الإجراء ضرورياً ولازماً للقيام بالإجراء الذي استنه القانون وذلك كيما يسلمه إلى مأمور الضبط القضائي . لما كان ذلك ، وكان ما فعله الأهالي بوصفهم آحاد الناس من اقتياد الطاعنين بعد ارتكابهما واقعة السرقة إلى مأمور الضبط القضائي ومن إبلاغه بما وقع منهما لا يعدو - في صحيح القانون – أن يكون مجرد تعرض مادي يقتضيه واجبهم في التحفظ على المتهم بعد أن شاهدوا جريمة السرقة في حالة تلبس ، وكان يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ، وكان الثابت من مدونات الحكم أنه انتهى إلى قيام هذه الحالة استناداً إلى ما أورده في هذا الخصوص – على النحو المتقدم – من عناصر سائغة لا يماري الطاعنان في أن لها معينها من الأوراق ، وكان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع دون معقب عليها ما دامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً – على السياق المتقدم – إلى رفض الدفع ببطلان القبض ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إنما هو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها دون سواها ولو كانت مرتبطة ، وكانت جرائم الشروع في السرقة ليست من الجرائم التي عُدت حصراً في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية التي يتوقف رفع الدعوى الجنائية عنها على شكوى المجني عليه أو وكيله الخاص ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير سند من القانون ، هذا فضلاً أن البين من محضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا بما يثيراه في طعنهما من عدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها من غير ذي صفة فلا يجوز لهما من بعد إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع السرقة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعتهما حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عُرضت على بساط البحث ، فإن ما يثيره الطاعنان من تناقضها مع ما جاء بأقوال الشهود ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنان بشأن أن الأسلاك المضبوطة متداولة بالأسواق ويمكن لأي شخص تملكها ، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا يستأهل من الحكم رداً إذ الرد مستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة ونسبتها إلى الطاعنين ، ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن في غير محل ، هذا فضلاً أنه لا جدوى مما يثيراه بشأن خلو الأوراق من إخطار يفيد انقطاع التيار الكهربائي ، كون الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعنين جريمة إتلاف خط كهرباء المترتب عليه انقطاعها ولم يدنهما بها ، ومن ثم فإن ما يثيراه في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين لجريمة الشروع في السرقة التي دينا بها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثرا شيئاً عن اختلاف الكابلات المضبوطة عن التي تم عرضها على النيابة العامة ، فلا يجوز لهما من بعد أن يثيرا ذلك أمام محكمة النقض ؛ لما هو مقرر من أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض ، نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا المقام لا يكون مقبولاً . لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعنين اقتصر في مرافعته على النعي على النيابة العامة عدم سؤال المدعو .... ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص ، فلا يحل لهما من بعد أن يثيرا شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ، ويكون منعاهما في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا يقدح في سلامة الحكم المطعون فيه عدم ضبط الأدوات التي استعملت في الجريمة ؛ ذلك لأنه ما دام أن الحكم قد اقتنع من الأدلة السائغة التي أوردها بأن الطاعنين كانا يحملان أدوات استعملاها في الجريمة وهو ما يكفي للتدليل على توافرها في حقهما ولو لم تضبط تلك الأشياء ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يثر شيئاً عما ذهب إليه بوجه طعنهما من انتفاء صلتهما بها وعدم ضبطهما على مسرح الجريمة ، فلا يسوغ لهما أن يثيرا مثل هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ، ولا يقبل منهما النعي على المحكمة إغفال الرد على دفاع لم يثر أمامها . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 926 لسنة 48 ق جلسة 12 / 11 / 1981 مكتب فني 32 ج 2 ق 367 ص 2024

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ عاصم المراغي وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم، علي عمرو وعزت حنوده.

-----------------

(367)
الطعن رقم 926 لسنة 48 القضائية

(1) طعن. دعوى "المصلحة". رسوم "أمر تقدير الرسوم القضائية".
منازعة الطاعن في أمر تقدير الرسوم القضائية. سلوكه طريق المعارضة في قلم الكتاب وطريق الدعوى المبتدأة. القضاء بعدم قبول المعارضة وبرفض الدعوى موضوعاً. النعي على القضاء الأول. غير مقبول. علة ذلك.
(2) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم. ماهيتها. ما لم تفصل فيه المحكمة بالفعل لا يكون موضوعاً لحكم حاز قوة الأمر المقضي.
(3) حكم. رسوم "أمر تقدير الرسوم القضائية".
أمر تقدير الرسوم القضائية. ماهيته. حكم بالدين. أثر ذلك.
(4) حكم. طعن "نعي غير منتج".
التقريرات الزائدة عن حاجة الدعوى. النعي عليها غير منتج.

----------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان النعي على الحكم المطعون فيه لا يحقق سوى مصلحة نظرية بحتة ولا يعود على الطاعن منه أية فائدة فإن النعي يكون غير مقبول، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد أقام منازعته في أمر تقدير الرسوم القضائية بطريقين أحدهما هو طريق المعارضة في قلم الكتاب والثاني طريق الدعوى المبتدأة وقد أمرت المحكمة بضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، وإذ كان موضوع هذه المنازعة قد طرح على محكمة الموضوع وقالت كلمتها فيها برفض الدعوى، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه الذي أيد قضاء محكمة أول درجة بعدم قبول المعارضة في أمر تقدير الرسوم القضائية لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة ولا يعود عليه أية فائدة وبالتالي غير مقبول.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين ولا تتوفر هذه الوحدة إلا أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً فتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعى به بالدعوى الثانية ويبنى على ذلك أن ما لم تفصل فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم حاز قوة الأمر المقضي.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن أمر تقدير الرسوم القضائية هو بمثابة حكم بالدين يصير نهائياً باستنفاد طرق الطعن فيه أو بفواتها.
4 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان التقرير محل النعي قد جاء زائداً عن حاجة الدعوى ويستقيم قضاء الحكم بدونه فإن النعي عليه وأياً كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن قلم كتاب محكمة شمال القاهرة الابتدائية استصدر من السيد رئيس المحكمة أمر تقدير الرسوم القضائية في الدعوى رقم 5392 سنة 1974 مدني كلي شمال القاهرة بمبلغ 2510 جنيه ضد الطاعن والمعلن هذا الأمر إلى الأخير بتاريخ 2 - 7 - 1977، ثم عاد قلم الكتاب المذكور واستصدر أمر تقدير رسوم قضائية تكميلية في الدعوى آنفة الذكر بمبلغ 23000.500 جنيه ضد الطاعن وأعلن إليه بتاريخ 18 - 8 - 1977 - وقد عارض الطاعن في أمر تقدير الرسوم الأخير بتقرير في قلم كتاب المحكمة، كما أقام الطاعن الدعوى رقم 6350 سنة 1977 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضده بصفته أودعت قلم كتاب المحكمة طلب فيها الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 23000.500 جنيه الصادر بها أمر التقدير سالف الذكر، وبعد أن أمرت محكمة شمال القاهرة الابتدائية بضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد قضت بجلسة 14 - 1 - 1978 أولاً: في الدعوى رقم 5392 سنة 1974 مدني كلي شمال القاهرة بعدم قبول المعارضة. ثانياً: في الدعوى رقم 6350 سنة 1977 مدني كلي شمال القاهرة برفضها. استأنف الطاعن هذين الحكمين بالاستئناف رقم 534 سنة 95 ق، ومحكمة استئناف القاهرة قضت بجلسة 28 - 3 - 1978 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد استئنافياً بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم قبول المعارضة في أمر تقدير الرسوم على سند من أن معارضة الطاعن مبناها المنازعة في أساس الالتزام الصادر بالرسم الصادر به ذلك الأمر وفي شخص الملتزم وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في هذا الصدد قد جانب الصواب لأن الطاعن لم يدع أن الملزم بالرسم الصادر به الأمر شخص آخر غيره أو أنه لا تستحق عليه ثمة رسوم، وإنما أسس معارضته على أنه وقد سبق لقلم الكتاب أن استصدر أمراً بتاريخ 5 - 6 - 1976 بتقدير الرسوم وأصبح هذا الأمر نهائياً بفوات مواعيد الطعن عليه، فإن أمر تقدير الرسوم الثاني الصادر في ذات الدعوى يكون قد صدر مجاوزاً لمقدار الرسم المستحق عليه قانوناً والذي حدد مقداره نهائياً بأمر التقدير الأول وحاز قوة الأمر المقضي - وإذ لم يحط قضاء محكمة الموضوع بدرجتيه بدفاع الطاعن وذهب إلى أن المعارضة متعلقة بأساس الالتزام بالرسم فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان النعي على الحكم المطعون فيه لا يحقق سوى مصلحة نظرية بحتة ولا يعود على الطاعن منه أية فائدة فإن النعي يكون غير مقبول، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد أقام منازعته في أمر تقدير الرسوم القضائية بطريقين أحدهما هو طريق المعارضة في قلم الكتاب والثاني طريق الدعوى المبتدأة وقد أمرت المحكمة بضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، وإذ كان موضوع هذه المنازعة قد طرح على محكمة الموضوع وقالت كلمتها فيها برفض الدعوى، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه الذي أيد قضاء محكمة أول درجة بعدم قبول المعارضة في أمر التقدير الرسوم القضائية لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة ولا يعود عليه منه أية فائدة وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه كان قد أسس دعواه رقم 6350 سنة 1977 مدني كلي شمال القاهرة أمام قضاء الموضوع بدرجتيه بطلب براءة ذمته من مبلغ 23000.500 جنيه الصادر به أمر تقدير الرسوم المؤرخ 18 - 7 - 1977 على قاعدة قوة الأمر المقضي التي تتوافر شروطها في النزاع المعروض وذلك لسبق صدور أمر تقدير الرسوم بتاريخ 5 - 9 - 1976 في الدعوى رقم 5392 سنة 1974 مدني كلي شمال القاهرة وأصبح ذلك التقدير نهائياً، وأنه لا يجوز من بعد استصدار أمر جديد بحجة أنه باقي الرسم الصادر بشأنه الأمر السابق لمساس ذلك بقوة الأمر المقضي المنصوص عليها في المادة 101 من قانون الإثبات، ويضيف الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن تحديد الرسوم القضائية لا يتصور إلا أن يكون بأمر واحد وكان يتعين على قلم الكتاب عند استصداره أمر تقدير الرسم الأول أن يضمن طلب إصداره كل الرسم المستحق أما وأنه لم يفعل واستصدر أمر تقدير رسم بأقل من مقدار الرسم المقرر قانوناً وأصبح هذا الأمر نهائياً فليس له أن يستصدر أمراً جديداً بباقي الرسم الذي يدعيه وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن أمر تقدير الرسوم القضائية الذي يصدر من القاضي أو رئيس المحكمة إنما يصدر بما له من سلطة ولائية دون أن يورد الأدلة القانونية التي تثبت صحة ما ذهب إليه، فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه أغفل تمحيص دفاع الطاعن مكتفياً بالإحالة إلى الحكم الابتدائي وتأييده وكانت أسباب الحكم الابتدائي لا تصلح رداً على هذا الدفاع فإنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بسببيه في غير محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها يشترط فيه أن تكون المسالة واحدة في الدعويين ولا تتوفر هذه الوحدة إلا أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً فتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعى به بالدعوى الثانية ويبنى على ذلك أن ما لم تفصل فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم حاز قوة الأمر المقضي - لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه قوله: "ومن حيث إنه بمطالعة المحكمة لأمر التقدير المعلن للمدعي "الطاعن" في 2 - 7 - 1977 - بمبلغ 2510 جنيه والذي يستند المدعى إليه في التمسك بمبدأ قوة الأمر المقضى به استبان منه الأمرين التاليين: أولاً: إنه جاء خلواً من ذكر أن المبلغ الوارد به هو كامل باقي الرسم المستحق على المدعي - ثانياً: أنه شمل عبارة أن مشموله بخلاف ما يستجد من رسوم يندرج تحت هذه العبارة باقي ما يستجد نتيجة لإجراء التسوية لباقي الرسم، وهو مشمول أمر التقدير الثاني المعلن إلى المدعي في 1 - 8 - 1977 بمبلغ 23000.500 ج المطلوب الحكم ببراءة ذمته منه.
وحيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإنه لا يكون هناك مجال للتمسك من جانب المدعي بقاعدة قوة الأمر المقضى به التي يحتج بها لانتفاء شروط إعمالها والتمسك بها بالنسبة لباقي الرسم محل المطالبة الثانية" وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه في هذا الشأن هو تطبيق صحيح لشروط إعمال قاعدة حجية الأمر المقضي، وفيه الرد الكافي على دفاع الطاعن ومن ثم فإن النعي عليه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس. ولا ينال من ذلك ما استطرد إليه الحكم الاستئنافي بقوله: وحيث إن الحكم المستأنف أصاب محجة القانون في قضائه بعدم قبول المعارضة في الدعوى رقم 5392 سنة 1974 لأسبابه ولما تقدم بيانه وفي رفض دعوى براءة الذمة الرقيمة 6350 سنة 1977 لما بسطه من مقومات تضيف إليها هذه المحكمة أن حجية أو قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى الأحكام كصريح نص المادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 سنة 1968 وليس أمر تقدير الرسوم من قبيل الأحكام لأن الحكم يصدر من جهة قضائية وإذا كان أمر التقرير يصدر من رئيس المحكمة أو القاضي فليس ذلك سوى أمر ولائي ومثل هذه الأوامر لا تحوز حجية وإذا اعتوره نقص أو خطأ حسابي فليس ثمة ما يمنع في القانون من تدارك هذا النقص أو تصحيح ذلك الخطأ وليس لمن صدر ضده هذا الأمر أن يحتج بقوة الأمر المقضي لعدم وجود قضاء أو فصل في خصومه. ذلك أنه وإن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن أمر تقدير الرسوم القضائية هو بمثابة حكم بالدين يصير نهائياً باستنفاذ طرق الطعن فيه أو بفواتها، وكان من المقرر أيضاً أنه إذا كان التقرير محل النعي قد جاء زائداً عن حاجة الدعوى ويستقيم قضاء الحكم بدونه فإن النعي عليه وأياً كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج - لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم الاستئنافي في صدد أمر تقدير الرسوم ووصفه بأنه أمر ولائي هو تزيد عن حاجة الدعوى ويستقيم قضاء الحكم بدونه، ومن ثم فإن النعي عليه - وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1339 لسنة 48 ق جلسة 12 / 11 / 1981 مكتب فني 32 ج 2 ق 366 ص 2019

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمدي الخولي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عزت حنوره، علي السعدني، محمد مختار منصور ومحمد النادي.

----------------

(366)
الطعن رقم 1339 لسنة 48 القضائية

(1) نزع الملكية للمنفعة العامة.
النماذج الموقعة من ذوي الشأن أو قرارات نزاع الملكية للمنفعة العامة. وجوب إيداعها مكتب الشهر العقاري خلال سنتين من تاريخ نشر قرار المنفعة العامة. إغفال ذلك. أثره. سقوط مفعول قرار تقدير المنفعة العامة. م 10 ق 577 لسنة 954. جزاء نسبي. وجوب طلبه من صاحب الشأن.
(2) دعوى "الطلبات في الدعوى". حكم "تسبيب الحكم".
الطلب القضائي الذي تلتزم المحكمة ببيان سبب رفضها له. ماهيته.

-----------------
1 - لما كان القانون رقم 577 لسنة 1954 قد بين خطوات نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة التي تبدأ بصدور قرار بتقدير المنفعة العامة الذي ينشر بالجريدة الرسمية، وحصر العقارات اللازمة، وتحديد أصحاب الحقوق فيها، وتقدير التعويضات وتنتهي إما بموافقة أصحاب الحقوق المذكورين وتوقيعهم على نماذج نقل الملكية، وإما بصدور قرار نزع الملكية. ويتم انتقال الملكية في الحالتين بإيداع تلك النماذج الموقعة من ذوي الشأن أو قرارات نزع الملكية في مكتب الشهر العقاري عملاً بالمادة التاسعة من هذا القانون. ونص في المادة العاشرة منه على أنه إذا لم يتم هذا الإيداع خلال سنتين من تاريخ نشر قرار المنفعة العامة "سقط مفعول هذا القرار بالنسبة للعقارات التي لم تودع النماذج أو القرار الخاص بها". ويهدف المشرع من ذلك إلى حماية المصالح الخاصة بأصحاب الحقوق في تلك العقارات التي تأخر شهر نقل ملكيتها، ومن ثم فهو جزاء نسبي لا يتعلق بالنظام العام وبالتالي لا يطرح على المحكمة إلا بناء على طلب صاحب الشأن فيه.
2 - الطلب القضائي الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه هو الذي يقدمه إليها الخصم في صيغة صريحة جازمة ابتغاء صدور حكم أو قرار في الدعوى لحماية حق أو مركز قانوني يدعيه قبل خصمه ولا يعتبر من هذا القبيل ما قد يثيره الخصم من تقريرات أو أوجه دفاع لا يرتب عليها المطالبة بصدور حكم أو قرار بشأنها أو مؤسس عليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 16 - 2 - 1972 صدر القرار الجمهوري رقم 104 سنة 1972 باعتبار مشروع إقامة كليات ومرافق جامعة أسيوط بمدينة المنيا من أعمال المنفعة العامة والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأرض اللازمة والتي كان من بينها الأطيان محل التداعي المملوكة للطاعن. ونشر هذا القرار بالجريدة الرسمية بتاريخ 2 - 3 - 1972. ولما قدرت جهة الإدارة التعويض المستحق عنها بمبلغ 18178.250 جنيه اعترض الطاعن أمام لجنة الفصل في المعارضات على هذا التقرير طالباً زيادته إلى 90149.914 جنيه وبتاريخ 28 - 3 - 1976 رفضت تلك اللجنة هذا الاعتراض. أقام الطاعن الدعوى رقم 1458 سنة 1976 مدني كلي المنيا طعناً في هذا القرار طالباً إلغاءه وتقدير التعويض المستحق له به بالمبلغ المطلوب. وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وقدم تقريره، قضت بتاريخ 29 - 12 - 1977 بإلغاء القرار المطعون فيه واعتبار ثمن الأرض محل النزاع مبلغ 21738.808 جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف بالاستئناف رقم 72 سنة 13 ق مأمورية المنيا طالباً إلغاءه، هو والحكم الصادر بندب الخبير واعتبار جميع إجراءات نزع الملكية كأن لم تكن لسقوط قرار المنفعة العامة طبقاً لنص المادة العاشرة من القانون رقم 577 سنة 1954 مع ما يترتب على هذا السقوط من آثار بتاريخ 21 - 5 - 1978 قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول بأن قرار نزع ملكية الأرض محل التداعي لم يودع في مكتب الشهر العقاري خلال سنتين من تاريخ نشر القرار الصادر بتقرير المنفعة العامة وهو ما يترتب عليه سقوط هذا القرار عملاً بالمادة العاشرة من القانون رقم 577 سنة 1954 وهو جزاء متعلق بالنظام العام ولذا يعتبر مطروحاً على المحكمة بقوة القانون فضلاً عن أن الطاعن قد تمسك به أمام المحكمة الابتدائية فلما لم تعمل تلك المحكمة هذا الجزاء وكانت نهاية أحكامها المنصوص عليها في المادة 14 من القانون المذكور لا تشمل قضاءها في هذا الخصوص، فقد أقام استئنافه طالباً الحكم بسقوط قرار المنفعة العامة، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف على سند من القول بأن سقوط قرار المنفعة العامة طبقاً لنص المادة العاشرة من القانون رقم 577 سنة 1954 أمر لا يتعلق بالنظام العام ولم يكن مطروحاً فعلاً على المحكمة الابتدائية التي لم تفصل إلا في طلب زيادة تقدير التعويض وقضاؤها في ذلك انتهائي غير جائز استئنافه، يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود، ذلك أنه لما كان القانون رقم 577 سنة 1954 قد بين خطوات نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة التي تبدأ بصدور قرار بتقرير المنفعة العامة الذي ينشر بالجريدة الرسمية، وحصر العقارات اللازمة، وتحديد أصحاب الحقوق فيها، وتقدير التعويضات، وتنتهي إما بموافقة أصحاب الحقوق المذكورين وتوقيعهم على نماذج نقل الملكية، وإما بصدور قرار بنزع الملكية، ويتم شهر انتقال الملكية في الحالتين بإيداع تلك النماذج الموقعة من ذوي الشأن أو قرارات نزع الملكية في مكتب الشهر العقاري عملاً بالمادة التاسعة من هذا القانون، ونص في المادة العاشرة منه على أنه إذا لم يتم هذا الإيداع خلال سنتين من تاريخ نشر قرار المنفعة العامة سقط مفعول هذا القرار بالنسبة للعقارات التي لم تودع النماذج أو القرار الخاص بها "ويهدف المشروع من ذلك إلى حماية المصالح الخاصة بأصحاب الحقوق في تلك العقارات التي تأخر شهر نقل ملكيتها، ومن ثم فهو جزاء نسبي لا يتعلق بالنظام العام وبالتالي لا يطرح على المحكمة إلا بناء على طلب صاحب الشأن فيه، وكان الطلب القضائي الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه هو الذي يقدمه إليها الخصم في صيغة صريحة جازمة ابتغاء صدور حكم أو قرار في الدعوى لحماية حق أو مركز قانوني يدعيه قبل خصمه ولا يعتبر من هذا القبيل ما قد يثيره الخصم من تقريرات أو أوجه دفاع لا يرتب عليها المطالبة بصدور حكم أو قرار بشأنها أو مؤسس عليها. لما كان ذلك وكان الطاعن قد أورد بمذكرته المقدمة للمحكمة الابتدائية بجلسة 24 - 2 - 1977 - لأول مرة - القول بأن عدم إيداع قرار نزع ملكية أرضه خلال السنتين يؤدي إلى سقوط قرار المنفعة العامة، دون أن يطلب القضاء له بهذا السقوط بل على العكس من ذلك تمسك بطلب ندب خبير لتقدير ما يستحقه من تعويض، كما ناقش بمذكرته الختامية المقدمة لجلسة 29 - 12 - 1977 المحددة للنطق بالحكم قيمة التعويض الذي قدره - الخبير ثم ختمها بتمسكه "بالطلبات الواردة بصحيفة الطعن" وهي صحيفة المعارضة التي لم يشر فيها إلى سقوط قرار المنفعة العامة وإنما قصرها على طلب الزيادة في مقدار التعويض عن نزع ملكيته فإن هذا الطلب الأخير يكون هو المطروح فقط على المحكمة الابتدائية طعناً في قرار اللجنة، ويكون قضاء تلك المحكمة فيه انتهائياً غير قابل للطعن فيه بالاستئناف عملاً بالمادة 14 من القانون المشار إليه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف يكون قد أصاب صحيح القانون وخلا من القصور ويكون هذا النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 2949 لسنة 60 ق جلسة 11 / 3 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 112 ص 699

جلسة 11 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة/ منصور حسين عبد العزيز وعضوية السادة المستشارين: عبد المنعم وفا، طلعت أمين صادق، محمد السعيد رضوان نواب رئيس المحكمة وعزت البنداري.

----------------

(112)
الطعن رقم 2949 لسنة 60 القضائية

(1، 2) تقادم. نظام عام. تأمينات اجتماعية. العجز الجزئي المستديم، إنهاء الخدمة.
(1) التقادم. عدم تعلقه بالنظام العام. وجوب التمسك به أمام محكمة الموضوع. عدم جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) قرار إنهاء خدمة المؤمن عليه لإصابته بعجز جزئي مستديم ينحسر عنه وصف التعسف ولو ثبت بعد ذلك خطأ اللجنة الطبية المختصة. لأن العبرة في سلامة القرار هي بالظروف والملابسات التي كانت محيطة به وقت الإنهاء لا بعده.

------------------
1 - لما كان المقرر أن التقادم لا يتعلق بالنظام العام ويجب التمسك به أمام محكمة الموضوع. وكانت الطاعنة لا تماري في أنها لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بسقوط دعوى المطعون ضده الأول بالتقادم، فإنه لا يقبل منها التمسك بالتقادم لأول مرة أمام هذه المحكمة.
2 - مفاد النص في المادة 18 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 93 لسنة 1980، والمادة 12 من قرار وزارة التأمينات رقم 128 لسنة 1980 - أنه إذا قررت اللجنة الطبية المختصة أن المؤمن عليه في حالة عجز جزئي مستديم وقررت اللجنة المنصوص عليها في قرار وزير التأمينات رقم 128 لسنة 1980 أنه قد ترتب على هذا العجز عدم وجود عمل آخر لدى صاحب العمل للمؤمن عليه حق بناء على ذلك لصاحب العمل إنهاء خدمة المؤمن عليه، وينحسر عن هذا القرار وصف التعسف حتى لو ثبت بعد ذلك خطأ اللجنة الطبية المختصة في اعتبار حالة المؤمن عليه عجزاً مستديماً لأن العبرة في سلامة قرار إنهاء الخدمة، وفيما إذا كان صاحب العمل قد تعسف في إنهاء خدمته، ولم تتعسف هي - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - بالظروف والملابسات التي كانت محيطة به وقت الإنهاء لا بعده، كما أن خطأ اللجنة الطبية المشار إليها إن كان، لا يسأل عنه صاحب العمل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 996 سنة 1985 عمال كلي شمال القاهرة على الطاعنة "الشركة المصرية العامة للمباني" والمطعون ضدها الثانية والثالثة وطلب الحكم أولاً: بعدم الاعتداد بقرار اللجنة الطبية العامة للهيئة العامة للتأمين الصحي الصادر في 15/ 7/ 1984 في شأن حالته وكذلك قرار اللجنة الخماسية التابعة لمنطقة وسط القاهرة بالهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية الصادر في 17/ 9/ 1984 بإنهاء خدمته، وإلغائهما، وما يترتب عليهما من آثار، ثانياً: إلغاء القرار رقم 152 لسنة 1984 الصادر من الطاعنة بإنهاء خدمته وإعادته إلى عمله مع ما يترتب على ذلك من آثار. ثالثاً: إلزام الطاعنة والمطعون ضدهما الثانية والثالثة، بالتضامن بأن يدفعوا له مبلغ ثلاثة آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار التي لحقت به. وقال بياناً لها إنه التحق بالعمل لدى الطاعنة في 15/ 10/ 1965 وأصيب أثناء العمل بجلطة بالمخ بالشريان الأوسط وشلل نصفي. ونجم عن ذلك عجز جزئي مرضي وهذه الإصابة تعطيه الحق في إجازة مفتوحة بمرتب كامل، ولكنه فوجئ بصدور قرار من الطاعنة بإنهاء خدمته اعتباراً من 17/ 9/ 1984 لعدم وجود عمل مناسب له مرتكنة في ذلك إلى قرار اللجنة الطبية العامة بالتأمين الصحي والذي تضمن إصابته بعجز جزئي مستديم يتعارض مع عمله كفني متخصص ميكانيكي، وإلى قرار اللجنة الخماسية بعدم وجود عمل مناسب له، وإذ كانت إصابته تعد من الأمراض المزمنة ويستحق إجازة استثنائية بأجر كامل، ولا يجوز إنهاء خدمته وقد لجأ إلى لجنة فحص المنازعات بالهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ورفض طلبه فقد أقام الدعوى بطلباته السالفة البيان. وبتاريخ 17/ 1/ 1987 حكمت المحكمة برفض طلب المطعون ضده الأول بإلغاء قرار إنهاء خدمته وإعادته إلى العمل وندبت الطبيب الشرعي لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم وبعد أن أودع تقريره أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد سماع الشهود حكمت بتاريخ 18/ 4/ 1989 برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 859 لسنة 106 ق القاهرة. وبتاريخ 24/ 4/ 1990 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده الأول مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب دفعت الطاعنة في السبب الأول منها بسقوط حق المطعون ضده الأول في إقامة الدعوى عملاً بنص المادة 698 من القانون المدني، وفي بيان ذلك تقول إن خدمة المطعون ضده الأول انتهت بتاريخ 17/ 9/ 1984 في حين أنه لم يرفع الدعوى إلا بتاريخ 4/ 12/ 1985، ومن ثم فإنها تكون قد سقطت طبقاً لنص المادة 698 من القانون المدني، ولأن هذا الدفع متعلق بالنظام العام ويجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، فإنه يتعين القضاء بسقوط الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر أن التقادم لا يتعلق - بالنظام العام ويجب التمسك به أمام محكمة الموضوع. وكانت الطاعنة لا تماري في أنها لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بسقوط دعوى المطعون ضده الأول بالتقادم، فإنه لا يقبل منها التمسك بالتقادم لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بباقي أسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضده الأول مرض اعتباراً من 21/ 4/ 1982، ومنح إجازات مرضية متصلة بأجر كامل منذ ذلك التاريخ حتى عرض بتاريخ 15/ 7/ 1984 على اللجنة الطبية العامة للتأمين الصحي التي قررت أن عنده خزل نصفي أيمن مع صعوبة في الكلام وضغط الدم 170/ 100 واعتبرت حالته عجزاً مرضياً مستديماً يتعارض مع عمله كفني متخصص سيارات، وأوصت بعرضه على اللجنة الخماسية المشكلة بقرار وزير التأمينات رقم 128 لسنة 1980، وأصدرت اللجنة الأخيرة قرارها بتاريخ 17/ 9/ 1984 بالموافقة على إنهاء خدمة المطعون ضده الأول لأنه لا يستطيع تحمل مسئولية أي عمل لأن طبيعة عمله فنية بالدرجة الأولى، واستناداً إلى كل ذلك وتنفيذاً لأحكام القانون أصدرت الطاعنة قرارها رقم 152 لسنة 1984 بإنهاء خدمة المطعون ضده الأول - اعتباراً من 17/ 5/ 1984، وإذ صدر هذا القرار بناء على قراري اللجنتين اللتين نص عليهما القانون، فإنه لا يمكن نسبه أي خطأ أو تعسف في جانبها بشأنه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى للمطعون ضده الأول بالتعويض عن إنهاء خدمته لثبوت التعسف في جانبها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المادة 18 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 93 لسنة 1980 تنص على أنه "يستحق المعاش في الحالات الآتية: 1 - ...... 2 - ....... 3 - انتهاء خدمة المؤمن عليه للوفاة أو العجز الكامل، أو العجز الجزئي المستديم متى ثبت عدم وجود عمل آخر لدى صاحب العمل..... وثبت عدم وجود عمل آخر بقرار من لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير التأمينات...." وتنفيذاً لذلك صدر قرار وزارة التأمينات رقم 128 لسنة 1980 بشأن لجان إثبات عدم وجود عمل آخر لدى صاحب العمل للمؤمن عليه صاحب العجز الجزئي وقد بين ذلك القرار تشكيل هذه اللجان، وإجراءات عرض حالات المؤمن عليهم عليها وإجراءات عملها وإصدار قراراتها. ونصت المادة 12 منه على أنه "لا يجوز لصاحب العمل إنهاء خدمة المؤمن عليه صاحب العجز الجزئي المستديم إلا بعد أن تقرر اللجنة عدم وجود عمل آخر مناسب لدى صاحب العمل". ومفاد ذلك أنه إذا قررت اللجنة الطبية المختصة أن المؤمن عليه في حالة عجز جزئي مستديم وقررت اللجنة المنصوص عليها في قرار وزارة التأمينات رقم 128 لسنة 1980 أنه قد ترتب على هذا العجز عدم وجود عمل آخر لدى صاحب العمل للمؤمن عليه حق بناء على ذلك لصاحب العمل إنهاء خدمة المؤمن عليه، وينحسر عن هذا القرار وصف التعسف حتى لو ثبت بعد ذلك خطأ اللجنة الطبية في اعتبار حالة المؤمن عليه عجزاً مستديماً لأن العبرة في سلامة قرار إنهاء الخدمة، وفيما إذا كان صاحب العمل قد تعسف في إنهاء خدمته، ولم تتعسف هي - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - بالظروف والملابسات التي كانت محيطة به وقت الإنهاء لا بعده، كما أن خطأ اللجنة الطبية المشار إليها إن كان، لا يسأل عنه صاحب العمل. لما كان ذلك، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن اللجنة الطبية العامة بالهيئة العامة للتأمين الصحي أصدرت قرارها رقم 1446 بتاريخ 15/ 7/ 1984 الذي انتهى إلى أن إصابة المطعون ضده الأول بعجز جزئي مرضي مستديم يتعارض مع عمله كفني متخصص، وأن اللجنة الخماسية التابعة للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية المشكلة تنفيذاً لقرار وزارة التأمينات رقم 128 لسنة 1980 أصدرت قرارها رقم 4 لسنة 1984 بعدم وجود عمل مناسب لحالة المطعون ضده الأول لدى الطاعنة. فإن قرار الأخيرة استناداً إلى هذين القرارين بإنهاء خدمته ينحسر عنه وصف التعسف حتى لو ثبت بعد ذلك خطأ اللجنة الطبية المختصة في قرارها باعتبار حالته عجزاً جزئياً مستديماً. وإذ جانب الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضده الأول بالتعويض عن إنهاء الطاعنة لخدمته على سند من القول بأن هذا الإنهاء تم بغير مبرر لما استخلصه من عدم صحة قرار اللجنة الطبية المختصة باعتبار حالة المطعون ضده الأول عجزاً جزئياً مستديماً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم 859 سنة 106 ق القاهرة بتأييد الحكم المستأنف.