الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 1 يونيو 2021

الطعن 1377 لسنة 26 ق جلسة 22/ 1/ 1957 مكتب فني 8 ج 1 ق 17 ص 60

جلسة 22 من يناير سنة 1957

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود محمد مجاهد، وفهيم يسى الجندى، والسيد أحمد عفيفى المستشارين.

-----------------

(17)
القضية رقم 1377 سنة 26 القضائية

مواليد ووفيات. إثبات. 

جواز الاستناد إلى شهادة الوفاة الصادرة من الحاخمخانة متى خلت السجلات الرسمية المعدة لإثبات الوفيات من أي بيان مخالف. م. 3 مدنى.

----------
متى كانت المحكمة قد أخذت بشهادة الوفاة الصادرة من الحاخمخانة بعد أن تبين من الشهادات السلبية التى قدمت خلو السجلات الرسمية المعدة لإثبات الوفاة من أى بيان مخالف لما ورد بها، فإنها لم تخطئ، ذلك أن المادة 30 من القانون المدني وقوانين المواليد والوفيات افترضت إمكان السكوت عن التبليغ عن الولادة أو الوفاة لعلة أو لأخرى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين: بأن الأول: أولا – اشترك مع مجهول في ارتكاب تزوير مادى معنوي في محرر رسمي هو محضر تصديق على عقد بيع يفيد أن المتهم اشترى أرضا من جاك ابراهام ركس الذى توفى في 20 سبتمبر سنة 1940 وذلك بأن حرض هذا المجهول واتفق معه وساعده على انتحال شخصية البائع وقت تحرير كاتب التصديقات حسن النية لمحضر التصديق وانتهل المجهول شخصية البائع ووقع على المحضر بإمضاء مزورة له كما وقع المتهم على المحضر ووقعت الجريمة بناء على ذلك التحريض والاتفاق والمساعدة ثانيا – اشترك مع مجهول بنفس الكيفية في ارتكاب تزوير في محضر تصديق على عقد بيع يفيد أن المتهم اشترى أرضا من يعقوب يوسف ركز الذى توفى في 10 من يوليه سنة 1921. ثالثا – اشترك مع مجهول بنفس الكيفية في ارتكاب تزوير في محضر توثيق عقد بيع رسمي يفيد أن المتهم اشترى أرضا من موسى الياهو واشا الذى توفى في 16 من يونيه 1909 والمتهم الثاني: أولا – اشترك مع مجهول بنفس الطريقة في ارتكاب تزوير في محضر تصديق على عقد بيع يفيد أن المتهم اشترى أرضا من يعقوب يوسف ركز الذى توفى في 10 من يوليه سنة 1921. ثانيا – اشترك مع مجهول بنفس الكيفية في ارتكاب تزوير في محضر توثيق عقد بيع رسمي يفيد أن المتهم اشترى أرضا من موسى الياهو واشا الذى توفى في 16 من يونيه سنة 1909. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما على محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 40/ 2 – 3 و41 و211 و212 و213 من قانون العقوبات. فقررت بذلك، ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضوريا عملا بالمواد 40/ 1 – 2 – 3 و41 و42 و211 و212 و213 و32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون وأقام قضاءه على فروض وأن أسبابه قد شابها القصور والتخاذل فقد أخذ بشهادات الحاخمخانة المثبتة لوفاة البائعين وتواريخ وفاتهم مغفلا حكم القانون المدني الذى قضى بأن يكون إثبات الولادة والوفاة بالسجلات الرسمية المعدة لذلك إلا إذا انعدم هذا الدليل أو تبين عدم صحة ما أدرج بهذه السجلات التي تنظمها وتنظم التبليغات التي تكتب بها قوانين المواليد والوفيات وهو فيما فعل قد أهمل أحكاما آمرة متعلقة بالنظام العام في غير الأحوال التي تجيز ذلك هذا إلى أنه لم يعن بالرد على هذا الدفاع على خطره ولم يدلل على أن الشهادات التي أخذ بها للبائعين دون غيرهم من أصحاب الأسماء المتشابهة وليس يغنى الحكم محاولته تنزيه هذه الشهادات بإبراز ما يفيد استيفاءها للشكل لأن هذا مع ما بينه الدفاع من تعرضها للعبث لا يضمن لها السلامة. كما أن ما ذهب إليه الحكم في تبرير الخلاف في اسم أحد البائعين بين ما ثبت عنه بالعقد وبالشهادة من القول بأن الأجانب درجوا على إثبات اسم الأسرة بعد اسم الشخص إنما هو مجرد ظن وافتراض ينقضه أنه لم يضطرد بالنسبة للبائعين الآخرين يضاف إلى ذلك أن الحكم عول في الإدانة وفى الرد على أوجه الدفاع على فروض وليس على اليقين المستمد من الواقع مما عده الطاعنان خطأ في الإسناد من ذلك أنه افترض بغير سند وجود عصابة تعمل على اغتصاب الأراضي واعتبر تعامل الطاعنين مع بعض أفرادها تعاملا مع غير ملاك الأراضي المبيعة وأنه افترض أن الطاعنين فيما أقدما عليه قد تحينا فرصة وفاة الملاك وعدم وجود ورثتهم قولا منه باحتمال وفاة هؤلاء الورثة أو مغادرتهم البلاد ولم يرجع ذلك إلى دليل ثم افترض فرضا لا مصدر له فوق مجافاته للعقل هو أن الملاك قد توفوا ولم تخطر صحة البلدية بوفاتهم وافترض كذلك أن الطاعنين لم ينازعا في وفاة البائعين مع أنهما لم يسلما بذلك بل أصرا على أنهما اشتريا من أحياء بيدهم سندات التمليك هذا إلى أن الحكم قد ساق على توفر القصد الجنائي أدلة لا تؤدى إليه فإن ما ذكره من انحصار المصلحة في الطاعنين إنما هو عرض للباعث لا للقصد الجنائي وما ذكره عن تعدد الصفقات لا يدل بذاته على العلم بتغير الحقيقة بل هو أقرب إلى الدلالة على سلامة القصد وما ذكره عن بيع الطاعنين لما اشترياه إنما هو تصرف مألوف بالنسبة لأرض فضاء قابلة بطبيعتها للتقسيم والبيع أما ما ذهب إليه الحكم من عدم تصور أن تتكرر خديعة الطاعنين وأن يدفعا الأثمان لغير الملاك فهو مما لا يؤدى حتما إلى ثبوت القصد الجنائي لأن الإهمال في التحري مهما بلغ من الجسامة لا يرتفع إلى هذه المرتبة وأخيرا فإن الحكم المطعون فيه قد تناقض حين دان الطاعنين ثم قضى ببراءة شهود محاضر التصديق والتوثيق للشك في علمهم بالتزوير.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية بالجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها؛ لما كان ذلك وكانت المادة 30 من القانون المدني التي استند إليها الطاعنان في الوجه الأول من طعنهما جرى نصها بما يأتي " 1 – تثبت الولادة والوفاة بالسجلات الرسمية المعدة لذلك، فإذا لم يوجد هذا الدليل أو تبين عدم صحة ما أدرج بالسجلات جاز الإثبات بأى طريقة أخرى" وكانت قوانين المواليد والوفيات إذ افترضت إمكان السكوت عن التبليغ عن الولادة أو الوفاة لعلة أو لأخرى فقد عالجت. موضوع عدم القيد وطريقة تداركه – لما كان ما تقدم فإن المحكمة لم تخطئ حين أخذت بشهادات الوفاة الصادرة من الحاخمخانة بعد أن تبين من الشهادات السلبية التي قدمها الدفاع خلو السجلات الرسمية المعدة لإثبات الوفاة من أى بيان مخالف لما ورد بها ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى شهادة الوفاة التي أخذت بها وردت على كل ما وجه إليها من اعتراضات ردا سائغا بالقدر المناسب لما ورد عنها بمحضر الجلسة واللازم لدفعها فقالت " وبما أن الدفاع عن المتهمين حاول التشكيك في وفاة البائعين المزعومين بمقولة إن شهادات الوفاة سالفة الذكر ليست محل ثقة ولا ترى المحكمة محلا لهذا التشكيك إذ الثابت من مطالعة هذه الشهادات أنها مستخرجة من سجل الوفيات بديوان حاخمخانة الطائفة الإسرائيلية بالإسكندرية وأثبت في كل رقم قيد الوفاة في هذا السجل ووقع على كل شهادة من مستشار الطائفة والحاخمياش والصراف ولا يدحض من هذه الحقائق الأوراق التي قدمها الدفاع بجلسة اليوم والتي تفيد أنه قدمت طلبات لصحة بلدية الإسكندرية بالاستعلام عن تواريخ الوفاة الخاصة بالبائعين الثلاثة ورد عليها بأنه لم يستدل على قيدهم بدفاتر صحة البلدية ذلك أن هذه الأوراق لا تدل على أكثر من أن هؤلاء الثلاثة توفوا بغير أن تخطر صحة البلدية بوفاتهم يضاف إلى ذلك أن المتهمين لم ينازعا عند استجوابهما في التحقيق في وفاة البائعين وقام كل دفاعهما على أنهما لم يكونا يعرفان شخصيتهم وقد سبق دحض هذا الدفاع" وعلل كذلك ما وجد من خلاف في اسم أحد البائعين وبين ما ثبت عنه بالمحضر وبشهادة الوفاة بأنه نتيجة ما درج عليه الأجانب من أثبات اسم الأسرة بعد اسم الشخص ثم إثبات اسم أبيه بعد ذلك ولما كان فيما رد به الحكم الكفاية وكان ما أثاره الطاعنان للتشكيك في قيمة شهادات الوفاة من القول بأنها عرضة للعبث وأنها غير قاطعة في أن الأسماء الواردة بها هى للبائعين دون غيرهم ومن وجود خلاف في الاسم بين ما ورد بإحداها وبما ثبت عنه بالمحضر كل ذلك في حقيقته هو مجرد جدل فيما اقتنعت به المحكمة في حدود سلطتها التقديرية من أدلة ليس في القانون ما يمنع من الأخذ بها. لما كان كل ما تقدم وكان لا يشترط في الأدلة أن تكون صريحة دالة بنفسها على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف لها من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات فإنه لا محل لما ذهب إليه الطاعنان من القول بأن الحكم المطعون فيه افترض بغير سند وجود عصابة تعمل على اغتصاب الأراضي ورتب على ذلك فروضا أخرى خلص منها إلى الإدانة مادام الحكم قد أورد مقدمات تؤدى عقلا إلى ما انتهى إليه وهو فيما علل به عدم وجود ورثة البائعين بالبلاد فيما أرجع إليه خلو دفاتر البلدية من أسماء البائعين المتوفين من عدم إخطار البلدية بوفاتهم لا يجافى العقل في شيء أما ما سجله الحكم من أن الطاعنين لم ينازعا في التحقيق في وفاة البائعين فلم يدفعه الطاعنان بحصول المنازعة وإنما بالقول بأنهما لم يسلما به مما لا يمكن معه نسبة الخطأ للحكم. لما كان كل ذلك وكان ما أورده الحكم عن القصد الجنائي يؤدى في منطق مقبول إلى ثبوته وكان ما رد به الطاعنان على هذه الأسباب كل على حدة قد أهمل فيه ما لتجمعها من دلالة وما لذلك من أثر يؤكد المعنى الذى ذهب إليه الحكم ولما كان للمحكمة أن تأخذ بدليل ضد متهم وتهمله بالنسبة لأخر دون أن تبدى أسبابا لذلك إذ مرد إلى اطمئنانها وحريتها في تكوين عقيدتها، ولما كان ما أبداه الدفاع خاصا بما زعمه من بناء الحكم على فروض ومن القصور في التحدث عن القصد الجنائي والتناقض إنما هو في واقع الأمر عود إلى مناقشة الأدلة الموضوعية مما لا نقبل إثارته أمام محكمة النقض فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.


الطعن 133 سنة 46 ق جلسة 20 / 12 / 1928 مج عمر ج 1 ق 65 ص 86

جلسة الخميس 20 ديسمبر سنة 1928

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطيه بك وزكى برزى بك وحامد فهمى بك المستشارين.

--------------

(65)
القضية رقم 133 سنة 46 قضائية

)أ ) إجراءات شكلية. إثبات إهمالها أو مخالفتها. متى يقبل؟
)المادة 229 تحقيق(
)ب) اليمين التي تؤدّى أمام المحكمة. إهمال في الشق الثاني منها. غير مبطل.
)المادة 145 تحقيق)

-------------
1 - إن الفقرة الأخيرة من المادة 229 تحقيق جنايات تقضى بأن الأصل في الأحكام اعتبار أن الإجراءات الشكلية قد روعيت وأن لمن يدّعى إهمالها أو مخالفتها أن يثبت ذلك بكافة الطرق. لكن هذا الإثبات لا يقبل إلا إذا كانت تلك الإجراءات غير مذكورة بمحضر الجلسة ولا بالحكم.
وعلى ذلك فإذا ذكر في محضر الجلسة أن الشهود قد حلفوا اليمين فلا سبيل إلى قبول الطعن بعدم صحة صيغة اليمين وبطلانها إلا بادّعاء التزوير.
2 - الأمر الجوهري في الاستحلاف هو التذكير بالإله العظيم وأنه رقيب على الحالف ليكون صادقا فيما يبدى من الأقوال. والحلف بالله على قول الحق يقتضى الامتناع عن قول ما ليس بحق. وإذن فإهمال الجزء الثاني من عبارة الصيغة الواردة بالمادة 145 ت. ج هو إهمال غير جوهري لدخول مدلوله بداهة في مدلول الجزء الأوّل. فهو لا يبطل الحلف ولا يفسد الشهادة.


الطعن 13 لسنة 12 ق جلسة 17 / 11 / 1941 مج عمر الجنائية ج 5 ق 307 ص 582

جلسة 17 نوفمبر سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك ومنصور إسماعيل بك المستشارين.

---------------

(307)
القضية رقم 13 سنة 12 القضائية

إثبات.

يمين التخالص المنصوص عليها في المادة 194 تجاري. لماذا شرعت؟ نكول المدين عن الحلف. سقوط القرينة القانونية على حصول الوفاء. توجيهها أو عدم توجيهها. من شأن الدائن. توجيهها من المحكمة من تلقاء نفسها. لا يجوز. توجيهها من الدائن. حلف المدين. وجوب الفصل في الدعوى على مقتضى الحلف. رفض الدعوى. لا يجوز للدائن أن يجدّد النزاع بعد ذلك بناءً على أدلة أخرى. رفع الدائن دعوى لإثبات كذب اليمين أو للمطالبة بتعويض عن الحنث فيها. لا يجوز. دعوى جنحة مباشرة عن كذب اليمين. لا تقبل.

(المادة 194 تجاري(

------------------

إن حلف اليمين بالتخالص تطبيقاً للمادة 194 من القانون التجاري إنما شرع لمصلحة الدائن في الورقة لتكملة القرينة القانونية على حصول الوفاء المستمدّة من مضي خمس سنوات على اليوم التالي لحلول ميعاد دفع الأوراق التجارية. فإذا نكل المدين عن الحلف سقطت هذه القرينة. وإذن فالدائن هو الذي يوجه هذه اليمين أو لا يوجهها حسب مشيئته، وليس للمحكمة من تلقاء نفسها أن توجهها. فإذا وجهها وركن بذلك إلى ذمة مدينه، فقبل هذا العرض وحلف، فإن المحكمة تكون ملزمة بأن تقضي في الدعوى على مقتضى الحلف. ولا يجوز للدائن بعد ذلك أن يجدّد النزاع ارتكاناً على أدلة أخرى لإثبات حقه أو لإثبات كذب اليمين، لأن سلوكه هذا الطريق الذي اختاره من طرق الإثبات وقبول خصمه ما عرضه عليه إنما هو بمثابة صلح انعقد بين الطرفين على أن تكون دعوى الدائن معلقاً مصيرها على اليمين المعروضة على المدين، وذلك في مقابل تنازله عن كل دليل آخر يكون لديه. ومن ثم فلا تقبل من الدائن دعواه التي يرفعها سواء لإثبات كذب اليمين أو للمطالبة بتعويض عن الحنث فيها. وإذا كانت الدعوى العمومية لا ترفع من المدّعي المدني إلا إذا كانت دعواه المدنية مقبولة فإن الدعوى المباشرة التي يرفعها الدائن للمطالبة بتعويض عن الكذب في اليمين المذكورة لا تكون مقبولة.


المحكمة

وحيث إن الطعن مبني على أن المحكمة أخطأت في تطبيق نصوص القانون إذ اعتبرت أن اليمين التي نصت عليها المادة 194 تجاري هي يمين حاسمة مع أنها يمين متممة ويجوز إثبات كذبها بكافة طرق الإثبات، ولا تمنع من محاكمة من أداها جنائياً أو مدنياً بدعوى الجنحة المباشرة. وذلك لأن المادة المذكورة قضت بأنه يجب على المدّعى عليهم تأييد براءة ذمتهم بحلفهم اليمين إذا دعوا للحلف. وهذا يوافق تماماً نص المادة 223 مدني التي شرعت اليمين المتممة. لأنه إذا كان الشارع قد اعتبر التقادم قرينة على السداد إلا أنه عدّها قرينة ناقصة، ولذلك أوجب اليمين على من يتمسك بالتقادم. وما دامت اليمين تأتي مكملة لقرينة فتكون يميناً متممة. هذا فضلاً عن أن محكمة النقض هي التي أمرت بتوجيه اليمين للمدّعى عليهم في القضية المدنية بناءً على أن الإلزام بالحلف أتى من قبل الشارع، ولذلك سمتها يميناً قانونية لا يميناً حاسمة. وإذن فلو فرض أن الطاعن لم يحضر أمام محكمة الاستئناف بعد صدور حكم محكمة النقض فإن الخصوم كانوا ملزمين بحلفها. لهذا فما كان لهم أن يقولوا بأن الطاعن هو الذي وجه اليمين إليهم، ولا أن يؤسسوا على ذلك أن صلحاً أو تحكيماً تم بينهم وبين دائنهم على أنهم إذا حلفوا ترفض دعواه، وإذا نكلوا عن اليمين فيحكم له. وفوق ذلك فإن الطاعن لم يحرّك ساكناً بعد صدور حكم محكمة النقض حتى أعلنه الخصوم أنفسهم بأن يحضر إلى المحكمة ليحلفوا اليمين القانونية، أي أنهم هم الذين طلبوا أداءها بخصوصها. وإنه ليس من المعقول أن يحتكم الطاعن إلى ذمّة خصومه بعد أن رأى منهم التلاعب والكذب أمام القضاء الأهلي، وبعد أن اعترفوا أمام المحكمة المختلطة بأنهم لم يوفوا شيئاً من الدين، فهو إنما حضر ليشهد جلسة تأدية اليمين فقط. أما اشتراكه في تحرير صيغتها وتحويرها فليس معناه أنه هو الذي وجهها. كما أن وكيله لم يقل إنه يوجه اليمين الحاسمة إليهم بل قال إنه يوجه اليمين التي أمرت بها محكمة النقض. وقد أراد بذلك ترك الباب مفتوحاً أمامه ليطلب محاكمة خصومة جنائياً إذا ما أدّوا يميناً كاذبة.
وحيث إن واقعة الحال في هذه الدعوى حسب الثابت من الحكم المطعون فيه هي أن الطاعن رفع دعوى مدنية أمام محكمة طنطا الابتدائية ضدّ المطعون ضدّهم يطالبهم فيها بمبلغ 229 جنيهاً بموجب سند تحت الإذن موقع عليه منهم فدفعوا بسقوط الحق في المطالبة بالدين لمضي خمس سنوات تطبيقاً للمادة 194 من القانون التجاري، وقضت المحكمة المذكورة برفض الدفع وإلزامهم بدفع قيمة السند والفوائد القانونية والمصاريف، وتأيد هذا الحكم من محكمة الاستئناف. ولما رفعوا نقضاً عن هذا الحكم قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وفي موضوع الاستئناف: (أوّلاً) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بقيمة السند لمضي المدّة المقرّرة في المادة 194 من القانون التجاري. (وثانياً) بإعادة القضية والخصوم لمحكمة الاستئناف لتحكم في الدعوى بمقتضى هذه المادة على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم، وألزمت الخواجا رئيف ميخائيل سرياني بالمصاريف. وقرّرت في الأسباب التي أشار إليها المنطوق ما يأتي: "وحيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه. وحيث إنه ثبات مما تدوّن في الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي أن السند المطالب به قد استحق دفعه في أوّل أكتوبر سنة 1931 وقد مضى على هذا التاريخ إلى رفع الدعوى الحالية أكثر من خمس سنوات، فقد سقط حق المدّعي في المطالبة بهذا السند بالتقادم الخمسي عملاً بالمادة 194 من القانون التجاري. وحيث إن المادة 194 المذكورة تلزم من يتمسك بسقوط الحق في دعوى المطالبة بالأوراق التجارية المبينة بها بحلف اليمين على أنه لم يكن في ذمته شيء من الدين، ولذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة، وإعادة القضية لمحكمة الاستئناف لتحليف الطاعنين هذه اليمين القانونية ثم لتحكم في موضوع الدعوى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى أو بتأييده على ما يقتضيه الحلف أو النكول". وتنفيذاً لهذا الحكم حلف المطعون ضدّهم أمام محكمة الاستئناف اليمين التي وجهها إليهم الطاعن بأنهم سدّدوا إليه الدين المطالب به، وأن ذمتهم أصبحت بريئة. وقضت محكمة الاستئناف بعد هذا الحلف برفض الدعوى، فرفع الطاعن على إثر هذا الحكم دعوى الجنحة المباشرة الحالية على المطعون ضدّهم، واتهمهم فيها بأنهم حلفوا يميناً كاذبة. وقد قام الخلاف بين طرفي الخصوم أمام محكمتي أوّل وثاني درجة على ماهية وكنه اليمين التي أداها المطعون ضدّهم هل هي حاسمة أو متممة، فقضت محكمة أوّل درجة بناءً على ما دفع به المتهمون بعدم قبول دعوى الجنحة المباشرة على اعتبار أن اليمين المذكورة حاسمة. وقد أيدتها المحكمة الاستئنافية فيما انتهت إليه وقضت بتأييد الحكم للأسباب التي أوردتها في الحكم المطعون فيه.
وحيث إن اليمين المنصوص عليها في المادة 194 من القانون التجاري إنما شرعت لمصلحة الدائن، وذلك لتأييد القرينة القانونية وهي حصول الوفاء المستمد من مضي خمس سنوات على اليوم التالي لحلول ميعاد دفع الأوراق التجارية، حتى إذا نكل المدين عن الحلف سقطت هذه القرينة، لأنه لا يكون للنكول من معنى في هذه الحالة سوى عدم القيام بالوفاء. فللدائن إذن أن يوجهها إذا أراد أو يمتنع عن ذلك إذا شاء. ولا يجوز للمحكمة أن توجهها من تلقاء نفسها. فإذا اختار الدائن توجيه هذه اليمين وركن إلى ذمة المدين، وقبل المدين هذا العرض وحلف اليمين الموجهة إليه، فإن المحكمة تكون ملزمة بأن تأخذ بها. كما أنه لا يجوز للدائن أن يجدّد النزاع بالارتكان على أدلة أخرى لإثبات حقه أو إثبات كذب اليمين التي أداها خصمه، لأن اختياره لهذا الطريق من طرق الإثبات، وقبول المدين ما عرضه عليه في هذا الشأن، هو بمثابة عقد صلح ينعقد بين الطرفين على أن تكون نتيجة الدعوى معلقة على حلف اليمين أو النكول عنها. وذلك مقابل تنازل الدائن عن كل دليل آخر يكون لديه. ومن ثم فلا تقبل الدعوى التي يرفعها الدائن لإثبات كذب هذه اليمين أو للمطالبة بتعويض إذا استبان كذبها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أثبت بالصفة المتقدّمة أن الطاعن هو الذي وجه اليمين التي نصت عليها المادّة 194 تجاري إلى المطعون ضدّهم فحلفوها، فلا يجوز له بعد أن قضى برفض دعواه بناءً على ذلك أن يجدّد النزاع بشأن كذب هذه اليمين أو يطالب بتعويض إذا ما ثبت كذبها. وبما أن الدعوى العمومية لا تتحرّك من المدّعي المدني إلا إذا كانت دعواه المدنية صحيحة، فإذا كانت غير مقبولة - كما هو الحال في الدعوى الحالية - فلا تقبل الدعوى العمومية أيضاً، وتكون المحكمة الاستئنافية إذ أيدت الحكم الابتدائي فيما قضى به من عدم قبول دعوى الجنحة المباشرة لم تخطئ في شيء.
وحيث إن ما يدّعيه الطاعن من أنه لم يوجه اليمين وأنها إنما وجهت من محكمة النقض مردود بأن محكمة النقض إذ أحالت الدعوى إلى محكمة الاستئناف لحلف اليمين إنما قصدت أن يكون ذلك طبقاً للمادة 194 تجاري التي ذكرتها صراحة ي حكمها. ومعنى ذلك أن يكون الحلف بناءً على طلب الدائن (الطاعن) كما هو نص هذه المادة. ولقد كان له إذن أن لا يوجه اليمين أو أن يستند إلى أي دليل يكون لديه لإثبات قطع مدّة التقادم كالدليل الذي يقول به في وجه الطعن وهو اعتراف المدينين أمام المحكمة المختلطة بأن الدين لا يزال في ذمتهم. أما وهو لم يفعل، وطلب تحليف المطعون ضدّهم اليمين، فيكون قد تنازل عن دليله وركن إلى ذمة خصمه، فليس له بعد أن أدّى هذا الخصم اليمين أن يحتج بأن اليمين إنما وجهت تنفيذاً لحكم محكمة النقض. ومن ثم يتعين رفض الطعن موضوعاً.

الفهرس الموضوعي للنقض الجنائي المصري / أ / إثبات - إثبات باليمين / اليمين المتممة



1 - يمين متممة. حلفها كذباً. الواقعة التي جرى عليها الاستحلاف. مبلغ يزيد على العشرة الجنيهات. إثبات كذب اليمين بشهادة الشهود. لا يجوز. مثال. تجزئة أقوال المتهم. متى يجوز؟ (المادة 260 ع = 301)

إذا اتهم شخص بأنه وجهت إليه اليمين المتممة من المحكمة المدنية فحلفها كذباً بأن أقسم أن له في ذمة خصمه عشرين جنيهاً، فتمسك أثناء محاكمته بعدم جواز إثبات كذب هذه اليمين بالبينة لأن الدين موضوع الحلف يزيد على النصاب القانوني الجائز إثباته بشهادة الشهود، فلم تأخذ المحكمة بهذا الدفع ورفضته استناداً إلى ما تضمنته أقواله في التحقيق من أنه قبض من خصمه مبلغ الخمسين جنيهاً الذي كان قد أقرضه إياه، وإلى أن ما جاء في أقواله تعليلاً لحقيقة التعاقد بينه وبين خصمه من أن هذا الأخير كان قد التزم أن يبيعه في مقابل هذا المبلغ خمسين أردباً من القمح وأن العشرين جنيهاً التي طالبه بها هي الفرق بين الخمسين جنيهاً التي قبضها وبين ثمن القمح الذي لم يقم بتوريده في الوقت المتفق عليه - ما جاء في أقواله من ذلك منفصل عن واقعة الخمسين جنيهاً انفصالاً يصح معه تجزئة أقواله ومحاسبته على مقتضى الشق الأوّل منها، وهو أنه دفع إلى خصمه خمسين جنيهاً وقبض منه خمسين، الأمر الذي تثبت به براءة ذمته، فإن المحكمة برفضها هذا الدفع على هذا الأساس تكون قد أخطأت في الاستشهاد على المتهم بأقواله، لأن هذه الأقوال على الصورة التي ذكرها الحكم متماسكة الأجزاء مرتبطة بعضها ببعض ومتعلقة - من جهة حقيقة أصل الدين - بوقائع متقارنة ومتعاصرة مما ينتفي معه القول بأن من صدرت عنه قصد منها التسليم بالواقعة الأولى كما صوّرها الحكم. إذ هذه الأقوال ليس فيها تسليم من جانب قائلها بأن الخمسين جنيهاً كانت ديناً عادياً له على خصمه لا ثمناً للقمح المتعاقد عليه؛ وإذاً فما كان يحق للمحكمة - وهي مقيدة في هذه الحالة باتباع القواعد المدنية للإثبات - أن تجزئ أقوال المتهم وتأخذ من بعضها دليلاً عليه وتهدر الباقي رغم ما في مجموع هذه الأقوال من تماسك يحدّد معناها ويكشف عن قصد قائلها في كلياتها وجزئياتها. ولا يغني عن خطأ المحكمة في ذلك ما لمحكمة الموضوع من الحق في أن تتخذ من مجموع الأقوال التي تصدر في التحقيقات من المدّعى عليه، بالرغم من عدم جواز تجزئتها، مبدأ دليل بالكتابة يسوّغ الإثبات بالبينة في الأحوال التي لا يجوز فيها ذلك، لأنها لم تبن حكمها على هذا الأساس من جهة ولأنها من جهة أخرى قد اكتفت في ثبوت إدانة المتهم بأقواله التي سلف ذكرها دون غيرها.

الاثنين، 31 مايو 2021

الطعن 507 لسنة 9 ق جلسة 17 / 4 / 1939 مج عمر ج 4 ق 376 ص 526

جلسة 17 إبريل سنة 1939

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

---------------

(376)
القضية رقم 507 سنة 9 القضائية

إثبات. يمين متممة.

حلفها كذباً. الواقعة التي جرى عليها الاستحلاف. مبلغ يزيد على العشرة الجنيهات. إثبات كذب اليمين بشهادة الشهود. لا يجوز. مثال. تجزئة أقوال المتهم. متى يجوز؟
(المادة 260 ع = 301)

---------------
إذا اتهم شخص بأنه وجهت إليه اليمين المتممة من المحكمة المدنية فحلفها كذباً بأن أقسم أن له في ذمة خصمه عشرين جنيهاً، فتمسك أثناء محاكمته بعدم جواز إثبات كذب هذه اليمين بالبينة لأن الدين موضوع الحلف يزيد على النصاب القانوني الجائز إثباته بشهادة الشهود، فلم تأخذ المحكمة بهذا الدفع ورفضته استناداً إلى ما تضمنته أقواله في التحقيق من أنه قبض من خصمه مبلغ الخمسين جنيهاً الذي كان قد أقرضه إياه، وإلى أن ما جاء في أقواله تعليلاً لحقيقة التعاقد بينه وبين خصمه من أن هذا الأخير كان قد التزم أن يبيعه في مقابل هذا المبلغ خمسين أردباً من القمح وأن العشرين جنيهاً التي طالبه بها هي الفرق بين الخمسين جنيهاً التي قبضها وبين ثمن القمح الذي لم يقم بتوريده في الوقت المتفق عليه - ما جاء في أقواله من ذلك منفصل عن واقعة الخمسين جنيهاً انفصالاً يصح معه تجزئة أقواله ومحاسبته على مقتضى الشق الأوّل منها، وهو أنه دفع إلى خصمه خمسين جنيهاً وقبض منه خمسين، الأمر الذي تثبت به براءة ذمته، فإن المحكمة برفضها هذا الدفع على هذا الأساس تكون قد أخطأت في الاستشهاد على المتهم بأقواله، لأن هذه الأقوال على الصورة التي ذكرها الحكم متماسكة الأجزاء مرتبطة بعضها ببعض ومتعلقة - من جهة حقيقة أصل الدين - بوقائع متقارنة ومتعاصرة مما ينتفي معه القول بأن من صدرت عنه قصد منها التسليم بالواقعة الأولى كما صوّرها الحكم. إذ هذه الأقوال ليس فيها تسليم من جانب قائلها بأن الخمسين جنيهاً كانت ديناً عادياً له على خصمه لا ثمناً للقمح المتعاقد عليه؛ وإذاً فما كان يحق للمحكمة - وهي مقيدة في هذه الحالة باتباع القواعد المدنية للإثبات - أن تجزئ أقوال المتهم وتأخذ من بعضها دليلاً عليه وتهدر الباقي رغم ما في مجموع هذه الأقوال من تماسك يحدّد معناها ويكشف عن قصد قائلها في كلياتها وجزئياتها. ولا يغني عن خطأ المحكمة في ذلك ما لمحكمة الموضوع من الحق في أن تتخذ من مجموع الأقوال التي تصدر في التحقيقات من المدّعى عليه، بالرغم من عدم جواز تجزئتها، مبدأ دليل بالكتابة يسوّغ الإثبات بالبينة في الأحوال التي لا يجوز فيها ذلك، لأنها لم تبن حكمها على هذا الأساس من جهة ولأنها من جهة أخرى قد اكتفت في ثبوت إدانة المتهم بأقواله التي سلف ذكرها دون غيرها.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن في الأوجه المقدّمة منه على الحكم المطعون فيه أنه أدانه على اعتبار أن اليمين التي حلفها كاذبة مع أن هذه اليمين صحيحة، وما كان يحق للمحكمة أن تعتمد في القول بكذبها على شهادة شهود وقرائن لا يعتد القانون بها لأنه لا يجيز إثبات الواقعة التي جرى الاستحلاف عليها بالبينة. ويرتب الطاعن على ما تقدّم أن المحكمة إذ فعلت ذلك تكون قد خرجت على القواعد التي وضعها القانون للإثبات فأخطأت خطأ يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إن واقعة الحال في هذه الدعوى - حسب الثابت بالحكم المطعون فيه - هي أن المدّعي بالحق المدني رفع دعوى مباشرة على الطاعن أمام محكمة الجنح متهماً إياه بأنه في يوم 20 ديسمبر سنة 1936 بمحكمة مغاغة وجهت إليه اليمين من المحكمة فحلفها كذباً بأن أقسم كذباً بأن له في ذمة علي أفندي شفيق (المدعي المدني) مبلغ عشرين جنيهاً موضوع الدعوى المدنية رقم 202 سنة 1937، وقد نظرت الدعوى وقضي على المتهم بالعقوبة وبالتعويض للمدّعي بالحق المدني. وقد تمسك الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية بعدم جواز إثبات كذب اليمين التي حلفها بالبينة لأن الدين موضوع الحلف يزيد على النصاب القانوني الجائز إثباته بشهادة الشهود فلم تأخذ المحكمة بهذا الدفع ورفضته استناداً إلى ما ذكرته من "أنه لا خلاف على صحة الأساس الذي بني عليه الدفع إلا أنه لا محل للأخذ به في الدعوى لاعتراف المتهم (الطاعن) صراحة بأنه استلم الخمسين جنيهاً وقد شفع اعترافه بواقعة أخرى مستقلة عن الواقعة التي اعترف بها قائلاً إنه تعاقد مع المدّعي المدني على أن يبيعه هذا الأخير خمسين أردباً من القمح تعهد بتوريدها في ميعاد اتفق عليه، فلما تأخر استحق له في ذمته مقابل الثمن الذي كان يحصل عليه فيما لو قام المدّعي بتنفيذ تعهده. وهذه الواقعة منفصلة عن موضوع اليمين التي وجهت إليه على أساس ما جاء في صحيفة دعواه، وفيها أنه يطالب بعشرين جنيهاً باقية من مبلغ خمسين جنيهاً اقترضه منه المدعي المدني وصرفه بشيك تحرر لإذنه. وما دامت الواقعتان منفصلتين عن بعضهما فمن الجائز قانوناً تجزئة الاعتراف والأخذ بجزء منه دون الآخر". ثم عرض الحكم للموضوع فقال "إن الحكم المستأنف في محله من حيث ثبوت التهمة. أما من حيث العقوبة فإن عقوبة الحبس محتمة طبقاً للمادة 260 من قانون العقوبات القديم، ولذا وجب تعديل الحكم والقضاء على المتهم بعقوبة الحبس".
وحيث إنه مع تسليم الحكم المطعون فيه بأن الواقعة التي جرى عليها الاستحلاف لا يصح - بحسب الأصل - إثباتها بغير الكتابة أجاز الإثبات فيها بغير هذا الدليل استناداً إلى ما تضمنته أقوال الطاعن في التحقيق من أنه قبض من المدعي بالحق المدني مبلغ الخمسين جنيهاً الذي كان قد أقرضه إياه، وإلى أن ما جاء في أقوال الطاعن تعليلاً لحقيقة التعاقد بينه وبين المدعي بالحق المدني من أن هذا الأخير كان قد التزم أن يبيع الطاعن في مقابل هذا المبلغ خمسين أردباً من القمح وأن العشرين جنيهاً التي رفعت بها الدعوى المدنية هي الفرق بين الخمسين جنيهاً التي قبضها وبين ثمن القمح الذي لم يقم بتوريده في الوقت المتفق عليه - ما جاء في أقوال الطاعن من هذا التعليل منفصل عن واقعة الخمسين جنيهاً انفصالاً يصح معه قانوناً تجزئة أقوال الطاعن ومحاسبته على مقتضى الشق الأول منها وهو أنه دفع إلى المدعي خمسين جنيهاً وقبض منه خمسين جنيهاً - الأمر الذي تثبت به براءة ذمة المدعي بالحق المدني.
وحيث إن أقوال الطاعن على الصورة التي ذكرها الحكم جاءت متماسكة الأجزاء مرتبطة بعضها ببعض، ومتعلقة - من جهة حقيقة أصل الدين - بوقائع متقارنة ومتعاصرة مما ينتفي معه القول بأن من صدرت عنه قصد منها التسليم بالواقعة الأولى كما صوّرها الحكم، إذ هذه الأقوال ليس فيها تسليم من جانب قائلها بأن الخمسين جنيهاً كانت ديناً عادياً على المدعي بالحق المدني لا ثمناً للقمح المقول بحصول التعاقد عليه. فما كان يحق للمحكمة، وهي مقيدة في هذه الحالة باتباع القواعد المدنية للإثبات، أن تجزئ أقوال الطاعن وتأخذ من بعضها دليلاً عليه وتهدر الباقي رغم ما في مجموع هذه الأقوال من تماسك يحدّد معناها ويكشف عن قصد قائلها في كلياتها وجزئياتها.
وحيث إنه وقد تبين خطأ الحكم في الاستشهاد على الطاعن بأقواله على النحو المتقدّم يكون هذا الحكم معيباً متعيناً نقضه لاعتماده على ما لا يجوز الاعتماد عليه قانوناً. ولا يغني عن ذلك ما لمحكمة الموضوع من الحق في أن تتخذ من مجموع الأقوال التي تصدر في التحقيقات من المدعى عليه، بالرغم من عدم جواز تجزئتها، مبدأ دليل بالكتابة يسوغ الإثبات بالبينة في الأحوال التي لا يجوز فيها ذلك. لأن الحكم المطعون فيه لم يبن على هذا الأساس من جهة، ولأنه من جهة أخرى قد اكتفى في ثبوت إدانة الطاعن بأقواله التي سلف ذكرها، ولم يتخذ الأسباب التي أوردها الحكم الابتدائي أساساً له. فهو من هذه الناحية خال من بيان الأسباب المؤدّية للإدانة.
وحيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة الموضوع للفصل فيها ثانية من دائرة استئنافية أخرى. وذلك من غير حاجة للبحث في باقي ما ورد في أوجه الطعن.


الفهرس الموضوعي للنقض الجنائي المصري / أ / إثبات - إثبات باليمين / اليمين الحاسمة


2 - توجيه اليمين الحاسمة بشأن مسألة مدنية بحتة يطبق عليها قواعد الإثبات . جائز . امتناع توجيهها إذا كان موضوعها الفعل الإجرامى . علة ذلك ؟
ولئن كان من المقرر أنه لا يوجد ما يمنع المدعى بالحقوق المدنية من توجيه اليمين الحاسمة بشأن مسألة مدنية بحتة تطبق عليها قواعد الإثبات المدنية ، وهى تجيز لكل الأخصام أن يكلف الآخر باليمين الحاسمة للنزاع ، غير أنه يمتنع توجيه اليمين الحاسمة إذا كان موضوعها الفعل الإجرامى ، إذ لا يجوز وضع المتهم فى حرج إما أن يحنث وإما أن يعترف بجريمته إذ يعتبر ذلك نوعاً من الإكراه على الاعتراف وهو أمر متحقق فى الدعوى المطروحة اعتباراً بأن موضوع اليمين فيها ليس عقد مدنى ، وإنما الفعل الإجرامى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون فى غير محله .

1 - عدم جواز توجيه اليمين الحاسمة على واقعة مخالفة للنظام العام. المادة 115 إثبات. عدم جواز الحلف على واقعة تكون جريمة جنائية. أساس ذلك؟ أخذ المشرع في جريمة اختلاس التوقيع على بياض بعقوبة التزوير في الأوراق العرفية وهي الحبس مع الشغل طبقاً للمادتين 215، 340 عقوبات. أثره: عدم جواز توجيه اليمين الحاسمة فيها.
لما كان نص الفقرة الأولى من المادة 115 من قانون الإثبات على أنه "لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة في واقعة مخالفة للنظام العام" وهو نص منقول عن صدر المادة 411 من القانون المدني الملغاة ضمن الباب السادس من الكتاب الأول من القسم الأول من هذا القانون - بما نص عليه في المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية ولم يكن له مقابل في القانون القديم - أن الشارع - وعلى ما يؤخذ من مذكرة المشروع التمهيدي للقانون المدني - قد أقر الفقه والقضاء على نطاق تطبيق اليمين الحاسمة ومنه ما رجح في القضاء المصري من عدم جواز التحليف على واقعة تكون جريمة جنائية تأسيساً على أنه لا يصح أن يكون النكول عن اليمين دليلاً على ارتكاب الجريمة، وكان اختلاس التوقيع على بياض جريمة مأخوذة بعقوبة التزوير في الأوراق العرفية وهي عقوبة الحبس مع الشغل طبقاً للمادتين 215، 340 من قانون العقوبات ومن ثم فإنه لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة فيها وإذ أطرح الحكم المطعون فيه طلب الطاعن في هذا الشأن يكون قد أصاب صحيح القانون.


الطعن 168 لسنة 27 ق جلسة 1/ 4/ 1957 مكتب فني 8 ج 2 ق 86 ص 322

جلسة أول أبريل سنة 1957

برياسة السيد المستشار حسن داود وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، وأحمد زكى كامل، والسيد أحمد عفيفي المستشارين.

-----------

(86)
القضية رقم 168 سنة 27 القضائية

إثبات. شهادة. إجراءات الشهادة.

عدم اعتراض المتهم على سماع شهادة المدعى المدني بدون حلف يمين. سقوط حقه في الدفع ببطلانها. م 333. ا. ج.

-------------
متى كانت المحكمة قد سمعت شهادة المدعى المدني بدون حلف يمين في حضور محامى المتهم دون أن يعترض على ذلك، فإن حقه في الدفع ببطلان شهادة المدعى المدني يسقط طبقا لنص المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد العقد المبين بالمحضر لمحمد على أحمد عماره وكان قد سلم إليه على سبيل الوكالة فاختلسه لنفسه إضرارا المجنى عليه، وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات، وقد ادعى محمد على أحمد عماره بحق مدنى قبل المتهم بقرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنح مصر القديمة الجزئية قضت فيها حضوريا عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة مائتي قرش لوقف التنفيذ بلا مصاريف جنائية وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدني قرشا صاغا على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. فاستأنف المحكوم عليه والنيابة هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت فيه حضوريا بتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصاريف المدنية الاستئنافية وأعفته من المصروفات الجنائية. فطعن الأستاذ المحامي الوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث أن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه بطلان في الإجراءات ذلك بأن المحكمة أهدرت شفوية المرافعة بعدم سماعها شهود الإثبات كما أخطأ الحكم في القانون إذ رفضت المحكمة الدفع بعدم جواز الإثبات بشهادة الشهود وكان يتعين عليها وقد رفضت هذا الدفع أن تسمع الشهود الذين تمسك الطاعن بسماعهم.
وحيث إنه لما كان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن محكمة الدرجة الثانية سمعت شهادة المدعى المدني بدون حلف يمين في حضور محامى الطاعن دون أن يعترض على ذلك وكان سماع الشهود أصلا من أصول المحاكمة المتعلقة بالنظام العام فإن المحكمة الاستئنافية تكون قد حققت شفوية المرافعة بسماعها المدعى بالحق المدني مستوفية بذلك النقص الذى شاب المحاكمة الأولى بعدم سماع شهود، وقد تم هذا بدون حلف يمين، وفى حضور محامى الطاعن دون اعتراض منه على هذا الإجراء ودون أن يتمسك بسماع شهود آخرين مما يسقط حقه في الدفع ببطلان شهادة المدعى المدني وذلك طبقا لنص المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك وكان الحكم قد رد على الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة فقال: " وحيث إن المتهم (الطاعن) اعترض أمام هذه المحكمة بعد عدة جلسات وبعد أن استأجل الدعوى لإعلان الشهود بعدم جواز الإثبات بشهادة الشهود وفاته أنه سبق أن اعترف بمحضر ضبط الواقعة بحق المدعى المدني وأخوته في النصيب الوارد بالعقد موضوع الاتهام فضلا عن أن الواقعة تنصب على تبديد عقد سلم إليه وهى واقعة مادية أقر بها شاهدا الإثبات ولم ينفها المتهم بدليل يقوم حجة على دحض الاتهام، فإذا أضيف إلى ذلك أن طلب المتهم (الطاعن) في محضر جلسة 16 من مايو سنة 1956 الاستشهاد بشاهدي الإثبات يعتبر تنازلا عن التمسك بالدفع المشار إليه كان الدفع يقوم على سند غير سليم ويتعين إطراحه" وهذا الذى قاله الحكم سديد في القانون ويؤدى إلى النتيجة التي خلص إليها، إذ أنه فضلا عن أن تمسك الطاعن بسماع شهود الإثبات يعتبر تنازلا ضمنا عن حقه في الدفع الذى سبق أن أبداه بعدم جواز الإثبات بالبينة فان نعيه على الحكم الإخلال بشفوية المرافعة يتناقض مع ما رمى به الحكم من الخطأ في القانون برفضه هذا الدفع ويكون ما جاء بهذا الوجه غير سديد.
وحيث إن محصل الوجهين الثاني والثالث هو القصور في البيان والخطأ في الإسناد ذلك بأن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه استند في قضائه بإدانة الطاعن إلى أنه اعترف بمحضر ضبط الواقعة باستلامه العقد المدعى بتبديده على الرغم من إنكاره ذلك وأنه طعن بالتزوير في تلك الأقوال التي نسب صدورها إليه وذلك بشكوى قدمها إلى النيابة هذا إلى أن الحكم دانه عن تبديد العقد مع ما قدمه للمحكمة من مستندات تفيد أن مورثه اكتسب ملكية المنزل بالتقادم وأنه لا وجود للعقد المدعى بتبديده، وفضلا عن ذلك فان الحكم لم يبين ماهية هذا العقد ومضمونه وسبب ووقت تسليمه للطاعن كما أن المطعون ضده قرر أمام المحكمة أن مورث الطاعن كان واضعا يده على المنزل مما يفيد عدم وجود العقد.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها ومن بينها اعتراف الطاعن بمحضر الاستدلالات باستلام العقد المدعى بتبديده، ولما كان للمحكمة أن تعتمد على أقوال المتهم في محضر ضبط الواقعة وإن عدل عنها بعد ذلك مادامت قد اطمأنت إلى صحتها فإن طعن المتهم على هذه الأقوال بالتزوير في شكوى قدمها إلى النيابة العامة لا يؤثر في صحة ما اقتنعت به المحكمة مادام لم يثبت لديها قيام هذا التزوير، لما كان ذلك وكان الحكم قد استخلص استخلاصا سائغا مما أورده وجود العقد المدعى بتبديده، وأنه عقد عرفى يفيد ملكية المجنى عليه لنصيبه في المنزل وأن الطاعن تسلم هذا العقد منه ليتمكن بمقتضاه من شراء أنصبة أخوته، فإن ما يثيره الطاعن بعد ذلك من قول بأن العقد لا وجود له لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فيما اطمأنت إليه المحكمة مما لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.


الطعن 1114 لسنة 28 ق جلسة 3 / 11 / 1958 مكتب فني 9 ج 3 ق 215 ص 874

جلسة 3 من نوفمبر سنة1958

برياسة السيد المستشار حسن داود، وبحضور السادة: مصطفي كامل: ومحمود محمد مجاهد، وأحمد زكى كامل، ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

------------

(215)
الطعن رقم 1114 لسنة 28 القضائية

(ا) دفاع.

طلب سماع الشهود. ماهيته. متى يكون هاما فيستلزم ردا صريحا؟ وجوب أن يكون ظاهر التعلق بموضوع الدعوى.
(ب) إثبات. شهادة. كيفية أداء الشهادة.

الأشخاص الذين نص القانون على سماع أقوالهم بغير حلف يمين. المحكوم عليهم بعقوبة جناية أثناء التنفيذ. المادة 25 ع.

-------------
1 - إن طلب سماع شهود النفي هو دفاع موضوعي يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية ظاهر التعلق بموضوع الدعوى أي أن يكون الفصل فيه لازما للفصل في الموضوع ذاته، وإلا فالمحكمة في حل من عدم الاستجابة إلى هذا الطلب، كما أنها ليست ملزمة بالرد عليه صراحة في حكمها.
2 - إذا كان الثابت من الحكم أن الشاهد لم يحكم عليه بعقوبة جنائية، وإنما حكم بحبسه في جناية، فإن المادة 25 من قانون العقوبات لا ينطبق حكمها عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولا - شرع في قتل أبو الغيط مصطفي حجاج عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا من بندقية خرطوش قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المجني عليه بالعلاج. وثانيا - أحرز سلاحا ناريا (بندقية خرطوش) بدون ترخيص. وثالثا - أحرز ذخيرة مما تستعمل في الأسلحة النارية بدون أن يكون مرخصا له بإحراز السلاح، وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 45 و46 و234/ 1من قانون العقوبات، وبالمواد 1 و2 و3 و6 و26/ 1 و29 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والجدول ب الملحق به، فقررت بذلك. ومحكمة جنايات بنى سويف قضت حضوريا بمعاقبة المتهم بالحبس لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة السلاح المضبوط وذلك تطبيقا للمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات وبالمواد 1 و26/ 1 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والجدول المرفق والمواد 6 و29 و30 من ذات القانون الأخير والمادة 32 من قانون العقوبات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحق الطاعن في الدفاع، ذلك أن الطاعن طلب من المحكمة سماع شاهدي نفي هما بريك عبد العال ومحمد توفيق، ولكنها رفضت هذا الطلب بمقولة إنها لا ترى جدوى من سماع أقوالهما لأن الوقائع المطلوب منهما الشهادة عنها ليست متصلة بالدعوى إطلاقا، وهذا القول سابق لأوانه، إذ كان محله بعد سماع الشاهدين المذكورين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن المجني عليه كان يسير ومعه عدد من أنفار جنى القطن لاستخدامهم في زراعة قطن للعمدة، وفي الطريق قابلهم الطاعن، وطلب من المجني عليه أن يمده ببعض عمال الجني الذين يرافقونه لاستخدامهم في جنى زراعة قطن لنسيبه. ولما أن اعتذر بعدم إمكان إجابته إلى طلبه، وجه إليه الطاعن ألفاظا ماسة به، ثم اعترض طريق الأنفار وحاول أخذ بعضهم قوة واقتدارا، ولكن المجني عليه حال بينه وبين تنفيذ رغبته، وعندئذ صوب الطاعن بندقيته نحو المجني عليه وأطلق منها عيارا ناريا عليه قاصدا قتله فأصيب في فخذه وتبعه بعيار ثان في الهواء إرهابا حتى لا يتقدم أحد لضبطه، وقد دفعت الشهامة أحد رؤساء عمال الجني القادمين خلف المجني عليه وهو حبيب حسن موسى فاندفع نحو الطاعن يريد القبض عليه وضبط سلاحه وبادره بضربة على رأسه من عصا، فسقط المتهم "الطاعن" على الأرض وظل متشبثا بالبندقية، ولكن حبيب حسن موسى تمكن من استخلاصها من بين يديه، وجرى بها إلى نقطة البوليس، حيث أبلغ بالحادث ولاذ المتهم بالفرار. وما أن فحصت البندقية بمعرفة ضابط النقطة وجدت مطلقة حديثا. وداخل كل من مأسويتها ظرف خرطوش مطلق حديث وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه، ومن التقرير الطبي الشرعي الخاص بفحص البندقية المضبوطة، ثم من اعتراف الطاعن بالتحقيقات وبالجلسة من أن البندقية له وأنه يحرزها بدون ترخيص، وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي خلص إليها، ثم عرض الحكم لما يثيره الطاعن بهذا الوجه من طعنه ورد عليه في قوله: "وبجلسة اليوم أصر المتهم "الطاعن" على أنه كان يسير صباح يوم الحادث ومعه البندقية المضبوطة فأراد حبيب حسن موسى أخذ البندقية منه وجذبها من يده - وانهال عليه ضربا بالعصي كل من كامل مرسى ومحمد مرسى وسعيد حسين وعمال الجني الذين كانوا معهم والبالغ عددهم نحو المائتين فسقط على الأرض مغشيا عليه وظل حبيب حسن موسى يتجاذب إياه البندقية فخرج منها عياران وجاراه الدفاع وطلب التأجيل لإعلان بريك عبد العال ومحمد توفيق ليشهد أولهما بأنه قابل المتهم فجر يوم الحادث وأخبره بأن أنفار الجني المخصصين لنسيبه محمد توفيق قادمين بعده ويشهد ثانيهما بأنه كلفه في اليوم السابق على الحادث بأن يقابل رؤساء عمال الجني ويأخذ أنفارا منهم لجنى قطنه، والمحكمة لا ترى جدوى من سماع أقوال كل من بريك عبد العال ومحمد توفيق إذ أن الوقائع المطلوب منهما الشهادة عنها ليست متصلة بالدعوى إطلاقا ما دام أن أحدا لم يقل بأن الحادث وليد سبق الإصرار، بل جاء لفوره على أثر نقاش على أخذ أنفار جنى القطن". ولما كان الثابت على لسان الدفاع في محضر الجلسة أن شاهد النفي الأول المطلوب سماعه بريك عبد العال يشهد بأنه قابل الطاعن في صبيحة يوم الحادث وأخبره بأن الأنفار المطلوبين آتون توا وتباعا خلفه وأن شاهد النفي الثاني محمد توفيق يشهد بأنه كان قد كلف صهره الطاعن بأن يستحضر له أنفارا في صبيحة اليوم الذي وقع فيه الحادث، وكانت هاتان الواقعتان سابقتين على واقعة الحادث ذاتها ولا تتصلان بها، وكان طلب سماع شهود النفي هو دفاع موضوعي يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية ظاهر التعلق بموضوع الدعوى، أي أن يكون الفصل فيه لازما للفصل في الموضوع ذاته، وإلا فالمحكمة في حل من عدم الاستجابة إلى هذا الطلب، كما أنه ليست ملزمة بالرد عليه صراحة في حكمها. هذا إلى أن الطاعن لم يتخذ الطريق الذي رسمه القانون في المادة 185 من قانون الإجراءات الجنائية لإعلان شهوده، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة أنها أخلت بحقه في الدفاع - لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المحكمة سمعت شهادة حبيب حسن موسى بعد حلف اليمين، مع أنه محكوم عليه بالحبس مع الشغل في جناية ضرب أفضى إلى الموت، على خلاف ما يقضى به نص المادة 25 من قانون العقوبات من أن كل حكم بعقوبة جنائية يستلزم حتما حرمان المحكوم عليه من الشهادة أمام المحاكم مدة العقوبة إلا على سبيل الاستدلال.
وحيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن الشاهد حبيب حسن موسى لم يحكم عليه بعقوبة جناية، وإنما حكم بحبسه سنة واحدة مع الشغل في جناية، فإن المادة 25 من قانون العقوبات لا ينطبق عليه حكمها، ويكون ما جاء بهذا الوجه غير سديد.
وحيث إن محصل الوجه الثالث هو أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في استظهار نية القتل إذ استخلصها من تصويب الطاعن البندقية نحو المجني عليه، بيد أن التصويب لا يدل بذاته على توافر تلك النية، ولا بد أن يدل عليها معه أمر آخر. هذا فضلا عما تضمنه الحكم من أن التصويب كان إلى أسفل، وعلى بعد حوالي متر واحد، مما لا يمكن أن يستنتج معه قصد التصويب إلى مقتل. كما أن المحكمة لم تبين سندها فيما ذهبت إليه من أنه قد ثبت لديها أن أثر الجريمة (أي القتل) قد خاب أثره لسبب لا دخل لإرادة الفاعل فيه وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ تعرض لنية القتل قال: "إنها موفورة لدى المتهم (الطاعن) من تصويب آلة قاتلة بطبيعتها (بندقية) نحو المجني عليه وإطلاقها عليه فأحدث به الإصابات السالف بيانها، ووجود الباعث على القتل وهو الخلاف على أخذ أنفار لجنى القطن، كل ذلك يدل على نية المتهم كانت متجهة إلى قتل المجني عليه وإزهاق روحه". وأثبت الحكم ما جاء بالتقرير الطبي الشرعي من وصف إصابات المجني عليه وما انتهى إليه التقرير المذكور من أن تلك الإصابات نتيجة عيار ناري رش أطلق من مسافة قصيرة حوالي المتر، وكان الضارب إلى اليسار من المجني عليه للأمام قليلا وصوبه وأطلق العيار الناري في اتجاه أفقي وإلى أسفل قليلا - محدثا الجرح في الجلد وهتك الأنسجة الرخوة وفتت العظام وسكن في الفخذ الأيمن، ولما كان تقرير قيام نية القتل أو عدم قيامها أمرا موضوعيا بحتا متروكا تقديره إلى القاضي دون معقب متى كانت الوقائع والظروف التي بينها وأسس رأيه عليها من شأنها أن تؤدى عقلا إلى النتيجة التي رتبها عليها، وكانت محكمة الجنايات المطعون في حكمها في حدود سلطتها التقديرية قد أوردت أسبابا سائغة مقبولة من شأنها أن تؤدى إلى إثبات نية القتل لدى الطاعن، فإن ما يثيره في هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.


الفهرس الموضوعي للنقض الجنائي المصري / أ / إثبات - شهادة / كيفية أداء الشهادة

الأشخاص الذين نص القانون على سماع أقوالهم بغير حلف يمين. المحكوم عليهم بعقوبة جناية أثناء التنفيذ. المادة 25 ع.

إذا كان الثابت من الحكم أن الشاهد لم يحكم عليه بعقوبة جنائية، وإنما حكم بحبسه في جناية، فإن المادة 25 من قانون العقوبات لا ينطبق حكمها عليه.

الطعن 1114 لسنة 28 ق جلسة 3 / 11 / 1958 مكتب فني 9 ج 3 ق 215 ص 874


عدم اعتراض المتهم على سماع شهادة المدعى المدني بدون حلف يمين. سقوط حقه في الدفع ببطلانها. م 333. ا. ج.

متى كانت المحكمة قد سمعت شهادة المدعى المدني بدون حلف يمين في حضور محامى المتهم دون أن يعترض على ذلك، فإن حقه في الدفع ببطلان شهادة المدعى المدني يسقط طبقا لنص المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية.

الطعن 168 لسنة 27 ق جلسة 1/ 4/ 1957 مكتب فني 8 ج 2 ق 86 ص 322

الفهرس الموضوعي للنقض الجنائي المصري / أ / إثبات - شهادة / سلطة المحكمة في تقديرها




من سلطة قاضي الموضوع أن يلتفت عما بين أقوال الشهود من خلاف لا يؤثر في جوهر الشهادة - ما دام الحكم قد أورد أقوال الشهود بما لا تناقض فيه.الحكم كاملاً




سلطة محكمة الموضوع في ترجيح أقوال الشاهد بالتحقيق الذي أجرته وهو عماد الاثبات على أقواله في التحقيق الابتدائي.الحكم كاملاً




عدم قبول المجادلة أمام محكمة النقض في تقدير محكمة الموضوع للأدلة - ومن بينها شهادة الصغير - عند عدم الادعاء بعدم قدرته على التمييز.الحكم كاملاً




جواز اعتماد الحكم على الشهادة المسموعة على سبيل الاستدلال.الحكم كاملاً




من المقرر أن للمحكمة فى سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال للشاهد وتطرح قولا آخر له.الحكم كاملاً




إن القانون لم يضع للشهادة نصابا يتقيد به القاضي في المواد الجنائية.الحكم كاملاً


الفهرس الموضوعي للنقض الجنائي المصري / أ / إثبات - شهادة / الحرمان من أدائها








الحرمان من أداء الشهادة بيمين بالنسبة إلى طائفة المحكوم عليهم بعقوبة جناية مدة العقوبة.الحكم كاملاً


الفهرس الموضوعي للنقض الجنائي المصري / أ / إثبات - شهادة / إفشاء





نص المدة 209 من قانون المرافعات فإنه يمنع أحد الزوجين من أن يفشى بغير رضاء الآخر ما عساه يكون أبلغه به أثناء قيام الزوجية ولو بعد انقضائها إلا فى حالة رفع دعوى من أحدهما بسبب جناية أو جنحة وقعت منه على الآخر، وإذ كان الثابت مما أورده الحكم أن ما شهدت به زوجة الطاعن لم يبلغ إليها من زوجها بل شهدت بما وقع عليه بصرها واتصل بسمعها فإن شهادتها تكون بمنأى عن البطلان ويصح فى القانون استناد الحكم إلى قولها.الحكم كاملاً




مفاد نص المادة 286 من قانون الإجراءات الجنائية أن الشاهد لا تمتنع عليه الشهادة بالوقائع التي رآها أو سمعها .الحكم كاملاً


الفهرس الموضوعي للنقض الجنائي المصري / أ / إثبات - شهادة / أداء اليمين

استحلاف الشاهد من ضمانات التحقيق بغية حمله على قول الصدق.
استحلاف الشاهد - عملا بالمادة 283/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية - هو من الضمانات التي شرعت فيما شرعت لمصلحة المتهم، لما في الحلف من تذكير الشاهد بالإله القائم على كل نفس وتحذيره من سخطه عليه إن هو قرر غير الحق، ولما هو مظنون من أنه قد ينجم عن هذا الترهيب أن يدلى الشاهد بأقوال لمصلحة المتهم قد تقع موقع القبول في نفس القاضي فيتخذها من أسس تكوين عقيدته. إلا أنه من جهة أخرى يجوز سماع المعلومات من أشخاص لا يجوز توجيه اليمين إليهم لكونهم غير أهل لذلك، إما بسبب حداثة سنهم كالأحداث الذين لم يبلغوا أربع عشرة سنة كاملة، والمحرومين من أداء الشهادة بيمين كالمحكوم عليهم بعقوبة جناية مدة العقوبة فإنهم لا يسمعون طبقا للبند "ثالثا" من المادة 25 من قانون العقوبات إلا على سبيل الاستدلال مثلهم في ذلك مثل ناقص الأهلية.

طائفة لا يجوز استحلافها: المحكوم عليهم بعقوبة جناية وناقصو الأهلية. سماع معلوماتهم على سبيل الاستدلال. علة ذلك: هم أقل ثقة ممن يجب عليهم الحلف. أداؤهم الشهادة بيمين. لا يترتب عليه البطلان.
مذهب الشارع في التفرقة بين الشهادة التي تسمع بيمين وبين تلك التي تعد من قبيل الاستدلال والتي تسمع بغير يمين، يوحى بأنه يرى بأن الأشخاص الذين قضى بعدم تحليفهم اليمين هم أقل ثقة ممن أوجب عليهم حلفها، ولكنه مع ذلك لم يحرم على القاضي الأخذ بالأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذا آنس فيها الصدق.

حرمان المحكوم عليهم بعقوبة جناية من الحلف: عقوبة. معناها.
الحرمان من أداء الشهادة بيمين بالنسبة إلى طائفة المحكوم عليهم بعقوبة جناية هو في الواقع من الأمر عقوبة معناها الظاهر التهوين من شأن هؤلاء المحكوم عليهم ومعاملتهم معاملة ناقصي الأهلية طوال مدة العقوبة وبانقضائها تعود إلى هؤلاء جدارتهم لأداء الشهادة بيمين، فهي ليست حرمانا من حق أو ميزة مادام الملحوظ في أداء الشهادة أمام المحاكم هو رعاية صالح العدالة، فإذا حلف مثل هؤلاء الأشخاص اليمين - في خلال فترة الحرمان من أدائه - فلا بطلان - إذ لا يجوز أن يرتب البطلان على اتخاذ ضمان على سبيل الاحتياط قضى به القانون عندما أوجب أداء اليمين حملا للشاهد على قول الصدق.