جلسة 3 من نوفمبر سنة1958
برياسة السيد المستشار
حسن داود، وبحضور السادة: مصطفي كامل: ومحمود محمد مجاهد، وأحمد زكى كامل، ومحمود
حلمي خاطر المستشارين.
------------
(215)
الطعن رقم 1114 لسنة 28
القضائية
(ا) دفاع.
طلب سماع الشهود. ماهيته.
متى يكون هاما فيستلزم ردا صريحا؟ وجوب أن يكون ظاهر التعلق بموضوع الدعوى.
(ب) إثبات. شهادة. كيفية
أداء الشهادة.
الأشخاص الذين نص القانون
على سماع أقوالهم بغير حلف يمين. المحكوم عليهم بعقوبة جناية أثناء التنفيذ.
المادة 25 ع.
-------------
1 - إن طلب سماع شهود
النفي هو دفاع موضوعي يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية ظاهر التعلق بموضوع
الدعوى أي أن يكون الفصل فيه لازما للفصل في الموضوع ذاته، وإلا فالمحكمة في حل من
عدم الاستجابة إلى هذا الطلب، كما أنها ليست ملزمة بالرد عليه صراحة في حكمها.
2 - إذا كان الثابت من
الحكم أن الشاهد لم يحكم عليه بعقوبة جنائية، وإنما حكم بحبسه في جناية، فإن
المادة 25 من قانون العقوبات لا ينطبق حكمها عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه: أولا - شرع في قتل أبو الغيط مصطفي حجاج عمدا بأن أطلق عليه عيارا
ناريا من بندقية خرطوش قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير
الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المجني عليه
بالعلاج. وثانيا - أحرز سلاحا ناريا (بندقية خرطوش) بدون ترخيص. وثالثا - أحرز
ذخيرة مما تستعمل في الأسلحة النارية بدون أن يكون مرخصا له بإحراز السلاح، وطلبت
من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 45 و46 و234/ 1من
قانون العقوبات، وبالمواد 1 و2 و3 و6 و26/ 1 و29 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954
والجدول ب الملحق به، فقررت بذلك. ومحكمة جنايات بنى سويف قضت حضوريا بمعاقبة
المتهم بالحبس لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة السلاح المضبوط وذلك تطبيقا للمواد 45 و46
و234/ 1 من قانون العقوبات وبالمواد 1 و26/ 1 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954
والجدول المرفق والمواد 6 و29 و30 من ذات القانون الأخير والمادة 32 من قانون
العقوبات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
المحكمة
... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم
المطعون فيه قد أخل بحق الطاعن في الدفاع، ذلك أن الطاعن طلب من المحكمة سماع
شاهدي نفي هما بريك عبد العال ومحمد توفيق، ولكنها رفضت هذا الطلب بمقولة إنها لا
ترى جدوى من سماع أقوالهما لأن الوقائع المطلوب منهما الشهادة عنها ليست متصلة
بالدعوى إطلاقا، وهذا القول سابق لأوانه، إذ كان محله بعد سماع الشاهدين المذكورين.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن المجني عليه كان يسير ومعه عدد من أنفار جنى
القطن لاستخدامهم في زراعة قطن للعمدة، وفي الطريق قابلهم الطاعن، وطلب من المجني
عليه أن يمده ببعض عمال الجني الذين يرافقونه لاستخدامهم في جنى زراعة قطن لنسيبه.
ولما أن اعتذر بعدم إمكان إجابته إلى طلبه، وجه إليه الطاعن ألفاظا ماسة به، ثم
اعترض طريق الأنفار وحاول أخذ بعضهم قوة واقتدارا، ولكن المجني عليه حال بينه وبين
تنفيذ رغبته، وعندئذ صوب الطاعن بندقيته نحو المجني عليه وأطلق منها عيارا ناريا
عليه قاصدا قتله فأصيب في فخذه وتبعه بعيار ثان في الهواء إرهابا حتى لا يتقدم أحد
لضبطه، وقد دفعت الشهامة أحد رؤساء عمال الجني القادمين خلف المجني عليه وهو حبيب
حسن موسى فاندفع نحو الطاعن يريد القبض عليه وضبط سلاحه وبادره بضربة على رأسه من
عصا، فسقط المتهم "الطاعن" على الأرض وظل متشبثا بالبندقية، ولكن حبيب
حسن موسى تمكن من استخلاصها من بين يديه، وجرى بها إلى نقطة البوليس، حيث أبلغ
بالحادث ولاذ المتهم بالفرار. وما أن فحصت البندقية بمعرفة ضابط النقطة وجدت مطلقة
حديثا. وداخل كل من مأسويتها ظرف خرطوش مطلق حديث وأورد الحكم على ثبوت هذه
الواقعة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه، ومن التقرير الطبي الشرعي الخاص بفحص
البندقية المضبوطة، ثم من اعتراف الطاعن بالتحقيقات وبالجلسة من أن البندقية له
وأنه يحرزها بدون ترخيص، وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي خلص إليها،
ثم عرض الحكم لما يثيره الطاعن بهذا الوجه من طعنه ورد عليه في قوله: "وبجلسة
اليوم أصر المتهم "الطاعن" على أنه كان يسير صباح يوم الحادث ومعه
البندقية المضبوطة فأراد حبيب حسن موسى أخذ البندقية منه وجذبها من يده - وانهال
عليه ضربا بالعصي كل من كامل مرسى ومحمد مرسى وسعيد حسين وعمال الجني الذين كانوا
معهم والبالغ عددهم نحو المائتين فسقط على الأرض مغشيا عليه وظل حبيب حسن موسى
يتجاذب إياه البندقية فخرج منها عياران وجاراه الدفاع وطلب التأجيل لإعلان بريك
عبد العال ومحمد توفيق ليشهد أولهما بأنه قابل المتهم فجر يوم الحادث وأخبره بأن
أنفار الجني المخصصين لنسيبه محمد توفيق قادمين بعده ويشهد ثانيهما بأنه كلفه في
اليوم السابق على الحادث بأن يقابل رؤساء عمال الجني ويأخذ أنفارا منهم لجنى قطنه،
والمحكمة لا ترى جدوى من سماع أقوال كل من بريك عبد العال ومحمد توفيق إذ أن
الوقائع المطلوب منهما الشهادة عنها ليست متصلة بالدعوى إطلاقا ما دام أن أحدا لم
يقل بأن الحادث وليد سبق الإصرار، بل جاء لفوره على أثر نقاش على أخذ أنفار جنى
القطن". ولما كان الثابت على لسان الدفاع في محضر الجلسة أن شاهد النفي الأول
المطلوب سماعه بريك عبد العال يشهد بأنه قابل الطاعن في صبيحة يوم الحادث وأخبره
بأن الأنفار المطلوبين آتون توا وتباعا خلفه وأن شاهد النفي الثاني محمد توفيق
يشهد بأنه كان قد كلف صهره الطاعن بأن يستحضر له أنفارا في صبيحة اليوم الذي وقع
فيه الحادث، وكانت هاتان الواقعتان سابقتين على واقعة الحادث ذاتها ولا تتصلان
بها، وكان طلب سماع شهود النفي هو دفاع موضوعي يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية
ظاهر التعلق بموضوع الدعوى، أي أن يكون الفصل فيه لازما للفصل في الموضوع ذاته،
وإلا فالمحكمة في حل من عدم الاستجابة إلى هذا الطلب، كما أنه ليست ملزمة بالرد
عليه صراحة في حكمها. هذا إلى أن الطاعن لم يتخذ الطريق الذي رسمه القانون في
المادة 185 من قانون الإجراءات الجنائية لإعلان شهوده، فليس له من بعد أن ينعى على
المحكمة أنها أخلت بحقه في الدفاع - لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه
من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه
الثاني هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المحكمة سمعت شهادة
حبيب حسن موسى بعد حلف اليمين، مع أنه محكوم عليه بالحبس مع الشغل في جناية ضرب
أفضى إلى الموت، على خلاف ما يقضى به نص المادة 25 من قانون العقوبات من أن كل حكم
بعقوبة جنائية يستلزم حتما حرمان المحكوم عليه من الشهادة أمام المحاكم مدة
العقوبة إلا على سبيل الاستدلال.
وحيث إنه لما كان الثابت
من الأوراق أن الشاهد حبيب حسن موسى لم يحكم عليه بعقوبة جناية، وإنما حكم بحبسه
سنة واحدة مع الشغل في جناية، فإن المادة 25 من قانون العقوبات لا ينطبق عليه
حكمها، ويكون ما جاء بهذا الوجه غير سديد.
وحيث إن محصل الوجه
الثالث هو أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في استظهار نية القتل إذ استخلصها من
تصويب الطاعن البندقية نحو المجني عليه، بيد أن التصويب لا يدل بذاته على توافر
تلك النية، ولا بد أن يدل عليها معه أمر آخر. هذا فضلا عما تضمنه الحكم من أن
التصويب كان إلى أسفل، وعلى بعد حوالي متر واحد، مما لا يمكن أن يستنتج معه قصد
التصويب إلى مقتل. كما أن المحكمة لم تبين سندها فيما ذهبت إليه من أنه قد ثبت
لديها أن أثر الجريمة (أي القتل) قد خاب أثره لسبب لا دخل لإرادة الفاعل فيه وهو
إسعاف المجني عليه بالعلاج.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه إذ تعرض لنية القتل قال: "إنها موفورة لدى المتهم (الطاعن) من تصويب آلة
قاتلة بطبيعتها (بندقية) نحو المجني عليه وإطلاقها عليه فأحدث به الإصابات السالف
بيانها، ووجود الباعث على القتل وهو الخلاف على أخذ أنفار لجنى القطن، كل ذلك يدل
على نية المتهم كانت متجهة إلى قتل المجني عليه وإزهاق روحه". وأثبت الحكم ما
جاء بالتقرير الطبي الشرعي من وصف إصابات المجني عليه وما انتهى إليه التقرير
المذكور من أن تلك الإصابات نتيجة عيار ناري رش أطلق من مسافة قصيرة حوالي المتر،
وكان الضارب إلى اليسار من المجني عليه للأمام قليلا وصوبه وأطلق العيار الناري في
اتجاه أفقي وإلى أسفل قليلا - محدثا الجرح في الجلد وهتك الأنسجة الرخوة وفتت
العظام وسكن في الفخذ الأيمن، ولما كان تقرير قيام نية القتل أو عدم قيامها أمرا
موضوعيا بحتا متروكا تقديره إلى القاضي دون معقب متى كانت الوقائع والظروف التي
بينها وأسس رأيه عليها من شأنها أن تؤدى عقلا إلى النتيجة التي رتبها عليها، وكانت
محكمة الجنايات المطعون في حكمها في حدود سلطتها التقديرية قد أوردت أسبابا سائغة
مقبولة من شأنها أن تؤدى إلى إثبات نية القتل لدى الطاعن، فإن ما يثيره في هذا
الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق