الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 31 مايو 2021

التقرير البرلماني حول تعديل قانون مكافحة المخدرات رقم 122 لسنة 1989

تقرير اللجنة المشتركة

من: لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكاتب لجان: الشئون
الدينية والاجتماعية والأوقاف والدفاع والأمن القومي والتعبئة القومية
والشئون الصحية والبيئية، والشباب عن مشروع قانون بتعديل بعض
أحكام القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات
وتنظيم استعمالها والإتجار فيها
(القانون رقم 122 لسنة 1989)

أحال المجلس بجلسته المعقودة في 20 من مايو سنة 1989، إلى لجنة مشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، ومكاتب لجان: الشئون الدينية والاجتماعية والأوقاف، والدفاع والأمن القومي والتعبئة القومية، والشئون الصحية والبيئية، والشباب، مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها، فعقدت اللجنة اجتماعا لنظره في ذات التاريخ، حضره السيد المستشار وزير العدل.
وبعد أن تدارست اللجنة مشروع القانون ومذكرته الإيضاحية، واستعادت نظر قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، وقانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950، وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 369 لسنة 1956 في شأن تنظم السجون، وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها، وقرار رئيس الجمهورية رقم 450 لسنة 1986 بإنشاء المجلس القومي لمكافحة وعلاج إدمان المخدرات، كما استعادت اللجنة محاضر اجتماعات اللجنة الخاصة التي سبق أن كلفها المجلس ببحث ودراسة هذه الظاهرة واستمعت إلى الإيضاحات التي أبدتها الحكومة، تبين لها: أن قضية تعاطى وإدمان المخدرات والإتجار فيها أصبحت حديث الرأي العام في المجتمع المصري ومن ثم فهي مشكلة قومية يتعين لمواجهتها تضافر جميع الأجهزة السياسية والتنفيذية لإيجاد الحلول التي من شأنها القضاء على هذه الظاهرة، ولذا فقد رأت اللجنة قبل أن تعرض مشروع القانون أن تلقى الضوء على أبعادها المختلفة بغرض الوصول إلى الحلول التي من شأنها محاصرة هذه الظاهرة والقضاء عليها.
لقد واجهت مصر في السنوات الأخيرة ظاهرة انتشار تعاطى وإدمان المخدرات وخاصة الكوكايين والهيروين والأقراص والحقن المخدرة ولقد استهدفت هذه الموجة الدخيلة على مجتمعنا النفاذ الى قطاع الشباب والأحداث أغلى ثروات مصر ومستقبلها في المدارس والجامعات والأندية الرياضية وذلك بعد أن كانت هذه الظاهرة قاصرة في وقت ما على بعض الحرفيين وفئة محدودة من الشعب.
وفى الوقت الذى تكثف فيه الدولة جهودها لدفع عجلة الإنتاج لتحقيق أهداف خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتغلب على المصاعب التي تواجه الاقتصاد المصري فقد بات محتما محاصرة هذه الظاهرة من جميع جوانبها والضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه الترويج لتجارة الموت بتشديد العقوبة على المتعاطين المتاجرين وان كان ذلك على أهميته ليس سوى حلقة وسطى تسبقها مرحلة الوقاية من خطر المخدرات ثم تتبعها مراحل علاج المدمنين ثم إعادة تأهيلهم.
ان عمليات التهريب وتضخم أحجامها كان وراءها عصابات دولية قائمة على شبكات محكمة التنظيم استطاعت اختراق إجراءات الأمن المعمول بها وأصبحت تهدد قدرة فئات مهمة من القوى العاملة عن الإسهام في عمليات البناء والتنمية وهناك العديد من الأسباب التي جعلتها أسهمت في انتشار هذه الظاهرة من أهمها استغلال سياسة الانفتاح الاقتصادي في ظهور طبقات جديدة حقق بعضها دخولا طفيلية جعلتها المستهلك الرئيسي للسموم بأنواعها المختلفة وبأسعارها الباهظة.
وتود اللجنة التأكيد على أن ظاهرة تعاطى وإدمان المخدرات ليست قاصرة على مجتمعنا فقط، ولكن تعانى منها المجتمعات قاطبة. ومن هنا فإننا يجب أن نضع هذه الظاهرة في مكانها الصحيح بعيدا عن التهوين أو التهويل، فهناك حالات شاذة قائمة في مجتمعنا كما هي في مجتمعات أخرى، ولكننا بعيدون عن هذا الخطر بحكم تاريخنا وتقاليدنا التي تعد الدرع الواقي ضد أية انحرافات دخيلة على مجتمعنا، ومع ذلك فإننا نفزع مما يفزع منه الآخرون ومن ثم يجب ألا نخلط بين الواقع وبين الخطر الذى نريد أن تنسحب له، وعلينا أن ندق ناقوس الخطر لننبه إلى خطر بدأ ولا نريد له أن يستفحل.
والذى لا شك فيه أن هذه الظاهرة قد بعثت الذعر والقلق في كل أسرة وفى كل بيت بعد أن استطاع تجار المخدرات إغراق البلاد بأنواع مختلفة من هذه السموم هادفين الى تهديد أمن وسلامة المجتمع وإحداث التمزق والتخلف ويريدون أن يبنوا عروشهم على رماد الأجيال، غافلين عن أن القيم الدينية وتقاليد وتراث شعب مصر تقف لهم بالمرصاد وتتصدى لحملاتهم بالإرادة وبالتصميم الذى يمتزج بالإيجابية في العقول والمشاعر التي لا تقبل موقف المتفرج.
وإدراكا من اللجنة أن ظاهرة تهريب وترويج وإدمان المخدرات قد ألقت بظلال كثيفة على المجتمع المصري في الآونة الأخيرة فقد رأت عرض الجوانب المختلفة لهذه القضية وذلك على النحو الآتى:
الجانب الصحي والوقائي:
لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن تعاطى المخدرات وادمانها يؤدى الى تدمير الفرد صحيا ونفسيا واجتماعيا، ويؤدى الى تحطيم الثروة البشرية واستنزاف وتمزيق أواصر التآلف والترابط الاجتماعي وينشأ عن ذلك فئة مختلة العقل والارادة ولقد تبين للجنة أن تعاطى الهيروين ولو مرة واحدة يؤدى الى أمراض خطيرة ومستعصية منها تدمير الجهاز العصبى والاصابة بجلطة في المخ والشلل النصفى الأمر الذى يحتم أن تتضافر الجهود على مستوى الدولة والأفراد لتنتشل هؤلاء المرضى الذين وقعوا فريسة الادمان وتشجيعهم على التخلص من الادمان والتقدم للوحدات العلاجية وغيرها للعلاج والعمل على تأهيلهم وفتح مجال للاسهام في انشاء مستشفيات خاصة تسهم فيها الدولة لعلاج هؤلاء المرضى.
الجانب الدينى:
أقامت الشريعة الاسلامية أساس تحريم المخدرات على ما يؤدى الى افساد جسم وعقل الانسان ويسلبه ما كرمه الله به من عقل ويفسد ما بينه وبين الناس من صلات وذلك انطلاقا من قاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد، ومن ثم فانها تحرم كل مادة من شأنها أن تحدث هذه الأضرار سواء كانت سائلا أو جامدا أو مسحوقا أو مشروبا، وقد ثبت أن المخدرات كالحشيش والأفيون والكوكايين والهيروين ومشتقاتها تحدث تأثيرا مدمرا في الجسم العقل ومن ثم فهى محرمة، وعلى هذا الهدى أيضا نصت آيات الكتاب المقدس في الديانة المسيحية على تحريم المخدرات بأنواعها حيث تحدث جميعها تأثيرا قاتلا في الجسم والعقل.
الجانب الاعلامى والثقافى:
تؤكد اللجنة على أن لدور أجهزة الاعلام والثقافة تأثيرا مهما في محاصرة ومحاربة انتشار المخدرات بأنواعها المختلفة باعتبار أن هذه الأجهزة هى المرآة الصادقة التى تعكس قيم وعادات المجتمع فالصحافة والتليفزيون والسينما والمسرح والكتاب والثقافة الجماهيرية لها رسالة في تأكيد قيم الحق والواجب وحماية الشباب من الانحراف وبعث الأمل في مستقبل مشرق يتحقق به ومعه كل أسباب الانطلاق الى آفاق رحبة تتسع لطموحات الشباب وتؤكد دوره في صنع المستقبل، ولا شك أن للاعلام دورا مهما في التنسيق بين مراكزه في المحافظات وبين أجهزة الثقافة الأخرى والعمل على توضيح الأضرار الصحية والنفسية والاقتصادية للمخدرات.
الجانب الشبابى والاجتماعى:
لقد تبين للجنة أن ظاهرة تعاطى وادمان المخدرات بأنواعها المختلفة وتسربها الى داخل بنيان الشعب المصرى تهدف في المقام الأول الى تدمير عصب الثروة البشرية وقواها المنتجة بفرض اجهاض آمال الجماهير في التنمية والرخاء وأن من بين أسباب هذه الظاهرة غياب المتابعة والرقابة اللازمة على الأبناء في المدرسة والجامعات وافتقاد الواعظ الدينى والتوعية الدينية الصحيحة، خاصة أن كثيرا من ظواهر السلوك العدوانى والاجرامى التى انتشرت بين فئات الشباب يرجعه الأطباء النفسيون الى الفراغ وادمان المخدرات، ويجب لمواجهة هذه السلبية تقوية الحوافز الايجابية لأنها بقدر ما تضعف من العوامل السلبية في المدرسة والجامعات والمنزل تنقل شبابنا من صفوف المتفرجين الى مواقع المشاركين في صنع القرار.
الجانب الأمنى:
لقد تأكد للجنة أنه على الرغم من الجهود المخلصة التى تبذلها أجهزة المكافحة في مواجهة تلك الموجات التى تهدف الى ترويج المخدرات والسموم البيضاء بغية تدمير قوى المواطن المصرى الا أنه ما زالت هناك كميات كبيرة تفلت وتتسرب رغم الحصار الأمنى، بالتحايل والتلون في أشكال مختلفة تكفل لها الاستمرار والبقاء تارة عن طريق تنويع أشكال التهريب وتارة أخرى عن طريق العقاقير الطبية والمواد الكيماوية المخلقة والمنشطات والمهبطات وأغلبها في شكل أقراص عرفت بالأقراص المخدرة والحقن بالماكستون فورت والهيروين وغيرها من ألوان وأشكال المخدرات الأخرى ولذلك فانه أصبح محتما ضرورة دعم قوات حرس السواحل باللنشات السريعة وزيادة الأجهزة الرادارية وعقد بروتوكولات للتعاون في مجال مكافحة المخدرات مع مختلف الدول، وايفاد الضباط المتخصصين للدول التى تعتبر مصدرا لانتاج المخدرات لجمع المعلومات عن الشحنات التى ستصدر الى مصر والمنطقة المحيطة كاجراء وقائى دفاعى لمواجهتها قبل وصولها الى المنافذ المصرية، والعمل على توافر الاحصاءات الدقيقة التى تساعد أجهزة الأمن في الوقوف على حجم هذه الظاهرة.
الجانب التشريعى:
بدأت مكافحة المخدرات في مصر منذ أكثر من مائة عام بصدور أمر عال في عام 1879 بتحريم استيراد وزراعة الحشيش وفرض على المخالف عقوبة الغرامة التى لا تزيد على مائتى قرش ثم عدل هذا الأمر العالى عام 1891، فأصبحت العقوبة الغرامة خمسين جنيها لكل فدان أو جزء من الفدان يزرع حشيشا، كما جعلها في حالة استيراد الحشيش أو الشروع فيه عشرة جنيهات للكيلو، على ألا تقل عن جنيهين مهما قل المقدار المضبوط ورفع الغرامة في حالة العود الى ثلاثين جنيها للكيلو على ألا تقل عن ستة جنيهات، وفى عام 1917 صدر القانون رقم 18 لسنة 1918 بحظر زراعة الخشخاش (مادة يستخرج منها الأفيون) مقررا عقوبة الجنحة لمرتكب هذه الجريمة، وفى 8 من مايو سنة 1922 صدر مرسوم بوضع نظام للاتجار بالجواهر المخدرة، ثم صدر مرسوم في سنة 1925، اعتبر لأول مرة احراز الأفيون جنحة، وظل الأمر كذلك الى أن صدر المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 1926، بمنع زراعة الخشخاش وكانت العقوبة الحبس والغرامة أو احدى هاتين العقوبتين مع اعدام المضبوطات. وفى 14 من أبريل 1928 صدر القانون رقم 21 بوضع نظام للاتجار بالمخدرات واستعمالها ونص المشرع في هذا القانون على عقوبة الجنحة في حالتى الاتجار والتعاطى وارسال المدمنين الى مصحة للعلاج كتدبير لهم، فضلا عن تقرير العقوبات التبعية كالمصدر والغلق، كما تقرر لأول مرة في هذا القانون عدم جواز وقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها في جرائم المخدرات، الا أنه كان يقتصر هذا الوقف على العقوبات السالبة للحرية دون العقوبات الأخرى، ثم صدر القانون رقم 42 لسنة 1944 بمنع زراعة الحشيش في مصر، وأثناء مناقشة هذا القانون أمام مجلس النواب طالبت لجنة الحقانية رفع الجريمة الى مرتبة الجناية، ثم عدلت عن هذا الرأى بعد ذلك بدعوى أن في ذلك طفرة تشريعية فضلا عن أن اعتبار الجريمة جناية سيصادفها عقبات كثيرة عند تطبيقها على الأجانب لذلك اكتفت اللجنة ببقاء الجريمة جنحة مع تشديد العقوبة وعدم جواز وقف تنفيذها وفى 25 من ديسمبر سنة 1952 صدر المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 مشددا العقوبات المقررة في هذا القانون لتصل الى الأشغال الشاقة المؤبدة، ونص على عدم جواز تطبيق المادة 17 عقوبات الخاصة بالظروف القضائية المخففة حال الحكم على الجناة أخذا بالشدة مع رفع مقدار عقوبة الغرامة، كما قرر عقوبة الجناية على زراعة المخدرات وساوى بينها وبين الاتجار في المواد المخدرة، وقرر عقوبة الجنحة لتعاطى المواد المخدرة، بيد أنه وضع حدا أدنى للحبس والذى لا يقل عن ستة أشهر، كما استحدث عدة تدابير عقابية كوقف المحكوم عليه عن مزاولة المهنة مدة مساوية للعقوبة السالبة للحرية، مع مضاعفتها في حالة العود، ونشر الحكم النهائى على نفقة المحكوم عليه في ثلاث جرائد يومية، وأبقى على العقوبات التبعية كالمصادرة وغلق المحال، ثم صدر القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها وهو المعمول به حتى الآن، ويلاحظ على القانون سالف الذكر أن الشارع قد نص على عقوبة الاعدام في مجال المخدرات لأول مرة وشدد العقوبة في حالة العود وجعل حالة الإدمان حالة مرضية أكثر منها اجرامية، الا أن هذا التشريع لم يحقق كل الغاية المرجوة منه فالإحصاءات تشير إلى زيادة قضايا المخدرات على وجه مطرد عاما بعد عام، فضلا عن زيادة الكميات التى تضبط منها سنويا، كما عادت ظاهرة تفشى السموم البيضاء وغيرها من المواد المخدرة الى الظهور الى أن وصلت لأعلى معدلاتها في السنوات الأخيرة، وذلك بسبب ما تضمنه من ثغرات تساعد المجرم على الافلات من طائلة العقاب فضلا عن أن الغرامات المقررة أصبحت ضئيلة لا تتناسب البتة مع الثروات التى يحققها تجار المخدرات، لذا فقد أخذ المشرع بالاتجاه الداعي الى ضرورة تعديل القانون القائم مسايرة لهذا الرأى فتقدمت الحكومة بمشروع القانون الذى تضمن تعديل بعض أحكام القانون القائم وذلك على النحو الآتى:
المبادئ التى سار عليها المشروع:
- تأثيم لم يتناولها القانون القائم واستحداث بعض الظروف المشددة لتقرير العقوبة الأشد حيث جرم المشروع تشكيل عصابة في الخارج أو التدخل في ادارتها أو تنظيمها أو الاشتراك فيها اذا كان من بين أغراضها تقديم الجواهر المخدرة داخل البلاد أو جلب أو تصدير أو انتاج أو استخراج أو تصنيع هذه الجواهر، وكذا زراعة النباتات التى تستخرج منها هذه الجواهر، كما تضمن مشروع القانون توقيع عقوبة الاعدام على مقترفى أى من هذه الجرائم ردعا لهم وحماية للمواطنين.
- شدد المشرع العقوبات على جميع الجرائم المعاقب عليها في القانون القائم سواء بتقرير عقوبة الاعدام لأفعال لم يكن معاقبا عليها بهذه العقوبة أو تشديد العقوبات المقيدة للحرية أو زيادة الغرامات المالية المحكوم بها وكذلك اتساع المصادرة لتشمل الأراضى التى زرعت بالنباتات المخدرة - وفى هذا المجال يهدف المشرع الى حماية مختلف التجمعات والفئات والطوائف من هذا الخطر وتغليظ العقوبة على من تتوافر لهم سلطات أو تقوم في شأنهم أوضاع بسبب صفاتهم فيستغلونها في ارتكاب أى من الجرائم المنصوص عليها في القانون القائم، وكذلك مواجهة الخطر المحدق الذى يتمثل في انتشار الجواهر المخدرة كالكوكايين والهيروين ولعل مما يميز هذا المشروع عدم انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم بالنسبة للجرائم التي تناولها، وذلك إمعانا في ملاحقه الجناة مهما مضى الزمن.
- وضع المشرع في اعتباره جانبا انسانيا حيث ضمن المشروع تنظيما متكاملا لعلاج المدمنين وتهيئة المناخ للمتعاطين لمواد مخدرة بغية حثهم على الإقلاع عن التعاطي من خلال نظرة عملية طبية تعالج المدمنين وتتعمق في أسباب المشكلة من الناحية النفسية والاجتماعية أملا في أن يتحقق الشفاء ويعود من سلك هذا السبيل الى المجتمع سليما صالحا، وتحقيقا لذلك فقد كفل المشرع عناية خاصة لعلاج المدمنين وشجعهم على التقدم للعلاج ومكن لذويهم طلب علاجهم وقضى بإنشاء دور للعلاج بالإضافة الى المصحات العامة وجعل العلاج بها شاملا الجوانب الصحية والنفسية والاجتماعية من جهة أخرى شدد العقوبة على من يعود للتعاطى بعد سبق الحكم عليه بوجوب توقيع العقوبة المقيدة للحرية مع رفع حدها الأدنى ليتحقق التوازن المطلوب بين فلسفة معالجة المدمن كمريض عند الحكم عليه للمرة الأولى ومقتضيات الردع لمن سبق الحكم عليه. واعتبر المعلومات الخاصة بالمودعين في هذه المصحات ودور العلاج من الأسرار التى يعاقب على افشائها كما أنشأ صندوقا يتمتع بالشخصية الاعتبارية يختص بمكافحة وعلاج الادمان كفل له الموارد المالية التى تمكنه من تحقيق هذا الغرض، وتحقيقا للجدية في تنفيذ هذه الفلسفة الزم المشرع من طلب العلاج من الادمان أو طلب ذووه ذلك أن يلتزم أسلوب العلاج الذى تقرره الجهات المختصة وشدد العقوبة على من يستغل هؤلاء المرضى في ترويج المخدرات.
وتحقيقا لهذه الفلسفة فقد أعد المشروع الذى يتضمن أربع مواد الأولى خاصة باستبدال المواد 33 و34 و35 و36 و37 و39 و40 و41 و42 فقرة أولى و43 و44 و45 و50 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ولقد تضمن تعديل هذه المواد تشديد العقوبة لتصل الى الاعدام على كل من وزع أو صدر النباتات المخدرة أيا كان طور نموها وغيرها من الأفعال المبينة في المادة 33 وكذلك زيادة حد الغرامة المالية وذلك لمواجهة الكسب الحرام الذى تجنيه مرتكبو هذه الأفعال كما استحدث المشروع حكما جديدا في المادة (36) يقضى بعدم جواز النزول بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن عن ست سنوات اذا رأت المحكمة استعمال المادة 17 عقوبات بشأن الجرائم المعاقب عليها بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة وهى مدة تعادل مثلى الحد الأدنى للعقوبة المذكورة التي يجوز النزول إليها، كما امتد نطاق سريان هذه المادة ليشمل الجرائم المنصوص عليها في المادة (38) من هذا القانون.
وتناول التعديل إضافة فقرة مستحدثة جعلت عقوبة الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة (34) هي الإعدام وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه اذا اقترن ارتكاب أى منها بظرف من الظروف الآتية:
* اذا استخدم الجاني في ارتكابها من لم يبلغ من العمر احدى وعشرين سنة ميلادية أو أحد فروعه أو من يتولى ملاحظاتهم وقد راعى المشرع أن الجاني يعمد إلى استخدام أشخاص لا تتوافر لهم إرادة حرة في مواجهته.
* اذا كان الجاني من الموظفين أو المستخدمين العموميين المكلفين بتنفيذ أحكام هذا القانون أو المنوط بهم مكافحة المخدرات أو الرقابة على تداولها أو حيازتها أو كان ممن لهم اتصال بها بأى وجه من الوجوه باعتبار أن تشديد العقوبة واجب على ما أؤتمن فخان الأمانة.
* اذا استغل الجاني في ارتكابها أو تسهيل ارتكابها السلطة المخولة له.
* اذا وقعت الجريمة في احدى دور العبادة أو التعليم أو النوادي أو الحدائق العامة أو أماكن العلاج أو المؤسسة الاجتماعية أو العقابية أو المعسكرات أو السجون أو الجوار المباشر لهذه الأماكن.
* اذا قدم المخدر أو سلم أو بيع الى من لم يبلغ من العمر احدى وعشرين سنة ميلادية أو دفعه الجانى الى تعاطيه بأية وسيلة من وسائل الاكراه أو الغش أو الترغيب.
* اذا كان محل الجريمة من الهيروين أو الكوكايين.
كما تضمنت المادة (39) من هذه المادة تشديد عقوبة الحبس يجعل حدها الأدنى سنة بعد أن كان ذلك هو حدها الأقصى وزيدت الغرامة في حديها الأدنى والأقصى.
وقد أصبحت العقوبة المقررة لارتكاب أية مخالفة أخرى لأحكام القانون هى عقوبة الحبس، بعد أن كانت الحبس الذى لا تزيد مدته على سبعة أيام مع رفع عقوبة الغرامة بجعل حدها الأقصى خمسمائة جنيه بدلا من مائة قرش في القانون القائم المادة (45).
وتضمنت المادة الثانية من المشروع إضافة أحكام جديدة أهمها وضع تنظيم يكفل علاج المدمنين ومن وقعوا ضحايا للإدمان بإنشاء دور العلاج بالإضافة إلى المصحات العامة وقد أجاز المشروع التقدم للعلاج بها مجانا عن طريق المدمن ذاته أو أحد أقاربه (المادة 37 مكررا "أ").
- ألزم المشروع المحكوم عليهم في قضايا المخدرات بقضاء العقوبة المقيدة للحرية كاملة وحرمانهم من الاستفادة من ميزة الإفراج الشرطي المنصوص عليها في القرار بقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون (المادة 46 مكرر "أ").
- التحفظ على أموال المتهمين في الجنايات المنصوص عليها في هذا القانون هم وأزواجهم وأولادهم القصر منذ بدء اجراءات التحقيق حفاظا على هذه الأموال واقتضاء لما عسى أن يحكم به على المتهمين من غرامات التعويضات (المادة 48 مكرر "أ").
- أجاز للنائب العام أو من يفوضه طلب اعدام المواد المخدرة والاحتفاظ بجزء منها حتى تنقضى الدعوى الجنائية لمواجهة مشكلة تكدس المواد المخدرة والمشكلات الناجمة عنها (المادة 52 مكررا).
هذا وقد استبدل المشروع في مادته الثالثة بالجدول رقم (1) المرفق بالقانون جدولا آخر اشتمل في القسم الأول منه على المواد المخدرة ذات الخطورة الأشد وتضمن في القسم الثاني باقى المواد الواردة في الجدول المستبدل به.
هذا وقد رأت اللجنة ادخال تعديلات لفظية على بعض مواد مشروع القانون وذلك بغية احكام الصياغة وضبطها، على النحو التالى:
أجرت اللجنة تعديلا على البند (6) من المادة المشار اليها وذلك بتقديم كلمة "الكوكايين" قبل كلمة "الهيروين" حيث جاء ترتيبها كذلك بالقسم الأول من الجدول رقم (1) المرفق بهذا المشروع.
- أجرت اللجنة تصحيحا لغويا على الفقرة الثانية من المادة (39) حيث استبدلت بعبارة "وتضاعف العقوبة الى مثليها" عبارة وتزاد العقوبة بمقدار مثليها كما قدمت كلمة "الكوكايين" قبل كلمة "الهيروين" لذات العلة السابق الاشارة اليها.
- أجرت اللجنة تعديلا لفظيا على نص المادة 37 مكررا (د) احكاما للصياغة على النحو الوارد بالجدول.
واللجنة توافق على مشروع القانون، وترجو المجلس الموقر الموافقة عليه معدلا بالصيغة المرفقة.

رئيس اللجنة المشتركة
حلمى عبد الآخر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق