الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 1 يونيو 2021

الطعن 13 لسنة 12 ق جلسة 17 / 11 / 1941 مج عمر الجنائية ج 5 ق 307 ص 582

جلسة 17 نوفمبر سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك ومنصور إسماعيل بك المستشارين.

---------------

(307)
القضية رقم 13 سنة 12 القضائية

إثبات.

يمين التخالص المنصوص عليها في المادة 194 تجاري. لماذا شرعت؟ نكول المدين عن الحلف. سقوط القرينة القانونية على حصول الوفاء. توجيهها أو عدم توجيهها. من شأن الدائن. توجيهها من المحكمة من تلقاء نفسها. لا يجوز. توجيهها من الدائن. حلف المدين. وجوب الفصل في الدعوى على مقتضى الحلف. رفض الدعوى. لا يجوز للدائن أن يجدّد النزاع بعد ذلك بناءً على أدلة أخرى. رفع الدائن دعوى لإثبات كذب اليمين أو للمطالبة بتعويض عن الحنث فيها. لا يجوز. دعوى جنحة مباشرة عن كذب اليمين. لا تقبل.

(المادة 194 تجاري(

------------------

إن حلف اليمين بالتخالص تطبيقاً للمادة 194 من القانون التجاري إنما شرع لمصلحة الدائن في الورقة لتكملة القرينة القانونية على حصول الوفاء المستمدّة من مضي خمس سنوات على اليوم التالي لحلول ميعاد دفع الأوراق التجارية. فإذا نكل المدين عن الحلف سقطت هذه القرينة. وإذن فالدائن هو الذي يوجه هذه اليمين أو لا يوجهها حسب مشيئته، وليس للمحكمة من تلقاء نفسها أن توجهها. فإذا وجهها وركن بذلك إلى ذمة مدينه، فقبل هذا العرض وحلف، فإن المحكمة تكون ملزمة بأن تقضي في الدعوى على مقتضى الحلف. ولا يجوز للدائن بعد ذلك أن يجدّد النزاع ارتكاناً على أدلة أخرى لإثبات حقه أو لإثبات كذب اليمين، لأن سلوكه هذا الطريق الذي اختاره من طرق الإثبات وقبول خصمه ما عرضه عليه إنما هو بمثابة صلح انعقد بين الطرفين على أن تكون دعوى الدائن معلقاً مصيرها على اليمين المعروضة على المدين، وذلك في مقابل تنازله عن كل دليل آخر يكون لديه. ومن ثم فلا تقبل من الدائن دعواه التي يرفعها سواء لإثبات كذب اليمين أو للمطالبة بتعويض عن الحنث فيها. وإذا كانت الدعوى العمومية لا ترفع من المدّعي المدني إلا إذا كانت دعواه المدنية مقبولة فإن الدعوى المباشرة التي يرفعها الدائن للمطالبة بتعويض عن الكذب في اليمين المذكورة لا تكون مقبولة.


المحكمة

وحيث إن الطعن مبني على أن المحكمة أخطأت في تطبيق نصوص القانون إذ اعتبرت أن اليمين التي نصت عليها المادة 194 تجاري هي يمين حاسمة مع أنها يمين متممة ويجوز إثبات كذبها بكافة طرق الإثبات، ولا تمنع من محاكمة من أداها جنائياً أو مدنياً بدعوى الجنحة المباشرة. وذلك لأن المادة المذكورة قضت بأنه يجب على المدّعى عليهم تأييد براءة ذمتهم بحلفهم اليمين إذا دعوا للحلف. وهذا يوافق تماماً نص المادة 223 مدني التي شرعت اليمين المتممة. لأنه إذا كان الشارع قد اعتبر التقادم قرينة على السداد إلا أنه عدّها قرينة ناقصة، ولذلك أوجب اليمين على من يتمسك بالتقادم. وما دامت اليمين تأتي مكملة لقرينة فتكون يميناً متممة. هذا فضلاً عن أن محكمة النقض هي التي أمرت بتوجيه اليمين للمدّعى عليهم في القضية المدنية بناءً على أن الإلزام بالحلف أتى من قبل الشارع، ولذلك سمتها يميناً قانونية لا يميناً حاسمة. وإذن فلو فرض أن الطاعن لم يحضر أمام محكمة الاستئناف بعد صدور حكم محكمة النقض فإن الخصوم كانوا ملزمين بحلفها. لهذا فما كان لهم أن يقولوا بأن الطاعن هو الذي وجه اليمين إليهم، ولا أن يؤسسوا على ذلك أن صلحاً أو تحكيماً تم بينهم وبين دائنهم على أنهم إذا حلفوا ترفض دعواه، وإذا نكلوا عن اليمين فيحكم له. وفوق ذلك فإن الطاعن لم يحرّك ساكناً بعد صدور حكم محكمة النقض حتى أعلنه الخصوم أنفسهم بأن يحضر إلى المحكمة ليحلفوا اليمين القانونية، أي أنهم هم الذين طلبوا أداءها بخصوصها. وإنه ليس من المعقول أن يحتكم الطاعن إلى ذمّة خصومه بعد أن رأى منهم التلاعب والكذب أمام القضاء الأهلي، وبعد أن اعترفوا أمام المحكمة المختلطة بأنهم لم يوفوا شيئاً من الدين، فهو إنما حضر ليشهد جلسة تأدية اليمين فقط. أما اشتراكه في تحرير صيغتها وتحويرها فليس معناه أنه هو الذي وجهها. كما أن وكيله لم يقل إنه يوجه اليمين الحاسمة إليهم بل قال إنه يوجه اليمين التي أمرت بها محكمة النقض. وقد أراد بذلك ترك الباب مفتوحاً أمامه ليطلب محاكمة خصومة جنائياً إذا ما أدّوا يميناً كاذبة.
وحيث إن واقعة الحال في هذه الدعوى حسب الثابت من الحكم المطعون فيه هي أن الطاعن رفع دعوى مدنية أمام محكمة طنطا الابتدائية ضدّ المطعون ضدّهم يطالبهم فيها بمبلغ 229 جنيهاً بموجب سند تحت الإذن موقع عليه منهم فدفعوا بسقوط الحق في المطالبة بالدين لمضي خمس سنوات تطبيقاً للمادة 194 من القانون التجاري، وقضت المحكمة المذكورة برفض الدفع وإلزامهم بدفع قيمة السند والفوائد القانونية والمصاريف، وتأيد هذا الحكم من محكمة الاستئناف. ولما رفعوا نقضاً عن هذا الحكم قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وفي موضوع الاستئناف: (أوّلاً) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بقيمة السند لمضي المدّة المقرّرة في المادة 194 من القانون التجاري. (وثانياً) بإعادة القضية والخصوم لمحكمة الاستئناف لتحكم في الدعوى بمقتضى هذه المادة على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم، وألزمت الخواجا رئيف ميخائيل سرياني بالمصاريف. وقرّرت في الأسباب التي أشار إليها المنطوق ما يأتي: "وحيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه. وحيث إنه ثبات مما تدوّن في الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي أن السند المطالب به قد استحق دفعه في أوّل أكتوبر سنة 1931 وقد مضى على هذا التاريخ إلى رفع الدعوى الحالية أكثر من خمس سنوات، فقد سقط حق المدّعي في المطالبة بهذا السند بالتقادم الخمسي عملاً بالمادة 194 من القانون التجاري. وحيث إن المادة 194 المذكورة تلزم من يتمسك بسقوط الحق في دعوى المطالبة بالأوراق التجارية المبينة بها بحلف اليمين على أنه لم يكن في ذمته شيء من الدين، ولذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة، وإعادة القضية لمحكمة الاستئناف لتحليف الطاعنين هذه اليمين القانونية ثم لتحكم في موضوع الدعوى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى أو بتأييده على ما يقتضيه الحلف أو النكول". وتنفيذاً لهذا الحكم حلف المطعون ضدّهم أمام محكمة الاستئناف اليمين التي وجهها إليهم الطاعن بأنهم سدّدوا إليه الدين المطالب به، وأن ذمتهم أصبحت بريئة. وقضت محكمة الاستئناف بعد هذا الحلف برفض الدعوى، فرفع الطاعن على إثر هذا الحكم دعوى الجنحة المباشرة الحالية على المطعون ضدّهم، واتهمهم فيها بأنهم حلفوا يميناً كاذبة. وقد قام الخلاف بين طرفي الخصوم أمام محكمتي أوّل وثاني درجة على ماهية وكنه اليمين التي أداها المطعون ضدّهم هل هي حاسمة أو متممة، فقضت محكمة أوّل درجة بناءً على ما دفع به المتهمون بعدم قبول دعوى الجنحة المباشرة على اعتبار أن اليمين المذكورة حاسمة. وقد أيدتها المحكمة الاستئنافية فيما انتهت إليه وقضت بتأييد الحكم للأسباب التي أوردتها في الحكم المطعون فيه.
وحيث إن اليمين المنصوص عليها في المادة 194 من القانون التجاري إنما شرعت لمصلحة الدائن، وذلك لتأييد القرينة القانونية وهي حصول الوفاء المستمد من مضي خمس سنوات على اليوم التالي لحلول ميعاد دفع الأوراق التجارية، حتى إذا نكل المدين عن الحلف سقطت هذه القرينة، لأنه لا يكون للنكول من معنى في هذه الحالة سوى عدم القيام بالوفاء. فللدائن إذن أن يوجهها إذا أراد أو يمتنع عن ذلك إذا شاء. ولا يجوز للمحكمة أن توجهها من تلقاء نفسها. فإذا اختار الدائن توجيه هذه اليمين وركن إلى ذمة المدين، وقبل المدين هذا العرض وحلف اليمين الموجهة إليه، فإن المحكمة تكون ملزمة بأن تأخذ بها. كما أنه لا يجوز للدائن أن يجدّد النزاع بالارتكان على أدلة أخرى لإثبات حقه أو إثبات كذب اليمين التي أداها خصمه، لأن اختياره لهذا الطريق من طرق الإثبات، وقبول المدين ما عرضه عليه في هذا الشأن، هو بمثابة عقد صلح ينعقد بين الطرفين على أن تكون نتيجة الدعوى معلقة على حلف اليمين أو النكول عنها. وذلك مقابل تنازل الدائن عن كل دليل آخر يكون لديه. ومن ثم فلا تقبل الدعوى التي يرفعها الدائن لإثبات كذب هذه اليمين أو للمطالبة بتعويض إذا استبان كذبها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أثبت بالصفة المتقدّمة أن الطاعن هو الذي وجه اليمين التي نصت عليها المادّة 194 تجاري إلى المطعون ضدّهم فحلفوها، فلا يجوز له بعد أن قضى برفض دعواه بناءً على ذلك أن يجدّد النزاع بشأن كذب هذه اليمين أو يطالب بتعويض إذا ما ثبت كذبها. وبما أن الدعوى العمومية لا تتحرّك من المدّعي المدني إلا إذا كانت دعواه المدنية صحيحة، فإذا كانت غير مقبولة - كما هو الحال في الدعوى الحالية - فلا تقبل الدعوى العمومية أيضاً، وتكون المحكمة الاستئنافية إذ أيدت الحكم الابتدائي فيما قضى به من عدم قبول دعوى الجنحة المباشرة لم تخطئ في شيء.
وحيث إن ما يدّعيه الطاعن من أنه لم يوجه اليمين وأنها إنما وجهت من محكمة النقض مردود بأن محكمة النقض إذ أحالت الدعوى إلى محكمة الاستئناف لحلف اليمين إنما قصدت أن يكون ذلك طبقاً للمادة 194 تجاري التي ذكرتها صراحة ي حكمها. ومعنى ذلك أن يكون الحلف بناءً على طلب الدائن (الطاعن) كما هو نص هذه المادة. ولقد كان له إذن أن لا يوجه اليمين أو أن يستند إلى أي دليل يكون لديه لإثبات قطع مدّة التقادم كالدليل الذي يقول به في وجه الطعن وهو اعتراف المدينين أمام المحكمة المختلطة بأن الدين لا يزال في ذمتهم. أما وهو لم يفعل، وطلب تحليف المطعون ضدّهم اليمين، فيكون قد تنازل عن دليله وركن إلى ذمة خصمه، فليس له بعد أن أدّى هذا الخصم اليمين أن يحتج بأن اليمين إنما وجهت تنفيذاً لحكم محكمة النقض. ومن ثم يتعين رفض الطعن موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق