جلسة 25 من مايو سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/
إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد العفيفي، عادل نصار
(نائبي رئيس المحكمة) لطفي عبد العزيز وإبراهيم بركات.
-----------
(226)
الطعنان رقما 1995، 2060
لسنة 54 القضائية
(1) محاماة.
لجوء المحامي أثناء
مزاولته مهنته إلى أساليب الدعاية. طبيعته. مخالفة مهنية لا تستتبع تجريد العمل
الذي قام به من آثاره القانونية ولا تنال من صحته. المواد 71، 76، 98 من القانون
رقم 17 لسنة 1983.
(2)نقض "الطعن للمرة الثانية".
رفع الطاعن طعناً آخر عن
ذات الحكم يستدرك فيه ما فاته في الطعن الأول. شرطه أن يكون ميعاد الطعن ما زال
ممتداً أو ألا يكون قد فصل في الطعن الأول.
(3) نقض "أثر النقض والإحالة".
نقض الحكم الصادر لمصلحة
الخصم. أثره تجدد حقه أمام محكمة الإحالة في التمسك بالدفوع التي سبق القضاء
برفضها.
(4)استئناف "اعتبار الاستئناف كأن لم تكن".
اعتبار الاستئناف كأن لم
يكن. وجوب القضاء به متى تمسك به صاحب الشأن. م 7 مرافعات قبل تعديلها بالقانون 75
لسنة 1976.
(5) تسجيل. بيع "دعوى صحة التعاقد". شهر
عقاري. تنفيذ عقاري.
تسجيل صحيفة دعوى صحة
التعاقد على بيع عقار. أثره. تسجيل الحكم الصادر فيها ارتداد أثره إلى تاريخ تسجيل
الصحيفة. نطاقه.
(6)نقض "أثر النقض والإحالة" حكم "حجية الحكم".
نقض الحكم والإحالة.
التزام محكمة الإحالة بإتباع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت
فيها. اكتساب حكم النقض حجية الشيء المحكوم فيه في المسائل التي بت فيها. أثره.
يمتنع على محكمة الإحالة المساس به عند إعادة نظر الدعوى.
(7) محكمة الموضوع. حكم "تسبيبه".
محكمة الموضوع. سلطتها في
تحصيل فهم الواقع في الدعوى. حسبما أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وإقامة قضاءها
على أسباب سائغة تكفي لحمله. عدم التزامها بتتبع الخصوم في مختلف حججهم وأقوالهم
وطلباتهم والرد عليها استقلالاً.
(8)نقض "السبب الجديد".
دفاع لم يسبق التمسك به
أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(9)حكم "تسبيب الحكم". محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع. الدفاع
الذي يلتزم بالرد عليه. ماهيته.
--------------
1 - مؤدى نص المادة 76 من
القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة أن المشرع لم يرتب البطلان
على كل مخالفة لأحكام ممارسة أعمال المحاماة وإنما ترك الجزاء على مخالفتها وفق ما
يقضي به الحكم المخالف ويدل النص في المادة 71 من القانون سالف الذكر على أن
المشرع قصد به عدم لجوء المحامي أثناء مزاولة مهنته إلى أسباب الدعاية ولم يضعه
شرطاً لصحة الإجراء الذي يقوم به ولا تعدو مخالفته أن تكون مهنية تعرض المحامي
للمساءلة التأديبية طبقاً لنص المادة 98 من ذات القانون ولا تستتبع تجريد العمل
الذي قام به المحامي من آثاره القانونية ولا تنال من صحته متى تم وفقاً للأوضاع
التي تطلبها القانون.
2 - من المقرر - في قضاء
هذه المحكمة - أنه ليس في نصوص قانون المرافعات ما يحول دون - أن يوقع الطاعنون
بالنقض طعناً آخر عن ذات الحكم ليستدركوا ما فاتهم من أوجه الطعن طالما كان
الميعاد ممتداً وكان ذلك يسبق الفصل في موضوع الطعن الأول.
3 - يترتب على نقض الحكم
الصادر لمصلحة الطاعنين زوال الحكم المنقوض وسقوط ما أمر به وما قرره أو رتبه من الحقوق
بين طرفيه وأن يعود للطاعنين الحق في التمسك أمام محكمة الموضوع بالدفوع المتعلقة
بشكل الاستئناف لأن المطعون ضدهم الثلاثة الأول هم الذين طعنوا في الحكم في المرة
الأولى وحكم بقبول طعنهم فيتجدد حق الطاعنين في التمسك بتلك الدفوع بمجرد نقض
الحكم الصادر لمصلحتهم في موضوع الدعوى إذ لم يكن يجوز لهم عندما طعن المطعون ضدهم
الثلاثة الأول في الحكم أن يرفعوا طعناً آخر فيما قضى به هذا الحكم من رفض دفوعهم
المتعلقة بشكل الاستئناف لانعدام مصلحتهم فيه.
4 - إذ كانت المادة 70 من
قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1976 - والتي تحكم واقعة الدعوى
والتي أحالت إليها المادة 240 من ذات - القانون - توجب على المحكمة أن تقضي
باعتبار الاستئناف كأن لم يكن متى تمسك به صاحب الشأن، وكان البين من الأوراق أن
صحيفة الاستئناف قدمت إلى قلم الكتاب في 10/ 5/ 1969 ولم تعلن للطاعنة الثانية إلا
في 17/ 3/ 1970 أي بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر ومن ثم يكون الدفع في محله وتقضي
المحكمة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة للطاعنة الثانية وحدها ذلك أن موضوع
الدعوى قابل للتجزئة.
5 - إذ كان القانون رقم
114 لسنة 1946 بشأن الشهر العقاري والتوثيق بعد أن تبين في المادة 15 منه الدعاوى
التي يجب تسجيلها ومن بينها دعوى صحة التعاقد على حقوق عقارية نص في المادة
السابعة عشر منه على أنه يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة في المادة الخامسة عشر
أو التأشير بها أن حق المدعي إذا تقرر بحكم مؤشر به طبقاً للقانون يكون حجة على من
ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها ومفاد ذلك -
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تسجيل صحيفة الدعوى التي يرفعها المشتري على
البائع لإثبات صحة التعاقد الحاصل بينهما على بيع عقار ثم التأشير بمنطوق الحكم
الصادر بصحة التعاقد على هامش تسجيل الصحيفة من شأنه أن يجعل حق المشتري حجة على
كل من ترتبت له حقوق عينية على العقار ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى وبذلك
يكون المشرع قد رسم للمدعي في دعوى صحة التعاقد طريقاً يمكنه من التمسك بالحكم
الذي يصدر لصالحه ضد كل من آل إليه الحق من البائع المدعى عليه وإعلام الغير
بالأخطار التي يتعرضون لها عند التعاقد بشأن العقار موضوع الدعوى ومتى تقرر ذلك
فإن أثر تسجيل الحكم من حيث الاحتجاج به على من ترتبت لهم حقوق عينية على العقار
يرتد إلى تاريخ تسجيل صحيفته دعوى صحة التعاقد يستوي في ذلك أن تكون هذه الحقوق قد
تقررت بتصرف رضائي صادر من البائع له أو نتيجة إجراءات تنفيذ عقاري اتخذت ضد هذا
البائع.
6 - مفاد نص الفقرة
الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة -
أنه إذا نقض الحكم وأحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه للحكم
فيها من جديد بناء على طلب الخصوم فإنه يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية
أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها هذه المحكمة وما
يحرمه القانون بموجب هذه المادة على محكمة الإحالة هو مخالفة رأي محكمة النقض في
المسألة له التي تكون قد فصلت فيها وأن حكم محكمة النقض يحوز حجية الشيء المحكوم
فيه في حدود المسائل التي بث فيها ويمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى
المساس بهذه الحجية ويتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق ما أشار
إليه الحكم الناقض.
7 - لقاضي الموضوع السلطة
في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم
قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله ولا عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مختلف
أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام أن
قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال
والحجج والطلبات.
8 - إذ كانت الأوراق قد
خلت مما يدل على تمسك الطاعنين في الاستئناف بما ورد بوجه النعي من دفاع فإنه لا
يجوز لهم إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
9 - المقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه هو الدفاع الجوهري الذي
من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى والذي يكون مدعيه قد أقام الدليل
عليه أمام المحكمة أو طلب إليها وفقاً للأوضاع المقررة في القانون تمكينه من
إثباته أما ما دون ذلك من أوجه الدفاع فإنه لا يعدو أن يكون من قبيل المرسل من
القول الذي لا إلزام على محكمة الموضوع بالالتفات إليه ولا يعيب حكمها بالتالي ما
تكون قد ردت به عليه أياً كان وجه الرأي في ردها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة
الأول ومورثتهم.......... أقاموا الدعوى رقم 2123 لسنة 1962 مدني القاهرة
الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 26/ 1/ 1951 المتضمن بيع المطعون
ضده الرابع لهم حصة شائعة مقدراها 13 ط من 24 ط بثمن مقدراه 1500 جنيه وحصة أخرى
مقدارها 3 طن من 24 بثمن مقداره 125 جنيه في أرض وبناء المنزلين المبينين بالصحيفة
ودفع الطاعنون وبعض المطعون ضدهم بعدم ملكية البائع لكامل الحصة المبيعة. ندبت
المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريراً انتهى إلى أن ما تصرف فيه البائع
يجاوز حصته الميراثية عادت بتاريخ 31/ 3/ 1969 وحكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون
ضدهم الثلاثة الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1090 سنة
86 ق مدني وبتاريخ 30/ 6/ 1975 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن المطعون
ضدهم الثلاثة الأول في هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ 11/ 2/ 1980 نقضت المحكمة
الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، وبتاريخ 10/ 5/ 1984
أعادت تلك المحكمة وحكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبطلبات المطعون ضدهم الثلاثة الأول.
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 1995 لسنة 54 ق مدني. كما طعنت
النيابة في الطعن الأول على ذات الحكم بطريق النقض رقم 2060 سنة 54 ق مدني. دفع
المطعون ضدهم الثلاثة الأول ببطلان الطعن الأول وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها
الرأي برفضها. وإذ عرض الطعنان على هذه الدائرة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما
وفيها قررت ضم الطعن الثاني إلى الأول للارتباط والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى
من المطعون ضدهم الثلاثة الأول ببطلان صحيفة الطعن رقم 1995 سنة 54 ق مدني أن
المحامي رافع الطعن وضع إشارة صريحة إلى منصبه السابق كرئيس لمحكمة النقض
بالمخالفة لما تقضي به المادة 71 من قانون المحاماة رقم 17 سنة 1983 مما يتعين معه
إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 76 م القانون والقضاء ببطلان صحيفة الطعن.
وحيث إن هذا الدفع غير
سديد ذلك أن النص في المادة 76 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون
المحاماة على أنه لا يجوز للمحامي التوقيع على صحف الدعاوى والطعون وسائر أوراق
المحضرين والعقود المقدمة للشهر العقاري أو الحضور والمرافعة بالمخالفة لأحكام
ممارسة أعمال المحاماة المنصوص عليها في هذا القانون وإلا حكم بعدم القبول أو
البطلان بحسب الأحوال وذلك مع عدم الإخلال بمسئولية المحامي طبقاً لأحكام هذا
القانون ومسئوليته قبل من أمر به الإجراء المخالف يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - على أن المشرع لم يرتب البطلان على كل مخالفة لأحكام ممارسة أعمال
المحاماة وإنما ترك الجزاء على مخالفتها وفق ما يقضي به الحكم المخالف. لما كان
ذلك وكان النص في المادة 71 من قانون المحاماة سالف الذكر على أن يحظر على المحامي
أن يتخذ في مزاولة مهنته وسائل الدعاية أو الترغيب أو استخدام الوسطاء أو الإيحاء
بأي نفوذ أو صلة حقيقية أو مزعومة كما يحظر عليه أن يضع على أوراقه أو لافتة مكتبه
أي ألقاب غير اللقب العلمي وبيان درجة المحكمة المقبول للمرافعة أمامها أو استخدام
أي إشارة إلى منصب سبق أن تولاه يدل على أن المشرع قصد به عدم لجوء المحامي أثناء
مزاولة مهنته إلى أساليب الدعاية ولم يضعه شرطاً لصحة الإجراء الذي يقوم به ولا
تعدو مخالفته أن تكون مهنية تعرض المحامي للمساءلة التأديبية طبقاً لنص المادة 98
من ذات القانون ولا تستتبع تجريد العمل الذي قام به المحامي من أثاره القانونية
ولا تنال من صحته متى ثم وفقاً للأوضاع التي تطلبها القانون ومن ثم يكون الدفع على
غير أساس.
وحيث إنه بصدد ما عمدت
إليه الطاعنة الثانية ممن رفع طعن آخر برقم 2060 سنة 54 ق مدني عن ذات الحكم
المطعون فيه منها وباقي الطاعنين بالطعن رقم 1995 لسنة 54 ق مدني فإنه لما كان
الطعن المرفوع أولاً لما يفصل فيه بعد وكان الطعن الثاني قد أودع التقرير به قبل
انقضاء ميعاد الطعن بطريق النقض وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ليس في
نصوص قانون المرافعات ما يحول دون أن يرفع الطاعنون بالنقض طعناً أخر عن ذات الحكم
ليستدركوا ما فاتهم من أوجه للطعن طالما كان الميعاد ممتداً وكان لم يسبق الفصل في
موضوع الطعن الأول وكان الثابت أن الطاعنة الثانية أضافت بالطعن الثاني أسباباً
أخرى وقررت المحكمة ضم الطعنين لارتباطهما بأنه لا محل للقول بسقوط الحق في التمسك
بأوجه النعي التي لم ترد بالطعن اللاحق ويكون الدفع المبدى من المطعون ضدهم
الثلاثة الأول على غير أساس.
وحيث إن الطعنين استوفيا
أوضاعهما الشكلية.
وحيث إنه عن الطعن رقم
1995 لسنة 54 ق مدني فقد أقيم على تسعة أسباب ينعى الطاعنون بالأول منها على الحكم
المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة
الإحالة بالدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلان الطاعنة الثانية خلال
ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب إلا أن الحكم المطعون فيه حجب
نفسه عن نظراً هذا الدفع بمقولة أن الحكم المنقوض قد حاز قوة الأمر المقضي فيما
قضى به من قبول الاستئناف شكلاً رغم أنه لم يكن لهم الحق في الطعن على ذلك الحكم
الذي قضى لصالحهم في موضوعه لانعدام مصلحتهم.
وحيث إن هذا النعي في
محله ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يترتب على نقض الحكم الصادر
لمصلحة الطاعنين زوال الحكم المنقوض وسقوط ما أمر به وما قرره أو رتبه من الحقوق
بين طرفيه، وأن يعود للطاعنين الحق في التمسك أمام محكمة الموضوع بالدفوع المتعلقة
بشكل الاستئناف لأن المطعون ضدهم الثلاثة الأول هم الذين طعنوا في الحكم في المرة
الأولى وحكم بقبول طعنهم فيتجدد حق الطاعنين في التمسك بتلك الدفوع بمجرد نقض
الحكم الصادر لمصلحتهم في موضوع الدعوى إذ لم يكن يجوز لهم عندما طعن المطعون ضدهم
الثلاثة الأول في الحكم أن يرفعوا طعناً أخر فيما قضى به هذا الحكم من رفض دفوعهم
المتعلقة بشكل الاستئناف لانعدام مصلحتهم فيه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه
قد خالف هذا النظر وبني قضاءه برفض الدفع المبدي من الطاعنين باعتبار الاستئناف
كأن لم يكن على أن شكل الاستئناف قد حاز قوة الأمر المقضي لأن الطعن بالنقض قد
اقتصر على موضوع الاستئناف دون أن يتبين أن الطاعنين كان محكوماً لصالحهم ولم يكن
بوسعهم الطعن بالنقض على الحكم السابق فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما
يوجب نقضه لهذا السبب. لما كان ذلك وكان الموضوع صالحاً للفصل فيه ذلك أن المادة
70 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1976 والتي تحكم - واقعة
الدعوى والتي أحالت إليها المادة 240 من قانون المرافعات كانت توجب على المحكمة أن
تقضي باعتبار الاستئناف كأن لم يكن متى تمسك به صاحب الشأن. وكان البين من الأوراق
أن صحيفة الاستئناف قدمت إلى قلم الكتاب في 10/ 5/ 1969 ولم تعلن للطاعنة إلا في
17/ 3/ 1970 أو بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر ومن ثم يكون الدفع في محله وتقضي
المحكمة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة للطاعنة الثانية وحدها ودون باقي
الطاعنين ذلك أن موضوع الدعوى قابل للتجزئة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن
المتعلقة بها وكذلك أسباب الطعن رقم 2060 لسنة 54 ق مدني المقام منها وحدها.
وحيث إن حاصل النعي
بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون ويقول الطاعنون بياناً له أن الحكم المطعون
فيه ذهب إلى أن تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد الماثلة قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية
من جانب الطاعن الرافع لا يحول دون الحكم بصحة التعاقد طالما أن التأشير بمنطوقة
على هامش تسجيل الصحيفة من شأنه أن يجعل حقهم حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية
ابتداء من تاريخ تسجيل الصحيفة في حين أن مجرد تسجيل الصحيفة لا يحتج به ما دام لم
يصدر حكم نهائي بصحة التعاقد.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أن القانون رقم 114 لسنة 1946 بشأن الشهر العقاري والتوثيق بعد أن بين في
المادة 15 منه الدعاوى التي يجب تسجيلها ومن بينها دعوى صحة التعاقد على حقوق
عقارية نص في المادة السابعة عشر منه على أنه يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة في
المادة الخامسة عشر أو التأشير بها أن حق المدعي إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق
القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعوى أو
التأشير بها ومفاد ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تسجيل صحيفة الدعوى
التي يرفعها المشتري على البائع لإثبات صحة التعاقد الحاصل بينهما على بيع عقار ثم
التأشير بمنطوق الحكم الصادر بصحة التعاقد على هامش تسجيل الصحيفة من شأنه أن يجعل
حق المشتري حجة على كل من ترتبت له حقوق عينية على العقار ابتداء من تاريخ تسجيل
صحيفة الدعوى وبذلك يكون المشرع قد رسم للمدعي في دعوى صحة التعاقد طريقاً يمكنه
من التمسك بالحكم الذي يصدر لصالحه ضد كل من آل إليه الحق من البائع المدعى عليه
وإعلام الغير بالأخطار التي يتعرضون لها عند التعاقد بشأن العقار موضوع الدعوى.
ومتى تقرر ذلك فإن أثر تسجيل الحكم من حيث الاحتجاج به على من ترتبت لهم حقوق
عينية على العقار يرتد إلى تاريخ تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد يستوي في ذلك أن
تكون هذه الحقوق قد تقررت بتصرف رضائي صادر من البائع له أو نتيجة إجراءات تنفيذ
عقاري اتخذت ضدها هذا البائع لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا
النظر حين قضى بأن تسجيل تنبيه نزع الملكية بتاريخ 5/ 5/ 1966 لا يحول دون الحكم
بصحة التعاقد للمطعون ضدهم الثلاثة الأول طالما أن التأشير بمنطوق هذا الحكم على
هامش تسجيل صحيفة الدعوى الحاصل في 17/ 2/ 1962 من شأنه أن يجعل حقهم حجة على كل
من ترتبت لهم حقوق عينية على العقار ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى يكون
النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون
بالأسباب الثالث والرابع والخامس والسابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب
والإخلال بحق الدفاع وعدم فهم الواقع في الدعوى ومخالفة الثابت في الأوراق ذلك
أنهم دفعوا بأن الورقة المؤرخة 16/ 10/ 1951 والتي تحمل عنوان دعوى قسمة أعقبها
عقد قسمة مؤرخ 25/ 11/ 1951 أقيمت بشأنه دعوى بصحته ونفاذه برقم 3162 سنة 1953 كلي
مصر قضى نهائياً برفضها إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع وعول على تلك
الورقة وأسس قضاءه على أن عقد البيع المؤرخ 26/ 1/ 1951 والورقة المؤرخة 16/ 10/
1951 قد تضمنا توقيع جميع الورثة في حين أن الطاعنة الثانية لم توقع على عقد البيع
ولم توقع كل من المطعون ضدهما الخامسة والسادسة على عقد القسمة الذي لم يوافق عليه
الطاعنان الثالث والرابع اللذان لم يصادقا على عقد المبين واكتسب كل منهما حقاً
عينياً شائعاً على عقاري النزاع كما لم يحرر أي اتفاق آخر بين الورثة.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات تنص على أن إذا
كان الحكم قد نقض لغير ذلك من الأسباب تحيل القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم
المطعون فيه للحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم وفي هذا الحال يتحتم على
المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم من محكمة النقض في المسألة القانونية
التي فصلت فيها مفاد ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا نقض الحكم
وأحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه للحكم فيها من جديد بناء
على طلب الخصوم فإنه يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة
النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها هذه المحكمة، وما يحرمه القانون بموجب
هذه المادة على محكمة الإحالة هو مخالفة رأي محكمة النقض في المسألة التي تكون قد
فصلت فيها وأن حكم محكمة النقض يحوز حجية الشيء المحكوم فيه في حدود المسائل التي
بت فيها، وتمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية
ويتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق ما أشار إليه الحكم الناقض
لما كان ذلك وكان الطاعنون ينعون بهذه الأسباب على الحكم المطعون فيه التفاته عن
دفعهم بعدم توقيع جميع الشركاء على عقدي البيع والقسمة وعدم موافقة الطاعنين
الثالث والرابع على البيع وعدم حدوث اتفاق جديد وكانت محكمة النقض قد فصلت في هذه
المسألة القانونية بحكمها الصادر في 11/ 2/ 1980 في الطعن رقم 1056 لسنة 45 ق مدني
الذي سبق أن أقامه المطعون ضدهم الثلاثة الأول على حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر
بتاريخ 30/ 6/ 1975 في الدعوى الحالية وقررت أن العقدين المشار إليهما تضمنا توقيع
جميع الورثة الأمر الذي يعتبر من جانبهم إقراراً لهذا البيع وسريانه في حقهم طبقاً
لنص المادة 467 من القانون المدني وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا القضاء
وفصل في الدعوى على هذا الأساس فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه
بهذه الأسباب في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعون
بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي
بيان ذلك يقولون أن الحكم عول في قضائه على القسمة رغم أنهم تمسكوا أمام محكمة
الاستئناف بصدور تصرفات من المطعون ضده الرابع "البائع" وباقي الورثة
تقطع بالتفاسخ عن عقدي البيع والقسمة ولم يرد على دفاعهم في هذا الشأن بما يعيبه
ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لقاضي الموضوع السلطة في تحصيل
فهم الواقع في الدعوى وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على
أسباب سائغة تكفي لحمله ولا عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم
وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام أن قيام الحقيقة التي
اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات لما
كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم ما أورده الحكم الناقض من أن عقدي البيع
والقسمة تضمنا توقيع جميع الورثة الأمر الذي يعتبر من جانبهم إقراراً لهذا البيع
وسريانه في حقهم. إذا كان ذلك الذي أورده الحكم له أصله الثابت في الأوراق ومؤدياً
إلى ما استخلصه وانتهى إليه ويتضمن الرد المسقط لدفاع الطاعنين المبين بسبب النعي
فإن النعي به يضحى جدلاً موضوعياً غير مقبول أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعون
بالسبب الثامن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي
بيان ذلك يقولون أنهم أوضحوا أمام محكمة الاستئناف أنه سبق أن طلب المطعون ضدهم
الثلاثة الأول قصر الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع على حصة أبيهم المطعون ضده الرابع
مما يعد إقراراً قضائياً منهم بأنه لا يوجد سوى عقد القسمة المقضي نهائياً برفضه
غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع رغم كونه جوهرياً بما يعيبه
ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير
مقبول ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - متى كانت الأوراق قد خلت مما
يدل على تمسك الطاعنين في الاستئناف بما ورد بوجه النعي من دفاع فإنه لا يجوز لهم
إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما كان ذلك وكان دفاع الطاعنين أمام محكمة
الاستئناف قد جرى على أن طلب المطعون ضدهم الثلاثة الأول قصر الحكم بصحة ونفاذ
العقد على حصته يقطع بأنه لا يوجد سوى عقد القسمة المقضي برفضه وهو لا يرد على
تمسكهم بأن طلب المطعون ضدهم سالفي الذكر يعد إقراراً قضائياً أو أنهم طلبوا أعمال
أثره بإقرار قضائي ومن ثم يكون النعي جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل النعي
بالسبب التاسع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال
والإخلال بحق الدفاع إذ أطرح الدفع بصورية العقد على سند من أنه أبدى من الطاعنة
الثانية وحدها في أخر مراحل النزاع رغم أن الطاعن الرابع تسمك به أمام محكمة أول
درجة وتمسك الطاعنون أمام محكمة الاستئناف بأن المبين موضوع النزاع أبرم بالتواطؤ
بين المطعون ضده الرابع وأولاده المطعون ضدهم الثلاثة الأول بما يعيبه ويستوجب
نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود
بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد
عليه هو الدفاع الجوهري الذي من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى والذي
يكون مدعيه قد أقام الدليل عليه أمام المحكمة أو طلب إليها وفقاً للأوضاع المقررة
في القانون تمكينه من إثباته، أما ما دون ذلك من أوجه الدفع فإنه لا يعدو أن يكون
من قبيل المرسل من القول الذي لا إلزام على محكمة الموضوع الالتفات إليه ولا يعيب
حكمها بالتالي ما تكون قد ردت به عليه أياً ما كان وجه الرأي في ردها، لما كان ذلك
وكان الطاعنون لم يقدموا الدليل على صورية هذا العقد ولم يطلبوا من المحكمة إثباته
بإحدى طرق الإثبات المقررة قانوناً وتردداً بين الصورية والتواطؤ فإن النعي لهذا
السبب يكون على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق