الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 27 يونيو 2021

الطعن 90 لسنة 43 ق جلسة 25 / 3 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 82 ص 388

جلسة 25 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، وحسن أبو الفتوح الشربيني، ومحمود كامل عطيفه، وطه الصديق دنانة.

--------------

(82)
الطعن رقم 90 لسنة 43 القضائية

(1) قتل عمد. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
تميز جريمة القتل العمد بنيته خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح. وجوب اعتناق الحكم بالإدانة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة عليه. مثال لتسبيب معيب في التدليل على نية القتل.
 (2)أسباب الإباحة. "الدفاع الشرعي". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتقاؤها. موضوعي بشرط سلامة الاستدلال. مثال لتسبيب معيب في التدليل على انتفاء قيامها.

------------
1 - تتميز جرائم القتل العمد والشروع فيه قانونا – بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهار الروح وهذه تختلف عن القصد الجنائي العام الذى يتطلبه القانون في سائر الجرائم العمدية ومن الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة في تلك الجرائم عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه. ولما كان ما قاله الحكم من استعمال الطاعن سلاحا قاتلا بطبيعته وقوله تارة أنه أطلق عيارين في تجاه عائلة المجنى عليه، وتارة أخرى أنه صوب سلاحه في مستوى المجنى عليه, هذا القول لا يصح أن يستنتج منه قصد القتل إلا إذا أثبت الحكم أن الطاعن صوب العيار إلى المجنى عليه متعمدا إصابته في موضع يعد مقتلا من جسمه وهو ما لم يدلل عليه الحكم، إذ قد يكون إطلاق النار بقصد التعدي فقط أو لمجرد إرهاب المجنى عليه وفريقه وهو احتمال لا يهدره انخفاض مستوى التصويب أو وجود الخصومة لأنهما لا يؤديان حتما وبطريق اللزوم إلى أن الطاعن انتوى إزهاق روح المجنى عليه، ومن ثم يكون الحكم معيبا بالقصور.
2 - لما كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، لمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم استدلالا سليما يؤدى منطقيا إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك، وإذ كان الطاعن قد تمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي عن نفسه ونفس غيره، فقد عرض الحكم لهذا الدفاع وأطرحه تأسيسا على ما قرره من أنه لم يثبت من التحقيقات أن أحدا قد اعتدى على الطاعن أو دخل عليه المسجد وأنه هو الذى غادر المسجد حين سمع بالمشاجرة، وعاد وحصل على البندقية وأطلق العيارين حين شاهد أقاربه مصابين وأن في مصاحبة الطاعن لابن عمه الذى يحمل سلاحا مرخصا له بحمله ووجود باقي أقاربه خارج المسجد دليلا على انتواء الطاعن التحرش بفريق المجنى عليه، وأنه لم يثبت من التحقيقات أن خطرا داهما أصاب الطاعن ولم يكن في مكنته درؤه إلا بهذه الوسيلة. لما كان ذلك، وكان الثابت من تحصيل الحكم لواقعة الدعوى أن فريق المجنى عليه كان هو البادئ بالعدوان على فريق الطاعن الذى أصيب بعض أفراده، وأن الطاعن لما شاهد ما يلحق بذوي قرباه من اعتداء أخذ السلاح من ابن عمه وأطلق عيارين في اتجاه فريق المجنى عليه، وكان مجرد حضور الطاعن إلى مكان الحادث ومعه ابن عمه وهو يحمل سلاحا مرخصا لا يستلزم حتما القول بأنه كان منتويا بالتحرش والعدوان على فريق المجنى عليه، وكان يكفى لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد بدر من المجنى عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، ويكفى أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم بشرط أن يكون هذا الاعتقاد مبنيا على أسباب مقبولة، لما كان ذلك، وكان ما استدل به الحكم على انتفاء قيام حالة الدفاع الشرعي هو مما لا يسوغ حمل قضائه في هذا الشأن فقد بات معيبا بما يستوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 23/ 8/ 1970 بدائرة قسم الفيوم محافظة الفيوم: (1) شرع في قتل...... عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا من بندقية خرطوش قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المجنى عليه ومداركته بالعلاج (2) أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا غير مششخن (بندقية خرطوش) (3) أحرز ذخيرة (طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له بحمله أو إحرازه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الفيوم قضت حضوريا في 18/ 3/ 1972 عملا بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات و1/ 1 و6 و26/ 1 – 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول 2 الملحق بالقانون مع تطبيق المادتين 32/ 2 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم الشروع في القتل العمد وإحراز سلاح ناري مششخن وذخيرة بغير ترخيص قد شابه القصور والتناقض في التسبيب وانطوى على فساد الاستدلال، ذلك بأنه لم يورد أدلة سائغة على توفر نية القتل لدى الطاعن واستخلصها من أمور متناقضة لا تنتجها إذ أورد في بيان الواقعة أن الطاعن خرج من المسجد حاملا بندقية صوبها في اتجاه فريق المجنى عليه وأطلق منها عيارين أصاب أحدهما المجنى عليه ثم دلل على توافر هذه النية بقوله أن تصويب الطاعن العيار في مستوى المجنى عليه يدل على انتوائه إزهاق روحه وهو يناقض ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى من أن الإطلاق كان في اتجاه فريق المجنى عليه، هذا إلى أن الحكم أطرح دفاع الطاعن بقيام حالة الدفاع الشرعي وأقام قضاءه في هذا الشأن على ما لا يسوغ به حمله، ويصبح الحكم بذلك معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بأنه على أثر ظن قام لدى عائلة المجنى عليه بأن الطاعن أرشد عن قريب لهم في قضية سرقة فقد توجه فريق منها لعتابه عتابا تطور إلى مشاجرة سكت الطاعن عن الإبلاغ عنها، وفى ليلة الحادث حضر بعض أقارب الطاعن، وإذ دخل الطاعن إلى المسجد للصلاة وبصحبته أحد أقاربه الذى كان يحمل بندقية، وبقى الآخرون في الخارج فقد حضر فريق من عائلة المجنى عليه وتعدوا عليهم محدثين بهم إصابات، وعندئذ أخذ الطاعن البندقية من قريبه وأطلق عيارين تجاه أفراد تلك العائلة فأصيب المجنى عليه من أحد المقذوفين وفر الطاعن هاربا، وقد خلص الحكم إلى إدانة الطاعن بجريمة الشروع في القتل العمد، وإذ عرض لاستظهار نية القتل لم يكن قوله في ذلك إلا أن قال "أن استعمال المتهم لسلاح قاتل بطبيعته وتصويبه في مستوى المجنى عليه والخصومة الثابتة بينهما والتي ترجع إلى عامين سابقين باعتراف المتهم كل ذلك يقطع بانتواء المتهم قتل المجنى عليه، فلو أن المتهم أراد الدفاع عن نفسه أو إرهاب الموجودين لأطلق العيار في الهواء فلا يصيب أحدا ولكن تصويب العيار في مستوى المجنى عليه يدل على انتوائه إزهاق روحه". لما كان ذلك، وكانت جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز قانونا بنية خاصة هي انتوائه القتل وإزهاق الروح وهذه تختلف عن القصد الجنائي العام الذى يتطلبه القانون في سائر الجرائم العمدية ومن الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة في تلك الجرائم عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه، وكان ما قاله الحكم من استعمال الطاعن سلاحا قاتلا بطبيعته وقوله تارة إنه أطلق عيارين في اتجاه عائلة المجنى عليه وتارة أخرى أنه صوب سلاحه في مستوى المجنى عليه، هذا القول لا يصح أن يستنتج منه قصد القتل إلا إذا أثبت الحكم أن الطاعن صوب العيار إلى المجنى عليه متعمدا إصابته في موضع يعد مقتلا من جسمه وهو ما لم يدلل عليه الحكم إذ قد يكون اطلاق النار بقصد التعدي فقط أو لمجرد إرهاب المجني عليه وفريقه وهو احتمال لا يهدره انخفاض مستوى التصويب أو وجود الخصومة لأنهما لا يؤديا حتما وبطريق اللزوم إلى أن الطاعن انتوى إزهاق روح المجنى عليه ومن ثم يكون الحكم معيبا بالقصور. وفضلا عن ذلك فإنه لما كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، لمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم استدلال سليما يؤدى منطقيا إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك، وإذ كان الطاعن قد تمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي عن نفسه ونفس غيره، فقد عرض الحكم لهذا الدفاع وأطرحه تأسيسا على ما قرره من أنه لم يثبت من التحقيقات أن أحدا قد اعتدى على الطاعن أو دخل عليه المسجد وأنه هو الذى غادر المسجد حين سمع بالمشاجرة وعاد وحصل على البندقية وأطلق العيارين حين شاهد أقاربه مصابين وأن في مصاحبة الطاعن لابن عمه الذى يحمل سلاحا مرخصا له بحمله ووجود باقي أقاربه خارج المسجد دليلا على انتواء الطاعن التحرش بفريق المجنى عليه، وأنه لم يثبت من التحقيقات أن خطرا داهما أصاب الطاعن ولم يكن في مكنته درؤه إلا بهذه الوسيلة. لما كان ذلك، وكان الثابت من تحصيل الحكم لواقعة الدعوى أن فريق المجنى عليه كان هو البادئ بالعدوان على فريق الطاعن الذى أصيب بعض أفراده، وأن الطاعن لما شاهد ما يلحق بذوي قرباه من اعتداء أخذ السلاح من ابن عمه وأطلق عيارين في اتجاه فريق المجنى عليه، وكان مجرد حضور الطاعن إلى مكان الحادث ومعه ابن عمه وهو يحمل سلاحا مرخصا لا يستلزم حتما القول بأنه كان منتويا التحرش والعدوان على فريق المجنى عليه، وكان يكفى لقيام حق الدفاع الشرعي أن يكون قد بدر من المجنى عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، ويكفى أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم بشرط أن يكون هذا الاعتقاد مبنيا على أسباب مقبولة. لما كان ذلك، وكان ما استدل به الحكم على انتفاء قيام حالة الدفاع الشرعي هو مما لا يسوغ حمل قضاءه في هذا الشأن، فقد بات معيبا بما يستوجب نقضه والإحالة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق