جلسة 2 من يونيه سنة 1955
برياسة السيد الأستاذ
محمد نجيب أحمد وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: أحمد العروسى ومحمود عياد،
ومحمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.
--------------
(158)
القضية رقم 231 سنة 21
القضائية
(أ) دعوى إبطال التصرف.
بيع. تسجيل.
طلبات المشترى الذى لم
يسجل عقده تحددت بطلب إبطال التصرف الصادر للمشترى الذى سجل عقده وفقا للمادة 143
مدنى قديم. إضافته بعد ذلك طلبا آخر هو الحكم بصحة ونفاذ عقده. هذا لا يغير أساس
الدعوى بجعلها مفاضلة بين عقدين.
(ب) دعوى إبطال التصرف.
بيع.
تحقق الشروط المقررة
لبطلان التصرف وفقا للمادة 143 مدنى قديم. رجوع العقار إلى ملكية المدين. حق
المشترى الذى لم يسجل عقده مقصور على التنفيذ على العقار لاستيفاء دينه. ليس في حقه
أن يعود للمطالبة بصحة ونفاذ عقده. علة ذلك.
------------
1 - متى كان الواقع في الدعوى
هو أن طلبات المشترى الذى لم يسجل عقده أمام محكمة الموضوع قد تحددت بصفة أصلية
واستقرت على التمسك بطلب إبطال التصرف الصادر من البائع إلى المشترى الذى سجل عقده
تأسيسا على المادة 143 من القانون المدني القديم، فإن إضافته إلى ذلك طلبا آخر هو
الحكم بصحة ونفاذ عقده ليس من شأنه إهدار الطلب الأصلي في الدعوى وهو إبطال التصرف
المؤسس على الدعوى البوليصية وتكون المحكمة إذ اعتبرت الدعوى مفاضلة بين عقدين
لمجرد هذه الإضافة وأعملت حكمها على ما بين الطلبين من تفاوت في الأثر القانوني
لكل منهما ودون أن تعرض لبحث طلب إبطال التصرف استقلالا قد خالفت القانون وأخطأت
في تطبيقه.
2 - متى تحققت الشرائط
المقررة لبطلان التصرف تأسيسا على المادة 143 من القانون المدني القديم فإن مؤدى
ذلك أن تعود ملكية العين المتصرف فيها إلى البائع ويكون من حق المشترى الذى لم
يسجل عقده بوصفه دائنا بالثمن التنفيذ عليها جبرا استيفاء لدينه وليس من شأن هذا
التنفيذ أن يعود هذا المشترى إلى بعث عقده الابتدائي ومطالبته الحكم بصحته ونفاذه،
لأن الملكية تكون قد انتقلت بالتسجيل إلى المشترى الذى سجل عقده محملة بحق المشترى
الذى يسجل بوصفه دائنا للبائع وليس للدائن في مقام التنفيذ بدينه أن يطالب بملكية
العقار الذى يجرى عليه التنفيذ.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد
استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن مورث الطاعنين المرحوم
محمد على يوسف أبو زينه عن نفسه وبصفته وليا شرعيا على أولاده من زوجته المرحومة
ستيته أحمد محمد الجناينى وهم أحمد ونعيمه وبيه أقام الدعوى رقم 297 سنة 1942 مدنى
جزئي مركز طنطا ضد إبراهيم شلتوت المطعون عليه الثاني بصفته الوارث الوحيد لوالدته
المرحومة حلوه سيد احمد وفهيمة السيد شلبي زوجة محمد المرشدي بصحيفة معلنة بتاريخ
29/ 9/ 1941 طلب فيها الحكم بإبطال البيع الصادر من المرحومة حلوه سيد احمد
للمطعون عليها فهيمه السيد شلبي بتاريخ 10/ 6/ 1937 عن مقدار 22 ط و12 س موضحة
الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والصادر بشأنها حكم صحة التوقيع في القضية رقم 988
سنة 1938 مدنى مركز طنطا وشطب جميع التسجيلات الموقعة على القدر المذكور لصالح
المطعون عليها الأولى وكف منازعتها له في القدر المذكور لأنه بموجب عقد بيع ابتدائي
تاريخه 19/ 2/ 1934 باعت مورثة المطعون عليه الثاني إلى مورثته عن نفسه وبصفته
المرحومة ستيته أحمد الجناينى 21 ط على قطعتين و33 مترا شائعة في منزل مساحته 80
مترا مبينة الحدود بصحيفة الدعوى، ونظرا لأن البائعة امتنعت عن التصديق على عقد
البيع النهائي فقد استصدرت ضدها حكما في القضية رقم 2669 سنة 1938 مركز طنطا بصحة
توقيعها على العقد المذكور بعد أن حاولت الطعن فيه بالتزوير وأخفقت، وبالرغم من
ذلك ومن قبضها كامل الثمن فقد عمدت إلى بيع الأطيان الزراعية إلى المطعون عليها
الأولى باعتبارها 22 ط و12 س منها 12 ط و12 س بحوض السبعة و10 ط بحوض الأيتام
وجعلت تاريخ البيع 10/ 6/ 1937 وهو غير صحيح ثم تواطأت البائعة والمشترية فرفعت
المشترية "المطعون عليها الأولى" دعوى صحة التوقيع عن هذا القدر قضى لها
فيها في القضية رقم 988 سنة 1938 مركز طنطا، ولما كان التواطؤ واضحا فقد رفع
الدعوى الحالية. بصحيفة معلنة في 14/ 10/ 1942 أضاف المدعى "المرحوم محمد على
يوسف أبو زينه عن نفسه وبصفته طلبا جديدا إلى طلباته السابقة هو الحكم بصحة ونفاذ
عقد البيع الصادر من المرحومة حلوه سيد احمد أبو جندي إلى مورثته المرحومة ستيتة
أحمد محمد الجنايني الرقيم 19/ 2/ 1934 المبينة حدوده بصحيفة افتتاح الدعوى.
وبتاريخ 25/ 5/ 1944 أصدرت محكمة أول درجة حكمها تمهيديا بالإحالة إلى التحقيق
ليثبت المدعى وجود تواطؤ تدليسي بين البائعة والمشترية فهيمه السيد شلبي
"المطعون عليها الأولى" بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة وأذنت للمدعى
عليهما بالنفي بذات الطرق إلا أنه بجلسة 25/ 10/ 1945 تنازل وكيل المدعى ووكيل
المدعى عليها الثانية "فهيمه السيد شلبي" عند سماع الشهود في الدعوى.
وبتاريخ 10/ 1/ 1946 قضت المحكمة مرة أخرى بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى
أن البيع الثاني صدر من مورثة المدعى عليه الأول "المطعون عليه الثاني"
لابنة ابنتها المدعى عليها الثانية وهى المطعون عليها الأولى "بقصد الإضرار
لمورثة المدعى وبسوء نية وأنه ترتب عليه إعسارها وعلى المدعى عليها الثانية النفي
بكافة الطرق مع تكليف المدعى بتقديم كشف رسمي عن تكليف مورثة المدعى عليه لأول
المرحومة "حلوه أبو جندي" وبعد أن سمعت المحكمة شاهدي المدعى - إذ لم
تشهد المدعى عليها الثانية فهيمة السيد شلبى أحدا - قضت محكمة أول درجة بتاريخ 16/
5/ 1946 حضوريا - أولا - ببطلان عقد البيع الصادر من المرحومة حلوه سيد أحمد مورثة
المدعى عليه الأول "المطعون عليه الثاني" للمدعى عليها الثانية
"المطعون عليها الأولى" بتاريخ 10 يونيه سنة 1937 عن الأطيان الواردة
بصحيفة الدعوى والصادر بشأنها حكم صحة التوقيع في القضية رقم 988 سنة 1938 مركز
طنطا وشطب التسجيلات الموقعة على هذا القدر لصالح المدعى عليها الثانية وكف منازعة
المدعى عليهما للمدعى بصفته في القدر المذكور - ثانيا - بصحة ونفاذ عقد البيع
الصادر من مورثة المدعى عليه الأول المرحومة حلوه سيد أحمد لمورثة المدعى بصفته
المرحومة ستيتة أحمد محمد الجنايني الرقيم 19 فبراير سنة 1949 المتضمن بيع 21 ط
بزمام شوبر مركز طنطا و33 مترا في المنزل المبينة حدوده بصحيفة الدعوى... الخ
استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم أمام محكمة طنطا الابتدائية وقيد
استئنافها برقم 333 سنة 1948 طالبة قبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف
ورفض دعوى المستأنف عليه فيما قضى به الحكم المستأنف من بطلان عقد المستأنفة وصحة
عقد المستأنف عليه الأول وذلك للأسباب التي أوضحتها في صحيفة استئنافها. ونظرا
لوفاة المرحوم محمد على يوسف أبو زينه فقد أوقفت الدعوى بجلسة 20/ 10/ 1948 ثم
عجلتها المستأنفة ضد الورثة وهم الطاعنون الحاليون وضد إبراهيم علام شلتوت -
المطعون عليه الثاني - وبتاريخ 8/ 4/ 1951 قضت المحكمة الاستئنافية بقبول
الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى مورث المستأنف عليهم
عدا الأخير مؤسسة قضاءها على أن مورث المستأنف عليهم إذ عدل طلباته أمام محكمة أول
درجة بإضافة طلب جديد إلى جانب بطلان عقد المستأنفة هو الحكم له أيضا بصحة ونفاذ
عقده الابتدائي يكون بذلك قد ألبس دعواه ثوب المفاضلة بين عقدين صادرين إلى مشترين
مختلفين من بائع واحد ونزع عنها بذلك ثوب الدعوى البوليصة ويكون بذلك قد أخرج نفسه
من عداد الدائنين الذين لهم حق رفع الدعوى البوليصية توصلا للحصول على دينهم. فطعن
الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على
سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه أخطأ تطبيق القانون إذ اعتبر أن
الدعوى في تكييفها مفاضلة بين عقدين صادرين من بائعة واحدة وان أحدهما مسجل فيفضل
الآخر ولو كان وليد تواطؤ، مع أن أساس الخصومة أن مورث الطاعنين دائن بثمن العقار
الذى اشتراه من "حلوه" فهو وإن كان مشتريا بعقد عرفي إلا أنه في الوقت
نفسه بالنسبة لتصرف "حلوه" عن ذات العقار يعتبر دائنا لها بالثمن الذى
قبضته، ودينه سابق للتصرف الذى صدر من "حلوه" إلى "فهيمه"
والغش والإضرار دليلهما قائم وقد أعسرت "حلوه" فلم يعد لها مال ولن
يستطيع مورث الطاعنين وله دين بقيمة الثمن المدفوع أن يرجع بدينه عليها، فتوافرت
شرائط الدعوى البوليصية (المادة 143 مدنى قديم) فيبطل العهد الصادر من
"حلوه" إلى "فهيمه" ومن نتائج هذا البطلان أن يعود العقار حتى
ولو كان قد انتقل بالتسجيل - إلى ملكية البائعة وإذن يحق له عقب هذا البطلان وعقب
قيام نتائجه أن يطلب التنفيذ عينا على ذات العقار اقتضاء لدينه وهو الثمن الذى
دفعه للصفقة التي اشتراها بالعقد المؤرخ 19/ 2/ 1934، ولكن الحكم المطعون فيه جاء
يردد عبارة غامضة ويرتب عليها نتيجة خاطئة بقوله "إن مورث الطاعنين بطلبه صحة
ونفاذ عقده إنما يضع نفسه موضع المشترى بعقد عرفي غير مسجل ويطلب تفضيله على عقد
المستأنفة المسجل وبذلك يكون قد أخرج نفسه من عداد الدائنين العاديين الذى لهم
الحق في رفع الدعوى البوليصية توصلا للحصول على دينهم لأنه هنا ليس بدائن وإنما
يطلب الحكم بصحة ونفاذ عقده، ومن ثم فلا ينظر إلى توافر شروط الدعوى البوليصية من
تدليس أو إعسار وغيرهما أو عدم توافرها، بل الذى يجدر بحثه هو أي العقدين يفضل
الآخر وفقا لأحكام قانون التسجيل". وهذا تقرير خاطئ ومخالف للقانون يستوجب
نقض الحكم.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه أورد في أسبابه "وحيث إن مورث المستأنف عليهم عدل طلباته أمام محكمة أول
درجة بإضافة طلب الحكم له إلى جانب بطلان عقد المستأنفة، الحكم له أيضا بصحة ونفاذ
عقده الابتدائي الصادر له من مورثة المستأنف عليه الثاني وهى نفس البائعة
للمستأنفة، قد ألبس دعواه ثوب مفاضلة بين عقدين صادرين إلى مشتريين مختلفين من
بائع واحد ونزع عنها ثوب الدعوى البوليصية وحجته في تلك المفاضلة أن عقد المستأنفة
ولو أنه سجل قبل عقده إلا أنه وليد تواطؤ بين الطرفين وأنه ترتب عليه إعسار
البائعة" إلى إن قال "ويبين مما تقدم أن مورث المستأنف عليهم قد وضع
نفسه بهذا التعديل في مركز المشترى بعقد عرفي يطلب تفضيله به على عقد المستأنفة
المسجل ويكون بذلك قد أخرج نفسه من عداد الدائنين العاديين الذين لهم حق رفع
الدعوى البوليصية توصلا للحصول على دينهم فإنه هنا ليس له دين يطالب بالمحافظة
عليه وإنما يطلب الحكم له بصحة ونفاذ عقده الصادر إليه، فلا ينظر في هذا الصدد إلى
توافر شروط الدعوى البوليصية... وإنما الذى يجدر بحثه هو أي العقدين يفضل الآخر
وفقا لأحكام قانون التسجيل"... ويبين من هذا الذى أورده الحكم أن المحكمة إذ
ذهبت في تكييفها لدعوى الطاعنين إلى أنها مفاضلة بين عقدهم العرفي المؤرخ 19/ 2/
1934 وعقد المطعون عليها الأولى الذى سجل حكم صحة التوقيع الصادر بشأنه تكون قد
أخطأت في هذا التكييف: ذلك أن الثابت بالأوراق أن طلبات الطاعنين الختامية أمام
محكمة أول درجة قد تحددت بصفة أصلية واستقرت على التمسك بطلب إبطال التصرف الصادر
إلى المطعون عليها الأولى تأسيسا على المادة 143 مدنى قديم، فإذا كان الطاعنون قد
أضافوا إلى ذلك طلبا آخر هو الحكم لهم بصحة ونفاذ عقد مورثتهم العرفي المؤرخ 19/
2/ 1934 فإن إضافة مثل هذا الطلب ليس من شأنها أن تهدر الطلب الأصيل في الدعوى وهو
إبطال التصرف المؤسس على الدعوى البوليصية ولا تأثير لها عليه. والمحكمة إذ اعتبرت
الدعوى مفاضلة بين عقدين لمجرد هذه الإضافة وأعملت حكمها على ما بين الطلبين من
تفاوت في الأثر القانوني لكل منهما ودون أن تعرض لبحث طلب إبطال التصرف استقلالا،
تكون قد خالفت القانون وأخطأت تطبيقه مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه في خصوص
هذا السبب.
وحيث إن السبب الثاني
يتحصل فيما يقوله الطاعنون إنه متى تحققت شرائط بطلان التصرف الصادر للمطعون عليها
الأولى وفقا لحكم المادة 143 مدنى قديم فإن العين المتصرف فيها تعود إلى ملكية
البائعة كنتيجة لهذا البطلان وكان من حق الطاعنين التنفيذ عليها عينا وذلك بإجراء
مفعول عقدهم العرفي ومؤدى هذا التنفيذ الحكم لهم بصحة ونفاذ عقدهم المشار إليه وهو
ما طلبوه وتمسكوا به في الدعوى بالإضافة إلى طلب البطلان.
ومن حيث إن هذا النعي
مردود بأنه متى تحققت الشرائط المقررة لبطلان التصرف تأسيسا على المادة 143 مدنى
قديم فمؤدى ذلك أن تعود ملكية العين المتصرف فيها إلى البائعة ويكون من حق
الطاعنين بوصفهم دائنين بالثمن التنفيذ عليها جبرا استيفاء لدينهم وليس من شأن هذا
التنفيذ أن يعود الطاعنون إلى بعث عقدهم الابتدائي ومطالبتهم الحكم بصحته ونفاذه
لأن هذه الملكية قد انتقلت إلى المطعون عليها بالتسجيل محملة بحق الطاعنين بوصفهم دائني
البائعة وليس للدائن في مقام التنفيذ بدينه أن يطالب بملكية العقار الذى يجرى عليه
التنفيذ والحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض هذا الطلب إعمالا لأحكام قانون
التسجيل كان قضاؤه صحيحا في القانون مما يتعين معه رفض هذا السبب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق