برئاسة السيد المستشار/ د. سعيد فهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حامد زكي، صلاح الجبالي "نائبي رئيس
المحكمة" رأفت
الحسيني وكمال عبد الله
وبحضور رئيس النيابة السيد/ أحمد فاروق عوض.
وأمين السر السيد/ محمود مدين.
-----------------
- 1 أحكام القانون 72 لسنة 2007
مقتضاه. تحقيق التوازن بين توسيع نطاق الحماية التأمينية للمضرورين ورعاية الجانب
الاقتصادي لشركات التأمين وتفادي ما تتحمله الأخيرة من خسائر لعدم التناسب بين
قيمة التعويضات عن حوادث السيارات وثبات أقساط التأمين الإجباري. سبيله. انعدام
الصفة التعويضية لمبلغ التأمين المحدد سلفا الذي تلتزم شركة التأمين بأدائه إلى
المضرور وورثته دون غيرهم عن حالات الوفاة أو العجز الكلي أو الجزئي المستديم
المحدد بنسبة ذلك العجز دون النظر لتوافر ركن الخطأ في جانب مرتكب الحادث اكتفاء
بتحقق الضرر الذي يلحق بالمستفيدين من التأمين وعدم لزوم اللجوء للقضاء لإثباته.
جواز الجمع بين مبلغ التأمين وتعويض المسئولية المدنية عند الرجوع على المتسبب في
الحادث بما يجاوزه أو أية مبالغ أخرى تستحق بموجب وثائق تأمين اختيارية. المواد 1،
8، 9، 16 من هذا القانون. علة ذلك.
إذ كان القانون رقم 72 لسنة 2007 قد نص في المادة (1) منه على أن
"........ يشمل التأمين حالات الوفاة والإصابة البدنية وكذا الأضرار المادية
التي تلحق بممتلكات الغير عدا تلفيات المركبات، وذلك وفقا لأحكام الوثيقة الصادرة
تنفيذا لهذا القانون وفي المادة (8) منه على أن "تؤدي شركة التأمين مبلغ
التأمين المحدد عن الحوادث المشار إليها في المادة (1) .... إلى المستحق أو ورثته
وذلك دون حاجة إلى اللجوء للقضاء في هذا الخصوص ويكون مبلغ التأمين ... أربعون ألف
جنيه في حالات الوفاة أو العجز الكلي المستديم ويحدد مقدار مبلغ التأمين في حالات
العجز الجزئي المستديم بمقدار نسبة العجز ... وعن الأضرار التي تلحق بممتلكات
الغير بحد أقصى قدره عشرة آلاف جنيه .... على أن يصرف مبلغ التأمين في مدة لا
تجاوز شهرا من تاريخ إبلاغ شركة التأمين بوقوع الحادث" وفي المادة (9) على أن
"للمضرور أو ورثته اتخاذ الإجراءات القضائية قبل المتسبب عن الحادث والمسئول
عن الحقوق المدنية للمطالبة بما يجاوز مبلغ التأمين وفي المادة (16) على أن
"يجوز للمضرور أو ورثته الجمع بين مبلغ التأمين ...... وأية مبالغ أخرى تستحق
بمقتضى وثائق تأمين اختيارية تكون قد أبرمت لتغطية الإصابات البدنية أو الوفاة
الناجمة عن حوادث المركبات "وكان يبين من استقراء تلك النصوص أن القانون
الجديد رقم 72 لسنة 2007 قد استحدث أحكاما لا نظير لها في القانون السابق رقم 652
لسنة 1955 – الذي كان يضمن للمضرور أو ورثته استيداء التعويض الذي يحكم به من شركة
التأمين مقابل قسط محدود يسدده مالك السيارة ويدفع به عن كاهله المسئولية المدنية
– مقتضاها تحقيق نوع من التوازن بين إسباغ الحماية التأمينية للمضرورين وتوسيع
نطاقها، ورعاية الجانب الاقتصادي لشركات التأمين لتفادي ما تتحمله من خسائر بسبب
عدم التناسب بين قيمة التعويضات عن حوادث السيارات التي تزايدت بصورة جسيمة وثبات
أقساط التأمين الإجباري، والتأكيد على انعدام الصفة التعويضية لمبلغ التأمين –
المحدد سلفا – الذي تلتزم شركة التأمين بأدائه إلى المضرور أو ورثته – دون غيرهم –
عن حالات الوفاة أو العجز الكلي المستديم أو العجز الجزئي المستديم التي أفرد لها
حكما خاصا يحدد بمقتضاه مبلغ التأمين بنسبة العجز. على نحو ما ورد بالجدول المرفق
باللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادر بها قرار وزير الاستثمار رقم 217 لسنة
2007 بتاريخ 13/8/2007، وبغض النظر عن توافر ركن الخطأ في جانب مرتكب الحادث اكتفاء
بتحقق الخطر المؤمن منه. "non fault insurance
system " والمتمثل في الضرر الذي يلحق المستفيدين من هذا التأمين، دون الحاجة
إلى اللجوء للقضاء ضمانا لأن تبسط التغطية التأمينية مظلتها تخفيفا للعبء عن كاهل
المضرورين من طول إجراءات التقاضي لإثبات الخطأ في جانب المسئول مع إجازة الجمع
بين مبلغ التأمين وتعويض المسئولية المدنية عند الرجوع على المتسبب في الحادث
للمطالبة بما يجاوز مبلغ التأمين الذي يتم استيداؤه من الشركة المؤمنة أو أية
مبالغ أخرى تستحق بموجب وثائق اختيارية تكريسا لمبدأ "أن حياة الإنسان لا
يعادلها ثمن.
---------------
الوقائع
في يوم 2/2/2010 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط
"مأمورية سوهاج" الصادر بتاريخ 8/12/2009 في الاستئنافين رقمي 1026،
1135 لسنة 84 ق وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع
بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
وفي اليوم نفسه أودعت الطاعنة مذكرة شارحة.
وفي 16/2/2010 أعلن المطعون ضدهما بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه.
وبجلسة 9/12/2010 عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا
بالنظر فحددت لنظره جلسة 12/5/2011 للمرافعة.
وبجلسة 12/5/2011 سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر
الجلسة حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها والمحكمة ارجأت إصدار الحكم لجلسة
اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر/ حامد زكي عبد المنعم "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة وبعد
المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما على الشركة الطاعنة الدعوى 1714 لسنة 2008 مدني
محكمة سوهاج الابتدائية طلبا لحكم يلزمها بأن تؤدي إليهما مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه
تعويضا عما لحقهما ولحق مورثتهما من أضرار جراء وفاتها خطأ بتاريخ 4/3/2008 في
حادث سيارة مؤمن من مخاطرها لدى الطاعنة ومحكمة أول درجة حكمت لكل منهما بما قدرته
من تعويض مادي وأدبي ورفضت ما عدا ذلك من طلبات فاستأنف المطعون ضدهما هذا الحكم
بالاستئناف 1026 سنة 84 ق أسيوط - مأمورية سوهاج - كما استأنفته الطاعنة لدى ذات
المحكمة بالاستئناف 1135 سنة 84 ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ
8/12/2009 في الاستئناف الأول بتعديل الحكم المستأنف بزيادة التعويض المادي
والأدبي المقضي به للمطعون ضدهما على أن يقسم بينهما بالسوية وبتعويض موروث يوزع
بينهما طبقا للفريضة الشرعية وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعنت الطاعنة في هذا
الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، عرض الطعن على هذه
المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في
تطبيقه وشابه القصور في التسبيب إذ قضى بالتعويض استنادا لأحكام القانون رقم 652
لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية عن حوادث السيارات في حين
أن القانون رقم 72 لسنة 2007 والذي وقع الحادث الذي أودى بحياة مورثة المطعون
ضدهما في ظله هو الواجب التطبيق وتسري أحكامه على هذه الواقعة بما في ذلك الحد
الأقصى لمبلغ التأمين التي حددته بمبلغ أربعين ألف جنيه في حالة الوفاة أو العجز
الكلي المستديم وإذ قضى الحكم بتعويض إجمالي للمطعون ضدهما مقداره ستون ألف جنيه
متجاوزا الحد الأقصى الذي حدده ذلك القانون رغم تمسك الطاعنة في دفاعها بإعمال
أحكامه فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه لما كان من أسس النظام القانوني
والمبادئ الدستورية العامة المتواضع عليها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن
لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر
فيما وقع قبلها، وأن القانون بوجه عام يطبق على الوقائع والمراكز القانونية التي
تنشأ أو تتم في الفترة من تاريخ العمل به إلى حين إلغائه، فيسري القانون الجديد
بأثر فوري على ما يقع أو يتم منها بعد نفاذه، وكان القانون رقم 72 لسنة 2007
بإصدار قانون التأمين الإجباري عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث مركبات
النقل السريع داخل جمهورية مصر العربية قد نص في المادة الثالثة* من مواد إصداره
على أن "يلغى القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية
المدنية الناشئة عن حوادث السيارات، كما يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا
القانون" وفي المادة الخامسة على أن "ينشر هذا القانون في الجريدة
الرسمية، ويعمل به بعد شهر من تاريخ نشره ..." وإذ تم نشر هذا القانون في
الجريدة الرسمية بالعدد (21) مكرر للسنة الخمسين بتاريخ 29 مايو سنة 2007، وصار
نافذا اعتبارا من 30 يونيو سنة 2007 بما لازمه أن يجري إعمال أحكامه منذ هذا
التاريخ على الوقائع والمراكز القانونية التي تنشأ بعد نفاذه، دون أحكام القانون
السابق. لما كان ذلك وكان القانون رقم 72 لسنة 2007 قد نص في المادة (1) منه على
أن "... يشمل التأمين حالات الوفاة والإصابة البدنية وكذا الأضرار المادية
التي تلحق بممتلكات الغير عدا تلفيات المركبات، وذلك وفقا لأحكام الوثيقة الصادرة
تنفيذا لهذا القانون" وفي المادة (8) منه على أن "تؤدي شركة التأمين
مبلغ التأمين المحدد عن الحوادث المشار إليها في المادة (1) .... إلى المستحق أو
ورثته وذلك دون حاجة إلى اللجوء للقضاء في هذا الخصوص ويكون مبلغ التأمين ...
أربعون ألف جنيه في حالات الوفاة أو العجز الكلي المستديم ويحدد مقدار مبلغ
التأمين في حالات العجز الجزئي المستديم بمقدار نسبة العجز .... وعن الأضرار التي
تلحق بممتلكات الغير بحد أقصى قدره عشرة آلاف جنيه ... على أن يصرف مبلغ التأمين
في مدة لا تجاوز شهرا من تاريخ إبلاغ شركة التأمين بوقوع الحادث" وفي المادة
(9) على أن "للمضرور أو ورثته اتخاذ الإجراءات القضائية قبل المتسبب عن
الحادث والمسئول عن الحقوق المدنية للمطالبة بما يجاوز مبلغ التأمين" وفي
المادة (16) على أن "يجوز للمضرور أو ورثته الجمع بين مبلغ التأمين ... وأية
مبالغ أخرى تستحق بمقتضى وثائق تأمين اختيارية تكون قد أبرمت لتغطية الإصابات
البدنية أو الوفاة الناجمة عن حوادث المركبات" وكان يبين من استقراء تلك
النصوص أن القانون الجديد رقم 72 لسنة 2007 قد استحدث أحكاما لا نظير لها في
القانون السابق رقم 652 لسنة 1955 - الذي كان يضمن للمضرور أو ورثته استيداء
التعويض الذي يحكم به من شركة التأمين مقابل قسط محدد يسدده مالك السيارة ويدفع به
عن كاهله المسئولية المدنية - مقتضاها تحقيق نوع من التوازن بين إسباغ الحماية
التأمينية للمضرورين وتوسيع نطاقها، ورعاية الجانب الاقتصادي لشركات التأمين
لتفادي ما تتحمله من خسائر بسبب عدم التناسب بين قيمة التعويضات عن حوادث السيارات
التي تزايدت بصورة جسيمة وثبات أقساط التأمين الإجباري، والتأكيد على انعدام الصفة
التعويضية لمبلغ التأمين - المحدد سلفا - الذي تلتزم شركة التأمين بأدائه إلى
المضرور أو ورثته - دون غيرهم - عن حالات الوفاة أو العجز الكلي المستديم أو العجز
الجزئي المستديم التي أفرد لها حكما خاصا يحدد بمقتضاه مبلغ التأمين بنسبة العجز،
على نحو ما ورد بالجدول المرفق باللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادر بها قرار
وزير الاستثمار رقم 217 لسنة 2007 بتاريخ 13/8/2007، وبغض النظر عن توافر ركن
الخطأ في جانب مرتكب الحادث اكتفاء بتحقق الخطر المؤمن منه.
"non fault insurance system" والمتمثل
في الضرر الذي يلحق المستفيدين من هذا التأمين، دون الحاجة إلى اللجوء للقضاء
ضمانا لأن تبسط التغطية التأمينية مظلتها تخفيفا للعبء عن كاهل المضرورين من طول
إجراءات التقاضي لإثبات الخطأ في جانب المسئول مع إجازة الجمع بين مبلغ التأمين
وتعويض المسئولية المدنية عند الرجوع على المتسبب في الحادث للمطالبة بما يجاوز
مبلغ التأمين الذي يتم استيداؤه من الشركة المؤمنة أو أية مبالغ أخرى تستحق بموجب
وثائق تأمين اختيارية تكريسا لمبدأ "أن حياة الإنسان لا يعادلها ثمن".
لما كان ما سلف وكان الواقع في الدعوى وعلى ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه
أن السيارة أداة الحادث كان مؤمنا من مخاطرها لدى الشركة الطاعنة عن المدة من
29/8/2007 إلى 29/8/2008 وأن إصابة مورثة المطعون ضدهما التي أودت بحياتها - وهي
الواقعة المنشئة للحق موضوع التداعي - قد حدثت بتاريخ 4/3/2008 فإن أحكام القانون
رقم 72 لسنة 2007 والمعمول بها اعتبارا من 30/6/2007 تكون هي الواجبة التطبيق دون
أحكام القانون رقم 652 لسنة 1955 وكان الحكم المطعون فيه وإن أصاب في تقريره لحق
المطعون ضدهما في الرجوع على الشركة الطاعنة باعتبارها مؤمنا لديها على السيارة
مرتكبة الحادث إلا أنه أخطأ حين قضى بإلزامها بأن تؤدي إليهما تعويضا عن الأضرار
المادية والأدبية التي لحقتهما جراء وفاة مورثتهما فضلا عن التعويض الموروث بلغت
جملته ستين ألف جنيه استنادا لأحكام القانون رقم 652 لسنة 1955 ومجاوزا بذلك مبلغ
التأمين المنصوص عليه في القانون رقم 72 لسنة 2007 وحددته المادة (8) منه بمبلغ
أربعين ألف جنيه وألزمت شركة التأمين بأدائه باعتباره تأمينا مستحقا للورثة في
حالات الوفاة لا تعويضا فإنه يكون فضلا عن خطئه في الإسناد قد خالف القانون وأخطأ
في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما قضى به على الشركة
الطاعنة من أداء يجاوز مبلغ أربعين ألف جنيه المستحقة للمطعون ضدهما كتأمين وألزمت
الأخيرين بالمصاريف المناسبة ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.