الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 مارس 2017

الطعن 429 لسنة 2012 ق (هيئة عامة مدني نقض ابوظبي) جلسة 24 / 7 / 2013 مكتب فني 7 ج 1 ص 1

برئاسة السيد المستشار/ علال لعبودي – رئيس المحكمةوعضوية المستشارين: الصديق أبوالحسن، محمد الأمينأمام البدري، يوسف عبدالحليم.
---------------
- 1  ديه. شريعه إسلاميه. مذاهب فقهيه. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما يقبل منها". تعويض. أرش. حكومة عدل. –
ديه المرأه على النصف من ديه الرجل. أساس ذلك وعلته؟
لما كانت المادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة1987 وتعديلاته قد نصت على أنه( تسري في شأن جرائم الحدود والقصاص والدية أحكام الشريعة الإسلامية وتحدد الجرائم والعقوبات التعزيرية وفق أحكام هذا القانون والقوانين العقابية الأخرى) ونصت المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم على أنه (فيما عدا ما تختص به المحكمة الاتحادية العليا من الجرائم تختص المحاكم الشرعية دون غيرها بالإضافة إلى اختصاصاتها الأخرى بنظر الجرائم الآتية وكل ما يتصل بها أو يتفرع عنها أو يكون مقدمة لها .....، جرائم الحدود والقصاص والدية.) ونصت المادة الثانية من ذات القانون على أن (تطبق على جميع الجرائم المنصوص عليها في المادة (1) من هذا القانون أحكام الشريعة الإسلامية حداً أو تعزيراً على ألا تقل العقوبة التعزيرية عن الحدود الدنيا المقررة قانوناً) ونصت المادة 4 منه على ان يلغى كل حكم بخالف أو يتعارض مع أحكام هذا القانون. ومفاد هذا أن جرائم القصاص والدية والجرائم الأخرى الواردة في مادتي القانونين 3/1987 و3/1996 أخضعهما المشرع لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية المستندة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وفقه السلف المستنبط من هذين المصدرين باجتهاد الفقهاء حسب الضوابط التي وضعوها في كتبهم وقد ترك المشرع الأحكام الشرعية المتعلقة بهده الجرائم دون تقنين فقهي محدد بالمواد كما هو الحال في قانون العقوبات. ولذلك تفسر الأحكام الشرعية المتعلقة بها حسب نصوص الفقه الشرعي، يؤيد ذلك أن الدية عقوبة وتعويض وتطبق عليها أحكام الفقه المالكي المعمول به في الدولة. وقد نصت المادة الأولى من قانون المعاملات المدنية الاتحادي رقم 5 لسنة 1985 المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 1987 على أن ( تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها وفحواها ولا مساغ للاجتهاد في مورد النص القطعي الدلالة. فإذا لم يجد القاضي نصاً في هذا القانون حكم بمقتضى أحكام الشرعية الإسلامية على أن يراعي تخير أنسب الحلول من مذهبي الإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل فإذا لم يجد فمن المذاهب المعتمدة الأخرى حسبما تقتضيه المصلحة ) ومن المعلوم أن المذاهب الفقهية المعتمدة هي مذهب الإمام مالك ومذهب الإمام أحمد ومذهب الإمام أبي حنيفة ومذهب الإمام الشافعي. وقد نصت المادة 2 من القانون المذكور على أنه (يرجع في فهم النص وتفسيره وتأويله إلى قواعد وأصول الفقه الإسلامي) وذلك حسبما ارتضاه أئمة هذا العلم وقواعد اللغة العربية . ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 17 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2003 تنص على أن ( تحدد الدية الشرعية للمتوفى خطأ من الأشخاص بمبلغ 200000 درهم في جميع محاكم إمارات الدولة)أولاً: فإن التحديد العام الوارد بهذا القانون على ما استقر عليه قضاء النقض، ليس المقصود منه تدخل المشرع في تحديد مقدار الدية كعقوبة يتساوى فيها الذكر والأنثى وإنما مجرد معادلة لقيمة الدية الشرعية بالقيمة الورقية

ثانياً: لا تعني كلمة المتوفى في القانون التسوية بين الرجل والمرأة في مقدار الدية المستحقة لكل منهما بل إن ذلك لبيان أصل الدية الكاملة، ويبقى إعطاء ما تفرضه الشريعة الإسلامية لكل من يستحق الدية كاملة أو يستحق جزءاً منها قائماً حسب ما هو منصوص عليه في القواعد الشرعية سندا للمادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي التي أوجبت إخضاع جرائم الحدود والقصاص والدية لأحكام الشريعة الإسلامية، وكذلك المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم، وهما القانونان الاتحاديان النافذان المعمول بهما في قضاء محاكم إمارة أبوظبي عملا بالمادة 36 من قانون دائرة القضاء رقم 23 لسنة 2006. وإذ تبين من البحث في فقه الشريعة الإسلامية المستقى من مصادر فقهاء المذاهب الأربعة- وعلى وجه الخصوص مذهب الإمام مالك المعمول به في الدولة
أن أهل العلم قد أجمعوا على أن دية المرأة نصف دية الرجل وسند إجماعهم في ذلك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وآراء صحابته والتابعين وما جرى عليه عملهم. فقد روى معاذ ابن جبل(رض) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال 
( ودية المرأة نصف دية الرجل) سنن البيهقي ج 8 ص 95 , 96 وأقره الشوكاني في نيل الأوطار ج7 ص 67،98. وقد حفلت كتب الأئمة الأربعة بتأكيد الإجماع على ذلك. ففي الفقه المالكي في شرح الخرشي على متن خليل ج8 ص 30 ( ودية المرأة على النصف من دية الذكر)، وفي التحفة لابن عاصم شرح التاودي375:2 (وفي النساء ممن ذكر مسلمات أو كتابيات أو مجوسيات الحكم بتنصيف الدية الواجبة في ذكورهن، لأن الله تبارك وتعالى جعل اثنتين منهن في واحد، فقال تعالى (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ) وأعطاهما ما للواحد فقال ( للذكر مثل حظ الأنثيين)، كما روى البيهقي في سننه أيضا بسنده إلى مكحول وعطاء والزهري قالوا أدركنا الناس_ أي الصحابة _ على أن دية المسلم الحر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مائة من الإبل فقدر عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الدية على أهل القرى بألف دينار أو اثني عشر ألف درهم، ودية الحرة المسلمة إذا كانت من أهل القرى خمسمائة دينار أو ستة آلاف ردهم. فإن كان الذي أصابها من الأعراب فديتها خمسون من الإبل) ج8 ص95، وقال مالك في الموطأ (( إذا بلغت جناية المرأة ثلث الدية كان عقلها -أي ديتها- على النصف من عقل الرجل)) وقال ابن عبدالبر في الاستذكار 63:25 ((أجمعوا على أن دية المرأة نصف دية الرجل)). وفي المذهب الحنفي في تنوير الأبصار((دية المرأة على النصف من دية الرجل في النفس وما دونها)) انظر حاشية ابن عابدين 95:5، وفي أوجز المسالك ج 13 ص 28 للكاند هلوي قال ابن المنذر وابن عبد البر أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل
 ففي كتاب عمرو بن حزم أنه صلى الله عليه وسلم قال ( دية المرأة على النصف من دية الرجل ) . وفي كتب السادة الحنابلة قال ابن قدامه في المغنى 531:9 (ودية الحرة المسلمة نصف دية الحر المسلم) ، وفي الأم للإمام الشافعي( لم نعلم مخالفا من أهل العلم قديماً ولا حديثا ً في أن دية المرأة نصف دية الرجل). ويتبين من كل ما ذكر أن الأئمة الأربعة وكل من يقتدَى به من علماء أهل السنة أقروا الحكم بنصف الدية للمرأة، اعتماداً على ما ثبت عندهم من أدلة واستقر إجماع الصحابة على ذلك مستدلين بما رُوي عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وابن مسعود وزيد بن ثابت (رضي الله عنهم) أنهم قالوا "دية المرأة نصف دية الرجل ولا مخالف لهم من الصحابة أجمعين، فدل ذلك على إجماع الصحابة على هذا. ومن ثم فلا مساغ للاجتهاد في مورد النص القطعي الدلالة ، وهو حديث النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة وأصحاب المذاهب الأربعة على أن دية المرأة نصف دية الرجل. وقد نص علماء الأصول في المذاهب المتبعة على أن مخالفة الإجماع حرام ومعصية من الكبائر قال الإمام السبكي في كتاب الإجماع من جمع الجوامع: وخرقه-أي الإجماع-حرام اه وقال المحلي في شرحه 2/197:وخرقه بالمخالفة حرام للتوعد عليه حيث توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين في الآية اه. وقال البناني في حاشيته عليه: وقوله حرام أي من الكبائر لأنه توعد عليه بخصوصه في الآية اه يعني قوله تعالى:(( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) وقال العطار في حاشيته على جمع الجوامع للسبكي 2/233: قوله وخرقه حرام أي من الكبائر للتوعد عليه في الآية. وقال ابن عاصم في مرتقى الوصول
وكل إجماع بعصر وجدا فواجب له اتباع سرمدا 
وقال الولاتي في شرحه عليه ص241 يعني أن كل إجماع وجد في عصر أي انعقد في عصر لم يخالف فيه واحد من أهله فإن ذلك الإجماع يجب اتباعه سرمدا ويحرم خرقه اه. وقال ابن الحاج إبراهيم في مراقي السعود
وخرقه فامنع لقول زائد إذ لم يكن ذاك سوى معاند 
وقال الولاتي في شرحه عليه ص132: أي امنع خرق الإجماع اتفاقا اه وقال السرخسي في أصوله 2/108: ومخالفة الإجماع بعد انعقاده كمخالفة النص اه
وحيث إن الهيئة إذ خلصت على النحو المتقدم إلى أن دية المرأة على النصف من دية الرجل، وكانت ثمة أحكام قد صدرت في هذا الاتجاه كما في الطعن 81 لسنة 2013 نقض جزائي ومن ثم فأن الهيئة العامة تقر المبدأ الذي استقرت عليه في هذا الخصوص دون ما يخالفه من رأي. وحيث إن القضاء قد استقر على أنه إذا أحالت إحدى الدوائر بالمحكمة الطعن المنظور أمامها إلى الهيئة العامة للنظر في العدول عن مبدأ يتصل بالنزاع المطروح في الطعن أو إقرار ما كان متعارضا من المبادئ القانونية فإن الهيئة إذا ما فصلت في أي من هاتين المسألتين، فلا تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته، وإنما يتعين عليها أن تتصدى للفصل في موضوع الطعن بعد أن تقول كلمتها في موضوع الإحالة.

- 2  تعويض. ضرر. خطأ. محكمة الموضوع "نظرها الدعوى والحكم فيها". "سلطتها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". –
تقدير مساهمة المضرور أو غيره في إحداث الضرر مع مرتكب الحادث ومقدار تلك المساهمة. من سلطة محكمة الموضوع. متى كان سائغاً. مثال لإستخلاص سائغ في عدم مساهمته المضرور في الخطأ.
لما كان من المقرر قضاءاً أن تقدير ما إذا كان المضرور أو غيره قد ساهم مع مرتكب الحادث في إحداث الضرر يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائقاًَ ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد نفى مساهمة والدة المطعون ضدها في الخطأ المنسوب إلى قائد السيارة أداة الحادث وأقام قضاءه على ما أورده بمدوناته من أنه (( لما كان الثابت من تقرير محضر المرور بالعين رقم 1627 لسنة 2011 بتاريخ 27/9/2011 بأن المتسبب في الحادث صرح بأنه فوجئ بالطفلة أمام سيارته ولم يشاهدها من أين قدمت علما بأنه كان يسير بالمسار الأوسط، مما يدل على أنه كان يقود السيارة دون انتباه، وأنه كان بإمكانه مشاهدتها ومن بعيد باعتباره يسير بالمسار الأوسط وتفادي الاصطدام بها بقيامه بمناورة بسيطة، إلا أنه لم يفعل فتسبب في إصابتها ومن ثم يكون الخطأ المرتكب منه قد استغرق خطأ أم الطفلة المطلوب تحميلها نصف مسؤولية الحادث وذلك برعونته وعدم انتباهه لما يمكن أن يظهر أمامه من خطر بالطريق العام لتفاديه، وعليه يبقى الدفع بخصوص مسؤولية أم الطفلة في غير محلة متعين الرفض.)) وإذ كان ذلك من الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق وكافياً بحمل قضائه، فضلا على أن الثابت من تقرير الحادث أن محرره أرجع الحادث إلى الإهمال وعدم الانتباه من قائد السيارة، وإن الأخير قدم للمحكمة الجزائية بتهمة قيادة مركبة على الطريق العام دون اتخاذ الحيطة والحذر ......الخ ومن ثم فإن النعي ينحل إلى جدل موضوعي في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ويضحي النعي بهذا السبب على غير أساس متعين الرفض.
- 3 ديه. حكومة عدل. قصاص. تعويض. أرش. محكمة الموضوع "سلطتها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما يقبل منها". –
القضاء للمجني عليها بالديه كامله. مخالفة للشريعة والقانون. أساس ذلك؟ -وجوب القضاء لها بنصف ديه الرجل في جرائم القصاص والديه. وبتعويض كامل في الجراح التي لا قصاص فيها. مثال.
ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها شريطة ان يكون تقديرها سائغاً إلا انه لما كانت الهيئة العامة للمحكمة قد انتهت في قضائها على النحو المتقدم إلى إقراره مبدأ تنصيف دية المرأة بحيث تكون نصف دية الرجل وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم المستأنف في قضائه عن إصابة المجني عليها بعدم القدرة على التحكم في البول بالدية المساوية لدية الرجل 200.000 درهم وعن دية اليد والرجل للشلل النصفي كذلك 200.000 درهم وعن باقي الإصابات تعويضاً ثدره 240.000 درهم وإذ قررت الهيئة لها دية المرأة عن كل فيكون لها عن كل احده من الحالتين 100.000 درهم ومجموع ذلك على الحالتين السالفتين 200.000 درهم. ولما كانت المحكمة الابتدائية قد قضت لها بمبلغ 240.000 درهم وكانت الإصابات كما أوردها تقرير اللجنة الطبية السالف ذكرها على النحو المبين بالواقعات وكانت جرائم القصاص والدية قد أخضعت لأحكام الشريعة الإسلامية التي لا يضر تطبيقها أحداً، فإنه المقرر شرعاً وفق المذهب المالكي المعمول به في الدولة كما أورده الشيباني في شرحه على كتاب تبين المسالك ان الجرح الذي لا قصاص فيه، فيه حكومة بنسبة نقصان الجناية حيث كان خطأ ولم يقر الشرع فيه شيئاً... كعظم الصدر وكعظم الفخد. والدية في إذهاب العقل وفي الحاسة دية كاملة كإذهاب سمعه أو بصره أو سمعه أو ذوقه أو لمسه.كما تلزم دية كاملة في إذهاب نطق المعصوم أو صوته.. ففي كل واحد مما ذكر دية كاملة وأمة وهي ما وصلت لأم الدفاع ومنها ثلث الدية وأورد نقلاً عن الباجي المالكي قوله ( ان أحببت من أطرافه ما فيه ديات كثيرة وبقيت نفسه فإنه يأخذ به كل شيء من ذلك وان بلغت عدة ديات نفوس كثيرة فإنها لا تتداخل مع بقاء النفس. وإنما تدخل كلها في النفس إذا تلفت النفس فيكون في كل ذلك دية واحدة. ومن ذلك ان في البينين دية وفي الشقين دية وفي اللسان دية وفي اليدين دية. وفي الصلب إذا كسر دية. وفي الذكر دية وفي الاثنين دية. وفي الرجلين دية. ففي الرجل تسع ديات غير مختلف فيها) وفي الكافي لابن عبد البر النمري ج2 ، وان في الصدر إذا هزم فلم يرجع إلى ما كان عليه الدية كاملة ومن ذهاب الصوت الدية. والدامعة وهي التي يقطر دمها كالدمع. لما كان ذلك، وكان تقرير اللجنة الطبية وهو التقرير الأخير فدين إصابات المجني عليها السالف الذكر فهي تستحق عن كل إصابة المقدار الشرعي المحدد لها حسب وصف الإصابة وتستحق عنه كل على النحو التالي بعد إقرار مقدار دية المرأة: 1- شلل نصفي بالجهة اليسرى. وتستحق عليه 100.000 درهم

2 كسر في عظمة الفخد الأيمن نصف الدية 50.000 درهم
3 عدم القدرة على التحكم في البول 100.000 درهم
4- إصابة في الرأس مع نزيف بالمخ الماموية وفيها ثلث الدية 33.334 درهم
5- صعوبة في النطق وتستحق الدية 100.000 درهم
6- رض الرئتين مما يدخل ضمن كسر الصدر ويقدر له حكومة حسب الحالة 33.000 درهم
فيكون جملة ما تستحق 416.334 درهم.

- 4 ديه. تعويض. نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة الموضوع "نظرها الدعوى والحكم فيها". –
التعويض لا يجتمع مع الديه فيما تغطيه الديه. مثال.
لما كان من المقرر انه لا يجتمع التعويض والدية فيما تغطيه الدية وإذ كان وكيل الطاعنة قد حصر نزاعه في مقدار دية إصابة الشلل النصفي وعدم التحكم في البول وطلب ردها إلى النصاب الشرعي للمرأة وفي إصابة اليد اليسرى بأنها لم ترد بالتقرير ولم ينازع في مقدار التعويض الذي قرره الحكم. ولما كان الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بم يفرد المبلغ الذي حكم به تعويضاً على الإصابات فإنه إذا فرد عليها يدخل في نطاق المستحق شرعاً للمجني عليها إلا ما يزيد قليلاً فإن الدعوى تكون صالحة لإبداء الرأي فيها بتصحيح المقادير الواردة بالحكم المستأنف إذ ان الحكمين اندمجا وكونا حكماً واحداً فيمتد ذلك التصحيح إلى الحكم المستأنف على النحو الوارد بالمنطوق.
--------------
الوقائع
وان الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ان المطعون ضده .......... بصفته وليا على بنته القاصرة ".........." البالغة من العمر ثلاث سنوات أقام الدعوى رقم 76 لسنة 2012 مدني كلي العين على الطاعنة/ شركة ....... للتأمين بطلب الحكم عليها بأن تؤدي له تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بابنته .......... من جراء حادث سيارة مؤمن عليها لدى الطاعنة. ومرد هذه الواقعة وفق محضر الاستدلال ان .......... عندما كان يقود السيارة رقم 29268 مكسيما خصوصي أبوظبي أحمر بمنطقة زاخر يوم الثلاثاء 27/9/2011 الساعة التاسعة مساء فوجئ بالمجني عليها أمام السيارة فدهسها بالزاوية الأمامية اليمنى للسيارة. ونتج عن ذلك إصابتها بإصابات جسيمة نقلت على أثرها إلى مستشفى .......... بالعين. وتم تحرير تقرير حادث بليغ وتحرير مخالفة للمتهم وأحالته النيابة العامة على الدائرة الجزائية دائرة جنح العين وقيدت الجنحة رقم 1144/2011 وقد وضح تقرير مستشفى .......... بالعين المؤرخ 14/10/2011 ان المريضة .......... عمرها 3 سنوات وأدخلت إلى وحدة العناية المركزة للأطفال في 27/9/2011 بسبب المشكلات الصحية التالية

1 حادث مروري كبير. 2- أذية شديدة في الرأس. 3- وزمة دماغية. 4- رض في الرئتين. 5- كسر في الفخد الأيمن. 6- كسر جسم الفخد. 7-هتكات متعددة وسحجات على الخاصرة اليمنى والأطراف. 8- تورم دماغي في كلا الجانبين.وحالياً في حالة سيات ولا تستطيع البلع وتحتاج إلى إعادة تأهيل طويلة المدى. وعلاج وظيفي وعلاج طبيعي كذلك. وقد صدر هذا التقرير من الدكتورين جمال الدين الجزار قسم جراحة الأعصاب. و.......... استشاري رئيس قسم جراحة الأعصاب. وبجلسة 14/11/2011 حكمت محكمة جنح مرور العين الابتدائية حضورياً بإدانة المتهم .......... عن تسببه خطأ في المساس بسلامة جسم المجني عليها .......... وتغريمه ألفي درهم عما أسند إليه للارتباط. ولم يستأنف هذا الحكم وفق الشهادة الصادرة من رئيس قلم نيابة استئناف العين فأقام .......... المطعون ضده بصفته ولياً طبيعياً على ابنته القاصرة .......... الدعوى رقم 76/2012 مدني كلي العين على الطاعنة شركة أبوظبي للتأمين بطلب إلزامها بأن تؤدي له تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بابنته .......... جراء حادث سيارة مؤمن عليها لدى الطاعنة وبأنها تقررت من الحادث وأجريت لها عدة عمليات وطلب عرضها على لجنة طبية لبيان إصابتها. وتحديد نسبة العجز. وتحميل المدعى عليها الرسوم والمصاريف. وبجلسة 30/4/2013 أصدرت المحكمة حكماً تمهيدياً بندب اللجنة الطبية بمستشفى العين الحكومي لتوقيع الكشف على المجني عليها .......... لبيان حالتها الصحية وما لحقها من إصابات مع تقدير نسبة العجز لكل عضو على حدة ان كان أم تم الشفاء دون تخلف عاهة مستديمة. وقد ورد قرار اللجنة الطبية المنتدبة المؤرخ 9/5/2012 مفيداً انه بتاريخ 7/5/2012 تمت معاينة وكتاب المحكمة والاطلاع على التقرير الطبي الصادر من مستشفى .......... وان الحالة المرضية هي تعرض .................... إلى حادث مروري بتاريخ 27/9/2011 وأدخلت قسم العظام عن طريق قسم الحوادث/ مستشفى .......... وأجريت لها العلاجات اللازمة ثم أخرجت من المستشفى على ان تراجع العيادة الاستشارية لمتابعة العلاج وان التشخيص المرضي: إصابة بالرأس مع نزيف بالمخ + شلل نصفي الناحية اليسرى + رض بالرئتين + عدم القدرة على التحكم بالبول + كسر في عظمة الفخد الأيمن + صعوبة في النطق. وفي توصية اللجنة الطبية قدرت للمريضة المذكورة نسبة عجز كلية نهائية بواقع 100% مائة في المائة ويترك للجهات المعنية تقدير الأضرار المادية والأدبية الأخرى الناجمة عن الحادث وبجلسة 28/5/2012 قدم محامي المدعي مذكرة تعقيب على تقرير الخبرة ورد فيه انه بناء على تقدير اللجنة نسبة العجز 100% فان ابنة المدعي يستحق الديات الآتية: 1- دية عن الإعاقة العقلية والنفسية 200.000 درهم. 2- دية عن النطق 200.000 درهم. 3- دية عن عدم التحكم في البول 200.000 درهم. 4- دية عن الشلل النصفي من الناحية اليسرى 400.000 درهم. 5- دية عن كسر في عظمة الفخد الأيمن 100.000 درهم. 6- عن رضوض بالرئتين نصف الدية 100.000 درهم. مجموعها 1.200.000 درهم كما يطالب بتعويض نفسي وأدبي 200.000 درهم. وبجلسة 11/6/2012 حكمت محكمة العين الابتدائية الدائرة الكلية المدنية حضورياً بقبول تدخل النيابة العامة خصماً في الدعوى. وفي موضوع الدعوى والتدخل بإلزام المدعى عليها شركة أبوظبي الوطنية للتأمين بأدائها للمدعي .......... عثمان بصفته ولياً طبيعياً على ابنته القاصر/ .......... مبلغ مائتي ألف درهم (200.000) عن دية عدم القدرة على التحكم في البول ومبلغ مائتي ألف درهم (200.000) عن دية اليد والرجل اليسرى للشلل النصفي بالناحية اليسرى. وتعويضاً قدره مائتان وأربعون ألف درهم (240.000) عن باقي الإصابات والأضرار المعنوية ورفض ماعدا ذلك من طلبات مع تحميلها مصروفات الدعوى وخمسمائة درهم أتعاب المحاماة. فاستأنفه .......... برقم 194/2012 وشركة أبوظبي الوطنية برقم 214/2012. وبجلسة 12/9/2012 حكمت محكمة استئناف العين حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً ورفضهما موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف مع تحميل كل مستأنف رسوم ومصاريف استئنافه. فطعنت شركة أبوظبي الوطنية للتأمين على الحكم الاستئنافي بالنقض المدني الماثل بصحيفة أودعها وكيلاها المحاميان عصمت إبراهيم وتوفيق المرزوقي قلم كتاب المحكمة في 22/10/2012. وقررت الدائرة المدنية في غرفة المشورة ان الطعن جدير بالنظر. وحددت جلسة للفصل فيه. وفي جلسة 21/5/2013 أحالت الدائرة الطعن إلى الهيئة العامة للمحكمة المشكلة وفقاً لنص المواد 2و3و7و10و36 من القانون رقم 23/2006 بشأن دائرة القضاء وتعديلاته والمادة 65 من القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 73 بشأن المحكمة الاتحادية العليا وتعديلاته، وذلك للفصل فيه على سند من أن الدائرة المحيلة كانت قد قضت في حكمها الصادر بتاريخ 22/12/2009م في الطعن المدني رقم 1050/2009 بأن دية المرأة تساوي دية الرجل وأرفقت هذا الحكم كمثال بينما صدر حكم عن الدائرة الجزائية الأولى بهذه المحكمة بتاريخ 26/3/2013م في النقض رقم 81/2013 قد أكد أن دية المرأة على النصف من دية الرجل وهو القضاء المستقر عليه في هذه الدائرة، مما يجعل تضارباً في الأحكام استوجب عرض الطعن الماثل على الهيئة العامة للمحكمة لحسم الخلاف وإقرار أحد المبدأين دون الآخر، وحيث إن الهيئة العامة إذ نظرت الطعن على النحو الثابت بمحضر الجلسة قررت حجزه للحكم فيه بجلسة اليوم. وحيث إن المادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة1987 وتعديلاته قد نصت على أنه( تسري في شأن جرائم الحدود والقصاص والدية أحكام الشريعة الإسلامية وتحدد الجرائم والعقوبات التعزيرية وفق أحكام هذا القانون والقوانين العقابية الأخرى) ونصت المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم على أنه (فيما عدا ما تختص به المحكمة الاتحادية العليا من الجرائم تختص المحاكم الشرعية دون غيرها بالإضافة إلى اختصاصاتها الأخرى بنظر الجرائم الآتية وكل ما يتصل بها أو يتفرع عنها أو يكون مقدمة لها .....، جرائم الحدود والقصاص والدية.) ونصت المادة الثانية من ذات القانون على أن (تطبق على جميع الجرائم المنصوص عليها في المادة (1) من هذا القانون أحكام الشريعة الإسلامية حداً أو تعزيراً على ألا تقل العقوبة التعزيرية عن الحدود الدنيا المقررة قانوناً) ونصت المادة 4 منه على ان يلغى كل حكم بخالف أو يتعارض مع أحكام هذا القانون. ومفاد هذا أن جرائم القصاص والدية والجرائم الأخرى الواردة في مادتي القانونين 3/1987 و3/1996 أخضعهما المشرع لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية المستندة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وفقه السلف المستنبط من هذين المصدرين باجتهاد الفقهاء حسب الضوابط التي وضعوها في كتبهم وقد ترك المشرع الأحكام الشرعية المتعلقة بهده الجرائم دون تقنين فقهي محدد بالمواد كما هو الحال في قانون العقوبات. ولذلك تفسر الأحكام الشرعية المتعلقة بها حسب نصوص الفقه الشرعي، يؤيد ذلك أن الدية عقوبة وتعويض وتطبق عليها أحكام الفقه المالكي المعمول به في الدولة. وقد نصت المادة الأولى من قانون المعاملات المدنية الاتحادي رقم 5 لسنة 1985 المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 1987 على أن ( تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها وفحواها ولا مساغ للاجتهاد في مورد النص القطعي الدلالة. فإذا لم يجد القاضي نصاً في هذا القانون حكم بمقتضى أحكام الشرعية الإسلامية على أن يراعي تخير أنسب الحلول من مذهبي الإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل فإذا لم يجد فمن المذاهب المعتمدة الأخرى حسبما تقتضيه المصلحة ) ومن المعلوم أن المذاهب الفقهية المعتمدة هي مذهب الإمام مالك ومذهب الإمام أحمد ومذهب الإمام أبي حنيفة ومذهب الإمام الشافعي. وقد نصت المادة 2 من القانون المذكور على أنه (يرجع في فهم النص وتفسيره وتأويله إلى قواعد وأصول الفقه الإسلامي) وذلك حسبما ارتضاه أئمة هذا العلم وقواعد اللغة العربية
ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 17 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2003 تنص على أن ( تحدد الدية الشرعية للمتوفى خطأ من الأشخاص بمبلغ 200000 درهم في جميع محاكم إمارات الدولة)أولاً: فإن التحديد العام الوارد بهذا القانون على ما استقر عليه قضاء النقض، ليس المقصود منه تدخل المشرع في تحديد مقدار الدية كعقوبة يتساوى فيها الذكر والأنثى وإنما مجرد معادلة لقيمة الدية الشرعية بالقيمة الورقية
ثانياً: لا تعني كلمة المتوفى في القانون التسوية بين الرجل والمرأة في مقدار الدية المستحقة لكل منهما بل إن ذلك لبيان أصل الدية الكاملة، ويبقى إعطاء ما تفرضه الشريعة الإسلامية لكل من يستحق الدية كاملة أو يستحق جزءاً منها قائماً حسب ما هو منصوص عليه في القواعد الشرعية سندا للمادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي التي أوجبت إخضاع جرائم الحدود والقصاص والدية لأحكام الشريعة الإسلامية، وكذلك المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم، وهما القانونان الاتحاديان النافذان المعمول بهما في قضاء محاكم إمارة أبوظبي عملا بالمادة 36 من قانون دائرة القضاء رقم 23 لسنة 2006. وإذ تبين من البحث في فقه الشريعة الإسلامية المستقى من مصادر فقهاء المذاهب الأربعة -وعلى وجه الخصوص مذهب الإمام مالك المعمول به في الدولة-أن أهل العلم قد أجمعوا على أن دية المرأة نصف دية الرجل وسند إجماعهم في ذلك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وآراء صحابته والتابعين وما جرى عليه عملهم. فقد روى معاذ ابن جبل(رض) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ودية المرأة نصف دية الرجل) سنن البيهقي ج 8 ص 95 , 96 وأقره الشوكاني في نيل الأوطار ج7 ص 67،98. وقد حفلت كتب الأئمة الأربعة بتأكيد الإجماع على ذلك. ففي الفقه المالكي في شرح الخرشي على متن خليل ج8 ص 30 ( ودية المرأة على النصف من دية الذكر)، وفي التحفة لابن عاصم شرح التاودي375:2 (وفي النساء ممن ذكر مسلمات أو كتابيات أو مجوسيات الحكم بتنصيف الدية الواجبة في ذكورهن، لأن الله تبارك وتعالى جعل اثنتين منهن في واحد، فقال تعالى (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ) وأعطاهما ما للواحد فقال ( للذكر مثل حظ الأنثيين)، كما روى البيهقي في سننه أيضا بسنده إلى مكحول وعطاء والزهري قالوا أدركنا الناس_ أي الصحابة _ على أن دية المسلم الحر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مائة من الإبل فقدر عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الدية على أهل القرى بألف دينار أو اثني عشر ألف درهم، ودية الحرة المسلمة إذا كانت من أهل القرى خمسمائة دينار أو ستة آلاف ردهم. فإن كان الذي أصابها من الأعراب فديتها خمسون من الإبل) ج8 ص95، وقال مالك في الموطأ (( إذا بلغت جناية المرأة ثلث الدية كان عقلها -أي ديتها- على النصف من عقل الرجل)) وقال ابن عبدالبر في الاستذكار 63:25 ((أجمعوا على أن دية المرأة نصف دية الرجل)). وفي المذهب الحنفي في تنوير الأبصار((دية المرأة على النصف من دية الرجل في النفس وما دونها)) انظر حاشية ابن عابدين 95:5، وفي أوجز المسالك ج 13 ص 28 للكاند هلوي قال ابن المنذر وابن عبد البر أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل
 ففي كتاب عمرو بن حزم أنه صلى الله عليه وسلم قال ( دية المرأة على النصف من دية الرجل ). وفي كتب السادة الحنابلة قال ابن قدامه في المغنى 531:9 (ودية الحرة المسلمة نصف دية الحر المسلم) ، وفي الأم للإمام الشافعي( لم نعلم مخالفا من أهل العلم قديماً ولا حديثا ً في أن دية المرأة نصف دية الرجل). 
ويتبين من كل ما ذكر أن الأئمة الأربعة وكل من يقتدَى به من علماء أهل السنة أقروا الحكم بنصف الدية للمرأة، اعتماداً على ما ثبت عندهم من أدلة واستقر إجماع الصحابة على ذلك مستدلين بما رُوي عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وابن مسعود وزيد بن ثابت (رضي الله عنهم) أنهم قالوا "دية المرأة نصف دية الرجل ولا مخالف لهم من الصحابة أجمعين، فدل ذلك على إجماع الصحابة على هذا. ومن ثم فلا مساغ للاجتهاد في مورد النص القطعي الدلالة ، وهو حديث النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة وأصحاب المذاهب الأربعة على أن دية المرأة نصف دية الرجل. وقد نص علماء الأصول في المذاهب المتبعة على أن مخالفة الإجماع حرام ومعصية من الكبائر قال الإمام السبكي في كتاب الإجماع من جمع الجوامع: وخرقه-أي الإجماع-حرام اه وقال المحلي في شرحه 2/197:وخرقه بالمخالفة حرام للتوعد عليه حيث توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين في الآية اه. وقال البناني في حاشيته عليه: وقوله حرام أي من الكبائر لأنه توعد عليه بخصوصه في الآية اه يعني قوله تعالى:(( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين 
 له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) وقال العطار في حاشيته على جمع الجوامع للسبكي 2/233: قوله وخرقه حرام أي من الكبائر للتوعد عليه في الآية. وقال ابن عاصم في مرتقى الوصول
وكل إجماع بعصر وجدا فواجب له اتباع سرمدا 
وقال الولاتي في شرحه عليه ص241 يعني أن كل إجماع وجد في عصر أي انعقد في عصر لم يخالف فيه واحد من أهله فإن ذلك الإجماع يجب اتباعه سرمدا ويحرم خرقه اه. وقال ابن الحاج إبراهيم في مراقي السعود
وخرقه فامنع لقول زائد إذ لم يكن ذاك سوى معاند 
وقال الولاتي في شرحه عليه ص132: أي امنع خرق الإجماع اتفاقا اه وقال السرخسي في أصوله 2/108: ومخالفة الإجماع بعد انعقاده كمخالفة النص اه
وحيث إن الهيئة إذ خلصت على النحو المتقدم إلى أن دية المرأة على النصف من دية الرجل، وكانت ثمة أحكام قد صدرت في هذا الاتجاه كما في الطعن 81 لسنة 2013 نقض جزائي ومن ثم فأن الهيئة العامة تقر المبدأ الذي استقرت عليه في هذا الخصوص دون ما يخالفه من رأي. وحيث إن القضاء قد استقر على أنه إذا أحالت إحدى الدوائر بالمحكمة الطعن المنظور أمامها إلى الهيئة العامة للنظر في العدول عن مبدأ يتصل بالنزاع المطروح في الطعن أو إقرار ما كان متعارضا من المبادئ القانونية فإن الهيئة إذا ما فصلت في أي من هاتين المسألتين، فلا تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته، وإنما يتعين عليها أن تتصدى للفصل في موضوع الطعن بعد أن تقول كلمتها في موضوع الإحالة.

------------
المحكمة
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وفي ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه لم يخصم نسبة مساهمة والدة الطفلة المصابة من التعويض الذي انتهى إليه مع أن قائد السيارة أداة الحادث أقر بتحقيقات الشرطة أنه فوجئ لدى سيره بالمسار الأوسط بالطفلة أمام السيارة وأنه شاهد والدتها بعد الحادث تقف بالجزيرة وأنه كان يسير بسرعة 60كم في الساعة ولا توجد بالشارع خطوط للمشاة، وإن والد الطفلة صرح بمحضر الشرطة أن الطفلة فلتت من يد والدتها أثناء العبور واندفعت من الرصيف الذي كانت تقف عليه ودخلت الشارع فدهستها السيارة وأحدثت إصابتها، وإن عمر الطفلة ثلاث سنوات وتسعة أشهر، وإن تقرير مخطط الحادث اثبت عدم وجود خطوط عبور مشاة ومع ذلك تركت والدة الطفلة ابنتها تعبر الطريق دون رعاية أو عناية وبالتالي تكون قد ساهمت ف الحادث المسبب للضرر بنسبة لا تقل عن 50% ، ومن ثم فلا تسأل الطاعنة إلا عن النسبة الباقية. إلا أن الحكم المطعون فيه رغم ذلك لم يخصم أية نسبة لهذه المساهمة من التعويض الذي انتهى إليه. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه

وحيث إن هذا النعي مردود . ذلك أن من المقرر قضاءاً أن تقدير ما إذا كان المضرور أو غيره قد ساهم مع مرتكب الحادث في إحداث الضرر يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائقاًَ ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد نفى مساهمة والدة المطعون ضدها في الخطأ المنسوب إلى قائد السيارة أداة الحادث وأقام قضاءه على ما أورده بمدوناته من أنه (( لما كان الثابت من تقرير محضر المرور بالعين رقم 1627 لسنة 2011 بتاريخ 27/9/2011 بأن المتسبب في الحادث صرح بأنه فوجئ بالطفلة أمام سيارته ولم يشاهدها من أين قدمت علما بأنه كان يسير بالمسار الأوسط، مما يدل على أنه كان يقود السيارة دون انتباه، وأنه كان بإمكانه مشاهدتها ومن بعيد باعتباره يسير بالمسار الأوسط وتفادي الاصطدام بها بقيامه بمناورة بسيطة، إلا أنه لم يفعل فتسبب في إصابتها ومن ثم يكون الخطأ المرتكب منه قد استغرق خطأ أم الطفلة المطلوب تحميلها نصف مسؤولية الحادث وذلك برعونته وعدم انتباهه لما يمكن أن يظهر أمامه من خطر بالطريق العام لتفاديه، وعليه يبقى الدفع بخصوص مسؤولية أم الطفلة في غير محلة متعين الرفض.)) وإذ كان ذلك من الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق وكافياً بحمل قضائه، فضلا على أن الثابت من تقرير الحادث أن محرره أرجع الحادث إلى الإهمال وعدم الانتباه من قائد السيارة، وإن الأخير قدم للمحكمة الجزائية بتهمة قيادة مركبة على الطريق العام دون اتخاذ الحيطة والحذر ......الخ ومن ثم فإن النعي ينحل إلى جدل موضوعي في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ويضحي النعي بهذا السبب على غير أساس متعين الرفض
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية وفي ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قضى للطفلة المصابة بالديات على أساس أن ديتها مثل دية الرجل مع أن دية المرأة نصف دية الرجل وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
 وحيث ان هذا النعي سديد ذلك انه وان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها شريطة ان يكون تقديرها سائغاً إلا انه لما كانت الهيئة العامة للمحكمة قد انتهت في قضائها على النحو المتقدم إلى إقراره مبدأ تنصيف دية المرأة بحيث تكون نصف دية الرجل وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم المستأنف في قضائه عن إصابة المجني عليها بعدم القدرة على التحكم في البول بالدية المساوية لدية الرجل 200.000 درهم وعن دية اليد والرجل للشلل النصفي كذلك 200.000 درهم وعن باقي الإصابات تعويضاً ثدره 240.000 درهم وإذ قررت الهيئة لها دية المرأة عن كل فيكون لها عن كل احده من الحالتين 100.000 درهم ومجموع ذلك على الحالتين السالفتين 200.000 درهم. ولما كانت المحكمة الابتدائية قد قضت لها بمبلغ 240.000 درهم وكانت الإصابات كما أوردها تقرير اللجنة الطبية السالف ذكرها على النحو المبين بالواقعات وكانت جرائم القصاص والدية قد أخضعت لأحكام الشريعة الإسلامية التي لا يضر تطبيقها أحداً، فإنه المقرر شرعاً وفق المذهب المالكي المعمول به في الدولة كما أورده الشيباني في شرحه على كتاب تبين المسالك ان الجرح الذي لا قصاص فيه، فيه حكومة بنسبة نقصان الجناية حيث كان خطأ ولم يقر الشرع فيه شيئاً... كعظم الصدر وكعظم الفخد. والدية في إذهاب العقل وفي الحاسة دية كاملة كإذهاب سمعه أو بصره أو سمعه أو ذوقه أو لمسه.كما تلزم دية كاملة في إذهاب نطق المعصوم أو صوته.. ففي كل واحد مما ذكر دية كاملة وأمة وهي ما وصلت لأم الدفاع ومنها ثلث الدية وأورد نقلاً عن الباجي المالكي قوله ( ان أحببت من أطرافه ما فيه ديات كثيرة وبقيت نفسه فإنه يأخذ به كل شيء من ذلك وان بلغت عدة ديات نفوس كثيرة فإنها لا تتداخل مع بقاء النفس. وإنما تدخل كلها في النفس إذا تلفت النفس فيكون في كل ذلك دية واحدة. ومن ذلك ان في البينين دية وفي الشقين دية وفي اللسان دية وفي اليدين دية. وفي الصلب إذا كسر دية. وفي الذكر دية وفي الاثنين دية. وفي الرجلين دية. ففي الرجل تسع ديات غير مختلف فيها) وفي الكافي لابن عبد البر النمري ج2 ، وان في الصدر إذا هزم فلم يرجع إلى ما كان عليه الدية كاملة ومن ذهاب الصوت الدية. والدامعة وهي التي يقطر دمها كالدمع. لما كان ذلك، وكان تقرير اللجنة الطبية وهو التقرير الأخير فدين إصابات المجني عليها السالف الذكر فهي تستحق عن كل إصابة المقدار الشرعي المحدد لها حسب وصف الإصابة وتستحق عنه كل على النحو التالي بعد إقرار مقدار دية المرأة: 1- شلل نصفي بالجهة اليسرى. وتستحق عليه 100.000 درهم
2 كسر في عظمة الفخد الأيمن نصف الدية 50.000 درهم
3 عدم القدرة على التحكم في البول 100.000 درهم
4- إصابة في الرأس مع نزيف بالمخ الماموية وفيها ثلث الدية 33.334 درهم
5- صعوبة في النطق وتستحق الدية 100.000 درهم
6- رض الرئتين مما يدخل ضمن كسر الصدر ويقدر له حكومة حسب الحالة 33.000 درهم
فيكون جملة ما تستحق 416.334 درهم
 ولما كان من المقرر انه لا يجتمع التعويض والدية فيما تغطيه الدية وإذ كان وكيل الطاعنة قد حصر نزاعه في مقدار دية إصابة الشلل النصفي وعدم التحكم في البول وطلب ردها إلى النصاب الشرعي للمرأة وفي إصابة اليد اليسرى بأنها لم ترد بالتقرير ولم ينازع في مقدار التعويض الذي قرره الحكم. ولما كان الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بم يفرد المبلغ الذي حكم به تعويضاً على الإصابات فإنه إذا فرد عليها يدخل في نطاق المستحق شرعاً للمجني عليها إلا ما يزيد قليلاً فإن الدعوى تكون صالحة لإبداء الرأي فيها بتصحيح المقادير الواردة بالحكم المستأنف إذ ان الحكمين اندمجا وكونا حكماً واحداً فيمتد ذلك التصحيح إلى الحكم المستأنف على النحو الوارد بالمنطوق.

الطعن 32605 لسنة 72 ق جلسة 3 / 12 / 2009 مكتب فني 60 ق 67 ص 518

جلسة 3 من ديسمبر سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ محمد محجوب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أبو بكر البسيوني أبو زيد، عاطف خليل، أحمد مصطفى وحسام خليل نواب رئيس المحكمة.
----------------
(67)
الطعن 32605 لسنة 72 ق
(1) تفتيش "إذن التفتيش. بياناته". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. موضوعي. 
الخطأ في ذكر مكان عمل المأذون بتفتيشه. لا ينال من صحته. علة ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود" محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً. 
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي. 
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده؟ 
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. 
للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. حد ذلك؟
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل ومصادرة المحكمة في عقيدتها. غير جائز أمام محكمة النقض. 
مثال.
(4) محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي بإغفال إثبات اسم المحامي الحاضر مع المتهم. غير مجد. علة ذلك؟
(5) حكم "بيانات الديباجة".
الخطأ المادي الواضح في تاريخ الحكم. لا يعيبه. 
مثال.
(6) قانون "القانون الأصلح" "تطبيقه". محكمة النقض "سلطتها".
المادة الثانية من القانون 95 لسنة 2003. أصلح للمتهم. أساس وأثر ذلك؟
------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش، فلا ينال من صحته الخطأ في ذكر مكان عمل المأذون بتفتيشه، طالما أنه الشخص المقصود بالإذن، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في الرد على الدفع ببطلان التفتيش، فإنه يكون طبق صحيح القانون ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ومتى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشاهد وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في مكان ضبطه لا محل له، لما هو مقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
3 - لما كان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجري عليها التحليل بدعوى العبث بالحرز المرسل من النيابة إلى المعمل الكيمائي إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع، فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل، وهو من إطلاقاتها.
4 - لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن حضر ومعه محام ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من ضروب الدفاع القانونية والموضوعية وسجلت المحكمة في صدر حكمها ما يفيد ذلك، ولما كان يكفي قانوناً في تحقيق الضمان المقرر للمتهم بجناية أن يكون قد حضر عنه محام مقبول للمرافعة أمام محكمة الجنايات وتولي المرافعة عنه، وكان الطاعن لا يجادل في أسباب طعنه في صحة ذلك ولا يدع أن المحامي الذي حضر معه غير مقبول للمرافعة أمام محكمة الجنايات أو أن المحكمة قد أخلت بحقه في الدفاع أو صادرت الحاضر في دفاعه، فإنه لا يجديه أن يكون اسم المحام الثابت حضوره معه قد أغفل إثباته، لأن مثل هذا الخطأ - بفرض حصوله - لا يؤثر في سلامة الحكم أو يبطله، ومن ثم يكون هذا الوجه غير سديد.
5 - لما كان الثابت من محضر جلسة ..... أنه تمت محاكمة الطاعن بتلك الجلسة وبها صدر الحكم المطعون فيه، ولئن كانت ورقة الحكم قد تضمنت خطأ أنه صدر في ..... فيما لا شبهة فيه أن هذا التاريخ مجرد خطأ مادي. لما كان ذلك، وكان لا عبرة بالخطأ المادي الواضح الذي يرد في تاريخ الحكم والذي لا تأثير له على حقيقة ما حكمت به المحكمة، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن في هذا الشأن.
6 - لما كان الحكم قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات، وكان قد صدر من بعد القانون رقم 95 لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية ونص في مادته الثانية على أن "تلغى عقوبة الأشغال الشاقة أينما وردت في قانون العقوبات أو في أي قانون أو نص عقابي آخر، ويستعاض عنها بعقوبة السجن المؤبد إذا كانت مؤبدة وبعقوبة السجن المشدد إذا كانت مؤقتة"، وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم في حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات، لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه عملاً بنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بجعل العقوبة المقضي بها السجن المشدد بدلاً من الأشغال الشاقة بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة والمصادرة المقضي بهما ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار نبات "الحشيش المخدر" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 29، 38 /1، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون الأول، بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه عما أسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط، وذلك باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود المسماة في القانون
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
--------------
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه دفع ببطلان إذن النيابة لعدم جدية التحريات بدلالة الخطأ في تحديد مكان عمله بيد أن الحكم رد على دفعه بما لا يصلح رداً والتفت عن دفاعه بأن لواقعة الدعوى صورة أخرى تخالف الصورة التي رواها الضابط بشأن مكان الضبط رغم ما قدمه مستندات دالة على ذلك، كما دفع بانقطاع صلته بالمخدر المرسل للمعمل الكيمائي للعبث به ولكن الحكم أغفل الرد عليه، وكما خلت محاضر جلسات المحاكمة من اسم المحام الذي دافع عن المتهم، فضلاً عن أن الحكم صدر بجلسة ..... وليس بجلسة ..... كما جاء بالحكم، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأقام عليه في حقه أدلة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستقاة من أقوال الشاهد ومن تقرير المعامل الكيماوية وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش، فلا ينال من صحته الخطأ في ذكر مكان عمل المأذون بتفتيشه، طالما أنه الشخص المقصود بالإذن، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في الرد على الدفع ببطلان التفتيش، فإنه يكون طبق صحيح القانون ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ومتى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشاهد وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في مكان ضبطه لا محل له، لما هو مقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى. لما كان ذلك، وكان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجري عليها التحليل بدعوى العبث بالحرز المرسل من النيابة إلى المعمل الكيمائي إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع، فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل، وهو من إطلاقاتها. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن حضر ومعه محام ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من ضروب الدفاع القانونية والموضوعية وسجلت المحكمة في صدر حكمها ما يفيد ذلك، ولما كان يكفي قانوناً في تحقيق الضمان المقرر للمتهم بجناية أن يكون قد حضر عنه محام مقبول للمرافعة أمام محكمة الجنايات وتولى المرافعة عنه، وكان الطاعن لا يجادل في أسباب طعنه في صحة ذلك ولا يدع أن المحامي الذي حضر معه غير مقبول للمرافعة أمام محكمة الجنايات أو أن المحكمة قد أخلت بحقه في الدفاع أو صادرت الحاضر في دفاعه، فإنه لا يجديه أن يكون اسم المحام الثابت حضوره معه قد أغفل إثباته، لأن مثل هذا الخطأ - بفرض حصوله - لا يؤثر في سلامة الحكم أو يبطله، ومن ثم يكون هذا الوجه غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة ..... أنه تمت محاكمة الطاعن بتلك الجلسة وبها صدر الحكم المطعون فيه، ولئن كانت ورقة الحكم قد تضمنت خطأ أنه صدر في ..... فيما لا شبهة فيه أن هذا التاريخ مجرد خطأ مادي، لما كان ذلك، وكان لا عبرة بالخطأ المادي الواضح الذي يرد في تاريخ الحكم والذي لا تأثير له على حقيقة ما حكمت به المحكمة، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الحكم قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات، وكان قد صدر من بعد القانون رقم 95 لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية ونص في مادته الثانية على أن "تلغى عقوبة الأشغال الشاقة أينما وردت في قانون العقوبات أو في أي قانون أو نص عقابي آخر، ويستعاض عنها بعقوبة السجن المؤبد إذا كانت مؤبدة وبعقوبة السجن المشدد إذا كانت مؤقتة"، وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم في حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه عملاً بنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بجعل العقوبة المقضي بها السجن المشدد بدلاً من الأشغال الشاقة بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة والمصادرة المقضي بهما ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

الطعن 12548 لسنة 72 ق جلسة 3 / 12 / 2009 مكتب فني 60 ق 66 ص 513

جلسة 3 من ديسمبر سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ أنور محمد جابري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ نير عثمان، أحمد عبد القوي أحمد، نجاح موسى نواب رئيس المحكمة وأشرف المغلي.
---------------
(66)
الطعن 12548 لسنة 72 ق
قانون "تفسيره" "تطبيقه". دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة" عقوبة "سقوطها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
أسباب انقطاع مدة سقوط العقوبة ووقف سريانها. ماهيتها؟ المواد 530، 531، 532 إجراءات جنائية. 
إيراد الحكم عدم اتخاذ ثمة إجراء قاطع أو موقف لمدة تقادم العقوبة المقضي بها على المطعون ضده منذ صدور الحكم الغيابي إلا بإلقاء القبض عليه بعد اكتمال المدة المقررة لسقوط العقوبة وعدم ادعاء النيابة حصول ثمة إجراء من هذه الإجراءات أو تقديم دليل عليها. انتهاءه لسقوط العقوبة بمضي المدة. صحيح. 
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. علة ذلك؟ 
مثال.
----------------
لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد قيد ووصف النيابة العامة أشار إلى أنه سبق تقديم المطعون ضده للمحاكمة وصدر الحكم غيابياً بجلسة ..... بمعاقبته بالسجن مدة ثلاث سنوات عن جناية الشروع في القتل العمد إلى أن ألقى القبض عليه بتاريخ ..... فقضى بناء على الدفع المبدى من المحكوم عليه بسقوط العقوبة المقضي بها بمضي المدة واستند في ذلك إلى ما نصه "وحيث إنه عن الدفع المبدى من المتهم، فإن القاعدة أن جميع العقوبات الجنائية تخضع للتقادم وقد حددت المادة 528 إجراءات مدة سقوط العقوبة فالعقوبة المحكوم بها في جناية تسقط بمضي عشرين سنة وبالنسبة للأحكام الغيابية تبدأ المدة من يوم صدور الحكم، ولما كان الثابت من الاطلاع على أوراق الدعوى أن الحكم الغيابي الصادر ضد المتهم في الجناية الماثلة صدر بجلسة ..... وقد قبض على المتهم في ..... فقد انقضى أكثر من عشرين سنة على صدور الحكم الغيابي وبذلك تسقط العقوبة المقضي بها ضد المتهم، ويكون نعي المتهم في محله وتقضي به المحكمة". لما كان ذلك، وكان القانون قد نص على أسباب لانقطاع مدة سقوط العقوبة ووقف سريانها في المواد 530، 531، 532 من قانون الإجراءات الجنائية فتنقطع مدة التقادم بالقبض على المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية وبكل إجراء من إجراءات التنفيذ التي تتخذ في مواجهته أو تصل إلى علمه كذلك إذا ارتكب المحكوم عليه خلال مدة التقادم جريمة من نوع الجريمة المحكوم عليه من أجلها أو مماثلة لها، وذلك في غير مواد المخالفات، كما يوقف سريان مدة التقادم كل مانع يحول دون مباشرة التنفيذ ويعتبر وجود المحكوم عليه في خارج البلاد مانعاً يوقف سريان المدة. لما كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم أنه لم يتم اتخاذ ثمة إجراء قاطع أو موقف لمدة تقادم العقوبة المقضي بها على المطعون ضده منذ صدور الحكم الغيابي ضده في ..... إلا بإلقاء القبض عليه والحاصل في ..... وبعد أن اكتملت المدة المقررة لسقوط العقوبة المقضي بها دونما إجراء يعترض اكتمالها، وكانت النيابة الطاعنة لم تدع حصول ثمة إجراء من الإجراءات القاطعة للتقادم أو الموقفة له سالفة البيان أو تقدم دليلاً على اتخاذ مثل هذا الإجراء أو تطلب من المحكمة أجلاً لتقديم ما يفيد حصول أي من هذه الإجراءات، فإن ما تناهى إليه الحكم يكون قد أصاب صحيح الواقع والقانون، ولا يصح للطاعنة مناهضة هذا الاستخلاص بدعوى أن المحكمة لم تتحقق من خلو الأوراق من أي إجراء قاطع للتقادم، ما دام أن الطاعنة لا تدعي اشتمال الأوراق على ثبوت هذا الإجراء أو اتخاذه بالفعل إذ أن الصحيح في أصول الاستدلال أن تحدد الطاعنة ماهية الإجراء الذي تدعيه وتقدم الدليل على ثبوته، لما هو مقرر من أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، لأن القاضي الجنائي لا يعتد في قضائه إلا بالحقائق الصرف ولا يأبه بالاحتمالات أو الفروض.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: شرع في قتل/ .... عمداً من غير سبق الإصرار والترصد بأن طعنه بآلة حادة "مدية" عدة طعنات قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطب الشرعي وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه سالف الذكر بالعلاج. وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 234 /1 من قانون العقوبات بسقوط العقوبة المقضي بها على المتهم/ .... بمضي المدة
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
--------------
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بسقوط العقوبة المقضي بها على المطعون ضده بمضي المدة قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يتحقق من خلو الأوراق من أي إجراء قد يقطع مدة التقادم أو يوقف سريانها، مما يعيبه بما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد قيد ووصف النيابة العامة أشار إلى أنه سبق تقديم المطعون ضده للمحاكمة وصدر الحكم غيابياً بجلسة .... بمعاقبته بالسجن مدة ثلاث سنوات عن جناية الشروع في القتل العمد إلى أن ألقى القبض عليه بتاريخ ..... فقضى بناء على الدفع المبدى من المحكوم عليه بسقوط العقوبة المقضي بها بمضي المدة واستند في ذلك إلى ما نصه "وحيث إنه عن الدفع المبدي من المتهم، فإن القاعدة أن جميع العقوبات الجنائية تخضع للتقادم وقد حددت المادة 528 إجراءات مدة سقوط العقوبة فالعقوبة المحكوم بها في جناية تسقط بمضي عشرين سنة وبالنسبة للأحكام الغيابية تبدأ المدة من يوم صدور الحكم، ولما كان الثابت من الاطلاع على أوراق الدعوى أن الحكم الغيابي الصادر ضد المتهم في الجناية الماثلة صدر بجلسة ..... وقد قبض على المتهم في ..... فقد انقضى أكثر من عشرين سنة على صدور الحكم الغيابي وبذلك تسقط العقوبة المقضي بها ضد المتهم، ويكون نعي المتهم في محله وتقضي به المحكمة"، لما كان ذلك، وكان القانون قد نص على أسباب لانقطاع مدة سقوط العقوبة ووقف سريانها في المواد 530، 531، 532 من قانون الإجراءات الجنائية فتنقطع مدة التقادم بالقبض على المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية وبكل إجراء من إجراءات التنفيذ التي تتخذ في مواجهته أو تصل إلى علمه كذلك إذا ارتكب المحكوم عليه خلال مدة التقادم جريمة من نوع الجريمة المحكوم عليه من أجلها أو مماثلة لها، وذلك في غير مواد المخالفات، كما يوقف سريان مدة التقادم كل مانع يحول دون مباشرة التنفيذ ويعتبر وجود المحكوم عليه في خارج البلاد مانعاً يوقف سريان المدة، لما كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم أنه لم يتم اتخاذ ثمة إجراء قاطع أو موقف لمدة تقادم العقوبة المقضي بها على المطعون ضده منذ صدور الحكم الغيابي ضده في ..... إلا بإلقاء القبض عليه والحاصل في ..... وبعد أن اكتملت المدة المقررة لسقوط العقوبة المقضي بها دونما إجراء يعترض اكتمالها، وكانت النيابة الطاعنة لم تدع حصول ثمة إجراء من الإجراءات القاطعة للتقادم أو الموقفة له سالفة البيان أو تقدم دليلاً على اتخاذ مثل هذا الإجراء أو تطلب من المحكمة أجلاً لتقديم ما يفيد حصول أي من هذه الإجراءات، فإن ما تناهى إليه الحكم يكون قد أصاب صحيح الواقع والقانون، ولا يصح للطاعنة مناهضة هذا الاستخلاص بدعوى أن المحكمة لم تتحقق من خلو الأوراق من أي إجراء قاطع للتقادم، ما دام أن الطاعنة لا تدعي اشتمال الأوراق على ثبوت هذا الإجراء أو اتخاذه بالفعل إذ أن الصحيح في أصول الاستدلال أن تحدد الطاعنة ماهية الإجراء الذي تدعيه وتقدم الدليل على ثبوته، لما هو مقرر من أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، لأن القاضي الجنائي لا يعتد في قضائه إلا بالحقائق الصرف ولا يأبه بالاحتمالات أو الفروض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الاثنين، 27 مارس 2017

الطعن 12313 لسنة 77 ق جلسة 12 / 5 / 2008

برئاسة السيد القاضي/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة  وعضوية السادة القضاة/ عبد الرحمن هيكل وهشام البسطويسي ورفعت حنا ومحمود مكي نواب رئيس المحكمة 
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ أحمد رمضان
وأمين السر السيد/ حنا جرجس.

-----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كل من 1- ........ "طاعن" 2- ........ 3- ........ 4- ........ 5- ......... 6- ......... 7- ......... 8- .......... 9- ......... 10- .........11- ............ 12- .......... 13- .......... 14- ............ 15- ........... 16- ........ 17- .......... 18- ......... 19- .......... 20- ....... في قضية الجناية رقم 4479 لسنة 2005 قسم الوايلي (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 569 لسنة 2005 القاهرة) بوصف أنهم في غضون الفترة من عام 2002 حتى عام 2004 بدائرة قسم الوايلي. محافظة القاهرة. أولاً: المتهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً (موظف بالحاسب الآلي بمصلحة الأحوال المدنية) ارتكب تزويراً في محررين رسميين هما بياني واقعتي الميلاد المدخلة على الحاسب الآلي لمصلحة الأحوال المدنية باسمي ......... و.......... وكان ذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريرها المختص بوظيفته بأن أدخل البيانين السابقين على الحاسب الآلي التابع لجهة عمله سالفة الذكر خلافاً للحقيقة مع عمله بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهم الثاني: بصفته موظفاً عمومياً (موظف بالحاسب الآلي بمصلحة الأحوال المدنية) ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو البيان المدخل على الحاسب الآلي لمصلحة الأحول المدنية باسم .......... وكان ذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريره المختص بوظيفته بأن عدل بيان سالف الذكر على الحاسب الآلي لمصلحة الأحوال المدنية على خلاف الحقيقة على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: المتهم الثالث: بصفته موظفاً عمومياً (موظف بالحاسب الآلي بمصلحة الأحوال المدنية) ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي بيانات وقائع الميلاد المدخلة على الحاسب الآلي لمصلحة الأحوال المدنية بأسماء ........ و...... و........ و...... و........ و......... و....... وكان ذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريرها المختص بوظيفته بأن أدخل تلك البيانات السالفة على الحاسب الآلي لجهة عمله آنفة البيان خلافاً للحقيقة مع علمه بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات. رابعاً: المتهم الرابع: بصفة موظفاً عمومياً (موظف بالحاسب الآلي بمصلحة الأحوال المدنية) ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي بيانات وقائع الميلاد المدخلة على الحاسب الآلي لمصلحة الأحوال المدنية بأسماء ......، .......، .........، ........ وكان ذلك بجعله واقعة مزورة في صورة وقائع صحيحة حال تحريرها المختص بوظيفته بأن أدخل تلك البيانات السالفة على الحاسب الآلي لجهة عمله على خلاف الحقيقة مع علمه بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات. خامساً: المتهم الخامس: بصفة موظفاً عمومياً (أمين سجل مدني العجوزة) ارتكب تزويراً في محرر رسمي هي بيانات البطاقتين القوميتين المدخلة على الحاسب الآلي لمصلحة الأحوال المدنية باسمي .......... و........... وكان ذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريرها المختص بوظيفته بأن أدخل تلك بيانات سالفي على الحاسب الآلي التابع لجهة عمله على خلاف الحقيقة مع علمه بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات. سادساً: المتهمان السادس والسابع: السادس بصفته موظفاً عمومياً (موظف بالحاسب الآلي بمصلحة الأحوال المدنية) المتهم السابع وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب جنايتي التزوير موضوع التهمة بالبند أولاً وثانياً بأن اتفقا على ارتكابها وساعدهما بأن أمداهما بالبيانات اللازمة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. سابعاً: المتهمان السادس والثامنة: المتهم السادس: بصفة موظفاً عمومياً (موظف بالحاسب الآلي بمصلحة الأحوال المدنية) والمتهمة الثامنة وهي ليست من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جناية التزوير موضوع التهمة بالبند أولاً وثانياً بأن اتفقا على ارتكابها وساعداه بأن أمداه بالبيانات اللازمة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثامناً: المتهمون السادس والتاسع حتى الحادي عشر والثالث عشر والرابع عشر: المتهم السادس بصفة موظفا عمومياً (موظف بالحاسب الآلي بمصلحة الأحوال المدنية) والباقون وهم ليسوا من أرباب الوظائف العمومية اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثالث في ارتكاب جناية التزوير موضوع التهمة بالبند ثالثاً بأن اتفقوا على ارتكابها وساعدوه بأن أمدوه بالبيانات اللازمة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة
تاسعاً: المتهمان السادس عشر والسابع عشر: وهم ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الرابع في ارتكاب جناية التزوير موضوع التهمة بالبند رابعاً بأن اتفقوا على ارتكابها وساعداه بأن أمدوه بالبيانات اللازمة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. عاشراً: المتهمون الخامس والثانية عشر والتاسع عشر والعشرون: المتهم الخامس: بصفته موظفاً عمومياً (أمين سجل مدني العجوزة) والباقون وهم ليسوا من أرباب الوظائف العمومية اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثالث في ارتكاب جناية التزوير موضوع التهمة بالبند ثالثاً بأن اتفقوا على ارتكابها وساعدوه بأن أمدوه بالبيانات اللازمة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. الثاني عشر: المتهم الثامن عشر: 1- وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو استمارة طلب الحصول على بطاقة قومية وكان ذلك بطريق تغيير المحررات بأن قام بمحو البيانات الثابتة بتلك الاستمارة وأثبت بياناته بالمخالفة للحقيقة مع علمه بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات. 2- استعمل المحرر المزور موضوع التهمة السابقة بأن قدمه لسجل مدني العجوزة محتجاً بما دون به من بيانات مزورة مع علمه بتزويرها. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
والمحكمة المذكورة قضت في 17 من يناير سنة 2007 عملاً بالمواد 40/ ثانياً، ثالثاً، 41/1، 211، 213، 214 من قانون العقوبات المعدل والمواد 1، 2، 3، 72 من القانون رقم 134 سنة 1994 والمواد 2، 12/1، 140 من القانون رقم 12 سنة 1996 مع إعمال المواد 17، 25/1، 30/2، 32، 56/1 من قانون العقوبات. أولاً: حضورياً بمعاقبة المتهمين الأول والثالث والرابع بالسجن لمدة ثلاث سنوات لما أسند إليه وبمعاقبة كل من المتهمين الرابع عشر والسادس عشر والسابع عشر بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة لما أسند إليه وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها بالنسبة للثلاثة الآخر لمدة ثلاث سنوات. ثانياً: غيابياً بمعاقبة كل من المتهمين الثاني والخامس والسادس بالسجن لمدة خمس سنوات لما أسند إليه وبمعاقبة كل من المتهمين السابع والثامنة والتاسع والعاشر والحادي عشر والثانية عشر والثالث عشر والخامس عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة لما أسند إليه. ثالثاً: بمصادرة المحررات المزور المضبوطة
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض الأول في 5 مارس سنة 2007 كما طعن الأستاذ/ ........... المحامي بصفته وكيلاً عن ........ بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه الأول (الطاعن الأول ) في 8 من مارس سنة 2007 وطعن الأستاذ/ ........ بصفة وكيلاً عن المحكوم عليه الثالث (الطاعن الثاني) في 13 من مارس سنة 2007 وبتاريخي 8، 13 من مارس سنة 2007 قدمت مذكرتين بأسباب الطعن الأولى عن الطاعن الأول وموقعاً عليها من الأستاذ/ ...... المحامي والثانية عن الطاعن الثاني موقعاً عليها من الأستاذ/ ...... المحامي
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.

-------------
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بتزوير محررات رسمية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه خلا من بيان واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانهما بها ولم يورد أدلة ثبوتها في حقهما، ولم تحفل المحكمة بما أبداه الطاعنان من دفاع جوهري من انتفاء أركان تلك الجريمة المسندة إليها ولخلو الأوراق مما يفيد وجود الدليل المادي على ذلك وأطرحته برد قاصر ومعيب ودون أن تجري تحقيقاً في هذا الشأن سيما وأن الطاعن الأول لم يضبط حال إدخاله البيانات المزورة، وشاب الحكم الغموض والإبهام والاضطراب في بيان الأسباب التي بنى عليها إدانة الطاعن الثاني، فلم يبين الأفعال والوقائع التي أتاها على نحو دقيق، وتاريخ كل منها، ولم يستظهر على وجه خاص نية المساهمة في التزوير والأدلة عليها، ولم يورد أوجه دفاعه وموقفه من التهمة، وعول الحكم في إدانته على روايات غير متجانسة لشهود الإثبات لم يقم بترجيح إحداها أو استخلاص نتيجة منها، وقد دفع الطاعن الثاني بشيوع الاتهام وكيديته وتلفيقه وساق شواهد ذلك مما تضمنه تقرير اللجنة ومن أقوال مدير الإصدار من عدم الجزم بشخص مرتكب الواقعة ومن إمكانية إدخال أية بيانات على جهاز الحاسب دون علم صاحبه أو العامل عليه في حالة تركه مفتوحاً فرد الحكم على دفعه هذا بما لا يصلح لطرحه، واستند في إدانته – ضمن ما استند إليه – إلى الدليل المستمد من استجوابه الباطل في محضر الضبط لمواجهة مأمور الضبط القضائي له بإقراري المتهمين الأول والثاني وإسناده إقراراً إلى ذلك الطاعن بصحة ما قرراه، كما أطرح إنكار الطاعن الأول للاتهام المسند إليه دون أن يبين سبب إطراحه له، ولم يبين بالنسبة له عناصر الاشتراك وطريقته أو يورد الأدلة اليقينية عليه، كما استند على التحريات رغم عدم تحديد مصدرها وأنها مجرد ترديد لأقوال محررها، وأطرح برد قاصر وغير سائغ دفعه بانتفاء القصد الجنائي المؤسس على عدم توافر نية تغيير الحقيقة لديه، هذا إلى أن الحكم رد بما لا يصلح رداً على دفعه ببطلان إقرار المتهمين بمحضر الضبط، فضلاً عن أن الطاعن هذا دفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم توافر الدلائل الكافية على اتهامه ولإجرائهما دون إذن من النيابة العامة ودون قيام حالة من حالات التلبس بالنسبة إليه لعدم مشاهدة الضابط له حال إدخاله البيانات المزورة المار بيانها والتي تم إدخالها قبل واقعة الضبط بعدة أسابيع، فرد الحكم على هذا الدفع بما لا يسوغ إطراحه، وعلاوة على ذلك فإن الطاعن الأول لا يعتبر مرتكباً لجريمة التزوير التي دين بها إذ أن التزوير وقع على البيانات المخزنة إلكترونياً بالحاسب الآلي وهو ليس من المحررات، ويضاف إلى ذلك أن الحكم تساند في قضائه بإدانة الطاعن الأول إلى أقوال شهود مفادها أنهم لم يدركوا الواقعة بإحدى حواسهم، وهي مجرد افتراضات واستنتاجات لا يصح الاستناد إليها في الإدانة لأنها مبنية على الظن والتخمين وخاصة وأن الضابطين ........ و......... شاهدا ذلك الطاعن حال استعلامه عن البيانات التي لم يتضمنها أمر الشغل وهو في واقعة على هذه الصورة لا يشكل بمجرده جريمة تزوير لعدم ثبوت وجود ذلك الأمر بالأوراق، كما أن رغبة الضابطين في إلصاق تلك الجريمة بالطاعن الأول حملتهما على الزعم بإقرار الطاعن هذا لهما بارتكابه الجريمة سيما وأن الشاهدين الثالث والرابع لم يقطعا باقترافه للجريمة وأن أعضاء اللجنة الفنية انتهى رأيهم إلى إمكانية التوصل إلى تغيير البيانات على الحاسب الآلي بأكثر من طريقة دون الجزم بتبادل الطاعن الأول كلمة السر مع المتهم الثاني، كما أن هناك برامج يمكنها تخطي الحماية الفنية في أجهزة الحاسب الآلي عند الطوارئ حسبما قرر أقدم الموظفين. بيد أن الحكم جزم بتبادل كلمة السر بين الطاعن الأول والمتهم الثاني دون أن يبين سنده في ذلك، وأخيراً فإن الحكم رد رداً قاصراً وغير سائغ على دفع الطاعن الثاني ببطلان القبض لحصوله بغير إذن من النيابة العامة وفي غير الأحوال المقررة قانوناً إذا اعتبر هذا القبض مجرد استدعاء وأن اصطحاب الطاعن الثاني هو والمتهم الثاني مع الطاعن الأول لعرضهم على النيابة داخل في هذا الإطار رغم مخالفة ذلك لما أورده نقلاً عن الضابط من أن ما قام به هو قبض مبرر، وهذا وكان من المتعين – في ضوء تمسك الطاعن الثاني والمتهم الثاني بالتحقيقات ببطلان حجزهما وتقييد حركتهما بغير إذن من السلطة المختصة – أن تستبعد المحكمة كافة الآثار المترتبة على هذا الإجراء الباطل لا سيما شهادة من أجراه، وقد استند الحكم إلى أقوال محرر محضر الضبط وأقوال الطاعنين بالتحقيقات فيما يتعلق بظروف الضبط وملابساته رغم أن مؤدى تلك الأقوال هو انتفاء حالة التلبس بالنسبة إلى الطعن الثاني وعدم توافر الدلائل الكافية على اتهامه إلا من مجرد شهادة سماعية منسوبة إلى المتهمين الأول والثاني بمحضر جميع الاستدلالات عدلاً عنها أمام النيابة العامة – نسباً إلى الطاعن الثاني فيها تقابله مع المتهم السادس، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما لا تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها تمحيصاً كافياً وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، ولما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، وبه يبرأ الحكم مما رماه به الطاعنان من القصور والغموض والإبهام والاضطراب، ولما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى في معرض ردها على دفاع الطاعنين بانتفاء أركان الجريمة المسندة إليهما وأحاطت بالاتهام المسند إليهما ودانتهما بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها، فإن مجادلتهما في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب، ولما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الأول لم يطلب إلى المحكمة تحقيق دفاعه بشأن انتفاء أركان الجريمة المسندة إليه، فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن الثاني لم يفصح عن أوجه عدم التجانس بين أقوال شهود الإثبات التي عول عليها في إدانته، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً، هذا فضلاً عن أن من المقرر قانوناً أن ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام لا يعيبه ما دام ترادفها وتظاهرها على الإدانة قاضياً لها في منطق العقل بعدم التناقض. لما كان ذلك، وكان الدفع بشيوع التهمة أو تلفيقها وكيدتيها لا يستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم وذلك فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن وأطرحته في منطق سائغ، ولما كان لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني من عدم جزم أعضاء لجنة الفحص، ومدير مركز إصدار بطاقات الرقم القومي بمصلحة الأحوال المدنية بشخصية مرتكب الواقعة، وذكرهم لعدة احتمالات يمكن من خلالها إدخال البيانات المزورة إلى الحاسب الآلي بالمصلحة يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثاني لم يثر شيئاً أمام محكمة الموضوع بخصوص بطلان إقراره لمأمور الضبط بالجريمة – لأنه كان وليد استجواب له – فلا يقبل منه طرح هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. أما ما يثيره الطاعن الأول من إطراح الحكم لإنكاره الاتهام المسند إليه فمردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يدن الطاعن الأول بجريمة الاشتراك في التزوير التي دان بها بعض المتهمين الآخرين، بل دانه باعتباره فاعلاً أصلياً في الجريمة، فإن ما يثيره الطاعن هذا في شأن الاشتراك يكون وارداً على غير محل. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة لما ساقته من أدلة أساسية، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن الأول لجريمة التزوير في محررين رسميين مع علمه بتزويرهما التي دين بها، فإن ما يثيره في هذا الصدد ومن أن التحريات مرجعها أقوال محررها يكون محض جدل في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن نعي الطاعن الأول على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل، ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعن الأول بانتفاء القصد الجنائي لديه ورد عليه في منطق سائغ بما يفنده. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى للرد على دفع الطاعن الأول والمتهمين الثاني والرابع ببطلان إقرارهم للضابط بمحضر الضبط وذلك بقوله: وحيث إنه عن الدفع ببطلان إقرار المتهمين بمحضر الضبط فمردود بأن المحكمة تطمئن لإقرارهم بحسبانه وليد إرادة حرة واعية خلت وقائع الدعوى مما يفيد تأثرها بوعد أو وعيد" وإذا كان الإقرار في المسائل الجنائية بنوعيه – القضائي وغير القضائي – بوصفه طريقاً من طرق الإثبات إنما هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وكانت المحكمة قد تحققت – للأسباب السائغة التي أوردتها على النحو المتقدم بيانه – من أن إقرار الطاعن الأول وباقي المتهمين للرائد ............. مما يشوبه واطمأنت إلى مطابقته للحقيقة والواقع، فلا تثريب عليها إذ هي عولت عليه – بالإضافة إلى سائر الأدلة والقرائن التي ساقتها في حكمها – وإن كان الطاعن الأول قد عدل عنه بعد ذلك، أو دفع بعدم صدوره عنه أصلاً، ولما كان من المقرر أن الاعتراض في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمته في الإثبات ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك بعد أن اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وكانت المحكمة قد خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، فإنه لا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض لكونه من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع. أما ما يثيره الطاعنان من وقوع القبض عليهما قبل صدور أمر من النيابة العامة وفي غير حالات التلبس فإنه لما كان الثابت مما حصله الحكم أن الرائد .......... الضابط بمصلحة الأحوال المدنية وأثناء تفقده سير العمل بالحاسب الآلي لتلك المصلحة أبصر الطاعن الأول، وهو من مرؤوسيه – يستعلم عن بيان ميلاد المتهم .......... دون مبرر، وإذ سأله عن ذلك لم يبد تعليلاً مقبولاً فكلف أحد الموظفين الفنيين بفحص الأمر وتبين له أن البيان المستعلم عنه أدخل بمعرفة الطاعن هذا دون مسوغ قانوني، وأقر له الأخير بذلك، كما أقر له بإدخاله بيانات أخرى مقابل مبالغ مالية، ومفاد ذلك أن الضابط المذكور كان يباشر عمله الإداري واختصاصه الأصيل بمراقبة أداء مرؤوسيه لأعمالهم ضماناً لحسن سير العمل وانتظامه فانكشفت له الجريمة دون مساس منه بحرمة من حرمات الطاعن الأول أو تفتيش لموضع السر منه، وأضحى أمام جناية متلبس بها فحق له القبض عليه وعلى كل من قامت الدلائل على صلته بارتكابها، ومن ثم فإن القول بانتفاء حالة التلبس أو بالحاجة إلى إذن من النيابة العامة قبل إجراء شيء من ذلك لهو دفاع قانوني ظاهر البطلان، وما كان الحكم بحاجة إلى الرد عليه، ولا جدوى للطاعنين من النعي على موقف الحكم من هذا الدفاع. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء محكمة النقض أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة من محكمة النقض، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وكان في اطمئنانها لها ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا المنعى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، فإن ما ينعاه الطاعن الأول في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقدموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغة إليهم أو التي شاهدوها بأنفسهم، كما وأن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جميع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك. ولما كان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أن الحكم عرض للدفع المبدى من الطاعن الثاني وأطرحه تأسيساً على أن مأمور الضبط القضائي بعد أن علم الجريمة وضبط الطاعن الأول وأسفرت استدلالاته عن أن الطاعن الثاني هو الذي ارتكب الواقعة – قام باستدعائه ومناقشته ومن ثم فاستدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن الثاني بسبب اتهامه لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه بالحضور لسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما يتطلبه جميع الاستدلالات والتحفظ عليه منعاً من هروبه حتى يتم عرضه على النيابة العامة في خلال الميعاد المحدد قانوناً دون أن يتضمن تعرضاً مادياً للمستدعي يمكن أن يكون فيه مساس بحريته الشخصية أو تقييد لها مما قد يلتبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذ لم تكن الجريمة في حالة تلبس، فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض بما تنتفي معه قالة الخطأ في تطبيق القانون، ولما كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من استدعاء الطاعن الثاني بسبب اتهامه فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله ضمن ما عولت عليه في إدانة الطاعن الثاني، ولما كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع، ولما كان القانون لا يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى ثبتت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه، فإن ما يثيره الطاعن الثاني بشأن تعويل الحكم في إدانته على أقوال المتهمين الأول "الطاعن الأول" والثاني في محضر جمع الاستدلالات وعلى أقوال شاهد الإثبات الرائد .......... مع أنها سماعية لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر بنص المادة 72 من القانون رقم 143 لسنة 1994 في شأن الأحوال المدنية أنه: في تطبيق أحكام هذا القانون وقانون العقوبات تعتبر البيانات المسجلة بالحاسبات الآلية وملحقاتها بمراكز معلومات الأحوال المدنية ومحطات الإصدار الخاصة بها المستخدمة في إصدار الوثائق وبطاقات تحقيق الشخصية بيانات واردة في محررات رسمية، ولما كان الحد الأدنى لعقوبة السجن المقررة لجريمة تزوير البيانات المسجلة بالحاسبات الآلية الخاصة بمصلحة الأحوال المدنية طبقاً للمادة 72 سالفة الذكر لا يقل عن خمس سنوات وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة المحررات المزورة، وكانت عقوبة السجن المقضي بها تقل عن الحد الأدنى المقرر قانوناً مما ينطوي على الخطأ في تطبيق القانون بيد أنه لا سبيل إلى تصحيحه ما دام أن النيابة لم تطعن في الحكم حتى لا يضار الطاعن الأول بطعنه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه