الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 4 يناير 2015

طعن 326 لسنة 23 و29 لسنة 24 ق جلسة 28/ 2 / 2004

هيئة المحكمة : الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران فلاح الهاجري وامام البدري .
1- للمحكمة تغيير الوصف القانوني للواقعة المسندة للمتهم دون التقيد بوصف النيابة العامة مع تعديلها التهمة وفقا للثابت في التحقيق او المرافعة سندا للمادة 214 اجراءات جزائية.
2- اعتبار الحكم الصادر بالاعدام مطعونا فيه بالنقض وموقوفا تنفيذه لحين الفصل بالطعن سندا للمادة 253 اجراءات جزائية.
3- للمحكمة نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها في الحالات المبنية في المادة 246 اجراءات جزائية.
4- القتل العمد في المذهب المالكي هو الفعل المؤدي للموت عمدا عدوانا وغير مقصود به اللهو او اللعب وبالتالي تعمد الجاني اعطاء المجني عليه مادة سامة او ما هو مشابه لها دون قصد اللهو وحدوث الوفاة هو من قبيل القتل العمد الموجب للقصاص الذي لا عفو فيه لاولياء الدم او لولي الامر.
ملخص المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
( 1 ) محكمة الموضوع . وصف التهمة . نيابة عامة .
المحكمة تغير الوصف القانوني للواقعة المسندة للمتهم دون التقيد بوصف النيابة العامة . لها تعديل التهمة وفقاً للثابت لها من التحقيق أو المرافعة م 214 إجراءات جزائية .
( 2 ) إعدام . نقض . نظام عام . حكم .
الحكم الصادر بالإعدام يعتبر مطعوناً فيه بالنقض وموقوفاً تنفيذه لحين الفصل في الطعن م 253 إجراءات جزائية . للمحكمة نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها أنه مشوب بعيب يتعلق بالنظام العام أو مبني على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاً للقانون أو لم تكن لها ولاية الفصل في الدعوى أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون أصلح للمتهم م 246 إجراءات جزائية . للمحكمة التصدي للفصل فيه إذا قبلت الطعن م 249/2 إجراءات جزائية .
( 3 ) قتل . قتل عمد . مذاهب فقهية . شريعة إسلامية . قصاص . حرابة . عفو .
القتل نوعان عمد وخطأ أساس ذلك قواعد المذهب المالكي . القتل العمل ماهيته الفعل المؤدي للموت عمداً عدواناً ولم يكن بقصد اللهو أو اللعب . لا عبرة بما إذا كانت الآلة أو الوسيلة المستعملة قاتلة أو غير قاتلة . أساس ذلك شرعاً . تعمد الجاني إعطاء المجني عليه مادة سامة أو ماشابها وإن كانت لا تقتل غالباً ولم يكن ذلك على سبيل اللهو أو اللعب وأحدثت الوفاة مؤداه الفعل العمد يعتبر قتلاً موجباً للقصاص وينتقل وصف فعل الجاني من وصف القتل العمد العدوان الموجب القصاص إلى وصف القتل العمل الموجب لحد الحرابة . مفاده لا عفو فيه لأولياء الدم أو ولي الأمر . أساس ذلك شرعاً ومؤداه .
مثال : المتهم استعمل مادة سامة بوضعها في مشروبات غازية لضحاياه من سائقي السيارات العمومية بهدف سرقتهم مما أدى لوفاة خمسة ونجاة ثلاثة آخرين لتداركهم بالعلاج . دفعه بأنه قصد من وضعه المادة السامة تخدير المجني عليهم فقط بهدف سرقتهم غير سائغ مفاده ثبوت الجريمة في حقه .
1 - أنه عملاً بالمادة 214 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي فإن على المحكمة أن تعطي للدعوى وصفها الحق وأن تغير في حكمها الوصف القانوني للواقعة المسندة للمتهم دون تقيد بوصف النيابة العامة لها ولها حق تعديل التهمة حسبما تراه وفقاً لما يثبت لها من التحقيق أو من المرافعة في الجلسة .
2 - كما أن الحكم الصادر بعقوبة الإعدام يعتبر مطعوناً فيه بالنقض وموقوفاً تنفيذه لحين الفصل في الطعن عملاً بالمادة 253 من ذات القانون وتحكم المحكمة في الطعن وفقاً لأحكام الفقرة الثانية من المادة 246 منه والتي تخولها أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه مشوب بعيب يتعلق بالنظام العام أو مبني على مخالفة القانون أو على الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاً للقانون أو لم تكن لها ولاية الفصل في الدعوى أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون أصلح للمتهم يسري على واقعة الدعوى كما أن لها التصدي للفصل فيه إذا قبلت الطعن عملاً بالمادة 249/2 من نفس القانون - أي أن الحكم يعد مطعوناً عليه بالنقض بقوة القانون ومعروضاً على المحكمة العليا لإعادة بحثه وبيان مدى موافقته لأحكام الشريعة الإسلامية والقانون - وعليها تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في جرائم الحدود والقصاص والدية عملاً بالمادتين الأولى والثانية من القانون 3/1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية حداً أو تعزيراً .
3 - من المقرر في المذهب المالكي المعمول به في الدولة أن القتل نوعان عمد وخطأ وهو لا يعترف بالقتل شبه العمد ويشترط لتوفر ركن القتل العمد وركن القصد فيه أن يكون إثبات الفعل المؤدي إلى الموت عمداً عدواناً ولم يكن بقصد اللهو واللعب ولا عبرة بما إذا كانت الآلة أو الوسيلة التي استعملت قاتلة أو غير قاتلة ويقول ابن جزي في القوانين الفقهية صـ 339 ، 340 "... فأما العمد فهو أن يقصد القاتل إلى القتل بضرب بمحدد أو بمثقل أو بإحراق أو تغريق أو خنق أو سم أو غير ذلك فيجب القود " وورد في شرح الزرقاني على متن خليل جـ 8 صـ 7 وإن قصد - أي تعمد - القاتل ضرباً وإن بقضيب أو نحوه مما لا يقتل غالباً وفعل ذلك بغضب أو عداوة يقتص منه ويقول الدرديري في الشرح الصغير جـ 4 صـ 331 ، 338 عند بيان شروط الجناية الموجبة للقصاص " وجناية وشرطها العمد ... وان تعمد الجاني ضرباً لم يجز بمحدد بل وإن بقضيب أي عصا أو سوط أو نحوهما ، مما لايقتل به غالباً وان لم يقصد قتله ... أو مثقل كحجر لاحد فيه - خلافاً للحنفية - كخنق أو منع طعام حتى مات أو شراب حتى مات فالقود إن قصد بذلك قتله " ومن ثم فإنه يستخلص من قواعد الفقه المالكي في خصوص الواقعة المطروحة أن الجاني إذا قصد تعمد إعطاء المجني عليه مادة سامة أو ما شابهها وإن كانت لا تقتل غالباً ولم يكن ذلك على سبيل اللهو أو اللعب وأحدثت الوفاة تجعل الفعل العمد العدوان قتلاً موجباً للقصاص ، وأن فعل الجاني ينتقل من وصف القتل العمد العدوان الموجب للقصاص إلى وصف القتل العمد الموجب لحد الحرابة ذلك أن المقرر فقهاً أن الحرابة كما وصفها ابن عرفة هي الخروج لأخذ مال محترم بمكابرة قتال أو ذهاب عقل أو قتل خفية أو لمجرد قطع طريق وإن لم يتوافر قصد أخذ المال وذلك بغير عداوة على وجه يتعذر معه الغوث ولا عفو فيه لأولياء الدم أو ولي الأمر لأن الحق فيه لله لقوله تعالى ﴿ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ... ﴾
الآيتان ( 33 ، 34 ) سورة المائدة .
أي أن الحرابة في الأصل شرعاً هي قطع الطريق بأي وسيلة وهي ما تسمى السرقة الكبرى أي الخروج لأخذ المال على سبيل المغالبة فإذا أخذ الجاني المال فقتل فيعد محاربا ما دام قد خرج لأخذ المال على سبيل المغالبة ويسمى الإمام مالك هذا النوع من القتل قتل الغيلة وهو نوع من الحرابة ولم يشترط وجود سلاح مع الجاني ما دام قد وقع القتل والسرقة على وجه يتعذر معه الغوث وفقد الغوث وتثبت جريمة الحرابة شرعاً بشهادة شاهدين عدلين أو بإقرار الجاني .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه الذي أيد حكم أول درجة لأسبابه قد أدان الطاعن عما نسب إليه من اعترافه تفصيلاً أمام الشرطة والنيابة العامة الذي اطمأن إليه أنه خطط لجرائمه باستعمال المادة السامة " اللانيت " بوضعها لضحاياه في مشروبات غازية مما أدى إلى وفاة خمسة منهم سالفي الذكر ونجاة الثلاثة الآخرين لتداركهم بالعلاج وأنه علم بوفاة أحد المجني عليهم الذي استدرجه لمنطقة الكسارات على طريق خطم الشكلة مدعياً ندمه على ذلك - إلا أنه استمر في ارتكاب جرائمه لحاجته للمال وأنه كان يختار ضحاياه من سائقي السيارات العمومية وذلك لسهولة توجههم لأية وجه خارج المدينة ولوجود مبالغ مالية معهم يمكنه الاستيلاء عليها لسداد ديونه وان ذلك مما يدل على توفر قصد القتل لديه وأنها تلتفت عن ادعائه بأن قصده من وضع هذه المادة السامة للمجني عليهم هو لتخديرهم فقط للاستيلاء على أموالهم .
المحكمة ،
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه القاضي المقرر وبعد المداول قانوناً :
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية .
وحيث إن النيابة العامة أسندت إلى المتهم المحكوم عليه ....... 33 سنة - باكستاني الجنسية في الجناية 3253/2000 العين الشرعية أنه في غضون الأيام من 21 /6 / 2000 إلى 4/ 7 / 2000 بدائرتي مدينة العين وأبوظبي : 1 - قتل ....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتل أحد سائقي سيارات الأجرة وأعد ذلك مادة سامة قاتلة هي مادة " اللانيت " وما ان استقل معه السيارة قيادة هذا المجني عليه حتى قدم له شراباً به المادة السامة آنفة البيان قاصداً من ذلك قتله فأصيب بالأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد ارتكب جناية القتل بقصد تسهيل ارتكابه سرقة المبلغ المبين القدر بالتحقيقات لورثة المجني عليه آنف البيان في إحدى وسائل النقل 2 - قتل ملازم ........... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتل أحد قائدي سيارات الأجرة وأعد ذلك مادة سامة قاتلة هي مادة " اللانيت " وما أن استقل معه السيارة قيادة المجني عليه سالف البيان حتى قدم له شراباً به المادة السامة آنفة البيان قاصداً من ذلك قتله فأصيب بالأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد ارتكب جناية القتل بقصد تسهيل ارتكابه سرقة المبلغ المبين القدر بالتحقيقات لورثة المجني عليه في أحد وسائل النقل 3 - قتل كاجير خان سروار خان عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتل أحد قائدي سيارات الأجرة وأعد لذلك مادة سامة قاتلة هي مادة " اللانيت " وما أن استقل معه السيارة قيادة المجني عليه حتى قدم له شراباً به المادة السامة آنفة البيان قاصداً من ذلك قتله فأصيب بالأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد ارتكب جناية القتل بقصد تسهيل ارتكابه سرقة المبلغ المبين القدر بالتحقيقات لورثة المجني عليه في أحد وسائل النقل . 4 - قتل جول شامير جول عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتل أحد قائدي سيارات الأجرة وأعد لذلك مادة سامة قاتلة هي مادة " اللانيت " وما إن استقل معه السيارة قيادة المجني عليه حتى قدم له شراباً به المادة السامة سالفة الذكر قاصداً من ذلك قتله فأصيب بالأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد ارتكب جناية القتل بقصد تسهيل ارتكابه سرقة المبلغ المبين القدر بالتحقيقات لورثة المجني عليه آنف البيان في أحد وسائل النقل . 5 - قتل ......... عمداً مع سبق الإصرار بأن بين النية على قتل أحد قائدي سيارات الأجرة وأعد لذلك مادة سامة قاتلة هي مادة اللانيت وما ان استقل معه السيارة قيادة المجني عليه حتى قدم له شراباً به المادة السامة آنفة البيان قاصداً من ذلك قتله فأصيب بالأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد ارتكب جناية القتل بقصد تسهيل ارتكابه سرقة المبلغ المبين القدر بالتحقيقات لورثة المجني عليه آنف البيان في أحد وسائل النقل .
كما شرع في قتل ......... و ............. و ........... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتل أحد قائدي سيارات الأجرة وأعد لذلك مادة سامة قاتلة هي مادة " اللانيت " وما ان استقل معه كل واحد منهم السيارة قيادته حتى قدم لكل واحد منهم شراباً به المادة السامة سالفة الذكر قاصداً من ذلك قتلهم فأصيبوا بالأعراض الموصوفة بالتقارير الطبية وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليهم بالعلاج كما ارتكب جريمة الزنا مع مؤمنات رسول لانا بأن عاشرها معاشرة الأزواج دون أن تربطهما علاقة شرعية على النحو المبين بالتحقيقات - كما أنه وهو أجنبي - باكستاني الجنسية عمل لدى شخص غير كفيله دون الالتزام بالشروط والأوضاع المقررة لنقل الكفالة وطلبت النيابة العامة معاقبة المتهم المحكوم عليه سالف الذكر طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمواد ( 34 و35 و331 و332 و389/3 ) من قانون العقوبات الاتحادي والمواد 11/1 مكرر ، من القانون رقم 6 لسنة 1973 في شأن دخول وإقامة الأجانب المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1996 .
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه ومن سائر الأوراق في أن المتهم المحكوم عليه ..... قام في غضون الفترة من 21/6 / حتى 4/7 / 2000 بدائرتي مدينتي العين وأبوظبي بقتل كل من سائقي التاكسي الخمسة الذين يحملون الجنسية الباكستانية ..... و ...... و ...... و ..... و ....... عمداً عدواناً عن طريق إعطائهم مادة اللانيت السامة وذلك لتسهيل استيلائه على المال الموجود مع كل واحد منهم بعد أن يستقل معه السيارة خارج العمران ثم يقوم بالاستيلاء على ماله والهرب إلى أن تم ضبطه وكذلك الشروع في قتل كل من المجني عليهم السائقين ........ و ......... و .......... بذات الطريق إلا أنه لم يتمكن من ذلك لتداركهم بالعلاج .
وقد اعترف المتهم بمحضر جمع الاستدلالات أن المادة التي قام بخلطها للمجني عليهم مع المشروب الغازي تستخدم لقتل الإنسان والحيوان وأن قصده من ذلك هو أن يغمى عليهم ليسلب أموالهم لأنها حلوة الطعم لا يميزها الشارب وادعى بأن عمه وابن عمه علماه كيف يستخدمها وأن عمه أحضر عبوتين منها لقتل القطط مدعياً بإمكانه خلطها مع البودرة التي أحضرها له مع المشروب وأنه في 24/6 / 2000 استقل سيارة أجرة من بني ياس لسويحان وقام بخلط زجاجة ماء بمادة اللانيت وقدمها للسائق وبعد ذلك لم يستطع السائق القيادة فأوقف السيارة وصار يتقيأ فسلبه حينئذ مبلغ ( 180 ) درهماً وأنه كرر ذلك مرة أخرى مع سائق آخر منفرداً .
وبتحقيقات النيابة العامة اعترف المتهم بارتكاب كل جرائم قتل السائقين المشار إليهم من أجل الحصول على المال لمروره بضائقة مالية على التفصيل الوارد بالتحقيقات ، كما اعترف المتهم أمام المحكمة باستعماله مادة " اللانيت " بوضعها في المشروبات الغازية وتقديمها لسائقي التاكسي الخمس الذي توفوا مدعياً أنه نيته لم تنصرف إلى قتلهم أو أنه لم يجرب هذه المادة وكان يظن أن تأثيرها يؤدي إلى الإغماء مؤقتاً وذلك بقصد السرقة وأنه تحصل بالفعل على مبالغ منهم وبشرائه هذه المادة بدلالة شخص من البريمي وأنه لم يكن يعلم أن الذين قدم لهم المادة قد ماتوا وأنه ينكر الزنا ويقر بالعمل لدى غير الكفيل وبمواجهته بما سبق أن قرره أمام النيابة العامة من أنه علم بوفاة سائق التاكسي الذي استقل سيارته إلى منطقة الكسارات فتألم ولكنه استمر في أفعاله ليتمكن من سداد مديونية فنفى صدور هذا القول منه وبسؤاله لدى محكمة أول درجة تفصيلاً عن كل جريمة وعن أقواله السابقة أجاب بأنه كان يستقل سيارات التاكسي ويضع مادة اللانيت في مشروب ويقدمه لهم وعند شعورهم بالدوار والتعب يسلبهم أموالهم وأنه ارتكب هذه الجرائم بمفرده وبسؤاله عن ادعائه بأنه لم يسمع بموت سائقي التاكسي مع أن الخبر انتشر في أوساط الناس بالعين خاصة وسط الجالية الباكستانية التي ينتمي إليها أجاب أنه سمع بحدوث بعض الوفيات بين سائقي التاكسي إلا أنه سمع الخبر برواية أخرى هي وفاتهم نتيجة رشهم بمادة سامة فظن أن هناك شخصاً آخر قتلهم وبسؤاله عن المجني عليهم الذين نجوا من الموت قرر أنه استقل سياراتهم ووضع لهم مادة اللانيت بنفس الكيفية وأنه استهدف سائقي التاكسيات لوجود عملات معهم ولسهولة أخذهم خارج المدينة وأوضح أنه لم يتعالج نفسياً بالدولة وادعى أنه عولج في باكستان إلا أنه لا يحتفظ بأي ملف طبي أو أوراق تثبت ذلك ونفى ما جاء بأقواله أمام النيابة العامة من أنه لا يعاني من أي أمراض نفسيه وطلب محاميه عرضه على خبرة فنية نفسية - وبسؤال - استشاري الطب الشرعي - الدكتور ...... قرر أنه عرضت عليه جثة المجني عليهما ...... و ....... فوجد بهما علامات تشير إلى التسمم بمادة كيماوية وأنه بعد أخذ عينة الدم وتحليلها ظهرت النتيجة الأولية دالة على وجود مادة " ميثوميل " وهي المادة الفعالة للمبيد الحشري المعروف تجارياً باسم " اللانيت " وهي المسببة للوفاة وهي مادة شديدة السمية وهي مبيد حشري قابل للذوبان ويمكن خلطه بأي مشروب وهو ممنوع التداول بالدولة لخطورته ولا يستخدم حالياً كمبيد ويخفف عند الاستعمال ببودرة حتى لا يؤثر على من يستخدمه بالرش وأن الطبيب أحمد رشدي استشاري الطب الشرعي بالشارقة قام بالكشف على جثتين أخريين وأرسل عينة الدم إلى مختبر الطب الشرعي بوزارة العدل فجاءت مطابقة لما توصلوا إليه كما توجد جثة أخرى خامسة متعفنة وقرر الدكتور ....... استشاري أول الطب الشرعي بوزارة العدل أنه فحص جثتي المجني عليهما ...... و ..... فتبين له أن سبب وفاة الأول هو اسفكيسيا التسمم الناتجة عن مادة الميثوميل أما الآخر فوفاته ناتجة عن اسفكسيا كتم النفس وهو فاقد الوعي بتأثير مادة سامة وهي الميثوميل وهي المادة الفعالة للمبيد الحشري " اللانيت " وهو شديد السمية وأنه بالنسبة لكتمه النفس فقد وجد آثاراً خارجية بالآنف والفم مما يشير إلى كتم النفس وهو تحت تأثير المادة السامة وبمواجهة المتهم المحكوم عليه بذلك أفاد أنه كان يقصد أن يفقد المجني عليهم الوعي ويسلب أموالهم وأنكر كتم النفس مدعياً استعماله المادة المذكورة فقط ... دفع محامي المتهم بانعدام القصد الجنائي لديه وأن قصده هو تخدير ضحاياه لأخذ المال منهم وأنه لم يكن يعلم أن المادة قاتلة ونفى سابق معرفته للمجني عليهم أو وجود عداوة بينهم وطلب تعديل مواد الاتهام من القتل العمل إلى المادة 336 عقوبات المتعلقة بالضرب الذي أفضى إلى الموت وفي 29/5 / 2000 حكمت محكمة أول درجة حضورياً ووفقاً لأحكام الشريعة و ....... و ...... و ...... و ...... مع الإصرار من أجل السرقة ومعاقبته على ذلك بالقتل قصاصاً بوسيلة التنفيذ المتبعة في الدولة 2 - إدانته بالشروع في قتل .... و ....... و ....... 3 - بارتكاب الزنا مع درء الحد عنه 4 - إدانته بالعمل لدى غير الكفيل دون اتباع الإجراءات القانونية 5 - اعتبار الجرائم المذكورة مندرجة في عقوبة القتل .
استأنف المتهم - المحكوم عليه - الحكم بالاستئناف رقم 178/2001 شرعي العين واستأنفته النيابة العامة بالاستئناف رقم 214/2001 عملاً بحقها الوارد في المادة 230/2 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادية من اعتبار الحكم الصادر بعقوبة الإعدام مستأنف بحكم القانون وموقوفاً تنفيذه ـ وقد اعترف المتهم المحكوم عليه أمام محكمة الاستئناف باستعماله المادة السامة سالفة الذكر بوضعها للمجني عليهم في الشراب بقصد إغمائهم فقط وفقدانهم الوعي والإدراك للاستيلاء على ما معهم من نقود وأنه لم يكن يقصد قتلهم وأنكر جريمة الزنا والبقاء في البلاد بصورة غير مشروعة وطلب إعلان ورثة المجني عليهم المتوفين وفي 11/11/2001 حكمت المحكمة وبإجماع الآراء حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف مع حذف كلمة " قصاصاً " ووضع كلمة " حداً " طعنت النيابة العامة على هذا الحكم بالطعن رقم 326/23 ق شرعي عملاً بالمادة 253 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي بطلب قبول عرضها شكلاً وإقرار الحكم الصادر بقتل المحكوم عليه حدا ً . وطعن عليه المحكوم عليه .......... عن طريق المحامي المنتدب بالطعن رقم 29/24 ق شرعي وقد قدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن رقم 29/24 ق شرعي وفي الطعن 326/23 ق شرعي بإقراره فيما قضى به من إدانة وقتل المطعون ضده ........ حداً لقتله غيله المجني عليهم الخمسة عمداً محاربة على أن تندرج في حكم القتل بقية العقوبات عن الجرائم المسندة له والأمر بعرض الأوراق على صاحب السمو رئيس الدولة للتصديق على الحكم قبل تنفيذه .
أولاً : الطعن 29/24 ق شرعي ـ المقام من المحكوم عليه ..........:
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية والقانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن الثابت من وقائع الدعوى أنه تم القبض على المتهم الطاعن نتيجة عدة بلاغات وتحريات لا مطعن له عليها أو على صحتها والثابت أنه اعترف بما نسب إليه سوى أنه لم يكن يقصد قتل المجني عليهم بل كان ما فعله بقصد إغمائهم لسلب أموالهم فقط وذلك بدلالة أن مادة " اللانيب " المستعملة هي مبيد حشري كما جاء بشهادة استشاري الطب الشرعي قابلة للذوبان ويمكن خلطها بأي مشروب وأنها تخفف عند الاستعمال ببودرة حتى لا تؤذي من يستخدمها بالرش كذلك بدلالة ما هو ثابت بالفعل من سرقة أموال المجني عليهم بعد التأكيد من غيابهم عن الوعي والطاعن شخص عادي وليس طبيباً متخصصاً أو على ثقافة تحمله على العلم اليقيني من كون أن المادة التي استعملها بناءً على توصية من شخص آخر مادة تؤدي في حد ذاتها إلى الموت وهو مما ثبت من وفاة بعض المجني عليهم ونجاة البعض الآخر وإذ اطمأن الحكم المطعون فيه إلى توافر قصد القتل ملتفتاً عما قرره الطاعن من أن قصده بوضع هذه المادة للمجني عليهم هو تخديرهم فقط حتى يستولي على أموالهم لجهله أن هذه المادة سامة حتى مع تبرير الحكم لإقراره فإنه يكون قد فسد استدلاله وقصر تسبيبه لخلو الأوراق من إبراز العناصر التي تؤكد التحقق والتثبت من اتجاه إرادة الطاعن إلى ارتكاب الجرائم التي أسندت إليه مع علمه بارتكابها وأن المشرع الوضعي استلزم توافر القصد الجنائي في العديد من الجرائم مثل القتل العمد والقصد الجنائي الذي استخلصه الحكم هو القصد المباشر وما توفر لديه من الدلائل لا تكفي في حد ذاتها إلى اليقين والجزم وجاء الاستخلاص في ذلك فاسداً إذ لا تكفي أقوال المجني عليهم في حد ذاتها دليلاً للإدانة ولا التقارير الفنية التي لم تتعرض إلا إلى وصف وتحليل المادة وجثث المجني عليهم والتأكد من البصمات وخلافه ويبقى فقط ما هو ثابت يقيناً من أن قصده كان بهدف سرقة شخص مخدر وهو الأمر المطابق للحقيقة والواقع من مدونات الحكم المطعون فيه وكافة أوراق الدعوى الأخرى بدءً من محاضر الاستدلال وتحقيقات النيابة العامة ومحاضر جلسات المحاكمة والتقارير الفنية المقدمة بالملف وأن جريمة القتل العمد لا تتم إلا بتوافر القصد الجنائي وهو أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر بل من الظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى وموكول تقديرها إلى قاضي الموضوع وأن تعمد الفعل المزهق للروح لا يكفي لاعتبار الجاني قاتلاً عمداً بل لابد من توفر قصد القتل لديه وإلا لكان القتل شبه عمد شرعاً أو ضرباً أفضى إلى موت قانوناً وأنه يستوي في القتل أن يكون مسبوقاً بإصراراً وترصد أو غير مسبوق أو تصحبه جريمة أخرى أو لا تصحبه إذ أن العقوبة على القتل العمد هي القصاص في كل حال إلا في حالة الحرابة أي قطع الطريق وعقوبتها القتل والصلب ومن ثم فإن قصد القتل لم يتوفر في حق الطاعن وأن استبدال عقوبة القصاص بعقوبة الحد تعد مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه عملاً بالمادة 214 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي فإن على المحكمة أن تعطي للدعوى وصفها الحق وأن تغير في حكمها الوصف القانوني للواقعة المسندة للمتهم دون تقيد بوصف النيابة العامة لها ولها حق تعديل التهمة حسبما تراه وفقاً لما يثبت لها من التحقيق أو من المرافعة في الجلسة .
كما أن الحكم الصادر بعقوبة الإعدام يعتبر مطعوناً فيه بالنقض وموقوفاً تنفيذه لحين الفصل في الطعن عملاً بالمادة 253 من ذات القانون .
وتحكم المحكمة في الطعن وفقاً لأحكام الفقرة الثانية من المادة 246 منه والتي تخولها أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه مشوب بعيب يتعلق بالنظام العام أو مبني على مخالفة القانون أو على الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاً للقانون أو لم تكن لها ولاية الفصل في الدعوى أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون أصلح للمتهم يسري على واقعة الدعوى كما أن لها التصدي للفصل فيه إذا قبلت الطعن عملاً بالمادة 249/2 من نفس القانون ـ أي أن الحكم يعد مطعوناً عليه بالنقض بقوة القانون ومعروضاً على المحكمة العليا لإعادة بحثه وبيان مدى موافقته لأحكام الشريعة الإسلامية والقانون - وعليها تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في جرائم الحدود والقصاص والدية عملاً بالمادتين الأولى والثانية من القانون 3/1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية حداً أو تعزيراً ،
كما أن المقرر في المذهب المالكي المعمول به في الدولة أن القتل نوعان عمد وخطأ وهو لا يعترف بالقتل شبه العمد ويشترط لتوفر ركن القتل العمد وركن القصد فيه أن يكون إثبات الفعل المؤدي إلى الموت عمداً عدواناً ولم يكن بقصد اللهو واللعب ولا عبرة بما إذا كانت الآلة أو الوسيلة التي استعملت قاتلة أو غير قاتلة ويقول ابن جزي في القوانين الفقهية صـ 339 ، 340 "... فأما العمد فهو أن يقصد القاتل إلى القتل بضرب بمحدد أو بمثقل أو بإحراق أو تغريق أو خنق أو سم أو غير ذلك فيجب القود " وورد في شرح الزرقاني على متن خليل جـ 8 صـ 7 وإن قصد - أي تعمد - القاتل ضرباً وإن بقضيب أو نحوه مما لا يقتل غالباً وفعل ذلك بغضب أو عداوة يقتص منه ويقول الدرديري في الشرح الصغير جـ 4 صـ 331 ، 338 عند بيان شروط الجناية الموجبة للقصاص " وجناية وشرطها العمد ... وان تعمد الجاني ضرباً لم يجز بمحدد بل وإن بقضيب أي عصا أو سوط أو نحوهما ، مما لايقتل به غالباً وان لم يقصد قتله ... أو مثقل كحجر لاحد فيه - خلافاً للحنفية - كخنق أو منع طعام حتى مات أو شراب حتى مات فالقود إن انه قصد بذلك قتله " ومن ثم فإنه يستخلص من قواعد الفقه المالكي في خصوص الواقعة المطروحة أن الجاني إذا قصد تعمد إعطاء المجني عليه مادة سامة أو ما شابهها وإن كانت لا تقتل غالباً ولم يكن ذلك على سبيل اللهو أو اللعب وأحدثت الوفاة تجعل الفعل العمد العدوان قتلاً موجباً للقصاص ، وأن فعل الجاني ينتقل من وصف القتل العمد العدوان الموجب للقصاص إلى وصف القتل العمد الموجب لحد الحرابة ذلك أن المقرر فقهاً أن الحرابة كما وصفها ابن عرفة هي الخروج لأخذ مال محترم بمكابرة قتال أو ذهاب عقل أو قتل خفية أو لمجرد قطع طريق وإن لم يتوافر قصد أخذ المال وذلك بغير عداوة على وجه يتعذر معه الغوث ولا عفو فيه لأولياء الدم أو ولي الأمر لأن الحق فيه لله لقوله تعالى ﴿ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ... ﴾ الآيتان ( 33 ، 34 ) سورة المائدة .
أي أن الحرابة في الأصل شرعاً هي قطع الطريق بأي وسيلة وهي ما تسمى السرقة الكبرى أي الخروج لأخذ المال على سبيل المغالبة فإذا أخذ الجاني المال فقتل فيعد محاربا ما دام قد خرج لأخذ المال على سبيل المغالبة ويسمى الإمام مالك هذا النوع من القتل قتل الغيلة وهو نوع من الحرابة ولم يشترط وجود سلاح مع الجاني ما دام قد وقع القتل والسرقة على وجه يتعذر معه الغوث وفقد الغوث وتثبت جريمة الحرابة شرعاً بشهادة شاهدين عدلين أو بإقرار الجاني .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه الذي أيد حكم أول درجة لأسبابه قد أدان الطاعن عما نسب إليه من اعترافه تفصيلاً أمام الشرطة والنيابة العامة الذي اطمأن إليه أنه خطط لجرائمه باستعمال المادة السامة " اللانيت " بوضعها لضحاياه في مشروبات غازية مما أدى إلى وفاة خمسة منهم سالفي الذكر ونجاة الثلاثة الآخرين لتداركهم بالعلاج وأنه علم بوفاة أحد المجني عليهم الذي استدرجه لمنطقة الكسارات على طريق خطم الشكلة مدعياً ندمه على ذلك - إلا أنه استمر في ارتكاب جرائمه لحاجته للمال وأنه كان يختار ضحاياه من سائقي السيارات العمومية وذلك لسهولة توجههم لأية وجه خارج المدينة ولوجود مبالغ مالية معهم يمكنه الاستيلاء عليها لسداد ديونه وان ذلك مما يدل على توفر قصد القتل لديه وأنها تلتفت عن ادعائه بأن قصده من وضع هذه المادة السامة للمجني عليهم هو لتخديرهم فقط للاستيلاء على أموالهم .
وأن ما يزيد قناعة المحكمة في ذلك أن حادث الوفيات قد ذاع خبرها وانتشر وسط الجنسية الباكستانية التي ينتمي إليها المتهم والمجني عليهم وأن ما برره من أنه كان يظن أن شخصاً آخر هو الذي قتلهم برشهم بالسم غير سائغ ولا يتماشى مع المنطق السليم وإن ما قرره يخالف الحقيقة وبقصد تخفيف العقوبة وأنه لم يرجع عن أقواله إلا في النية والقصد ويعضد اعترافات الطاعن تطابق بصمته مع البصمة المأخوذة من باب السيارة رقم 72438/1 التي توفي صاحبها بنفس الكيفية وشهادة اثنان من الأطباء الشرعيين التابعين لوزارة العدل من أنه بتشريح جثث المجني عليهم تبين أن سبب الوفاة هو مادة المثوميل وهي المادة الفعالة للمبيد الحشري اللانيت وهي مادة شديدة السمية ، كما ثبت بالتحقيقات أن هذه المادة تم حظرها واستعمالها بالدولة لخطورتها وهي ذات المادة التي ضبطت بمنزل المتهم الطاعن وأن القتل بالسم كالقتل بالمباشرة وهو ما جلب الموت بذاته دون واسطة وكان علة له وأن السم يقوم مقام السلاح لأنه الوسيلة القاتلة ويولد المباشرة وأن ما اقترفه المتهم الطاعن يعتبر قتلاً عمداً في كل المذاهب لأنه على سبيل العدوات وفقاً للمذهب المالكي ولأن الوسيلة قاتلة وفقاً للمذاهب الأخرى ويعتبر ما قام به داخلاً في القتل غيلة الذي لا يتطلب العفو أو طلب القصاص من أولياء الدم وأن القتل حيلة وخدعة - هو نوع من أنواع الحرابة وهي قطع الطريق وأخذ المال على وجه يتعذر معه الغوث في ليل أو نهار وأن المحكمة تأخذه باعترافه أمام الشرطة والنيابة العامة واعترافه أمام المحكمة دون اعتداد بإنكاره توفر القصد الجنائي لديه وأنها تدينه بالقتل غيلة لخمسة من المجني عليهم هم ....... و ...... و ....... و ......... و ....... وشروعه في قتل المجني عليهم الثلاثة ....... و ...... و ....... - مع توفر القصد الجنائي لديه في ذلك من اعترافه بوضعه المادة شديدة السمية في الشراب وتقديمها لهم مع علمه بخطورتها وأنها قاتلة إلا أنه خاب أثر الجريمة لتدخل عامل خارجي هو تدارك المجني عليهم المذكورين بالعلاج وأن المتهم وإن اعترف أمام النيابة العامة بمعاشرة مؤمنات رسول المقيمة معه دون رابطة شرعية إلا أنه أنكر أمام المحكمة ما نسب إليه وأنها من ثم تدرأ الحد عنه وانه خالف العمل لدى غير كفيله إلا أنه أخذاً بما جاء في كتاب قوانين الأحكام الشرعية لابن جزي أن كل حد اجتمع مع القتل فالقتل يجزئ عنه وأنها ترى إدراج كل العقوبات في عقوبة الإعدام ، وأضاف الحكم المطعون فيه أن قصد القتل ثابت في حق المتهم الطاعن يقيناً من أن المتهم قرر بتحقيقات النيابة العامة عندما سئل صراحة عما إذا كان يقصد قتل ضحاياه للحصول على المال فأجاب بالإيجاب لمروره بضائقة مالية ـ كما أنه كان يعلم مسبقاً كنه المادة السامة القاتلة التي استخدمها وقوله عنها بالتحقيقات أنها مادة سريعة القتل إذ كان يشاهد القطط عند تناولها تموت فوراً ومن قيامه بالإعداد لجرائمه في هدوء وروية وبحثه عن المادة السامة القاتلة والتي يعلم مسبقاً أنها شديدة السمية وتؤدي إلى الوفاة الفورية ولاصطحابه لضحاياه من سائقي سيارات الأجرة إلى مناطق نائية وتقديم المشروب المضاف إليه المادة السامة إليهم وترك المجني عليهم في تلك المناطق البعيدة بعد إحداث السم القاتل لأثره ، وانه عما يثار بالأوراق رغم عدم الدفع به من أن المتهم الطاعن يعاني من مرض نفسي فهو قول مرسل لادليل عليه وأن الأفعال الإجرامية التي ارتكبها الطاعن تدل على تدبير محكم ونية إجرامية تفصح عن قوة أعصابه وتمتعه بالهدوء والتركيز وإجابته التفصيلية في تحقيقات النيابة العامة والتي تدل على توازنه العقلي وإحكامه التدبير كما أن طلبه استدعاء أولياء الدم لسؤالهم لامحل له وفقاً لارتكابه القتل غيلة التي توجب توقيع الحد كحق من حقوق الله لا يسقطه أحد ولا يملك أولياء الدم العفو فيه مع استبدال كلمة حداً بدلاً من كلمة قصاصاً بالحكم المستأنف باعتبار أن العقوبة في الحرابة حداً لا قصاصاً.
لما كان ذلك وكان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من إدانة الطاعن عن تهمة القتل غيلة حداً باعتباره نوعاً من أنواع الحرابة للقتل عمداً بقصد السرقة وذلك باستدراج المجني عليهم إلى أمكنة يصعب فيها الغوث وتركهم يموتون فيها اثر تناولهم مادة اللانيت السامة التي أعطاها لهم الطاعن عامداً متعمداً للحصول على أموالهم دون وجه حق سائغاً وكافياً لحمل قضائه ، ومن ثم فإن النعي لايعدوا أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها مما لايجوز إثارته أمام المحكمة العليا ويكون النعي على غير أساس متعين الرفض .
ثانياً : الطعن 326/23 ق شرعي ـ المقدم من النيابة العامة :
حيث إن النيابة العامة طلبت في هذا الطعن ـ قبول عرضها شكلاً وإقرار الحكم الصادر بقتل المحكوم عليه ....... حداً عملاً بالمادة ( 253 ) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي .
وحيث إن الحكم المطعون فيه - على ما سلف ذكره في الطعن الأول قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به أركان الجرائم التي دان بها المتهم المحكوم عليه بالقتل غيلة وهو نوع من أنواع الحرابة لا يتطلب العفو من أولياء الدم وساق على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من اعتراف المتهم بمحضري جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة وأمام محكمتي أول وثاني درجة من إعطائه المادة السامة المبيد الحشري " اللانيت " للمجني عليهم عمداً حيث توفي خمسة منهم بسببه وأصيب الثلاثة الآخرون ومما ورد بتقريري الطب الشرعي والمختبر الجنائي وما شهد به الشهود وقد صدر الحكم بالإجماع عن محكمة مختصة لها ولاية الفصل في الدعوى وغير مشوب بعيب يتعلق بالنظام العام وكان غير مبنى على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ومن ثم فإن المحكمة بالإجماع تقر هذا الحكم مع رفع أوراق الدعوى فوراً إلى سمو رئيس الدولة للتصديق عليه عملاً بالمادة ( 283 ) من قانون الإجراءات الجزائية .


طعن 425 لسنة 24 ق جلسة 14/ 2 / 2004

هيئة المحكمة : الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران الصديق ابو الحسن وعلي الدميري .
1- وجوب صدور الاحكام بأغلبية أراء القضاة لا سيما في جرائم المخدرات باستثناء احكام الاعدام الواجب صدورها بالاجماع لاهميتها الخاصة والا فوجوب استبدال عقوبة الاعدام بالسجن المؤبد عند عدم تحقق الاجماع سندا للمادة 218 اجراءات جزائية.
2- عدم اشتراط المشرع بإلتزام المحكمة بإثبات الرأي المخالف وأسبابه عند تخلف شرط الإجماع في أي من الجرائم المعاقب عليها بالاعدام.
3- وجوب الحكم بإبعاد الاجنبي عند صدور الحكم بالادانة في الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية.
ملخص المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
( 1 ) حكم " إصدار الأحكام ". إعدام . عقوبة . إجراءات .
- صدور الأحكام بأغلبية آراء القضاة . الاستثناء أحكام الإعدام وجوب صدورها بإجماع الآراء . علة ذلك أهمتيها الخاصة . عند عدم تحقق الإجماع تستبدل بعقوبة الإعدام السجن المؤبد م 218 إجراءات جزائية .
- عند تخلف شرط الإجماع في أي من الجرائم المعاقب عليها بالإعدام . عدم إلتزام المحكمة بإثبات الرأي المخالف وأسبابه .
- مثال : استبدال المحكمة بعقوبة الإعدام عقوبة السجن المؤبد ولم تثبت الرأي المخالف تطبيق صحيح لنص القانون .
( 2 ) حكم . مواد مخدرة . إبعاد . عقوبة .
عند صدور الحكم بالإدانة في الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية وجوب الحكم بإبعاد الأجنبي م 63 من القانون .
- مثال : قضي فيه بإدانة أجنبي - إيراني الجنسية - بالسجن المؤبد بتهمة جلب مواد مخدرة بقصد الاتجار دون أن يتضمن الحكم إبعاده عن البلاد .
1 - أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن جرائم المخدرات وإن كانت تطبق عليها أحكام الشريعة الإسلامية بمقتضى نص المادة الأولى من القانون رقم 3/1996 كما يطبق عليها القانون 14/95 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية ، إلا أن كل ذلك يجب أن يتم في نطاق إجراءات إصدار الأحكام وفق أحكام قانون الإجراءات الجزائية ، متى كانت لا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية . فيما تنص عليه المادة ( 218 ) من ذات القانون على أن صدور الأحكام يكون بأغلبية آراء القضاة الذين أصدروها ، فيما عدا الأحكام الصادرة بالإعدام لما لها من أهمية خاصة ، ولضمان صيانة الأرواح التي يحميها الشرع الإسلامي الحنيف والدستور والقانون والتي يجب أن يكون الحكم فيها بالإعدام - بإجماع آراء القضاة الحاكمين فإذا لم يتحقق هذا الإجماع يجب أن تستبدل عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد . كما أن المشرع لم يشترط عند تخلف شرط الإجماع لتوقيع عقوبة الإعدام إثبات الرأي المخالف ، ولو أراد ذلك لنص عليه صراحة في المادة 218 سالف الذكر - بإثبات الرأي المخالف ، لكنه لم ينص على ذلك ومن ثم فإنه لا يلزم على المحكمة عند تخلف شرط الإجماع إثبات الرأي المخالف وأسبابه في هذا الخصوص وهذا الحكم المستفاد من المادة سالفة الذكر هو حكم عام يسري على جميع أحكام الإعدام سواء كانت صادرة في جرائم المخدرات أو غيرها . ولا وجه لاستثناء أحكام الإعدام الصادرة في جرائم المخدرات من هذا العموم لعدم ارتكازه على أي أساس شرعي أو قانوني ، ومن ثم فإنه لا يسري عليها نص المادة 128/2 من قانون الإجراءات المدنية التي أحالت إليها المادة 1/5 من قانون الإجراءات الجزائية من وجوب إثبات الرأي المخالف في صورة الحكم .
2 - أن نص المادة 63 من القانون 14/1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية أنه ( بالإضافة إلى العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون يحكم بإبعاد الأجنبي الذي حُكم بإدانته في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون .
لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المحكوم عليه - المطعون ضده - أجنبى ( إيراني الجنسية ) وقد قضى الحكم لمطعون فيه بإدانته وعقابه بالسجن المؤبد ولم يقض بإبعاده عن البلاد فإنه وإن كانت عقوبة السجن المؤبد تكون لمدى الحياة عملاً بالمادة 68 عقوبات - إلا أنه لما كانت المادة 44 من القانون 43/1992 الخاص بالمنشآت العقابية تجيز الإفراج عن السجين المحكوم عليه بالسجن المؤبد إذا ما توافرت شروطه وقضي بالسجن عشرون عاما على الأقل فيكون بقاؤه بعد ذلك في البلاد محالفاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون معيباً بما جاء بسبب هذا النعي مما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص . وحيث إن الطعن صالح للفصل فيه ، ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف بإبعاد المطعون ضده بعد تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه .
المحكمة ،
بعد مطالعة الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي تلاه القاضي المقرر ،
وبعد المداولة ،
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل حب أن النيابة العامة أسندت إلى المطعون ضده ( 1 ) .... وآخرين ... ( 3 ) .....،
لأنهم بتاريخ 25/9 / 1998 وتاريخ سابق عليه بدائرة أم القوين . المتهمان الأول والثالث - حازا بقصد الاتجار مادة الحشيش المخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . المتهم الثاني - جلب من خارج إقليم الدولة مادة الحشيش المخدرة بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . وطلبت عقابهم طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمواد 1 ، 6 ، 48 ، 56 ، 63 من القانون الاتحادي رقم 14/1995 في شأن مكافحة المواد الدرة والمؤثرات العقلية والبند 19 من الجدول رقم أ - الملحق بالقانون سالف الذكر ، ومحكمة جنايات أم القيوين حكمت في القضية رقم 304/1998 حضورياً بجلسة 27 /6 / 1999 بإعدام المتجهم الأول - المطعون ضده الحالي - ابراهيم ..... وبسجن المتهم الثاني قاسم ... عشرة سنوات وبتغريمه خمسين ألف درهم وببراءة المتهم الثالث وبمصادرة المواد المخدرة 
استأنف المتهمان الأول والثاني بالإستئنافين 590 ، 591/1999 كما استأنفته النيابة العامة بالاستئناف 592/1999 ومحكمة استئناف عجمان قضت بجلسة 10/5 / 2000م بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء برفض الاستئنافين رقمي 590 ، 591/1999 وبرفض الاستئناف رقم 592/1999 في حدود ما قضي به الحكم المستأنف بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث وتأييد الحكم المستأنف .
طعن المتهمان ..... و ...... والنيابة العامة على هذا الحكم أمام هذه المحكمة بالطعون أرقام 185 ، 253/22 ، 170/23 نقض شرعى جزائي وأصدرت هذه المحكمة حكمها بجلسة 29/6 / 2002م والذي قضي بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعنين فقط وإحالة القضية لمحكمة الاستئناف التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتفصل فيه مجدداً مشكلة من قضاة آخرين . ونفإذا لحكم النقض والإحالة أصدرت محكمة استئناف عجمان حكما بجلسة 1/12/2002 بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوع الاستئناف المقام من المتهم .....- المطعون ضده الحالي - بتعديل الحكم المستأنف وذلك بمعاقبته بالسجن المؤبد عن التهمة المسندة إليه ، وفي موضوع الاستئناف المقدم من النيابة العامة والمتهم الثاني .... برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف . طعنت النيابة العامة على هذا الحكم بالطعن الماثل ضد المتهم ....... بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 23/12/2002م .
وحيث إن النيابة العامة أقامت طعنة على سببين ، تنعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول منها بالقصور في التسبيب والخط في تطبيق القانون . ذلك أن المطعون ضده قد صدر ضده حكماً بإعدامه من محكمة أم القيوين الاتحادية الابتدائية وقد تم تعديل ذلك القضاء من محكمة استئناف عجمان إلى السجن المؤبد بسبب عدم تحقق إجماع آراء المحكمة على الإعدام ، كما تنص على ذلك المادة 218 من قانون الإجراءات الجزائية ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ثبوت إدانة المطعون ضده بالتهمة المسندة إليه وقيام الدليل على ذلك ، ولكنه نزل عن العقوبة التي قررتها المادة 48 من القانون الاتحادي 14/1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية وخالفت نص المادة ( 65 ) من ذات القانون بحجة عدم تحقق إجماع الآراء فإنه كان حرياً عليه أن يبين في أسبابه وجهة نظر الرأي المخالف الذي بسببه يتحقق الإجماع حتى تتمكن النيابة العامة والمحكمة العليا من الإطلاع عليه وأعمال رقابتها وإذ تغاضى الحكم الطعون فيه عن ذلك ولم يسرد وجهة نظر الرأي المخالف ، ومن ثم فإن قضاءه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن جرائم المخدرات وإن كانت تطبق عليها أحكام الشريعة الإسلامية بمقتضى نص المادة الأولى من القانون رقم 3/1996 كما يطبق عليها القانون 14/95 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية ، إلا أن كل ذلك يجب أن يتم في نطاق إجراءات إصدار الأحكام وفق أحكام قانون الإجراءات الجزائية ، متى كانت لا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية . فيما تنص عليه المادة ( 218 ) من ذات القانون على أن صدور الأحكام يكون بأغلبية آراء القضاة الذين أصدروها ، فيما عدا الأحكام الصادرة بالإعدام لما لها من أهمية خاصة ، ولضمان صيانة الأرواح التي يحميها الشرع الإسلامي الحنيف والدستور والقانون والتي يجب أن يكون الحكم فيها بالإعدام - بإجماع آراء القضاة الحاكمين فإذا لم يتحقق هذا الإجماع يجب أن تستبدل عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد .
كما أن المشرع لم يشترط عند تخلف شرط الإجماع لتوقيع عقوبة الإعدام إثبات الرأي المخالف ، ولو أراد ذلك لنص عليه صراحة في المادة 218 سالف الذكر - بإثبات الرأي المخالف ، لكنه لم ينص على ذلك ومن ثم وأنه لا يلزم على المحكمة عند تخلف شرط الإجماع إثبات الرأي المخالف وأسبابه في هذا الخصوص وهذا الحكم المستفاد من المادة سالفة الذكر هو حكم عام يسري على جميع أحكام الإعدام سواء كانت صادرة في جرائم المخدرات أو غيرها . ولا وجه لاستثناء أحكام الإعدام الصادرة في جرائم المخدرات من هذا العموم لعدم ارتكازه على أي أساس شرعي أو قانوني ، ومن ثم فإنه لا يسري عليها نص المادة 128/2 من قانون الإجراءات المدنية التي أحالت إليها المادة 1/5 من قانون الإجراءات الجزائية من وجوب إثبات الرأي المخالف في صورة الحكم .
لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف قد قضي بإعدام المطعون ضده إعمالاً لنص المادة 48 من القانون 14/1995 سالف الذكر لثبوت جريمة المخدرات بقصد الاتجار المسندة إليه ، فاستأنف المطعون ضده كما استأنفته النيابة العامة عملاً بالمادة 230/3 من قانون الإجراءات الجزائية فأيدت محكمة الاستئناف الحكم المستأنف في إدانته للمطعون ضده لما استند إليه مخ أسباب ، إلا أنها عدلت العقوبة المقضي ها عليه إلى عقوبة السجن المؤبد عملاً بالمادة ( 218 ) إجراءات جزائية لوجود رأي مخالف ، ولم تثبت ذلك الرأي المخالف لأن هذه المادة لم تشترط ذلك ولو أراد المشرع إثبات الرأي المخالف لنص على ذلك صراحة . ومن ثم فإنها تكون قد التزمت صحيح القانون بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس متعين الرفض .
وحيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني من الخطأ في تطبيق القانون حين قضي بتعديل الحكم المستأنف وذلك بمعاقبة المطعون ضده بالسجن المؤبد بدل الإعدام دون أن تقضي بإبعاده خارج البلاد بعد تنفيذ العقوبة إعمالاً لنص المادة ( 63 ) من القانون 4 1/1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك ولم يقض بإبعاد المتهم عن البلاد رغم كونه أجنبيا فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي سديد ، ذلك أن نص المادة 63 من القانون 14/1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية أنه ( بالإضافة إلى العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون .
لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المحكوم عليه - المطعون ضده - أجنبى ( إيراني الجنسية ) وقد قضى الحكم لمطعون فيه بإدانته وعقابه بالسجن المؤبد ولم يقض بإبعاده عن البلاد فإنه وإن كانت عقوبة السجن المؤبد تكون لمدى الحياة عملاً بالمادة 68 عقوبات - إلا أنه لما كانت المادة 44 من القانون 43/1992 الخاص بالمنشآت العقابية تجيز الإفراج عن السجين المحكوم عليه بالسجن المؤبد إذا ما توافرت شروطه وقضي بالسجن عشرون عاما على الأقل فيكون بقاؤه بعد ذلك في البلاد محالفاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون معيباً بما جاء بسبب هذا النعي مما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص .
وحيث إن الطعن صالح للفصل فيه ، ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف بإبعاد المطعون ضده بعد تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه .


طعن 401 لسنة 24 ق جلسة 14 /2 / 2004

هيئة المحكمة : الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران الصديق ابو الحسن وعلي الدميري .
1- سلطة محكمة الموضوع في تقدير الخطأ الموجب للمسؤولية شرط اقامة قضائها على اسباب سائغة كافية لحمله.
2- استناد الحكم الى تقرير الطبيب الشرعي في اعتبار الطاعن مسؤولا عن كامل الضرر اللاحق بالمجني عليه دون بيان هذا التقرير ماهية الاهمال المنسوب الى الطبيب وعدم التحرز هو قصور في الحكم وموجب نقضه.
3- مسؤولية الجاني عن الخطأ في الشريعة الاسلامية مرتكزة على الضرر اللاحق بالغير المؤدي الى مساءلة فاعله او المتسبب فيه.
4- عدم محاسبة الطبيب العالم بأصول مهنته والمأذون له بمباشرتها الا في حال ارتكابه خطأ او تقصيره في ادائه وفق نصوص الشريعة.
5- وجوب رجوع القاضي الى أهل الخبرة فيما هو غير مستطيع فهمه.
6- قيام مسؤولية الطبيب عند ثبوت عدم تأديته عمله الجراحي بالمهارة المطلوبة في مهنته او تأديته واجبه بتفريط وعدم اتخاذه الحيطة والتحرز.
ملخص المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
( 1 و2 ) عاهة مستديمة . محكمة الموضوع . رابطة السببية . مسئولية جنائية . خبرة . شريعة إسلامية . طب . خطأ .
( 1 ) فهم الواقع في الدعوى وتقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه سلطة محكمة الموضوع شرطه أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة . استناد الحكم لتقرير الطبيب الشرعي في مسئولية الطبيب الكاملة عن الضرر الذي أصاب المجني عليه دون بيان ماهية الاهمال المنسوب إليه قصور .
- مسئولية الجاني عن الخطأ وفق الشريعة الإسلامية . ماهيتها كل ما يلحق ضرراً بالغير يسأل فاعله أو المتسبب فيه شرطه إذا كان يمكن التحرز منه .
- مفاد النصوص الشرعية . الطبيب لا يحاسب على فعله إلا إذا أخطأ أو قصَّر في أدائها . إباحة عمل الطبيب مشروطه بمطابقته للأصول العلمية المقررة . مؤدى ذلك أنه لا جريمة إذا وقع الفعل بنيه سليمه استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون م 53/2 عقوبات .
- مثال : استناد الحكم لتقرير الخبراء في إدانة الطاعن – طبيب - بتهمة إحداث عاهة مستديمة فقد الإبصار بالعين اليمنى للمجني عليه وتوافر الخطأ والإهمال الجسيم قبله مع أن ما انتهى إليه التقرير الطبي لا يحمل قضاءه إذ لم يبين عما إذا كان الطاعن قد قصَّر أو فرط أو أهمل .
( 2 ) مسئولية الطبيب تقوم إذ ثبت أنه لم يؤد عمله الجراحي بالمهارة التي تقتضيها مهنته أو أداه بتفريط وعدم حيطه وتحرز . مفاده الطبيب ملتزم ببذل عناية وليس تحقيق نتيجة . أساس ذلك شرعاً .
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والترجيح بينها ، وتقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مما تستقل به محكمة الموضوع . إلا أن شرط ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها معينها من الأوراق وتكفي لحمل قضائها . وان استناد الحكم إلى تقرير الطبيب الشرعي في اعتبار الطاعن مسؤولاً مسؤولية كاملة عن الضرر الذي أصاب المجني عليه دون أن يبين هذا التقرير ماهية الإهمال المنسوبة إلى الطبيب وعدم التحرز يعد قصوراً من الحكم يوجب نقضه . كما أن القاعدة في فقه الشريعة الإسلامية التي تحكم مسؤولية الجاني في الخطأ هي : أن كل ما يلحق ضرراً بالغير يسأل فاعله أو المتسبب فيه ، إذا كان يمكن التحرز منه . ويعتبر أنه تحرز إذا لم يهمل أو يقصر في الاحتياط والتبصر . فإذا كان لا يمكنه التحرز منه إطلاقاً فلا مسؤولية عليه فقد أورد الشرح الصغير 47 : 4 في مدى مسؤولية الطبيب في الشريعة الإسلامية ...... وكذا الختان وقلع الفرس والطب ، فلا ضمان إلا بالتفريط ..... وهذا إذا كان الخاتن والطبيب من أهل المعرفة ، ولم يخطئ في فعله ). وإن مهنة الطب قائمة على التغرير وما فيه تغرير من صاحب الشأن . جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبر ( أو سقى الطبيب مربضا دواء ) أو قطع له شيئاً أو كواه فمات من ذلك ، فلا ضمان على واحد منهما ، لأن ماله ولا على عاقلته ، لأنه مما فيه تغرير . فكان صاحبه هو الذي عرضه إلى ما أصابه . وهذا إذا كان الخاتن أو الطبيب من أهل المعرفة ، ولم يخطئ في فعله ) وفي الجواهر قال ابن القاسم : قال مالك : وأما المعروف بالعلاج فلا شئ عليه . وما يأتي على الطبيب مما لم يقصده فيه روايتان : الأولى يضمن ، لأنه قتل خطأ . والثانية لا يضمن ، لأنه تولد عن فعل مباح . وقال محمد ابن الحارث : إن فعل الجائز فتولد عنه هلاك ، أو فساد فلا ضمان : وجاء في المغني لابن قدامه الحنبلي : وان قطع طرفا من إنسان فيه أكله أو سلعة بإذنه وهو كبير عاقل ، فلا ضمان عليه . وقد أورد ابن القيم قوله : ( أما الطبيب الحاذق ولا ضمان عليه اتفاقاً ، إذا أذن له المريض بعلاجه وأعطي الصنعة حقها . ولم تجن يده ، إذا تولد عن فعله المأذون من جهة الشارع ، ومن جهة المريض تلف النفس أو العضو ، أو ذهاب صفة . وأورد عبد القادر عوده في التشريع الجنائي قوله : وتعتبر الشريعة الإسلامية التطبيب واجباً ، لأنه لمصلحة الجماعة والقاعدة (( أن الواجب لا يتقيد بشرط السلامة ) وقد أجمع الفقهاء على عدم مسؤولية الطبيب إذا أدى عمله إلى نتائج ضاره بالمريض وعلل أبوحنيفة رفع المسؤولية عنه لسببين : الأول الضرورة الاجتماعية والحاجة الماسة لعمله ، مما يقتضي تشجيعه وإباحة عمله حتى لا يحمله الخوف من المسؤولية الجنائية والمدنية على عدم مباشرة فنه . وفي هذا ضرر بالجماعة . والثاني إذن المجني عليه أو وليه . فاجتماع الإذن مع الضرورة الاجتماعية أدى إلى رفع المسؤولية إضافة إلى أنه يأتي فعله بحسن نيه ، ولمصلحة المريض ، ولا يسأل إلا إذا أخط خطأ فاحشاً ): وقال خليل فيما يوجب الضمان ( كطبيب جهل أو قصر )) وفي الشرح الكبير بهامش حاشية الدسوقي 4 : 355 في شرح ذلك : ومفهوم الوصفين إذا لم يقصر وهو عالم ، أنه لا ضمان عليه بل هدر ) وعلق الدسوقي على ذلك بقوله : أي بأن فعل ما يناسب المرض في الطب ، ولكن نشأ عنه عب أو تلف ) ومؤدي مجموع هذه النصوص أن الطبيب العالم بأصول مهنته ، المأذون بمباشرتها لا يحاسب على فعله إلا إذا أخطأ أو قصر في أدائها . ذلك أن التزامه هر التزام بذل العناية الواجبة بشرط أن يكون في سلوكه يقظاً متبصراً فإذا انحرف حقت مساءلته جنائياً ومدنياً .
كما أنه من المقرر شرعا أن ما لا يمكن للقاضي فهمة يرجع فيه لأهل الخبرة . ومنهم الأطباء - قال ابن قدامة الحنبلي في المغني 12 : 161 (... إذا اختلف في الشجة هل هي موضحة أو لا ، أو فيما كان اكبر منها كالها شمة ، أو أصغر منها كالباضعة أو غيرها من الجراح التي لا يعرفها إلا الأطباء أو اختلف في داء يختص بمعرفته الأطباء ، أو في داء الدابة ، فظاهر كلام الخرقي انه إذا قدر على طبيبين أو بيطارين لا يجزئ واحد . وان لم يقدر على اثنين أجزأ ) ويقول ابن القيم في الطرق الحكمية ص 84 ( وتقبل شهادة الطبيب العدل في الموضحة إذا لم يقدر على طبيبين وكذلك البيطار في داء الداية ) ومفاد ذلك أن ما لا يحيط به علم القاضي في المسائل الفنية يرجع في فهمه وتقديره إلى أهل الاختصاص والخبرة . وأن تعارضت إفاداتهم يستعين بأكثر من خبير . وفي فقه القانون المقارن : أن المقصود بالإهمال كصورة من صور الخط التي تقوم بها المسؤولية عن الإيذاء غير العمدي هو حصول الخطأ بطريق سلبي نتيجة ترك واجب أو الامتناع عن تنفيذ أمر ما فتشمل هذه الصورة الحالات التي يقف فيها المتهم موقفا سلبياً ، فلا يتخذ الاحتياطات التي يدعو إليها الحذر ، وكان من شأنها أن تحول دون حدوث النتيجة . كما أن المقصود بعدم الاحتراز هو حالة ما إذا أقدم المتهم على فعل خطير مدركاً خطورته ، متوقعاً أن يترتب عليه من آثار دون أن يتخذ الاحتياطات والوسائل بالقدر اللازم لدرء هذه الآثار ( العقوبات العام نجيب حسنى ص 137 وما بعدها وأن الإيذاء خطأ جريمة غير عمدية ينتفي فيها القصد الجنائى . وهو إرادة ارتكاب الجريمة مع العلم بأركانها المطلوبة قانوناً . ففيها تنصرف إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل المادي دون تحقيق أي وضع إجرامي معين ، أو ترتيب أي ضرر مما يحظره القانون أو يعاقب عليه . فالإرادة الآثمة هي وحدها شرط المسؤولية الجنائية في جميع الجرائم عمديه كانت أم غير عمدية ، ومن ثم ينتفي في الإيذاء الخطأ المشروع والاشتراك والظروف المشددة التي تتصل بالقصد الجنائى : ( جرائم الاعتداء على الأشخاص . د - رؤوف عبيد ط 1985 ص 160 =)
وأن مسؤولية الجراح تثور إذا ثبت أنه لم يؤد عمله الجراحي بالمهارة التي تقتضيها مهنته . وبالمستوى الذي ينتظره منه المريض ، فهو مسؤول عن كل خطأ يصدر منه ، أما إذا جنب سلوكه مواطن الحظأ فلا مسؤولية عليه ، أيا كانت نتيجة تدخله الجراحي .
كما لا يكفي لطبيب الأشرعة مجرد إجرائها . بل يلزم فوق ذلك العناية بإجرائها وبقراءتها وتضمين ذلك في تقريره المرافق بها . وأن الجراح يعد رئيساً للفريق الذي يعمل تحت إمرته فهو يدير وينسق كل أنشطة مساعديه . وفي أغلب الأحوال لا يعرف المريض سواه .
فإذا كان هناك اتفاق بينهما فإن الجراح يسأل مدنياً - وليس جنائياً - في مواجهة المريض عن الأخطاء التي يرتكبها أفراد مجموعته من مساعدين وممرضات ( راجع كتاب المسؤولية الطبية - الدكتور محمد حسين منصور ) إذا كان حراً في اختيارهم . وإذا لم يوجد اتفاق بين الجراح والمريض كان الجراح مسؤولاً مسؤولية تقصيرية - مدنياً ..... والمبدأ العام أن الطبيب ملتزم ببذل عناية مع مراعاة الظروف الخارجية التي تحيط به مثل غموض الحالة أو وضوحها . وفي الجملة كافة ظروف الزمان والمكان . ومن المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا للأصول العلمية المقررة ، فإذا لم يفرط في إتباع هذه الأصول أو يخالفها فلا مسؤولية عليه . أما إذا فرط في إتباعها أو خالفها حقت عليه المسؤولية الجنائية والمدنية متى توافر الضرر بحسب تعمده الفعل ونتيجته ، مع تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله . وأورد السنهوري في الوسيط في القانون المدني - مصادر الالتزام - أنه في نطاق المسؤولية الجنائية ، فإن الخطأ يجب أن يكون مسنداً إلى الجاني في شخصيا دون غيره . أما المسؤولية المدنية فتترتب على أي عمل غير مشروع دون حاجه لنصوص بعينها . ويرتب على العمل الواحد المسؤوليتان الجنائية والمدنية معاً . وقد تتحقق المسؤولية المدنية دون المسؤولية الجنائية ، إذا الحق العمل ضررا بالغير ، دون أن يدخل ضمن الأعمال المعاقب عليها في القوانين الجنائية ، كإتلاف مال الغير عن غير عمد ، والمنافسة غير المشروعة ، وفصل العامل في وقت غير لائق ، وسوء العلاج ، وقد لخصت المادة 53/2 من قانون العقوبات الاتحادي كل ما سبق بأنه لا جريمة إذا وقع الفعل بنية سليمة استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون وأنه يعتبر استعمالاً لهذا الحق إجراء الطبيب للجراحة الطبية وإعمال التطبيب طبقاً للأصول العلمية المتعارف عليها في المهن الطبية المرخص ها متى تمت برضاء المريض أو النائب عنه قانوناً .
2 - من المقرر شرعاً وقانوناً أن مسؤولية الطبيب تقوم إذا ثبت أنه لم يؤد عمله الجراحي بالمهارة التي تقضيبها مهنته أو أداه بتفريط وعدم حيطة وتحرز . وهو عمل قائم على غرر لأن ما ينتج عنه غير محقق وقت المعالجة والأصل فيه الإباحة . وواجب على الطبيب والقاعدة ( أن الواجب لا يتقيد بشرط السلامة )- كما سلف بيانه ولأن التزام الطبيب هو بذل العناية اللازمة وليست تحقيق النتيجة - وإذ كان مطروحاً على الحكم الناقض التقارير الطبية الواردة بالملف قبل الإحالة . وقضي بنقض الحكم المطعون فيه الأول قاصدا التحقق مما إذا ! ن الطاعن قد قصر أو فرط أو أهمل ، ولم يتحرز في الجراحة التي أجراها - كما أورده بأسبابه .
ولما كان تقرير اللجنة الطب الواردة لمحكمة الإحالة - الذي أقامت على هديه حكمها وأن وصف الحالة وندرتها وصعوبتها ومن شارك فيها ، إلا أنه لم يرد على كل العناصر والمسائل الجوهرية التي أوردها الحكم الناقض أو التي تضمها حكم الإحالة التمهيدي . فلم يعرض صراحة لما إذا كان الطاعن قد أهمل أو فرط أو تجاهل فيما توجبه عليه شروط المهنة . والامتناع عن إجراء العملية في مثل ظروف المجني عليه وضرورة إجرائها للمريض بإعتبار أن الطبيب لا يسأل إلا عند تحقق هذه الأمور الفنية التي يتولى أهل الخبرة الفصل فيها ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإدانة الطاعن بما نسب إليه من تسببه خطأ في إصابة المجني عليه بفقدان بصره بعينه اليمنى من جراء العملية الجراحية التي أجراها الطاعن له رغم صعوبتها ودون مصارحته بعواقبها فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية والقانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه .
المحكمة ،
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه القاضي المقرر ، الصديق أبو الحسن ، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
حيث إن الواقعات تتلخص في أن النيابة العامة أقامت الطاعن فهيم .......- طبيب - لأنه في يوم 10/7 / 97 بدائرة الشارقة ، تسبب بخطئه في إحداث عاهة مستديمة بالمجني عليه ........- الشاكي - أثناء قيامة بإجراء عملية جراحية بمستشفى الزهراء أدت إلى فقدانه التام للإبصار بالعين اليمنى لإهماله وعدم إتخاذه الحيطة والحذر ، وإخلاله بما تفرضه عليه أصول مهنته الطبية . وطلبت عقابه طبق أحكام المادة 343/2 من قانون العقوبات الاتحادي .
وبجلسة 30/8 / 99 حكمت محكمة أول درجة - حضورياً - بإدانته وبتغريمه ألفي درهم وإلزامه بدفع مبلغ عشرة آلف درهم للشاكي ناصر كتعويض مؤقت - فاستأنف برقم 1056/99 .
وبتاريخ 7/6 / 2000م حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف ، فطعن بالنقض 248/22 ق ع وطعنت النيابة العامة برقم 241/22 ق ع . وبجلسة 27/10/2001 حكمت المحكمة في الطعن 241/22 بعدم جوازه . وفي الطعن 248/22 بنقص الحكم المطعون فيه وبإحالة القضية لمحكمة استئناف الشارقة لنظرها مجدداً بهيئة مغايرة .
وبجلسة 29/10/2002م حكمت محكمة الإحالة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف . فطعن بالنقض الماثل للمرة الثانية . وأودعت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن .
وحيث إن مما ينعي به الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق . ويقول بياناً لذلك إن الحكم استدل على أنه كان يتعين على الطاعن عدم إجراء العملية للمطعون ضده الثاني لما أظهرته صورة الأشعة المقطعية التي أجريت قبل العملية من صغر الجيوب الفكية . إذ أن القصور الخلقي للجيوب الأنفية أو وجود التهاب مزمن بها لا يمنع بذاته من إجراء جراحة فيها وهو الأمر الذي لم تقل به اللجنة الطبية في تقريرها ، فضلاً عن قولها إن إدراك الطاعن حدوث المضاعفات مبكراً ، كان أثناء إجراء الجراحة وليس كما أورد الحكم : أن هذا الإدراك كاد بعد الإطلاع على الأشعة وقبل إجراء الجراحة . كما أن الثابت أن اللجنة المنتدبة انتهت في تقريرها إلى أن المريض كان يعاني من فقدان كلي للبصر في العين اليمنى مع عدم القدرة على الحركة الكاملة لها كنتيجة مباشرة للعملية الجراحية - إلى قولها - أن هذه العملية تعتبر صعبة للضمور الجزئي في الجيوب الفكية . وإذ عول الحكم على هذا التقرير كما جاء بأسبابه يكون فد خالف الثابت بالأوراق ، لأن اللجنة لم تشر فيه إلى أنه كان يتعين على الطاعن عدم إجراء الجراحة وإنما أوردت : أن العملية لعتبر صعبة نتيجة الضمور الجزئي . وأياً من الخبراء السبعة الذين انتدبتهم محاكم الشارقة لم يذكر أن الطاعن كان مهملاً بأي شكل . مما يكون معه ما استخلصه الحكم من التقرير استخلاصا مشوباً بالقصور . ولم يزل التقرير التعارض بين التقارير السابقة ، كما خلا الحكم التمهيدي من بيان التعارف بينهما . ولم يستظهر الحكم المطعون ضدها مدى كفاية صور الأشعة ومدى تبعية اخصائها للطاعن . كما لم يبين التقرير ما إذا كان هناك خطأ ينسب للطاعن يؤثر في مسؤوليته أو أن خطأ وقع من أخصائي الأشعة مما يعيب الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال ويوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي قويم . ذلك أنه وان كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والترجيح بينها ، وتقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مما تستقل به محكمة الموضوع . إلا أن شرط ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها معييها من الأوراق وتكفي لحمل قضائها .
وان استناد الحكم إلى تقرير الطبيب الشرعي في اعتبار الطاعن مسؤولاً مسؤولية كاملة عن الضرر الذي أصاب المجني عليه دون أن يبين هذا التقرير ماهية الإهمال المنسوبة إلى الطبيب وعدم التحرز يعد قصوراً من الحكم يوجب نقضه .
كما أن القاعدة في فقه الشريعة الإسلامية التي تحكم مسؤولية الجاني في الخطأ هي : أن كل ما يلحق ضرراً بالغير يسأل فاعله أو المتسبب فيه ، إذا كان يمكن التحرز منه . ويعتبر أنه تحرز إذا لم يهمل أو يقصر في الاحتياط والتبصر . فإذا كان لا يمكنه التحرز منه إطلاقاً فلا مسؤولية عليه
فقد أورد الشرح الصغير 47 : 4 في مدى مسؤولية الطبيب في الشريعة الإسلامية ...... وكذا الختان وقلع الفرس والطب ، فلا ضمان إلا بالتفريط ..... وهذا إذا كان الخاتن والطبيب من أهل المعرفة ، ولم يخطئ في فعله ). وإن مهنة الطب قائمة على التغرير وما فيه تغرير من صاحب الشأن . جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبر ( أو سقى الطبيب مربضا دواء ) أو قطع له شيئاً أو كواه فمات من ذلك ، فلا ضمان على واحد منهما ، لأن ماله ولا على عاقلته ، لأنه مما فيه تغرير . فكان صاحبه هو الذي عرضه إلى ما أصابه . وهذا إذا كان الخاتن أو الطبيب من أهل المعرفة ، ولم يخطئ في فعله ) وفي الجواهر قال ابن القاسم : قال مالك : وأما المعروف بالعلاج فلا شئ عليه . وما يأتي على الطبيب مما لم يقصده فيه روايتان : الأولى يضمن ، لأنه قتل خطأ . والثانية لا يضمن ، لأنه تولد عن فعل مباح . وقال محمد ابن الحارث : إن فعل الجائز فتولد عنه هلاك ، أو فساد فلا ضمان : وجاء في المغني لابن قدامه الحنبلي : وان قطع طرفا من إنسان فيه أكله أو سلعة بإذنه وهو كبير عاقل ، فلا ضمان عليه . وقد أورد ابن القيم قوله : ( أما الطبيب الحاذق ولا ضمان عليه اتفاقاً ، إذا أذن له المريض بعلاجه وأعطي الصنعة حقها . ولم تجن يده ، إذا تولد عن فعله المأذون من جهة الشارع ، ومن جهة المريض تلف النفس أو العضو ، أو ذهاب صفة . وأورد عبد القادر عوده في التشريع الجنائي قوله : وتعتبر الشريعة الإسلامية التطبيب واجباً ، لأنه لمصلحة الجماعة والقاعدة (( أن الواجب لا يتقيد بشرط السلامة ) وقد أجمع الفقهاء على عدم مسؤولية الطبيب إذا أدى عمله إلى نتائج ضاره بالمريض وعلل أبوحنيفة رفع المسؤولية عنه لسببين : الأول الضرورة الاجتماعية والحاجة الماسة لعمله ، مما يقتضي تشجيعه وإباحة عمله حتى لا بحمله الخوف من المسؤولية الجنائية والمدنية على عدم مباشرة فنه . وفي هذا ضرر بالجماعة . والثاني إذن المجني عليه أو وليه . فاجتماع الإذن مع الضرورة الاجتماعية أدى إلى رفع المسؤولية إضافة إلى أنه يأتي فعله بحسن نيه ، ولمصلحة المريض ، ولا يسأل إلا إذا أخط خطأ فاحشاً ): وقال خليل فيما يوجب الضمان ( كطبيب جهل أو قصر )) وفي الشرح الكبير بهامش حاشية الدسوقي 4 : 355 في شرح ذلك : ومفهوم الوصفين إذا لم يقصر وهو عالم ، أنه لا ضمان عليه بل هدر ) وعلق الدسوقي على ذلك بقوله : أي بأن فعل ما يناسب المرض في الطب ، ولكن نشأ عنه عب أو تلف ) ومؤدي مجموع هذه النصوص أن الطبيب العالم بأصول مهنته ، المأذون بمباشرتها لا يحاسب على فعله إلا إذا أخطأ أو قصر في أدائها . ذلك أن التزامه هر التزام بذل العناية الواجبة بشرط أن يكون في سلوكه يقظاً متبصراً فإذا انحرف حقت مساءلته جنائياً ومدنياً .
كما أنه من المقرر شرعا أن ما لا يمكن للقاضي فهمة يرجع فيه لأهل الخبرة . ومنهم الأطباء - قال ابن قدامة الحنبلي في المغني 12 : 161 (... إذا اختلف في الشجة هل هي موضحة أو لا ، أو فيما كان اكبر منها كالها شمة ، أو أصغر منها كالباضعة أو غيرها من الجراح التي لا يعرفها إلا الأطباء أو اختلف في داء يختص بمعرفته الأطباء ، أو في داء الدابة ، فظاهر كلام الخرقي انه إذا قدر على طبيبين أو بيطارين لا يجزئ واحد . وان لم يقدر على اثنين أجزأ ) ويقول ابن القيم في الطرق الحكمية ص 84 ( وتقبل شهادة الطبيب العدل في الموضحة إذا لم يقدر على طبيبين وكذلك البيطار في داء الداية ) ومفاد ذلك أن ما لا يحيط به علم القاضي في المسائل الفنية يرجع في فهمه وتقديره إلى أهل الاختصاص والخبرة . وأن تعارضت إفاداتهم يستعين بأكثر من خبير . وفي فقه القانون المقارن : أن المقصود بالإهمال كصورة من صور الخط التي تقوم بها المسؤولية عن الإيذاء غير العمدي هو حصول الخطأ بطريق سلبي نتيجة ترك واجب أو الامتناع عن تنفيذ أمر ما فتشمل هذه الصورة الحالات التي يقف فيها المتهم موقفا سلبياً ، فلا يتخذ الاحتياطات التي يدعو إليها الحذر ، وكان من شأنها أن تحول دون حدوث النتيجة . كما أن المقصود بعدم الاحتراز هو حالة ما إذا أقدم المتهم على فعل خطير مدركاً خطورته ، متوقعاً أن يترتب عليه من آثار دون أن يتخذ الاحتياطات والوسائل بالقدر اللازم لدرء هذه الآثار ( العقوبات العام نجيب حسنى ص 137 وما بعدها وأن الإيذاء خطأ جريمة غير عمدية ينتفي فيها القصد الجنائى . وهو إرادة ارتكاب الجريمة مع العلم بأركانها المطلوبة قانوناً . ففيها تنصرف إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل المادي دون تحقيق أي وضع إجرامي معين ، أو ترتيب أي ضرر مما يحظره القانون أو يعاقب عليه . فالإرادة الآثمة هي وحدها شرط المسؤولية الجنائية في جميع الجرائم عمديه كانت أم غير عمدية ، ومن ثم ينتفي في الإيذاء الخطأ المشروع والاشتراك والظروف المشددة التي تتصل بالقصد الجنائى : ( جرائم الاعتداء على الأشخاص . د - رؤوف عبيد ط 1985 ص 160 =)
وأن مسؤولية الجراح تثور إذا ثبت أنه لم يؤد عمله الجراحي بالمهارة التي تقتضيها مهنته . وبالمستوى الذي ينتظره منه المريض ، فهو مسؤول عن كل خطأ يصدر منه ، أما إذا جنب سلوكه مواطن الحظأ فلا مسؤولية عليه ، أيا كانت نتيجة تدخله الجراحي .
كما لا يكفي لطبيب الأشرعة مجرد إجرائها . بل يلزم فوق ذلك العناية بإجرائها وبقراءتها وتضمين ذلك في تقريره المرافق بها . وأن الجراح يعد رئيساً للفريق الذي يعمل تحت إمرته فهو يدير وينسق كل أنشطة مساعديه . وفي أغلب الأحوال لا يعرف المريض سواه .
فإذا كان هناك اتفاق بينهما فإن الجراح يسأل مدنياً - وليس جنائياً - في مواجهة المريض عن الأخطاء التي يرتكبها أفراد مجموعته من مساعدين وممرضات ( راجع كتاب المسؤولية الطبية - الدكتور محمد حسين منصور ) إذا كان حراً في اختيارهم . وإذا لم يوجد اتفاق بين الجراح والمريض كان الجراح مسؤولاً مسؤولية تقصيرية - مدنياً ..... والمبدأ العام أن الطبيب ملتزم ببذل عناية مع مراعاة الظروف الخارجية التي تحيط به مثل غموض الحالة أو وضوحها . وفي الجملة كافة ظروف الزمان والمكان . ومن المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا للأصول العلمية المقررة ، فإذا لم يفرط في إتباع هذه الأصول أو يخالفها فلا مسؤولية عليه . أما إذا فرط في إتباعها أو خالفها حقت عليه المسؤولية الجنائية والمدنية متى توافر الضرر بحسب تعمده الفعل ونتيجته ، مع تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله . وأورد السنهوري في الوسيط في القانون المدني - مصادر الالتزام - أنه في نطاق المسؤولية الجنائية ، فإن الخطأ يجب أن يكون مسنداً إلى الجاني في شخصيا دون غيره . أما المسؤولية المدنية فتترتب على أي عمل غير مشروع دون حاجه لنصوص بعينها . ويرتب على العمل الواحد المسؤوليتان الجنائية والمدنية معاً . وقد تتحقق المسؤولية المدنية دون المسؤولية الجنائية ، إذا الحق العمل ضررا بالغير ، دون أن يدخل ضمن الأعمال المعاقب عليها في القوانين الجنائية ، كإتلاف مال الغير عن غير عمد ، والمنافسة غير المشروعة ، وفصل العامل في وقت غير لائق ، وسوء العلاج ، وقد لخصت المادة 53/2 من قانون العقوبات الاتحادي كل ما سبق بأنه لا جريمة إذا وقع الفعل بنية سليمة استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون وأنه يعتبر استعمالاً لهذا الحق إجراء الطبيب للجراحة الطبية وإعمال التطبيب طبقاً للأصول العلمية المتعارف عليها في المهن الطبية المرخص ها متى تمت برضاء المريض أو النائب عنه قانوناً .
لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الحكم الناقض - في الطعن 248/22 ق الصادر بجلسة 27/10/2001م قد قضي بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة لكي تحقق محكمة الإحالة دفاع ودفوع الطاعن وفق ما جاء بأسبابه وصولاً إلى بيان ما إذا كان الطاعن شخصياً قد خالف أو قصر في إجراء العملية الجراحية طبقا للأصول الفنية والعملية المتعارف عليها في المهنة .
تحقيقاً - لما جاء بالحكم الناقض فقد ندبت محكمة الإحالة ثلاثة أطباء اختصاصيين حصرت مهمتهم في استظهار كل ظروف وملابسات الواقعة ، وبيان مدى الخط الذي قام به فني وأخصائي الأشعة من عدمه . وما إذا كان يعمل ضمن الفريق الطبي الذي كان يرأسه الطاعن ومدى تبعيته له . وماهية صورة الإهمال وعدم التحرز إن كان قد صدر من الطاعن في ضوء جمع التقارير المودعة بملف القضية ، وبيان ما إذا كان الطاعن قد خالف أو قصر في إجراء العملية طبقا للأصول الفنية والعلمية المتطرف عليها في المهنة . وما إذا كان يحق له إجراء العملية للمجني عليه وفقاً لصور الأشعة المتوفرة لديه أم لا . وهل كان يتعين عليه طلب صور أشعة واضحة خلافا للمقدمة باعتبارها الأساس في إجراء العملية الجراحية . وإمكانية علمه بحالة المجني عليه قبل إجراء العملية والإفادة عن مدى رضاء المجني عليه بالعملية ، وعلمه بخطورتها وسلامة إجرائها وموافقته عليها كتابة . وإذ خلص تقرير اللجنة المنتدبة في نتيجته إلى أن ( 1 ) المريض يعافي من فقدان كلى للبصر في العين اليمنى مع عدم القدرة على الحركة الجملة للعين اليمنى نتيجة مباشرة للعملية الجراحية التي أجريت له بنسبة 35 - 40 %( 2 ) أن الأشعة المقطعية التي تم عملها قبل العملية تدل بوضوح على أن حجم الجيوب الفكية صغير . وهو نتيجة عب خلقي والتهاب نزفي هذه الجيوب ( 3 ) جراحياً فإن هذه العملية تعتبر صعبة نتيجة للضمور الجزئي في الجيوب الفكية ( 4 ) أن المضاعافات التي حدثت والتي نتج عنها حدوث ثقب في تجويف الحجاج الأيمن وفقدان البصر في العين اليمنى هو من المضاعفات النادرة ولكنها من المضاعفات المدونة والمكتوبة في المراجع العلمية والتي تحدت نتيجة مباشرة للعملية الجراحية المذكورة . وإذ جعل الحكم المطعون فيه تقرير لجة الخبراء قوام قضائه في إدانة الطاعن وتحميله المسؤولية كاملة لتوافر الخط والإهمال الجسيم ، وعدم التحرز في حق الطاعن . ومخالفة الأصول الفنية المطلوبة المتعارف عليها في المهنة بحكم عمله وخبرته الطبية . مع أن ما انتهى إليه الحكم استنتاجاً من التقرير لا يحمل قفضاءه إذ أن الثابت من الأوراق أن حدوث الواقعة ونسبتها إلى الطاعن لم يكن محل جدال منه لأنه معترف بإجراء العملية للمجني عليه وإنما يجادل في نفي الخطأ ونسبة التقصير أو الإهمال والتفريط إليه ،
ولما كان من المقرر شرعاً وقانوناً أن مسؤولية الطبيب تقوم إذا ثبت أنه لم يؤد عمله الجراحي بالمهارة التي تقضيبها مهنته أو أداه بتفريط وعدم حيطة وتحرز . وهو عمل قائم على غرر لأن ما ينتج عنه غير محقق وقت المعالجة والأصل فيه الإباحة . وواجب على الطبيب والقاعدة ( أن الواجب لا يتقيد بشرط السلامة )- كما سلف بيانه ولأن التزام الطبيب هو بذل العناية اللازمة وليست تحقيق النتيجة - وإذ كان مطروحاً على الحكم الناقض التقارير الطبية الواردة بالملف قبل الإحالة . وقضي بنقض الحكم المطعون فيه الأول قاصدا التحقق مما إذا ! ن الطاعن قد قصر أو فرط أو أهمل ، ولم يتحرز في الجراحة التي أجراها - كما أورده بأسبابه .
ولما كان تقرير اللجنة الطب الواردة لمحكمة الإحالة - الذي أقامت على هديه حكمها وأن وصف الحالة وندرتها وصعوبتها ومن شارك فيها ، إلا أنه لم يرد على كل العناصر والمسائل الجوهرية التي أوردها الحكم الناقض أو التي تضمها حكم الإحالة التمهيدي . فلم يعرض صراحة لما إذا كان الطاعن قد أهمل أو فرط أو تجاهل فيما توجبه عليه شروط المهنة . والامتناع عن إجراء العملية في مثل ظروف المجني عليه وضرورة إجرائها للمريض بإعتبار أن الطبيب لا يسأل إلا عند تحقق هذه الأمور الفنية التي يتولى أهل الخبرة الفصل فيها ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإدانة الطاعن بما نسب إليه من تسببه خطأ في إصابة المجني عليه بفقدان بصره بعينه اليمنى من جراء العملية الجراحية التي أجراها الطاعن له رغم صعوبتها ودون مصارحته بعواقبها فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية والقانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه .
وحيث إنه لما كان الطعن للمرة الثانية فإن هذه المحكمة تتصدى للفصل في الموضوع عملاً بالمادة 249 إجراءات جزائية .

السبت، 3 يناير 2015

طعنان 275 و281 لسنة 24 ق جلسة 14 /2 / 2004

هيئة المحكمة : الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران الصديق ابو الحسن وعلي الدميري.
1- سلطة محكمة الموضوع في تقدير ادلة الاتهام في الدعوى ووقوع الجريمة ونسبتها الى الفاعل شرط تضمين حكمها ما هو دال على اطلاعها واحاطتها بوقائع الدعوى وادلتها تمكينا لمحكمة النقض من بسط رقابتها على صحة تطبيقها القانون.
2- وجوب اثبات جميع الاجراءات القائم بها مأمور الضبط القضائي في محاضر موقعة منه ومبينة وقت اتخاذه الاجراءات ومكان حصولها.
ملخص المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
( 1 ) إثبات " الإثبات بوجه عام ". محكمة الموضوع " سلطتها ". دفاع . مواد مخدرة .
تقدير أدلة الاتهام في الدعوى ووقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها سلطة محكمة الموضوع . شرطه أن يكون في حكمها ذاته ما يطمئن المطلع عليه أنها قد أحاطت بوقائع الدعوى وأدلتها وفحصت دفاع المتهم .
مثال : تمسك المتهم أمام المحكمة بعدم معقولية تصوير رجال الضبط للواقعة من قيامهم بشراء مواد مخدرة منه أربع مرات بتواريخ مختلفة ولم يتم القبض عليه رغم كونه متلبساً بالجريمة . إغفال الحكم الرد على هذا الدفاع قصور .
( 2 ) إجراءات . مأمور الضبط القضائي . إستدلالات .
وجوب إثبات جميع الإجراءات التي يقوم بها مأمورو الضبط القضائي في محاضر موقع عليها منهم بين وقت اتخاذها ومكانها . م 36 إجراءات جزائية .
1 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان تقدير أدلة الإتهام في الدعوى ووقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها من سلطة محكمة الموضوع إلا أنه يجب أن يكون في حكمها ذاته ما يطمئن المطلع عليه أنها قد أحاطت بوقائع الدعوى وأدلتها ومحصت دفاع المتهم عن بصر وبصيرة ، وأنها بذلت في ذلك كل الوسائل التي من شأنها أن توصلها إلى الواقع وأنها استنفذت سلطتها في الكشف عن وجه الحق فيها تمكيناً لمحكمة النقض من بسط رقابتها على صحة تطبيق القانون .
لما كان ذلك وكان الطاعن قد تمسك أمام المحكمة المطعون في حكمها وأمام محكمة أول درجة بأنه لا يمكن تصوير الواقعة بالصورة التي صورها رجال الضبط من أنهما قاما بشراء المخدر من الطاعن على أربع مرات بتواريخ مختلفة وهي 3 ، 10 ، 18 ، 26/12/2001 ولم يتم القبض عليه رغم سهولة ذلك وكونه متلبساً بالجريمة وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع ولم يرد عليه بما يقسطه حقه ، بما يصم الحكم بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع .
2 - من المقرر وفقاً لنص المادة 36 من قانون الإجراءات الجزائية أنه يجب أن تثبت جميع الإجراءات التي يقوم بها مأمور الضبط القضائي في محاضر موقع عليها منهم يبين بها وقت إتخاذ الإجراءات ومكان حصولها .
المحكمة ،
بعد مطالعة الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي تلاه القاضي المقرر ، وبعد المداولة .
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة أسندت إلى الطاعن - والمطعون ضده - ............- عماني الجنسية - بأنه بتاريخ 3/2/2001 وحتى تاريخ 29/12/2001 بدائرة الفجيرة . ( 1 ) جدب مادة مخدرة ( حشيشاً ) بقصد الاتجار ( 2 ) حاز مادة مخدرة ( حشيشاً ) بقصد الاتجار ( 3 ) شرب الخمر حالة كونه مسلماً بالغاً نحتارآ عالما بحرمتها من غير ضرورة شرعية . وطلبت عقابه طبقاً لأحكام الشريعة الغراء والمواد 1 ، 6/1 ، 48 ، 56 ، 63 من القانون الاتحادي 14/1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية والبند 19 من الجدول رقم ( 1 ) الملحق بالقانون .
ومحكمة الفجيرة الشرعية قضت في القضية رقم 43/2002 بجلسة 2/6 / 2002 حضورياً ببراءة المتهم ....... من قمتي جلب وحيازة مخدر الحشيش بقصد الاتجار وإدانته بتهمة شرب الخمر ومعاقبته عليها تعزيراً بجلدة خميس وثلاثين جلدة " طعنت النيابة العامة على هذا الحكم بالإستئناف رقم 312/2502 . ومحكمة إستئناف الفجيرة قضت بجلسة 22/7 / 2002 حضورياً وبالإجماع بقبول الإستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به من براءة المتهم عن التهمتين الأولى والثانية ومعاقبته عنهما بالسجن المؤبد وتأييده فيما قضي به عن التهمة الثالثة ، وبمصادرة المواد المخدرة وإتلافها وإبعاد المتهم عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة .
لم ترض النيابة العامة هذا الحكم ، فطعنت عليه بالطعن رقم 275/24 بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 13/8 / 2002م . كما طعن عليه المتهم أيضا بالطعن رقم 281/24 بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 19/8 / 2002 وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض طعن المحكوم عليه ونقض الحكم المطعون فيه جزئيا في خصو عدم قضائه بمصادرة السيارة .
أولا : الطعن رقم 281/24 المرفوع من المحكوم عليه ...........
حيث إن الطاعن أقام طعنه على الحكم المطعون فيه لمخالفته للقانون وأحكام الشريعة الإسلامية والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، وقال بيانا لذلك أن الحكم المطعون فيه إعتمد في قضائه - بإدانته - على الاعتراف المنسوب إليه بمحضر جمع الاستدلال والذي لم يصدر منه وأنه قام بالتوقيع على هذا المحضر دون أن يتحقق من صحة الأقوال المنسوبة إليه وأن هذا الاعتراف جاء باطلا ولا يصلح للإدانة ، وكذلك على سند من أقوال رجال الضبط اللذين شهدا بالتحقيقات مع أن الصورة التي ذكراها تتسم باللامعقولية ولا يمكن للعقل تصورها وأنها محل شك وكان يتعين على المحكمة أن تفسره لصالح المتهم وتقضي ببراءته ، كما أن أوراق الدعوى قد خلت من دليل يقيني يفيد أن المتهم جلب وحاز مخدر الحشيش بقصد الاتجار إذ لم يسفر ضبط وتفتيش المتهم عن أية مخدرات معه أو حيازته لها وقد أنكر الاتهام المسند إليه بتحقيقات النيابة العامة وأمام محكمتي الموضوع مما كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يقضي ببراءته ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان تقدير أدلة الإتهام في الدعوى ووقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها من سلطة محكمة الموضوع إلا أنه يجب أن يكون في حكمها ذاته ما يطمئن المطلع عليه أنها قد أحاطت بوقائع الدعوى وأدلتها ومحصت دفاع المتهم عن بصر وبصيرة ، وأنها بذلت في ذلك كل الوسائل التي من شأنها أن توصلها إلى الواقع وأنها استنفذت سلطتها في الكشف عن وجه الحق فيها تمكيناً لمحكمة النقض من بسط رقابتها على صحة تطبيق القانون .
لما كان ذلك وكان الطاعن قد تمسك أمام المحكمة المطعون في حكمها وأمام محكمة أول درجة بأنه لا يمكن تصوير الواقعة بالصورة التي صورها رجال الضبط من أنهما قاما بشراء المخدر من الطاعن على أربع مرات بتواريخ مختلفة وهي 3 ، 10 ، 18 ، 26/12/2001 ولم يتم القبض عليه رغم سهولة ذلك وكونه متلبساً بالجريمة وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع .
ولم يرد عليه بما يقسطه حقه ، كذلك فإنه من المقرر وفقا لنص المادة 36 من قانون الإجراءات الجزائية أنه يجب أن تثبت جميع الإجراءات التي يقوم بها مأمور الضبط القضائي في محاضر موقع عليها منهم يبين بها وقت إتخاذ الإجراءات ومكان حصولها .
وقد خلت الأوراق من أي محضر ضبط يفيد الإجراءات التي اتخذت مع المتهم في المرات الأربع التي قيل فيها إنه باع المخدر لرجل المكافحة وأن تواريخ بيع المخدر لرجل المكافحة تمت في خلال المدة من 3/12/2001 وحتى 26/12/2001 فأين كان المخدر الذي قيل ببيعه لرجل الشرطة من جانب الطاعن يضاف إلى ذلك أن المخدر المضبوط لم يظهر في الواقع إلا بتاريخ 13/3 / 2002 وهو تاريخ القبض على المتهم دون أن تتحقق المحكمة من أن هذا المخدر والذي كان في حوزة رجال الشرطة أكثر من ثلاثة أشهر هو الذي قبل ببيعه من المتهم لرجل المكافحة ، فضلاً عن أنه حين تم القبض على المتهم وتفتيشه وسيارته لم يعثر معه على مخدر وقد اعتصم الطاعن بالإنكار أمام النيابة العامة ومحكمتي الموضوع ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي بإدانة الطاعن على سند من اعتراف المتهم بمحضر جمع الإستدلالات وشهادة رجلي الضبط أمام النيابة العامة ببيعه لأحد عناصر المكافحة قطع الحشيش الأربعة دون بخث وتمحيص لدفاع المتهم الجوهري على نحو يمكن محكمة النقض بسط رقابتها على صحة تطبيق القانون مما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإحالة .
ثانياً : الطعن وقم 275/24 المقام من النيابة العامة
وحيث إن النيابة العامة أقامت طعنها على الحكم المطعون فيه للخطأ في تطبيق القانون لإغفال الحكم عدم القضاء بمصادرة السيارة المستعملة في نقل المخدرات على سند من نص المادة ( 56 ) من القانون 14/1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية . وإذ انتهت هذه المحكمة في الطعن رقم 281/24 إلى نقض الحكم المطعون فيه وهو ما يستتبع أيضاً نقضه في الطعن المقام من النيابة العامة دون حاجة لبحث أسبابه .