جلسة 20 من إبريل سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضا الخضيري، سعيد شعلة، عبد الباسط أبو سريع، نواب رئيس المحكمة، وعبد المنعم محمود.
-------------------
(106)
الطعن رقم 345 لسنة 68 القضائية
(1، 2) حكم "حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية". قوة الأمر المقضي.
(1) حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية. مناطها. فصله فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. المادتان 456 أ. ج. و102 إثبات. ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل. عدم صلاحيته موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
(2) انتهاء المحكمة الجنائية إلى إحالة الدعوى المدنية المرفوعة أمامها للمحكمة المدنية المختصة لاستلزامها تحقيقاً يخرج عن نطاق اختصاصها. عدم اكتساب الحكم حجيته أمام المحكمة المدنية. استطراده تزيداً في المنطوق إلى القول بقبول الدعوى. لا أثر له. علة ذلك.
2- إذ كان البين من الحكم الصادر في الجنحة..... سنة..... جنح مستأنفة المعادي أنه لم يفصل في موضوع الدعوى المدنية وإنما انتهى إلى إحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة لما أورده في أسبابه من أن الفصل في هذه الدعوى يستلزم تحقيقاً موضوعياً يخرج عن نطاق اختصاص المحكمة الجنائية، ومن ثم فإنه لا يحوز حجية أمام المحكمة المدنية، ولا ينال من ذلك ما تزيد إليه الحكم في منطوقه حيث أتبع عبارة (إلغاء الحكم بشأن رفض الدعوى المدنية) بكلمة (وبقبولها) فتلك إشارة لا حجية لها لأن الحكم أوردها تزيداً في معرض التأكيد على أن المحكمة لا تساير قضاء محكمة أول درجة فيما انتهى إليه من رفض الدعوى المدنية، وإلا لما أتبع تلك الكلمة بالإحالة إلى المحكمة المدنية المختصة لتقول كلمتها فيها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده اتهم الطاعن بتبديد مبلغ ثلاثين ألف ريال سعودي قال إنه سلمه إياه إبان عمله لديه بمدينة الرياض لشراء أجهزة لحسابه. قيدت الواقعة جنحة وطلب الشاكي إلزام المشكو في حقه بأن يدفع إليه مبلغ 501 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. قضت المحكمة الجنائية ببراءة الأخير وبرفض الدعوى المدنية. استأنف المطعون ضده الحكم الصادر في الدعوى المدنية بالاستئناف 8941 لسنة 1995 جنح مستأنفة المعادي التي قضت بإلغاء الحكم المستأنف بشأن رفض الدعوى المدنية وبقبولها وإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة حيث قيدت برقم 12760 سنة 1995 جنوب القاهرة، وطلب المطعون ضده إلزام الطاعن بأن يدفع إليه مبلغ مائة ألف جنيه، ومحكمة أول درجة حكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الحكم بالاستئناف رقم 1900 لسنة 114 ق القاهرة، وبتاريخ 27/ 1/ 1998 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون ضده خمسة آلاف جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، والقصور في التسبيب، إذ استند في قضائه إلى أن ما جرى به منطوق الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة من إلغاء الحكم المستأنف بشأن رفض الدعوى المدنية وبقبولها وإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة يحوز حجية فيما يتعلق بثبوت الخطأ المطالب بالتعويض عنه، وهو ما يقصر سلطته في الدعوى على مجرد تقدير التعويض، في حين أن ذلك الحكم لم يعرض للدعوى المدنية واكتفى بإحالتها إلى المحكمة المختصة للفصل في موضوعها، وبالتالي لا تكون له حجية تحول بين المحكمة المدنية والتحقق من ثبوت الضرر المدعى به، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية، وفي الوصف القانوني لهذا الفعل، ونسبته إلى فاعله، وأن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم الصادر في الجنحة 8941 لسنة 1995 جنح مستأنفة المعادي أنه لم يفصل في موضوع الدعوى المدنية وإنما انتهى إلى إحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة لما أورده في أسبابه من أن الفصل في هذه الدعوى يستلزم تحقيقاً موضوعياً يخرج عن نطاق اختصاص المحكمة الجنائية، ومن ثم فإنه لا يحوز حجية أمام المحكمة المدنية، ولا ينال من ذلك ما تزيد إليه الحكم في منطوقه حيث أتبع عبارة (إلغاء الحكم بشأن رفض الدعوى المدنية) بكلمة (وبقبولها) فتلك إشارة لا حجية لها لأن الحكم أوردها تزيداً في معرض التأكيد على أن المحكمة لا تساير قضاء محكمة أول درجة فيما انتهى إليه من رفض الدعوى المدنية، وإلا لما أتبع تلك الكلمة بالإحالة إلى المحكمة المدنية المختصة لتقول كلمتها فيها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على أن الحكم الجنائي - بما عرض له تزيداً ولم تكن له حاجة به - يحوز حجية في هذا الصدد - فإنه فضلاً عن مخالفته القانونية وخطئه في تطبيقه، يكون مشوباً بقصور يبطله ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثاني من سببي الطعن.