جلسة 6 من فبراير سنة 2005
برئاسة السيد المستشار / مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد طلعت الرفاعي , عادل
الشوربجي ، أنس عمارة وحسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة .
------------
(14)
الطعن 56615 لسنة 73 ق
(1) نقض " التقرير
بالطعن وإيداع الأسباب " .
التقرير
بالطعن بالنقض . دون تقديم الأسباب . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً .
(2) قانون " تطبيقه
" . جريمة " أركانها " . بيئة . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . قصد جنائي .
مسئولية جنائية . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " "حالات الطعن
. الخطأ في تطبيق القانون " . نقض " أثر الطعن " .
الجريمة
المعاقب عليها بالمادة 95 من القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة من الصور التي
تطبق فيها نظرية القصد الاحتمالي . مؤدى ذلك ؟
القصد الاحتمالي . ماهيته ومناط تحققه ؟
توافر
القصد الاحتمالي . رهن بقيام القصد المباشر . اجتماع القصدين معاً . يفترض حتماً
وقوع نتيجتين أحدهما أشد جسامة . انصرافهما إلى القصد الاحتمالي شريطة اتجاه إرادة
الجاني بفعله إلى تحقيق نتيجة إجرامية وإلا سئل عن فعله مسئولية غير عمدية .
نقض الحكم لتهمة . يوجب نقضه بالنسبة
لما ارتبط بها من تهم أخرى للطاعن والمحكوم عليهم لمن لم يقرر بالطعن ومن لم يقبل طعنه شكلاً .
علة ذلك ؟
مثال
لتسبيب معيب للتدليل على توافر القصد الجنائي المباشر لدى المتهم في جريمة من
جرائم البيئة .
(3) نقض " الطعن للمرة الثانية
" " نظر الطعن والحكم فيه ".
نقض الحكم
للمرة الثانية . أثره : وجوب تحديد جلسة لنظر الموضوع . أساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما
كان المحكوم عليهما رأفت محمد على خليل ، محمد عبد الله حسين وإن قررا بالطعن في
الميعاد ، إلا أنها لم يقدما أسبابا لطعنهما ، ومن ثم يكون الطعن المقدم منهما غير
مقبول شكلاً .
2 - لما
كان الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن بوصف أنه أولاً : هو وآخرين - أ - ارتكبوا
عمداً أحد الأفعال المخالفة لأحكام قانون البيئة بأن تسببوا في زيادة مستوى النشاط
الإشعاعي وتركيزات المواد المشعة بالهواء عن الحد المسموح به بعدم اتخاذهم
الاحتياطات اللازمة التي تضمن عدم حدوث إضرار بالبيئة حال تداولهم المصادر المشعة
وعند نقلها إلى مواقع العمل في مجال الكشف عن عيوب اللحامات بخطوط الغاز دون توافر
اشتراطات الوقاية من إخطارها مما ترتب عليه وفاة فضل حسن فضل وابنه حسن فضل حسن
بأن استعملوا المصادر المشعة المؤينة المشار إليها في إعمال الكشف عن اللحامات
بخطوط الغاز الطبيعي المار بقرية ميت حلفا ولم يبلغوا المكتب التنفيذي للوقاية من
خطر الإشعاع بفقد أحدها في موقع العمل ولم يتخذوا الإجراءات الضرورية للوقاية من
أخطاره فعثر عليه المجني عليه الأول في أرضه الزراعية واحتفظ به في مسكنه وهو لا
يدرك مدى خطورته مما نتج عنه زيادة مستوى النشاط الإشعاعي به فأحدث إصابته والمجني
عليه الثاني بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة والتي أودت بحياتهما
وإصابة زوجته وشقيقته وأبنائه الثلاثة بالإصابات المبينة بالتقارير الطبية المرفقة
على النحو المبين بالتحقيقات . ب - لم يتخذوا جميع الاحتياطات والاشتراطات المشار
إليها بتقرير هيئة الطاقة الذرية ووزارة الصحة عند تداول واستعمال الإشعاعات
المؤينة جـ - استعملوا الإشعاعات المؤينة بغير ترخيص . ثانياً : الطاعن وحده : أ - لم يعد مخازن مستوفية لاشتراطات الوقاية المقررة قانوناً لتخزين ونقل المصادر
المشعة . ب - تسبب في زيادة مستوى النشاط الإشعاعي وتركيزات المواد المشعة بالهواء
عن الحد المسموح بها نتيجة عدم قيامه بإبلاغ المكتب التنفيذي لشئون الوقاية من خطر
التعرض للإشعاعات المؤينة بفقد المصدر المشع رقم 3139 وعدم اتخاذه الإجراءات
الضرورية للوقاية من خطر الإشعاع ، وعاقب الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات
عملاً بالمواد 18 /1 ، 29 /1 ، 33 /1 ، 47، 85 ، 88 ، 95 من القانون رقم 4 لسنة 1994
في شأن البيئة والمواد 1 ، 2/1 ، 2 ، 7 ، 21/ 1 ، 2 ، 4 من القرار بالقانون رقم 59
لسنة 1960 بتنظيم العمل بالإشعاعات المؤينة والوقاية من أخطارها والمادة 10 من
قرار وزير الصحة رقم 630 لسنة 1962 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون الأخير .
وذلك بعد أن أعمل الحكم المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط الجرائم المنسوبة إلى
الطاعن ارتباطاً لا يقبل التجزئة وأوقع عقوبة الجريمة الأشد وهي تلك المقررة
للجريمة المبينة بالوصف (أ) من البند أولاً وذلك عملاً بحكم المادة 95 من القانون
رقم 4 لسنة 1994 في شأن البيئة والتي جرى نصها على أنه " يعاقب بالسجن مدة لا
تزيد على عشر سنوات كل من ارتكب عمداً أحد الأعمال المخالفة لأحكام هذا القانون إذ
أنشأ عنه إصابة أحد الأشخاص بعاهة مستديمة يستحيل برؤها ، وتكون العقوبة السجن إذا
نشأ عن المخالفة إصابة ثلاثة أشخاص فأكثر بهذه العاهة ، فإذا ترتب على هذا الفعل
وفاة إنسان تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة. وتكون العقوبة الأشغال الشاقة
المؤبدة إذا ترتب على الفعل وفاة ثلاثة أشخاص فأكثر " . لما كان ذلك ، وكانت
هذه المادة إنما هي صورة من الصور التي تطبق فيها نظرية القصد الاحتمالي كما هو
الحال في المادة 257 من قانون العقوبات وغيرها من الحالات التي يساءل فيها الجاني
أخذا بقصده الاحتمالي وكان القصد الاحتمالي هو توقع النتيجة الإجرامية كأثر ممكن
للفعل ثم قبولها ، بمعنى أنه إذا اقترف الجاني فعله يريد تحقيق نتيجة إجراميه
معينة ولكن الفعل أفضى إلى نتيجة أخرى أشد جسامة من الأولى وكان في استطاعة الجاني
ومن واجبه أن يتوقعها فإن القصد الاحتمالي يعد متوافراً لديه بالنسبة لها ويكون
أساساً لمسئوليته عنها وتفترض فكرة القصد الاحتمالي أنه قد توافر لدى الجاني القصد
المباشر بالنسبة للنتيجة التي أراد تحقيقها بارتكاب الفعل ، وهو ما يعني أن القصد
الاحتمالي لا يقوم مستقلاً بذاته دون أن يستند إلى قصد مباشر يتوافر لدى الجاني
أولاً . ومن ثم كان التحقق من توافر القصد المباشر أمراً لابد منه قبل القول
بتوافر القصد الاحتمالي ولما كان القصد الجنائي - في كل صوره - يفترض نتيجة ينصرف
إليها ويكون أساساً للمسئولية عنها ، فإن اجتماع القصد المباشر والقصد الاحتمالي
يفترض حتماً نتيجتين أحدهما أشد جسامه من الأخرى ، فالقصد المباشر ينصرف إلى
النتيجة الأقل جسامه بينما ينصرف القصد الاحتمالي إلى النتيجة الأشد جسامة ، فإذا
لم يتوافر القصد المباشر لدى الجاني لأن إرادته لم تتجه - عندما اقترف فعله - إلى
تحقيق نتيجة إجرامية فلا سبيل إلى توافر القصد الاحتمالي ، فإذا أفضى الفعل إلى
نتيجة إجرامية فلا يسأل عنها سوى مسئولية غير عمدية . لما كان ذلك ، وكان البين من
مدونات الحكم المطعون فيه أن إصابات المجنى عليهم المبينة أسماؤهم بوصف التهمة
الأولى المسندة إلى الطاعن والموضحة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياة أثنين منهم
قد حدثت نتيجة زيادة مستوى النشاط الإشعاعي وتركيزات المواد المشعة في الهواء عن
الحد المسموح به بالمخالفة للمادة 47 من القانون رقم 4 لسنة 1994 في شأن البيئة
والتي فرضت المادة 88 من القانون ذاته عقوبتي السجن والغرامة جزاء على مخالفتها
ومن ثم فإنه كي يصح مؤاخذة الطاعن بالقصد الاحتمالي وتقرير مسئوليته عن إصابة
ووفاة المجني عليهم ومعاقبته بالأشغال الشاقة المؤقتة عملاً بالمادة 95 من قانون
البيئة سالف الذكر أن يتوافر لدى الطاعن القصد الجنائي المباشر فى مخالفة المادة
47 من القانون سالف الإشارة إليه بمعنى أن تكون إرادته قد اتجهت إلى زيادة النشاط
الإشعاعي وتركيزات المواد المشعة في الهواء عن الحد المسموح به وأن يعني الحكم
باستظهار هذا القصد، ولا يكفي في هذا الصدد أن تكون هذه الزيادة في النشاط
الإشعاعي قد تحققت نتيجة فعل عمدي قوامه الامتناع عن القيام بواجب يفرضه قانون
البيئة أو قانون تنظيم العمل بالإشعاعات الصادر بالقرار بالقانون رقم 59 لسنة
1960 - والتي فرض لها القانون عقوبة الجنحة - مادام لم يثبت أن إرادة الطاعن قد
اتجهت إلى تحقيق هذه النتيجة بزيادة النشاط الإشعاعي وإذ كان الحكم المطعون فيه قد
عاقب الطاعن بالأشغال الشاقة المؤقتة عملاً بنص المادة 95 من القانون رقم 4 لسنة
1994 فى شأن البيئة دون أن يدلل على توافر القصد الجنائي المباشر لديه فى مخالفة
المادة 47 من ذات القانون . فإنه يكون معيباً بقصور في التسبيب جره إلى الخطأ في
تطبيق القانون ، بما يوجب نقضه بالنسبة لهذه التهمة وما ارتبط بها من تهم أخرى
بالنسبة للطاعن وسائر المحكوم عليهم بما فيهم من لم يقرر بالطعن أو قضى بعدم قبول
طعنه شكلاً . لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة ـ
3 - لما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين
تحديد جلسة لنظر الموضوع عملاً بنص المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام
محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـــع
اتهمت النيابة العامة كلا من 1 - .... (طاعن) . 2 - .... . 3 - ..... (طاعن) . 4 - ..... 5 - .... (طاعن) . 6 - ..... (قضى ببراءته) 7 - ..... . 8 - ....
(طاعن) بأنهم : أولاً : المتهمين الستة الأول : أ -
ارتكبوا عمداً أحد الأفعال المخالفة لأحكام قانون البيئة بأن تسببوا في
زيادة مستوى النشاط الإشعاعي وتركيزات المواد المشعة بالهواء على الحد المسموح به
بعدم اتخاذهم الاحتياطات اللازمة التي تضمن عدم حدوث أضراراً بالبيئة حال تداولهم
المصادر المشعة وعند نقلها إلى مواقع العمل فى مجال الكشف عن عيوب اللحامات بخطوط
الغاز من توافر اشتراطات الوقاية من أخطارها مما ترتب عليه وفاه فضل حسن
فضل وابنه حسن
فضل حسن بأن استعملوا المصادر المشعة المؤينة المشار إليها في أعمال الكشف عن اللحامات بخط
الغاز الطبيعي المار بقرية ميت حلفا ولم يبلغوا المكتب التنفيذي للوقاية من خطر
الإشعاع بفقد أحدها في موقع العمل ولم يتخذوا الإجراءات الضرورية للوقاية من
أخطاره فعثر عليه المجنى عليه الأول فى أرضه الزراعية واحتفظ به فى مسكنه وهو لا
يدرك مدى خطورته مما نتج عنه زيادة مستوى النشاط الإشعاعي به فأحدث إصابته والمجنى
عليه الثاني بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة والتي أودت بحياتهما
وإصابة زوجته وشقيقته وأبنائه الثلاثة بالإصابات المبينة بالتقارير الطبية المرفقة
على النحو المبين بالتحقيقات (ب) استعملوا الإشعاعات المؤينة بغير ترخيص (جـ) لم
يتخذوا جميع الاحتياطات والاشتراطات المشار إليها بتقرير هيئة الطاقة الذرية
ووزارة الصحة عن تداول أو استعمال الإشعاعات المؤينة . ثانياً :ـ المتهم الأول
أيضاً:ـ (أ) لم يعد مخازن مستوفية لاشتراطات الوقاية المقررة قانوناً لتخزين ونقل المصادر المشعة (ب) تسبب فى زيادة مستوى النشاط الإشعاعي
وتركيزات المواد المشعة بالهواء عن الحد المسموح به نتيجة عدم قيامه بإبلاغ المكتب
التنفيذي لشئون الوقاية من خطر التعرض للإشعاعات المؤينة بفقد المصدر المشع رقم 3139 وعدم
اتخاذه الإجراءات الضرورية للوقاية من خطر الإشعاع . ثالثاً :ـ المتهمون الثالث
والرابع والخامس والسادس :ـ باشروا أعمال الفنين ومساعديهم فى مجال الإشعاعات
المؤينة دون استيفاء الاشتراطات المقررة قانوناً ودون الحصول على ترخيص بذلك .
رابعاً :ـ المتهم السابع:ـ استعمل المصادر المشعة المؤينة بدون ترخيص وتداول مع
المتهم الأول المصدرين المشعين رقمي 3140،3382 دون اتخاذ إجراءات واحتياطات
الوقاية اللازمة التي تضمن عدم حدوث أية أضرار بالبيئة ودون علم المكتب التنفيذي للوقاية من
خطر الإشعاعات المؤينة بوزارة الصحة. خامساً :ـ المتهم الثامن :ـ وهو خبير الوقاية
والمنوط به الإشراف على استعمال الإشعاعات المؤينة بالشركة الخاصة بالمتهم الأول
لم يقم بمراقبة تنفيذ اشتراطات الوقاية من هذه الإشعاعات كما أنه لم يقم بإخطار المكتب التنفيذي لشئون
الوقاية من خطر التعرض للإشعاعات المؤينة بعدم قيام هذه الشركة بتنفيذ هذه
الاشتراطات .
وإحالتهم إلى محكمة جنايات ...... لمعاقبتهم طبقاً
للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى
ورثة المجنى عليهما مدنياً قبلهم بمبلغ خمسمائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة
المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 18 /1 ، 29 /1 ، 33 /1 ، 47 ، 85 ، 88 ، 95 من القانون رقم 4 لسنة 1994
بشأن البيئة والمواد 1، 21/ 1 ، 2 ، 4 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 59 لسنة 1960 في شأن تنظيم العمل
بالإشعاعات المؤينة والوقاية من أخطارها والمادة 10 من قرار وزير الصحـة العمومية
رقم 630 لسنة 1962 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون الأخير مع إعمال المادة 32 من
قانون العقوبات أولاً :ـ بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات .
ثانياً :ـ بمعاقبة المتهمين الثاني والثالث والخامس بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث
سنوات . ثالثاً :ـ بتغريم المتهم الرابع مائتي جنيه عن التهمة أولاً /ب، ثالثاً /أ
وبراءته فيما عدا ذلك. رابعاً :ـ بتغريم المتهم السابع عشرة ألاف جنيه. خامساً :ـ
بمعاقبة المتهم الثامن بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحده . سادساً :ـ ببراءة المتهم
السادس . سابعا :ـ بغلق مقر الشركتين الأولى الخاصة بالمتهم الأول (شركة ويكو)
المكتب الاستشاري للحام والتفتيش الكائن 6 عمارات الإمداد والتموين بمدينة نصر
وكذا الثانية الخاصة بالمتهم السابع ( شركة أنسبكتا أنترناشيونال لخدمات التفتيش
والمعادن الدولية) الكائنة بالإسكندرية 59 مساكن تعاونيات سموحه شقة 24 ونزع
اللوحات واللافتات الخاصتين بالشركتين سالفتي الذكر ومصادرة الأجسام المشعة
المضبوطة ونشر الحكم على نفقة المحكوم عليهما الأول والسابع . ثامناً :ـ اعتبار المدعيين بالحقوق المدنية تاركين
لدعواهم المدنية .
فطعن
المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت أولاً بعدم قبول الطعن
المقدم من محمد عبدالله حسين شكلاً . ثانياً : بقبول الطعن المقدم من باقي
الطاعنين شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لهم وللطاعن محمد
عبدالله حسين وللمحكوم عليهما حسام الدين عبدالمنعم محمود الزناتي وهشام محمد
عبدالحميد يونس وإعادة القضية الى محكمة جنايات بنها لتحكم فيها من جديد دائرة
أخرى .
وادعى ورثة المجنى عليهم مدنياً قبلهم
بمبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
ومحكمة الإعادة قضت ( بهيئة مغايرة )
أولاً بمعاقبة الأول والثاني والثالث والخامس بالأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات .
ثانياً : بتغريم الرابع مائتي جنيه عن التهمتين أولاً ب ، ثالثاً أ وبراءته فيما
عدا ذلك ، ثالثاً : بمعاقبة السابع بتغريمه عشرة آلاف جنيه . رابعاً : بمعاقبة
الثامن بالحبس مع الشغل مدة سنة واحدة . خامساً : بغلق مقر الشركتين الأولى - الخاصة بالمتهم الأول " شركة ويكو المكتب الاستشاري للحام والتفتيش "
الكائن 6 عمارات الإمداد والتموين بمدينة نصر والثانية الخاصة بالمتهم السادس "
شركة اسبكتا انترناششيونال لخدمة التفتيش والمعادن الدولية " الكائنة
بالإسكندرية 59 مساكن سموحه شقة 24 وتنزع اللوحات واللافتات الخاصة بالشركتين
سالفتي الذكر . سادساً : مصادرة الأجسام المشعة المضبوطة . سابعاً : نشر الحكم على
نفقة المحكوم عليهما الأول والسادس وفى الدعوى المدنية بإلزامهـم بأن يؤدوا
للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق
النقض - للمرة الثانية - ....... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث
إن المحكوم عليهما رأفت محمد على خليل ، محمد عبدالله حسين وإن قررا بالطعن فى
الميعاد ، إلا أنها لم يقدما أسبابا لطعنهما ، ومن ثم يكون الطعن المقدم منهما غير
مقبول شكلاً .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن الأول - سالم سيد أحمد
أحمد حامد - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بوصف أنه ارتكب عمداً أحد الأفعال
المخالفة لقانون حماية البيئة والتسبب فى زيادة النشاط الإشعاعي بما أدى إلى وفاة
وإصابة المجنى عليهم ودون أتخاذ الإجراءات والاحتياطات التي تضمن عدم حدوث أضرار
بالبيئة ، واستعمال الإشعاعات المؤينة بغير ترخيص ودون اتخاذ الإجراءات اللازمة
عند استعمالها وتداولها وعدم تجهيز مخازن مستوفاه لتخزينها وعدم إبلاغه عن فقد
المصدر المشع ، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه عاقب الطاعن بالعقوبة
المغلظة عملاً بالمادة 95 من القانون رقم 4 لسنة 1994 في شأن البيئة رغم أن إرادته
لم تتجه إلى الاعتداء على الحقوق التي يحميها هذا القانون مما يعيبه ويستوجب نقضه
.
وحيث إنه يبين من الحكم
المطعون فيه أنه دان الطاعن بوصف أنه أولاً : هو وآخرين - أ - ارتكبوا عمداً أحد
الأفعال المخالفة لأحكام قانون البيئة بأن تسببوا في زيادة مستوى النشاط الإشعاعي
وتركيزات المواد المشعة بالهواء عن الحد المسموح به بعدم اتخاذهم الاحتياطات
اللازمة التي تضمن عدم حدوث إضرار بالبيئة حال تداولهم المصادر المشعة وعند نقلها
إلى مواقع العمل فى مجال الكشف عن عيوب اللحامات بخطوط الغاز دون توافر اشتراطات
الوقاية من إخطارها مما ترتب عليه وفاة فضل حسن فضل وابنه حسن فضل حسن بأن
استعملوا المصادر المشعة المؤينة المشار إليها في إعمال الكشف عن اللحامات بخطوط
الغاز الطبيعي المار بقرية ميت حلفا ولم يبلغوا المكتب التنفيذي للوقاية من خطر
الإشعاع بفقد أحدها في موقع العمل ولم يتخذوا الإجراءات الضرورية للوقاية من
أخطاره فعثر عليه المجني عليه الأول في أرضه الزراعية واحتفظ به في مسكنه وهو لا
يدرك مدى خطورته مما نتج عنه زيادة مستوى النشاط الإشعاعي به فأحدث إصابته والمجنى
عليه الثاني بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة والتي أودت بحياتهما
وإصابة زوجته وشقيقته وأبنائه الثلاثة بالإصابات المبينة بالتقارير الطبية المرفقة
على النحو المبين بالتحقيقات. ب - لم يتخذوا جميع الاحتياطات والاشتراطات المشار
إليها بتقرير هيئة الطاقة الذرية ووزارة الصحة عند تداول واستعمال الإشعاعات
المؤينة جـ - استعملوا الإشعاعات المؤينة
بغير ترخيص . ثانياً : الطاعن وحده : أ - لم يعد مخازن مستوفية لاشتراطات الوقاية
المقررة قانوناً لتخزين ونقل المصادر المشعة . ب - تسبب في زيادة مستوى النشاط
الإشعاعي وتركيزات المواد المشعة بالهواء عن الحد المسموح بها نتيجة عدم قيامه بإبلاغ
المكتب التنفيذي لشئون الوقاية من خطر التعرض للإشعاعات المؤينة بفقد المصدر المشع
رقم 3139 وعدم اتخاذه الإجراءات الضرورية للوقاية من خطر الإشعاع ، وعاقب الطاعن
بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عملاً بالمواد 18/1 ، 29 /1 ، 33/ 1 ، 47، 85 ، 88
، 95 من القانون رقم 4 لسنة 1994 في شأن البيئة والمواد 1 ، 2/1 ، 2 ، 7 ، 21 /1 ،
2 ، 4 من القرار بالقانون رقم 59 لسنة 1960 بتنظيم العمل بالإشعاعات المؤينة
والوقاية من أخطارها والمادة 10 من قرار وزير الصحة رقم 630 لسنة 1962 بإصدار
اللائحة التنفيذية للقانون الأخير . وذلك بعد أن أعمل الحكم المادة 32 من قانون
العقوبات لارتباط الجرائم المنسوبة إلى الطاعن ارتباطاً لا يقبل التجزئة وأوقع
عقوبة الجريمة الأشد وهي تلك المقررة للجريمة المبينة بالوصف (أ) من البند أولاً
وذلك عملاً بحكم المادة 95 من القانون رقم 4 لسنة 1994 في شأن البيئة والتي جرى
نصها على أنه " يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات كل من ارتكب عمداً
أحد الأعمال المخالفة لأحكام هذا القانون إذ أنشأ عنه إصابة أحد الأشخاص بعاهة
مستديمة يستحيل برؤها ، وتكون العقوبة السجن إذا نشأ عن المخالفة إصابة ثلاثة
أشخاص فأكثر بهذه العاهة ، فإذا ترتب على هذا الفعل وفاة إنسان تكون العقوبة
الأشغال الشاقة المؤقتة. وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إذا ترتب على الفعل
وفاة ثلاثة أشخاص فأكثر " . لما كان ذلك ، وكانت هذه المادة إنما هي صورة من
الصور التي تطبق فيها نظرية القصد الاحتمالي كما هو الحال في المادة 257 من قانون
العقوبات وغيرها من الحالات التي يساءل فيها الجاني أخذا بقصده الاحتمالي وكان
القصد الاحتمالي هو توقع النتيجة الإجرامية كأثر ممكن للفعل ثم قبولها ، بمعنى أنه
إذا اقترف الجاني فعله يريد تحقيق نتيجة إجراميه معينة ولكن الفعل أفضى إلى نتيجة
أخرى أشد جسامة من الأولى وكان في استطاعة الجاني ومن واجبه أن يتوقعها فإن القصد
الاحتمالي يعد متوافراً لديه بالنسبة لها ويكون أساساً لمسئوليته عنها وتفترض فكرة
القصد الاحتمالي أنه قد توافر لدى الجاني القصد المباشر بالنسبة للنتيجة التي أراد
تحقيقها بارتكاب الفعل ، وهو ما يعني أن القصد الاحتمالي لا يقوم مستقلاً بذاته
دون أن يستند إلى قصد مباشر يتوافر لدى الجاني أولاً . ومن ثم كان التحقق من توافر
القصد المباشر أمراً لابد منه قبل القول بتوافر القصد الاحتمالي ولما كان القصد
الجنائي - في كل صوره - يفترض نتيجة ينصرف إليها ويكون أساساً للمسئولية عنها ،
فإن اجتماع القصد المباشر والقصد الاحتمالي يفترض حتماً نتيجتين أحدهما أشد جسامه
من الأخرى ، فالقصد المباشر ينصرف إلى النتيجة الأقل جسامه بينما ينصرف القصد
الاحتمالي إلى النتيجة الأشد جسامة ، فإذا لم يتوافر القصد المباشر لدى الجاني لأن
إرادته لم تتجه - عندما اقترف فعله - إلى تحقيق نتيجة إجرامية فلا سبيل إلى توافر
القصد الاحتمالي ، فإذا أفضى الفعل إلى نتيجة إجرامية فلا يسأل عنها سوى مسئولية
غير عمدية . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن إصابات
المجني عليهم المبينة أسماؤهم بوصف التهمة الأولى المسندة إلى الطاعن والموضحة
بالتقارير الطبية والتي أودت بحياة أثنين منهم قد حدثت نتيجة زيادة مستوى النشاط
الإشعاعي وتركيزات المواد المشعة في الهواء عن الحد المسموح به بالمخالفة للمادة
47 من القانون رقم 4 لسنة 1994 في شأن البيئة والتي فرضت المادة 88 من القانون
ذاته عقوبتي السجن والغرامة جزاء على مخالفتها ومن ثم فإنه كي يصح مؤاخذة الطاعن
بالقصد الاحتمالي وتقرير مسئوليته عن إصابة ووفاة المجنى عليهم ومعاقبته بالأشغال
الشاقة المؤقتة عملاً بالمادة 95 من قانون البيئة سالف الذكر أن يتوافر لدى الطاعن
القصد الجنائي المباشر في مخالفة المادة 47 من القانون سالف الإشارة إليه بمعنى أن
تكون إرادته قد اتجهت إلى زيادة النشاط الإشعاعي وتركيزات المواد المشعة فى الهواء
عن الحد المسموح به وأن يعنى الحكم باستظهار هذا القصد، ولا يكفي في هذا الصدد أن
تكون هذه الزيادة في النشاط الإشعاعي قد تحققت نتيجة فعل عمدي قوامه الامتناع عن
القيام بواجب يفرضه قانون البيئة أو قانون تنظيم العمل بالإشعاعات الصـادر بالقرار
بالقانون رقم 59 لسنة 1960 - والتي فرض لها القانون عقوبة الجنحـة - مادام لم يثبت
أن إرادة الطاعن قد اتجهت إلى تحقيق هذه النتيجة بزيادة النشاط الإشعاعي وإذ كان
الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالأشغال الشاقة المؤقتة عملاً بنص المادة 95 من
القانون رقم 4 لسنة 1994 في شأن البيئة دون أن يدلل على توافر القصد الجنائي
المباشر لديه في مخالفة المادة 47 من ذات القانون . فإنه يكون معيباً بقصور في
التسبيب جره إلى الخطأ فى تطبيق القانون ، بما يوجب نقضه بالنسبة لهذه التهمة وما
ارتبط بها من تهم أخرى بالنسبة للطاعن وسائر المحكوم عليهم بما فيهم من لم يقرر
بالطعن أو قضى بعدم قبول طعنه شكلاً . لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة - ولما كان
الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع عملاً بنص المادة 45
من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ