الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 14 مارس 2025

الطعن 9954 لسنة 88 ق جلسة 26 / 5 / 2021 مكتب فني 72 ق 73 ص 446

جلسة 26 من مايو سنة 2021
برئاسة السيـد القاضي/ محمود العتيق "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ عمرو يحيى القاضي، أبو زيد الوكيل "نائبي رئيس المحكمة" وعمر قايد ومصطفى صلاح الصائم.
-----------------
(73)
الطعن رقم 9954 لسنة 88 القضائية
(1) عقد " آثار العقد : أثر العقد بالنسبة للمتعاقدين ، أثر العقد بالنسبة إلى الغير " .
الوضع الظاهر . قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت موجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها . مؤداه . اعتبار التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية نافذًا في مواجهة صاحب الحق متى أسهم الأخير بخطئه سلبًا أو إيجابًا في ظهور المتصرف بمظهر صاحب الحق .
(2) الوكالة : بعض أنواع الوكالة : الوكالة الظاهرة " .
الوكالة الظاهرة . ماهيتها . تصرفات الوكيل الظاهر مع الغير حسن النية . نفاذها قِبَلَ الموكـل . علة ذلك . شروطه . كون ما نسب إلى الأصيل سابقًا على إبرام العقد ومؤديًا إلى خداع الغير في اعتقاده بنيابة المتعامل معه عن ذلك الأصيل ودفعه إلى التعامل معه بهذه الصفة . كون هذا الغير حسن النية في اعتقاده . كون الإيهام الذي دفعه إلى التعاقد قد قام على مبرراتٍ اقتضتها ظروف الحال بحيث لا تترك مجالًا للشك والإيهام .
(3) حيازة " ماهيتها : من شروطها : وضع اليد الفعلي : وضع اليد بمعناه القانوني " .
الغصب . مقصوده . تجرد وضع اليد من الاستناد إلى سندٍ قانوني يبرر يد الحائز على العقار المتنازع عليه .
(4) دعوى " إجراءات نظر الدعوى : الدفاع في الدعوى : الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه".
الطلب أو وجه الدفاع الذي يتغير به وجه الرأي في الدعوى . التزام محكمة الموضوع بالإجابة عليه بأسباب خاصة . إغفالها ذلك . قصور .
(6،5) إثبات " قواعد عامة : إجراءات الإثبات : الإحالة إلى التحقيق : سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للإحالة إلى التحقيق : بوجه عام : جوازي للمحكمة " .
(5) محكمة الموضوع . عدم التزامها بإجابة طلب إحالة الدعوى للتحقيق . رفضها له . أثره . التزامها في حكمها ببيان ما يسوغ هذا الرفض .
(6) قضاء الحكم المطعون فيه بطرد الطاعنَيْنِ من عين النزاع مكتفيًا بما جاء بتقرير الخبير محمولًا على أسبابه ملتفتًا عن تمسكهما بإحالة الاستئناف إلى التحقيق لإثبات حسن النية لديهما بشرائهما أرض النزاع من وكيل ظاهر - المطعون ضده السادس – عن الأصيل - المطعون ضده الأول– الذي أسهم بخطئه في ظهوره بهذا المظهر . قصور مبطل وإخلال بحق الدفاع . علة ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر –في قضاء محكمة النقض- أن الأصل في العقود ألا تنفذ إلا في حق عاقديها، وأن صاحب الحق لا يلتزم بما صدر من غيره من تصرفات بشأنها، إلا أنه باستقراء نصوص القانون المدني يبين أن المشرع قد اعتد في عدة تطبيقات هامة بالوضع الظاهر لاعتبارات توجبها العدالة وحماية حركة التعامل في المجتمع وتنضبط جميعًا مع وحدة علتها واتساق الحكم المشترك فيها، بما يحول ووصفها بالاستثناء، وتصبح قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت موجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها، ومؤداها أنه إذا كان صاحب الحق قد أسهم بخطئه – سلبًا أو إيجابًا – في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز التي من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر للحقيقة، مقتضاه نفاذ التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية في مواجهة صاحب الحق.
2- المقرر –في قضاء محكمة النقض– أنه إذا كان الغير المتعامل مع الوكيل يعتبر أجنبيًّا عن تلك العلاقة بين الوكيل والموكل، ومما يوجب عليه في الأصل أن يتحقق مِن صفة مَن يتعامل معه بالنيابة عن الأصيل، ومن انصراف أثر التعامل تبعًا لذلك إلى هذا الأخير، إلا أنه قد يغنيه عن ذلك أن يقع من الأصيل ما ينبئ في ظاهر الأمر عن انصراف إرادته إلى إنابته لسواه في التعامل باسمه، بأن يكشف عن مظهر خارجي منسوب إليه يكون من شأنه أن يوهم الغير ويجعله معذورًا في اعتقاده بأن ثمة وكالة بينهما، إذ يكون من حق الغير حسن النية في هذه الحالة أن يتمسك بانصراف أثر التعامل الذي أبرمه مع مَن اعتقد بحق أنه وكيل عن الأصيل لا على أساس وكالة حقيقية قائمة بينهما -وهي غير موجودة في الواقع- بل على أساس الوكالة الظاهرة؛ ذلك لأن ما ينسب إلى الأصيل في هذا الصدد يشكل في جانبه صورة من صور الخطأ التي من شأنها أن تخدع الغير حسن النية في نيابة المتعامل معه عن ذلك الأصيل ودفعه إلى التعامل معه بهذه الصفة، وهو أمر يقتضي أن يكون ما نسب إلى الأصيل سابقًا على إبرام العقد، بشرط أن يكون مؤديًا إلى خداع الغير، وأن يكون هذا الغير حسن النية في اعتقاده، وأن يكون الإيهام الذي دفعه إلى التعاقد قد قام على مبررات اقتضتها ظروف الحال بحيث لا تترك مجالًا للشك والإيهام.
3- المقرر –في قضاء محكمة النقض– أن مقصود الغصب هو انعدام سند الحيازة، وهو لا يعتبر كذلك إلا إذا تجرد وضع اليد من الاستناد إلى سند قانوني له شأنه من تبرير يد الحائز على العقار المثار بشأنه النزاع.
4- المقرر –في قضاء محكمة النقض- أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغير وجه الرأي في الحكم يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة، فإن هي أغفلت مواجهته والرد عليه كان حكمها قاصر التسبيب.
5- المقرر –في قضاء محكمة النقض– أن محكمة الموضوع وإن كانت غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى ما يطلبونه من إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود، إلا أنها ملزمة إذا رفضت هذا الطلب أن تبين في حكمها ما يسوغ رفضه.
6- إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنين تمسكا بإحالة الاستئناف إلى التحقيق لإثبات التحقق من حسن النية لديهما إذ قاما بشراء قطعة الأرض موضوع النزاع من وكيل ظاهر - المطعون ضده السادس – عن الأصيل - المطعون ضده الأول – الذي أسهم بخطئه في ظهوره بهذا المظهر على النحو المبين بالنعي، وكان هذا الدفاع من شأنه -إن صح– أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى لكون تصرفات صاحب المركز الظاهر إلى الغير حسن النية لها نفس آثار تصرفات صاحب المركز الحقيقي متى كانت الشواهد المحيطة بالمركز الظاهر من شأنها أن تولد الاعتقاد بمطابقة هذا المركز للحقيقة متى أسهم صاحب الحق سواءً سلبًا أو إيجابًا في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وحجب نفسه عن تمحيص دفاع الطاعنين آنف الذكر للتحقق من مدى توافر شروط الوكالة الظاهرة، ولم يبحث أثرها في التعاقد كسند مشروع في حيازتهما لقطعة الأرض المبيعة ودون أن يورد سببًا لطرحها، وعدم كفايتها معولًا في قضائه بتأييد الحكم الابتدائي بطردهما على تقرير الخبير المنتدب أمام محكمة الاستئناف محمولًا على أسبابه التي خلت مما يمكن اعتباره ردًا على هذا الدفاع، فإنه يكون قد ران عليه القصور المبطل والإخلال بحق الدفاع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنَيْنِ والمطعون ضدهما الثالث والأخير بصفتيهما والخامس الدعوى ... لسنة 2008 أمام محكمة كفر سعد الكلية، بطلب الحكم بصفة مستعجلة بإلزام المطعون ضدهما الثالث والأخير بصفتيهما بوقف جميع التعاملات وعدم إجراء أية تغييرات على قطعة الأرض المبينة بالأوراق وفي الموضوع أولًا:- برد وبطلان التوكيل رقم ... لسنة 2008 توثيق محرم بك. ثانيًا:- بعدم نفاذ التوكيل رقم ... لسنة 2008 توثيق المنتزه في مواجهته. ثالثًا:- بعدم نفاذ جميع التصرفات التي تمت على القطعة موضوع النزاع في حقه. رابعًا:- بطرد الطاعنين منها والتسليم. خامسًا:- بإلزام المطعون ضدهما الثالث والأخير بصفتيهما بشطب ومحو جميع التصرفات التي وقعت عليها واعتبارها كأن لم تكن وإلغاء كافة الآثار المترتبة عليها. وقال شارحًا لدعواه: إنه يمتلك هذه القطعة بموجب قرار اللجنة العقارية رقم 19 الصادر بتاريخ 20/5/2003 بعد تنازل مالكها السابق له عنها، إلا أنه فوجئ باستيلاء الطاعنين عليها بما أقامه عليها من مبان على سند من قيامه بإصدار التوكيل رقم ... لسنة 2008 توثيق محرم بك لصالح المطعون ضده الخامس بالتصرف في القطعة - ليس له أصل بمأمورية الشهر العقاري- وقيام الأخير بإصدار التوكيل رقم ... لسنة 2008 توثيق المنتزه لصالح الطاعنين بموجب التوكيل الأول على الرغم من سفره خارج القطر منذ 28/12/2007 حتى تاريخ رفع الدعوى، ولا تربطه صلة بالمطعون ضده الخامس، وقد ضبط عن الواقعة المحضر رقم ... أحوال دمياط الجديدة، ولما كان التوكيل الأول مزورًا عليه، فإن وضع يد الطاعنين على قطعة الأرض موضوع النزاع يكون غصبًا؛ لانعدام سنده -الوكالة–، مما حدا به لإقامة الدعوى. طلب المطعون ضده الأول قبول الإدخال للمطعون ضده الثاني بصفته في الدعوى، ثم طلب الطاعن الثاني قبول إدخال المطعون ضدهم الرابع والسابع والثامن بصفاتهم والسادس في الدعوى للحكم أولًا:- بثبوت بيع المطعون ضده الثاني بصفته قطعة الأرض موضوع النزاع للمطعون ضده الأول مقابل ثمن مقداره واحد وثلاثون ألفًا وخمسمائة جنيه بموجب عقد البيع المؤرخ 30/8/1988 ثانيًا:- بصحة ونفاذ عقدي البيع الابتدائيين المؤرخين 7/4/2008، 1/5/2008، على سند من أنه مشترٍ حسن النية قطعة الأرض موضوع النزاع؛ إذ باعها المطعون ضده السادس له بموجب العقدين الآخيرين باعتباره نائبًا ظاهرًا بمظهر الشريك للمطعون ضده الأول لقاء ثمن مقداره ثلاثة ملايين وثلاثمائة وخمسون ألف جنيه، وبتاريخ 27/4/2010 حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية برد وبطلان التوكيل رقم ... لسنة 2008 توثيق محرم بك المنسوب صدوره للمطعون ضده الأول وبعدم نفاذ التوكيلين رقمي ...، ... لسنة 2008 توثيق المنتزه في حق المطعون ضده الأول وبطرد الطاعنين من عقار التداعي والتسليم وبرفض الطلب الخامس بحالته، وبعدم قبول الطلب العارض. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 42 ق أمام محكمة استئناف المنصورة "مأمورية دمياط"، كما استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم ... لسنة 42 ق لدى ذات المحكمة ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط ثم ندبت خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 13/3/2018 برفضهما. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة -في غرفة مشورة- حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولان: إنهما واجها طلبات المطعون ضده الأول بدعواه الأصلية أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله أنهما اشتريا قطعة الأرض موضوع النزاع من وكيل ظاهر -المطعون ضده السادس- عن الأصيل -المطعون ضده الأول– وبأن الثاني أسهم بخطئه في ظهور الأول بهذا المظهر، وقد أوضحا الشواهد التي أحاطت بمركزه الظاهر وأهمها أنهما قاما بإيداع جزء من الثمن في حساب شركة "مصر دبي" المملوكة للمطعون ضدهما الأول –الأصيل– والسادس -الوكيل الظاهر- لدى أحد البنوك، وقام المطعون ضده السادس بأعمال البناء في بداية الطابق الثالث من المبنى المقام على قطعة الأرض المبيعة، وطويت أوراق الدعوى على التوكيل رقم ... لسنة 2007 توثيق أجا الصادر من المطعون ضده الأول إلى المطعون ضده السادس وهو توكيل صحيح وغير مزور، وقد اعتد جهاز تعمير مدينة دمياط الجديدة بالتوكيل المزور المنسوب صدوره للمطعون ضده الأول في تعديل بيانات القطعة المبيعة باسم الطاعن الأول؛ إذ لم ينكشف تزويره إلا بعد رفع الدعوى، وقد قدم المطعون ضده السادس أمام الخبير المنتدب حافظة مستندات طويت على أصل عقد شركة محاصة بينه وبين المطعون ضده الأول مؤرخ 21/1/2017 تضمن النص على أن قطعة الأرض موضوع النزاع مملوكة لهما مناصفة ضمن الأعمال التجارية للشركة، وقد تمسكا بمذكرة دفاعهما المقدمة أمام محكمة الاستئناف بجلسة 15/11/2017 بهذا الدفاع، كما طلبا بصحيفة استئنافهما وبمذكرات دفاعهما المقدمة بجلسات 26/3/2013، 31/10/2013، 24/1/2017 وبمحضر جلسة المرافعة الختامية أمام محكمة الاستئناف إحالة الاستئناف للتحقيق لإثبات أنه تم التصرف إليهما من وكيل ظاهر -المطعون ضده السادس- وخطأ صاحب الحق -المطعون ضده الأول- وحسن نيتهما، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع إيرادًا وردًا على الرغم من أنه دفاع جوهري قد يتغير به-لو صح- وجه الرأي في الدعوى، بما يعيبه، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك بأنه من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن الأصل في العقود ألَّا تنفذ إلا في حق عاقديها، وأن صاحب الحق لا يلتزم بما صدر من غيره من تصرفات بشأنها، إلا أنه باستقراء نصوص القانون المدني يبين أن المشرع قد اعتد في عدة تطبيقات هامة بالوضع الظاهر لاعتبارات توجبها العدالة وحماية حركة التعامل في المجتمع وتنضبط جميعًا مع وحدة علتها واتساق الحكم المشترك فيها، بما يحول ووصفها بالاستثناء، وتصبح قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت موجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها، ومؤداها أنه إذا كان صاحب الحق قد أسهم بخطئه –سلبًا أو إيجابًا– في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز التي من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر للحقيقة، مقتضاه نفاذ التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية في مواجهة صاحب الحق. وأيضًا إذا كان الغير المتعامل مع الوكيل يعتبر أجنبيًا عن تلك العلاقة بين الوكيل والموكل، ومما يوجب عليه في الأصل أن يتحقق مِن صفة مَن يتعامل معه بالنيابة عن الأصيل، ومن انصراف أثر التعامل تبعًا لذلك إلى هذا الأخير، إلا أنه قد يغنيه عن ذلك أن يقع من الأصيل ما ينبئ في ظاهر الأمر عن انصراف إرادته إلى إنابته لسواه في التعامل باسمه؛ بأن يكشف عن مظهر خارجي منسوب إليه يكون من شأنه أن يوهم الغير ويجعله معذورًا في اعتقاده بأن ثمة وكالة بينهما، إذ يكون من حق الغير حسن النية في هذه الحالة أن يتمسك بانصراف أثر التعامل الذي أبرمه مع مَن اعتقد بحقٍ أنه وكيل عن الأصيل، لا على أساس وكالة حقيقية قائمة بينهما -وهي غير موجودة في الواقع- بل على أساس الوكالة الظاهرة؛ ذلك لأن ما ينسب إلى الأصيل في هذا الصدد يشكل في جانبه صورة من صور الخطأ التي من شأنها أن تخدع الغير حسن النية في نيابة المتعامل معه عن ذلك الأصيل ودفعه إلى التعامل معه بهذه الصفة، وهو أمر يقتضي أن يكون ما نسب إلى الأصيل سابقًا على إبرام العقد، بشرط أن يكون مؤديًا إلى خداع الغير، وأن يكون هذا الغير حسن النية في اعتقاده، وأن يكون الإيهام الذي دفعه إلى التعاقد قد قام على مبررات اقتضتها ظروف الحال، بحيث لا تترك مجالًا للشك والإيهام. وأن مقصود الغصب هو انعدام سند الحيازة، وهو لا يعتبر كذلك إلا إذا تجرد وضع اليد من الاستناد إلى سند قانوني له شأنه من تبرير يد الحائز على العقار المثار بشأنه النزاع. وأن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغير وجه الرأي في الحكم يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة، فإن هي أغفلت مواجهته والرد عليه كان حكمها قاصر التسبيب. وأن محكمة الموضوع وإن كانت غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى ما يطلبونه من إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود، إلا أنها ملزمة إذا رفضت هذا الطلب أن تبين في حكمها ما يسوغ رفضه. لمَّا كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنَيْنِ تمسكا بإحالة الاستئناف إلى التحقيق لإثبات التحقق من حسن النية لديهما؛ إذ قاما بشراء قطعة الأرض موضوع النزاع من وكيل ظاهر -المطعون ضده السادس– عن الأصيل -المطعون ضده الأول– الذي أسهم بخطئه في ظهوره بهذا المظهر على النحو المبين بالنعي، وكان هذا الدفاع من شأنه -إن صح– أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى؛ لكون تصرفات صاحب المركز الظاهر إلى الغير حسن النية لها نفس آثار تصرفات صاحب المركز الحقيقي، متى كانت الشواهد المحيطة بالمركز الظاهر من شأنها أن تولد الاعتقاد بمطابقة هذا المركز للحقيقة، متى أسهم صاحب الحق سواءً سلبًا أو إيجابًا في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وحجب نفسه عن تمحيص دفاع الطاعنين آنف الذكر للتحقق من مدى توافر شروط الوكالة الظاهرة، ولم يبحث أثرها في التعاقد كسندٍ مشروع في حيازتهما لقطعة الأرض المبيعة، ودون أن يورد سببًا لطرحها وعدم كفايتها معولًا في قضائه بتأييد الحكم الابتدائي بطردهما على تقرير الخبير المنتدب أمام محكمة الاستئناف محمولًا على أسبابه التي خلت مما يمكن اعتباره ردًا على هذا الدفاع، فإنه يكون قد ران عليه القصور المبطل والإخلال بحق الدفاع، بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق