جلسة 17 من مايو سنة 2021
برئاسة السيد القاضي/ مجدي مصطفى "نائب رئيس المحكمـة "، وعضوية السادة القضاة/ وائل رفاعي، عصام توفيق، رفعت هيبة "نواب رئيس المحكمة" وأحمد الفقي.
-----------------
(64)
الطعن رقم 2882 لسنة 67 القضائية
(1) اختصاص " الاختصاص المتعلق بالولاية : ما يخرج من ولاية المحاكم العادية : اختصاص القضاء الإداري " .
المنازعات المتعلقة بتحديد الرسوم الأصلية لتوثيق المحررات وشهرها وعناصرها ومقوماتها والمحررات الخاضعة لها والملتزمينَ بسدادِها والقرارات الصادرة بتحديدِها ومنازعات الضرائب والرسوم . اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظرها باعتبارها ذات طبيعة إدارية . م 8/7 من ق 165 لسنة 1955 ومذكرته الإيضاحية و م 8/7 من القرار بق 55 لسنة 1959 و م 10/6 من القرار بق 47 لسنة 1972 في شأن تنظيم مجلس الدولة .
(2) رسوم " رسوم التوثيق والشهر : استرداد رسوم الشهر العقاري " .
إقامة الطاعنين دعواهم باسترداد رسوم تسجيل الشهر العقاري المسددة وفق أحكام ق 6 لسنة 1991 استنادًا إلى خطأ مصلحة الشهر العقاري المتمثل في فقد ملف الشهر والتسجيل لأرض التداعي . اعتبارها منازعة غير متعلقة بتحديد الرسوم الأصلية لتوثيق المحررات وشهرها . أثره. خروجها من ولاية محاكم مجلس الدولة . الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظرها وانعقاده لمحاكم مجلس الدولة . غير مقبول .
(3) رسوم " مناط استحقاقها " .
استحقاق الرسم . مناطه . بذل الشخص العام خدمة محددة لمن طلبها كمقابل لتكلفتها . حق ذلك الشخص في الرسم . شرطه . اكتمال أداء الخدمة التي تقرر الرسم من أجلها .
(4) تسجيل " آثار عدم تسجيل التصرفات العقارية وعــقود البيع " .
الملكية في المواد العقارية بين المتعاقدين أو الغير . عدم انتقالها إلا بالتسجيل . المادتان 9 من ق 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري، 934 مدني .
(5) شهر عقاري " رسوم الشهر العقاري : الاختصاصات القاصرة على مكاتب الشهر العقاري دون غيرها " .
قانون تنظيم الشهر العقاري . تخويله مكاتب الشهر العقاري الاضطلاع بخدمة تسجيل التصرفات لطالبيها طبقًا لأحكامه بعد سداد الرسوم المقررة بق ٧٠ لسنة ١٩٦٤ بشأن رسوم الشهر والتوثيق المعدل . وجوب تحصيل الرسوم المقررة على عمليتي الشهر والتوثيق معًا قبل اتخاذ أي إجراء . م 24 من ق ٧٠ لسنة ١٩٦٤ بشأن رسوم الشهر والتوثيق . القضاء بعدم دستورية نص م ٣٠ من قرار رئيس الجمهورية بق ٧٠ لسنة ١٩٦٤ بشأن رسوم الشهر والتوثيق فيما تضمنه من إطلاق حظر رد أي رسم حُصِّل بالتطبيق لأحكام هذا القانون ولو عَدَلَ أصحابُ الشأن عن السير في الإجراء الذي حُصِّل الرسم عنه .
(6) شهر عقاري" رسوم الشهر العقاري : استرداد رسوم الشهر العقاري " .
ثبوت تسبب مأمورية الشهر العقاري في فقد ملف الطاعنين بعد تحصيلها لرسوم التسجيل وفق ق ٧٠ لسنة 1964 وقيامها باقتضاء الرسم مجددًا وفق ق ٦ لسنة ١٩٩١ الساري حال التقدم ثانيةً لشهر العقد . مؤداه . اعتبار خطأ المأمورية السبب المباشر لإعادة اقتضاء الرسم . عدم عدول الطاعنين عن السير في الإجراءات . أثره . صحة طلب استرداد تلك الرسوم . رفض الحكم المطعون فيه ردها . خطأ ومخالفة للقانون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- إنَّ المنازعاتِ المتعلقةَ بتحديدِ الرسومِ الأصليِّةِ لتوثيقِ المحرراتِ وشهرِها وعناصرِها ومقوماتِها والمحرراتِ الخاضعةِ لها والملتزمينَ بسدادِها، والقراراتِ الصادرةَ بتحديدِها إنَّما تدخلُ في اختصاصِ محاكمِ مجلسِ الدولةِ، بحسبانِ المشرع قد أقرَّ بالطبيعةِ الإداريِّةِ للطعونِ في القراراتِ النهائيِّةِ الصادرةِ منَ الجهاتِ الإداريةِ في منازعاتِ الضرائبِ والرسومِ، بدءًا بالقانونِ رقمِ 165 لسنة 1955 في شأنِ تنظيمِ مجلسِ الدولةِ، الذي أسندَ بنص البندِ سابعًا منَ المادةِ (8) منْه لمجلسِ الدولةِ بهيئةِ قضاءِ إداريِ الاختصاصَ بالفصلِ في تلكَ المنازعاتِ، وأوضحتِ المذكرةُ الإيضاحيةُ لهذا القانونِ أنَّ الاختصاصَ بنظرِ هذه الطعونِ تقرَّرَ لمجلسِ الدولةِ باعتبارِ أنَّه ذو طبيعةٍ إداريةٍ بحتةٍ، وقدْ جرى قرارُ رئيسِ الجمهوريةِ بالقانونِ رقم 55 لسنة 1959 في شأنِ تنظيمِ مجلسِ الدولةِ على هذا النهجِ، فنصَّ في البندِ سابعًا منَ المادةِ (8) منه على الحكمِ ذاتِه، وأكدَّ هذا الاختصاصَ نصُ المادةِ (10) منْ قانونِ مجلسِ الدولةِ الصادرِ بالقانونِ رقم 47 لسنة 1972، الذي عَقَدَ في البندِ (6) منه الاختصاصَ لمحاكمِ مجلسِ الدولةِ دونَ غيرِها بالفصلِ في الطعونِ في القراراتِ النهائيةِ الصادرةِ منَ الجهاتِ الإداريةِ في منازعاتِ الضرائبِ والرسومِ وفقًا للقانونِ الذي ينظمُ كيفيةَ نظرِ هذه المنازعاتِ أمامَ محاكمِ مجلسِ الدولةِ، صاحبةِ الاختصاصِ الولائي بنظرِ المنازعاتِ المتعلقةِ بالضرائبِ والرسومِ باعتبارِها القاضيَ الطبيعيَّ لنظرِ تلك المنازعاتِ.
2- إذ كانَ البينُ منَ الأوراقِ أنَّ الطاعنِينَ أقاموا دعواهم بطلبِ الحكمِ بغيةِ استردادِ الرسومِ التي سبقَ وأنْ سددوها وفقًا لأحكامِ القانونِ رقم 6 لسنة 1991 مستندينَ في ذلك إلى خطأ مصلحةِ الشهرِ العقاريِّ المتمثلِ في فقدِ ملفِ الشهرِ والتسجيلِ لأرضِ التداعي والخاصِ بالطاعنينَ، الأمرُ الذي تكونُ معه المنازعةُ بهذه المثابةِ غيرَ متعلقةٍ بتحديدِ الرسومِ الأصليةِ لتوثيقِ المحرراتِ وشهرِها، بما يُخرِجُ النزاعَ من ولايةِ محاكمِ مجلسِ الدولةِ، بما يكونُ معه الدفعُ في غيرِ محلِه، ويتعينُ رفضُه.
3- المقرر –في قضاء محكمة النقض- أنَّ مناطَ استحقاقِ الرسمِ أنْ يكونَ مقابلَ خدمةٍ محددةٍ بذلَها الشخصُ العامُ لِمَنْ طلبَها كمقابلٍ لتكلفتِها، ومن ثَّم فإنَّ حقَ الشخصِ العامِ في الرسمِ يتوقفُ على اكتمالِ أداءِ الخدمةِ التي تقررُ الرسمُ من أجلِها.
4- المقرر –في قضاء محكمة النقض- أنَّ مؤدى نصِ المادةِ ٩٣٤ منَ القانونِ المدني والمادةِ ٩ منَ القانونِ ١١٤ لسنة ١٩٤٦ بتنظيمِ الشهرِ العقاريِّ أنَّ انتقالَ الملكيةِ في الموادِ العقاريةِ فيما بينَ المتعاقدينِ أو في حقِ الغيرِ يتوقفُ على شهرِ العقدِ المتضمنِ ذلك التصرفَ بطريقِ التسجيلِ.
5- إنَّ قانون تنظيمِ الشهرِ العقاريِّ قد عهدَ لمكاتبِ الشهرِ العقاريِّ بالاضطلاعِ بهذه الخدمةِ لطالبيها طبقًا لأحكامِه بعدَ سدادِ الرسومِ المقررةِ لذلك، والتي فُرِضتْ بالقانونِ ٧٠ لسنة ١٩٦٤ المعدلِ بالقانونِ ٦ لسنة ١٩٩١ بشأنِ رسومِ الشهرِ والتوثيقِ، وقدْ أوجبَ القانونُ الأخيرُ في مادتِه رقم ٢٤ وجوبَ تحصيلِ الرسومِ المقررةِ على عمليتي الشهرِ والتوثيقِ معًا قبلَ اتخاذِ أيِّ إجراءٍ، وحظَرَ المشرعُ في حالةِ عدولِ ذوي الشأنِ عن السيرِ في الإجراءِ الذي حُصِّل الرسمُ عنه ردَ تلك الرسومِ. وكانت المحكمةُ الدستوريةُ العليا قدْ قضتْ في الدعوى رقم 2 لسنة 24 ق بعدمِ دستوريةِ نصِ المادةِ ٣٠ منْ قرارِ رئيسِ الجمهوريةِ بالقانونِ رقمِ ٧٠ لسنة ١٩٦٤ بشأنِ رسومِ الشهرِ والتوثيقِ فيما تضمنه منْ إطلاقِ حظرِ ردِّ أيِّ رسمٍ حُصِّل بالتطبيقِ لأحكامِ هذا القانونِ، ولو عَدَلَ أصحابُ الشأنِ عنْ السيرِ في الإجراءِ الذي حُصِّلَ الرسمُ عنه.
6- إذ كانَ الثابتُ بالأوراقِ -بلا خلافٍ بينَ الخصومِ- أنَّ مأموريةَ الشهرِ العقاريِّ بالدخيلةِ سبقَ وأنْ حَصَّلَتْ مِنَ الطاعنينَ رسومَ التسجيلِ وفقًا للقانونِ ٧٠ لسنة 1964، إلَّا أنَّ الموظفَ المختصَ فُقِدَ منه ملفُ الطاعنينَ، فقامتِ المأموريةُ باقتضاءِ الرسمِ مجددًا وفقًا للقانونِ ٦ لسنة ١٩٩١ الساري حالَ التقدمِ ثانيةً لشهرِ العقدِ، ومن ثَّم فإنَّ الطاعنين لم يَعْدِلوا عنْ السيرِ في الإجراءاتِ، بلْ إنَّما كانَ خطــأُ المأموريــــــــةِ -المتمثلً في فقدِ الملفِ- هو السببَ المباشرَ لإعادةِ اقتضاءِ الرسمِ، بما يكونُ معه طلبُ استردادِ تلك الرسومِ قائمًا على سندٍ صحيحٍ منَ القانونِ، ويكونُ الحكمُ المطعونُ فيه، وقدْ رفضَ ردَها معيبًا( بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعدَ الاطلاعِ على الأوراق، وسماعِ التقريرِ الذي تلاه السيدُ القاضي المقررُ، والمرافعةِ، وبعد المداولةِ.
حيثُ إنَّ الطعنَ استوفى أوضاعَه الشكليَّةَ.
وحيثُ إنَّ الوقائعَ -على ما يبينُ منَ الحكمِ المطعونِ فيهِ وسائرِ الأوراقِ- تتحصلُ في أنَّ الطاعنينَ أقاموا الدعوى في ٢٧/٢/١٩٩٣ على المطعونِ ضده، بطلبِ الحكمِ بإلزامِه برد مبلغ ٦٠٥١،٢٠٠ جنيهًا، على سندٍ من أنَّهم تقدموا بطلبٍ لمأموريةِ الشهرِ العقاري بالدخيلةِ لتوثيقِ عقدِ بيعٍ، وتمَّ التصديقُ على توقيعاتِ أطرافِه، واحتسابُ الرسومِ وسدادُها طبقًا لأحكامِ القانونِ رقمِ 70 لسنة 1964 بشأنِ رسومِ الشهرِ والتوثيقِ الساري آنذاك، وإذْ فُقدَ مشروعُ المحررِ مِنَ الموظفِ المختصِ قبلَ شَهرِه، وأُجريتْ تحقيقاتٌ إداريةٌ انتهتْ لمجازاةِ المسئولِ، فتقدموا بطلبٍ آخرَ عقبَ سريانِ العملِ بالقانونِ رقمِ 6 لسنة 1991، واُحتسِبتْ رسومُ الشهرِ، وسُددتْ على أساسِه إعمالًا للأثرِ الفوري لهذا القانونِ، فأقاموا الدعوى رقم ... لسنة 1993 مدني جنوبِ القاهرةِ الابتدائيَّةِ على المطعونِ ضده بصفتهِ، بطلبِ الحكمِ بإلزامِه بردِ تلك الرسومِ تأسيسًا على عدمِ سريانِ هذا القانونِ الأخيرِ عليهم لسبقِ التصديقِ على التوقيعاتِ في ظلِ القانونِ الأَوَّلِ. ندبتِ المحكمةُ خبيرًا، وبعدَ أنْ أودعَ تقريرَه، حكمتْ برفضِ الدعوى. استأنفَ الطاعنون هذا الحكمَ بالاستئنافِ رقم ... لسنة 113 ق أمامَ محكمةِ استئنافِ القاهرةِ، وبتاريخِ 9/4/1997 قضتِ المحكمةُ بتأييدِ الحكمِ المستأنفِ. طعنَ الطاعنونَ في هذا الحكمِ بطريقِ النقضِ، وأودعتِ النيابةُ مذكرةً دفعتْ فيها بعدمِ اختصاصِ المحكمةِ لانتفاءِ ولايتِها، وإذْ عُرضَ الطعنُ على المحكمةِ، في غرفةِ مشورةٍ، فرأتْ أنَّه جديرٌ بالنظرِ، وحددتْ جلسةً لنظرِه، وفيها التزمتِ النيابةُ رأيَها.
وحيثُ إنَّه عن الدفعِ المُبدى منَ النيابةِ بعدم اختصاصِ المحكمةِ بنظرِ الدعوى لانعقادِ الاختصاصِ بنظرِها للقضاءِ الإداريِّ، بحُسبانِ أنَّها تتعلقُ بتحديدِ الرسومِ الأصليِّةِ لتوثيقِ المحرراتِ وشهرِها ممَّا يندرجُ في اختصاصِ محاكمِ مجلسِ الدولةِ، فهو في غيرِ محلِه، ذلك أنَّ المنازعاتِ المتعلقةَ بتحديدِ الرسومِ الأصليِّةِ لتوثيقِ المحرراتِ وشهرِها وعناصرِها ومقوماتِها والمحرراتِ الخاضعةِ لها والملتزمينَ بسدادِها، والقراراتِ الصادرةَ بتحديدِها إنَّما تدخلُ في اختصاصِ محاكمِ مجلسِ الدولةِ، بحسبانِ المشرع قد أقرَّ بالطبيعةِ الإداريِّةِ للطعونِ في القراراتِ النهائيِّةِ الصادرةِ منَ الجهاتِ الإداريةِ في منازعاتِ الضرائبِ والرسومِ، بدءًا بالقانونِ رقمِ 165 لسنة 1955 في شأنِ تنظيمِ مجلسِ الدولةِ، الذي أسندَ بنص البندِ سابعًا منَ المادةِ (8) منْه لمجلسِ الدولةِ بهيئةِ قضاءٍ إداريِ الاختصاصَ بالفصلِ في تلكَ المنازعاتِ، وأوضحتِ المذكرةُ الإيضاحيةُ لهذا القانونِ أنَّ الاختصاصَ بنظرِ هذه الطعونِ تقرَّرَ لمجلسِ الدولةِ باعتبارِ أنَّه ذو طبيعةٍ إداريةٍ بحتةٍ، وقدْ جرى قرارُ رئيسِ الجمهوريةِ بالقانونِ رقم 55 لسنة 1959 في شأنِ تنظيمِ مجلسِ الدولةِ على هذا النهجِ، فنصَ في البندِ سابعًا منَ المادةِ (8) منه على الحكمِ ذاتِه، وأكدَّ هذا الاختصاصَ نصُ المادةِ (10) منْ قانونِ مجلسِ الدولةِ الصادرِ بالقانونِ رقم 47 لسنة 1972، الذي عَقَدَ في البندِ (6) منه الاختصاصَ لمحاكمِ مجلسِ الدولةِ دونَ غيرِها بالفصلِ في الطعونِ في القراراتِ النهائيةِ الصادرةِ منَ الجهاتِ الإداريةِ في منازعاتِ الضرائبِ والرسومِ وفقًا للقانونِ الذي ينظمُ كيفيةَ نظرِ هذه المنازعاتِ أمامَ محاكمِ مجلسِ الدولةِ، صاحبةِ الاختصاصِ الولائي بنظرِ المنازعاتِ المتعلقةِ بالضرائبِ والرسومِ باعتبارِها القاضيَ الطبيعيَّ لنظرِ تلك المنازعاتِ. وكانَ البينُ منَ الأوراقِ أنَّ الطاعنينَ أقاموا دعواهم بطلبِ الحكمِ بغيةِ استردادِ الرسومِ التي سبقَ وأنْ سددوها وفقًا لأحكامِ القانونِ رقم 6 لسنة 1991 مستندينَ في ذلك إلى خطأ مصلحةِ الشهرِ العقاريِّ المتمثلِ في فقدِ ملفِ الشهرِ والتسجيلِ لأرضِ التداعي والخاصِ بالطاعنينَ، الأمرُ الذي تكونُ معه المنازعةُ بهذه المثابةِ غيرَ متعلقةٍ بتحديدِ الرسومِ الأصليةِ لتوثيقِ المحرراتِ وشهرِها، بما يُخرِجُ النزاعَ من ولايةِ محاكمِ مجلسِ الدولةِ، بما يكونُ معه الدفعُ في غيرِ محلِه، ويتعينُ رفضُه.
وحيثُ إنَّ حاصلَ ما ينعاه الطاعنونَ على الحكمِ المطعونِ فيه مخالفةُ القانونِ والخطأُ في تطبيقِه؛ إذْ رفضَ دعواهم بطلبِ ردِ ما تمَّ تحصيلُه وفقًا لأحكامِ القانونِ رقمِ 6 لسنة 1991 لسبقِ سدادِها طبقًا للقانونِ رقم ٧٠ لسنة ١٩٦٤ الساري وقتَ تقديمِ طلبِ الشهرِ الأولِ، على سندٍ منْ أنَّه لا يجوزُ ردُ الرسومِ المحصلةِ وفقًا للقانونِ الأخيرِ إلَّا في الأحوالِ المبينةِ في ذلك القانونِ، والتي ليسَ مِنْ بينِها حالةُ عدمِ استكمالِ الإجراءاتِ لفقدِ المحررِ، وأنَّ لهم الرجوعَ على الموظفِ المسئولِ، بما يعيبُ الحكمَ المطعونَ فيه بالفسادِ في الاستدلالِ والخطأِ في تطبيقِ القانونِ، ويستوجب نقضَه.
وحيثُ إنَّ هذا النَّعيَ سديدٌ؛ ذلك أنَّه منَ المقررِ–في قضاءِ هذه المحكمةِ– أنَّ مناطَ استحقاقِ الرسمِ أنْ يكونَ مقابلَ خدمةٍ محددةٍ بذلَها الشخصُ العامُ لِمَنْ طلبَها كمقابلٍ لتكلفتِها، ومن ثَّم فإنَّ حقَ الشخصِ العامِ في الرسمِ يتوقفُ على اكتمالِ أداءِ الخدمةِ التي تقررُ الرسمُ من أجلِها. وكانَ مؤدى نصِ المادةِ ٩٣٤ منَ القانونِ المدني والمادةِ ٩ منَ القانونِ ١١٤ لسنة ١٩٤٦ بتنظيمِ الشهرِ العقاريِّ أنَّ انتقالَ الملكيةِ في الموادِ العقاريةِ فيما بينَ المتعاقدينِ أو في حقِ الغيرِ يتوقفُ على شهرِ العقدِ المتضمنِ ذلك التصرفَ بطريقِ التسجيلِ، والذي عهدَ قانونُ تنظيمِ الشهرِ العقاريِّ لمكاتبِ الشهرِ العقاريِّ بالاضطلاعِ بهذه الخدمةِ لطالبيها طبقًا لأحكامِه بعدَ سدادِ الرسومِ المقررةِ لذلك، والتي فُرِضتْ بالقانونِ ٧٠ لسنة ١٩٦٤ المعدلِ بالقانونِ ٦ لسنة ١٩٩١ بشأنِ رسومِ الشهرِ والتوثيقِ، وقدْ أوجبَ القانونُ الأخيرُ في مادتِه رقم ٢٤ وجوبَ تحصيلِ الرسومِ المقررةِ على عمليتي الشهرِ والتوثيقِ معًا قبلَ اتخاذِ أيِّ إجراءٍ، وحظَرَ المشرعُ في حالةِ عدولِ ذوي الشأنِ عن السيرِ في الإجراءِ الذي حُصِّل الرسمُ عنه ردَ تلك الرسومِ. وكانتِ المحكمةُ الدستوريةُ العليا قدْ قضتْ في الدعوى رقم 2 لسنة 24 ق بعدمِ دستوريةِ نصِ المادةِ ٣٠ منْ قرارِ رئيسِ الجمهوريةِ بالقانونِ رقمِ ٧٠ لسنة ١٩٦٤ بشأنِ رسومِ الشهرِ والتوثيقِ فيما تضمنه منْ إطلاقِ حظرِ ردِّ أيِّ رسمٍ حُصِّل بالتطبيقِ لأحكامِ هذا القانونِ، ولو عَدَلَ أصحابُ الشأنِ عنْ السيرِ في الإجراءِ الذي حُصِّلَ الرسمُ عنه. وكانَ الثابتُ بالأوراقِ -بلا خلافٍ بينَ الخصومِ- أنَّ مأموريةَ الشهرِ العقاريِّ بالدخيلةِ سبقَ وأنْ حَصَّلَتْ مِنَ الطاعنينَ رسومَ التسجيلِ وفقًا للقانونِ ٧٠ لسنة 1964، إلَّا أنَّ الموظفَ المختصَ فُقِدَ منه ملفُ الطاعنينَ، فقامتِ المأموريةُ باقتضاءِ الرسمِ مجددًا وفقًا للقانونِ ٦ لسنة ١٩٩١ الساري حالَ التقدمِ ثانيةً لشهرِ العقدِ، ومن ثَّم فإنَّ الطاعنين لم يَعْدِلوا عنْ السيرِ في الإجراءاتِ، بلْ إنَّما كانَ خطأُ المأموريةِ -المتمثلً في فقدِ الملفِ- هو السببَ المباشرَ لإعادةِ اقتضاءِ الرسمِ، بما يكونُ معه طلبُ استردادِ تلك الرسومِ قائمًا على سندٍ صحيحٍ منَ القانونِ، ويكونُ الحكمُ المطعونُ فيه، وقدْ رفضَ ردَها، معيبًا، بما يوجبُ نقضَه.
وحيثُ إنَّ الموضوعَ صالحٌ للفصلِ فيهِ، ولِمَا تقدَّمَ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق