جلسة 26 من ديسمبر سنة 1987
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد معروف محمد وأحمد شمس الدين خفاجي وفريد نزيه تناغو المستشارين.
----------------
(74)
الطعن رقم 638 لسنة 29 القضائية
مسئولية إدارية - معيار التفرقة بين الخطأين الشخصي والمرفقي.
المادة (78) من القانون رقم 47 لسنة 1978.
يعتبر الخطأ شخصياً إذا كان العمل الضار مصطبغاً بطابع شخصي يكشف عن الإنسان بضعفه وشهواته وعدم تبصره أما إذا كان العمل الضار غير مصطبغ بطابع شخصي وينم عن موظف معرض للخطأ والصواب فإن الخطأ في هذه الحالة يكون مصلحياً - العبرة بالقصد الذي ينطوي عليه الموظف وهو يؤدي واجبات وظيفته فكلما قصد النكاية أو الأضرار أو تغيا منفعته الذاتية كان خطؤه شخصياً ويتحمل نتائجه - فيصل التفرقة بين الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي يكون بالبحث وراء نية الموظف فإذا كان يهدف من القرار الإداري الذي أصدره إلى تحقيق الصالح العام أو كان قد تصرف لتحقيق أحد الأهداف المنوط بالإدارة تحقيقها والتي تدخل في وظيفتها الإدارية فإن خطأه يندمج في أعمال الوظيفة بحيث لا يمكن فصله عنها ويعتبر من الأخطاء المنسوبة إلى المرفق العام ويكون خطأ الموظف في هذه الحالة خطأً مصلحياً - إذا تبين أن الموظف لم يعمل للصالح العام أو كان يعمل مدفوعاً بعوامل شخصية أو كان خطؤه جسيماً دون اشتراط أن يصل ذلك إلى حد ارتكاب جريمة تقع تحت طائلة قانون العقوبات فإن الخطأ في هذه الحالة يعتبر خطأ شخصياً يسأل عنه الموظف في ماله الخاص - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 3 من فبراير سنة 1983 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد المهندس رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 638 لسنة 29 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 18 من ديسمبر سنة 1982 في الطعن رقم 199 لسنة 23 القضائية المقام من السيد/ .... ضد الهيئة القومية لسكك حديد مصر القاضي برفض الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع ببطلان تحميل الطاعن بمبلغ مائتين وسبعة وأربعين جنيهاً.
وطلبت الطاعنة للأسباب المبينة بتقرير الطعن بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من بطلان تحميل المطعون ضده بمبلغ مائتين وسبعة وأربعين جنيهاً ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من تحميل المطعون ضده بمبلغ مائتين وسبعة وأربعون جنيهاً والقضاء بصحة تحميله بالمبلغ سالف الذكر.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 11 من نوفمبر سنة 1987 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1987 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 19/ 12/ 1987 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 15/ 7/ 1981 أقام السيد/ ..... الطعن رقم 199 لسنة 23 القضائية أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية ضد الهيئة القومية لسك حديد مصر وطلب في ختام عريضة طعنه الحكم بإلغاء القرار الصادر في 31/ 9/ 1981 بمجازاة الطاعن بخصم يومين من أجره وإلزامه بمبلغ 247 جنيهاًً وشرحاً لطعنه قال إنه بتاريخ 15/ 1/ 1979 صدر القرار الإداري رقم 25 بترقيته إلى وظيفة أمين مخزن التوريدات الخارجية بالقباري وتسليم المخزن عهدته إلى السيد/ ..... اعتباراً من هذا التاريخ وبتاريخ 18/ 8/ 1979 ورد إلى مخازن التوريدات الخارجية عن طريق التخليص بمراقبة المخازن بالقباري ستة إفراجات جمركية مشمول الرسائل من 381 إلى 386 وقام بتسلمها السيد/ ..... بصفته أمين المخزن وذلك تمهيداً لشحن صناديقها من الجمارك وقام السيد/ ........ بتسجيل هذه الإفراجات ومحتوياتها بسجلات مخازن التوريدات الخارجية وبخطة لاختصاصه ومسئوليته عن هذا العمل وقام المذكور بعد ذلك باتخاذ إجراءات سحب الرسائل وعندما عجز السيد/ .... عن إتمام عمليات الشحن حتى يوم 22/ 8/ 1979 لجأ إلى الطاعن في هذا اليوم طالباً مساعدته والعمل على سحب هذه الرسائل وقام الطاعن بناء على هذا الطلب بالتوجه إلى مكان الشحن حيث بدأ في اتخاذ إجراءات سحب الرسائل إلا أنه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه المنفذ بقسيمة الجزاء رقم 83173 الصادرة من إدارة المشتريات والمخازن بتاريخ 21/ 4/ 1981 والمعلنة إليه بتاريخ 3/ 5/ 1981 واستند القرار إلى مسئولية الطاعن عن التراخي في سحب الرسائل أرقام 381 إلى 386 وتظلم الطاعن من هذا القرار إلى السيد الأستاذ مفوض الدولة لوزارة النقل البحري والمصالح العامة بالإسكندرية بتاريخ 20/ 5/ 1981 ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه أنه جاء مجحفاً بحقه ومجافياً للصواب والواقع وأتى باطلاً وغير مشروع ذلك أن الطاعن لا يختص بسحب الرسائل الواردة لحساب الهيئة إلا إذا كلف شخصياً بذلك قرار الرسائل موضوع الواقعة يختص بسحبها السيد/ ...... وليس الطاعن كما أنه طلب أثناء إجراء التحقيق الإداري إحالة الواقعة إلى النيابة الإدارية للتحقيق فيها إلا أن الهيئة لم تستجب له وبالتالي فإن التحقيق الإداري لم تستكمل إجراءاته مع الطاعن ولم يواجه بأية مسئولية ولم يحقق دفاعه عما نسب إليه في قرار مجازاته ومن ثم فإن ركن السبب في قرار مجازاته يكون معدوماً كما أن قرار إلزامه بمبلغ 247 جنيهاً الذي اقترن به يعتبر منعدماً أيضاً فهو يتبع الأصل.
وبجلسة 18/ 12/ 1982 حكمت المحكمة التأديبية بالإسكندرية برفض الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً وبقبوله، وفي الموضوع ببطلان تحميل الطاعن بمبلغ مائتين وسبعة وأربعين جنيهاً وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وأقامت قضاءها - في موضوع الطعن - على أن الثابت من الأوراق أن الطاعن قد تراخى في مباشرة إجراءات سحب الرسائل وتصدير عربات الشحن مما يجعل القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم يومين من أجره قائماً على سببه ولا تقدح في سلامته ما ينعاه الطاعن عليه بمقولة أنه صدر بدون التحقيق معه إذ الثابت أن المحقق مكن الطاعن من الإدلاء بأقواله أنه رفض الاستمرار في ذلك وأصر على ضرورة إجراء التحقيق معه بمعرفة النيابة الإدارية وبذلك يكون قد فوت على نفسه حقه في الدفاع رغم تمكينه من ذلك ولا محل لإجبار الجهة الإدارية على إحالة التحقيق إلى النيابة الإدارية طالما أنها عهدت بالتحقيق إلى الجهة التي خولها القانون هذا الحق ومن ثم يتعين الحكم برفض الطعن فيما يتعلق بمجازاة الطاعن بخصم يومين من أجره وبخصوص الشق المتعلق بالتحميل فإنه وإن كان الثابت أن الطاعن بتراخيه في اتخاذ إجراءات سحب الرسائل وتصدير العربات بعد شحنها قد تسبب في تحميل الهيئة المطعون ضدها ببعض الغرامات إلا أن هذا الخطأ لا يصطبغ بطابع شخصي كما أنه لا يعد خطأ جسيماً يصل إلى حد ارتكاب جريمة تقع تحت طائلة قانون العقوبات ومن ثم فإن خطأ الطاعن يعد خطأ مصلحياً لا يسأل عنه في ماله الخاص وبالتالي فإن القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلزام الطاعن بمبلغ 247 جنيهاً يكون قد صدر مخالفاً للقانون ويتعين الحكم ببطلانه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ حيث اعتبر خطأ المطعون ضده وتراخيه في اتخاذ إجراءات سحب الرسائل وتصدير العربات المشحونة خطأ مصلحياً كما تناقض مع ما انتهى إليه من أن القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة المطعون ضده بخصم يومين من أجره في محله وقائم على سببه إذ أن الثابت أن المطعون ضده قد ارتكب ذنباً إدارياً يسوغ مجازاته تأديبياً وخطؤه يعد خطأ شخصياً إذ أنه لم يهدف بما قام به إلى تحقيق الصالح العام بل كان مرفوعاً إليه بعوامل شخصية وبالتالي يسأل عن هذا الخطأ في ماله الخاص ولذلك فإن إلزامه بقيمة ما تسبب بخطئه في تحميله للهيئة الطاعنة يكون قائماً على أساس سليم مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن وقائع الموضوع تتحصل في السيد/ .... مفتش مخازن الأرصفة بالقباري أبلغ بمذكرته المؤرخة 6/ 7/ 1980 أن الرسائل أرقام 381، 382، 383، 384، 385، 386 سلمت إفراجاتها إلى مخزن التوريدات الخارجية بالقباري يوم 18/ 8/ 1979 وكانت أرضياتها تنتهي في 19/ 8/ 1979 وأن السيد/ ...... (المطعون ضده) كلف مقاول الشحن يوم 18/ 8/ 1979 ليقوم بشحن هذه الرسائل يوم 19/ 8/ 1979 كما طالب الحركة بتجهيز العربات اللازمة لشحن هذه الرسائل إلا أن الحركة لم تقدم العربات المطلوبة يوم 19/ 8/ 1979 فقام المطعون ضده بصفته أمين مخزن التوريدات الخارجية بتجديد طلب العربات من الحركة يوم 20/ 8/ 1979 كما أعيد تكليف المقاول بسحب تلك الرسائل وفي يوم 20/ 8/ 1979 قدمت الحركة العربات المطلوبة وحضر مقاول الشحن بمعداته للقيام بعملية سحب الرسائل إلا أنه نظراً لعدم حضور المطعون ضده لم يتمكن المقاول من سحب الرسائل نظراً لأن أذونات الإفراجات كانت معه كما أنه لم يقم بسداد الأرضية الموقعة على الرسائل عن يوم 20/ 8/ 1979 ولم يكن من المكن سحب الرسائل قبل سداد الأرضية ومن ثم قدم المقاول شكوى ضمنها الوقائع سالفة الذكر وذلك بتاريخ 20/ 8/ 1979 وبسؤال الشاكي عن السبب في توقيع أرضية يوم 20/ 8/ 1979 قرر أن الحركة هي المسئولة عن أرضية يوم 20/ 8/ 1979 نظراً لأنها لم تقم بتقديم العربات يوم 19/ 8/ 1979 وأن المتسبب عن توقيع أرضيات عن يومي 21، 22/ 8/ 1979 هو...... (المطعون ضده) نظراً لعدم قيامه باتخاذ إجراءات سحب هذه الرسائل يوم 20/ 8/ 1979 إذ كان من الواجب عليه القيام بسداد الأرضيات الموقعة عن يوم 20/ 8/ 1979 حتى يمكن سحب الرسائل وأن قيامه بالسداد يوم 21/ 8/ 1979 ترتب عليه عدم سحب الرسائل يوم 20/ 8/ 1979 إذ استمرت حتى يوم 21/ 8/ 1979 حيث قام في هذا اليوم بسداد الأرضية وبسؤاله عن أسباب توقيع أرضية عن يوم 22/ 8/ 1979 قرر أنها توقعت على الرسائل أرقام 381، 383، 386 وأن المطعون ضده لم يكلفه إلا بشحن الرسائل 382، 384، 385 فقط وأنه يسأل عن سبب عدم شحن باقي الرسائل يوم 21/ 8/ 1979 وأضاف أن العربات التي تم شحنها بالرسائل لم تصدر إلى الجهات الخاصة بها إلا يوم 12/ 9/ 1979 وهو ما تسبب في توقيع رسوم أرضية لحساب إدارة النقل.
وبسؤال...... أمين مخزن التوريدات الخارجية بالقباري قرر أن أذونات الإفراج عن الرسائل موضوع التحقيق وصلته بتاريخ 18/ 8/ 1979 من السيد...... الذي تسلمها من المستخلص واتخذ لها إجراءات طلب العربات داخل الدائرة الجمركية كما أخطر مقاول الشيال يوم 18/ 8/ 1979 لشحنها صباح يوم 19/ 8/ 1979 إلا أن الحركة لم تقدم العربات يوم 19/ 8/ 1979 فقام بإعادة نفس الإجراءات يوم 19/ 8/ 1979 ولم تكن معداته كافية للشحن وقام بسحب الرسالة رقم 382 والرسالة رقم 384 والرسالة رقم 385 وجزء من الرسالة 381 وجزء من الرسالة 383 وجزء من الرسالة 386 والأجزاء الباقية سحبت يوم 22/ 8/ 1979 حيث حضر المقاول بعد الساعة الحادية عشرة واستدل على ذلك بأن السيد/ ....... حرر مذكرة بقسم ميناء الإسكندرية الساعة الحادية عشر لإثبات عدم حضور المقاول بالمعدات كما أنه ترك العمل يوم 22/ 8/ 1979 بعد أن قام بشحن الرسائل بعربات النقل التي استحضرها من موقع وجود الرسائل ولعدم وجوده في منطقة التفريغ توقف سائقو العربات عن التفريغ حوالي الساعة الحادية عشر بحجة عدم وجود المقاول لتسليمهم مستحقاتهم مما دعاه إلى تحرير محضر إثبات حالة الساعة الرابعة والربع مع السائقين والعمال حيث قاموا بتفريغ الرسائل بعربات السكك الحديدية وبسؤاله عن الإجراء الذي اتخذ يوم 20/ 8، 21/ 8/ 1979 ومواجهته بأنه لم يقم بسداد الأرضيات إلا يوم 21/ 8/ 1979 طلب إعطائه فرصة لليوم التالي ليقدم مستنداته إلا أنه في اليوم التالي لم يقدم أية مستندات وانصرف ورفض التوقيع على محضر التحقيق.
وبسؤال السيد/ ..... قرار أنه هو الذي تسلم إفراجات الرسائل موضوع التحقيق من المستخلص ثم قام بتسليمها إلى..... وبسؤاله عما إذا كان المقاول قد حضر يوم 20/ 8/ 1979 من عدمه قرر أنه غير متذكر ولكنه يعتقد أنه حضر ولكن...... لم يكن موجوداً وكانت معه الإفراجات الجمركية ومن ثم استحال سحب الرسائل.
وبسؤاله عن أسباب عدم سحب جميع الرسائل يوم 21/ 8/ 1979 قرر أنه غير متذكر وأن المختص بذلك...... وبسؤاله عن محضر إثبات الحالة الذي حرر يوم 22/ 8/ 1979 قرر أن........ هو الذي أملاه هذا المحضر وكان القصد منه إثبات توقف عمال الشحن عن تفريغ الرسائل بعربات السكك الحديدية بعد شحنها وبسؤاله عن أسباب عدم تصدير العربات المشحونة بها الرسائل حتى يوم 12/ 9/ 1979 قرر أن المختص بذلك....
ومن حيث إن البادي من الأوراق أن المطعون ضده بصفته أمين مخازن التوريدات بالقباري والمختص باتخاذ إجراءات سحب الرسائل قد تسلم أذونات الإفراج عن الرسائل موضوع هذه الدعوى ولم يقم بتسديد الأرضية المستحقة عليها يوم 20/ 8/ 1979 إلا يوم 21/ 8/ 1979 ومن ثم يكون مسئولاً عن عدم سحب هذه الرسائل يوم 20/ 8/ 1979 إذ كان يستحيل سحبها في هذا اليوم بدون أن يكون قد تم تسديد الأرضية المستحقة عليها ومن ثم يكون بفعله قد تسبب في استحقاق رسوم أرضية عن هذه الرسائل يوم 21/ 8/ 1979 كما أن الثابت أنه لم يكلف مقاول الشحن بسحب جميع هذه الرسائل في هذا اليوم بل كلفه بسحب بعضها فقط مما ترتب عليه تأخير المقاول في سحب الجزء الباقي من الرسائل حتى يوم 22/ 8/ 1979 ومن ثم يكون بفعله قد تسبب في استحقاق رسوم أرضية عن الجزء الذي لم يتم سحبه يوم 22/ 8/ 1979 حتى يوم 12/ 9/ 1979 ومن ثم يكون بتراخيه قد تسبب في استحقاقها رسوم أرضية لحساب إدارة النقل عن هذه المدة.
ومن حيث إن المادة 78 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 إذ تنص على أنه (.... لا يسأل العامل مدنياً إلا عن خطئه الشخصي).
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه يعتبر الخطأ شخصياً إذا كان العمل الضار مصطبغاً بطابع شخصي يكشف عن الإنسان بضعفه وشهواته وعدم تبصره أما إذا كان العمل الضار غير مصطبغ بطابع شخصي وينم عن موظف معرض للخطأ والصواب فإن الخطأ في هذه الحالة يكون مصلحياً فالعبرة بالقصد الذي ينطوي عليه الموظف وهو يؤدي واجبات وظيفته فكلما قصد النكاية أو الأضرار أو تغيا منفعته الذاتية كان خطؤه شخصياً يتحمل هو نتائجه، وفيصل التفرقة بين الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي يكون بالبحث وراء نية الموظف فإذا كان يهدف من القرار الإداري الذي أصدره إلى تحقيق الصالح العام أو كان قد تصرف لتحقيق أحد الأهداف المنوط بالإدارة تحقيقها والتي تدخل في وظيفتها الإدارية فإن خطأه يندمج في أعمال الوظيفة بحيث لا يمكن فصله عنها ويعتبر من الأخطاء المنسوبة إلى المرفق العام ويكون خطأ الموظف في هذه الحالة خطأ مصلحياً، أما إذا تبين أن الموظف لم يعمل للصالح العام أو كان يعمل مدفوعاً بعوامل شخصية أو كان خطؤه جسيماً دون اشتراط أن يصل ذلك إلى حد ارتكاب جريمة تنقع تحت طائلة قانون العقوبات فإن الخطأ في هذه الحالة يعتبر خطأً شخصياً يسأل عنه الموظف الذي وقع منه هذا الخطأ في ماله الخاص.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد تراخى في اتخاذ إجراء سحب الرسائل التي كان قد تسلم أذونات الإفراج عنها والتي كان محدداً لسحبها يوم 30/ 8/ 1979 تمثل هذا التراخي في عدم حضوره إلى مقر عمله في هذا اليوم ولوجود أذونات الإفراج عن هذه الرسائل معه ولعدم قيامه بسداد الأرضية المستحقة عنها عن هذا اليوم ما استحال معه سحب هذه الرسائل كما أن المطعون ضده أهمل في تكليف المقاول بسحب جميع هذه الرسائل يوم 21/ 8/ 1979 مما ترتب عليه تأخر سحب بعضها إلى يوم 22/ 8/ 1979 وبالتالي استحقاق أرضية عن الرسائل التي تأخر سحبها إلى هذا التاريخ كما تراخى في تصدير العربات المشحونة بها الرسائل حتى يوم 12/ 9/ 1979 مما تسبب في توقيع رسوم أرضية لحساب إدارة النقل مما أدى إلى تحميل الهيئة الطاعنة بمبلغ 247 جنيهاً تمثل مجموع رسوم الأرضية التي استحقت عن هذه الرسائل.
ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن الخطأ في حق المطعون ضده هو خطأ جسيم إذ لم يكشف المذكور على أسباب تخلفه عن الحضور يوم 20/ 8/ 1979 لأداء العمل الموكل به ولم يقدم أعذاراً تبرر هذا التخلف أو تبرر إهماله في تكليف المقاول بسحب جميع الرسائل يوم 21/ 8/ 1979 وإهمال في تصدير العربات المشحونة بها الرسائل وهذا التراخي والإهمال يمثل خطأ يصل إلى حد من الجسامة بحيث يعد خطأً شخصياً يسأل عنه المطعون ضده في ماله الخاص إذ أن الخطأ في الطعن الماثل يصطبغ بطابع شخصي طبقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة في التمييز بين الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى غير هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون كان خليقاً بالإلغاء فيما قضى به من بطلان تحميل المطعون ضده بمبلغ مائتين وأربعين جنيهاً ويتعين الحكم بذلك وبرفض الطعن المقام من........
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وفيما قضى به من بطلان تحميل...... بمبلغ مائتين وسبعة وأربعين جنيهاً وبصحة تحميل الطاعن بهذا المبلغ وبرفض الطعن المقام منه للمنازعة في هذا التحميل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق