جلسة 15 من فبراير سنة 2021
برئاسة السيد القاضي/ مجدي مصطفى "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ وائل رفاعي، عصام توفيق، رفعت هيبة "نواب رئيس المحكمة" ومحمد جمال الدين.
----------------
(24)
الطعن رقم 23196 لسنة 89 القضائية
(1) مقايضة " إثبات عقد المقايضة " " التمييز بين عقدي البيع والمقايضة " .
المُقايضةُ . ماهيتُها . عقد يلتزم بموجبه كلٌّ مِنَ المتعاقدينِ بإعطاء الآخرِ شيئًا مقابلَ ما أخذَه مِنه . مفاده . اعتبارُ كلِّ مُتقايضٍ بائعًا ومشتريًا في نفس الوقت . أثره . سريانُ أحكامِ البيعِ عليها بالقدرِ الذي تسمحُ به طبيعتُها . اعتبارها عقدًا رضائيًّا لا يُشترطُ فيه شكلٌ خاصٌ . مقتضاه . خضوعُه للقواعدِ العامةِ في الإثباتِ . محلُ عقدِ المقايضةِ . الشيئان المتقايضُ فيهما . تمايزُ عقدِ المقايضة عن عقدِ البيع . انطواءُ الأَوَّلِ على مبيعٍ ومبيعٍ أو مبادلةِ شيءٍ بشيءٍ لا يكون أيُّهما مبلغًا مِنَ النقودِ وخُلُو العقدِ مِنْ ثمنٍ . اعتبارُ الشيئينِ المتقايضِ فيهما في حكم المبيع . انطواءُ الثاني على مبيع وثمن أو مبادلةِ شيءٍ بمبلغ من النقود . المادتان 482 ، 485 مدني .
(2) عقد" عقد المقايضة : التمييز بين عقدي البيع والمقايضة " .
قضاءُ الحكم المطعون فيه ببطلان العقد الصادر للطاعن الأول من المطعون ضده الأول لتخلف ركن الثمن وثبوت عدم ملكية المبيع رغم تكييفه العلاقة فيما بينهما بأنها علاقةُ بدلٍ مُتعارضًا بذلك مع طبيعة المقايضة وكون العلاقة عقد بدل . خطأ ومخالفة للقانون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر -في قضاء محكمة النقض– أنَّ النَّصَ في المادةِ 482 مِنَ القانونِ المدني على أنَّه "المقايضةُ عقدٌ به يلتزِمُ كلٌ مِنَ المتعاقدينِ أنْ يَنْقُلَ إلى الآخرِ، على سبيلِ التبادُلِ، ملكيةَ مالٍ ليسَ مِنَ النقودِ"، والنصَ في المادة 485 منه على أن" تسري على المقايضةِ أحكامُ البيعِ، بالقدرِ الذي تسمحُ به طبيعةُ المقايضةِ، ويُعتبرُ كلٌ مِنَ المتقايضينِ بائعًا للشيءِ الذي قايضَ بهِ ومُشتريًا للشيءِ الذي قايضَ عليهِ". يدلُ على أنَّ عقدَ المقايضةِ هو عقدٌ يلتزمُ بهِ كلٌ مِنَ المتعاقدينِ بأنْ يُعطيَ للآخرِ شيئًا مقابلَ ما أخذَه مِنه، وينبني على ذلك أنَّ كلَّ مُتقايضٍ يُعتبرُ بائعًا ومشتريًا في نفسِ الوقتِ، وتسري على المقايضةِ أحكامُ البيعِ بالقدرِ الذي تسمحُ به طبيعةُ المقايضةِ، فتُعدُّ المقايضةُ عقدًا رضائيًّا يتِمُّ بتوافقِ الإيجابِ والقبولِ، ولا يُشترطُ فيه شكلٌ خاصٌ، ويثبتُ طبقًا للقواعدِ العامةِ في الإثباتِ ومن حيثُ أركانِ انعقادِه من رضا ومحلٍ وسببٍ، معَ مراعاةِ أنَّ المحلَّ في عقدِ المقايضةِ هو الشيئانِ المتقايضُ فيهما، ويتميزُ عقدُ المقايضةِ عنْ عقدِ البيعِ، في أنَّ عقدَ البيعِ هو مبادلةُ شيءٍ بمبلغٍ مِنَ النقودِ، أمَّا عقدُ المقايضةِ، فهو مبادلةُ شيءٍ بشيءٍ لا يكونُ أيُّهما مبلغًا مِنَ النقودِ، ففي البيعِ يُوجدُ مبيعٌ وثمنٌ، أمَّا المقايضةُ فلا يُوجدُ ثمنٌ، وإنَّما يُوجدُ مبيعٌ ومبيعٌ، إذْ الشيئانِ المُتقايضُ فيهما يكونُ كلٌ منهما في حكمِ المبيعِ.
2- إذ كانَ الحكمُ المطعونُ فيه قدْ خلُصَ إلى أنَّ العلاقةَ فيما بينَ طرفي التداعي هي علاقةُ بدلٍ، إلَّا أنَّه انتهى لبطلانِ العقدِ الصادرِ للطاعنِ الأول من المطعونِ ضده الأوَّلِ لتخلفِ ركنِ الثمنِ وثبوتِ عدمِ ملكيةِ الطاعنة الثانية للمبيعِ، وهو مَا يتعارضُ معَ طبيعةِ المُقايضةِ، ويتناقضُ معَ كونِ العلاقةِ هي عقدَ بدلٍ، فلا يجوزُ إبطالُ شقٍ مِنَ المُقايضةِ والإبقاءُ على الشقِ الآخرِ، ممَّا يعيبُ الحكمَ (بمخالفةِ القانونِ والخطأِ في تطبيقِه).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعدَ الاطلاعِ على الأوراق، وسماعِ التقريرِ الذي تلاه السيدُ القاضي المقررُ، والمرافعةِ، وبعد المداولةِ.
حيثُ إنَّ الطعنَ استوفى أوضاعَهُ الشكليِّةَ.
وحيثُ إنَّ الوقائعَ -على ما يبينُ منَ الحكمِ المطعونِ فيهِ وسائرِ الأوراقِ- تتحصلُ في أنَّ المطعونَ ضِدَهُ الأولَ أقامَ على الطاعنِ الأولِ الدعوى رقم ... لسنة 2013 أمامَ محكمةِ الإسماعيليَّةِ الابتدائيَّةِ، بطلبِ الحكمِ بردِ وبطلانِ عقدِ البيعِ المؤرخِ 28/1/2012 وعدمِ نفاذِهِ في مواجهتِه، وقالَ بيانًا لذلكَ: إنَّه بموجبِ هذا العقدِ باعَ للطاعنِ الأَوَّلِ المنزلَ المبينَ نظيرَ مبلغ 430000 جنيه، وفي ذاتِ التاريخِ اشترَى منَ الطاعنةِ الثانيةِ –زوجةِ الطاعنِ الأوَّلِ– منزلًا آخرَ مقابلَ ذاتِ المبلغِ، وحرَّرَ للطاعنِ الأولِ توكيلًا لنقلِ ملكيةِ المنزلِ الأخير (الأول) لنفسِه أو الغيرِ، وأنَّ حقيقةَ العقدينِ أنَّهما عقدا بدلٍ للمنزلينِ، إلَّا أنَّه فُوجئ بأنَّ الطاعنةَ الثانيةَ لا تملكُ المنزلَ المُباعَ له، وأنَّها استخدمتْ بمساعدةِ الطاعنِ الأوَّلِ طُرقًا احتياليةً للاستيلاءِ على أموالِه، فأقامَ دعواهُ، كمَا أقامَ المطعونُ ضده الأوَّلُ على الطاعنينِ الدعوى رقم ... لسنة 2014 أمامَ محكمةِ الإسماعيليَّةِ الابتدائيَّةِ، بطلبِ الحكمِ ببطلانِ وعدمِ الاعتدادِ بالتوكيل رقم ... لسنة 2012 توثيق ثالثِ الإسماعيليِّةِ، والصادرِ مِنه للطاعنِ الأوِّلِ بشأنِ البيعِ لنفسِه أْو الغيرِ للمنزلِ المبينِ بصحيفةِ الدعوى وعدمِ نفاذِه في حقِه، على ذاتِ السندِ في الدعوى الأولى، ضمتِ المحكمةُ الدعويينِ للارتباطِ، تقدَّمَ الطاعنُ الأولُ بطلبٍ عارضٍ على المطعونِ ضِدهُ الأوَّلِ، بطلبِ الحكمِ بإلزامِه بأنْ يؤديَ له مبلغ 113966,77 جنيهًا قيمةَ فرقِ السعرِ للمساحةِ المباعةِ. ندبتِ المحكمةُ خبيرًا، وبعدَ أنْ أودعَ تقريرَه، قضتْ بعدمِ قبولِ الطلبِ العارضِ شكلًا، وبرفضِ الدعويين. استأنفَ المطعونُ ضده الأوَّلُ الحكمَ أمامَ محكمةِ استئنافِ الإسماعيليَّةِ بالاستئنافِ رقم ... لسنة 42 ق، أحالتِ المحكمةُ الدعوى إلى التحقيقِ، وبعدَ أنْ استمعتْ لشهودِ الطرفينِ، حكمتْ بتاريخ 24/9/2019 بإلغاءِ الحكمِ المستأنفِ وبردِ وبطلانِ عقدِ البيعِ الابتدائي المؤرخِ 28/1/2012 وعدمِ نفاذِه في مواجهةِ المطعونِ ضده الأوَّلِ، وبردِ وبطلانِ التوكيلِ رقمِ ... لسنةِ 2012 توثيق ثالثِ الإسماعيليَّةِ الصادرِ بتاريخ 26/2/2012 مِنَ المطعونِ ضده الأوَّلِ لصالحِ الطاعنِ الأوَّلِ. طعنَ الطاعنانِ في هذا الحكمِ بطريقِ النقضِ، وأودعتِ النيابةُ مذكرةً أبدتْ فيها الرأيَ برفضِ الطعنِ، وإذ عُرضَ الطعنُ على هذه المحكمةِ، في غرفةِ مشورةٍ، حددتْ جلسةً لنظرِهِ، وفيها التزمتِ النيابةُ رأيَها.
وحيثُ إنَّ مما ينعاه الطاعنانِ على الحكمِ المطعونِ فيهِ مخالفةَ القانونِ والخطأَ في تطبيقِهِ؛ إذْ خلُصَ إلى أنَّ العلاقةَ فيما بينَ طرفي التداعي هي علاقةُ بدلٍ، إلَّا أنَّه انتهى لبطلانِ عقدِ البيعِ المؤرخِ 28/1/2012، والصادرِ للطاعنِ الأوَّلِ من المطعونِ ضده الأوَّلِ، وبطلانِ عقدِ التوكيلِ رقم ... لسنة 2012 توثيق ثالثِ الإسماعيليَّةِ الصادرِ للطاعن الأوَّلِ، لِثُبوتِ تخلفِ ركنِ الثَّمنِ، وثبوتِ عدمِ ملكيةِ الطاعنة(الثانية) للمبيعِ بذلك العقدِ، حالَ أنَّ عقدَ البدلِ لا ثمنَ فيه، بما يعيبُه، ويستوجبُ نقضه.
وحيثُ إنَّ هذا النعيَ سديدٌ؛ ذلك أنَّ النَّصَ في المادةِ 482 مِنَ القانونِ المدني على أنَّه "المقايضةُ عقدٌ به يلتزِمُ كلٌ مِنَ المتعاقدينِ أنْ يَنْقُلَ إلى الآخرِ، على سبيلِ التبادُلِ، ملكيةَ مالٍ ليسَ مِنَ النقودِ"، والنصَ في المادة 485 منه على أن "تسري على المقايضةِ أحكامُ البيعِ، بالقدرِ الذي تسمحُ به طبيعةُ المقايضةِ، ويُعتبرُ كلٌ مِنَ المتقايضينِ بائعًا للشيءِ الذي قايضَ بهِ ومُشتريًا للشيءِ الذي قايضَ عليهِ". يدلُ على أنَّ عقدَ المقايضةِ هو عقدٌ يلتزمُ بهِ كلٌ مِنَ المتعاقدينِ بأنْ يعطيَ للآخرِ شيئًا مقابلَ ما أخذَه مِنه، وينبني على ذلك أنَّ كلَّ مُتقايضٍ يُعتبرُ بائعًا ومشتريًا في نفسِ الوقـتِ، وتسري على المقايضةِ أحكامُ البيعِ بالقدرِ الذي تسمحُ به طبيعةُ المقايضةِ، فتُعدُّ المُقايضةُ عقدًا رضائيًّا يتِمُّ بتوافقِ الإيجابِ والقبولِ، ولا يُشترطُ فيه شكلٌ خاصٌ، ويثبتُ طبقًا للقواعدِ العامةِ في الإثباتِ ومن حيثُ أركانِ انعقادِه من رضا ومحلٍ وسببٍ، معَ مراعاةِ أنَّ المحلَّ في عقدِ المقايضةِ هو الشيئانِ المتقايضُ فيهما، ويتميزُ عقدُ المقايضةِ عنْ عقدِ البيعِ، في أنَّ عقدَ البيعِ هو مبادلةُ شيءٍ بمبلغٍ مِنَ النقودِ، أمَّا عقدُ المقايضةِ، فهو مبادلةُ شيءٍ بشيءٍ لا يكونُ أيُّهما مبلغًا مِنَ النقودِ، ففي البيعِ يُوجدُ مبيعٌ وثمنٌ، أمَّا المقايضةُ فلا يُوجدُ ثمنٌ، وإنَّما يُوجدُ مبيعٌ ومبيعٌ، إذْ الشيئانِ المُتقايضُ فيهما يكونُ كلٌ منهما في حكمِ المبيعِ. لمَّا كانَ ذلكَ، وكانَ الحكمُ المطعونُ فيه قدْ خلُصَ إلى أنَّ العلاقةَ فيما بينَ طرفي التداعي هي علاقةُ بدلٍ، إلَّا أنَّه انتهى لبطلانِ العقدِ الصادرِ للطاعنِ الأول من المطعونِ ضده الأوَّلِ لتخلفِ ركنِ الثمنِ وثبوتِ عدمِ ملكيةِ الطاعنة الثانية للمبيعِ، وهو مَا يتعارضُ معَ طبيعةِ المُقايضةِ، ويتناقضُ معَ كونِ العلاقةِ هي عقدَ بدلٍ، فلا يجوزُ إبطالُ شقٍ مِنَ المُقايضةِ والإبقاءُ على الشقِ الآخرِ، ممَّا يعيبُ الحكمَ، ويُوجِبُ نقضَه، على أنْ يكونَ معَ النقضِ الإحالةُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق