جلسة أول نوفمبر سنة 1962
برياسة السيد المستشار الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد عبد اللطيف مرسى، ومحمد ممتاز نصار.
-----------------
(148)
الطعن رقم 176 لسنة 27 القضائية
حجز "ما لا يجوز الحجز عليه". مرافق عامة. أموال عامة. قانون "تشريع تفسيري".
الأصل أن تدير الدولة المرافق العامة بنفسها ولكن يجوز أن تعهد باستغلال المرفق الى فرد أو شركة. وجوب اضطراد المرفق وانتظامه في الحاليين. يستتبع ذلك أن تكون أدواته ومهماته المخصصة لإدارته بمنجاة من الحجز عليها أو اتخاذ إجراءات تنفيذ أخرى. شأنها في ذلك شأن الأموال العامة.
هذه القاعدة هي أصل من أصول القانون الإداري (والمادة 87 من القانون المدني)(1) قد كشفت عنها المادة 8 مكرر من القانون رقم 129 لسنة 1947 المضافة بالقانون 538 لسنة 1955. اعتبار القانون المذكور تفسيرا تشريعيا في هذا الخصوص.
--------------------
الأصل في المرافق العامة أن تتولاها الدولة إلا أنه ليس ثمت ما يمنع من أن تعهد بإدارتها إلى فرد أو شركة. وسواء كان استغلال الدولة للمرفق العام بنفسها أو عهدت به إلى غيرها فإن مبدأ وجوب اضطراد المرفق وانتظامه يستلزم أن تكون الأدوات والمنشآت والآلات والمهمات المخصصة لإدارة المرفق بمنجاة من الحجز عليها شأنها في ذلك شأن الأموال العامة. وهذه القاعدة هي التي تعد من أصول القانون الإداري قد كشف عنها المشرع في القانون رقم 538 لسنة 1955 - الذي أضاف المادة 8 مكرر لقانون المرافق العامة رقم 129 لسنة 1947 لتقضى بأنه "لا يجوز الحجز ولا اتخاذ إجراءات تنفيذ أخرى على المنشآت والأدوات والآلات والمهمات المخصصة لإدارة المرافق العامة".
-------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع النزاع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن المطعون ضده الأول استصدر حكما في الدعوى رقم 824 سنة 1952 كلي الإسكندرية قضى بإلزام شركة سكة حديد الدلتا ممثلة في شخص المطعون عليه الثاني بأن تؤدى له مبلغ 217 ج و26 م والمصروفات. وأوقع الدائن بمقتضى هذا الحكم حجزا تنفيذيا على الجرار (قاطرة نهرية) فرفعت الإدارة الحكومية المؤقتة وقتئذ الدعوى رقم 602 سنة 1955 كلي الإسكندرية ضد المطعون عليهم وطلبت الحكم بأحقيتها للجرار المحجوز عليه وببطلان إجراءات التنفيذ التي قام بها المطعون ضده الأول مستندة فى طلباتها إلى أن الحجز قد وقع باطلا لأنه لم يصادف ملكا للمدين وإنما وقع على ما يعتبر مالا عاما. وبتاريخ 28/ 5/ 1956 قضت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعى (الطاعنة) المصروفات و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة مقيمة قضاءها على أن المنقول المحجوز عليه يخرج من عداد الأموال العامة وأنه خاص بشركة سكة حديد الدلتا. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف إسكندرية بالاستئناف رقم 310 سنة 12 ق. وبتاريخ 17/ 2/ 1957 قضت المحكمة الاستئنافية. أولا - بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب أحقية الحكومة للجرار المحجوز عليه وبأحقية المستأنف بصفته (الطاعنة) لذلك الجرار. ثانيا - بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب إلغاء الحجز المتوقع على الجرار المذكور بتاريخ 26/ 9/ 1953 واعتباره غير منتج لآثاره. وبتاريخ 20/ 4/ 1957 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه وبتاريخ 18 أكتوبر سنة 1961 أصدرت دائرة فحص الطعون قرارها بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية، وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة عرض الطعن على هذه المحكمة بجلسة المرافعة التي صممت فيها النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب إلغاء الحجز الذى أوقعه المطعون ضده الأول على الجرار تأسيسا على أنه كان مالا خاصا عند توقيع الحجز قد أخطأ فى تطبيق القانون - ذلك أن هذا الجرار هو من الأموال العامة التى لا يجوز توقيع الحجز عليها لأن الأموال اللازمة لقيام المرافق العامة بالخدمة المنوطة بها تعتبر بحكم هذا اللزوم وبحكم تخصيصها للمنفعة العامة أموالا عامة وقد أخطأ الحكم المطعون فيه بتقريره أن القانون رقم 538 لسنة 1955 الذى أضاف مادة جديدة إلى القانون رقم 129 لسنة 1947 المعدل بالقانون رقم 497 لسنة 1954 هى المادة 8 مكررة - هو قانون منشئ لحكم جديد لا ينطبق على واقعة الدعوى فى حين أن هذا القانون هو قانون تفسيرى.
وحيث إن هذا النعى صحيح - ذلك أن الأصل فى المرافق العامة أن تتولاها الدولة إلا أنه ليس ثمت ما يمنع من أن تعهد الدولة بإدارتها إلى فرد أو شركة وسواء كان استغلال الدولة للمرفق بنفسها أو عهدت به إلى غيرها فإن مبدأ وجوب اضطراد سير المرفق وانتظامه يستلزم أن تكون الأدوات والمنشآت والآلات والمهمات المخصصة لإدارة المرفق بمنجاة من الحجز عليها شأنها فى ذلك شأن الأموال العامة، وهذا الحكم الذى يعتبر أصلا من أصول القانون الإداري قد كشف عنه المشرع بالقانون رقم 538 لسنة 1955 الذى أضاف مادة إلى قانون المرافق العامة رقم 129 لسنة 1947 هي المادة 8 مكررة تنص على أنه "لا يجوز الحجز ولا اتخاذ إجراءات تنفيذ أخرى على المنشآت والأدوات والآلات والمهمات المخصصة لإدارة المرافق العامة" لما كان ذلك، وكان الجرار المحجوز عليه مخصصا لخدمة المرفق فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحة الحجز عليه يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما سبق بيانه.
------------------------
(1) راجع المادة 87 من القانون المدني "تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص. وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق