جلسة 6 من نوفمبر سنة 2021
برئاسة السيـد القاضي/ عبد الله لبيب خلف "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ شريف فؤاد العشري، نور الدين عبد الله جامع، محمد أمين عبد النبي وصالح إبراهيم الحداد "نواب رئيس المحكمة".
-------------------
(104)
الطعن رقم 16666 لسنة 90 القضائية
(1) محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمنازعات الناشئة عن العقود : سلطة محكمة الموضوع في فسخ العقد " .
محكمة الموضوع . لها سلطة الحكم برفض دعوى فسخ عقد المقاولة لعدم الوفاء بباقي أعمال المقاولة على سند أنها قليلة الأهمية بالنسبة للالتزام في جملته . م 157 مدني . شرطه . ابتناء حكمها على أسباب واضحة تنم عن تحصيلها فهم الواقع في الدعوى بما له من سند في الأوراق والبيانات المقدمة وقيام الدليل على الحقيقة التي استخلصتها والذي من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها .
(3،2) عقد " زوال العقد : فسخ العقد " .
(2) رفض محكمة الموضوع فسخ عقد المقاولة لقلة أهمية الأعمال التي لم يتم الوفاء بها بالنسبة للالتزام في جملته . لازمه . وجوب مراقبة حقيقة الأعمال التي أتمها المقاول ومدى مطابقتها لشروط التعاقد والأصول الفنية .
(3) قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب فسخ عقد المقاولة استنادًا إلى أن النسبة التي لم يوف بها المطعون ضده قليلة الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته دون بحث مدى مطابقة أعمال المقاولة لبنود العقد المتفق عليها وللأصول الفنية المتعارف عليها وصولاً إلى تحديد العيوب التي شابت هذه الأعمال ومدى نسبتها مع نسبة الأعمال التي لم يوف بها إلى الالتزام في جملته . خطأ وقصورٌ ومخالفة للقانون .
(4) عقد " آثار العقد " .
تنفيذ العقد . مناطه . طبقًا لما اشتمل عليه بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية .
(5) عقد " زوال العقد : إعذار المدين " .
ثبوت تعنت أحد المتعاقدين في العقود الملزمة للجانبين وإصراره على عدم تنفيذ التزامه أو قيامه بتنفيذ التزامه على نحو معيب يكشف عن خطئه . أثره . جواز قيام المتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين بطلب فسخ العقد .
(6) مسئولية " المسئولية العقدية : مسئولية المقاول عن عيوب البناء " .
مسئولية المقاول عن سلامة البناء . امتدادها إلى ما بعد تسليم البناء في حالة ما إذا كانت العيوب به خفية . اعتبارها مسئولية عقدية . تحققها . بمخالفة المقاول الشروط والمواصفات المتفق عليها أو انحرافه عن تقاليد الصنعة وعرفها أو نزوله عن عناية الشخص المعتاد في تنفيذ التزامه .
(7) تعويض " صور التعويض : التعويض عن الإخلال بالتزام تعاقدي : في عقد المقاولة " .
بلوغ العيب في البناء حدًا من الجسامة ما كان يقبله رب العمل لو علم به قبل تمام التنفيذ . الخيار له بين طلب الفسخ أو إبقاء البناء مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى . عدم بلوغ العيب هذه الدرجة . أثره . اقتصار حق رب العمل على التعويض .
(9،8) محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمنازعات الناشئة عن العقود : سلطة محكمة الموضوع في فسخ العقد " .
(8) تقدير كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها وتحديد المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه . من أمور الواقع . مؤداه . استقلال محكمة الموضوع بتقديرها .
(9) مطالبة الطاعنة بفسخ عقد المقاولة موضوع التداعي تأسيسًا على عدم قيام المطعون ضده بتنفيذ كامل التزاماته واستكمال البناء خلال المدة المتفق عليها وأن ما نفذه من أعمال شابها عيوب فنية جسيمة على النحو الوارد بالتقارير الفنية والهندسية يحتاج ترميمها إلى أسلوب فني متخصص تحت إشراف فني دقيق وأن التأخير فيها يترتب عليه آثار سلبية تؤثر على سلامة العقار على المدى الطويل . صحيح . مخالفة الحكم المستأنف هذا النظر . أثره . إلغاؤه فيما قضى به بشأن طلب الفسخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر -في قضاء محكمة النقض– أن مفاد نص المادة 157 من القانون المدني يدل على أن سلطة المحكمة في رفض دعوى فسخ عقد المقاولة لعدم الوفاء بباقي أعمال المقاولة على سند من أنها قليلة الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته مشروط بأن يكون حكمها مبنيًا على أسباب واضحة جلية تنم عن تحصيل المحكمة فهم الواقع في الدعوى بما له سند في الأوراق والبيانات المقدمة لها، وأن الحقيقة التي استخلصتها واقتنعت بها قام عليها دليلها الذي يتطلبه القانون، ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها قضاؤها.
2- تحقق محكمة الموضوع من ذلك (من نسبة أهمية الباقي من أعمال المقاولة التي لم يتم تنفيذها بالنسبة لجملة الأعمال وذلك في دعوى فسخ عقد المقاولة) لا يتم إلا ببيان أعمال المقاولة الملتزم بها المقاول وما أتمه منها وما بقي منها في ذمته ونسبتها إلى الالتزام في جملته توصلًا لإجراء تقدير واعٍ حصيف لمدى تنفيذ المقاول لما أتمه من أعمال وفق الأصول الفنية والاشتراطات الهندسية المتفق عليها ومدى أهمية ذلك الباقي بالنسبة إلى الالتزام في جملته وفقًا لما تمليه طبائع الأمور وقواعد العدالة التي توجب على محكمة الموضوع ألا تقضي برفض الفسخ على أساس تطبيق قاعدة أن ما لم يوف به المقاول قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته بمجردها دون أن تراقب حقيقة الأعمال التي أتمها ومدى مطابقتها لشروط التعاقد والأصول الفنية المتبعة في هذا الخصوص.
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب فسخ عقد المقاولة على سند من أن المطعون ضده قد أوفى بـ 80% من الأعمال الملتزم بها ونسبة الـ 20% التي لم يوف بها قليلة الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته ، مطبقًا القاعدة المشار إليها بمجردها، دون أن يبحث مدى مطابقة أعمال المقاولة التي تمت لبنود العقد المتفق عليها وللأصول الفنية المتعارف عليها حتى يصل إلى تحديد العيوب التي شابت هذه الأعمال ومدى نسبتها مع نسبة الأعمال التي لم يوف بها إلى الالتزام في جملته، فإنه يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب الذي جرَّه إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
4- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه يتعين تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية.
5- المقرر -في قضاء محكمة النقض– أنه إذا ثبت في العقود الملزمة للجانبين تعنت أحد المتعاقدين وإصراره على عدم تنفيذ التزامه أو قيامه بتنفيذ التزامه على نحو معيب يكشف عن خطئه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطلب فسخ العقد.
6- المقرر -في قضاء محكمة النقض– أن مسئولية المقاول عن سلامة البناء لا تقوم أثناء تنفيذ عقد المقاولة فحسب، وإنما تمتد إلى ما بعد تسليم البناء وذلك في حالة ما إذا كانت العيوب به خفية لا يستطيع صاحب العمل كشفها أثناء التنفيذ، وهي مسئولية عقدية تتحقق إذا خالف المقاول الشروط والمواصفات المتفق عليها في عقد المقاولة أو انحرف عن أصول الفن وتقاليد الصنعة وعرفها أو أساء استخدام المادة التي قدمها من عنده والتي يستخدمها في العمل أو نزل عن عناية الشخص المعتاد في تنفيذ التزامه.
7- المقرر -في قضاء محكمة النقض– أنه إذا كان العيب في البناء قد بلغ حدًا من الجسامة ما كان يقبله رب العمل لو علم به قبل تمام التنفيذ، فيكون له الخيار بين طلب الفسخ أو إبقاء البناء مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى أما إذا لم يصل العيب إلى هذه الدرجة، فلا يكون له إلا طلب التعويض فحسب.
8- المقرر -في قضاء محكمة النقض– أن تقدير كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها وتحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه هو من أمور الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها.
9- إذ كان الثابت من عقد المقاولة المؤرخ ١٢/٢/١٩٩٧ أن المطعون ضده باعتباره مقاولًا قد التزم بأن يستكمل بناء العقار المملوك للطاعنة من سقف الطابق الثالث حتى التاسع فوق الأرضي والتشطيبات طبقًا للشروط الفنية والهندسية المتفق عليها بهذا العقد في مقابل التزامها بتمليكه عدد خمس وحدات سكنية بهذا العقار على أن تنتهي الأعمال في مدة ثمانية عشر شهرًا من تاريخ العقد ، وكان الثابت من مطالعة الأوراق وتقريري الخبرة المقدمين أمام محكمة أول درجة والاستئناف أن الطاعنة قد أوفت بالتزاماتها الناشئة عن عقد المقاولة بأن سلمت المطعون ضده تراخيص البناء والرسم الهندسي وعقود الملكية كما حررت له عقود بيع لعدد أربع وحدات سكنية بالأدوار المستجدة حسب المواعيد المتفق عليها وعقد الشقة الخامسة لم يتسلمه لعدم حلول ميعاد تحريره؛ إذ إنه محدد بعد استكمال أعمال البناء والتشطيبات التي لم تتم بعد، وكان الثابت -أيضًا- أن المطعون ضده لم يوف بتنفيذ كامل التزاماته، فقد ضرب عقد المقاولة المبرم بين الطرفين أجلًا لانتهاء عملية البناء والتسليم غايته 12/8/1998، إلا أن المطعون ضده لم ينفذ كامل التزاماته خلال المدة المتفق عليها، وخلت الأوراق مما يدل على أن الطاعنة قد أعاقته أو منعته من التنفيذ خلال مدة العقد، كما أنه لم يقم ببناء حوائط المباني الداخلية للوحدات بالطوابق السابع والثامن والتاسع علوي، ولم يقم بعمل الكسوة الرخام لدرج السلم للطوابق الأول والثاني والثالث فوق الأرضي، ولم يقم بعمل الوزرة الرخام بارتفاع 15 سم للسلم العمومي من الطابق الأرضي حتى التاسع فوق الأرضي، ولم يقم بعمل مواسير الصرف الخارجي للطوابق والتغذية بالمياه لطابقين، ولم يركب أجزاء المصعد، ولم يركب الأعمال الكهربائية الفرعية، وأن الأعمال المنفذة قد تمت بدون إشراف هندسي بالمخالفة للبند الرابع من العقد وشابها عيوب فنية وإنشائية شملها التقرير الفني الصادر من مركز بحوث الإسكان والبناء الوارد به أنه تم أخذ عدد سبع عينات قلب خرساني من العناصر الإنشائية المختلفة بأعمدة الطابقين السابع والتاسع وسقف الطوابق السابع والثامن والتاسع وعمود وبلاطة سقف الشخشيخة، وانتهى التقرير إلى أنه بعد إجراء اختبار مقاومة الضغط لعينات القلب الخرساني تبين أنه يجب تدعيم جميع العناصر الإنشائية للشخشيخة أو الإزالة لهذا الجزء وإعادة صبه تحت إشراف هندسي مستمر وبالنسبة لخرسانة الطوابق السابع والثامن والتاسع فتعتبر غير مقبولة، كما ورد بالتقرير الهندسي الصادر من مكتب الدكتور (...) للاستشارات الهندسية -بناء على طلب وموافقة طرفي الاستئناف- وجود عيوب بالأعمال المنفذة تتمثل في تعشيش بالخرسانة وصدأ في صلب التسليح وشروخ في الكمرات والبلاطات وعدم تجانس الخلطة وقلة محتوى الأسمنت ونحافة البلاطات وفواصل بين المباني والخرسانة وضعف قطاعات الأعمدة وأدت هذه العيوب إلى صدور القرار رقم 155 لسنة 2001 من إدارة التنظيم بحي غرب الجيزة بترميم العقار ترميمًا شاملًا تحت إشراف مهندس نقابي، ولما كان المطعون ضده لم ينفذ كامل التزاماته ولم يستكمل البناء خلال المدة المتفق عليها، وأن ما نفذه من أعمال شابها عيوب فنية جسيمة -على نحو ما سلف- يحتاج ترميمها إلى أسلوب فني متخصص تحت إشراف فني دقيق، وأن التأخير فيها يترتب عليه آثار سلبية تؤثر على سلامة العقار على المدى الطويل، بما يحق معه للطاعنة المطالبة بفسخ عقد المقاولة المشار إليه، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر، فإنه يكون حريًا بإلغائه فيما قضى به بشأن طلب الفسخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم ... لسنة 2001 مدني الجيزة الابتدائية على المطعون ضده بطلب الحكم - وفقًا لطلباتها الختامية- بفسخ عقد المقاولة المؤرخ 12/2/1997 وإلزامه بأن يؤدي إليها مبلغ خمسين ألف جنيه مقدار التعويض الاتفاقي، وقالت بيانًا لذلك: إن المطعون ضده باعتباره مقاولًا قد التزم بموجب هذا العقد بأن يستكمل بناء العقار المملوك لها من سقف الطابق الثالث حتى التاسع فوق الأرضي طبقًا للشروط الفنية والهندسية المتفق عليها به في مقابل التزامها بتمليكه عدد خمس وحدات سكنية بهذا العقار على أن تنتهي الأعمال في مدة ثمانية عشر شهرًا من تاريخ العقد، إلا أن ما أتمه من بناء كان معيبًا غير مطابق للمواصفات الهندسية، ولم يلتزم الميعاد المتفق عليه لإتمام المقاولة، فكانت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره حكمت بفسخ العقد جزئيًا فيما لم ينفذ من أعمال ورفض باقي الطلبات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة ... "مأمورية الجيزة" بالاستئناف رقم ... لسنة 124 ق، كما استأنفه المطعون ضده لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم ... لسنة 124 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين ندبت ثلاثة خبراء، وبعد أن أودعوا تقريرهم، قضت بتاريخ 9/12/2012 في الاستئناف الأول بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضده برد الوحدتين السكنيتين محل العقد المؤرخ 30/4/1994 للطاعنة وبانتهاء التزامها ببيع الوحدة السكنية الخامسة إليه وبأن يؤدي إليها مبلغ عشرين ألف جنيه تعويضًا، وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعن المطعون ضده في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 83 ق، وبتاريخ 23/5/2016 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف، وبعد تعجيل الدعوى أمامها حكمت بتاريخ 25/8/2020 بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا برفض طلب الفسخ وبإلزام المطعون ضده بمبلغ خمسين ألف جنيه مقدار التعويض الاتفاقي. طعنت الطاعنة في الشق الأول من هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة -في غرفة مشورة- حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ ذلك أن البين من الأوراق إخلال المطعون ضده بالتزامه الوارد بعقد المقاولة المؤرخ 12/2/1997 بعدم مراعاته الأصول الفنية والاشتراطات الهندسية فيما أتمه من أعمال البناء وبعدم إنهاء المقاولة في الميعاد المتفق عليه، مما كان يستتبع فسخ العقد، ومع ذلك قضى الحكم المطعون فيه برفض طلب الفسخ بمقولة إن إخلال المطعون ضده لا يعتد به لأنه قليل الأهمية بالنسبة للالتزام في جملته، وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أن النص في المادة 157 من القانون المدني على أنه " 1ــــ في العقود الملزمة للجانبين، إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه، مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى. 2ــــ ويجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلًا إذا اقتضت الظروف ذلك، كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته". يدل على أن سلطة المحكمة في رفض دعوى فسخ عقد المقاولة لعدم الوفاء بباقي أعمال المقاولة على سند من أنها قليلة الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته مشروط بأن يكون حكمها مبنيًا على أسباب واضحة جلية تنم عن تحصيل المحكمة فهم الواقع في الدعوى بما له سند في الأوراق والبيانات المقدمة لها، وأن الحقيقة التي استخلصتها واقتنعت بها قام عليها دليلها الذي يتطلبه القانون، ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها قضاؤها، وهو ما لا يتحقق إلا ببيان أعمال المقاولة الملتزم بها المقاول وما أتمه منها وما بقي منها في ذمته ونسبتها إلى الالتزام في جملته توصلًا لإجراء تقدير واعٍ حصيف لمدى تنفيذ المقاول لما أتمه من أعمال وفق الأصول الفنية والاشتراطات الهندسية المتفق عليها ومدى أهمية ذلك الباقي بالنسبة إلى الالتزام في جملته وفقًا لما تمليه طبائع الأمور وقواعد العدالة التي توجب على محكمة الموضوع ألا تقضي برفض الفسخ على أساس تطبيق قاعدة أن ما لم يوف به المقاول قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته بمجردها دون أن تراقب حقيقة الأعمال التي أتمها ومدى مطابقتها لشروط التعاقد والأصول الفنية المتبعة في هذا الخصوص. لمَّا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب فسخ عقد المقاولة على سندٍ من أن المطعون ضده قد أوفى بـ 80% من الأعمال الملتزم بها ونسبة الـ 20% التي لم يوف بها قليلة الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته، مطبقًا القاعدة المشار إليها بمجردها دون أن يبحث مدى مطابقة أعمال المقاولة التي تمت لبنود العقد المتفق عليها وللأصول الفنية المتعارف عليها حتى يصل إلى تحديد العيوب التي شابت هذه الأعمال ومدى نسبتها مع نسبة الأعمال التي لم يوف بها إلى الالتزام في جملته، فإنه يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب الذي جرَّه إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، بما يُوجب نقضه جزئيًا فيما قضى به من رفض فسخ عقد المقاولة محل التداعي.
وحيث إن الطعن للمرة الثانية، فإنه يتعين الحكم في الموضوع عملًا بالمادة 269/4 من قانون المرافعات.
وحيث إنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أنه يتعين تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، فإذا ثبت في العقود الملزمة للجانبين تعنت أحد المتعاقدين وإصراره على عدم تنفيذ التزامه أو قيامه بتنفيذ التزامه على نحو معيب يكشف عن خطئه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطلب فسخ العقد. وأن مسئولية المقاول عن سلامة البناء لا تقوم أثناء تنفيذ عقد المقاولة فحسب، وإنما تمتد إلى ما بعد تسليم البناء، وذلك في حالة ما إذا كانت العيوب به خفية لا يستطيع صاحب العمل كشفها أثناء التنفيذ، وهي مسئولية عقدية تتحقق إذا خالف المقاول الشروط والمواصفات المتفق عليها في عقد المقاولة أو انحرف عن أصول الفن وتقاليد الصنعة وعرفها أو أساء استخدام المادة التي قدمها من عنده والتي يستخدمها في العمل أو نزل عن عناية الشخص المعتاد في تنفيذ التزامه، على أنه إذا كان العيب في البناء قد بلغ حدًا من الجسامة ما كان يقبله رب العمل لو علم به قبل تمام التنفيذ، فيكون له الخيار بين طلب الفسخ أو إبقاء البناء مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى، أما إذا لم يصل العيب إلى هذه الدرجة، فلا يكون له إلا طلب التعويض فحسب. وتقدير كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها وتحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه هو من أمور الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها. لمَّا كان ما تقدم، وكان الثابت من عقد المقاولة المؤرخ 12/2/1997 أن المطعون ضده باعتباره مقاولًا قد التزم بأن يستكمل بناء العقار المملوك للطاعنة من سقف الطابق الثالث حتى التاسع فوق الأرضي والتشطيبات طبقًا للشروط الفنية والهندسية المتفق عليها بهذا العقد في مقابل التزامها بتمليكه عدد خمس وحدات سكنية بهذا العقار على أن تنتهي الأعمال في مدة ثمانية عشر شهرًا من تاريخ العقد، وكان الثابت من مطالعة الأوراق وتقريري الخبرة المقدمين أمام محكمة أول درجة والاستئناف أن الطاعنة قد أوفت بالتزاماتها الناشئة عن عقد المقاولة بأن سلمت المطعون ضده تراخيص البناء والرسم الهندسي وعقود الملكية، كما حررت له عقود بيع لعدد أربع وحدات سكنية بالأدوار المستجدة حسب المواعيد المتفق عليها وعقد الشقة الخامسة لم يتسلمه لعدم حلول ميعاد تحريره؛ إذ إنه محدد بعد استكمال أعمال البناء والتشطيبات التي لم تتم بعد، وكان الثابت -أيضًا- أن المطعون ضده لم يوف بتنفيذ كامل التزاماته ، فقد ضرب عقد المقاولة المبرم بين الطرفين أجلًا لانتهاء عملية البناء والتسليم غايته 12/8/1998، إلا أن المطعون ضده لم ينفذ كامل التزاماته خلال المدة المتفق عليها وخلت الأوراق مما يدل على أن الطاعنة قد أعاقته أو منعته من التنفيذ خلال مدة العقد، كما أنه لم يقم ببناء حوائط المباني الداخلية للوحدات بالطوابق السابع والثامن والتاسع علوي، ولم يقم بعمل الكسوة الرخام لدرج السلم للطوابق الأول والثاني والثالث فوق الأرضي، ولم يقم بعمل الوزرة الرخام بارتفاع 15سم للسلم العمومي من الطابق الأرضي حتى التاسع فوق الأرضي، ولم يقم بعمل مواسير الصرف الخارجي للطوابق والتغذية بالمياه لطابقين ولم يركب أجزاء المصعد ولم يركب الأعمال الكهربائية الفرعية، وأن الأعمال المنفذة قد تمت بدون إشراف هندسي بالمخالفة للبند الرابع من العقد وشابها عيوب فنية وإنشائية شملها التقرير الفني الصادر من مركز بحوث الإسكان والبناء الوارد به أنه تم أخذ عدد سبع عينات قلب خرساني من العناصر الإنشائية المختلفة بأعمدة الطابقين السابع والتاسع وسقف الطوابق السابع والثامن والتاسع وعمود وبلاطة سقف الشخشيخة وانتهى التقرير إلى أنه بعد إجراء اختبار مقاومة الضغط لعينات القلب الخرساني تبين أنه يجب تدعيم جميع العناصر الإنشائية للشخشيخة أو الإزالة لهذا الجزء وإعادة صبه تحت إشراف هندسي مستمر وبالنسبة لخرسانة الطوابق السابع والثامن والتاسع فتعتبر غير مقبولة، كما ورد بالتقرير الهندسي الصادر من مكتب الدكتور (...) للاستشارات الهندسية -بناء على طلب وموافقة طرفي الاستئناف- وجود عيوب بالأعمال المنفذة تتمثل في تعشيش بالخرسانة وصدأ في صلب التسليح وشروخ في الكمرات والبلاطات وعدم تجانس الخلطة وقلة محتوى الأسمنت ونحافة البلاطات وفواصل بين المباني والخرسانة وضعف قطاعات الأعمدة، وأدت هذه العيوب إلى صدور القرار رقم 155 لسنة 2001 من إدارة التنظيم بحي غرب الجيزة بترميم العقار ترميمًا شاملًا تحت إشراف مهندس نقابي، ولمَّا كان المطعون ضده لم ينفذ كامل التزاماته ولم يستكمل البناء خلال المدة المتفق عليها، وأن ما نفذه من أعمال شابها عيوب فنية جسيمة -على نحو ما سلف- يحتاج ترميمها إلى أسلوب فني متخصص تحت إشراف فني دقيق، وأن التأخير فيها يترتب عليه آثار سلبية تؤثر على سلامة العقار على المدى الطويل، بما يحق معه للطاعنة المطالبة بفسخ عقد المقاولة المشار إليه، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر، فإنه يكون حريًا بإلغائه فيما قضى به بشأن طلب الفسخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق