جلسة 16 من يونيو سنة 2021
برئاسة السيـد القاضي/ محمد أبو الليل "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ أمين محمد طموم وعمر السعيد غانم "نائبي رئيس المحكمة"، ومحمد أحمد إسماعيل ووليد الصواف.
----------------
(76)
الطعن رقم 13037 لسنة 83 القضائية
(2،1) محاكم اقتصادية " الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية " .
(1) الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية . مناطه . تعلق الدعوى بالمنازعات الناشئة عن تطبيق القوانين الواردة بالمادة السادسة ق 120 لسنة 2008 . الاستثناء . الدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة .
(2) إقامة الطاعن بصفته دعواه بإلزام المطعون ضدهم بالتعويض عما نسبه إليهم من خطأ وفقًا لقواعد المسئولية التقصيرية الواردة في القانون المدني . عدم تعلقها بمنازعة ناشئة عن تطبيق أي من القوانين الواردة بالمادة السادسة من ق إنشاء المحاكم الاقتصادية . مؤداه . انحسار اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظرها . التزام الحكم المطعون فيه ذلك النظر وقضاؤه في موضوع الدعوى منطويًا على قضائه ضمنًا باختصاص المحكمة بنظرها . صحيح . النعي عليه في هذا الخصوص . على غير أساس.
(3- 5) دعوى " الطلبات في الدعوى : تحديدها بما يطلبه الخصوم " .
(3) لا قضـاء إلا في خصومة ولا خصومة بغير دعوى بطلبــات مُدعاة . م 63 مرافعات . مؤداه . التزام المحكمة بطلبات الخصوم في الدعوى . خروجها عن هذا النطاق . أثره . اعتبار الحكم واردًا على غير محل . مؤداه . بطلانه بطلانًا أساسيًّا متعلقًا بالنظام العام .
(4) محكمة الموضوع . تقيدها بحدود الطلبات في الدعوى . مؤداه . وجوب عدم قضائِها بما لم يطلبه الخصوم ولا بأكثر مما طلبوه طالما لم يثبت تعديل الطلبات .
(5) تقيد الحكم المطعون فيه بالطلبات المطروحة عليه في الدعوى دون غيرها والمتمثلة في طلب الطاعن بصفته التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء عدم حصوله على قيمة البضائع التي قام بتصديرها لدولة العراق بعد فرض الحصــار عليها . صحيح . إيراد الخبير المنتدب بتقريره أن الحكومة المصرية قد تأخرت في إرسال الطلب المقدم من الطاعن إلى لجنة التعويضات بهيئة الأمم المتحدة بعد الميعاد المحدد لذلك . لا أثر له في طلب التعويض المطروح على المحكمة . علة ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن المشرع قد أصدر القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 2019، ونص بالمادة السادسة منه على أنه "فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة، تختص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها، بنظر المنازعات والدعاوى، التي لا تجاوز قيمتها عشرة ملايين جنيه، والتي تنشأ عن تطبيق القوانين الآتية: ...، وتختص الدوائر الاستئنافية في المحاكم الاقتصادية، دون غيرها، بالنظر ابتداءً في كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها في الفقرة السابقة، إذا جاوزت قيمتها عشرة ملايين جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة ..."، وهو ما مفاده أن المشرع اختص دوائر المحاكم الاقتصادية نوعيًا، دون غيرها من المحاكم المدنية، بنظر الدعاوى الموضوعية المتعلقة بالمنازعات الناشئة عن تطبيق قائمة القوانين المذكورة بالنص المشار إليه -فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة- وأن قصره هذا الاختصاص ليس مرده نوع المسائل أو طبيعتها ولكن على أساس قائمة من القوانين أوردها على سبيل الحصر بحيث تختص المحاكم الاقتصادية بالفصل في المسائل التي تستدعي تطبيق تلك القوانين.
2- إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن بصفته أقام الدعوى على المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا له تعويضًا ماديًّا وأدبيًّا عما نسبه إليهم من خطأ تمثل في عدم حصوله على قيمة البضائع التي قام بتصديرها لدولة العراق بعد فرض الحصار عليها، وكانت تلك المطالبة بحسب طبيعتها ومرماها لا تتعلق بمنازعة بين الطرفين بشأن تطبيق أي من القوانين الواردة على سبيل الحصر في المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية، وإنما أساسها المطالبة بالتعويض عما نسبه الطاعن للمطعون ضدهم من خطأ وفقًا لقواعد المسئولية التقصيرية الواردة في القانون المدني وما يستلزم ذلك من توافر أركانها الثلاثة وفقًا لقواعدها المقررة من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما، وهو ما يباعد بينها وبين اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظر تلك المنازعة، وإذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في موضوع الدعوى بما ينطوي على قضائه ضمنًا باختصاص المحكمة بنظرها، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
3- المقرر - في قضاء محكمة النقض- أنه لا قضاء إلا في خصومة ولا خصومة بغير دعوى يقيمها مدعيها ويحدد طلباته فيها حسبما يجري عليه نص المادة 63 من قانون المرافعات، ومن أجل ذلك كان التزام الحكم بما يطلبه الخصوم والسبب في الدعوى أمرًا نابعًا من وظيفة القضاء بوصفه احتكامًا بين متخاصمين على حق متنازع عليه، فإذا ما خرجت المحكمة من هذا النطاق ورد حكمها على غير محل ووقع بذلك باطلًا بطلانًا أساسيًّا، ومن ثم مخالفًا للنظام العام مخالفةً تعلو على سائر ما عداها من صور الخطأ في الحكم، مما يدخل في نطاق الخصومة المطروحة على المحكمة.
4- المقرر –في قضاء محكمة النقض– أنه يتعين على محكمة الموضوع أن تتقيد وتلتزم حدود الطلبات في الدعوى، فلا تقضي فيها بما لم يطلبه الخصوم ولا بأكثر مما طلبوه طالما لم يثبت أن الطلبات التي أُقيمت الدعوى على أساسها قد عُدلت.
5- إذ كان البين من الأوراق أن طلبات الطاعن بصفته في الدعوى قد تحددت بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بأداء مبلغ عشرة ملايين دولارٍ أمريكيٍ تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء عدم حصوله على قيمة البضائع التي قام بتصديرها لدولة العراق بعد فرض الحصار عليها، والتي كانت تصرف عن طريق لجنة التعويضات بالأمم المتحدة، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي -الذي قضى برفض الدعوى- استنادًا إلى أن ما أصاب الطاعن بصفته من أضرار يرجع إلى خطئه بإرسال البضائع موضوع طلب التعويض إلى دولة العراق بتاريخ 23/1/1992 بعد فرض الحصار عليها بتاريخ 2/8/1990، ومن ثم يكون الحكم بذلك -وفي مقام تحصيله لوقائع الدعوى- قد أحاط بهذا الطلب على نحو ينبئ بأن محكمة الاستئناف قد علمت وأدركت حقيقة طلبات الخصوم المطروحة عليها؛ إذ لم يثبت أن الطاعن بصفته قد عدّل هذا الطلب إلى غيره أو غاير في سبب دعواه، فيكون الحكم المطعون فيه قد تقيد بهذه الطلبات المطروحة عليه دون غيرها، ولا يغاير من ذلك ما أورده الخبير المنتدب أمام محكمة الاستئناف بتقريره من أن المطعون ضده الثالث بصفته تأخر في إرسال الطلب المقدم من الطاعن بصفته إلى لجنة التعويضات بهيئة الأمم المتحدة بعد الميعاد المحدد لذلك؛ إذ إن واجب الحكومة المصرية في هذا الصدد يتحدد في ضوء القواعد العامة للمسئولية بعدم الخطأ أو الإهمال في إرسال المطالبات التعويضية الخاصة برعاياها وتمثيلهم أمام الجهات الدولية، ومتابعة تلك المطالبات لحين البت فيها، فهي مسئولية ببذل عناية وليست مسئولية بتحقيق نتيجة، فإذا أثبت المدعي وجود خطأ أو إهمال أو تقصير من جانب جهة الإدارة قامت مسئوليتها بتعويضه، وغنيٌ عن البيان أن التعويض في هذه الحالة ليس تعويضًا عن أضرار حرب الخليج في حد ذاتها، بل عن الضرر الذي لحقه من جراء عدم بذل الحكومة المصرية للعناية الكافية في أدائها لواجبها، ومن ثم فإن تعييب الطاعن للحكم المطعون فيه لعدم تعويله على ما انتهى إليه الخبير من نتيجة يُقدر على أساسها التعويض يضحى على غير أساس؛ إذ إن التعويض عن تقصير المطعون ضده الثالث بصفته في إرسال الطلب إلى لجنة التعويضات بالأمم المتحدة لا يُعد مطروحًا على المحكمة، ويخرج عن نطاق طلب الطاعن بصفته، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم الابتدائي الذي قضى برفض الدعوى، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة:
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم ... لسنة 2008 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم بأداء مبلغ عشرة ملايين دولار أمريكي تعويضًا عن الأضرار التي لحقت به، وقال بيانًا لذلك إن مصرف ... بالعراق قام بفتح خمس اعتمادات مستندية لصالح المطعون ضده الأول ليقوم بتجهيز وشحن بضائع لدولة العراق، ونظرًا لاعتذاره عن إجراء تنفيذ العملية قام المصرف بتحويل تلك الاعتمادات لصالح الطاعن عن طريق بنك الإسكندرية، وعلى أثر ذلك قام الأخير بشحن البضائع وسُلِّمت للمصرف بتاريخ 23/11/1992 بعد فرض الحصار على دولة العراق بتاريخ 2/8/1990، إلا أن المصرف امتنع عن تحويل قيمة البضاعة التي قام بتصديرها، فتظلم أمام لجنة التعويضات التابعة لهيئة الأمم المتحدة عن طريق المطعون ضده الثالث بصفته للمطالبة بالتعويض، والتي قررت رفض تظلمه لرفعه بعد الميعاد، مما حدا به للمطالبة بالتعويض عن ما أصابه من أضرارٍ مادية وأدبية من جراء ذلك، فكانت الدعوى، وبتاريخ 23/2/2010 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 127 ق أمام محكمة استئناف القاهرة "مأمورية الجيزة"، وبتاريخ 21/5/2013 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بصفته بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون؛ إذ قضى في موضوع الدعوى رغم عدم اختصاص المحكمة نوعيًّا بنظرها وانعقاد الاختصاص للمحكمة الاقتصادية، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك أن المشرع قد أصدر القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 2019، ونص بالمادة السادسة منه على أنه "فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة، تختص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها، بنظر المنازعات والدعاوى، التي لا تجاوز قيمتها عشرة ملايين جنيه، والتي تنشأ عن تطبيق القوانين الآتية: ...، وتختص الدوائر الاستئنافية في المحاكم الاقتصادية، دون غيرها، بالنظر ابتداءً في كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها في الفقرة السابقة، إذا جاوزت قيمتها عشرة ملايين جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة ...." وهو ما مفاده أن المشرع اختص دوائر المحاكم الاقتصادية نوعيًّا، دون غيرها من المحاكم المدنية، بنظر الدعاوى الموضوعية المتعلقة بالمنازعات الناشئة عن تطبيق قائمة القوانين المذكورة بالنص المشار إليه - فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة - وأن قصره هذا الاختصاص ليس مرده نوع المسائل أو طبيعتها، ولكن على أساس قائمة من القوانين أوردها على سبيل الحصر، بحيث تختص المحاكم الاقتصادية بالفصل في المسائل التي تستدعى تطبيق تلك القوانين. لمَّا كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن بصفته أقام الدعوى على المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا له تعويضًا ماديًّا وأدبيًّا عما نسبه إليهم من خطأ تمثل في عدم حصوله على قيمة البضائع التي قام بتصديرها لدولة العراق بعد فرض الحصار عليها، وكانت تلك المطالبة بحسب طبيعتها ومرماها لا تتعلق بمنازعة بين الطرفين بشأن تطبيق أي من القوانين الواردة على سبيل الحصر في المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية، وإنما أساسها المطالبة بالتعويض عن ما نسبه الطاعن للمطعون ضدهم من خطأ وفقًا لقواعد المسئولية التقصيرية الواردة في القانون المدني وما يستلزم ذلك من توافر أركانها الثلاثة وفقًا لقواعدها المقررة من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما، وهو ما يباعد بينها وبين اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظر تلك المنازعة، وإذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في موضوع الدعوى بما ينطوي على قضائه ضمنًا باختصاص المحكمة بنظرها، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق؛ إذ أيّد الحكم الابتدائي في قضائه برفض الدعوى تأسيسًا على أن ما أصابه من أضرار يرجع إلى خطئه وعدم توافر أركان المسئولية التقصيرية في حق المطعون ضدهم، في حين أن الثابت من تقرير الخبير المنتدب من محكمة الاستئناف أن الطاعن تقدم بطلب التصحيح لصرف التعويض المستحق له إلى المطعون ضده الثالث بصفته بتاريخ 21/12/2003 لإرساله إلى لجنة التعويضات بالأمم المتحدة، إلا أن الأخير أرسله لها بعد الموعد الذي تم تحديده بتاريخ 31/12/2003، فقررت اللجنة عدم قبول طلبه لتقديمه بعد الميعاد، وهو ما يترتب عليه توافر التقصير في حق المطعون ضده الثالث بصفته، فضلًا عن أنه قدم أمام محكمة الموضوع مستندات تؤيد دعواه، وهي صورة الفاكس الصادر من وزارة الخارجية بتاريخ 9/2/1999 وتوصيات الوفد الصيني وقرار مجلس الأمن رقم 687 لسنة 1991، إلا أن الحكم أغفل هذه المستندات، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك بأنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه لا قضاء إلا في خصومة ولا خصومة بغير دعوى يقيمها مدعيها ويحدد طلباته فيها حسبما يجري عليه نص المادة 63 من قانون المرافعات، ومن أجل ذلك كان التزام الحكم بما يطلبه الخصوم والسبب في الدعوى أمرًا نابعًا من وظيفة القضاء بوصفه احتكامًا بين متخاصمين على حق متنازع عليه، فإذا ما خرجت المحكمة من هذا النطاق ورد حكمها على غير محل ووقع بذلك باطلًا بطلانًا أساسيًّا، ومن ثم مخالفًا للنظام العام مخالفةً تعلو على سائر ما عداها من صور الخطأ في الحكم مما يدخل في نطاق الخصومة المطروحة على المحكمة، فيتعين على محكمة الموضوع أن تتقيد وتلتزم حدود الطلبات في الدعوى، فلا تقضي فيها بما لم يطلبه الخصوم ولا بأكثر مما طلبوه طالما لم يثبت أن الطلبات التي أقيمت الدعوى على أساسها قد عُدلت. لمَّا كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن طلبات الطاعن بصفته في الدعوى قد تحددت بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بأداء مبلغ عشرة ملايين دولار أمريكي تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء عدم حصوله على قيمة البضائع التي قام بتصديرها لدولة العراق بعد فرض الحصار عليها والتي كانت تصرف عن طريق لجنة التعويضات بالأمم المتحدة، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي -الذي قضى برفض الدعوى- استنادًا إلى أن ما أصاب الطاعن بصفته من أضرار يرجع إلى خطئه بإرسال البضائع موضوع طلب التعويض إلى دولة العراق بتاريخ 23/1/1992 بعد فرض الحصار عليها بتاريخ 2/8/1990، ومن ثم يكون الحكم بذلك -وفي مقام تحصيله لوقائع الدعوى- قد أحاط بهذا الطلب على نحو ينبئ بأن محكمة الاستئناف قد علمت وأدركت حقيقة طلبات الخصوم المطروحة عليها؛ إذ لم يثبت أن الطاعن بصفته قد عدّل هذا الطلب إلى غيره أو غاير في سبب دعواه، فيكون الحكم المطعون فيه قد تقيد بهذه الطلبات المطروحة عليه دون غيرها، ولا يغاير من ذلك ما أورده الخبير المنتدب أمام محكمة الاستئناف بتقريره من أن المطعون ضده الثالث بصفته تأخر في إرسال الطلب المقدم من الطاعن بصفته إلى لجنة التعويضات بهيئة الأمم المتحدة بعد الميعاد المحدد لذلك؛ إذ إن واجب الحكومة المصرية في هذا الصدد يتحدد في ضوء القواعد العامة للمسئولية بعدم الخطأ أو الإهمال في إرسال المطالبات التعويضية الخاصة برعاياها وتمثيلهم أمام الجهات الدولية ومتابعة تلك المطالبات لحين البت فيها، فهي مسئولية ببذل عناية وليست مسئولية بتحقيق نتيجة، فإذا أثبت المدعي وجود خطأ أو إهمال أو تقصير من جانب جهة الإدارة قامت مسئوليتها بتعويضه، وغني عن البيان أن التعويض في هذه الحالة ليس تعويضًا عن أضرار حرب الخليج في حد ذاتها، بل عن الضرر الذي لحقه من جراء عدم بذل الحكومة المصرية للعناية الكافية في أدائها لواجبها، ومن ثم فإن تعييب الطاعن للحكم المطعون فيه لعدم تعويله على ما انتهى إليه الخبير من نتيجة يُقدر على أساسها التعويض يضحى على غير أساس؛ إذ إن التعويض عن تقصير المطعون ضده الثالث بصفته في إرسال الطلب إلى لجنة التعويضات بالأمم المتحدة لا يُعد مطروحًا على المحكمة، ويخرج عن نطاق طلب الطاعن بصفته، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم الابتدائي الذي قضى برفض الدعوى، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس. ولِما تقدم يتعين رفض الطعن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق