الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 17 مارس 2025

الطعن 12935 لسنة 88 ق جلسة 24 / 1 / 2021 مكتب فني 72 ق 17 ص 104

جلسة 24 من يناير سنة 2021
برئاسة السيد القاضـي/ محمد حسن عبد اللطيف "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ حاتم أحمد سنوسي، محمود محمد توفيق، هاني فوزي شومان وياسر قبيصي أبو دهب "نواب رئيـس المحكمة".
----------------
(17)
الطعن رقم 12935 لسنة 88 القضائية
(2،1) إيجار " تشريعات إيجار الأماكن : أسباب الإخلاء : الاستثناءات الواردة على أسباب الإخلاء : بيع الجدك " .
(1) حظر تخلي المستأجر عن الحق في الانتفاع بالمكان المؤجر بتمكين الغير منه بأي وجه من الوجوه . مخالفة ذلك . أثـره . للمؤجر طلب إخلاء المستأجر . الاستثناء . بيع المستأجر المتجر أو المصنع المنشأ بالعين المؤجرة بالجدك . م 594 /2 مدني .
(2) حق المالك في الحالات التي يجوز فيها للمستأجر بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالعين المؤجرة في الحصول على 50% من ثمن المبيع أو مقابل التنازل مخصومًا منه قيمة ما بها من منقولات شملها التصرف . التزام المستأجر قَبل الاتفاق بإعلان المؤجر بالثمن المعروض . إغفال ذلك . أثره . بطلان البيع أو التنازل وإخلاء المشتري أو المتنازل إليه . لا أثر لذلك على عقد المستأجر الأصلي . المادتان 20 ، 25 ق 136 لسنة 1981 .
(3) عقد " المفاوضات " .
المفاوضات . عمل مادي . عدم ترتيبه بذاته أي أثر قانوني . لكل متفاوض قطع المفاوضة في أي وقت دون مسئولية أو بيان مبرر عدوله .
(5،4) عقد " التراضي : الإيجاب والقبول " .
(4) الإيجاب . ماهيته . العرض الذي يعبر به الشخص الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في إبرام العقد . شرط اعتباره تامًا وملزمًا . اقترانه بقبول مطابق له .
(5) اختلاف القبول عن الإيجاب زيادةً أو نقصًا . أثره . عدم تمام العقد . اعتبار مثل ذلك القبول رفضًا يتضمن إيجابًا جديدًا .
(6) حكم " عيوب التدليل : الفساد في الاستدلال " .
فساد الحكم في الاستدلال . ماهيته .
(7) إيجار " تشريعات إيجار الأماكن : أسباب الإخلاء : الاستثناءات الواردة على أسباب الإخلاء : بيع الجدك " .
المفاوضات السابقة بين طرفي التداعي . عمل مادي . لا ترتب بذاتها أي أثر قانوني . تقدير لجنة الجدك العليا مقابل التصالح والتعاقد مع المطعون ضده . اعتباره إيجابًا باتًا صدر من الهيئة الطاعنة في حلول المطعون ضده محل المستأجر الأصلي لمحل النزاع بسداده المبلغ بالكامل . قبول المستأجر سداد نسبة 50% فقط من قيمة الجدك وفقًا لحالات المثل . اعتباره رفضًا لإيجاب الهيئة . قضاء الحكم المطعون فيه بأحقية المطعون ضده في دفع نسبة 50% من قيمة الجدك المقدرة بمعرفة لجنة الجدك العليا تأسيسًا على وجود مفاوضات سابقة بين طرفي التداعي . خطأ وفساد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن التشريع الاستثنائي بعد أن سلب المؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الإيجار الاتفاقية مقررًا مبدأ امتداد عقد الإيجار تلقائيًّا أجاز له طلب الإخلاء لأسباب حددها من بينها تأجير المستأجر المكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه دون إذن كتابي صريح من المالك، بما يضحى معه الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو انفراد المستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المؤجر، وعدم جواز تخليه عنه للغير –كليًا كان ذلك أو جزئيًا مستمرًا أو مؤقتًا، بمقابل أو دون أو تأجيرًا من الباطن– واعتبار ذلك التصرف بجميع صوره خروجًا من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملًا بحكم القانون يجيز للمؤجر طلب إخلاء المكان، واستثناءً من هذا الأصل أجازت الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني التجاوز عن الشرط المانع وأباحت للمستأجر التنازل عن الإيجار في حالة بيعه المتجر أو المصنع الذي أنشأه في المكان المؤجر في حالة اضطراره إلى التوقف عن مباشرة النشاط وبيعه المتجر أو المصنع بالجدك.
2- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 يدل على أن المشرع قد خول للمالك الحق في أن يقتسم مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه هذا الأخير من التصرف ببيع الجدك أو التنازل عن الإيجار وأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة ما يوجد بالعين من منقولات شملها التصرف، وأوجب على المستأجر إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض، ورتب على مخالفة هذا الإجراء جزاء البطلان المنصوص عليه في المادة 25 من هذا القانون، فيبطل البيع أو التنازل الذي تم واعتباره كأن لم يكن، بما مؤداه إعادة الحال إلى ما يتفق وأحكام القانون، فيعود أطراف النزاع –المالك والمستأجر الأصلي والمشتري أو المتنازل إليه عن الإجارة– إلى المركز القانوني الذي كان عليه كلٌ منهم قبل إبرام هذا التصرف المخالف، فيبقى عقد المستأجر الأصلي قائمًا منتجًا لآثاره بين عاقديه، ولا يلحق البطلان سوى البيع أو التنازل الذي تم بين المستأجر الأصلي والمشتري أو المتنازل إليه، ويلتزم الأخير وحده بإخلاء العين كأثرٍ لإبطال التصرف المخالف وزوال السبب القانوني لوضع يده عليها.
3- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن المفاوضات ليست إلا عملًا ماديًا ولا يترتب عليها بذاتها أي أثر قانوني، فكلُ متفاوضٍ حُرٌ في قطع المفاوضة في الوقت الذي يريد دون أن يتعرض لأية مسئولية أو يطالب ببيان المبرر لعدوله.
4- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن مؤدى نص المادة 89 من القانون المدني أن الإيجاب هو العرض الذي يعبر به الشخص الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في إبرام العقد، ولا يُعتبر العقد تامًا وملزمًا إلا إذا اقترن بقبول مطابق له.
5- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أنه إذا اختلف القبول عنه (عن الإيجاب) زيادةً أو نقصًا، فإن العقد لا يتم، ويُعتبر مثل هذا القبول رفضًا يتضمن إيجابًا جديدًا.
6- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن أسباب الحكم تُعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي تثبت لديها، أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناءً على تلك العناصر.
7- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بأحقية المطعون ضده في دفع نسبة 50% وقدرها 952500 جنيه من قيمة الجدك المقدرة للمحل موضوع النزاع بمعرفة لجنة الجدك العليا على أن يتم سدادها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الحكم مع خصم ما يكون قد سدده للطاعن بصفته بخصوص هذا المحل وبعدم قبول دعوى الطاعن بصفته الفرعية لرفعها قبل الأوان، على سند من أن ورثة المستأجر الأصلي للمحل موضوع النزاع قاموا ببيعه بالجدك للمطعون ضده، وتم هذا البيع في شكل تنازلهم عن المحل للمطعون ضده ودون أن يعلنوا الهيئة التي يمثلها الطاعن بصفته بالثمن المعروض قبل إبرام الاتفاق بالمخالفة لنص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981، حالة أنه توفر في هذا البيع باقي الشروط المنصوص عليها بهذه المادة، وأنه تم الاتفاق بين طرفي التداعي على قبول الهيئة التي يمثلها الطاعن بصفته البيع بالجدك للمحل موضوع النزاع الصادر من ورثة المستأجر الأصلي للمطعون ضده أو التنازل له عن الإيجار وهذا القبول معلق على شرط تحديد الهيئة قيمة الجدك، وحددت لجنة الجدك المحلية بها حصة الهيئة بنسبة 50% من الجدك بمبلغ 600 ألف جنيه ومضاعفة هذا المبلغ إذا كان حق الهيئة كاملَ قيمةِ الجدك، ودفع المطعون ضده جزءاً من هذا المبلغ، وبعرض الأمر على لجنة الجدك العليا قدرت مقابل التصالح والتعاقد مع المطعون ضده بمبلغ 2415000 جنيه، وبعد تظلم المطعون ضده من هذا التقدير أمام تلك اللجنة خفضت مقابل التصالح والتعاقد معه إلى مبلغ 1905000 جنيه، وأوضحت في قرارها أن هذا المبلغ مقابل تصالح، وليس مقابل التنازل المقرر بالمادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 لعدم اتباع الإجراءات المنصوص عليها في تلك المادة وهو ما يُعد من الهيئة إيجابًا على موافقتها بحلول المطعون ضده محل المستأجر، وأنه طبقًا للمفاوضات التي تمت بين طرفي التداعي، فإن المطعون ضده في حالة قبوله إيجاب الهيئة التي يمثلها الطاعن بصفته يكون ملزمًا فقط بدفع 50% من قيمة الجدك المقدرة بمعرفة اللجنة المشار إليها، وأن دعوى الطاعن بصفته الفرعية بطلب طرد المطعون ضده من المحل موضوع النزاع والتسليم غير مقبولة لحين إبداء المطعون ضده قبوله لإيجاب الطاعن بصفته خلال الميعاد الذي حددته المحكمة، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من قرائن وعول عليها في استخلاص أن إيجابًا باتًا صدر من الهيئة التي يمثلها الطاعن بصفته في أن يحل المطعون ضده محل المستأجر الأصلي للمحل موضوع النزاع معلقًا على شرط سداده لها نسبة 50% من قيمة الجدك الذي قدرته اللجنة العليا بها لا تفيد بذاتها وبمجردها ذلك الإيجاب؛ إذ إن البين من الأوراق ومما حصله الحكم المطعون فيه أن لجنة الجدك العليا بالهيئة التي يمثلها الطاعن بصفته قدرت مبلغ 1905000 جنيه مقابل التصالح والتعاقد مع المطعون ضده، وهو ما يُعد إيجابًا من الهيئة المذكورة محدداً بسداد المطعون ضده هذا المبلغ بالكامل، ولم يصادفه قبول مطابق من المطعون ضده، وإنما كان القبول من الأخير يختلف عنه نقصًا بطلبه سداد نسبة 50% فقط من قيمة الجدك وفقًا لحالات المثل، ويعتبر هذا القبول رفضًا له، ولا ينال من ذلك ما أورده الحكم المطعون فيه من مفاوضات سابقة بين طرفي التداعي؛ إذ إنها ليست إلا عملًا ماديًا ولا يترتب عليها بذاتها أي أثر قانوني، ولا يعتد بها في القول بصدور إيجاب تام من الهيئة التي يمثلها الطاعن بصفته بموافقتها على انتقال عقد إيجار المحل موضوع النزاع للمطعون ضده معلقًا على شرط سداد الأخير لها نسبة 50% من قيمة الجدك الذي قدرته لجنة الجدك العليا بها، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبًا بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع –على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن بصفته –وآخر ترك الخصومة بالنسبة له– الدعوى رقم ... لسنة 2011 أمام محكمة جنوب القاهرة بطلب الحكم -وفقًا لطلباته الختامية- بأحقيته في إعادة تقدير قيمة الجدك للمحل المبين بالصحيفة وفقًا لحالات المثل وفي سداده 50% من تلك القيمة التي قدرها الخبير وفقًا للقرارات الصادرة من الهيئة التي يمثلها الطاعن بصفته وإلزام الأخير بهذا التقدير وعدم تعرضه له، وقال بيانًا لذلك : إنه يشغل هذا المحل بعد أن تنازل له عنه مستأجره الأصلي وورثته من بعده، وتقدم للهيئة التي يمثلها الطاعن بصفته بطلب لتقنين وضع يده على المحل وقدرت قيمة الجدك مقابل ذلك بمبلغ 600 ألف جنيه، وقد وافق على هذا التقدير، وسدد لها منه مبلغ 400 ألف جنيه، إلا أنها قامت بزيادة قيمة الجدك إلى مبلغ 2415000 جنيه، وبعد أن تظلم لها من هذا التقدير خفضته لجنة الجدك العليا بها إلى مبلغ 1905000 جنيه، وإذ كان هذا التقدير مغالاً فيه ولا يتناسب مع حالات المثل فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره، وجه الطاعن بصفته دعوى فرعية للمطعون ضده بطلب الحكم بطرده من المحل موضوع النزاع والتسليم، على سند من أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/1/1958 استأجر المرحوم/... محلًا كائنًا بأحد الأعيان الموقوفة المملوك للهيئة التي يمثلها الطاعن بصفته، وبعد وفاة المستأجر الأصلي، قام ورثته بتقسيم المحل المؤجر إلى أربعة محلات أحدهم المحل موضوع النزاع، وتنازلوا عنه للمطعون ضده دون سند قانوني، وتقدم الأخير للهيئة المذكورة بطلب لتقنين وضع يده على المحل موضوع النزاع ولم توافق على طلبه، حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية برفضها، وفي الدعوى الفرعية بطرد المطعون ضده من المحل موضوع النزاع والتسليم. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئنافين رقمي ...، ... لسنة 134 ق القاهرة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين، قضت بتاريخ 9/5/2018 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الأصلية من رفض طلب أحقية المطعون ضده في دفع نسبة 50% من قيمة الجدك المقدرة للمحل موضوع النزاع بمعرفة لجنة الجدك العليا وبأحقيته في دفع تلك النسبة وقدرها 952500 جنيه، على أن يتم سدادها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الحكم سواءً للطاعن بصفته أو بالإيداع بخزينة المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار لحساب الطاعن بصفته دون شرط مع خصم ما يكون قد سدده المطعون ضده للطاعن بصفته عن المحل موضوع النزاع وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض إعادة تقدير قيمة الجدك بتخفيضها وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في موضوع الدعوى الفرعية وبعدم قبولها لرفعها قبل الآوان. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن ورثة المستأجر الأصلي للعين محل النزاع تنازلوا عنها للمطعون ضده دون موافقة الهيئة التي يمثلها ودون اتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981، وقد تقدم المطعون ضده للهيئة التي يمثلها بطلب لتقنين وضع يده على عين النزاع، وقدرت لجنة الجدك العليا بها مبلغ 1905000 جنيه مقابل التصالح والتعاقد مع المطعون ضده عن عين النزاع، وهو ما يُعد إيجابًا من جانبها لم يصادفه قبولٌ من المطعون ضده الذي رفضه وامتنع عن سداد المبلغ سالف البيان، مما حدا بالهيئة التي يمثلها إلى العدول عن هذا الإيجاب وأصدرت القرار الإداري رقم ... لسنة 2007 بإزالة تعدي المطعون ضده على عين النزاع، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بأحقية المطعون ضده في دفع نسبة 50% من قيمة الجدك المقدرة بمعرفة لجنة الجدك العليا على أن يتم سدادها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الحكم، واستند في ذلك إلى المفاوضات التي جرت بين طرفي التداعي، في حين أنها لم تنتهِ إلى التعاقد، والإيصالات الصادرة من الهيئة التي يمثلها بالمبلغ المسدد لها من المطعون ضده ورد بها عبارة مع حفظ كافة حقوق الهيئة، ورغم أن المفاوضات ليست إلا عملًا ماديًّا لا يترتب عليها بذاتها أي أثر قانوني، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد ألزم الهيئة التي يمثلها بإيجابٍ جديدٍ بشروطٍ وقيمةٍ لم توافق عليها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أن المقرر –في قضاء هذه المحكمة– أن التشريع الاستثنائي بعد أن سلب المؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الإيجار الاتفاقية مقررًا مبدأ امتداد عقد الإيجار تلقائيًا أجاز له طلب الإخلاء لأسباب حددها من بينها تأجير المستأجر المكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه دون إذن كتابي صريح من المالك، بما يضحى معه الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو انفراد المستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير –كليًا كان ذلك أو جزئيًا مستمرًا أو مؤقتًا بمقابل أو دون أو تأجيرًا من الباطن– واعتبار ذلك التصرف بجميع صوره خروجًا من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملًا بحكم القانون يجيز للمؤجر طلب إخلاء المكان، واستثناءً من هذا الأصل أجازت الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني التجاوز عن الشرط المانع، وأباحت للمستأجر التنازل عن الإيجار في حالة بيعه المتجر أو المصنع الذي أنشأه في المكان المؤجر في حالة اضطراره إلى التوقف عن مباشرة النشاط وبيعه المتجر أو المصنع بالجدك. وكان من المقرر أن النص في المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أنه "يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز له فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال، بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين. وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض ...". يدل على أن المشرع قد خول للمالك الحق في أن يقتسم مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه هذا الأخير من التصرف ببيع الجدك أو التنازل عن الإيجار وأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة ما يوجد بالعين من منقولات شملها التصرف، وأوجب على المستأجر إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض، ورتب على مخالفة هذا الإجراء جزاء البطلان المنصوص عليه في المادة 25 من هذا القانون، فيبطل البيع أو التنازل الذي تم واعتباره كأن لم يكن، بما مؤداه إعادة الحال إلى ما يتفق وأحكام القانون، فيعود أطراف النزاع –المالك والمستأجر الأصلي والمشتري أو المتنازل إليه عن الإجارة– إلى المركز القانوني الذي كان عليه كل منهم قبل إبرام هذا التصرف المخالف، فيبقى عقد المستأجر الأصلي قائمًا منتجًا لآثاره بين عاقديه، ولا يلحق البطلان سوى البيع أو التنازل الذي تم بين المستأجر الأصلي والمشتري أو المتنازل إليه، ويلتزم الأخير وحده بإخلاء العين كأثرٍ لإبطال التصرف المخالف وزوال السبب القانوني لوضع يده عليها. ومن المقرر -أيضًا- أن المفاوضات ليست إلا عملًا ماديًّا، ولا يترتب عليها بذاتها أي أثر قانوني، فكلُ مُتفاوضٍ حُرٌ في قطع المفاوضة في الوقت الذي يريد دون أن يتعرض لأية مسئولية أو يطالب ببيان المبرر لعدوله. وأن مؤدى نص المادة 89 من القانون المدني أن الإيجاب هو العرض الذي يعبر به الشخص الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في إبرام العقد، ولا يُعتبر العقد تامًا وملزمًا إلا إذا اقترن بقبول مطابق له، أما إذا اختلف القبول عنه زيادةً أو نقصًا فإن العقد لا يتم، ويُعتبر مثل هذا القبول رفضًا يتضمن إيجابًا جديدًا. وأن أسباب الحكم تُعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي تثبت لديها، أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناءً على تلك العناصر. لمَّا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بأحقية المطعون ضده في دفع نسبة 50% وقدرها 952500 جنيه من قيمة الجدك المقدرة للمحل موضوع النزاع بمعرفة لجنة الجدك العليا على أن يتم سدادها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الحكم مع خصم ما يكون قد سدده للطاعن بصفته بخصوص هذا المحل وبعدم قبول دعوى الطاعن بصفته الفرعية لرفعها قبل الأوان، على سند من أن ورثة المستأجر الأصلي للمحل موضوع النزاع قاموا ببيعه بالجدك للمطعون ضده، وتم هذا البيع في شكل تنازلهم عن المحل للمطعون ضده ودون أن يعلنوا الهيئة التي يمثلها الطاعن بصفته بالثمن المعروض قبل إبرام الاتفاق بالمخالفة لنص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981، حالة أنه توفر في هذا البيع باقي الشروط المنصوص عليها بهذه المادة، وأنه تم الاتفاق بين طرفي التداعي على قبول الهيئة التي يمثلها الطاعن بصفته البيع بالجدك للمحل موضوع النزاع الصادر من ورثة المستأجر الأصلي للمطعون ضده أو التنازل له عن الإيجار وهذا القبول معلق على شرط تحديد الهيئة قيمة الجدك، وحددت لجنة الجدك المحلية بها حصة الهيئة بنسبة 50% من الجدك بمبلغ 600 ألف جنيه ومضاعفة هذا المبلغ إذا كان حق الهيئة كاملَ قيمةِ الجدك، ودفع المطعون ضده جزءًا من هذا المبلغ، وبعرض الأمر على لجنة الجدك العليا قدرت مقابل التصالح والتعاقد مع المطعون ضده بمبلغ 2415000 جنيه، وبعد تظلم المطعون ضده من هذا التقدير أمام تلك اللجنة خفضت مقابل التصالح والتعاقد معه إلى مبلغ 1905000 جنيه، وأوضحت في قرارها أن هذا المبلغ مقابل تصالح وليس مقابل التنازل المقرر بالمادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 لعدم اتباع الإجراءات المنصوص عليها في تلك المادة وهو ما يُعد من الهيئة إيجابًا على موافقتها بحلول المطعون ضده محل المستأجر، وأنه طبقًا للمفاوضات التي تمت بين طرفي التداعي، فإن المطعون ضده في حالة قبوله إيجاب الهيئة التي يمثلها الطاعن بصفته يكون ملزمًا فقط بدفع 50% من قيمة الجدك المقدرة بمعرفة اللجنة المشار إليها، وأن دعوى الطاعن بصفته الفرعية بطلب طرد المطعون ضده من المحل موضوع النزاع والتسليم غير مقبولة لحين إبداء المطعون ضده قبوله لإيجاب الطاعن بصفته خلال الميعاد الذي حددته المحكمة، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من قرائن وعول عليها في استخلاص أن إيجابًا باتًا صدر من الهيئة التي يمثلها الطاعن بصفته في أن يحل المطعون ضده محل المستأجر الأصلي للمحل موضوع النزاع معلقًا على شرط سداده لها نسبة 50% من قيمة الجدك الذي قدرته اللجنة العليا بها لا تفيد بذاتها وبمجردها ذلك الإيجاب؛ إذ إن البين من الأوراق ومما حصله الحكم المطعون فيه أن لجنة الجدك العليا بالهيئة التي يمثلها الطاعن بصفته قدرت مبلغ 1905000 جنيه مقابل التصالح والتعاقد مع المطعون ضده، وهو ما يُعد إيجابًا من الهيئة المذكورة محدداً بسداد المطعون ضده هذا المبلغ بالكامل ولم يصادفه قبولٌ مطابق من المطعون ضده، وإنما كان القبول من الأخير يختلف عنه نقصًا بطلبه سداد نسبة 50% فقط من قيمة الجدك وفقًا لحالات المثل، ويعتبر هذا القبول رفضًا له، ولا ينال من ذلك ما أورده الحكم المطعون فيه من مفاوضات سابقة بين طرفي التداعي؛ إذ إنها ليست إلا عملًا ماديًّا، ولا يترتب عليها بذاتها أي أثر قانوني، ولا يعتد بها في القول بصدور إيجاب تام من الهيئة التي يمثلها الطاعن بصفته بموافقتها على انتقال عقد إيجار المحل موضوع النزاع للمطعون ضده معلقًا على شرط سداد الأخير لها نسبة 50% من قيمة الجدك الذي قدرته لجنة الجدك العليا بها، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبًا بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه نقضًا جزئيًا فيما قضى به في هذا الخصوص دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن، على أن يكون مع النقض الإحالة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق