جلسة 23 من يناير سنة 1988
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد المنعم رفاعي عمارة المستشارين.
----------------
(103)
الطعن رقم 898 لسنة 28 القضائية
سلك تجاري - مكاتب التمثيل التجاري بالخارج - (إجازة مرضية).
القانون رقم 50 لسنة 1970 في شأن العاملين في سلك التمثيل التجاري - القانون رقم 166 لسنة 1954 بنظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي - لائحة شروط الخدمة في وظائف السلكين الدبلوماسي والقنصلي الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 146 لسنة 1958.
لا يجوز بقاء عضو مكتب التمثيل التجاري في الخارج بعد انتهاء مدة ندبه ولو كان ذلك للعلاج - أساس ذلك: أن المشرع وضع قاعدة تقضي بأن يكلف رئيس البعثة طبيبين لفحص العضو أو الموظف الإداري أو الكتابي إذا مرض بالخارج وذلك لتقرير ما إذا كانت حالته تستوجب عودته إلى مصر لأنها ليست مما تحتمل الشفاء أو لأنه بعد شفائه لن يكون قادراً على الاستمرار في الخدمة بالخارج - إذا قرر الطبيبان عودته إلى مصر فيتعين على العضو أو الموظف العودة - هذه القاعدة تنطبق إذا مرض خلال مدة ندبه للعمل بالخارج ومن باب أولى تطبق إذا انتهت مدة ندب العضو في الخارج فلا يجوز بقاؤه بعد انتهاء ندبه بحجة العلاج - لا مسئولية على جهة الإدارة إذا استدعت العضو للعودة إلى مصر عقب انتهاء ندبه للخارج - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 29 من إبريل سنة 1982 أودعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة بمقتضى القانون رقم 10/ 1986) نيابة عن السيد/ وزير الاقتصاد قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 898 لسنة 28 القضائية ضد السيد/ ..... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 7 من مارس 1982 في الدعوى رقم 952 لسنة 34 القضائية القاضي بإلزام وزير الاقتصاد بأن يؤدي للمدعي مبلغ 1500 جنيه (ألف وخمسمائة جنيه) والمصروفات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات عن الدرجتين. وأعلن الطعن قانوناً وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 18/ 5/ 1987 وتداول بالجلسات طبقاًَ للمحاضر حتى قررت بجلسة 16/ 11/ 1987 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) لنظره بجلسة 12/ 12/ 1987 فنظرته المحكمة في هذه الجلسة على الوجه المبين بمحضرها وبعد أن سمعت ما رأت لزومه من إيضاحات على ما هو ثابت بالمحضر قررت في نفس الجلسة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بصحيفة مودعة بتاريخ 1/ 3/ 1980 أقام.... الدعوى رقم 952 لسنة 34 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (هيئة العقود الإدارية والتعويضات) ضد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية طالباً الحكم على المدعى عليه بتعويض قدره عشرة آلاف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية والنفسية والصحية التي لحقت به من جراء تصرفات جهة الإدارة مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأوضح أنه صدر القرار الوزاري رقم 35 لسنة 1977 متضمناً ندبه للعمل ملحقاً إدارياً بمكتب التمثيل التجاري بباريس لمدة عام من 25/ 8/ 1977. ثم صدر القرار الوزاري رقم 160 لسنة 1978 متضمناً مد ندبه حتى أخر نوفمبر سنة 1978. وبتاريخ 3/ 10/ 1978 أصيب أثناء عمله بالخارج بانسداد شريان في الجانب الأيسر من الرأس ترتب عليه عدم قدرته على تحريك الجانب الأيمن (شلل نصف أيمن) ونقل إلى المستشفى بباريس للعلاج ومكث فيها الفترة من 3/ 10/ 1978 حتى 7/ 11/ 1978. وأعدت المستشفى بشأنه عدة تقارير طبية أثبتت حالته الصحية على التفصيل الموضح بها وبالعريضة وقد عرض على طبيبين فرنسيين ثلاث مرات في 25/ 10/ 1978 و31/ 10/ 1978 و27/ 11/ 1978 وقرروا في المرة الأولى أنه يجب بعد خروجه من المستشفى بقاؤه في فرنسا لمدة عام لملاحظة حالته الصحية، وفي المرة الثانية أنه يجب أن يأخذ إجازة لمدة سنة من 31/ 10/ 1978 ويجب عليه الراحة التامة، وفي المرة الثالثة قرروا أن هذه الحالة ناتجة عن تعب العمل ونتج عنها عجز بنسبة 50% بصفة قاطعة. واعتمدت التقارير من المستشار الطبي بباريس وتم التصديق عليها من القنصلية المصرية وبناء على نشرة العلاج رقم 27 إدارة لسنة 1973 ملف 122/ 23/ 34 الصادرة من وزارة الخارجية بتاريخ 12/ 12/ 1973 المنطبقة على العاملين بالتمثيل التجاري فقد تقدم بطلب بتاريخ 1/ 11/ 1978 إلى الوزير أفاد فيه أن حالته من الحالات الخاصة التي سوف ينتهي فيها انتدابه قبل أن يتم علاجه والتمس مد ندبه للعمل بباريس حتى يتم علاجه وتنفيذ قرارات الأطباء في هذا الشأن. فأحال الوزير المفوض التجاري بباريس هذا الطلب والتقارير والشهادات الطبية إلى جهاز التمثيل التجاري بالقاهرة لاتخاذ اللازم. فورد الرد بضرورة إخلاء طرفه وتنفيذ قرار النقل في أخر نوفمبر 1978 وإلا سوف يوقف مرتبه وعندما أخطر المكتب التجاري بباريس بأن حالته خطيرة وأنه مطلوب إجراء عملية جراحية له لتوسيع شريان في الجانب الأيسر ويتعذر عليه إخلاء طرفه قانوناً وهو مريض قام المكتب بالكتابة إلى المستشفى للإفادة عن حالته الصحية والمدة اللازمة لبقائه، فأفادت بأن حالته تتطلب إجراء فحوص تكميلية في باريس وأن مدة تلك الفحوص بين ستة وتسعة أشهر. ورغم ذلك أصدرت جهة الإدارة على إخلاء طرفه وتنفيذ قرار النقل فقام بتنفيذه مضطراً بتاريخ 1/ 12/ 1978 طريح الفراش. وتم عرضه على الجهات الطبية المختصة بالقاهرة التي قررت ضرورة استمراره في تعاطي الدواء الذي تقرر له في باريس، مما يكفله شهرياً 40 جنيهاً في الوقت الذي زادت فيه حالته سواء بسبب النقل قبل إتمام العلاج مع عدم قدرته على تحمل تلك الأعباء. وبذلك تكون جهة الإدارة قد خالفت القواعد الواردة في نشرة العلاج والمادة 22 من القرار الجمهوري رقم 146 لسنة 1958 بلائحة شروط الخدمة في وظائف السلكين الدبلوماسي والقنصلي وأحكام القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة وكان ذلك هو السبب المباشر للضرر الذي لحق به. وتضمن رد الجهة الإدارية أن القرار الوزاري رقم 35/ 1977 بندبه ملحقاً إدارياً بمكتب التمثيل التجاري بالسفارة المصرية بباريس كان لمدة عام وقد تسلم العمل اعتباراً من 25/ 8/ 1977 ثم صدر القرار الوزاري رقم 60 لسنة 1978 في 24/ 6/ 1978 بنقل السيد/ ..... للعمل ملحقاً إدارياً بالمكتب بدلاً منه ونص على ن يتم تنفيذ نقل المدعي إلى القاهرة في موعد أقصاه نهاية النصف الثاني من شهر أغسطس 1978. وبتاريخ 17/ 7/ 1978 صدر القرار الوزاري رقم 69 لسنة 1978 باستمرار ندبه حتى نهاية أكتوبر 1978 حتى يتمكن من علاج أسرته وعلاجه ولتسوية التزاماته المالية. ثم صدر القرار الوزاري رقم 83/ 1978 بعد فترة عمله بالمكتب إلى أخر نوفمبر 1978 لظروف مرض أولاده ولما أفادت به البرقية المرسلة من المكتب إلى الوزارة بتاريخ 13/ 10/ 1978 من أنه دخل المستشفى ويلزمه أسبوعان على الأقل للعلاج بها وأن حاجة العمل تتطلب سرعة حضور الملحق الإداري الجديد. وبتاريخ 27/ 10/ 1978 ورد إلى الوزارة كتاب المكتب التجاري بباريس مرفقاً به شهادة طبية وترجمتها معتمدة وصادرة من اثنين من الأطباء الفرنسيين الخصوصيين وقد تضمن هذا الكتاب أن المذكور ما زال بالمستشفى تحت العلاج وسيطلب تقرير من المستشفى عن الفترة اللازمة لعلاجه، وأفادت الشهادة الطبية المشار إليها بأن المذكور قد دخل المستشفى للعلاج نتيجة لإصابته بالشرايين ويجب بقائه في فرنسا لمدة عام، مع ملاحظ حالته الصحية. وتم الرد على المكتب بالتنبيه على المذكور بتنفيذ النقل في الموعد المحدد في أخر نوفمبر 1978. وقد أخلى طرفه من أعمال المكتب في 30/ 11/ 1978 وصرفت له جميع مستحقات نفقات الخارج حتى هذا التاريخ، بالإضافة إلى تذاكر العودة له ولأسرته. ولما عاد إلى القاهرة لم يتسلم العمل ولم يخطر جهة عمله بوصوله حتى 13/ 12/ 1978، فطلب إحالته إلى الكشف الطبي، وتم عرضه على اللجنة الطبية المختصة فمنحته إجازة مرضية لمدة ستين يوماً، كما عرض أكثر من مرة على الجهات الطبية المختصة فكانت إجازته المرضية الأخيرة لمدة ستين يوماً من 31/ 7/ 1979 على أن يعود إلى عمله ويسند إليه عمل خفيف. وكانت الوزارة قد طلبت من القومسيون الطبي العام الإفادة عما إذا كان يمكن علاج حالته بالداخل أم بالخارج على نفقة الدولة فورد رد المجالس الطبية بتاريخ 27/ 5/ 1979 بأنه قد تحدد له مناظرة يوم 12/ 5/ 1979 لم يحضرها. ثم صدر قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للحكم المحلي رقم 4069 لسنة 1979 بالموافقة على علاجه بمستشفى القوات المسلحة بالمعادي. وأشارت الإدارة إلى المادتين 22، 23 من لائحة شروط الخدمة في وظائف السلكين الدبلوماسي والقنصلي الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 146 لسنة 1958 وإلى قرار وزير الخارجية رقم 2600 لسنة 1973 بشأن قواعد وشروط العلاج على نفقة الوزارة وقالت أن المدعي قد خالفهما فلم يخطر الوزارة بدخوله المستشفى، ولم يحصل على موافقة رئيس البعثة. كما أن مستندات العلاج غير معتمدة منه وغير مشفوعة برأيه وغير مختومة بخاتم البعثة، وأن العلاج لا يبدأ إلا بعد الترخيص به من الوزارة. حيث إن هذه الحالة ليست من الحالات العاجلة، وأنه سبق تأجيل نقله أكثر من مرة. كما أن الإدارة قامت بتسديد اشتراكها الشهري في نظام التأمين الصحي له ولأسرته طوال مدة عمله بباريس وأضافت أنه أقام ضد الوزارة الدعوى رقم 562 لسنة 34 ق بطلب تحمل الوزارة نفقات علاجه من 1/ 12/ 1978 والدعوى رقم 506 لسنة 34 ق بطلب إلغاء القرار الوزاري رقم 78 لسنة 1978 فيما تضمنه من تخطيه واعتباره منقولاً إلى مكتب التمثيل التجاري بباريس والدعوى رقم 561 لسنة 34 ق بطلب صرف مرتبه بفئات مرتبات باريس من 31/ 10/ 1978 حتى 31/ 10/ 1979 وخلصت إلى طلب رفض الدعوى. وبجلسة 7/ 3/ 1982 أصدرت المحكمة حكمها في موضوع الطعن الماثل وأقامت قضاءها بعد استعراض القرار رقم 2600 لسنة 1973 في شأن قواعد العلاج للعاملين بالسلكين الدبلوماسي والإداري والنشرة المتضمنة القواعد والإجراءات القنصلية - على أن هذه القواعد تسري على أعضاء التمثيل التجاري والعاملين الإداريين والكتابيين الموجودين بالعمل بالبعثة التجارية وأن القاعدة الأصلية أن تتحمل الوزارة تكاليف علاج وتمريض هؤلاء الأعضاء العاملين بالخارج بما فيهم من يندب أو يوفد إلى هذه البعثات طوال مدة الندب أو الإبقاء في الحدود وبالشروط والقواعد والإجراءات الصادر في هذا الخصوص، وبمقتضاها فإنه بالنسبة إلى البلاد التي يوجد بها نظام للتأمين الصحي تقوم البعثة بالاشتراك فيه لصالح أعضائها ممن تحمل تكاليف علاجهم بعد موافقة الوزارة وإذ قامت بتسديد اشتراكها الشهري في نظام التأمين الصحي للمدعي ولأسرته طوال مدة عمله في باريس فيستحق العلاج على نفقة الوزارة بموجب هذا النظام دون اشتراط الإذن المسبق منها أو إخطارها مقدماً بدخول المستشفى والحصول على موافقة رئيس البعثة واعتماد مستندات العلاج، أما عن حق الوزارة في إنهاء ندب المدعي وإلزامه بالعودة إلى مصر في ظل ظروفه المرضية فإنه وإن كان لها كأصل عام الحق في الموافقة على تجديد أو عدم تجديد الندب إلا أن استعمال هذه السلطة مشروط بألا يساء إلى الحالة الصحية للمدعي أو يؤدي إلى عرقلة إتمام شفائه نزولاً على الاعتبارات الإنسانية ووجوب رعاية المرضى من العاملين عموماً والالتزام بما يبديه الأطباء وعدم تفويت فرصته في العلاج بعد أن كان قد بدأه فعلاً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله على سند من أنه لا تلازم بين أحقية المطعون ضده في العلاج بباريس وفقاً لنظام التأمين الصحي المعمول به هناك وبين قرار إنهاء ندبه لانتهاء مدته، فالتزام جهة الإدارة بعلاجه تنظمه القواعد الصادرة في هذا الشأن. أما عن ندب العامل وإنهائه فمرده إلى سلطة الإدارة التقديرية دون أن يكون للعامل الحق في مد فترة الندب بعد انتهاء مدته المقررة. والثابت أن الإدارة التزمت بعلاجه وأخذت في الاعتبار ظروف مرضه فبعد أن كان ندبه لمدة عام من 25/ 8/ 1977 قررت مد المدة حتى أخر نوفمبر 1978. وبذلك يكون قرارها بإنهاء ندبه بنهاية مدته قراراً صحيحاً موافقاً للقانون. فقد صدر بناء على سلطتها التقديرية وقام على سبب مشروع وبذلك لا يكون ثمة موجب للتعويض عنه، يضاف إلى ذلك أن التعويض يقتصر على الضرر المباشر ويقدر بقدر الضرر دون زيادة حتى لا يتحقق به إثراء غير مشروع. كما أنه من المتعين في قضاء التعويض بيان عناصر الضرر بنوعيه المادي والأدبي وهو ما لم يبينه الحكم المطعون فيه فيكون قد خالف القانون وشابه القصور.
ومن حيث إن مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها الإدارية أن يثبت الخطأ متمثلاً في مخالفة القرار المطلوب التعويض عنه للقانون والضرر الناتج مباشرة عن هذا الخطأ وعلاقة السببية بينهما. وطبقاً للمادة (1) من القانون رقم 50 لسنة 1970 في شأن العاملين في سلك التمثيل التجاري تسري على أعضاء السلك التجاري أحكام القانون رقم 166 لسنة 1954 بنظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي والقوانين المعدلة له كما تسري عليهم سائر أحكام القوانين المطبقة على أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي حالياً ومستقبلاً. ومن ثم كان مقتضى هذه الإحالة بسريان قانون نظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي على أعضاء السلك التجاري وسريان الأحكام المتعلقة بالبعثات الدبلوماسية والقنصلية الواردة في هذا القانون على مكاتب التمثيل التجاري في الخارج. ومن هذه الأحكام ما ورد بلائحة شروط الخدمة في وظائف السلكين الدبلوماسي والقنصلي الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 146 لسنة 1958 والتي نصت في المادة 22 على أنه "إذا مرض أحد أعضاء السلكين.. أو الموظف الإداري أو الكتابي أثناء وجوده في الخارج ورأي رئيس البعثة أن حالته مما تستوجب النظر فيكلف طبيبين بفحصه لتقرير ما إذا كانت حالته تستوجب عودته إلى مصر لأنها ليست مما تحتمل الشفاء أو لأنه لا يكون بعد شفائه قادراً على الاستمرار في الخدمة بالخارج، فإذا قرر الطبيبان وجوب عودة العضو أو الموظف إلى مصر تتحمل الوزارة مصروفات عودته طبقاً للمادة 16". ونصت في المادة 23 على أن "تتحمل الوزارة تكاليف الكشف ونفقات العلاج لأعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية وموظفيها الإداريين والكتابيين المصريين".. وكذلك تنطبق على هؤلاء القواعد التي تضمنها قرار وزير الخارجية رقم 2600 لسنة 1973 والنشرة الصادرة تنفيذاً له وبمقتضى نص المادة (1) منه تتحمل الوزارة تكاليف علاج وتمريض أعضاء البعثة والعاملين بها من الموظفين الإداريين والكتابيين ومن يندب من هؤلاء إلى إحدى هذه البعثات وذلك طوال مدة الندب أو الإبقاء. وذلك هو ما التزمت به الإدارة في حالة المدعي فعندما ألم به المرض أثناء مدة ندبه للعمل ملحقاً إدارياً بمكتب التمثيل التجاري بباريس أفاد من نظام التأمين الصحي الذي اشتركت فيه الوزارة لصالح بعثتها في باريس وفقاً لقواعد العلاج المقررة في اللائحة على نفقة الوزارة، بيد أن الأمر في هذه المنازعة - كما هو واضح من وقائعها - إنما يتعلق بمدى أحقية المدعي في البقاء للعلاج في الخارج (باريس) بعد انتهاء مدة ندبه المقررة ومدى مشروعية تصرف الجهة الإدارية باستدعائه إلى مصر بعد انتهاء هذه المدة وقبل أن يتم علاجه على النحو الذي أوصت به التقارير الطبية التي أشار إليها. أما بالنسبة إلى حقه في البقاء للعلاج بالخارج فالأصل العام المقرر في هذا المجال وهو أساس تشريع المادة 22 من لائحة شروط الخدمة في وظائف السلكين الدبلوماسي والقنصلي المشار إليها - أن وجود العامل في الخارج يكون بغرض أداء العمل المنوط به وليس لغرض سواه، فقد اعتبرت المادة 22 المشار إليها حالة المرض الذي لا يحتمل معه الشفاء أو المؤثر بعد الشفاء على القدرة في الاستمرار في العمل بالخارج من موجبات العودة إلى أرض الوطن وليس من مبررات البقاء في الخارج وذلك تحقيقاً لحسن سير العمل الذي يؤدي في الخارج والتزاماً بالنظم المالية والإدارية المقررة في شأن معاملة العاملين القائمين عليه، وإذا كان ذلك هو المتبع بالنسبة إلى العامل ولو لم تكن مدة ندبه في الخارج قد انتهت فيكون أولى بالاتباع عند انتهاء مدة الندب المقررة وبذلك لا يكون للمدعي أصل حق في البقاء في الخارج لاستكمال علاجه استناداً إلى ظروف مرضه التي استمرت بعد انتهاء مدة ندبه ملحقاً إدارياً بمكتب التمثيل التجاري في باريس في أخر نوفمبر 1978، كما أنه لا تثريب على جهة الإدارة إن التزمت بمدة الندب المحددة في القرار الذي أصدرته ولم توافق على امتدادها لفترة أخرى طالما أن المرجع في ذلك إلى تقديرها لظروف العمل ومصلحته، وكان هذا التقدير مبناه السلطة التي خولها لها القانون في هذا المجال. وعلى هذا النحو لا يتحقق ركن الخطأ في تصرف الجهة الإدارية. ومن ثم ينهار أحد الأركان الأساسية الموجبة لمسئوليتها. وغنى عن هذا البيان أن المدعي قد نال حظه الوافر من الرعاية أثناء مرضه خلال فترة ندبه وبعد عودته إلى أرض الوطن على ما استبان من وقائع الدعوى وأوراقها فيكون طلبه التعويض على كل ذلك على غير أساس من الواقع أو القانون وهو ما يقتضي رفض الدعوى، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير ذلك فيكون قد خالف القانون مستوجباً الإلغاء والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق