جلسة 16 من يناير سنة 1988
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي وصلاح عبد الفتاح سلامة وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد المنعم رفاعي عمارة المستشارين.
----------------
(95)
الطعن رقم 125-5 لسنة 33 القضائية
(أ) سينما - المنازعات الناشئة عن تنظيم عرض الأفلام السينمائية.
ناط المشرع بوزير الثقافة تشكيل لجنة للفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق قانون تنظيم عرض الأفلام السينمائية.
لم يفرط المشرع على صاحب الشأن التظلم بداءة إلى هذه اللجنة قبل اللجوء إلى القضاء - ولم يلزم الجهة الإدارية بعرض المنازعة قبل القطع فيها - مؤدى ذلك: جواز رفع الدعوى دون سابقة التظلم للجنة المشار إليها - اعتبار قرار جهة الإدارة قرار نهائي دون العرض على تلك اللجنة.
(ب) فيديو - مدى اعتبار أفلام الفيديو من أفلام السينما.
استخدم المشرع عبارة الأفلام السينمائية بصيغة عامة مطلقة ما يسمح بدخول أفلام الفيديو ضمن مدلول الأفلام السينمائية - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 7 من مارس سنة 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السيد وزير الثقافة بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1255 لسنة 33 القضائية ضد السيد/ ...... بصفته مالك ومدير شركة إمباير فيلم للإنتاج والتوزيع وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 27 من يناير سنة 1987 في الدعوى رقم 4783 لسنة 40 القضائية المقامة من المطعون ضده على الطاعن والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام وزارة الثقافة مصروفات هذا الطلب، وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم أولاً بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وثانياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي وبإلزام الطاعن المصروفات. وعين لنظر الطعن جلسة 21 من سبتمبر سنة 1987 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وتداول بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر وقررت الدائرة بجلسة 16 من نوفمبر سنة 1987 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات" لنظرة بجلسة 12 من ديسمبر سنة 1987 وفيها طلب الحاضران عن الطرفين حجز الطعن للحكم وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 26 من يوليه سنة 1986 أقام السيد/ ...... بصفته مالك ومدير شركة إمباير فيديو فيلم للإنتاج والتوزيع الدعوى رقم 4783 لسنة 40 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد السيد وزير الثقافة بصفته وطلب الحكم أولاً بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من السيد وزير الثقافة في 10 من يوليه سنة 1986 برفض طلبه الإفراج عن مائتي فيلم استوردها من الأفلام الأجنبية وثانياً في الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وأسس دعواه على أن القرار المطعون فيه بني على أن طلبه الإفراج عن هذه الأفلام يتعارض مع قرار السيد وزير الثقافة رقم 65 لسنة 1984 الذي قصر استيراد شرائط الفيديو بغرض الاستغلال التجاري على المسجلين بسجل مستوردي الأفلام الأجنبية بإدارة الاستيراد والتصدير وبما لا يجاوز عشرين فيلماً في السنة لكل مستورد، وقد صدر القرار الوزاري رقم 65 لسنة 1984 المشار إليه على سند من القانون رقم 13 لسنة 1971 الخاص بتنظيم عرض الأفلام السينمائية، في حين أن هذا القانون اقتصر على الأفلام السينمائية دون أفلام الفيديو التي لم تعرض في مصر إلا سنة 1982، مما يجعل هذا القرار الوزاري وبالتالي القرار المطعون فيه مخالفين للقانون، خاصة وقد صدرت في تواريخ سابقة عليه تصريحات كثيرة يفد المدعي باستيراد أفلام أجنبية دون قيود. ودفعت هيئة قضايا الدولة أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لأن المدعي لم يعرض منازعة على اللجنة المشكلة لنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون رقم 13 لسنة 1971 طبقاً للمادة 5 منه، وطلبت احتياطياً رفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي لأن هذا القانون يسري على كل فيلم سينمائي وهو صور متحركة تجمعها قصة واحدة أو موضوع معين أياً كانت طريقة تسجيله بالتصوير الضوئي أو بالتصوير المغناطيسي. أياً كانت طريقة عرضه بشكل عام أو بشكل خاص فكلاهما يعرض بالشكلين معاً. وقضت محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" في جلسة 27 من يناير 1987 بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام وزارة الثقافة مصروفات هذا الطلب، وأقامت قضاءها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه على أن المشرع عند إصدار القانون رقم 13 لسنة 1971 بتنظيم عرض الأفلام السينمائية لم يكن تحت نظره موضوع الأفلام الفيديو ولذا جاء هذا القانون خلواً من أي تنظيم لاستيراد هذه الأفلام الأمر الذي لا يجوز معه وضع قيود على استيرادها مما يجعل القرار الوزاري رقم 65 لسنة 1984 مخالفاً للقانون فيما تضمنه من وضع قيود على استيراد شرائط الفيديو المسجل عليها أفلام أجنبية وبالتالي فإن القرار المطعون فيه وقد صدر بناء عليه يكون مرجح الإلغاء كما يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها أهمها حرمان المدعي من مورد رزقه في تجارته بطبع وتوزيع الأفلام وما قد يصيبها من تلف نتيجة تعرضها للعوامل الجوية المختلفة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تفسير القانون رقم 13 لسنة 1971 الذي قصد إلى تنظيم عرض الأفلام السينمائية ولو كانت على شرائط فيديو لأنها لا تعدو أن تكون أفلاماً سينمائية.
ومن حيث إن القانون رقم 13 لسنة 1971 في شأن تنظيم عرض الأفلام السينمائية نص في المادة 5 منه على أنه "تعرض المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون على لجنة يصدر وزير الثقافة قراراً بتشكيلها وبالإجراءات التي تتبع أمامها وبالرسوم التي تقرر على المتظلم بما لا يجاوز خمسة جنيهات. ويتولى رئاسة هذه اللجنة رئيس إدارة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة للوزارة. وتفضل هذه اللجنة في كل خلاف ينشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له. ومفاد هذا النص أنه وإن قضى بعرض المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكامه والقرارات المنفذة له على اللجنة المبينة فيه، إلا أنه لم يواجه خطابه إلى صاحب الشأن ولم يفرض عليه التظلم بداءة إلى اللجنة قبل اللجوء إلى القضاء بما يجعل الدعوى التي يقيمها مباشرة دون هذا التظلم غير مقبولة، كما لم يوجب على الجهة الإدارية عرض المنازعة ابتداء على اللجنة من تلقاء نفسها قبل القطع فيها حتى يصدق القول بعدم نهائية قراراها قبلئذ. وإنما قضى فحسب بغرض المنازعة على اللجنة بناء على تظلم صاحب الشأن رغبة في حسمها دون حاجة لاستنفاد القضاء، ومن ثم لا وجه للدفع بعدم قبول الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه سواء بحجة رفعها قبل الأوان أو بمظنة عدم نهائية القرار موضوعها.
ومن حيث إن القانون المشار إليه نص في المادة 7 منه على أنه "يصنع وزير الثقافة القواعد الخاصة باستيراد وتصدير الأفلام السينمائية وذلك فيما يتعلق بعدد ونوعية الأفلام وتطبيقاً لهذا النص أصدر وزير الثقافة في 3 من نوفمبر سنة 1973 القرار رقم 459 لسنة 1973 الذي حدد في المادة 1 عدد الأفلام الأجنبية المصرح باستيرادها كل عام، ويبين في المادة 2 الشروط الواجب مراعاتها في الأفلام المستوردة، ونظم في المادة 3 عملية استيراد الأفلام الأجنبية وفقاً لقواعد معينة شملت: أولاً شروط مكاتب الاستيراد، وثانياً حصص الاستيراد وثالثاً شروط الاستيراد، وتناول في المواد 4 و5 و6 عرض الأفلام المصرية في دور العرض. ثم أصدر وزير الثقافة في 27 من فبراير سنة 1984 القرار رقم 65 لسنة 1984 الذي نظم في المواد 1 و2 و3 و4 عملية استيراد أشرطة الفيديو فنص في المادة 1 على أنه "لا يجوز لغير المقيدين بسجل مستوردي الأفلام الأجنبية طبقاً للقواعد المنصوص عليها في المادة 3 من القرار رقم 459 لسنة 1973 المشار إليه ومنتجي شرائط الفيديو في مصر... استيراد أشرطة الفيديو المسجل عليها أفلام أجنبية.. بغرض الطبع منها واستغلالها استغلالاً تجارياً في جمهورية مصر العربية وذلك بما لا يجاوز عشرين فيلماً سنوياً لكل مستورد. ويشترط للإفراج عن هذه الأفلام من الجمارك المصرية حصول المستورد على تصريح من إدارة الاستيراد والتصدير بالمركز القومي للسينما بعد أن يقدم المستورد لهذه الإدارة عقد شراء أشرطة الأفلام.. ويؤخذ مما تقدم أن القانون رقم 13 لسنة 1971 صدر حسب صريح عنوانه لتنظيم عرض الأفلام السينمائية، وخول في المادة 7 منه وزير الثقافة سلطة وضع القواعد الخاصة باستيراد وتصدير هذه الأفلام، وجاءت إشارته إلى الأفلام السينمائية بصيغة عامة مطلقة، وبذا ينبسط إلى جميع هذه الأفلام أياً كان نوعها أو طريقة إنتاجها أو وسيلة عرضها أو مسمياتها أو تصنيفها، فلا يقتصر على الأفلام التي تعد للعرض بواسطة أجهزة السينما سواء في دور الخيالة أو في غيرها، وإنما يمتد أيضاً إلى الأفلام التي تعد للعرض بواسطة أية أجهزة أخرى مثل الأفلام الفيديو، فكلها أفلام سينمائية وإن اختلفت في طريقة الإنتاج بما يلائم وسيلة العرض سواء بأجهزة السينما أو بأجهزة الفيديو أو بما يخرجه التطور العلمي، إذ ورد لفظ السينمائية كصفة للأفلام ذاتها موضحة طبيعتها ومنفكة عن وسيلة عرضها وحاوية صفوفها عامة سواء عند إنتاجها حالاً أو بأساليب التقنية المتطورة مآلاً، ومن ثم فقد صدر صحيحاً في حد ذاته كل من القرار الوزاري رقم 459 لسنة 1983 بقواعد استيراد الأفلام الأجنبية بصفة عامة ابتداء والقرار الوزاري رقم 65 لسنة 1984 بقواعد استيراد الأفلام الفيديو بصفة خاصة انتهاء.
ومن حيث إن المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 65 لسنة 1984 المشار إليه جعلت الحق في استيراد الفيديو المسجل عليها أفلام أجنبية بغرض الطبع والاستغلال التجاري مقصوراً على المقيدين بالسجل مستوردي الأفلام الأجنبية وعلى منتجي شرائط الفيديو في مصر وبما لا يجاوز عشرين فيلماً في السنة لكل مستورد. وعقدت الإدارة الاستيراد والتصدير بالمركز القومي للسينما بوزارة الثقافة الاختصاص بمنح التصريح المشترط للإفراج الجمركي عن هذه الأشرطة. ومن ثم فإن القرار الذي تصدره هذه الإدارة بعدم منح التصريح لمستورد غير مقيد بسجل مستوردي الأفلام الأجنبية وغير منتج لشرائط الفيديو في مصر يكون قراراً صادراً من مختص وقائماً على سببه بما يتفق وحكم القانون.
ومن حيث إن البادي من الأوراق أن المطعون ضده قدم طلباً مؤرخاً 7 من يوليه سنة 1986 للحصول على تصريح بالإفراج الجمركي عن مائتي شريط فيديو مسجل عليها أفلام أجنبية بقصد طبعها وتوزيعها وبيعها في مصر، وأفادته إدارة الاستيراد والتصدير بالمركز القومي للسينما في وزارة الثقافة بخطاب مؤرخ 10 من يوليه سنة 1986 بأن طلبه يتعارض مع القرار الوزاري رقم 65 لسنة 1984 الذي قصر استيراد هذه الأشرطة على المقيدين بسجل مستوردي الأفلام الأجنبية وهو ليس منهم، فإن النعي بعدم مشروعية قرارها برفض طلبه حسب ظاهر الأوراق وبما يلزم للفصل في الطلب المستعجل بوقف التنفيذ، يكون غير متسم بالجدية اللازمة للحكم بوقف تنفيذه، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله إذ قضى بوقف هذا القرار مما يوجب القضاء بإلغاء هذا الحكم وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام المطعون ضده المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف التنفيذ وألزمت المطعون ضده المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق