الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 12 ديسمبر 2024

الطعن 19778 لسنة 89 ق جلسة 17 / 5 / 2022 مكتب فني 73 ق 38 ص 354

جلسة 17 من مايو سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / سامح عبد الله عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / سامح مروان وأحمد محمد سليمان نائبي رئيس المحكمة وحاتم حسن غراب وكمال عبد القوي .
----------------
(38)
الطعن رقم 19778 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراده مؤدى أدلة الثبوت في بيان واف . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . سرقة . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعنين بأن الواقعة جنحة نصب . جدل موضوعي في استخلاص صورتها . غير جائز أمام محكمة النقض .
التسليم المعتبر الذي ينفي ركن الاختلاس في جريمة السرقة . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد تسليماً نافياً للاختلاس في جريمة السرقة .
(3) ارتباط . سرقة . إكراه . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه . موضوعي . حد ذلك ؟
مثال .
(4) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود ". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . حد ذلك ؟
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى . ولو خالفت أقواله أمامها أو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة .
قرابة الشاهد للمجني عليه . لا تمنع من الأخذ بشهادته . حد ذلك ؟
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق . غير لازم . كفاية أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) استدلالات . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بشأن التحريات التي لم يتساند إليها في الإدانة . غير مقبول .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
النعي بتأثر المحكمة برأي النيابة وتحريات الشرطة . غير مقبول . متى قضت في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديها بغير تأثير خارجي .
(7) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء معاينة أو تحقيق لم يطلب منها ولم تر لزوماً لإجرائه . غير مقبول .
(8) دفوع " الدفع ببطلان الاستجواب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي ببطلان الاستجواب بمحضر الضبط . غير مقبول . ما دام الحكم لم يتساند في الإدانة إلى دليل مستمد منه .
(9) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1– لما كان الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجني عليه وأقوال الضابط مجري التحريات ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الثبوت في الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .
2– لما كان البيّن من مدونات الحكم توافر أركان جناية السرقة بالإكراه بكافة أركانها القانونية ، فإن النعي بأن الواقعة لا تخرج عن كونها جنحة نصب لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقها الحكم للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه لما كان التسليم المعتبر والذي من شأنه أن ينتج أثره في نفي ركن الاختلاس في جريمة السرقة هو التسليم الذي ينقل الحيازة للشيء من المسلم إلى المستلم ، وهو ينطوي على عنصرين الأول مادي وهو تحريك الشيء من يد المسلم إلى يد المستلم والثاني معنوي وهو إرادة المسلم من تمكين المستلم من مباشرة سيطرة مادية على هذا الشيء وتخويله أيضاً صفة قانونية عليه ، ولما كان التسليم في صورة الدعوى المعروضة وإن توافر له العنصر المادي إلا أنه لا ينتج أثره في نفي ركن الاختلاس ، لأنه لا تتوافر لدى المجني عليه إرادة نقل حيازة الهاتف المحمول إلى الطاعنين ، ومعنى ذلك أن فعل الطاعنين في هذه الحالة اعتداء على ملكية الغير وحيازته وهو تبعاً لذلك اختلاس تقوم به جريمة السرقة ، ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا محل له .
3– لما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من أقوال المجني عليه وأقوال مجري التحريات أن الطاعنين قاما بتهديد المجني عليه بأن أوهماه بأنهما من رجال الشرطة ، وكان إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام استخلصه مما ينتجه ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس .
4– من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات ، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها أو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة ، وأن قرابة الشاهد للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بأقواله متى اقتنعت المحكمة بصدقها ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها أقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
5– لما كان الحكم المطعون فيه لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى التحريات التي ينعى الطاعنان بعدم جديتها ، فإن ما يثار في هذا الشأن يكون غير ذي موضوع .
6– من المقرر أن للقاضي أن يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته بغير تأثير خارجي أياً كان مصدره سواء من النيابة العامة أو ما أسفرت عنه تحريات الشرطة ، وكان يبين مما سطره الحكم وأثبته في مدوناته أنه قد التزم هذا النظر ، فإن ما يثيره الطاعنان بدعوى تأثر عقيدة المحكمة برأي النيابة العامة وتحريات الشرطة بشأن صورة الواقعة يكون في غير محله .
7– لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يطلب من محكمة الموضوع إجراء معاينة لمكان الواقعة أو إجراء تحقيق بشأنه ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ، فيكون ما أثاره الطاعنان في هذا الصدد غير مقبول .
8– لما كان الحكم المطعون فيه لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من استجواب الطاعنين بمحضر الضبط وما ورد به من اعترافات منسوبة إليهما ، فإن ما يثار في هذا الشأن يكون غير ذي موضوع .
9– من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعنان لم يكشفا في أسباب طعنهما عن أوجه الدفاع التي ينعيان على الحكم عدم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، وهل تحوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه ، أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة رداً عليها ، بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :
- شرعا في سرقة المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات المملوكة للمجني عليه الطفل / .... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن أوهماه بكونهما من مأموري الضبط القضائي وتمكنا بذلك السلوك القسري من قمع المقاومة لديه مما مكنهما من سرقة متعلقاته آنفة البيان إلا أنه أوقف أثر جريمتهما لسبب لا دخل لإرادتهما فيه ألا وهو ضبطهما من قبل الأهالي وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهما الى محكمه جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكور قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 /1 ، 46 /3،2 ، 315/ ثانياً من قانون العقوبات ، والمادتين ٢ ، ١١٦ مكرراً من قانون الطفل رقم ١٢ لسنة 1996 المعدل ، بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة ست سنوات عما نسب إليهما .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الشروع في سرقة بالإكراه بالطريق العام مع التعدد قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى وظروفها وملابساتها ومؤدى الأدلة فيها بياناً كافياً تتحقق به كافة عناصر الجريمة التي دانهما بها ، ولم يستظهر أركان الجريمة التي دانهما بها ، رغم انتفاء ركن التسليم ، ولم يدلل على توافر ظرف الإكراه ، وعول على أقوال شاهد الإثبات رغم أنه نسب إليه ما لم يقله وأن الواقعة في حقيقتها لا تعدو أن تكون جريمة نصب ، كما عول على تحريات المباحث رغم عدم جديتها بدلالة أنها ترديد لما جاء بمذكرة الضبط ، وانساقت المحكمة في ذلك وراء القيد والوصف الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة ، والتفت إيراداً ورداً عن دفاعهما بقصور تحقيقات النيابة العامة لعدم إجراء معاينة لمكان الواقعة ، وبطلان استجوابهما بمحضر الضبط وما نتج عنه من اعتراف لشواهد عددها ، وبإنكار الاتهام ، وعن باقي الدفوع الجوهرية المبداة بمحضر الجلسة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجني عليه وأقوال الضابط مجري التحريات ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الثبوت في الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غيرسديد . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم توافر أركان جناية السرقة بالإكراه بكافة أركانها القانونية ، فإن النعي بأن الواقعة لا تخرج عن كونها جنحة نصب لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقها الحكم للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه لما كان التسليم المعتبر والذي من شأنه أن ينتج أثره في نفي ركن الاختلاس في جريمة السرقة هو التسليم الذي ينقل الحيازة للشيء من المسلم إلى المستلم ، وهو ينطوي على عنصرين الأول مادي وهو تحريك الشيء من يد المسلم إلى يد المستلم والثاني معنوي وهو إرادة المسلم من تمكين المستلم من مباشرة سيطرة مادية على هذا الشيء وتخويله أيضاً صفة قانونية عليه ، ولما كان التسليم في صورة الدعوى المعروضة وإن توافر له العنصر المادي إلا أنه لا ينتج أثره في نفي ركن الاختلاس ، لأنه لا تتوافر لدى المجني عليه إرادة نقل حيازة الهاتف المحمول إلى الطاعنين ، ومعنى ذلك أن فعل الطاعنين في هذه الحالة اعتداء على ملكية الغير وحيازته وهو تبعاً لذلك اختلاس تقوم به جريمة السرقة ، ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من أقوال المجني عليه وأقوال مجري التحريات أن الطاعنين قاما بتهديد المجني عليه بأن أوهماه بأنهما من رجال الشرطة ، وكان إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام استخلصه مما ينتجه ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات ، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها أو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة ، وأن قرابة الشاهد للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بأقواله متى اقتنعت المحكمة بصدقها ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها أقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى التحريات التي ينعى الطاعنان بعدم جديتها ، فإن ما يثار في هذا الشأن يكون غير ذي موضوع . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للقاضي أن يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته بغير تأثير خارجي أياً كان مصدره سواء من النيابة العامة أو ما أسفرت عنه تحريات الشرطة ، وكان يبين مما سطره الحكم وأثبته في مدوناته أنه قد التزم هذا النظر ، فإن ما يثيره الطاعنان بدعوى تأثر عقيدة المحكمة برأي النيابة العامة وتحريات الشرطة بشأن صورة الواقعة يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يطلب من محكمة الموضوع إجراء معاينة لمكان الواقعة أو إجراء تحقيق بشأنه ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ، فيكون ما أثاره الطاعنان في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من استجواب الطاعنين بمحضر الضبط وما ورد به من اعترافات منسوبة إليهما ، فإن ما يثار في هذا الشأن يكون غير ذي موضوع . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعنان لم يكشفا في أسباب طعنهما عن أوجه الدفاع التي ينعيان على الحكم محدداً ، وكان الطاعنان لم يكشفا في أسباب طعنهما عن أوجه الدفاع التي ينعيان على الحكم عدم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، وهل تحوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه ، أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة رداً عليها ، بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق