جلسة 4 من ديسمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: عبد المنصف هاشم نائب رئيس المحكمة، أحمد شلبي، محمد عبد الحميد سند ومحمد جمال شلقاني
----------------
(223)
الطعن رقم 863 لسنة 52 القضائية
عقد "أركان العقد: التراضي".
الإيجاب. ماهيته. استخلاص ما إذا كان باتاً. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. أن يكون سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدى إليه. تكييف الفعل المؤسس عليه طلب صحة ونفاذ العقد بأن إيجاب بات أو نفي هذا الوصف عنه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2613 سنة 1979 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد الشركة المطعون عليها بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 4/ 7/ 1977، وقال بياناً للدعوى إن المطعون عليها أعلنت عن بيع بعض قطع من الأرض الفضاء المملوكة لها إلى العاملين لديها، فتقدم لشراء القطعة المبينة بالأوراق لقاء ثمن مقداره 3536 ج وتم التعاقد بينه وبين المطعون عليها بتاريخ 4/ 7/ 1977، وتنفيذاً له قام بدفع 10% من الثمن، غير أن المطعون عليها تقاعست عن تسليمها له وعن القيام بالإجراءات اللازمة لنقل الملكية إليه، فأقام الدعوى بطلبه سالف البيان، وبتاريخ 27/ 4/ 1980 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 754 سنة 36 ق مدني، وبتاريخ 18/ 1/ 1982 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ أقام قضاءه برفض الدعوى على أن إعلان المطعون عليها عن رغبتها في بيع الأراضي المذكورة وما تلا ذلك من أفعال هو مجرد إجراءات تمهيدية للتعاقد، وأن أرض النزاع مملوكة للدولة يتعين بيعها بالمزاد وفقاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964، كما أن تلك الأرض جزء من أرض مقسمة لم يصدر قرار باعتماد تقسيمها، في حين أن الإعلان سالف الذكر يعتبر إيجاباً صادفه قبول من الطاعن ولا يتم سداد مقدم الثمن إلا بعد تطابق الإيجاب والقبول ولا يعد في ذاته إيجاباً، كما أن تلك الأرض ليست مملوكة للدولة بل للمطعون عليها وليست من الأراضي الصحراوية، وليس ثمة ما يمنع من الحكم بصحة التعاقد عنها قبل اعتماد التقسيم على أن تتراخى إجراءات التسجيل إلى حين استيفاء ما يتطلبه قانون التقسيم من شروط، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الإيجاب - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو العرض الذي يعبر به الشخص على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد، واستخلاص ما إذا كان الإيجاب باتاً مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مادام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى، أما تكييف الفعل المؤسس عليه طلب صحة ونفاذ العقد بأنه إيجاب بات أو نفي هذا الوصف عنه فهو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه برفض الدعوى على أن إعلان المطعون عليها عن البيع لا يعدو أن يكون مجرد إجراءات تمهيدية ودعوة للتعاقد وأن سداد الطاعن للتأمين يعتبر إيجاباً منه لم يقترن به قبول مطابق له من - المطعون عليها، وكان ما استند إليه الحكم في ذلك وما رتبه عليه من عدم انعقاد البيع مستمداً من أوراق الدعوى وكافياً لحمل قضائه فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس، لما كان ما تقدم فإن النعي على ما استطرد إليه الحكم المطعون فيه تزيدا في شأن ملكية الدولة لأرض النزاع ومدى انطباق القانون رقم 100 لسنة 1964 والأثر المترتب على مخالفة أحكام قانون تقسيم الأراضي المعدة للبناء - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج، ومن ثم يكون النعي برمته في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق