الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 16 سبتمبر 2023

الطعن 22 لسنة 46 ق جلسة 25 / 4 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 231 ص 1257

جلسة 25 من إبريل سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ نائب رئيس المحكمة الدكتور إبراهيم علي صالح وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، صبحي رزق داود، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل، رابح لطفي جمعة.

----------------

(231)
الطعن رقم 22 لسنة 46 القضائية

محكمة الموضوع. حق "التعسف في استعمال الحق". إيجار "إيجار الأماكن".
التعسف في استعمال الحق. ماهيته. استقلال محكمة الموضوع بتقديره. مثال في تقدير عدم تناسب مصلحة المالك في إضافة وحدة سكنية مع ما يصيب المستأجر من ضرر.

-----------

أن المشرع اعتبر نظرية إساءة استعمال الحق من المبادئ الأساسية التي تنتظم جميع نواحي وفروع القانون والتعسف في استعمال الحق لا يخرج عن إحدى صورتين إما بالخروج عن حدود الرخصة أو الخروج عن صورة الحق، ففي استعمال الحقوق كما في إتيان الرخص يجب ألا ينحرف صاحب الحق عن السلوك المألوف للشخص العادي، وتقدير التعسف والغلو في استعمال المالك لحقه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من إطلاقات محكمة الموضوع متروك لتقديرها تستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها دون معقب عليها في ذلك لمحكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها، وإذ استخلص الحكم في حدود سلطته التقديرية أن المصلحة التي يرمى الطاعن إلى تحقيقها استعمالاً لحقه المخول له بمقتضى المادة 24 من القانون 52 لسنة 1969 بزيادة عدد الوحدات السكنية في المبنى المؤجر بالإضافة أو التعلية - مصلحة قليلة الأهمية لا تتناسب مع ما يصيب المطعون عليه - المستأجر من عيوب بسببها فإنه يكون قد طبق صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد/ المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه - وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 901 سنة 1973 مدني كلي الجيزة ضد المطعون عليه للحكم بتمكينه من بناء جزء من حديقة المنزل المبينة بصحيفتها وقال بياناً لذلك أن المطعون عليه يستأجر منه ذلك المنزل، ونظر لحاجته لإقامة مبنى بالحديقة الملحقة به فقد استصدر ترخيصاً بالبناء، وإذ شرع في ذلك وتعرض له المطعون عليه فقد أقام دعواه، قضت المحكمة بالطلبات فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 626 سنة 90 قضائية القاهرة، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 20/ 11/ 1975 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف استخلصت دون أن يجرى معاينة على الطبيعة توضح تعذر استحداث مسكن مستقل بالحديقة وأن إقامته تستتبع المساس بحرية مسكن المطعون عليه، في حين أن الثابت بالتقرير الاستشاري المقدم منه إمكان إنشاء مسكن يقوم استقلالاً عن المكان المؤجر.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن رأي الخبير - وعلى ما جرى به - قضاء هذه المحكمة - لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الإثبات في الدعوى وتقدير عمل أهل الخبرة والموازنة بين آرائهم فيما يختلفون فيه هو ما يستقل به قاضي الموضوع، فإذا أخذت المحكمة بتقرير الخبير الذي ندبته، قانوناً لا تكون ملزمة بالأخذ بالتقرير الاستشاري الذي قدمه الطاعن، إذ أن في أخذها بالتقرير الأول ما يفيد أنها لم تر في التقرير الاستشاري ما ينال من صحة تقرير الخبير الذي أخذت به ما دام أنها اطمأنت إلى التقرير المذكور ووجدت فيه ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في الدعوى، لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى والذي أخذت به محكمة الاستئناف - والمودع صورة رسمية منه حافظة مستندات الطاعن - أن المعاينة قد تمت على الطبيعة وثبت منها "أن العقار موضوع التداعي" مصمم على أساس أن وحدة واحدة لمسكن أسرة واحدة وأن عقد الإيجار ينص على تأجير العقار له كوحدة، وأن بناء الغرفة يؤدي إلى حرمان الساكن (المطعون عليه) من الانتفاع بالحديقة وأن هذه الغرفة ليس لها مدخل خاص بها ولا يمكن الوصول إليها إلا من خلال المسكن المؤجر للمطعون عليه"، لما كان ذلك فإن ما استخلصه الحكم المطعون فيه مما أورده الخبير في تقريره على النحو سالف البيان، من أنه لا يتصور أن بناء هذه الغرفة ينشئ مسكناً مستقلاً - يكون استخلاصاً سائغاً له أصله الثابت في الأوراق، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في مطلق سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى مما تستقل به ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه لهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أسس قضاءه على أن المصلحة التي يرمى إليها الطاعن لا تتناسب مع ما يصيب المطعون عليه من ضرر، في حين أن استعمال المالك لحق خوله له القانون لا يعتبر إساءة لاستعمال هذا الحق - المستمد من نص المادة 24 من القانون رقم 52 لسنة 1969، فضلاً عن أن الحكم اعتبر أن المصلحة التي يرمى الطاعن إلى تحقيقها قليلة الأهمية لا تتناسب البتة مع ما يصيب المطعون عليه من ضرر بسببها، في حين أن إنشاء مسكن جديد يستغله الطاعن لنفسه أو لغيره لا يمكن اعتباره مصلحة قليلة الأهمية إذ التوسع في البناء هدف قومي وصولاً لتفريج أزمة الإسكان.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن النص في المادة الخامسة من القانون المدني الواردة في الباب التمهيدي منه على أن "يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية: ( أ ).... (ب) إذا كانت المصالح التي يرمى إلى تحقيقها قليلة الأهمية لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها..." يدل على أن المشرع اعتبر نظرية إساءة استعمال الحق من المبادئ الأساسية التي تنتظم جميع نواحي وفروع القانون، والتعسف في استعمال الحق لا يخرج عن إحدى صورتين إما بالخروج عن حدود الرخصة أو الخروج عن حدود الحق. ففي استعمال الحقوق كما في إتيان الرخص يجب ألا ينحرف صاحب الحق عن السلوك المألوف للشخص العادي، وتقدير التعسف والغلو في استعمال المالك لحقه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من إطلاقات محكمة الموضوع، متروك لتقديرها تستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها دون معقب عليها في ذلك لمحكمة النقض متى أقامت قضاءها بذلك على أسباب سائغة كافية لحمله ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته ".. أنه وإن كان نص المادة 24 من القانون رقم 52 لسنة 1969 قد أجاز للمالك بزيادة عدد الوحدات السكنية في المبنى المؤجر بالإضافة أو التعلية، إلا أن ذلك مشروط بعد إساءة المالك استعمال هذا الحق فلا يسوغ له استعماله بكيفية ينجم عنها الضرر للمستأجر ولو في حدود قواعد التنظيم. وطبقاً لنص المادة 5 ب من القانون المدني يكون استعمال الحق غير مشروع إذا كانت المصالح التي يرمى إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها لما كان ذلك وكان واضحاً مما سبق بيانه أن المصلحة التي يرمى المستأنف ضده (الطاعن) إلى تحقيقها من بناء حجرة واحدة لا يمكن استعمالها مسكناً مستقلاً عن مسكن المستأنف المستأجر للعقار لا تتناسب مطلقاً مع ما يصيب هذا المستأجر من ضرر. مما مفاده أن الحكم المطعون فيه قد أعمل على واقعة الدعوى نظرية إساءة استعمال الحق واستخلص في حدود سلطته التقديرية، أن المصلحة التي يرمى الطاعن إلى تحقيقها استعمالاً لحقه المخول له بمقتضى المادة 24 سالفة البيان مصلحة قليلة الأهمية لا تتناسب مع ما يصيب المطعون عليه من ضرر بسببها، لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد طبق صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذين السببين في غير محله.
لما تقدم فإنه يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق