جلسة 29 من مايو سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة؛ والسادة المستشارين: عبد المنصف هاشم، أحمد شلبي، محمد عبد الحميد سند ومحمد جمال شوماني.
----------------
(170)
الطعن رقم 218 لسنة 51 القضائية
ملكية "نزع الملكية للمنفعة العامة".
للمواطنين مشاركة الحكومة في تنفيذ المشروعات التي تعود عليهم بالنفع بتقديم الأموال أو الأراضي المملوكة لهم لتنفيذ المشروع دون مقابل أو الالتزام بما قد تدفعه الحكومة إليهم تعويضاً لهم. شرطه. أن يكون التصرف قد صدر عنهم طواعية واختياراً دون قهر أو إكراه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1132 سنة 1966 مدني طنطا الابتدائية ضد الطاعن وآخرين بطلب الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا إليه متضامنين مبلغ 2600 ج وقال بياناً للدعوى أن المذكورين طلبوا تنفيذ مشروع الري رقم (2) لخدمة أراضيهم مقابل تنازلهم عن الأطيان المملوكة لهم التي يستلزم التنفيذ الاستيلاء عليها مع تعهدهم - بالحصول على موافقة مماثلة من باقي الملاك الذين سيمر المشروع بأراضيهم وأن يدفعوا إلى المطعون عليه ما قد يلتزم بدفعه إليه تعويضاً عن الاستيلاء على أرضهم لهذا الغرض. وإذ عجز الطاعن وباقي المتنازلين عن الحصول على موافقة باقي الملاك واضطر المطعون عليه لأداء التعويضات المستحقة لهم عن نزع ملكية أطيانهم للمشروع ورفض الأول أداء هذه التعويضات إليه فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان، وبتاريخ 15/ 12/ 1969 ندبت المحكمة مكتب خبراء وزارة العدل بطنطا لبيان ما دفعته الحكومة إلى الذين نزعت ملكيتهم لتنفيذ المشروع. وبتاريخ 14/ 1/ 1971 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن وباقي المدعى عليهم بأن يدفعوا متضامنين إلى المطعون عليه مبلغ 2377 ج و607 م استأنف الطاعن وباقي المحكوم عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 103 سنة 21 ق مدني طالبين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى كما استأنفه المطعون عليه بالاستئناف رقم 12 سنة 26 ق طنطا وبتاريخ 2/ 12/ 1980 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ اعتد بإقرار التنازل الصادر من الطاعن وآخرين عن أطيانهم التي يمر فيها مشروع الري والتزامهم بالحصول على موافقة باقي ملاك الأراضي التي يمر فيها المشروع على التنازل عنها دون مقابل أو دفع التعويضات التي قد يستحقونها عن ذلك رغم مخالفة هذا الإقرار للدستور الذي يحرم نزع الملكية الخاصة إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل.
وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك أنه ليس في الدستور أو قانون نزع الملكية للمنفعة العامة ما يمنع المواطنين أو غيرهم من مشاركة الحكومة في تنفيذ المشروعات التي تعود عليهم أو على الناس بالنفع سواء بتقديم الأموال أو الأراضي المملوكة لهم التي يحتاجها تنفيذ المشروع أو بالتعهد بالحصول على موافقة ملاك هذه الأراضي بالتنازل عنها للجهة صاحبة المشروع دون مقابل أو الالتزام بما قد تدفعه الحكومة إليهم تعويضاً لهم عن الاستيلاء عليها أو نزع ملكيتها منهم. لهذا الغرض، ما دام ذلك التصرف قد صدر منهم طواعية واختياراً دون قهر أو إكراه وهم أهل له قانوناً. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن وآخرين طلبوا من الحكومة تنفيذ مشروع ري يفيد أطيانهم مقابل تنازلهم عما يتطلبه تنفيذ هذا المشروع أو تعديله من الاستيلاء أو نزع ملكية أطيان مملوكة لهم أياً كانت مساحتها والتزامهم ضامنين متضامنين بالحصول على موافقة جميع ملاك الأراضي التي يستلزم تنفيذ المشروع الاستيلاء على جزء منها على التنازل عنها إلى الحكومة وفي حالة رفضهم ذلك أو مطالبتهم بقيمة ما نزعت الحكومة ملكيته منها فإنهم يلتزمون بكافة تلك التعويضات وأن للحكومة حق الرجوع عليهم بها وكان الطاعن لم ينع على هذا الإقرار ما ينال من صحته فإنه لا يكون مخالفاً للدستور أو القانون ويكون هذا النعي في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث مخالفة الحكم المطعون فيه للثابت بالأوراق وإخلاله بحق الدفاع ذلك أن الإقرار الصادر من الطاعن وآخرين والمتضمنين تنازلهم عن القدر من أطيانهم اللازم لتنفيذ المشروع والتزامهم بالحصول على موافقة باقي الملاك الذين سيمر المشروع بأراضيهم على مثل تنازلهم المذكور كان مشروطاً بأن لا يمر المشروع وسط أطيانه ولكن المطعون عليه نفذ المشروع على خلاف ما تم الاتفاق عليه كما أن هذا الإقرار وإن تضمن التزامهم متضامنين بالحصول على تلك الموافقة إلا أن هذا التضامن لم ينص عليه في حالة التزامهم بدفع التعويضات التي صرفت إلى هؤلاء الملاك.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح في شقه الأول ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع خلصت في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما ورد بالإقرار الصادر من الطاعن وآخرين إلى أنه جاء مطلقاً غير معلق على شرط، وكان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه له أصله الثابت بالأوراق وقد أقام قضاءه على ما يكفي لحمله فإن هذا النعي يكون في غير محله. وهو في شقه الثاني غير مقبول إذ يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق