جلسة 28 من إبريل سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: منير عبد المجيد، محمد إبراهيم خليل، علي السعدني وعبد المنعم بركة.
-----------------
(238)
الطعن رقم 1157 لسنة 47 القضائية
(1) نقض "النقض المجهل".
عدم بيان الطاعن بصحيفة الطعن أوجه دفاعه التي ينعى على الحكم إغفال الرد عليها. نعي مجهل غير مقبول.
(2، 3) قسمة "القسمة غير المسجلة". شهر عقاري. شيوع. تسجيل ملكية. بيع.
(2) القسمة غير المسجلة. أثرها. اعتبار المتقاسم فيما بينه وبين المتقاسمين الآخرين مالكاً ملكية مفرزة للجزء الذي وقع في نصيبه. عدم الاحتجاج بهذه الملكية على الغير إلا إذا سجلت القسمة.
(3) الغير في حكم المادة العاشرة من قانون الشهر العقاري. تعريفه. تسجيل المشتري لحصة شائعة، عقده قبل تسجيل عقد القسمة. اعتباره من الغير ولا يحتج عليه بهذه القسمة. أثر ذلك.
(4) إثبات "عبء الإثبات". نظام عام. نقض "أسباب الطعن".
قواعد الإثبات ليست من النظام العام. عدم جواز التحدي لأول مرة أمام محكمة النقض بمخالفة محكمة الموضوع لقاعدة تتعلق بتحديد المكلف بالإثبات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 499 سنة 1969 مدني بنها الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليه الثاني ووالده، بطلب الحكم بتثبيت ملكيتها لمساحة 44 متراً مربعاً مبينة بصحيفة الدعوى وكف منازعة الطاعن لها فيها، تأسيساً على أنها تملك هذه الأرض بموجب عقد بيع مسجل بتاريخ 23 - 6 - 1968 صادر من المطعون عليه الثاني ووالده. وبتاريخ 27/ 1/ 1971 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بينها لتطبيق هذا العقد على الطبيعة وبيان واضع اليد على الأرض موضوع النزاع ومدة وضع يده وسببه، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 20/ 12/ 1972 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أنه يملك الأرض المذكورة بوضع اليد المدة الطويلة، وبعد سماع الشهود حكمت بتاريخ 28/ 11/ 1973 بتثبيت ملكية المطعون عليها الأولى للمساحة سالفة الذكر وكف منازعة الطاعن لها فيها، استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 2 سنة 7 ق "مأمورية بنها" طالباً إلغاءه واختصم المطعون عليه الثاني بصفته وارثاً لوالده الذي توفى، وبتاريخ 24/ 5/ 1977 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك في صحيفة الاستئناف وفي مذكراته المقدمة بجلستي 23/ 4/ 1974 و28/ 2/ 1977 بأوجه دفاع جديدة كان يتعين الرد عليها غير أن الحكم المطعون فيه اكتفى بالقول بأن حكم محكمة أول درجة تكفل بالرد عليها ولم يعرض للمذكرات والمستندات المقدمة من الطاعن وسرد سببين من أسباب الاستئناف وأغفل سببين آخرين مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، إذ أن المشرع أوجب بيان سبب الطعن بالنقض في صحيفته تعريفاً به وتحديداً له لإمكان التعرف على المقصود منه وإدراك العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يبين في صحيفة الطعن سببي الاستئناف ووجوه الدفاع التي يقول أنه ضمنها مذكراته المقدمة إلى محكمة الاستئناف والتي ينعى على الحكم المطعون فيه إغفاله الرد عليها، فإن النعي بهذا السبب يكون غير مقبول لوروده مجهلاً.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بزوال حالة الشيوع بعقد قسمة مؤرخ 29/ 4/ 1936 ونعى على الحكم المستأنف تقريره بأنه ما دام الطرف الآخر في عقد القسمة تصرف فيما يخصه لخلفه شائعاً فإن ذلك يدل على قيام حالة الشيوع واستمرارها، في حين أن كل متقاسم اختص بموجب القسمة بنصيبه ووضع يده عليه، وهي قسمة اتفاقية نهائية لها أثرها الكاشف بالنسبة لملكية كل متقاسم ولو لم يكن عقدها مسجلاً، وقد نفذت على الطبيعة فأقام سلف المطعون عليها الأول مبان على الجزء الذي اختص به ولم يفتح فتحات على باقي القطع التي اختص بها المتقاسم الآخر، كما تمسك الطاعن بأن الخبير الذي ندب لم ينف المأمورية التي كلف بها على الوجه الصحيح وأن هناك أموراً كان يتعين عليه استيفاءها وطلب إعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء لاستيفائها، غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع وأغفل هذا الطلب فشابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - فإن مؤدى المادة العاشرة من قانون الشهر العقاري، أنه بمجرد حصول القسمة وقبل تسجيلها يعتبر المتقاسم فيما بينه وبين المتقاسمين الآخرين مالكاً ملكية مفرزة للجزء الذي وقع في نصيبه دون غيره من أجزاء العقار المقسم إلا أنه لا يحتج بهذه الملكية المفرزة على الغير إلا إذا سجلت القسمة، والغير في حكم المادة المذكورة، هو من تلقى حقاً عينياً على العقار على أساس أنه ما زال مملوكاً على الشيوع وقام بتسجيله، قبل تسجيل سند القسمة، فالمشتري لحصة شائعة من أحد الشركاء على الشيوع، إذا سجل عقده قبل تسجيل عقد القسمة، يعتبر من الغير وبالتالي لا يحتج عليه بهذه القسمة، ويكون هو دون البائع له صاحب الشأن في القسمة التي تجرى بخصوص هذا العقار، وله أن يطلب إجراء قسمة جديدة، إذا لم يرتض القسمة التي تمت دون أن يكون طرفاً فيها، لما كان ذلك، وكان البين من تقرير الخبير الذي اطمأنت إليه محكمة الموضوع وأخذت به في حدود سلطتها التقديرية، أن المطعون عليها الأولى اشترت بموجب عقد مسجل بتاريخ 23/ 6/ 1968، أرضاً شائعة مبينة بصحيفة الدعوى منها الأرض موضوع النزاع، وقبل تسجيل القسمة آنفة الذكر، ومن ثم فلا يحتج عليها بتلك القسمة، وقد خلص حكم محكمة أول درجة الذي أيده الحكم المطعون فيه إلى أن "أوراق الدعوى قد خلت من الدليل على أنه كان لسلف المدعى عليه (الطاعن) حيازة فعلية على القدر مثال النزاع ومساحته 44 متراً... فلم يثبت أنه ظهر على هذا القدر بمظهر المالك له... ولازم ذلك تخلف شرط استمرار حيازة المدعى عليه الأول (الطاعن) لأرض النزاع 15 سنة..." وكان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الأدلة المطروحة عليها والموازنة بينها وترجيح ما تطمأن إليه منها واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وهي غير ملزمة بإجابة طلب إعادة المأمورية إلى الخبير متى اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها وسلامة الأسس التي بنى عليها رأيه، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وتكفي لحمل قضائه فلا على محكمة الموضوع إذ لم تر محلاً لإعادة المأمورية إلى الخبير، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ أنه تمسك بوضع يده المدة الطويلة المكسبة للملكية على العقار محل النزاع وأنه في حيازته، فيقع عبء الإثبات على المطعون عليها الأولى التي تنازعه غير أن حكم محكمة أول درجة الذي أيده الحكم المطعون فيه خالف ذلك فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الطاعن ارتضى الحكم الصادر بتاريخ 20/ 12/ 1972 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ونفذه وأشهد شاهدين وسمعت المحكمة الشهود دون اعتراض منه، ولما كانت قواعد الإثبات ومنها ما يتعلق بمن يكلف به ليست من النظام العام ويجوز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً، ومن ثم فإنه لا يجوز التحدي بهذا النعي.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق