جلسة أول إبريل سنة 1981
برئاسة السيد المستشار حافظ رفقي. نائب رئيس المحكمة - وعضوية السادة المستشارين: مصطفى كمال صالح سليم، محمد زغلول عبد الحميد زغلول.، د. منصور وجيه وعلي أحمد عمرو.
--------------
(188)
الطعن رقم 1133 لسنة 50 القضائية
بيع "التزامات المشتري" "الثمن". فوائد. عقد "فسخ العقد".
استلام المشتري للمبيع القابل لإنتاج ثمار. أثره. للبائع حق في فوائد باقي الثمن ولو كان مؤجلاً ما لم يقض اتفاق أو عرف بغير ذلك. م 458 مدني إيداع المشتري باقي الثمن دون الفوائد لا يحول دون إجابة البائع إلى طلب الفسخ متى نازع في عدم إيداع الفوائد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم السبعة الأول أقام الدعوى رقم 1769 سنة 1972 مدني كلي الإسكندرية على الطاعن والمطعون ضده الأخير طالباً الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 1/ 7/ 1961 وقال بياناً لدعواه أنه بموجب ذلك العقد باع للطاعن أطياناً زراعية مساحتها ثلاثة أفدنة موضحة الحدود والمعالم به وبالصحيفة بثمن مقداره 1350 جنيهاً ونص في العقد على سداد كامل الثمن في حين أن الطاعن لم يف منه إلا مبلغ 800 جنيه فقط واعترف الأخير بذلك في إقراره المؤرخ 27/ 3/ 1962 والمتضمن مديونيته للبائع بباقي الثمن ومقداره 550 جنيهاً، وإذ لم يقم الطاعن بسداده أنذره المورث المذكور في 27/ 5/ 1972 بالوفاء وإلا اعتبر العقد مفسوخاً وبعدم جواز جمعه بين ثمرة البيع والثمن وإذ لم يستجب ذلك أقام المورث دعواه بطلباته سالفة البيان وبتاريخ 30/ 12/ 1972 قضت المحكمة بفسخ عقد البيع، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 289 لسنة 29 قضائية الإسكندرية طالباً إلغاءه ورفض الدعوى، وبإنذارين معلنين للمطعون ضدهم السبعة الأول في 8/ 2/ 1979، 11/ 3/ 1979 عرض الطاعن عليهم باقي الثمن ومقداره 550 جنيهاً ولرفضهم تسلمه أودعه خزينة المحكمة في 14/ 3/ 1979، وبتاريخ 9/ 3/ 1980 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، دفع المطعون ضده الأخير "أمين عام مصلحة الشهر العقاري" بعدم قبول الطعن بالنسبة له، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضده الأخير بعدم قبول الطعن بالنسبة له أنه لا شأن له بالنزاع ولم يحكم عليه بشيء والطاعن أسس طعنه على أسباب لا تتعلق به.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر في طلباته، وإذ كان الطاعن قد اختصم المطعون ضده الأخير أمام محكمة الاستئناف دون أن يوجه إليه طلبات وكان موقفه من الخصومة سلبياً ولم يحكم عليه بشيء، وكانت أسباب الطعن لا تتعلق به فإنه يتعين عدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن بالنسبة لباقي المطعون ضدهم قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بفسخ عقد البيع على سند من القول بأن المشتري "الطاعن" لم يوف بالتزاماته كاملة ما دام قد أودع باقي الثمن دون فوائده حالة عدم استحقاق تلك الفوائد لأن البائع "مورث المطعون ضدهم السبعة الأول" لم يطالب بها صراحة أو ضمناً سواء في صحيفة الدعوى أو الإعذار بالفسخ وأن ما ورد بمذكرة المطعون ضدهم السبعة الأول أمام محكمة أول درجة من أنه لا يجوز للمشتري أن يجمع بين المبيع والثمن ولا يعتبر طلباً صريحاً بفوائد الثمن كما تضمن البند الخامس من عقد البيع أن الطرفين اتفقا على أن ثمرة المبيع حق خالص للمشتري ينتفع بها دون مقابل مما مفاده الاتفاق على عدم استحقاق تلك الفوائد وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر أن المطعون ضدهم السبعة الأول طالبوا بمذكرتهم بفوائد الثمن ورتب على عدم إيداع الطاعن لها مع باقي الثمن إخلاله بالتزاماته وبالتالي تأييد الحكم المستأنف بفسخ العقد يكون فضلاً عن فساده في الاستدلال قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن نص الفقرة الأولى من المادة 458 من القانون المدني صريح في أن للبائع الفوائد القانونية عما لم يدفع من الثمن متى كان قد سلم المبيع للمشترى وكان هذا المبيع قابلاً لإنتاج ثمرات أو إيرادات أخرى، وتجب هذه الفوائد بغير حاجة إلى وجود اتفاق عليها ولا يعفى المشتري منها إلا إذا وجد اتفاق أو عرف يقضي بهذا الإعفاء، ولم تشترط المادة لاستحقاق الفوائد في هذه الحالة إعذار المشتري أو المطالبة بها قضائياً بل يكفي مجرد التمسك بها كما أنها لم تفرق بين ما إذا كان الثمن الذي لم يدفع حال الأداء أو مؤجلاً، وحكم هذه المادة يقوم على أساس من العدل الذي يأبى أن يجمع المشتري بين ثمرة البدلين - المبلغ والثمن - ويعتبر استثناء من القاعدة المقررة في المادة 226 من القانون المدني والتي تقضي بأن الفوائد القانونية لا تستحق إلا عن دين حل أداؤه وتأخر المدين في الوفاء به ومن تاريخ المطالبة القضائية بها، ولذا فإن المشتري لا يكون قد وفي بالتزاماته كاملة إذا لم يودع الثمن المسمى أو باقيه وما استحق عليه من فوائد من وقت تسليم المبيع القابل لإنتاج ثمرات حتى وقت الإيداع عملاً بالمادة سالفة البيان وبدون هذا الإيداع الكامل لا يمكن تفادي الفسخ المترتب على عدم قيام المشتري بالتزاماته المنصوص عليها في العقد لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من قول المطعون ضدهم السبعة الأول في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 8 من يناير سنة 1980 - طبقاً لما ورد بمدوناته "أن عرض المستأنف "الطاعن" لباقي الثمن ثم....... بعد أن ظل محتفظاً به ما يقرب من عشر سنوات وقد انخفضت قيمة النقود هذا فضلاً عن أنه حرم المستأنف عليهم "المطعون ضدهم السبعة الأول" ومورثهم من قبلهم من فوائد هذا المبلغ وليس هذا فحسب فإن العرض والإيداع باطلان وغير مبرئين لذمة المستأنف" أنهم ينازعون الطاعن في عرضه وإيداعه باقي الثمن دون فوائد، وأن ذلك العرض والإيداع غير مبرئين لذمته وأنهم بذلك يطالبون بفوائد الثمن وهو استخلاص سائغ تحمله العبارات التي أوردها الحكم نقلاً عن تلك المذكرة ثم رتب على ذلك أن الطاعن لا يكون قد وفي بالتزاماته كاملة وإذ لم يودع مع باقي الثمن ما استحق عليه من فوائد من وقت تحرير عقد البيع حتى وقت الإيداع ما دام قد أقر بعقد البيع استلامه الأطيان الزراعية المبيعة منذ إبرامه ووضع اليد عليها وهي قابلة لإنتاج ثمرات وفي استطاعته الحصول عليها وأنه بدون هذا الإيداع الكامل لا يمكن تفادي الفسخ المترتب على عدم قيام الطاعن بالتزاماته المنصوص عليها في العقد فإنه يكون قد التزم صحيح القانون وتكون مجادلة الطاعن في أن المطعون ضدهم السبعة الأول لم يطالبوا بتلك الفوائد لا صراحة ولا ضمناً في غير محله، وغير صحيح قوله بأنه قد اتفق في البند الخامس من عقد البيع على عدم استحقاق فوائد الثمن ذلك أن ما ورد بهذا البند من عقد البيع - المقدمة صورته لهذه المحكمة - من أنه "ليس للبائع مطالبة المشتري بقيمة ريع الحصة الزراعية المبيعة التي تسلمها ووضع اليد عليها من وقت تحرير العقد مقابل استلامه الثمن "ما هو إلا ترديد لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 458 من القانون المدني من أنه من آثار عقد البيع نقل منفعة المبيع إلى المشتري من تاريخ العقد، فيمتلك المشتري الثمرات والنماء ما لم يوجد اتفاق أو عرف مخالف - وبالتالي لا يتضمن هذا البند من عقد البيع الاتفاق على عدم استحقاق فوائد الثمن ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قرر أن كلاً من صحيفة الدعوى والإعذار السابق عليها تضمن عبارة "لا يجوز للطاعن أن يجمع بين المبلغ وثمنه" وفسر تلك العبارة بأنها تضمنت مطالبة مورث المطعون ضدهم السبعة الأول للطاعن بفوائد الثمن حال خلوها من تلك العبارة فضلاً عن أنها لا تفيد تلك المطالبة مما يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي بهذا الوجه غير منتج، ذلك أنه وقد انتهى الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه عن الرد على السبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني من سببي الطعن - إلى أن المطعون ضدهم السبعة الأول قد نازعوا في صحة عرض باقي الثمن دون الفوائد التي لا يشترط قانوناً لاستحقاقها إعذار الطاعن أو المطالبة بها قضائياً فإنه تعييبه في هذا الصدد أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق