جلسة 21 من فبراير سنة 1981
برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة محمد كمال عباس، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم محمد هاشم، محمود حسن رمضان، محمد علي هاشم ومحمود شوقي أحمد.
-----------------
(110)
الطعن رقم 1088 لسنة 50 القضائية
(1) إيجار "إيجار الأماكن". عقد "أثر العقد". وكالة.
آثار العقد. قاصرة على طرفيه والخلف العام أو الخاص. المستأجر الأصلي لا ينوب عن المقيمين معه في التعاقد على الإيجار. أثر ذلك. عدم جواز اعتبارهم مستأجرين أصليين.
(2) إيجار "إيجار الأماكن". محكمة الموضوع.
الإقامة مع المستأجر على سبيل الإيواء المبني على التسامح. لا تعد مساكنة. أثر ذلك. تقدير القصد من الإقامة. من سلطة محكمة الموضوع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة, وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى الابتدائية 935/ 1977 جنوب القاهرة إيجارات - على الطاعن طالبة الحكم بإخلائه من الغرفة التي يشغلها بالشقة المبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها، وقالت بياناً لدعواها أنه بموجب عقد مؤرخ 19/ 4/ 1963 استأجرت الشقة آنفة الذكر وأقامت بها ولما نقل شقيقها الطاعن من أسوان إلى القاهرة استضافته وأسرته في إحدى غرف الشقة لحين حصوله على مسكن مستقل له، وإذ رفض إخلاء الغرفة بعد أن أخطرته بإنهائها استضافته فقد أقامت دعواها، في 14/ 3/ 1978 حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 2437 سنة 95 ق القاهرة، وفي 22/ 5/ لسنة 1979 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد وسماع الشهود حكمت بتاريخ 4/ 3/ 1980 بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الطاعن من عين النزاع، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره, وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول، أن الحكم قضى بالإخلاء تأسيساً على أن إقامة الطاعن بعين النزاع كانت على سبيل الإيواء والاستضافة، مستخلصاً ذلك من تحرير عقد الإيجار باسم المطعون ضدها وذلك دون بيانه تاريخ بدء هذه الإقامة بالرغم من أن الطاعن دفع بأنه أقام بالعين منذ بدء الإيجار حتى تاريخ رفع الدعوى بينما تركتها المطعون ضدها وأقامت بمسكن زوجها بما يعتبر معه مستأجراً أصلياً، إذ من المقرر أن الشخص لا يستأجر المسكن لنفسه فحسب بل له ولأفراد أسرته الذين يعتبرون مستأجرين أصليين وإذ خالف الحكم هذا النظر واعتبر أن إقامة الطاعن كانت على سبيل الإيواء والاستضافة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 152 من القانون المدني على أنه "لا يترتب العقد التزاماً في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقاً". يدل على أن مبدأ نسبية العقد يهيمن على قوته الملزمة بالنسبة للأشخاص والموضوع بما يقتضي أن أثر العقد إنما يقتصر على طرفيه والخلف العام أو الخاص أو الدائنين في الحدود التي بينها القانون, فلا تنصرف الحقوق الناشئة عنه والالتزامات المتولدة منه إلا إلى عاقديه، ولئن كان لعقد الإيجار الأماكن طابع عائلي وجماعي لا يتعاقد فيه المستأجر ليسكن بمفرده بل ليعيش معه أفراد أسرته ولمن يتراءى له إيواؤهم الذين لا تترتب في ذمتهم التزامات قبل المؤجر خلال فترة مشاركتهم المستأجر الأصلي في السكن، ويبقى هذا الأخير هو الطرف الأصلي والوحيد في التعامل مع المؤجر، ولا يسوغ القول بأن المقيمين مع المستأجر يعتبرون مستأجرين أصليين أخذاً بأحكام النيابة الضمنية انحرافاً عن المبادئ العامة في نسبية أثر العقد, لأن هؤلاء ليسوا طبقاً للقانون أطرافاً في عقد الإيجار ولا تربطهم بالمؤجر أية علاقة تعاقدية مباشرة أو غير مباشرة سواء كانت إقامتهم في بداية الإيجار أو بعده وإنما تمتعهم بالإقامة في العين كان قياماً من المستأجر بالتزامات وواجبات أدبية ذات طابع خاص قابلة للتغيير والتبديل متعلقة به هو ولا شأن لها بالمؤجر، وكيفية استعمال المستأجر لمنفعة المسكن مسألة عارضة لا تبرر فكرة المجاز القانوني على أساس النيابة الضمنية، هذا إلى أن المساكنة التي تنشئ حقاًَ للبقاء في العين للمنتفعين بالعين المؤجرة من غير الأقارب المشار إليهم بالمادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 ولئن كانت تستلزم أن تبدأ إقامتهم بالعين مع المستأجرين منذ بدء الإيجار إلا أن كل إقامة بالعين منذ بدء الإيجار لا تعتبر بالضرورة مشاركة سكنية، لما كان ذلك, وكان الواقع في الدعوى أن عقد إيجار الشقة التي بها غرفة النزاع أبرم في 19/ 4/ 1963 بين المطعون ضدها والمالك, وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في حدود سلطة المحكمة الموضوعية من أقوال الشهود في الدعوى ولأسباب كافية لحمله أن الطاعن إنما كان يقيم بغرفة النزاع على سبيل الإيواء تقديراً لظروفه الخاصة, فتكون إقامته مبنية على عمل من أعمال التسامح الذي لا يكسبه حقاً يعارض حق المستأجرة على عين النزاع، وإن لم تكن مستمرة الإقامة فيها طيلة مدة الإيواء، فلا يعيب الحكم إغفاله تاريخ بدء هذا الإيواء...... ولا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ولا مشوباً بالقصور.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني للسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أنه أجاز للمطعون ضدها لكونها زوجة مسلمة أن تحتفظ بمسكن غير مسكن زوجها تحتاط به لنفسها عند انفصام عرى الزوجية مخالفة بذلك نص المادة 8 من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي تقضي بعدم جواز احتجاز الشخص لأكثر من مسكن في البلد الواحد، دون مقتضى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأسباب كافية تحمله، لها أصلها في الأوراق، إلى نتيجة تتفق والتطبيق الصحيح للقانون على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول، فإن تعيبه فيما استطرد إليه لتأييد وجهة نظره، يكون - على فرض صحته - غير منتج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق