جلسة 7 من نوفمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: عزت حنورة نائب رئيس المحكمة، محمود نبيل البناوي، أحمد نصر الجندي ود. محمد بهاء الدين باشات.
---------------
(204)
الطعن رقم 1058 لسنة 51 القضائية
(1) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
القضاء النهائي في مسألة أساسية. مانع للخصوم أنفسهم من التنازع فيها بأية دعوى تالية تكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق مترتبة عليها.
(2) ملكية "أسباب كسب الملكية". تقادم "التقادم المكسب".
استطراق الأرض المملوكة للأفراد المدة اللازمة لكسب ملكيتها بالتقادم الطويل. أثره. كسب الدولة لملكيتها بالتقادم.
(3) إثبات "القرائن القضائية". حكم.
الحكم الصادر في دعوى أخرى لم يكن الخصوم طرفاً فيها. قرينة قضائية بسيطة خاضعة لتقدير محكمة الموضوع. عدم التزامها - عند عدم الأخذ بها - بالرد عليها استقلالاً ما دام أن الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيها الرد الضمني المسقط لها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 412 سنة 1977 مدني كلي أسوان على رئيس وحدة الحكم المحلي بإدفو بصفته ومحافظ أسوان بصفته ووزير الحكم المحلي بصفته - المطعون ضدهم - طالباً الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 42672 ج و800 م وقال بياناً لها إنه يمتلك أرضاً مساحتها 19 ط و14.5 س نزعت منها ملكية مساحة 9 ط و13.7 س وقضى له بالتعويض عنها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 139 سنة 1974 مدني كلي أسوان، وقد استولى مجلس مدينة ادفو على الباقي ومساحته 10 ط و8/ 15 س دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية، وإذ كان يقدر ثمن هذه المساحة ومقابل الانتفاع بها بالمبالغ المطالب به فقد أقام الدعوى ليحكم له بطلباته، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 29/ 12/ 1979 برفض الدعوى.
استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط "مأمورية أسوان" بالاستئناف رقم 31 س 55 ق طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته بتاريخ 7/ 3/ 1981 قضت المحكمة بتأييده، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه يقول إن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى على الاعتداد بحجية الحكم الصادر من محكمة استئناف أسيوط في الاستئناف رقم 66 س 49 ق، وإذ كانت الدعوى الصادر فيها هذا الحكم قد أقيمت منه بطلب الريع عن الأرض المملوكة له كلها وقد قصر الحكم قضاءه له بالريع على مساحة 12 ط و20 س منها استناداً إلى ما ورد بتقرير الخبير من أن القدر الباقي قد استطرق منذ أكثر من ثلاثين سنة وكانت حجية هذا الحكم قاصرة على عدم استحقاقه للريع عن هذا القدر دون الفصل في ملكيته، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الحكم السابق قد فصل في الملكية باعتبارها مسألة أساسية بما يحول دون العود إلى بحثها ورتب على اعتداده بحجية هذا الحكم قضاءه برفض الدعوى يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قضاء الحكم السابق النهائي في مسألة أساسية يكون مانعاً من التنازع فيها بين الخصوم أنفسهم في أية دعوى تالية تكون فيها هذه المسألة هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق مترتبة عليها وكان من المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أن استطراق الأرض المملوكة للأفراد المدة اللازمة لكسب ملكيتها بالتقادم الطويل يترتب عليه كسب الدولة لملكيتها بالتقادم، لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم الصادر من محكمة استئناف أسيوط في الاستئناف رقم 66 س 49 ق أن الطاعن كان قد أقام الدعوى ليحكم له على المطعون ضدهم بريع أرضه البالغ مساحتها 19 ط و14.5 س لغصبهم لها وقد قضى فيها نهائياً برفض دعواه فيما جاوز مساحة 12 ط و20 س على سند من استطراق هذا القدر الزائد مدة ثلاثين سنة، وكان الطاعن قد أقام دعواه الماثلة بطلب التعويض والريع عن مساحة 10 ط و8/ 10 س الباقي من أرضه والذي يدخل ضمنه القدر المستطرق، لما كان ذلك وكانت ملكية الطاعن للأرض محل النزاع هي مسألة أساسية لازمة للفصل في الدعويين، وكان قضاء الحكم السابق باستطراق جزء من أرض الطاعن مدة ثلاثين سنة هو قضاء كاشف عن ملكية الدولة لهذا القدر وانحسارها عن الطاعن، فإن الحكم المطعون فيه إذا اعتد بحجية هذا الحكم السابق في قضائه برفض الدعوى بالنسبة للقدر المستطرق يكون قد التزم صحيح القانون ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه بالقصور وفي بيانه يقول إنه والمطعون ضدهم أقاموا الدعويين 139، 176 سنة 1974 مدني كلي أسوان طعناً في قرار لجنة معارضات نزع الملكية بتقدير التعويض المستحق عن مساحة 9 ط و13.7 س التي نزعت ملكيتها من أرضه، وتمسك المطعون ضدهم بوجوب خصم مقابل التحسين الذي عاد على باقي أرضه، وقد جاء القضاء في الدعويين له بالتعويض محمولاً على أن هذا التعويض لا يتأثر بما عاد على باقي أرضه من تحسين وهو ما يصلح دليلاً على أن الباقي من الأرض - وهو بذاته محل النزاع - مملوك له، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدليل رغم تمسكه به لديها يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن ما يقضى به في دعوى أخرى لم يكن الخصم طرفاً فيها لا يعد سوى قرينة قضائية بسيطة تخضع لمحض تقدير محكمة الموضوع التي لا تلتزم - عند عدم الأخذ بها - بالرد عليها استقلالاً طالما أن الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيها الرد الضمني المسقط لها، لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم الصادر في الدعويين 139، 176 سنة 1974 مدني كلي أسوان أن المطعون ضدهم بصفاتهم لم يكونوا خصوماً في هاتين الدعويين وأن اختصام محافظ أسوان فيها كان بوصفه ممثلاً للجهة التي نزعت الملكية وهي تغاير مجلس مدينة ادفو التي اختصم ممثلاً له في الدعوى الماثلة وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على ما خلص إليه من ثبوت عدم ملكيته للأرض محل النزاع أخذاً بما ورد بتقرير الخبير وبالحكم الصادر من محكمة استئناف أسيوط في الاستئناف رقم 66 س 49 ق من كسب الدولة لملكيتها باستطراق 5 ط و26.5 س منها ونزع ملكية الباقي وهو ما يكفي رداً على دفاع الطاعن مثار النعي بهذا السبب فإن النعي به يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في الإسناد وفي بيانه يقول إن ما نزعت ملكيته من أرضه مساحته 9 ط و13.7 س ومن الثابت بالحكم الصادر في الدعويين 139، 176 سنة 1974 مدني كلي أسوان وإذ أورد الحكم أن نزع الملكية شمل مساحة 12 ط و20 س أخذاً بما أورده الحكم الصادر من محكمة أسيوط في الاستئناف رقم 66 س 46 ق واعتبر الباقي قد خرج عن ملكه بالاستطراق ثم حدد مساحة هذا الباقي بقدر 5 ط و16 س حال أن مساحته 6 ط و18 س مما أدى إلى إغفاله القضاء بالتعويض عن القدر الزائد يكون فضلاً عن قصوره معيباً بالخطأ في الإسناد.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يعول في بيان ما نزعت ملكيته وما استطرق من أرض الطاعن إلا على تقرير الخبير في الدعوى الماثلة الذي كان قد أثبت أن ما نزعت ملكيته من أرض الطاعن مساحته 13 ط و22 س وأن ما استطرق منها مساحته 5 ط و16.5 س وإذ كانت هاتان المساحتان تمثلان كاملاً الأرض التي ادعى الطاعن ملكيته لها ومساحتها 19 ط و14.5 س، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق