الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 18 أغسطس 2023

الطعنان 961 ، 978 لسنة 32 ق جلسة 27 / 6 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 146 ص 1465

جلسة 27 من يونيو سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد ومحمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار وادوارد غالب سيفين (نواب رئيس مجلس الدولة).

-------------------

(146)

الطعن رقم 961، 978 لسنة 32 القضائية

(أ) ترخيص - ترخيص مباني - الترخيص الضمني - الإعفاء من شرط عدم تجاوز الارتفاع.
المواد 4، 5، 6، 7، 29، 30 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، المادة 35 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 الصادرة بالقرار الوزاري رقم 237 لسنة 1977.
يلزم لقيام الترخيص الضمني بفوات المدة المحددة أن يكون طلب الترخيص مطابقاً للقانون وملتزماً أحكامه - لا يسوغ في نظام الترخيص الإداري افتراض إرادة لإدارة ضمناً ما لم ينص القانون صراحة على خلاف ذلك ويكون هذا من باب أولى إذا كانت لها سلطة استثنائية من الشروط والأوضاع المعتادة في البناء لأسباب تبرر ذلك الصالح العام - أثر ذلك: يتعين الحصول على موافقة صريحة باستثناء الارتفاع الوارد في طلب الترخيص من الجهات المختصة قانوناً - أساس ذلك: أعمال آثار قرينة سكوت الجهة الإدارية لا يتأتى إلا إذا كان طلب الترخيص أساساً مطابقاً لكافة الشروط والأوضاع والضمانات المقررة وملتزماً بها - الإعفاء من شرط جوهري لإصدار الترخيص (مثل شرط عدم تجاوز الارتفاع) لا يمكن أن يكون صريحاً وصادراً على النحو المرسوم له قانوناً. نتيجة ذلك: فوات مدة الستين يوماً دون صدور الترخيص المتضمن استثناء من قواعد الارتفاع لا يمكن حمله على أنه ترخيص ضمني بإقامة الأعمال المطلوب الترخيص بإقامتها دون نص صريح في القانون يقرر ذلك - تطبيق.
(ب) ترخيص - ترخيص مباني - طلب التصالح - قرارات وقف الأعمال المخالفة - إحالة هذه القرارات إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة 15 من القانون رقم 106 لسنة 1976 - ميعاد الإحالة - طبيعة هذا الميعاد.
المواد 15، 16، 17، 18 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء معدلاً بالقانون رقم 30 لسنة 1983، المادة 3 من القانون رقم 30 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976.
ثمة مخالفات لا يجوز التجاوز عنها وهي المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقرر طبقاً للقانون رقم 106 لسنة 1976 وتعديلاته أو قانون الطيران المدني الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن تخصص لإيواء السيارات - هذه المخالفات التي حددها المشرع لخطورتها متى وقعت فإنه لا يجوز للمحافظ المختص أن يصدر فيها قراره دون الرجوع إلى اللجنة المشكلة طبقاً لحكم المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 وتعديلاته - لم تتضمن أحكام القانون رقم 30 لسنة 1983 أو القانون رقم 54 لسنة 1984 ما يفيد جواز التصالح في المخالفات التي تشكل مخالفة للنظام العام للمباني - لا يرد على هذه المخالفات طلب التصالح المعنى بالقانون رقم 54 لسنة 1984 - أن يقدم مع ذلك طلب للتصالح على المخالفات التي تهدد النظام العام للمباني والتي لا يجوز التصالح فيها فلا توقف بداهة الإجراءات المتخذة ضد المخالف - يتعين إحالة قرارات وقف العمال المخالفة إلى اللجنة المشار إليها في المادة 15 من القانون رقم 106 لسنة 1976 لكي تتخذ بشأنها الإجراء المناسب وفقاً لطبيعة الأعمال المخالفة - عدم الإحالة خلال أسبوع على الأكثر من تاريخ إجراء الوقف ليس من شأنه أن يسقط قرار وقف الأعمال - أساس ذلك: الميعاد المنصوص عليه في المادة المشار إليها ليس ميعاد سقوط بل هو لا يعدو إلا أن يكون ميعاداً تنظيماً قصد به حث الجهة الإدارية المختصة على اتخاذ إجراءات الإحالة حسماً للأمر بمعرفة اللجنة في وقت قريب وحتى يتبين صاحب البناء موقفه من الأعمال التي يقوم بها - يسري هذا الحكم على الميعاد الذي وضع للجنة كي تبت فيه فيما هو معروض عليها فإن حدد لها مهلة عشرة أيام على الأكثر من تاريخ إحالة الأمر إليها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 18/ 3/ 1986 أودع الأستاذ سعد أبو عوف المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن جمعية العاشر من رمضان للإسكان التعاوني سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 961 لسنة 32 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 26/ 12/ 1985 في الدعويين رقمي 4188، 4838 لسنة 37 ق والقاضي بقبول الدعويين شكلاً وبوقف تنفيذ قرار إزالة أعمال البناء المخالفة وبرفض طلب وقف تنفيذ قراري وقف أعمال البناء المخالفة.
وطلب الطاعن إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من رفض طلب وقف تنفيذ قراري أعمال البناء المخالفة والحكم بوقف تنفيذ القرارين المشار إليهما والصادرين من رئيس حي مصر الجديدة.
وفي يوم الأربعاء الموافق 19/ 2/ 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير الإسكان ومحافظ القاهرة سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 978 لسنة 32 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعويين رقمي 4188، 4838 لسنة 37 ق - المشار إليها سلفاً - وطلبت الهيئة أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من وقف تنفيذ قرار إزالة أعمال البناء المخالفة، والقضاء برفض الدعوى وإلزام الجمعية المطعون ضدها المصروفات.
وقد تم إعلان الطعنين قانوناً وذلك على النحو الموضح بالأوراق وأودع السيد الأستاذ المستشار مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني ارتأى فيه للأسباب المبينة به الحكم بضم الطعن رقم 978 لسنة 32 ق. ع إلى الطعن رقم 961 لسنة 32 ق. ع ليصدر فيها حكم واحد، وبقبول الطعنين شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام كل طاعن مصروفات طعنه.
وحددت جلسة 2/ 1/ 1989 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وتقرر ضم الطعن رقم 978 لسنة 32 ق إلى الطعن رقم 961 لسنة 32 ق للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد وتدوول نظر الطعنين أمام الدائرة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، إلى أن تقرر إحالتها إلى هذه المحكمة، والتي نظرتهما بجلسة 10/ 11/ 1991 وبالجلسات التالية إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة 3 من يناير 1993 مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال ثلاثة أسابيع وخلال الأجل أودع محامي جمعية العاشر من رمضان مذكرة بدفاع الجمعية أوضح فيها حصول الجمعية على ترخيص ضمني بإقامة العقار محل النزاع بالارتفاعات المطلوبة، وإن حكماً صدر على الجمعية - بالنسبة لمخالفات الارتفاع المدعي بها - بأداء ضعف الرسوم المقررة للترخيص وهي عقوبة بديلة لعقوبة الإزالة والتي لا يجوز للجهة الإدارية أن تصدر قراراً بالإزالة بعد صدور الحكم المشار إليه وهو ما أكدته مناقشات مجلس الشعب عند أخذ الرأي النهائي على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض مواد القانون رقم 106 لسنة 1976 ومن بينها المادة 22 مكرر.
وبجلسة اليوم 27/ 6/ 1993 صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق بالحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 13/ 6/ 1983 أقامت جمعية العاشر من رمضان الدعوى رقم 4188 لسنة 37 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري طلبت في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرارين رقمي 229، 230 الصادرين من رئيس حي مصر الجديدة في 16/ 4/ 1983 بوقف تنفيذ الأعمال الجارية في عمارة برج السلام التي تقيمها الجمعية في حي مصر الجديدة وبإلغاء القرارين المشار إليهما وبإلغاء القرار السلبي الصادر من رئيس حي مصر الجديدة بالامتناع عن إصدار ترخيص صريح لجمعية العاشر من رمضان بإقامة برج السلام بارتفاع 85 متراً طبقاً لطلب الترخيص المقدم من الجمعية في 25/ 4/ 1977.
وقالت الجمعية شرحاً للدعوى أنها أنشئت للمساهمة في حل أزمة الإسكان عن طريق تمليك وحدات سكنية لأعضائها بأقل سعر ممكن، واشترت العقار رقم 7 بشارع الأهرام بمصر الجديدة وتم هدمه لإقامة عمارة سكنية مكانه وأعدت الجمعية مشروعاً ابتدائياً باسم برج السلام ويحوي 127 شقة سكنية وبعض الوحدات الإدارية، وتقدمت الجمعية بهذا المشروع للسيد المحافظ الأسبق وطلبت الاستثناء من قيود الارتفاع ووافق على المشروع في 6/ 1/ 1977 كما تأشر لوكيل وزارة الإسكان بإعطاء التصريح، وتقدمت الجمعية بطلب مستوف للشرائط القانونية إلى حي مصر الجديدة لإصدار الترخيص، واستثناء المشروع من الارتفاع، وإزاء ضرورة الحصول على موافقات العديد من الجهات المختصة مما يستغرق وقتاً طويلاً طلبت الجمعية الحصول على ترخيص عادي غير متضمن الاستثناء من الارتفاع ريثماً يتم الحصول على كافة الموافقات اللازمة، وفعلاً صدر الترخيص رقم 113 لسنة 1978.
وأضافت الجمعية أنه بعد أن حصل على كافة موافقات الجهات المختصة رفع مدير الإسكان بمصر الجديدة مذكرة إلى مجلس الحي بموافقته على المشروع متكاملاً وأوصى باستثناء الارتفاع ووافق مجلس الحي في 31/ 5/ 1979 على ذلك وأرسل كتاباً بالموافقة إلى وكيل وزارة الإسكان لمحافظة القاهرة لاتخاذ اللازم، إلا أن الإهمال والإجراءات الروتينية عطلتا صدور الترخيص، ولما كان من المتعين طبقاً للمادة السادسة من القانون رقم 106 لسنة 1976 أن تبت الجهة الإدارية المختصة في طلب الترخيص خلال ستين يوماً، وإن انقضاء المدة المشار إليها دون صدور قرار مسبب بالرفض فإن ذلك يعتبر - طبقاً للمادة السابعة من القانون المشار إليه - بمثابة موافقة على طلب الترخيص، فإن الجمعية اعتبرت أنه صدر لها ترخيص ضمني بالمبنى واستمرت في تنفيذ المشروع دون أي اعتراض لمدة عامين إلى أن فوجئت بصدور القرارين رقمي 229، 230 في 16/ 4/ 1983 بوقف الأعمال الجارية بدون ترخيص وكذا الأعمال المخالفة للترخيص المنصرف ومن ثم توقف العمل في المشروع برمته.
ونعت الجمعية على القرارين المطعون فيهما صدورهما على غير سند صحيح من حكم القانون وأن تنفيذهما يترتب نتائج يتعذر تداركها.
وبتاريخ 30/ 7/ 1983 أقامت الجمعية الدعوى رقم 4838 لسنة 37 ق بصحيفة أودعتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري، وطلبت في ختامها الحكم بوقف تنفيذ قرار حي رئيس مصر الجديدة رقم 439 لسنة 1983 والقاضي بأن نزال بالطريق الإداري أعمال البناء المخالفة بالعقار رقم 7 شارع الأهرام بمصر الجديدة المملوك للجمعية وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه.
وقالت الجمعية شرحاً للدعوى أنه بعد صدور قراري حي مصر الجديدة رقمي 229، 230/ 1983 بوقف الأعمال الجارية بالعقار رقم 7 شارع الأهرام والمطعون فيهما بالدعوى رقم 4188 لسنة 37 ق أصدر رئيس الحي قراراً جديداً برقم 439 في 27/ 7/ 1983 بإزالة أعمال البناء المخالفة بالعقار المشار إليه وأبلغت الجمعية بالقرار بمقتضى إنذار حدد فيه رئيس الحي مهلة 3 شهور لإتمام الإزالة مما اضطر الجمعية إلى إقامة الدعوى، ناعية على القرار المطعون فيه تجاهله للترخيص الضمني الذي صدر للجمعية بعد أن تقدمت بطلب مستوف لجميع الموافقات التي طلبها حي مصر الجديدة، وأن جميع الطوابق المدعي إقامتها بغير ترخيص تمت في ظل العمل بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 ولم يكن يحظر تجاوز قيود الارتفاع، كما أن القانون المشار إليه لم يكن يجيز هدم المباني أو الطوابق المقامة بدون ترخيص إلا بحكم قضائي نهائي وهو ما لم يتوافر في شأن العقار محل النزاع، فضلاً عن أن الجهة الإدارية جرت على عدم إزالة الطوابق المخالفة اكتفاء بأداء ضعف الرسم المقرر وهو عرف لا يتعارض والقانون رقم 106 لسنة 1976، وأخيراً فإن الجمعية قدمت طلباً للتصالح طبقاً للمادة 3 من القانون رقم 30 لسنة 1983 وخلصت الجمعية إلى طلب الحكم بطلباتها المشار إليها سلفاً.
عقبت هيئة قضايا الدولة على الدعويين ودفعت بعدم قبول الدعوى رقم 4188 لسنة 37 ق شكلاً على سند من القول بأن القرارين المطعون فيهما بالدعوى المشار إليها لم يتضمنا مركزاً قانونياً جديداً وإنما هو تنفيذاً لقراري الإيقاف الصادرين عام 1982 واللذين باتا بمنأى عن الطعن فيهما بالإلغاء لفوات المواعيد المقررة قانوناً. وفي الموضوع أضافت الحكومة أن الجمعية حصلت على ترخيص رقم 113 لسنة 1978 ببناء بدروم ودورين أحدهما جراج وستة أدوار متكررة فتجاوزت هذا الترخيص ببناء أدوار عليا بدون ترخيص والبناء في منطقتي الردود اليمنى واليسرى مما يجعل القرارين المطعون عليهما صدرا بالتطبيق الصحيح للقانون، وأنه عن طلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إصدار ترخيص للجمعية بإقامة برج السلام بارتفاع 85 متراً فمردود عليه بأن الإعفاء من قيود الارتفاع يتقرر بقرار من وير الإسكان، وطالما لم يصدر هذا القرار فلا يكون ثمة قرار سلبي بالامتناع.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة - ثانية - أشارت فيها إلى أن اللجنة المشكلة طبقاً للقانون رقم 30 لسنة 1983 اجتمعت في 25/ 7/ 1983 واستعرضت الحالات المخالفة للقانون رقم 106 لسنة 1976 والقانون رقم 30 لسنة 1983 وقررت إزالة جميع المباني المخالفة المتجاوزة الارتفاع المقرر قانوناً بعد إنذار المخالفين، واستقر الرأي على البدء بالحالات الصارخة التي لا يوجد بها سكان ووردت القطعة رقم 7 شارع الأهرام بمصر الجديدة ضمن المباني المشار إليها واعتمد المحافظ قرار اللجنة، وأصدر رئيس الحي قراره المطعون فيه بإزالة الأعمال المخالفة، والتي تشكل خطورة على الأرواح، وجريمة مستترة، وأن تصالح الجهة الإدارية مع بعض المخالفين لا يمثل قاعدة تنظيمية يمكن الاحتياج بها.
وبجلسة 26/ 12/ 1985 أصدرت المحكمة حكمها في الدعويين والقاضي بقبولهما شكلاً وبوقف تنفيذ قرار إزالة أعمال البناء المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وبرفض طلب وقف تنفيذ قراري وقف أعمال البناء المخالفة المطعون فيهما وألزمت المدعية المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الجمعية المدعية خالفت الترخيص الصادر لها من الجهة الإدارية المختصة وقامت بأعمال البناء متجاوزة الدور السادس المرخص به حتى وصلت أعمال البناء إلى الدور السادس والعشرين، ولم يتبين من الأوراق - كما استطرد الحكم المطعون فيه إلى صدور قرار من وزير الإسكان باستثناء مبنى الجمعية من الحد الأقصى للارتفاع ومن ثم فإن تجاوز الأدوار المرخص بها وتجاوز الارتفاع للحد الأقصى المسموح به واستمرار إقامة هذه الأعمال المخالفة يحقق للجهة الإدارية إصدار قرارها بوقف الأعمال المخالفة ويكون قرارها صحيحاً ولا وجه للطعن عليه.
وعن الحكم بوقف تنفيذ قرار الإزالة للأدوار المخالفة، أقامت المحكمة حكمها على أن الجمعية المدعية قدمت طلباً إلى الوحدة المحلية للتصالح طبقاً للقانون رقم 54 لسنة 1984 فإنه كان يتعين وقف الإجراءات المتخذة ضد الجمعية حتى تتم معاينة المبنى موضوع المخالفة على ضوء أحكام القانون رقم 54 لسنة 1984، مما يتعين معه الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه حتى يتم بحث مدى تحقيق إحدى الحالات الثلاث التي تستوجب الإزالة.
ومن حيث إن طعن جمعية العاشر من رمضان والمقيد برقم 961 لسنة 32 ق يقوم على أن الحكم المطعون فيه صدر مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك إن تجاهل الترخيص الضمني الصادر للجمعية الطاعنة، بعد أن لم تتلق الجمعية رداً بقبول طلب الترخيص الذي تقدمت به أو رفضه أو استيفائه خلال المد المقررة قانوناً مما يعتبر بمثابة موافقة ضمنية على طلب الترخيص إعمالاً للمادتين 6، 7 من القانون رقم 106 لسنة 1976 وعلى مقتضى هذا الترخيص الضمني يكون القراران الصادران بوقف الأعمال غير مطابقين لصحيح حكم القانون، ومن ناحية أخرى فإن هذين القرارين سقطا بصدور القانون رقم 30 لسنة 1983 قبل أن تبت فيهما لجنة التظلمات ويصبحان عديما الأثر.
وأضافت الجمعية الطاعنة أن القرارين المطعون فيهما قد صدرا بالمخالفة لأحكام القانون رقم 135 لسنة 1981 الذي نص في مادته الأولى على عدم جواز إصدار قرارات أو أحكام بإزالة أو بهدم أو بتصحيح الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء، وهو ما تمت مراعاته حينما تصدت لجنة التظلمات للمحضر الذي أحيل إليها عقب صدور القرار رقم 80 لسنة 1981 بوقف الأعمال المخالفة في العقار محل النزاع فأصدرت اللجنة قراراً بحفظ المحضر وإلزام المخالف بضعف رسوم الترخيص عن الأعمال المخالفة، وأقامت اللجنة قرارها على أن المخالفة يسري في شأنها حكم القانون رقم 135 لسنة 1981 وقد أصبح هذا القرار نهائياً بعد أن طعنت فيه الجهة الإدارية بالاستئناف رقم 236 لسنة 1982، وقررت اللجنة الاستئنافية عدم قبول الاستئناف شكلاً لتقديمه بعد الميعاد.
وخلص تقرير الطعن إلى أنه متى أنكرت الجهة الإدارية الترخيص الضمني الصادر للجمعية بإقامة عقار النزاع بارتفاع 85 متراً فإن البناء يكون مقاماً بغير ترخيص في الفترة النصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 135 لسنة 1981 ومخالفاً لقيود الارتفاع التي حددتها شركة مصر الجديدة وبالتالي لا يجوز الحكم بإزالته أو هدمه أو تصحيحه، ومن ثم فإن الحكم إذ قضي برفض وقف تنفيذ قراري وقف الأعمال المطعون فيهما يكون مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن طعن الحكومة المقيد برقم 978 لسنة 32 ق يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ذلك أنه اعتد بطلب التصالح الذي قدمته الجمعية المطعون ضدها إعمالاً لحكم القانون رقم 54 لسنة 1984 وأنه كان يتعين وقف قرار إزالة الأعمال المخالفة حتى تصدر اللجنة المشكلة وفقاً للمادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 قرارها في هذا الشأن، وهو قضاء يخالف ما هو ثابت بالأوراق أن الجمعية وقد تجاوزت حدود الارتفاع المسموح به قانوناً فإنه يتعين إزالة المخالفة بقرار يصدر في هذا الشأن من المحافظ دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها سلفاً، لأن الحالة المعروضة ليست من الحالات التي يجوز التصالح بشأنها، وأنه لا يوجد أي إلزام لعرض طلب التصالح على اللجنة المشكلة وفقاً لنص المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 وخلصت الجهة الإدارية لما تقدم - ولكل ما ورد بتقرير الطعن - إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من وقف تنفيذ قرار إزالة أعمال البناء المخالفة والقضاء برفض الدعوى في هذا الشق وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
ومن حيث إن المادة الرابعة من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء تنص على أن "لا يجاوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تدعيمها أو هدمها أو تغطية واجهات المباني القائمة بالبياض وخلافه، إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بالمجلس المحلي أو إخطارها بذلك وفقاً لما تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون ولا يجوز الترخيص بالمباني أو الأعمال المشار إليها بالفقرة الأولى إلا إذا كانت مطابقة لأحكام هذا القانون ومتفقة مع الأصول الفنية والمواصفات العامة ومقتضيات الأمن والقواعد الصحية التي تحددها اللائحة التنفيذية.
وتبين اللائحة التنفيذية الشروط والأوضاع اللازم توافرها فيما يقام من الأبنية على جانبي الطريق عاماً كان أو خاصاً، وتحدد التزامات المرخص له عند الشروع في تنفيذ العمل وأثناء التنفيذ وفي حالة التوقف عنه.
وتنص المادة الخامسة من القانون المشار إليه على أن "يقدم طلب الحصول على الترخيص إلى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم" وتنص المادة السادسة منه على أن "تتولى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته والبت فيه خلال مدة لا تزيد عن ستين يوماً من تاريخ تقديمه".
وتنص المادة السابعة على أن "تعتبر بمثابة موافقة على طلب الترخيص انقضاء المدد المحددة للبت فيه، دون صدور قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم برفضه أو طلب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو الموافقة اللازمة أو إدخال تعديلات أو تصميمات على الرسوم ويلتزم طالب الترخيص في هذه الحالة بمراعاة جميع الأوضاع والشروط والضمانات المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له.
وتنص المادة 29 من القانون سالف الذكر - قبل تعديلها بالقانون رقم 30 لسنة 1983 - على أن "تسري أحكام الباب الثاني من هذا القانون (هو الذي يتضمن المواد من 4 - 20) في عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة مدناً بالتطبيق للقانون رقم 52 لسنة 1975 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي.... ويجوز تحقيقاً لمصلحة عامة أو لأسباب تاريخية أو ثقافية أو سياحية أو مراعاة لظروف العمران، إعفاء مدينة أو قرية أو جهة من تطبيق بعض أحكام الباب الثاني من هذا القانون ولائحته التنفيذية.... كما يجوز إعفاء مبنى بذاته من تطبيق بعض هذه الأحكام تحقيقاً لغرض قومي أو مصلحة اقتصادية وذلك دون المساس بحقوق الغير. وفي جميع الأحوال يكون النظر في الإعفاء بناء على اقتراح المجلس المحلي المختص".
وتنص المادة 30 على أن "تختص بنظر طلبات الإعفاء وفقاً لأحكام المادة السابقة ووضع الشروط البديلة التي تحقق الصالح العام في حالة الموافقة على طلب الإعفاء لجنة الشروط البديلة التي تحقق الصالح العام في حالة الموافقة على طلب الإعفاء لجنة الإعفاءات تشكل من... وتعرض قرارات اللجنة على وزير الإسكان والتعمير وله التصديق عليها أو رفضها بموجب قرار مسبب، وفي حالة التصديق على قرار اللجنة بالموافقة على الإعفاء يصدر الوزير قراراً بالإعفاء يتضمن الشروط البديلة".
وتنص المادة 35 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 الصادرة بالقرار الوزاري رقم 237 لسنة 1977 على أنه "يشترط فيما يقام من الأبنية على جانبي الطرق إلا يزيد الارتفاع على مثل ونصف مثل عرض الطريق الكلي لواجهة البناء المقامة على حد الطريق وبشرط ألا يزيد ارتفاع الواجهة على ثلاثين متراً.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم كله على الوقائع الماثلة يبين أن جمعية العاشر من رمضان كانت قد تقدمت بطلب لحي مصر الجديدة لإصدار ترخيص بإقامة مشروع برج السلام ويحوي 127 شقة سكنية وبعض الوحدات الإدارية بالعقار رقم 7 بشارع الأهرام مصر الجديدة وكان ذلك في 25/ 4/ 1977 حيث طلبت إقامة المشروع بالكامل وبالاستثناء من قواعد الارتفاع، وطلب حي مصر الجديدة ضرورة الحصول على موافقات بعض الجهات المختصة، ولما تبين للجمعية أن الحصول على تلك الموافقات يستغرق وقتاً طويلاً استصدرت ترخيصاً عادياً رقم 113 لسنة 1978، ببناء بدروم ودورين وستة أدوار متكررة، وأخذت في استكمال موافقة الجهات المعنية، وبعد استيفاء تلك الموافقات من الجهات المختصة بما فيها الهيئة العامة للطيران المدني وشعبة عمليات القوات الجوية والمخابرات الحربية رفع مدير منطقة الإسكان إلى مجلس الحي مذكرة وافق فيها على المشروع كاملاً ويوصى بالاستثناء من الارتفاع، ووافق مجلس الحي المختص على ذلك، وأرسل الأوراق إلى وكيل وزارة الإسكان في 10/ 6/ 1979 إلا أن الجهة الإدارية لم تصدر الترخيص المتضمن استثناء الارتفاع.
ومن حيث إنه لا وجه لما تتمسك به الطاعنة (جمعية العاشر من رمضان) (الطعن رقم 961 لسنة 32 ق) من أنه كان يتعين صدور الترخيص في ميعاد أقصاه 10/ 8/ 1979 وأنه إزاء عدم صدور ترخيص صريح في الميعاد فقد اعتبرت أنه صدر لها ترخيص ضمني بالمبنى المطلوب واستمرت في تنفيذ المشروع بالكامل حتى وصلت أعمال المباني إلى الدور الثالث والعشرين ذلك أن مفاد المادة السابعة من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليها سلفاً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يلزم لقيام الترخيص الضمني بفوات المدة المحددة أن يكون طلب الترخيص مطابقاً للقانون وملتزماً أحكامه. فقد جرت عبارة المادة السابعة بأنه في حالة الترخيص الضمني يلتزم طالب الترخيص في هذه الحالة بمراعاة جميع الأوضاع والشروط والضمانات المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له، والثابت من الأوراق أن طلب الترخيص الذي كان مقدماً من الجمعية كان يتجاوز حدود الارتفاع المقرر، وبالتالي فقد كان من الطبيعي والضروري وفقاً للطبيعة القانونية لنظام التراخيص الإدارية وبصفة خاصة فيما يتضمن استثناء وخروجاً على القواعد العادية المنظمة للبناء أن يصدر الترخيص واضحاً وصريحاً وقاطعاً ولا يفترض أو يكون ضمنياً واشتراط القانون له للترخيص للأفراد بتصرف أو عمل ما يجعل للإدارة سلطة المنح أو المنع لهذا الترخيص وفقاً لمدى تحقيق الشروط التي اقتضاها القانون وبحسب ما يقتضيه الصالح العام ويجعل من مسئولياتها التحقق من توافر الشروط اللازمة طبقاً للقانون لتحقيق الصالح العام من إجابة الترخيص ولا يسوغ في نظام الترخيص الإداري افتراض إرادة للإدارة ضمناً ما لم ينص القانون صراحة على خلاف ذلك ويكون هذا من باب أولى إذا كانت لها سلطة الاستثناء من الشروط والأوضاع المعتادة في البناء لأسباب تبرر ذلك للصالح العام وبالتالي يتعين الحصول على موافقة صريحة باستثناء الارتفاع الوارد في طلب الترخيص من الجهات المختصة قانوناً. وعلى النحو الذي حدده القانون رقم 106 لسنة 1976 ووفقاً للإجراءات التي تضمنتها المادة 30 من هذا القانون، أساس ذلك أن أعمال آثار قرينة سكوت الجهة الإدارية لا يتأتى إلا إذا كان طلب الترخيص أساساً مطابقاً لكافة الشروط والأوضاع والضمانات المقررة وملتزماً بها، وليس من شك في أن الإعفاء من شرط جوهري لإصدار الترخيص - مثل شرط عدم تجاوز الارتفاع - لا يمكن أن يكون صريحاً وصادراً على النحو المرسوم له قانوناً، فإذا كان ذلك وكان البين من الأوراق أن إعفاء المبنى - محل النزاع الماثل - من قيود الارتفاع يستوجب عرضه على لجنة مختصة مشكلة تشكيلاً حددته المادة 30 من القانون رقم 106 لسنة 1976، وأن قراراتها تعرض على وزير الإسكان والتعمير الذي يصدر قراراً بالإعفاء - إذا ما رأى ذلك - وأن يتضمن قرار الإعفاء الشروط البديلة التي تحقق الصالح العام ومن ثم فإن موافقة المجلس المحلي لمصر الجديدة على إعفاء المبنى هي لا تعدو إلا أن تكون اقتراحاً بالموافقة يوضع تحت نظر صاحب الاختصاص في إصدار موافقته النهائية، وأن مرجع الأمر في النهاية إلى قرار يصدر من وزير الإسكان بعد موافقة اللجنة المختصة بذلك، ومن ثم فإن فوات مدة الستين يوماً دون صدور الترخيص المتضمن استثناء من قواعد الارتفاع لا يمكن حمله على أنه ترخيص ضمني بإقامة الأعمال المطلوب الترخيص بإقامتها دون نص صريح في القانون يقرر ذلك ولا يمكن النظر إليه على أنه يتضمن موافقة ضمنية من صاحب الاختصاص بالإعفاء من الارتفاع الواجب عدم تجاوزه، ذلك أنه من ناحية فإن الإعفاء أو الاستثناء من بعض الشروط المتطلبة قانوناً أمر لا يمكن افتراضه بفوات مدة محددة دون نص صريح يقرره في قانون، ومن ناحية أخرى فإن الترخيص الضمني - على النحو الذي عنته المادة السابعة المشار إليها وعلى النحو الذي أشرنا إليه سلفاً - قائم أساساً على أن يكون طلب الترخيص مطابقاً للقانون وملتزماً بجميع الشروط والأوضاع والضمانات المقررة، فإذا اشتمل الطلب على استثناء ما من بعض الشروط الواجب توافرها وكان القانون أو لائحته التنفيذية قد نظما وكيفية وشرائط أعمال هذا الاستثناء لكي ينتج أثره فإن سكوت الجهة الإدارية عن عدم إعمال سلطتها في النظر في الاستثناء لا ينتج أثراً يجوز لصاحب الشأن أن يتمسك به، ولما كان الإعفاء من بعض الشروط الواجب توافرها في ترخيص البناء يتطلب العرض على لجنة الإعفاءات التي تضع شروطاً بديلة تحقق الصالح العام - في حالة الموافقة على طلب الإعفاء - وأن قرارها يعرض على وزير الإسكان الذي له التصديق عليه أو رفضه، فإن عدم صدور مثل هذا القرار لصالح الجمعية الطاعنة يعني عدم الموافقة على إعفائها من قيد الارتفاع ولا يمكن النظر إلى فوات المدة المنصوص عليها في المادة السابعة على أنها ترخيص ضمني بإقامة البناء استثناء من قواعد الارتفاع ويخلص من كل ذلك إلى أن الترخيص الذي يعول عليه في المنازعة الماثلة هو الذي صدر بتاريخ 27/ 5/ 1978 برقم 113 لسنة 1978 والذي بمقتضاه يرخص بالبناء "بدروم ودورين وستة أدوار متكررة".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجمعية الطاعنة قد قامت بأعمال البناء متجاوزة الأدوار المصرح بها، كما تجاوزت الارتفاع المصرح به، ومن ثم قامت الإدارة الهندسية لحي مصر الجديدة بتحرير العديد من المخالفات للجمعية كان آخرها المحضر رقم 70 لسنة 1983 في 5/ 4/ 1983 بشأن قيام الجمعية بتعلية الدور السادس والعشرين فوق الأرضي بدون ترخيص، وبتاريخ 16/ 4/ 1983 أصدر رئيس حي مصر الجديدة القرارين رقمي 229، 230 بإيقاف أعمال المباني الجارية بدون ترخيص والمخالفة للترخيص المنصرف.
ومن حيث إن المادة 17 من القانون رقم 106 لسنة 1976 تنص على أن "توقف الأعمال المخالفة بالطريق الإداري، ويصدر بالوقف قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم يتضمن بياناً بهذه الأعمال، ويعلن إلى ذوي الشأن بالطريق الإداري.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجمعية الطاعنة إذ قامت بالبناء متجاوزة الأدوار المرخص لها ببنائها وفقاً للترخيص الصادر لها برقم 113 لسنة 1978 فإنها بذلك تكون قد أقامت أعمالاً مخالفة، ويحق للجهة الإدارية ممارسة سلطتها الممنوحة لها وفقاً للمادة 17 من القانون رقم 106 لسنة 1976، والتي بمقتضاها توقف العمال المخالفة وإذ صدر القراران المطعون عليهما بوقف الأعمال الجارية بدون ترخيص وتلك المخالفة للترخيص، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضي برفض طلب وقف تنفيذ هذين القرارين فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون، ولا وجه لما أثارته الجمعية الطاعن من أن القرارين المطعون فيهما لم يعرضا على اللجنة المنصوص عليها في المادة رقم 15 من القانون رقم 106 لسنة 1976 كما توجب ذلك المادة 18 من القانون، ذلك أن المادة 18 تنص على أن "تحيل الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة (15) موضوع الأعمال المخالفة التي تقضي الإزالة أو التصحيح سواء اتخذ بشأنها إجراء الوقف وفقاً لأحكام المادة السابقة أو لم يتخذ، على أن تكون الإحالة خلال أسبوع على الأكثر من تاريخ إجراء الوقف، كما يجوز لصاحب الشأن أن يلجأ مباشرة إلى اللجنة المشار إليها - وتصدر اللجنة قراراتها خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ إحالتها إليها.
ومن حيث إنه ولئن كان صحيحاً أن قرارات وقف الأعمال المخالفة يتعين إحالتها إلى اللجنة المشار إليها في المادة (15) من القانون، لكي تتخذ بشأنها الإجراء المناسب وفقاً لطبيعة الأعمال المخالفة، باعتبار أن وقف الأعمال "هو إجراء تمهيدي أو أولي تتبين بعده اللجنة المختصة ما إذا كان الأمر يتطلب الإزالة أو التصحيح أو ما إلى ذلك إلا أن عدم الإحالة خلال أسبوع على الأكثر من تاريخ إجراء الوقف - حسبما تنص المادة - ليس من شأنه أن يسقط قرار وقف الأعمال كما تذهب الجمعية الطاعنة لأن الميعاد المنصوص عليه في المادة المشار إليها ليس ميعاد سقوط بل هو لا يعدو إلا أن يكون ميعاداً تنظيمياً قصد به المشرع - كما يجرى عليه قصده في أمور كثيرة مماثلة إلى حث الجهة الإدارية المختصة على اتخاذ إجراءات الإحالة حسما للأمر بمعرفة اللجنة في وقت قريب وحتى يتبين صاحب البناء موقفه من الأعمال التي يقوم بها، تماماً مثلماً وضع ميعاد للجنة تبت فيه فيما هو معروض عليها بأن حدد لها مهلة عشرة أيام على الأكثر من تاريخ إحالة الأمر إليها وهو يقصد بذلك حثها على المسارعة في اتخاذ القرار، ولا يمكن أن يكون القصد من وراء ذلك هو إهدار أثر قرار الوقف أو سقوطه إذا ما لم تراع المواعيد المشار إليها، فالأمر الجوهري الذي قصده المشرع هو أن لا تظل قرارات الوقف معلقة فترة طويلة دون عرضها على اللجنة للبت فيها، وإنما حتم عرضها على اللجنة المختصة لاتخاذ إجراء فيها وهو الأمر الجوهري الذي تغياه الشارع. ومن ناحية أخرى فلا وجه لما أثارته الجمعية الطاعنة أيضاً من سقوط القرارين المشار إليهما بصدور القانون رقم 30 لسنة 1983 - قبل أن تبت فيهما اللجنة المختصة، ذلك أن القانون المشار إليه لم يتضمن لا صراحة أو ضمناً سقوط قرارات وقف الأعمال المخالفة التي صدرت قبل نفاذه والعمل به وغاية ما هناك أن القانون رقم 30 لسنة 1983 أتى - في هذا الخصوص - بتعديلات تتعلق بالإجراءات الواجب إتباعها بالنسبة إلى قرارات وقف الأعمال والجهة التي تعرض عليها تلك القرارات والمواعيد التي يتعين مراعاتها، وغاير في هذا الشأن بين ما كان معمولاً به قبل صدور القانون وبعد صدوره. ومن ثم فإنه بصدور القانون رقم 30 لسنة 1983 تصبح أحكامه سارية ونافذة على قرارات وقف الأعمال المخالفة التي صدرت قبل صدور القانون المشار إليه، والتي لم يتم البت فيها.
ومن حيث إنه بتاريخ 7/ 6/ 1983 نشر القانون رقم 30 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء والذي بمقتضاه استبدلت المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بالنص الآتي "ويصدر المحافظ المختص أو من ينيبه بعد أخذ رأي لجنة تشكل بقرار من ثلاثة من المهندسين المعماريين والمدنين... قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح الأعمال التي تم وقفها خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان قرار وقف الأعمال المنصوص عليها في المادة السابقة، ومع عدم الإخلال بالمحاكمة الجنائية يجوز للمحافظ بعد أخذ رأي اللجنة المنصوص عليها في الفقرة السابقة التجاوز عن الإزالة في بعض المخالفات التي لا تؤثر على مقتضيات الصحة العامة أو أمن السكان أو المارة أو الجيران وذلك في الحدود التي تبينها اللائحة التنفيذية، وفي جميع الأحوال لا يجوز التجاوز عن المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقاً لهذا القانون أو قانون الطيران المدني... وللمحافظ المختص أن يصدر قراره في هذه الأحوال دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها في الفقرة الأولى".
وتنص المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 على أنه "يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلب إلى الوحدة المحلية المختصة خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده.
وفي هذه الحالة تقف هذه الإجراءات إلى أن تتم معاينة الأعمال موضوع المخالفة بمعرفة اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في مدة لا تجاوز شهراً فإذا تبين أنها تشكل خطر على الأرواح أو الممتلكات أو تتضمن خروجاً على خط التنظيم أو مجاوزة للحد الأقصى للارتفاع المحدد قانوناً، وجب عرض الأمر على المحافظ المختص لإصدار قرار بالإزالة أو التصحيح وفقاً لحكم المادة رقم 16 من ذلك القانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه على أثر صدور القانون رقم 30 لسنة 1983 شكلت لجمة بمعرفة المحافظ لدراسة العقارات التي تنطبق عليها أحكام المادة الثالثة من القانون المشار إليه، ومن بينها العقار محل النزاع (وواضح أنها غير اللجنة المشكلة طبقاً لحكم المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بعد تعديلها) وانتهت اللجنة من الدراسة إلى طلب إزالة الأدوار المتجاوزة للارتفاع القانوني في العقارات التي تناولتها اللجنة بالدراسة ومن بينها العقار الماثل ووافق المحافظ على ذلك في 25/ 7/ 1983.
ومن حيث إن محافظ القاهرة قد أصدر القرار رقم 195 لسنة 1983 بتفويض رؤساء الأحياء في مباشرة الاختصاص المنوط به ومنه نص المادة 16 من القانون رقم 30 لسنة 1983 وأنه إعمالاً لهذا التفويض فقد صدر قرار رئيس حي مصر الجديدة رقم 439 في 27/ 7/ 1983 الذي نص في مادته الأولى على أن "تزال بالطريق الإداري أعمال البناء المخالفة بالعقار رقم 7 شارع الأهرام مصر الجديدة والمحرر عنها المحاضر أرقام 125/ 81، 110، 127/ 1982، 1، 2، 20، 29، 42، 68، 70 لسنة 1983 والعقار ملك جمعية العاشر من رمضان للإسكان والتعمير.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن القرار الصادر بالإزالة جاء متفقاً مع أحكام القانون رقم 30 لسنة 1983، ذلك أن ثمة مخالفات لا يجوز التجاوز عنها وهي على النحو الوارد بالمادة 16 المستبدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 والمادة الثالثة من القانون المشار إليه - المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقاً لهذا القانون، أو قانون الطيران المدني الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن تخصص لإيواء السيارات وهذه المخالفات التي حددها المشرع لخطورتها تمثل النظام العام للمباني والتي تكفل الأمن والسلامة لها وللأرواح والممتلكات وتكفل حسن سير وانتظام مرفق الإسكان، ومرافق المرور، والطيران المدني وما يماثلها، وهي تمس المصلحة القومية العامة لكل المواطنين وفقاً لما حدده المشرع لذلك فإنه قرر بأن هذه المخالفات متى وقعت فإنه يجوز للمحافظ المختص أن يصدر فيها قراره دون الرجوع إلى اللجنة المشكلة طبقاً لحكم المادة 16 المشار إليها سلفاً، وليس من شك في أن من بين المخالفات التي ارتكبتها الجمعية المطعون ضدها (في الطعن رقم 978 لسنة 32 ق) تتعلق بعدم الالتزام بقيود الارتفاع وهو أمر جلي وواضح ولا خلاف عليه وبالتالي فإن ما جاء بحيثيات حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه من أن الجهة الإدارية لم تقدم أي مستندات في الدعوى بحالتها يستدل منها على تحقق أي من المخالفات التي تستوجب إصدار قرار بالإزالة يكون مقر لواقعه لا أساس لها في أوراق الدعوى وبالتالي غير مستند على أصول صحيحة تنتجها بل وتتناقض مع مستنداتها حيث يدحضها أن الدعوى أساساً محلها وموضوعها الطعن في قراري وقف الأعمال المخالفة لتجاوز قيود الارتفاع، وأن الجمعية كانت تطلب ترخيصاً يتضمن استثناء من قيود الارتفاع، وأن الجمعية كانت تسعى جادة للحصول على موافقة الجهات المختصة على هذا الاستثناء.
ومن حيث إنه لا ينال من سلامة القرار المطعون فيه، أن الجمعية تقدمت - إعمالاً لحكم المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 والمستبدلة بالقانون رقم 54 لسنة 1984 - بطلب بتاريخ 23/ 5/ 1984 للتصالح طبقاً للقانون المشار إليه، وأنه كان يتعين وقف الإجراءات المتخذة ضد الجمعية حتى تتم معاينة المبنى موضوع المخالفة بمعرفة اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 على النحو الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى واستقر على أن أحكام القانون رقم 30 لسنة 1983 أو القانون رقم 54 لسنة 1984 لم تتضمن أيهما ما يفيد جواز التصالح في المخالفات التي تشكل مخالفة للنظام العام للمباني وهي التي تمثل خطراً على الأرواح والممتلكات أو تتضمن خروجاً على خط التنظيم أو تجاوز الارتفاع المقرر بقانون الطيران المدني الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 أو المقرر طبقاً للقانون رقم 106 لسنة 1976 وتعديلاته أو بخطوط التنظيم ولذلك لا يرد على هذه المخالفات طلب التصالح المعنى بالقانون رقم 54 لسنة 1984 فإن قدم مع ذلك طلب للتصالح على المخالفات التي تهدد النظام العام للمباني والتي لا يجوز التصالح فيها فلا توقف بداهة الإجراءات المتخذة ضد المخالف، ولا وجه للقول بأن القانون رقم 54 لسنة 1984 استهدف عرض جميع المخالفات بما فيها المخالفات المشار عليها على اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 متى قدم طلب التصالح عنها لتقوم بالمعاينة، إذ فضلاً عن ذلك تأباه طبيعة هذا النوع من المخالفات لخطورتها ومساسها باعتبارات النظام العام للمباني وتهدد حياة المواطنين وممتلكاتهم وتهدد الصالح العام ومقتضيات النظام العام مما يستوجب على جهة الإدارة التنفيذية المبادرة إلى حمايته على وجه السرعة مما يهدده من مخاطر لا تحتمل التأخير الذي قد تقتضيه عملية المعاينة بواسطة اللجنة المشار إليها، فإن نص المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1984 لا يفيد أن تضمن تعديلاً لنص المادة (16) المشار إليها في خصوص ما ورد بها من جواز إصدار قرار الإزالة من المحافظ المختص بدون الرجوع إلى اللجنة المختصة وذلك بالنسبة إلى المخالفات التي تشكل خطراً على الأرواح أو الممتلكات أو تتضمن خروجاً عن خط التنظيم أو قيود الارتفاع المقررة بالقانون. ومن ثم فإن إصدار الجهة الإدارية لقرار إزالة أعمال البناء المخالفة بالعقار محل النزاع الماثل يكون قد جاء صحيحاً وعلى سند من القانون وأن إبقاء الجهة الإدارية على هذا القانون رغم تقدم الجمعية المطعون ضدها بطلب للتصالح عن المخالفات بعد صدور القانون رقم 54 لسنة 1984 فهي تكون قد التزمت صحيح حكم القانون وطبقته تطبيقاً صحيحاً، ويغدو طلب وقف تنفيذ القرار الصادر بالإزالة غير قائم على أساس صحيح لافتقاده ركن الجدية، وإذ قضي الحكم المطعون فيه بغير ذلك فإن قضاءه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه والحكم برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن رقم 961 لسنة 32 ق. ع والطعن رقم 978 لسنة 32 ق. ع شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من وقف تنفيذ قرار إزالة الأعمال المخالفة المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ هذا القرار وألزمت جمعية العاشر من رمضان للإسكان التعاوني المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق