جلسة 23 من ديسمبر سنة 1973
برياسة السيد الأستاذ المستشار حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة أحمد فؤاد أبو العيون ومحمد فهمي طاهر وأحمد سعد الدين قمحه ويوسف شلبي يوسف - المستشارين.
----------------
(30)
القضية رقم 622 لسنة 16 القضائية
معاش
- عدم جواز الجمع بين المعاش والمرتب في الشركات التي تساهم فيها الدولة - القانون رقم 77 لسنة 1962 التكييف القانوني لرؤساء وأعضاء مجالس إدارة الشركات التي تساهم فيها الدولة اعتبارهم من العاملين بهذه الشركات - خضوعهم لقاعدة حظر الجمع بين المعاش والمرتب - صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 1636 لسنة 1965 بتصحيح ما تم صرفه عن الفترة السابقة على أول نوفمبر سنة 1964 - حكمه يقتصر على التجاوز عن استرداد ما صرف للعامل ولا يمتد إلى رد ما سبق تحصيله منه - أساس ذلك - مثال:
-----------------
يبين من استعراض الوقائع المتعلقة بالدعوى الماثلة والنصوص التشريعية أنه صدر في 25 من مارس سنة 1962 القانون رقم 77 لسنة 1962 في شأن عدم جواز الجمع بين مرتب الوظيفة في الشركات التي تساهم فيها الدولة وبين المعاش المستحق قبل التعيين فيها ناصاً في مادته الأولى على "أنه لا يجوز الجمع بين مرتب الوظيفة في الشركات التي تساهم فيها الدولة وبين المعاش المستحق من الحكومة أو المؤسسات العامة قبل التعيين في هذه الشركات ومع ذلك يجوز لمجلس إدارة الشركة - بعد موافقة وزير الخزانة أن يقرر الجمع بين المعاش والمرتب الذي يتقاضاه الموظف عند التعيين في الشركة - فإذا جاوز مجموع المعاش والمرتب ما كان يتقاضاه الموظف عند اعتزاله الخدمة وكان هذا المجموع يزيد على مائة جنيه في الشهر أو كان سن الموظف قد جاوز عند تعيينه في الشركة سن الثانية والستين فيصدر القرار المشار إليه من رئيس الجمهورية......" - ونصت المادة الثانية على أن تسري أحكام هذا القانون على موظفي الشركات الموجودين وقت العمل به.
وقد ثار الخلاف حول تكييف المركز القانوني لرؤساء وأعضاء مجالس إدارة الشركات التي تساهم فيها الدولة وهل يعتبرون من العاملين بالشركة فتسري عليهم قاعدة عدم الجمع بين المعاش والمرتب إلا بموافقة الجهة المختصة أم أنهم ليسوا كذلك فلا تسري عليهم هذه القاعدة وقد جرى العمل على اعتبارهم من غير العاملين بالشركات ومن ثم جمعوا بين معاشاتهم ومرتباتهم دون حاجة إلى ترخيص إلى أن صدر القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 بلائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة فعرض الموضوع على الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة ورأت أن التعيين في عضوية مجلس الإدارة يقتضي التفرغ الكامل بحيث يكون نشاط العضو خالصاً لمجلس الإدارة والهيئة التي يقوم عليها المجلس وبهذه المثابة يعتبر أعضاء مجالس الإدارة من الموظفين الذين يخضعون لنظام العاملين بالشركات وبناء على هذه الفتوى أوقف صرف معاشاتهم اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1964 وقامت الجهات الإدارية بمطالبتهم برد ما حصلوا عليه من معاشات دون وجه حق، ولكن نظراً لأن هذه المعاشات قد صرفت إليهم دون سعي من جانبهم وأن المبالغ الواجب استردادها كانت بالضخامة بحيث ينوء بأعبائها كأهلهم وتؤثر تأثيراً بالغاً في أمور معيشتهم لذلك رفعت وزارة الخزانة إلى رئيس الجمهورية مذكرة مؤرخة 24 من يناير سنة 1965 طلبت فيها للاعتبارات السابقة الموافقة على إقرار ما تم من جمع بين المعاش والمرتب في الفترة السابقة على تاريخ وقف صرف المعاش وصدر القرار الجمهوري رقم 1636 لسنة 1965 في 7 من يونيه سنة 1965 نص في المادة الأولى منه على أن يعتبر صحيحاً ما تم من جمع رؤساء مجالس الإدارة وأعضائها المتفرغين في المؤسسات والهيئات والشركات التي تساهم فيها الحكومة بين مرتب الوظيفة والمعاش المستحق قبل التعيين بها عن الفترات الآتية:
1 - ........ 2 - ........ 3 - عن الفترة السابقة على أول نوفمبر سنة 1964 بالنسبة لأعضاء مجالس الإدارة المتفرغين في المؤسسات والهيئات العامة والشركات التي تساهم فيها الحكومة ونص في المادة الثانية منه على أنه لا تصرف فروق مالية عن الفترة السابقة على تاريخ العمل بهذا القرار".
ومن حيث إن الأصل طبقاً لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1962 المشار إليه هو حظر الجمع بين مرتب الوظيفة في الشركات التي تساهم فيها الدولة وبين المعاش المستحق من الحكومة أو المؤسسات العامة قبل التعيين في هذه الشركات إلا أنه يجوز استثناء من هذا الأصل أن تستصدر الشركة ترخيصاً بهذا الجمع من وزير الخزانة إذا كان مجموع المعاش والمرتب لا يزيد على مائة جنيه فإذا زاد على ذلك أو كان سن الموظف قد جاوز عند تعيينه في الشركة الثانية والستين فيصدر هذا الترخيص بقرار من رئيس الجمهورية. ولما كان المدعي قد تقاضى معاشاً من وزارة الحربية عن مدة خدمته السابقة فيها كضابط بالقوات المسلحة ثم عين بعد ذلك عضواً منتدباً بمجلس إدارة شركة مصر لأعمال الاسمنت المسلح التابعة للمؤسسة المصرية العامة لمقاولات الأعمال المدنية في إبريل سنة 1962، ولم يصدر ترخيص له في الجمع بين معاشه والمرتب الذي يتقاضاه من الشركة فإن المبالغ التي حصل عليها كمعاش خلال الفترة من تاريخ تعيينه بالشركة حتى 31 من أكتوبر سنة 1964 تكون قد صرفت إليه دون وجه حق ويتعين لذلك ردها إلى وزارة الحربية، لأن مقتضى عدم الترخيص له في الجمع بين المرتب والمعاش أن يوقف صرف المعاش إليه فوراً وبقوة القانون، ومن ثم فإن ما قامت به الشركة من سداد المبالغ المشار إليها إلى إدارة التأمينات والمعاشات بالقوات المسلحة بالخصم من مستحقات المدعي لدى الشركة يكون تصرفاً سليماً ومطابقاً للقانون.
ومن حيث إنه إذا كان القرار الجمهوري رقم 1636 لسنة 1965 قد نص في مادته الأولى على أن يعتبر صحيحاً ما تم من جمع أعضاء مجالس إدارة الشركات التي تساهم فيها الحكومة بين مرتب الوظيفة والمعاش المستحق لهم قبل التعيين بها عن الفترة السابقة على أول نوفمبر سنة 1964 فإن ما أضفاه هذا القرار من مشروعية على الجمع الذي تم خطأ بالمخالفة لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1962، إنما ورد على سبيل الاستثناء وللفترة الواردة به، ومن ثم يكون ما أورده في المادة الثانية منه من قيد هو عدم التزام الجهة الإدارية بصرف فروق مالية عن الفترة السابقة على تاريخ العمل به لا يعني - في التفسير السليم - سوى عدم استرداد ما سبق تحصيله من هؤلاء الأعضاء قبل العمل بهذا القرار، وذلك إعمالاً لمقتضى نص هذه المادة، فضلاً عن أن القرار المذكور إنما صدر في الحقيقة ليواجه المبالغ التي كانت لا تزال في ذمتهم نتيجة لهذا الجمع الخاطئ، وذلك ليرفع عن كاهلهم عبء سدادها مستقبلاً كي يتلافى ما قد يصيبهم من اضطراب في حياتهم المعيشية، وهي الحكمة التي أفصحت عنها مذكرة وزير الخزانة التي على أساسها صدر هذا القرار، أما ما تم تحصيله فعلاً منهم قبل العمل به فإنه لا يجوز رده إليهم لانتفاء هذه الحكمة.
ومن حيث إنه لا وجه بعد ذلك لما أثاره المدعي من أن ما استهدفته المادة الثانية هو الحيلولة دون أن يطالب من لم يجمع بصرف معاش له بعد تصحيح الجمع الخاطئ بالنسبة لمن جمعوا فعلاً - لا وجه لذلك لأن القرار الجمهوري سالف الذكر قد صدر في الحقيقة ليواجه فقط حالة من جمعوا فعلاً وتقاضوا المعاش، وذلك بغية تخفيف العبء عن كاهلهم في حدود ما لم يتم تحصيله منهم، أما من لم يجمعوا فالقرار لا يخاطبهم أو يعنيهم، ومن ثم لا يسري عليهم، إذ لم تتحقق في شأنهم الحكمة التي تغياها المشرع من إصدار هذا القرار - كما أنه ليس صحيحاً استناد المدعي إلى نص المادة 182 من القانون المدني بقوله بأن الالتزام بالرد بعد أن تحقق سببه بالجمع الخاطئ قد زال هذا السبب بإقرار هذا الجمع واعتبره صحيحاً، وبالتالي فإن ما حصل منه أصبح غير مستحق ويكون له الحق في طلب رده إليه - إذ أن القرار الجمهوري حينما نص في المادة الثانية على عدم صرف فروق مالية عن الماضي يكون قد أقر ما سبق تحصيله قبل العمل بهذا القرار واعتبره وفاء صحيحاً قام سببه تنفيذاً لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1962 ومن ثم لا يجوز استرداده.
ومن حيث إن الثابت أن الشركة التي يعمل بها المدعي قد قامت بسداد مبلغ 346/ 1430 جنيهاً إلى وزارة الحربية، وهو عبارة عن المعاش الذي سبق أن تقاضاه دون وجه حق، وقد تم هذا السداد في 22 من ديسمبر سنة 1964 و28 من فبراير سنة 1965، أي قبل العمل بالقرار الجمهوري رقم 1636 لسنة 1965 الصادر في 7 من يونيه سنة 1965، وعلى ذلك فإن طلب المدعي رد هذا المبلغ إليه يكون غير قائم على أساس سليم من القانون. وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض دعواه يكون قد صادف الصواب، ويتعين لذلك القضاء برفض الطعن مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق