الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 17 أغسطس 2023

الطعن 4116 لسنة 35 ق جلسة 27 / 8 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 160 ص 1613

جلسة 27 من أغسطس سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: رأفت محمد يوسف، وأبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال، وغبريال جاد عبد الملاك - نواب رئيس مجلس الدولة.

-------------------

(160)

الطعن رقم 4116 لسنة 35 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - تحقيق - حيدة المحقق - تطبيق قواعد الصلاحية على المحقق.
المادة (79) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 - التحقيق بصفة عامة يعني الفحص والبحث الموضوعي المحايد والنزيه لاستجلاء الحقيقة فيما يتعلق بصحة وقائع محددة ونسبتها إلى أشخاص محددين وذلك لوجه الحق والصدق والعدالة - لا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد المحقق من رأيه وميوله الشخصية إزاء من يجرى التحقيق معهم سواء كانت هذه الميول إلى جانبهم أو في مواجهتهم - لا ينبغي أن يقل التجرد والحيدة الواجب توافرها في المحقق عن القدر المتطلب في القاضي - أساس ذلك: أن الجزاء في المجال العقابي الجنائي أو التأديبي إنما يستند إلى أمانة المحقق واستقلاله ونزاهته وحيدته كما يستند إلى أمانة القاضي وحيدته - مؤدى ذلك: وجوب تطبيق القواعد والضمانات التي يجب توافرها في شأن صلاحية القاضي على المحقق - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 3/ 7/ 1989 أودع الأستاذ/........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الراهن في حكم المحكمة التأديبية بطنطا الصادر في الطعن رقم 286 لسنة 16 ق بجلسة 11 / 6/ 1989 والقاضي بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء قرار الجزاء المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأودع الطاعن رفق تقرير الطعن حافظة مستندات.
وبتاريخ 1/ 8/ 1989 تم إعلان تقرير الطعن في مواجهة هيئة قضايا الدولة وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التي قررت بجلسة 9/ 3/ 1994 إصدار الحكم بجلسة 13/ 4/ 1994 مع مذكرات في أسبوعين.
وخلال الأجل قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الطعن.
وبجلسة 13/ 4/ 1994 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره جلسة 4/ 6/ 1994.
وتم تداول الطعن أمام المحكمة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات حيث تقرير إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن أقيم خلال المواعيد القانونية واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم يكن مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 28/ 8/ 1988 أقام الطاعن أمام المحكمة التأديبية بطنطا الطعن رقم 286 لسنة 16 ق طالباً الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 114 لسنة 1988 وصحته 194 لسنة 1988 الصادر من محافظ القليوبية بتاريخ 10/ 4/ 1988 فيما تضمنه من مجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه، وما يترتب على ذلك من آثار وذلك استناداً إلى القول بأنه يعمل بمديرية التربية والتعليم بالقليوبية بوظيفة موجه تربية موسيقية من الدرجة الثانية وقد صدر قرار الجزاء محل النزاع استناداً إلى ما نسب إليه من أنه إبان عمله كموجه أول للمادة طلب شراء آلات موسيقية فوق مستوى العملية التعليمية وغير لازمة لها وغير واردة بالمنهج وأسلوب تنفيذ المسابقة على مستوى الجمهورية بمبالغ كبيرة ولأخذه آلات موسيقية بإيصالات مؤقتة لشخصه وليس من حقه استلامها واستعمالها بمعرفته في أي مناسبة رسمية أو غير رسمية وعدم متابعته الدورية للمدارس والآلات منذ شرائها وحتى إلغاء ندبه من عمله كموجه أول للمادة مما عطل الاستفادة منها في العملية التعليمية ولانفراده بطلب شراء هذه الآلات دون أخذ رأي الموجهين معه والقائمين على التفتيش كتابة مما نتج عنه شراء الآلات بمبالغ كبيرة لم يستفد منها في التعليم خروجاً على مقتضيات الواجب الوظيفي.
ونعى الطاعن بطعنه أمام المحكمة التأديبية على قرار الجزاء سالف الذكر صدوره مجانباً للصواب ومخالفاً للواقع والقانون لأن ما نسب إليه مخالف لما هو ثابت بمنهج المرحلة الأولى والمرحلة الإعدادية وقد جاء اختيار الأصناف بعد عدة اجتماعات عقدها مستشار مادة التربية الموسيقية بديوان الوزارة وتم اختيارها بناء على تعليمات من الجهة الفنية العليا لتساير العصر والمناهج المتطورة الحديثة وليس في استلامها بصفة مؤقتة مخالفة إذ أن ذلك كان لتأدية العمل المطلوب ولمدة يوم واحد وقد قام الطاعن بعمله على أكمل وجه كموجه أول للمادة بمتابعة المدارس والآلات حسب الثابت من خطوط سير الموجهين مما ترتب عليه أن حققت مادة التربية الموسيقية تقدماً ملحوظاً أما بالنسبة لتلف أو عطل تلك الآلات فإن الاستعمال العادي يؤدي إلى أعطال وما السلف التي تصرف إلا لعملية صيانة تلك الآلات أما بالنسبة لتوزيع الآلات فالواضح من أذون الصرف والإضافة أنه تم توزيع الآلات من المخزن الدائم إلى جميع المدارس على مستوى الإدارات التعليمية أما بالنسبة للآلات الموسيقية الموجودة بدار المعلمات ببنها فهي عهدة خاصة بالمدرسة المذكورة ولا يمكن توزيعها. وذكر الطاعن أنه تظلم من قرار الجزاء بتاريخ 23/ 5/ 1988 ولم يتلق رداً على تظلمه مما دعاه لإقامة الطعن سالف الذكر.
وبجلسة 11/ 6/ 1989 صدر الحكم المطعون فيه برفض الطعن حيث أقام قضاءه في هذا الشأن استناداً إلى القول بأنه بمطالعة الأوراق يبين أن الطاعن قد وجه بكافة المخالفات المنسوبة إليه وأن هذه المخالفات جميعها ثابتة في حقه مما جاء بتقرير اللجنة المشكلة بقرار محافظ القليوبية رقم 487 لسنة 1987 لمراجعة وفحص أدوات الموسيقى المشتراة بمعرفة الطاعن وأن ما أتاه الطاعن يعد إخلالاً منه بواجبات وظيفته وخروجاً على مقتضياتها الأمر الذي يستوجب مسائلته تأديبياً ويكون قرار الجزاء قد قام على سببه المبرر له.
ومن حيث إن مبنى الطعن صدور الحكم المطعون فيه مشوباً بما يلي:
أولاً: مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله إذ أن المخالفات المنسوبة إليه هي مخالفات مالية ومن ثم يكون التحقيق بشأنها من اختصاص النيابة الإدارية وحدها وبالتالي فإن إجراءه بمعرفة الشئون القانونية يترتب عليه البطلان حسبما تنص عليه المادة/ 79 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ويؤكد ذلك أنه بعد حوالي شهرين من صدور قرار الجزاء المشار إليه أحالت الجهة الإدارية هذه الوقائع ذاتها للنيابة الإدارية فتولت التحقيق فيها بالقضية رقم 461 لسنة 1988 بنها وانتهت إلى عدم ثبوت الوقائع ضد الطاعن وقررت حفظ الموضوع.
ثانياً: بطلان الحكم لصدوره عن غش وتدليس من جانب الجهة الإدارية وذلك لتعمدها إخفاء تقرير مستشار التربية الموسيقية بالوزارة الذي أوضح خطأ الجهة الإدارية وعدم قيام المديرية بصرف المبالغ المحددة بالموازنة لشراء آلات موسيقية مما يؤكد سبب توقيع ذلك الجزاء على الطاعن وهو معارضته لمدير الشئون المالية والإدارية الذي حاول الاستيلاء على المبلغ المخصص للتربية الموسيقية ولم يوافقه الطاعن على ذلك الأمر الذي ينتفي معه ركن الخطأ في جانب الطاعن ويثبت صحة ما قام به من إجراءات فضلاً عن قيام الجهة الإدارية بإخفاء هذا التقرير عن المحكمة بما يؤثر على الحكم المطعون فيه ويؤدي على بطلانه.
وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم له بالطلبات سالفة الذكر.
ومن حيث إن تسبيب الأحكام يعتبر شرطاً جوهرياً لصحتها وإن إغفال التسبيب أو القصور فيه يترتب عليه البطلان وعلى هذا نصت المادة/ 176 من قانون المرافعات بأنه "يجب أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة".
كما إن المادة/ 978 من ذات القانون قضت بأن........
يجب أن يشتمل الحكم على عرض مجمل لوقائع الدعوى ثم طلبات الخصوم وخلاصة موجزة بدفوعهم ودفاعهم الجوهري.........
والقصور في أسباب الحكم الواقعية..... يترتب عليه بطلان الحكم.
ومن حيث إنه يعد قصوراًَ في التسبيب عدم التعرض للحجج والأسانيد التي أوردها الطاعن بصحيفة الطعن أو بمذكراته وإغفال الرد عليها ولو على الأقل بإيراد الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استند إليها الخصوم في ثنايا أسباب الحكم وإن كانت المحكمة التأديبية غير ملزمة بأن تتعقب دفاع الطاعن في وقائعه وجزئياته للرد على كل منها إلا أن مناط صحة الحكم في مثل هذه الحال أن تبرز المحكمة إجمالاً الحجج التي كونت عقيدتها على أساسها فإذا لم يتحقق الأمر على هذا النحو كان الحكم مشوباً بالقصور في التسبيب ويترتب عليه بطلان الحكم.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد أغفل تماماً أوجه دفاع الطاعن الواردة بصحيفة طعنه أمام المحكمة التأديبية والسابق الإشارة إليها في صدر هذا الحكم واكتفى فقط بعبارة عامة هي القول بأن الطاعن نعى على القرار المطعون فيه صدوره مجانباً للصواب ومخالفاً للواقع والقانون دون أن يبرز أوجه دفاع الطاعن ونعيه على قرار الجزاء وبالتالي لم يتعرض لمناقشتها أو تفنيدها كما أن المطعون فيه في مقام رفضه الطعن استند إلى عبارة عامة وهي أن الطاعن ووجه بالمخالفات المنسوبة إليه وأنها جميعها ثابتة في حقه بما جاء بتقرير اللجنة المشكلة بقرار المحافظ وذلك دون أن يثبت حتى مضمون ما انتهت إليه تلك اللجنة أو يشير إليه فمن ثم فإن ما أورده الحكم المطعون فيه على النحو المتقدم يعتبر أسباباً عامة مجملة تصلح لرفض كل طلب ولذلك تعتبر داخلة في مضمون القصور في التسبيب الذي يعيب الحكم ويؤدي إلى بطلانه وفي ضوء ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد صدر مشوباً بعيب لقصور في التسبيب على النحو المتقدم بما يؤثر فيه ويؤدي إلى بطلانه.
ومن حيث إن النزاع مهيأ للفصل فيه، فإن المحكمة تتصدى له على النحو التالي:
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بناء على التحقيق الذي أجرته الشئون القانونية بمحافظة القليوبية برقم 112 لسنة 1987 ومذكرتها المعدة بشأنه كان قد صدر قرار محافظ القليوبية رقم 487 لسنة 1987 متضمناً في مادته الأولى مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه لعدم سلوكه السبيل السوي في قيادته لموجهي التربية الموسيقية بإثباته عبارات التهديد والوعيد والألفاظ الخارجة والجارحة والمخلة بالآداب العامة لهؤلاء الموجهين والموجعات في الاجتماعات وإساءته استعمال السلطة.
كما نصت المادة (2) من ذات القرار على إلغاء ندب الطاعن من القيام بعمل موجه أو تربية موسيقية وعودته إلى عمله الأصلي قبل الندب.
وأخيراً تضمنت المادة (3) من القرار ذاته النص على ما يلي:
تشكل لجنة من السادة:
...... عضو الشئون القانونية بالمحافظة رئيساً.
...... وكيل إدارة المخازن بالمحافظة عضواً.
...... المفتش المالي والإداري بالمحافظة عضواً.
على أن تتولى هذه اللجنة مراجعة وفحص أدوات الموسيقى المشتراة بمعرفة السيد/...... (الطاعن) والبالغ ثمنها خمسة آلاف جنيه والتي حدث ببعضها حريق وذلك وفقاً للضوابط المبينة في مذكرة الشئون القانونية بالمحافظة رقم 112 لسنة 1987 محل هذا القرار وتقديم تقرير بما يتكشف لها من مخالفات.
وقد باشرت اللجنة متقدمة الذكر عملها بتشكيلها السابق وأعدت في شهر مارس سنة 1988 تقريراً أرفقت صورته بملف التحقيق المودع أمام المحكمة التأديبية انتهت فيه إلى ما يلي:
1 - تم شراء آلات غير واردة بالمنهج وكذا أسلوب المسابقة على مستوى الجمهورية ولا تستعمل إلا في الأماكن العامة المفتوحة مثل النوادي والأفراح بمبالغ باهظة وتقع مسئولية ذلك على السيد/...... الطاعن الموجه الأول والمدير العام آنذاك الذي وافق على الشراء دون الرجوع إلى المختصين بالمديرية وخاصة العقود رغم وجود كتيب مسابقة الجمهورية لعام 87/ 1988 والخاص بأسلوب تنفيذ المسابقة وكيفية استعمال الآلات فيها وكان من الأولى إدراجها بالمسابقة المشار إليها إذا كانت هذه الآلات في مستوى الطلاب ويمكنهم استعمالها.
2 - أخذ آلات بإيصالات مؤقتة لم يتضح في أي المناسبات أخذت من الدار بطريقة غير رسمية وكان من المفروض ألا يتم ذلك ضماناً لحفظها وسلامتها ورغم إقراره بأخذه لآلات في عدة مناسبات - مسئولية السيد/ الموجه الأول (الطاعن).
3 - عدم المتابعة الدورية للمدارس التي بها آلات مما نتج عنه تلف في بعضها وعدم القيام بإصلاحها حيث تبين أن هناك سلفاً تصرف من المديرية للإصلاح حسبما استبان من صور الأوراق المرفقة مسئولية السيد الموجه الأول (الطاعن).
4 - عدم توزيع بعض الآلات منذ شرائها وحتى الآن مسئولية الموجه الأول (الطاعن) حيث إنه هو المهيمن على المستوى المحافظة وبحكم كونه على رأس الجهاز والمسئول الأول عن هذا النشاط بالمحافظة.
5 - وجود عطل في آلة الأورج الكهربائي مسئولية السيد/ الموجه الأول (الطاعن) لعدم اتخاذه إجراء قبل هذا العطل فور حدوثه وحتى الآن مما يؤكد أن العطل حدث أثناء أخذه له وحصوله عليه بالإيصال المؤقت المؤرخ 15/ 9/ 84 ورغم إقراره بالتحقيق أن جميع الآلات سليمة مائة في المائة مما يعد تضارباً منه في الأقوال.
6 - الانفراد بطلب شراء الآلات اللازمة للعملية التعليمية دون أخذ آراء الموجهين القائمين معه على التدريس والتفتيش على المادة مسئولية الموجه الأول (الطاعن) حيث إنه ثبت أنه هو الذي قام بطلب شراء آلات ليست العملية التعليمية في حاجة إليها بناء على مذكرات مقدمة منه ولم يتم رجوعه إلى الموجهين كتابياً قبل شرائها وحيث إنه قد اشترك كعضو فني في لجان الشراء وكان من الأولى أن يكون عضواً فنياً في لجان الفحص للتأكد من سلامة الآلات ومواءمة هذه الآلات للعملية التعليمية من عدمه وحتى يكون بمنأى عن الشبهات ولو كانت هذه الآلات فوق مستوى التدريس لكان من الأولى والأجدر محاسبة المسئولين بالمديرية وتعتبر المسئولية مشتركة بينه وبينهم لمراعاة عدم شراء مثل هذه الآلات والتي تحمل الدولة مبالغ طائلة ولا يمكن الاستفادة منها في التدريس ورغم أنها موجودة بالمخازن.
7 - عدم متابعة المديرية "التوجيه المالي والإداري بالمديرية" لهذا النشاط والآلات التابعة له والذي ثبت وجود آلات معطلة بموجب محضر الجرد المرفق وبعضه لم يستعمل ولو كان هناك تفتيش دوري من المديرية على مثل هذه الأنشطة والمخازن الموجود بها هذه الآلات لتكشفت تلك المخالفات موضوع التقرير في حينه وتم محاسبته المتسبب وكان من الممكن تلافي القصور وعدم تكرار ذلك مستقبلاً.
وارتأت اللجنة في ختام تقريرها إحالة أوراق التقرير للإدارة العامة للشئون القانونية بالمحافظة للتحقيق فيما ورد بها من وقائع على النحو الموضح سلفاً.
هذا وقد باشرت إدارة التحقيقات بالإدارة العامة للشئون القانونية بمحافظة القليوبية التحقيق في الموضوع والذي كانت قد بدأته من قبل وقد استمعت إلى أقوال الطاعن وواجهته بما هو منسوب إليه ثم أعدت مذكرة انتهت فيها إلى ثبوت ارتكاب الطاعن عدم مخالفات إبان عمله كموجه أول للمادة وهذه المخالفات هي ذاتها ما وردت بتقرير اللجنة سالفة الذكر وبناء على ذلك صدر قرار الجزاء رقم 194 لسنة 1988 محل النزاع متضمناً النص في المادة (3) منه على أن:
"يجازى السيد/....... (الطاعن) موجه التربية الموسيقية بمديرية التربية والتعليم بالقليوبية بخصم عشرة أيام من راتبه لأنه إبان عمله كموجه أول للمادة طلب شراء آلات موسيقية فوق مستوى العملية التعليمية وغير لازمه لها وغير واردة بالمنهج وأسلوب تنفيذ المسابقة على مستوى الجمهورية بمبالغ كبيرة ولأخذه آلات موسيقية بإيصالات مؤقتة لشخصه وليس من حقه استلامها واستعمالها بمعرفته في أي مناسبة رسمية أو غير رسمية وعدم متابعته الدورية للمدارس والآلات مما نتج عنه تلف أو عطل لبعضها رغم أن هناك سلفاً كانت تصرف من المديرية للإصلاح ولعدم توزيعه لبعض الآلات منذ شرائها وحتى إلغاء ندبه من عمله موجه أول للمادة مما عطل الاستفادة منها في العملية التعليمية ولانفراده بطلب شراء هذه الآلات دون أخذ رأي الموجهين معه والقائمين على التفتيش مما نتج عنه شراء آلات بمبالغ كبيرة لم يستفد منها في التعليم بالمدارس خروجاً منه على مقتضى الواجب الوظيفي".
ومن حيث إن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 قد أورد في مجال التحقيق مع العاملين وتأديبهم نص المادة/ 79 التي تنص على أنه:
"لا يجوز توقيع جزاء على العامل إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ويجب أن يكون القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسبباً......".
ومن حيث إن التحقيق بصفة عامة يعني الفحص والبحث والتفحص الموضوعي المحايد والنزيه لاستجلاء الحقيقة فيما يتعلق بصحة وقائع محددة ونسبتها إلى أشخاص محددين وذلك لوجه الحق والصدق والعدالة ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد المحقق من رأيه وميوله الشخصية إزاء من يجرى التحقيق معهم سواء كانت هذه الميول لجانبهم أو في مواجهتهم ولا ينبغي أن يقل التجرد والحيدة الواجب توافرها في المحقق عن القدر المتطلب في القاضي وأساس ذلك أن الجزاء في المجال العقابي جنائياً كان أو تأديبياً إنما يستند إلى أمانة المحقق واستقلاله ونزاهته وحيدته كما يستند إلى أمانة القاضي وحيدته سواء بسواء وعليه يجب تطبيق القواعد والضمانات التي يجب توافرها في شأن صلاحية القاضي على المحقق.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على التحقيق الذي أجرى مع الطاعن بمعرفة إدارة التحقيقات بالإدارة العامة للشئون القانونية والذي صدر بناء عليه قرار الجزاء محل النزاع أن الذي أجرى هذا التحقيق هو السيد/..... مفتش التحقيقات بالمحافظة وهو نفسه الذي أعد المذكرة بنتيجة التحقيق ولما كان الثابت أن المحقق المذكور كان رئيس اللجنة المشكلة لفحص أعمال الطاعن وتقديم تقرير بالمخالفات التي تتكشف لها وأن تلك اللجنة قد أعدت تقريراً في هذا الشأن متضمناً نسبة المخالفات الواردة به للطاعن والسابق إيضاحها تفصيلاً ولما كانت تلك المخالفات هي ذاتها التي تم التحقيق مع الطاعن بشأنها وأعد المحقق المذكور مذكرة بثبوتها بنتيجة التحقيق الإداري مع الطاعن وصدر قرار الجزاء بناء على ذلك، وعن ذات تلك المخالفات فمن ثم يكون المحقق قد سبق وأبدى رأياً كرئيس للجنة المشار إليها نحو تلك المخالفات وثبوتها في حق الطاعن بما تنتفي معه الحيدة اللازمة في المحقق وما كان يجوز له أن يتولى التحقيق مع الطاعن عن ذات المخالفات وإذ فعل فإن ذلك يؤثر على التحقيق ويفقده أحد مقوماته الأساسية وهي حيدة المحقق بما يؤثر على قرار الجزاء المستند إلى ذات التحقيق ويؤدي إلى بطلانه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار رقم 194 لسنة 1988 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن وما يترتب على ذلك من آثار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق