جلسة 23 من ديسمبر سنة 1973
برئاسة السيد الأستاذ المستشار حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة أحمد فؤاد أبو العيون ومحمد فهمي طاهر وسعد الدين قمحه ويوسف شلبي يوسف - المستشارين.
----------------
(31)
القضية رقم 383 لسنة 17 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - معاشات - حساب مدد العمل السابقة في المعاش.
عدم جواز العدول عن طلب حساب مدد الخدمة السابقة في المعاش بعد أن تقرر ضمها وبدأ استقطاع احتياطي المعاش عنها فعلاً - شروط الإكراه المفسد للرضا في هذه الحالة - مثال.
يبين من الأوراق أن المدعي قد التحق بخدمة الحكومة في عام 1921 ثم فصل من الخدمة في عام 1944 وتقرر له معاش شهري قدره 9.505 جنيهاً ثم أعيد إلى الخدمة في عام 1953 بالحالة التي كان عليها، وطلب ضم مدة خدمته السابقة في المعاش باعتبار أن خدمته متصلة مع إسقاط مدة الفصل، كما طلب في 16 من يوليه سنة 1953 حساب مدة خدمته أثناء الحرب العالمية الثانية مضاعفة في المعاش وقدرها 6 يوم و7 شهور و2 سنة، ولقد ثار الجدل، أثناء وجوده بالخدمة، حول مدى أحقيته في تسوية معاشه على أساس مجموع مدتي خدمته الفعلية، وكذلك حول مدى أحقيته في حساب مدة خدمته في الحرب مضاعفة في المعاش، وقد كان الرأي في بادئ الأمر هو حساب كل من مدتي الخدمة على حدة، ولم يبت في طلبه الخاص بمدة الحرب، فتقدم في 30 من نوفمبر سنة 1959 بطلب حساب ثلاثة أرباع مدة خدمته الاعتبارية بشركة الأوبرج المساهمة في المعاش وهي 3 يوم و10 شهور و2 سنة، وتقرر ضمها بالقرار رقم 125 لسنة 1960 طبقاً للقانون رقم 250 لسنة 1959 وقدر عنها احتياطي معاش 158.950 جنيهاً وبدئ في استقطاعه من مرتبه على أقساط شهرية ابتداء من أول أغسطس سنة 1960 ثم من معاشه بعد خروجه من الخدمة، وفي 15 من أكتوبر سنة 1962 وافقت إدارة المعاشات بوزارة الخزانة على اعتبار مدتي خدمته متصلتين مع حساب معاشه على هذا الأساس ثم تقدم بعد ذلك لوزارة الحربية بطلب وقف استقطاع أقساط المعاش المستحقة عن مدة العمل السابقة بشركة الأوبرج المساهمة ورد المبالغ السابق استقطاعها من مرتبه، مستنداً في ذلك إلى احتمال حساب مدة خدمته العسكرية أثناء الحرب العالمية مضاعفة، وأنه بحسابها سيزيد مجموع مدد خدمته المحسوبة في المعاش ثلاث سنوات، ومن ثم فهو راغب عن حساب مدة خدمته الاعتبارية في المعاش، لأن حساب مدة خدمة الحرب مضاعفة فيه الغناء، فضلاً عن أن القسط المستحق عليه عن المدة الاعتبارية كبير لا يحتمله، وباستطلاع رأي إدارة الفتوى والتشريع المختصة بمجلس الدولة رأت رفض هذا الطلب في 2 من ديسمبر سنة 1962، ورغم ذلك استمر المدعي يوالي استعجال حساب مدة الحرب مضاعفة في المعاش حتى أجيب إلى طلبه في 30 من مارس سنة 1963، وهذه المدة لا يسدد عنها احتياطي معاش، وقد ترتب على ذلك أن أصبح مجموع مدد خدمته المحسوبة في المعاش 2 يوم و4 شهر و40 سنة وهي تزيد على أقصى مدة تحسب في المعاش وقدرها 37.5 سنة.
ومن حيث إن الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 51 لسنة 1962 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 250 لسنة 1959 بحساب مدة العمل السابقة في المعاش تنص على أنه "لا يجوز لمن اشترك عن مدة عمله السابقة وفقاً لأحكام القانون رقم 250 لسنة 1959 المشار إليه أن يعدل عن هذا الاشتراك وإنما يجوز له تعديل رغبته في طريقة الأداء من التقسيط حتى سن الستين إلى الأداء بطريق الاستبدال أو دفعة واحدة نقداً". ولما كان طلب المدعي عدم الاعتداد بحساب مدة خدمته السابقة بشركة الأوبرج ورد الاحتياطي الذي استقطع من مرتبه عنها لا يعدو أن يكون عدولاً عن اشتراكه في هذه المدة، وهو ما لا يجوز لصريح نص المادة المذكورة.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المدعي عند تقديمه لطلب ضم مدة خدمته الاعتبارية بشركة الأوبرج كان مكرهاً وذلك أنه فضلاً عن أن القانون كفل للمدعي الوسائل بما فيها الالتجاء إلى القضاء - للحصول على حقه في المدد التي كانت مثاراً للنزاع فإن الإكراه الذي يفسد الرضا - كما سبق أن قضت هذه المحكمة - يجب أن تتوفر عناصره، بأن يقدم الموظف الطلب تحت سلطان رهبة بعثتها الإدارة في نفسه دون حق، وكانت قائمة على أساس، بأن كانت ظروف الحال تصور له أن خطراً جسيماً محدقاً يهدده هو أو غيره في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال، ويراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامته - والثابت أنه لم يصر من جهة الإدارة أي تهديد وقع على المدعي، كما لم تبعث في نفسه رهبة تضغط بها على إرادته فتفسدها بحيث تجعله مسلوب الحرية لا اختيار له فيما أراد، بل إن المدعي قد قدم طلبه بضم المدة المذكورة عن إرادة حرة سليمة ورضا صحيح بقصد تحسين معاشه، وبمجرد أن قدم طلبه هذا لم تمانع جهة الإدارة في تلبيته وإجابته إليه هو وغيره من الزملاء الذين تقدموا بطلبات ضم مدة الخدمة السابقة في المعاش طبقاً لأحكام القانون رقم 250 لسنة 1959، وصدر للجميع القرار رقم 125 لسنة 1960 - وقد اعترف المدعي في مذكرته الأخيرة أن هدفه الحقيقي من العدول عن الاشتراك عن مدة خدمته الاعتبارية التي قضاها بشركة الأوبرج المساهمة - التي يستقطع عنها احتياطي معاش - وهو أن تحل محلها مدة الحرب التي تحسب في المعاش مضاعفة والتي لا يستحق عنها احتياطي معاش، وتصادف أن كانت المدتان متساويتين تقريباً، إذ بحساب مدة الحرب مضاعفة لم تعد له مصلحة في الإبقاء على المدة الاعتبارية، لأن استبعادها لن يؤثر على بلوغ مجموع مدده الأخرى أقصى مدة تحسب في المعاش، ولذلك لم يجد جدوى منها، طالما أنه لا يستفيد منها شيئاً ولن يترتب عليها أية زيادة في المعاش اللهم تحمله عبء الاحتياطي المستحق عنها.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإن المدعي وقد تقدم بطلب ضم مدة خدمته بشركة الأوبرج في المعاش، وقررت الإدارة ضمها، وفقاً لقاعدة قانونية معينة، وبدأت فعلاً في استقطاع احتياطي المعاش، فإنه لا يجوز للمدعي بعد ذلك العدول عن الاشتراك عن هذه المدة بناء على مشيئته حتى ولو لم تكن له مصلحة في ضمها وأياً كانت الأسباب والدواعي إلى هذا العدول، وذلك تطبيقاً لصريح نص الفقرة الثانية من المادة (4) من القانون رقم 51 لسنة 1962 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 250 لسنة 1959 المشار إليه، وما دام أن طلبه ضم هذه المدة قد تم بإرادة حرة ورضاء صحيح حسبما سلف البيان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق