جلسة 13 من أغسطس سنة 1994
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: عويس عبد الوهاب عويس، والسيد محمد العوضي، ومحمود سامي الجوادي، ومحمود إسماعيل رسلان - نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------
(156)
الطعن رقم 2460 لسنة 36 القضائية
مجلس الدولة - أعضاؤه - التخطي في الترقية - عدم مشروعية وضع مدد كلية.
المادة (100) وما بعدها من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
للتخطي في الترقية أثر بالغ على المستقبل الوظيفي لأعضاء مجلس الدولة - سن المشرع الضوابط التي تكفل إجراء الترقيات على أسس سليمة وعادلة - وضع من الضمانات ما يكفل إحاطة العضو بأسباب التخطي في الترقية وإبداء دفاعه وتقديم أدلة نفي هذه الأسباب وذلك باتباع إجراءات محددة - أوجب المشرع إخطار العضو الذي حل دوره ولم تشمله حركة الترقيات لسبب غير متصل بتقرير الكفاية - حدد ميعاد التظلم وإجراءاته - جاء قانون مجلس الدولة خلواً من تحديد مدة كلية يتعين قضاؤها كشرط للتعيين في مختلف وظائفه ودرجاته - المجلس الخاص للشئون الإدارية هو السلطة المنوط بها النظر في تعيين الأعضاء وترقيتهم وسائر شئونهم على الوجه المبين في القانون - للمجلس الخاص للشئون الإدارية وضع القواعد التنظيمية طبقاً لما يراه محققاً الصالح العام ومتطلباته - مناط مشروعية هذه القواعد أن تكون عامة مجردة معلومة سلفاً لذوي الشأن حتى يتسنى لهم تحديد مراكزهم القانونية على مقتضاها - إذا اقتصر الأمر على مجرد رأي لهذا المجلس يقوم على محض وزن مدة الخدمة الكلية للعضو وتقدير عدم مناسبتها للترقية في حالة فردية بذاتها فهذا الرأي أياً كانت ركيزته لا يرقى إلى مصاف القواعد التنظيمية العامة الواجب النزول على مقتضاها في التطبيق الفردي - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 4/ 6/ 1990 أودع الأستاذ الدكتور/..... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2460 لسنة 36 ق عليا, وطلب في ختامه الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 16 لسنة 1990 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن خلصت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية لوظيفة مستشار.
وعينت جلسة 30/ 5/ 1992 لنظر الطعن وجرى تداوله بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها وقدمت جهة الإدارة مذكرة بدفاعها انتهت إلى طلب الحكم برفض الطعن كما أودعت أربع حوافظ مستندات، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الثابت بالمحاضر قررت إصدار الحكم بجلسة 9/ 7/ 1994 وفيها قررت مد أجل النطق به لجلسة اليوم لإتمام المداولة حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام طعنه الماثل ابتغاء الحكم له بطلباته السالفة البيان وذلك على سند من القول بأنه في التاسع من يناير 1990 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 16 لسنة 1990 بترقية بعض المستشارين المساعدين من الفئة ( أ ) بمجلس الدولة إلى وظيفة المستشار وتضمن هذا القرار ترقية زملاء للطاعن كانوا تالين له في الأقدمية مهدراً أقدميته بالنسبة إليهم والتي ترجع إلى تفوقه في الحصول على دبلومي الدراسات العليا اللذين يشترطهما قانون مجلس الدولة للترقية من وظيفة مندوب مساعد إلى وظيفة مندوب فضلاً عن أقدميته بالنسبة إلى بعض الزملاء الذين التحقوا بالمجلس نقلاً من وظائف قضائية أخرى، بالإضافة إلى المدة التي قضاها الطاعن في مجلس الدولة والتي تجاوز المدة التي قضاها زملاؤه السابقون الذين نقلوا إلى المجلس في سنوات 1980 - 1982 إلى وظيفة نائب ولم يحصل بعضهم على الدبلومين الواجب الحصول عليهما للترقية إلى وظيفة مندوب ومضى الطاعن فقرر أنه تظلم إلى السيد المستشار/ رئيس مجلس الدولة في 20/ 2/ 1990 ثم إلى السيد رئيس الجمهورية في 8/ 3/ 1990 ولم يتلق رداً وأضاف أن القرار المطعون فيه ينطوي على تخط له في الترقية إلى وظيفة المستشار دون سند من القانون أو الواقع إذ توافرت فيه شروط الترقية وهي الكفاية التي تدل عليها التقارير التي قدمت عن عمله والأقدمية وهي ليست محل مناقشة وخلص الطاعن من كل أولئك إلى طلب الحكم بطلباته.
ومن حيث إن مجلس الدولة أجاب على الطعن فأشار إلى أنه بتاريخ 27/ 11/ 1989، 6/ 12/ 1989 اجتمع المجلس الخاص للشئون الإدارية لنظر ترقيات بعض السادة الأساتذة أعضاء مجلس الدولة إلى وظيفة مستشار فما دونها، وبعد استعراض أسماء المرشحين للترقية لوظيفة مستشار والاطلاع على تقارير كفايتهم وسنوات تخرجهم والمدد التي قضوها في درجاتهم وافق المجلس الخاص على تعيين السادة الأساتذة الواردة أسماؤهم بالقرار رقم 16 لسنة 1990 المطعون فيه وعدهم خمسة عشر عضواً بدءاً من الأستاذ/........ وانتهاء بالأستاذ/...... في وظيفة المستشار دون الطاعن الذي كان ترتيبه عند نظر حركة الترقيات السابع تالياً للأستاذ/........ وسابقاً على الأستاذ/.......، وقد وافق المجلس الخاص بجلسة 27/ 11/ 1989 على حجز درجة في وظيفة مستشار للطاعن إذا رأى هذا المجلس أنه لم تمض عليه المدة المناسبة للترقية إلى هذه الوظيفة إذ تبلغ مدة خدمته الكلية بدءاً من تعيينه مندوباً مساعداً بالمجلس حتى جلسة المجلس الخاص في 6/ 12/ 1989 بالموافقة على الترقيات اثنتي عشرة سنة وسبعة شهور واثنين وعشرين يوماً بينما ترجع أقل مدة خدمة كلية لمن تمت ترقيتهم وظيفة مستشار بالقرار المطعون فيه أربع عشرة سنة وستة شهور وثمانية أيام.
ومن حيث إن هذه المحكمة قد سبق أن قضت بأنه يبين من نصوص المواد 100 وما بعدها من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 أنه نظراً لما للتخطي في الترقية من أثر بالغ على المستقبل الوظيفي لأعضاء مجلس الدولة فقد سن المشرع من النظم والضوابط ما يكفل إجراء الترقيات على أسس سليمة وعادلة ووضع من الضمانات ما يكفل لأعضاء المجلس الإحاطة بأسباب التخطي في الترقية وإبداء دفاعهم وتقديم أدلتهم لنفي هذه الأسباب وذلك باتباع إجراءات محددة فأوجب إخطار الأعضاء الذين حل دورهم ولم تشملهم حركة الترقيات لسبب غير متصل بتقارير الكفاية التي تظلم منها أو فات ميعاد التظلم منها مع إيضاح أسباب التخطي وذلك قبل عرض مشروع حركة الترقيات على المجلس الخاص للشئون الإدارية وبحيث يتم هذا الإخطار قبل عرض المشروع بثلاثين يوماً على الأقل، ولمن أخطر بالتخطي في الترقية الحق في التظلم خمسة عشر يوماً من تاريخ الإخطار بعريضة تقديم إلى إدارة التفتيش الفني التي تحيل التظلم إلى المجلس الخاص للشئون الإدارية خلال خمسة أيام من تاريخ تقديم التظلم ويفصل المجلس الخاص في التظلم بعد الاطلاع على الأوراق وسماع أقوال العضو التظلم ويصدر قراره خمسة عشر يوماً من تاريخ إحالة الأوراق إليه وقبل إجراء حركة الترقيات أنه عن مشروع حركة الترقيات تعرض على المجلس الخاص للشئون الإدارية قراراته الصادرة في التظلمات من التخطي في الترقية وذلك لإعادة النظر فيها.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى قانون مجلس الدولة يبين أنه جاء خلواً من تحديد مدة كلية يتعين أن يمضيها العضو كشرط للتعيين في مختلف وظائفه ودرجاتها وأنه ولئن كان للمجلس الخاص للشئون الإدارية وهو السلطة المنوط بها النظر في تعيين الأعضاء وترقيتهم وسائر شئونهم على الوجه المبين في هذا القانون أن يضع من القواعد التنظيمية الضابطة لسلطته التقديرية ما يراه أدنى إلى تحقيق الصالح العام ومتطلباته إلا أن مناط مشروعية هذه القواعد هو اتسامها بالعمومية والتجريد وأن تكون معلومة سلفاً لذوي الشأن فيها حتى يتسنى لهم تحديد مراكزهم القانونية على مقتضاها، فإذا ما اقتصر الأمر على مجرد رأي لهذا المجلس يقوم على محض وزن مدة الخدمة الكلية للعضو وتقدير عدم مناسبتها للترقية في حالة فردية بذاتها فليس من ريب في أن هذا الرأي أياً كانت ركيزته من اعتبارات الملاءمة لا يرقى إلى بلوغ مصاف القواعد التنظيمية العامة الواجب النزول على مقتضاها في التطبيق الفردي.
ومن حيث إن البادي من مطالعة الأوراق أن الطاعن لم يخطر بأسباب التخطي في الترقية عند إعداد مشروع حركة الترقيات إخلالاً بالضمانة المقررة بالمادة 100 وما بعدها من قانون مجلس الدولة فضلاً عن صدور القرار المطعون فيه متخطياً إياه في الترقية لسبب لا يتصل بالكفاية أو الجدارة من قريب أو بعيد وبني على أن الطاعن لم تمضي عليه المدة المناسبة للترقية إلى وظيفة مستشار وهو ما لا ينهضن سبباً مبرراً للتخطي إزاء انتقاء السند التشريعي لحجب الترقية عمن حل دوره فيها ولم يحل دونها حائل من كفاية أو جدارة وعليه فإن القرار المطعون فيه إذ انطوى على تخطي الطاعن في الترقية بين أقرانه يكون قد وقع مخالفاً للقانون وحق عليه الإلغاء فيما تضمنه من ذلك مع ما يترتب على ذلك من آثار.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة مستشار مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق