جلسة 7 من مايو سنة 1972
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح بيومي نصار نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة وأحمد فؤاد أبو العيون وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر المستشارين.
----------------
(68)
القضية رقم 1201 لسنة 14 القضائية
(أ) دعوى الإلغاء "ميعاد الستين يوماً" - عاملون مدنيون "نقل - ترقية".
نقل العامل من وزارة إلى أخرى مع تفويت الدور عليه في الترقية بالأقدمية - ميعاد الطعن في قرار النقل - سريانه من تاريخ علمه بقرار الترقية - أساس ذلك.
(ب) عاملون مدنيون "نقل - ترقية".
نقل العامل من وزارة إلى أخرى في وقت لم تكن توجد فه بالجهة المنقول منها درجة خالية تسمح بترقيته - إجراء سليم قانوناً - لا يغير من ذلك أن يكون مشروع الميزانية قد تضمن اقتراح إنشاء درجات جديدة - أساس ذلك.
"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى 1333 لسنة 19 القضائية ضد وزارة الحربية بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 17 فبراير سنة 1965 وطلب في ختامها الحكم.
أولاً - بإلغاء القرار رقم 731 الصادر بتاريخ 21 يونيه سنة 1959 بنقله من وظيفة رئيس قسم الكيمياء بالكلية الحربية إلى وزارة التربية والتعليم المركزية مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ثانياً - بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 24 فبراير سنة 1960 بترقية السيد/ .... إلى الدرجة الثالثة الفنية العالية فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة مصروفات الدعوى. وقال شرحاً لدعواه أنه كان حتى 31 مايو سنة 1959 شاغلاً لوظيفة رئيس قسم الكيمياء بالكلية الحربية وبتاريخ 21 يونيو سنة 1959 صدر قرار وزاري رقم 731 بنقله إلى وزارة التربية والتعليم المركزية اعتباراً من أول يونيه سنة 1959 لترشيحه لوظيفة ملحق ثقافي بسفارة مصر بيوغوسلافيا، وأنه قد نفذ هذا القرار وبقى في تلك الوظيفة حتى شهر يناير سنة 1965 وأنه علم في أخر مرة عاد فيها إلى مصر أنه في أعقاب صدور قرار نقله من الكلية الحربية صدرت قرارات ترقية إلى الدرجة الثالثة الفنية العالية في 24 فبراير سنة 1960 رقى فيها بالأقدمية المطلقة من كانوا تالين له في أقدمية الدرجة الرابعة كالسيد/ .... بينما لم يرق المدعي إلى الدرجة الثالثة في الجهة التي نقل إليها إلا في 29 نوفمبر سنة 1964 وعندئذ اتضح له أن نقله من الكلية الحربية قد ترتب عليه تفويت الدور عليه في الترقية بالأقدمية وهو أمر ممنوع بنص المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951. ومن ثم تظلم إلى السيد وزير الحربية في 21 من أكتوبر سنة 1964 من قرار نقله وقرار الترقية المطعون فيهما.
وأجابت الوزارة عن الدعوى بأن المدعي كان يعلم بقرار نقله وكان عليه أن يتظلم منه خلال الستين يوماً التالية لصدوره ولكنه لم يفعل إلا بعد مضي أكثر من خمس سنوات وأن علمه ثابت بالطلب المقدم منه في 16 مايو سنة 1959 والذي يطالب فيه الوزارة بإرسال البيانات الخاصة به المطلوبة لوزارة الخارجية بمناسبة ترشيحه من الوزارة المنقول إليها ملحقاً ثقافياً بسفارة مصر ببلجراد ومن ثم يكون طعنه في القرار الصادر بنقله غير مقبول شكلاً، أما بالنسبة لطلبه الثاني فقد دفعت الوزارة بعدم قبوله لعدم توافر شرطي الصفة والمصلحة في المدعي لأنه كان أجنبياً عن الوزارة وقت إجراء حركة الترقية المطعون فيها ومن ثم فليس له مصلحة في طلب إلغائها.
وبجلسة 6 من يونيو سنة 1968 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع.
أولاً - بإلغاء القرار رقم 731 الصادر في 21 يونيه سنة 1959 بنقل المدعي من وزارة الحربية إلى وزارة التربية والتعليم.
ثانياً - بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الثالثة الفنية العالية إلى تاريخ نفاذ القرار رقم 430 الصادر في 24 فبراير سنة 1960 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها بقبول الدعوى شكلاً على أساس ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من بدء مواعيد التظلم بالنسبة للموفدين في الخارج في مهام رسمية من تاريخ علمهم بالقرارات المطعون فيها عقب عودتهم إلى أراضي البلاد طالما أن النشرات المصلحية التي تضمنت تلك القرارات لم تنشر في الخارج بطريقة رسمية يعتد بها وطالما لم تقدم جهة الإدارة ما يفيد العلم اليقيني بهذه القرارات في تاريخ سابق على التظلم منها وأخذاً بما ثبت من أن الوزارة لم تقدم ما يقطع بعلم المدعي بالقرار الذي تضمن تخطيه في تاريخ سابق على تقديم التظلم، وأشارت المحكمة في هذا الصدد إلى أن التظلم من قرار التخطي يتضمن بحكم الضرورة التظلم من قرار النقل باعتبار أن أحدهما هو سبب الأخر ذلك أن مركز المدعي حيال النقل لم يتحدد بصورة قاطعة في مجال الطعن فيه إلا اعتباراً من تاريخ صدور قرار التخطي الذي تم بالمخالفة لأحكام المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة ومن ثم فإنه اعتباراً من هذا التاريخ يحق للمدعي أن يتظلم من القرارين معاً وهو ما فعله المدعي مراعياً المواعيد المقررة للتظلم ورفع الدعوى ملتزماً سائر الأوضاع الشكلية الأخرى. أما بالنسبة للموضوع فقد أقامت المحكمة قضاءها مستندة إلى المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تجيز نقل الموظف من إدارة إلى أخرى أو من مصلحة أو وزارة إلى مصلحة أو وزارة أخرى إذا كان النقل لا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية أو كان قرار النقل قد تم بناء على طلبه وأن الطلب الذي يعتد به في هذا الخصوص هو الطلب الصريح الواضح المعبر عن كامل الإرادة في النقل حتى تنتفي عن جهة الإدارة مظنة الأضرار به ومن ثم فإنه لا اعتداد بما قالته الوزارة من أن نقل المدعي قد تم بناء على طلبه استناداً إلى طلب تقدم به لإرسال بعض البيانات المطلوبة للجهة المنقول إليها إذ أن هذا التصرف من جانب المدعي لا ينم عن طلب صريح بنقله فضلاً عن أن الوزارة لم تقدم الطلب المشار إليه طوال فترة نظر الدعوى وليس في أوراقها أو بملف خدمة المدعي ما يشير إليه. وإذا كان من الثابت أنه عقب صدور قرار نقل المدعي في 21 يونيه سنة 1959 أجرت الوزارة المدعى عليها ترقيات إلى الدرجة الثالثة الفنية العالية بالأقدمية المطلقة في 24 فبراير سنة 1960 رقى فيها السيد/ محمد محمود مكرم وهو من كان يلي المدعي في أقدمية الدرجة الرابعة الفنية العالية فإن الترقية تكون قد تمت بالمخالفة لحكم المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب إذ قضى بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لقرار نقل المدعي الصادر برقم 731 لسنة 1959 ذلك أن المدعي كان موجوداً بمصر وقت صدور ذلك القرار وأنه تسلم العمل بموجبه بوزارة التربية والتعليم وتقدم بطلب استعجال إلى وزارة الحربية لإرسال ملفه إلى الوزارة المنقول إليها مما يقطع بعلم المدعي بصدور هذا القرار فضلاً عن موافقته على هذا النقل بدليل سعيه لإتمام أوراق ترشيحه لإرسالها إلى وزارة الخارجية قبل مغادرته البلاد ملحقاً ثقافياً في بلجراد تابعاً لوزارة التربية والتعليم، أما ما ذهبت إليه المحكمة من خلط بين قراري النقل والترقية لتقضي برفض الدفع بالنسبة للقرار الأول فهو غير قائم على أساس سليم من القانون. أما من حيث الموضوع فإن المحكمة قد جانبها الصواب إذ قضت بإلغاء قرار نقل المدعي بمقولة مخالفته لنص المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 باعتبار أن النقل قد تم على غير إرادة المدعي ذلك أن لجنة شئون الموظفين بالوزارة أصدرت قرارها بنقله بتاريخ 23 من أبريل سنة 1959 وأن المدعي استعجل بتاريخ 16 مايو 1959 أوراق اعتماد النقل وسرعة إرسال الملف إلى الجهة المنقول إليه مما يقطع بأن النقل لم يكن قد تم على غير إرادته طبقاً لنص المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وإنما قد تم بموافقته وإلا لكان عليه أن يرفض السفر إلى الخارج وأن يتظلم من قرار النقل في حينه، كما وأن المحكمة قد أخطأت إذ قضت بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الثالثة الفنية العالية إلى تاريخ نفاذ القرار الصادر في 24 من فبراير سنة 1960 تأسيساً على قضائها الخاطئ بإلغاء قرار النقل رقم 731 لسنة 1959 ومن ثم فإن المطعون ضده وقد نقل برغبته إلى وزارة التربية والتعليم وأصبح ضمن موظفيها فليس له مصلحة ولا صفة في الطعن في القرارات الصادرة بالترقية في وزارة الحربية.
ومن حيث إنه بالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً فأنه وإن كان لا نزاع في أن المطعون عليه قد علم بقرار نقله رقم 731 لسنة 1959 إلا أنه لم يكن في وسعه وقت صدور ذلك القرار أن يستظهر ما شابه من عيب تمثل - في تقديره - في تفويته الدور عليه في الترقية بالأقدمية في الجهة المنقول منها وتكشفت له من تاريخ علمه بقرار تخطيه في الترقية المطعون فيها والصادر من تلك الجهة وبذلك فإن مركز المطعون عليه حيال قرار النقل لم يتحدد بصورة قاطعة في مجال الطعن فيه إلا اعتباراً من تاريخ علمه بقرار التخطي المشار إليه وهو التاريخ الذي تكشف له فيه ما شاب قرار نقله من عيب والذي يبدأ منه بالتالي سريان ميعاد التظلم منه، وإذ كان من الثابت أن جهة الإدارة لم تقدم ما يفيد علم المطعون عليه بقرار التخطي سالف الذكر في تاريخ سابق على تقديم تظلمه منه في 25 من أكتوبر سنة 1964 على النحو الذي فصله الحكم المطعون فيه فإن المطعون عليه إذ تظلم في التاريخ ذاته من قرار نقله رقم 731 لسنة 1959 يكون قد التزم الميعاد المقرر للتظلم منه وأقام الدعوى في ميعادها القانوني ومن ثم يكون الدفع الذي أبدته جهة الإدارة بعدم قبول الدعوى شكلاً غير قائم على سند من القانون.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الموضوع فإنه يبين من حكم المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - الذي تحكم قواعده هذه المنازعة - أن المشرع قد استهدف بها أن يكون نقل الموظف من جهة إلى أخرى مقيداً بما تقتضيه مصلحة العمل والعامل فإذا أخفى النقل غرضاً أخر وهو حرمان الموظف من ترقية متاحة ليفوز بها غيره كان قرار الإدارة في هذا الشأن باطلاً.
ومن حيث إن القرار الوزاري رقم 731 لسنة 1959 بنقل المطعون عليه من وزارة الحربية إلى وزارة التربية والتعليم اعتباراً من أول يونيه سنة 1959 قد صدر في 21 يونيه سنة 1959 وأن قرار ترقية السيد/ محمد محمود مكرم الذي يطعن فيه المدعي قد صدر في 24 فبراير سنة 1960 وأن الدرجة التي تمت عليها هذه الترقية - حسبما يتضح من المستندات التي قدمتها الوزارة الطاعنة لهذه المحكمة بجلسة 15 مايو سنة 1971 (كتاب هيئة التنظيم والإدارة للقوات المسلحة - فرع شئون خدمة الموظفين) - قد اعتمدت في ميزانية الوزارة (الكلية الحربية) عن السنة المالية 1959/ 1960 والصادر بها القرار الجمهوري رقم 101 لسنة 1960 أي أن الترقية المطعون فيها قد تمت على درجة أنشأت اعتباراً من أول يوليو سنة 1959 ومفاد ذلك أنه لم تكن ثمة درجة ثالثة فنية عالية خالية بالكلية الحربية وقت نقل المطعون عليه إلى وزارة التربية والتعليم.
ومن حيث إنه إذا ثبت أن نقل المطعون عليه من وزارة الحربية إلى وزارة التربية والتعليم كان نقلاً سليماً اقتضته مصلحة العمل والعامل ولم يصدر عن إساءة استعمال السلطة - كما يذهب المدعي - ابتغاء تفويت حقه في ترقية كانت متاحة له إذ لم تكن ثمة درجات وقت النقل تسمح بترقيته إليها فإن النقل - يكون والحالة هذه - لا مطعن عليه ذلك أن النقل لا يكون معيباً إلا إذا كان هناك درجات تسمح بترقية العامل في الجهة المنقول منها وقصد حرمانه من الترقية إليها وإفساح الطريق لمن يلونه في الأقدمية أما إذا كان الأمر على خلاف ذلك وذهبت جهة الإدارة إلى استعمال الرخصة المخولة لها قانوناً في النقل بقصد تحقيق الغرض الذي شرع من أجله ثم أنشأت درجة جديدة في ميزانية الإدارة بعد قرار النقل المطعون فيه فلا يسوغ الادعاء عندئذ بأن مثل هذا النقل قصد به تفويت حق الموظف المنقول في الترقية.
ولا وجه في هذا المقام للتحدي بأن الوزارة قد تعمدت نقل المدعي بغية تفويت دوره في الترقية، لأنها كانت قد اقترحت إنشاء درجات في مشروع الميزانية لأن إعداد مشروع الميزانية بواسطة الوزارات المختلفة واقترح إنشاء الدرجات الجديدة لا يقوم دليلاً كما يذهب المدعي على إساءة استعمال السلطة باعتبار أن الوزارة كانت تعلم بمثل هذه الدرجات المقترحة، ذلك أن سلطة الوزارة تنحصر في الاقتراح فحسب ولا تمتد إلى تقديرها فعلاً ووجوب إنشائها فهي لا تملك ذلك باعتباره حقاً أصيلاً للسلطة التي تقوم باعتماد الميزانية والتي تملك حذف وتعديل وإنشاء الدرجات التي تطلبها الوزارات والمصالح كي تتم الموازنة بين أبواب الميزانية المختلفة دون أن يكون لهذه الوزارات حق الاعتراض على ذلك، ومن ثم فإن اقتراح إنشاء بعض الدرجات في ميزانية الجهة المنقول منها المطعون ضده لا ينهض دليلاً على علم الوزارة بإنشاء هذه الدرجة إذ لا يتأكد هذا العلم إلا بصدور قانون ربط الميزانية متضمناً هذه الدرجات وبهذه المثابة يكون نقل المطعون ضده قد وقع صحيحاً بالموافقة لأحكام القانون وبالتالي فإن ما ينعاه المدعي على قرار الترقية رقم 430 الصادر في 24 من فبراير سنة 1960 وطلبه إرجاع أقدميته في الدرجة الثالثة الفنية العالية من تاريخ نفاذ ذلك القرار يكون غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه تأسيساً على كل ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جانب الصواب ومن ثم فإنه يتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه: وبرفض الدعوى. وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق