الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 16 أغسطس 2023

الطعن 1110 لسنة 34 ق جلسة 22 / 5 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 124 ص 1226

جلسة 22 من مايو سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمد الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي خليل هارون وعويس عبد الوهاب عويس وعلي عوض محمد صالح وأحمد حمدي الأمير - المستشارين.

----------------

(124)

الطعن رقم 1110 لسنة 34 القضائية

(أ) عاملون مدنيون بالدولة - طرق شغل الوظائف العليا - تعيين.
المواد 12، 15، 16 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
الأصل أن يكون التعيين في أدنى الوظائف - يتم التعيين في غير أدنى الوظائف سواء من داخل الوحدة أو من خارجها في حدود 10% من مجموع الدرجات الخالية - تستثنى الوظائف العليا من الأحكام المتقدمة - سلطة التعيين فيها من اختصاص رئيس الجمهورية الذي فوض بدوره رئيس مجلس الوزراء - لسلطة التعيين حرية اختيار العناصر الصالحة لشغل الوظائف العليا متى توافرت فيها متطلبات الوظيفة وشروطها - حرية الاختيار للوظائف القيادية أوسع نطاقاً.
أساس ذلك: أن شغل الوظائف القيادية يتطلب مواصفات خاصة من القائمين عليها - تطبيق.
(ب) قرار إداري - قرار النقل - شروطه - تمييزه عن التعيين في الوظائف العليا.
النقل كوسيلة لشغل الوظائف لا يكون إلا لمن يشغلون مراكز قانونية في ذلك المستوى - لا يسوغ القول بأن قراراً ما تضمن نقلاً وترقية في آن واحد طالما أن الموظف لم ينقل إلى وظيفة عليا معادلة للوظيفة التي كان يشغلها ثم تمت ترقيته بعد ذلك إلى وظيفة أعلى في الجهة المنقول إليها وإنما عين رأساً في الوظيفة الأعلى - القرار في الحالة الأخيرة هو قرار تعيين في إحدى الوظائف العليا وهو ما تملكه جهة الإدارة رأساً من خارج الوحدة بمراعاة اشتراطات شغل الوظيفة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس 10/ 3/ 1988 أودع الأستاذ....... المحامي والوكيل عن....... قلم كتاب هذه المحكمة طعن قيد بجدولها تحت رقم 1110 لسنة 34 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات والترقىات) بجلسة 28/ 1/ 1988 في القضية رقم 3996 لسنة 40 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 161 لسنة 1986 المطعون فيه إلغاء مجرداً مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن قبول الطعن شكلاً والحكم (أولاً) وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلى حين الفصل في الطعن المعروض (ثانياً) وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات عن الدرجتين.
وفي يوم الاثنين الموافق 28/ 3/ 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن رئيس مجلس الوزراء، ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة تقرير طعن في ذات الحكم قيد تحت رقم 1383 لسنة 34 قضائية، وطلبت للأسباب الواردة في التقرير الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل الأتعاب.
وفي يوم الأربعاء الموافق 16/ 3/ 1988 أودع الأستاذ..... المحامي بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تقرير طعن في ذات الحكم السالف ذكره قيد تحت رقم 1172 لسنة 34 قضائية، وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد تم إعلان الطعون الثلاثة إعلاناً قانونياً إلى المطعون ضدهم على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً في الطعن الأول ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده الأول بالمصروفات عن الدرجتين.
كما أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعنين الثاني والثالث طلبت فيه لما ساقته من أسانيد - الحكم بقبول هذين الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحددت لنظر الطعن الأول (رقم 1110 لسنة 34 ق عليا) أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 11/ 7/ 1988، وبجلسة 23/ 10/ 1989 تقرر ضم الطعن المذكور إلى الطعن الثاني (رقم 1383 لسنة 34 ق عليا) ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 23/ 12/ 1991 قررت المحكمة ضم الطعن الثالث (رقم 1172 لسنة 34 ق) إلى الطعنين السالف ذكرهما ليصدر فيهم حكم واحد. هذا وبجلسة 25/ 5/ 1992 قررت الدائرة إحالة الطعون الثلاثة الماثلة إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظرها بجلسة 4/ 7/ 1992. حيث تداول نظرها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر بجلسة 10/ 4/ 1993 حجزها للحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، وبعد المداولة قانوناً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 28/ 1/ 1988 وأقيم الطعن الأول رقم 1110 لسنة 34 ق في 10/ 3/ 1988 والطعن الثاني رقم 1383 لسنة 34 ق في 28/ 3/ 1988 والطعن الثالث رقم 1172 لسنة 34 ق في 16/ 3/ 1988. أي خلال الميعاد المقرر قانوناً، وإذ استوفت الطعون سائر أوضاعها الشكلية - ومن ثم فهي مقبولة شكلاً.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تتمثل - حسبما يتبين من الأوراق في أن سعيد محمد سعيد البحيري (المطعون ضده) أقام دعواه - المطعون على حكمها - بالطعن الماثل بصحيفة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 11/ 6/ 1986 حيث قيدت برقم 3996 لسنة 40 القضائية طالباً في ختامها الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 161 لسنة 1986 الصادر في 15/ 2/ 1986 بتعيين (إبراهيم فؤاد الحديدي) في وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون وتنمية الريف بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي وذلك فيما تضمنه من تخطيه في التعيين في هذه الصفة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال شرحاً لدعواه أنه حائز على بكالوريوس الزراعة سنة 1952، وعين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي في 15/ 3/ 1954 وأرجعت أقدميته في درجة بداية التعيين إلى 1/ 6/ 1952 وتدرج في وظائف الهيئة إلى أن رقى إلى الدرجة الثانية في 31/ 12/ 1972 (الأولى بالقانون رقم 47 لسنة 1978)- ثم أرجعت أقدميته فيها إلى 31/ 12/ 1970، ورقى إلى وظيفة مدير عام بالإدارة العامة للتعاون والخدمات اعتباراً من 29/ 5/ 1981 بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2733 لسنة 1981، وخلال عمله بالهيئة شغل العديد من الوظائف الهامة أخرها وظيفة "مدير عام أملاك الدولة الخاصة، رئيس اللجنة العليا للإصلاح الزراعي والتي ما برح يشغلها هذا وقد نال طوال حياته الوظيفية تقارير كفاية بدرجة ممتاز، ولم توقع عليه أية جزاءات أو عقوبات تأديبية واستطرد المدعي قائلاً أنه فوجئ بصدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 161 لسنة 1986 الصادر في 15/ 2/ 1986 (مثار النزاع) ينص على تعيين المهندس الزراعي/ إبراهيم فؤاد الحديدي رئيساً للإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، ولما كان المدعي أقدم منه لأنه حائز على الدرجة الأولى اعتباراً من 31/ 12/ 1970 بينما حصل المطعون على ترقيته على هذه الدرجة في 31/ 12/ 1974، ورقى المدعي إلى وظيفة مدير عام اعتباراً من 29/ 5/ 1981 بينما رقى المطعون على ترقيته إلى وظيفة مدير عام في 29/ 11/ 1983 وعليه يكون قرار ترقية المطعون عليه إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية قد جاء مخالفاً لحكم المادة 37 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 لأنه لا يجوز تخطي الأقدم وترقية الأحدث المتساوي معه في مرتبه الكفاية، وقد تظلم المدعي من هذا القرار بتاريخ 6/ 3/ 1986 ولما لم يتلق رداً على تظلمه أقام دعواه المطعون في الحكم الصادر فيها - وضم صحيفة افتتاح دعواه بالطلبات السالف ذكرها.
ورداً على الدعوى أودعت الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الدعوى ركوناً إلى أن القرار المطعون فيه يتضمن تعيين المطعون عليه في وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي تطبيقاً لنص المادتين 15/ 16 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1978، وليس الأمر بصدد ترقية إعمالاً لحكم المادتين 36، 37 من هذا القانون.
وحيث إنه بجلسة 28/ 1/ 1988 حكمت محكمة القضاء الإداري - المطعون في حكمها بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 161 لسنة 1986 المطعون فيه إلغاء مجرداً، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة حكمها بذلك على أن مفاد نص المادتين 12، 15 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1978 أن الأصل العام في شغل الوظائف أن يكون عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب، وأن الأصل في التعيين طبقاً للفقرة الأولى من المادة 15 "أن يكون في أدنى الدرجات لأول مرة وأن الاستثناء منصوص عليه في الفقرة الثانية من هذه المادة، والتي أجازت التعيين في غير أدنى الدرجات سواء من داخل الوحدة أو من خارجها وعليه فلا مجال لأعمال هذا الاستثناء ويتعين الالتجاء إلى الأصل العام ما دام ذلك ممكناً وليس ثمة مقتضى للخروج عليه. وأنه لما كان يبين من الأوراق أن المهندس الزراعي إبراهيم فؤاد الحديدي كان يشغل وظيفة مدير عام مديرية الزراعة بمحافظة الجيزة اعتباراً من 29/ 11/ 1983 وهي وظيفة تابعة لوزارة الزراعة ثم ندب رئيساً للإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي في 2/ 3/ 1985 وبتاريخ 5/ 2/ 1986 صدر القرار المطعون فيه بتعيينه رئيساً للإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية بالهيئة المذكورة، وبالتالي فإن قرار الطعن هو في حقيقته قرار بنقل السيد المذكور نقلاً نوعياً إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي متضمناً الترقية إلى وظيفة أعلى. ولما كلن الأمر كذلك وأجدبت الأوراق من إجراء الجهة الإدارية مفاضلة حقيقية وجادة بين المطعون على ترقيته وزملائه العاملين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وأنه قد تعذر شغل الوظيفة محل النزاع بسبب عدم صلاحية أي من هؤلاء العاملين لشغلها ولذا كان القرار المطعون فيه يكون قد صدر بغير مقتضى يبرره، ووقع بالتالي مخالفاً للقانون.
وأردفت المحكمة قائلة أن القرار المطعون فيه قد صدر مخالفاً للمادة 36 - من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 - فيما تضمنه من حظر ترقية العامل المنقول قبل سنة على النقل ما لم يكن النقل وفقاً لإحدى الحالات الثلاث الواردة بها على سبيل الحصر - وهي أن تكون الترقية في وظائف الوحدات المنشأة حديثاً أو كان نقل العامل بسبب نقل تمويل وظيفته، أو لم يكن من بين العاملين بالوحدة المنقول إليها العامل من يستوفي الشروط القانونية اللازمة للترقية خلال هذه السنة - وإذ الثابت أنه لا تتوافر في الحالة الماثلة إحدى هذه الحالات الثلاث - ومن ثم خلص الحكم المطعون فيه إلى أن قرار الطعن المنطوي على ترقية المطعون ضده إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد صدر مخالفاً للقانون خليقاً بالإلغاء.
وحيث إن مبنى الطعون الماثلة هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأن (أولاً) أن المستفاد من نص المادة 15 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1978 أن المشرع منح الإدارة سلطة التعيين في وظائف الإدارة العليا من خارج العاملين في الوحدة دون أن يعتد إطلاق النص بضوابط الترقية التي تقوم على ترقية الأقدم عند التساوي في الكفاءة، ومع ذلك فقد أجرت الجهة الإدارية قبل إصدارها القرار المطعون فيه المفاضلة المطلوبة على ضوء ما كشف عنه تقرير الرقابة الإدارية بين الصادر لصالحه القرار المطعون فيه والمطعون ضده وزملائه هذا وقد أفصحت الهيئة الطاعنة عن ذلك بمذكرتها المودعة بجلسة 2/ 4/ 1987 وقررت المحكمة ضم هذا التقرير بجلسة 25/ 6/ 1987 إلا أنها أصدرت الحكم المطعون فيه دون انتظار ورود هذا التقرير وفضلاً عن ذلك فقد استعرضت الجهة الإدارية الأعمال التي تولاها الصادر لصالحه قرار التعيين وغيره من العاملين بالجهة المعين فيها ومنهم المطعون ضده، وهو ما ذكرته الهيئة في دفاعها في الدعوى.
(ثانياً) إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن القرار المطعون فيه هو في حقيقته قرار نقل نوعي بمقولة أن الصادر لصالحه قرار الطعن من العاملين بوزارة الزراعة ونقل إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وركن هذا الحكم إلى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنيين رقمي 736، 737 لسنة 25 ق بجلسة 7/ 2/ 1982 لاستبعاد أعمال الرخصة التي قررتها الفقرة الأخيرة من المادة (15) من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه في حين أن الحكم المذكور لا يغير هذا التصور إنما استهدف الحكم المستشهد به استبعاد الاستثناء واللجوء إلى الأصل العام في شغل الوظائف المطلوب التعيين فيها عن طريق الترقية لأن جميع العاملين المتقدمين للتعيين في غير أدنى الدرجات من العاملين في ذات الوحدة دون أن يتقدم أحد من الخارج. وإذ كانت ميزانية وزارة الزراعة مستقلة تماماً عن ميزانية الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، فإن ذلك دليل على فساد الاستدلال الذي استندت إليه المحكمة من استبعاد اللجوء إلى الاستثناء الوارد بالفقرة الأخيرة من المادة (15) المشار إليها الذي يجيز للجهة الإدارية التعين من خارج الوحدة، والتعيين والنقل مدلولان لا يختلطان لأن التعين نقل وظيفة ذات درجة مالية غير تلك التي يشغلها العامل أو غير معادلة لها، أما النقل فيستصحب فيه العامل جميع العناصر المكونة لمركزه الوظيفي السابق، وعلى الأخص الدرجة المالية - هذا إلى أن تعيين العامل في الحكومة أو القطاع العام في الوظائف العليا لا يخضع لقيد عدم جواز الترقية خلال عام باعتباره تعييناً لا يسري بشأنه هذا القيد.
وحيث إن المادة (12) من نظام العاملين المدنيين الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه يكون شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب بمراعاة استيفاء الاشتراطات اللازمة - وتقضي المادة 15 منه بأن: "يكون التعيين ابتداء في أدنى وظائف المجموعة النوعية الواردة في جدول وظائف الوحدة. ويجوز التعيين في غير هذه الوظائف من داخل الوحدة أو من خارجها في حدود 10% من العدد المطلوب شغله من وظائف كل درجة، وذلك طبقاً للقواعد والشروط التي تضعها لجنة شئون الخدمة المدنية، وتعتبر الوظائف الشاغرة في كل درجة بالمجموعة النوعية وحدة واحدة على مدار السنة في تطبيق هذه النسب، فإذا كان عدد الوظائف المطلوب شغلها يقل عن عشرة جاز تعيين عامل واحد.
وتستثنى من أحكام الفقرتين السابقتين الوظائف العليا".
كما تنص المادة (16) منه على أن يكون التعيين في الوظائف العليا بقرار من رئيس الجمهورية ويكون التعيين في الوظائف الأخرى بقرار من السلطة المختصة.
وحيث إن مفاد ما تقدم أن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 قد حدد في مادته (12) وسائل أربعة لشغل الوظائف وهي التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب وذلك مع مراعاة استيفاء الاشتراطات اللازمة لشغل الوظيفة حسب الوسيلة التي يتقرر اتباعها، واختيار أي وسيلة مما تقدم لشغل الوظائف الشاغرة هو من الملاءمات المتروكة لتقدير جهة الإدارة فلا سبيل لإلزامها بإتباع وسيلة تعيينه أو العدول عن وسيلة قررت اللجوء إليها بغية شغل وظيفة خالية طالما أن قرارها في هذا الشأن صدر في نطاق الرخصة المخولة لها قانوناً ولم يقم دليل على الانحراف بالسلطة.
وحيث إنه ولئن كان المشرع قد جعل التعيين إحدى الطرق التي تشغل بها الوظائف العامة فإنه قد جعل الأصل العام هو أن يتم هذا التعيين في أدنى وظائف المجموعة النوعية الواردة بجدول وظائف كل وحدة، وأجاز خروجاً عن هذا الأصل أن يتم التعيين في غير أدنى وظائف المجموعات النوعية سواء من داخل الوحدة أو من خارجها وذلك في حدود 10% من مجموعات الدرجات الخالية، ثم استثنى الوظائف العليا من الأحكام المتقدمة وأسند إلى رئيس الجمهورية - الذي فوض بدوره رئيس مجلس الوزراء - سلطة التعيين في هذه الوظائف، وبذلك يكون المشرع قد أطلق لسلطة التعيين حرية اختيار العناصر الصالحة لشغل الوظائف العليا متى توافرت فيها متطلبات الوظيفة وشروطها.
وحيث إنه يجب أن يراعى في اختيار القائمين على شغل الوظائف القيادية مواصفات خاصة، لذا يجب أن تكون حرية الجهة الإدارية في الاختيار لهذه الوظائف أوسع نطاقاً لما تطلبه من اعتبارات لشخص المرشح لها، طالما كان الاختيار غير مشوب بانحراف في استعمال السلطة، وما دام مطابقاً للقانون.
وحيث إن قرار النقل كوسيلة لشغل الوظائف لا يكون إلا لمن يشغلون مراكز قانونية في ذات المستوى، ولا يسوغ القول بأن قراراً ما تضمن نقلاً وترقية في آن واحد طالما أن الموظف لم ينقل إلى وظيفة عليا معادلة - للوظيفة التي كان يشغلها - ثم تمت ترقيته بعد ذلك إلى وظيفة أعلى في الجهة المنقول إليها - وإنما عين رأساً في الوظيفة الأعلى ففي هذه الحالة وأمثالها يكون القرار بنصه وفحواه قرار تعين في إحدى الوظائف العليا وهو ما تملكه جهة الإدارة رأساً من خارج الوحدة بمراعاة اشتراطات شغل الوظيفة.
وحيث إن المصلحة العامة والمصلحة الفردية لا تتوازيان في مجال الروابط القانونية التي تنشأ بين الإدارة والأفراد ولأن عيب إساءة استعمال السلطة إنما يشوب الغاية من القرار ذاته بأن تكون الإدارة قد تنكبت وجه المصلحة العامة وأصدرت قرارها بباعث لا يمت لتلك المصلحة فعيب إساءة استعمال السلطة هو من العيوب القصدية قوامه أن يكون لدى الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة. فإذا لم يكن لدى الإدارة هذا القصد أو باعث من هوى أو تعد أو انتقام فلا قيام لعيب إساءة استعمال السلطة مهما تكن الأضرار التي تعيب المصلحة الفردية من القرار.
وحيث إنه بإنزال حكم القانون السالف بيانه على واقعات الطعن، وكان الثابت أن إبراهيم فؤاد الحديدي - المطعون على تعيينه - حائز على بكالوريوس الزراعة عام 1950، وعيت بتاريخ 24/ 6/ 1951، وسلف له أن شغل عدة وظائف بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي فقد شغل بها وظيفة مفتش عام تعاون، ومفتش عام بالتفتيش الفني، ومدير إدارة، ثم مراقب عام الاستزراع وتحسين الأراضي، ثم عين بوظيفة مدير عام مديرية الزراعة بالجيزة اعتباراً من 29/ 11/ 1983، وندب إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية، وحصل على دورة تدريبية من معهد القادة الإداريين وثلاث دورات في أساليب التنمية الإدارية، وأمضى دورتين لاستزراع وتحسين الأراضي، وسبعة أشهر في الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الخدمات التي تؤديها الحكومة والجمعيات التعاونية الزراعية للمزارعين بالإضافة إلى أنه كان نائباً لرئيس البعثة الزراعية التي أوفدتها رئاسة الجمهورية لتنظيم قطاع الزراعة والتعاون بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لمدة عامين ممثلاً للهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالبعثة.
وحيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإن صدور القرار المطعون فيه رقم 161 لسنة 1986 بتعيين إبراهيم فؤاد الحديدي بوظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية يكون مطابقاً للقانون، ولا وجه لكل ما ينعى على هذا القرار بموازين الترقية وبأحكامها لأنه ليس قراراً بالترقية، ولا محل لمواجهة هذا القرار بضوابط النقل ومحاذيره، لأنه ليس قراراً بالنقل، ولكنه قرار تعيين تملكه الجهة الإدارية بموجب ما سلف بيانه من أحكام القانون.
ومن حيث إنه متى كان تقدم وكانت الأوراق خالية من دليل على أن ذلك القرار شابه عوار في غايته، فإنه يكون مطابقاً للقانون، ولا تثريب على جهة الإدارة التي تملكه في اتخاذه بما لها من سلطة في ذلك أضفاها عليها القانون، وبالتالي فإن هذا القرار يكون بمنأى عن الإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بغير هذا النظر فإنه يكون مخالفاً للقانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه، وبرفض دعوى إلغاء القرار المشار إليه، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق