جلسة 22 من فبراير سنة 1978
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، محمود رمضان وإبراهيم فراج.
------------------
(110)
الطعن رقم 692 لسنة 44 القضائية
(1)، (2) إيجار. عقد. تعويض.
(1) منع المستأجر من إجراء أي تغيير مادي بالعين المؤجرة وضار بالمؤجر إلا بإذنه صراحة أو ضمناً. م 580/ 1 مدني. ورود الإذن في صيغة عامة. لا يبيح للمستأجر إجراء تعديلات تمحو معالم العين وتمس كيانها بحسب ما أعدت له.
(2) الإذن الصادر من المؤجر للمستأجر بإجراء تعديلات جوهرية بالعين المؤجرة. إجراء المستأجر تعديلات تتجافي مع طبيعتها بحسب ما أعدت له. جواز مطالبته بإزالة التعديلات أو الفسخ ولو قبل انتهاء العقد. اختلاف ذلك عن الالتزام بتسليم العين في نهاية العقد بالحالة التي كانت عليها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم....... مدني أمام محكمة السويس الابتدائية ضد المطعون عليهما بطلب الحكم بأن يدفعا له على وجه التضامن مبلغ 499 جنيهاً. وقال شرحاً لها بأنه يمتلك 4 قراريط شائعة في داري سينما...... بالسويس ويمتلك شقيقه..... الباقي....، وقد حكم بإفلاس هذا الأخير وتعيين المطعون عليه الأول وكيلاً للدائنين فأجر الدارين إلى المطعون عليه الثاني بعقد مؤرخ 25/ 1/ 1964، وإذ تواطأ على الحصول على قرار من مأمور التفليسة بتاريخ 23/ 3/ 1964 على استعمال دار الخيالة الصيفي في أي غرض، وعمد المطعون عليه الثاني متذرعاً بهذا القرار إلى تخريب وإزالة معالم تلك الدار حتى أصبحت غير صالحة للغرض المعدة له أصلاً، طبقاً للثابت بتقرير الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة، والذي حدد جملة المبالغ اللازمة لإصلاح العين المؤجرة وإعادتها إلى حالتها الأولى، يخصه منها المبلغ المطالب به على سبيل التعويض لما لحقه من ضرر فقد أقام دعواه. دفع المطعون عليه الثاني بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ولرفعها قبل الأوان، بتاريخ 8/ 11/ 1971 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة (ثانياً) بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم...... القاهرة وبتاريخ 25/ 4/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على سند من القول بأنه طالما حصل المطعون عليه الثاني على موافقة مأمور التفليسة على استعمال الدار الصيفية لأي غرض آخر فإن هذا يعني تغييراً ما أعدت له العين أصلاً، وبات من حقه أن يحدث بها ما يشاء من تعديلات تتفق مع الاستغلال الذي يراه أوفى بمطلوبه ما دام عقد الإيجار سارياً، فلا يحق المطالبة بالتعويض إلا بعد انتهائه بالتطبيق للمادة 591 من القانون المدني، في حين أن طلب التعويض مؤسس على أن المستأجر خرب العين المؤجرة مخالفاً المادة 580 من القانون المشار إليه، وأن الإذن بتغيير الغرض قاصر على التغيير الذي لا ينشأ عنه ضرر ولا يتجافى مع الاستعمال الذي يتفق مع طبيعة العين دون المساس بكيانها المادي، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون هذا إلى أن الحكم عرض للالتزام برد العين إلى ما كانت عليه وهو ما لم يطلب دون أن يحسم طلب التعويض أساس الدعوى وهو ما يشوبه بالقصور.
وحيث إن النعي صحيح، ذلك أن النص في المادة 580 من القانون المدني على أنه.
1 - "لا يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجرة تغييراً بدون إذن المؤجر إلا إذا كان هذا التغيير لا ينشأ عنه أي ضرر للمؤجر. فإذا أحدث المستأجر تغييراً في العين المؤجرة مجاوزاً في ذلك حدود الالتزام الوارد بالفقرة السابقة، جاز إلزامه بإعادة العين إلى الحالة التي كانت عليها وبالتعويض إن كان له مقتض". يدل على أن المشرع حظر على المستأجر التغيير المادي في كيان العين المؤجرة إذا كان ينشأ عنه ضرر إلا بإذن المؤجر، ويستوي أن يكون الإذن صريحاً أو ضمنياً. وإذا عين الإذن نوعاً معيناً من التغيير كان هذا التغيير بالذات جائزاً ويتعين التزام نطاقه بدقة، أما إذا ورد الإذن بصيغة عامة تجيز للمستأجر إجراء التغييرات التي يرى أنها تفيده في الانتفاع بالعين، فإنه لا ينصب إلا على التغييرات العادية المألوفة في الظروف العادية والتي تعينها طبيعة العين المؤجرة وما أعدت له بحسب تلك الطبيعة، ولا ينصرف هذا الإذن إلى التعديلات الجوهرية التي تمحو معالم العين وتتناول كيانها وتبدل شكلها. فمتى أجرى المستأجر تغييراً جوهرياً متجافياً مع طبيعتها على النحو السالف بيانه، اعتبر رغم الإذن الوارد في صيغة عامة مخلاً بالتزامه وجاز للمؤجر المطالبة بإزالة التعديلات أو الفسخ مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض، ولا يلتزم المؤجر بالتريث إلى نهاية مدة الإيجار، إذ مجرد إحداث التغيير يجعل المستأجر مخلاً بالتزام يرتبه القانون في ذمته مفروض بمقتضى المادة 580 من القانون المدني أثناء سريان عقد الإيجار، وهو سابق ومستقل عن الالتزام برد العين بالحالة التي سلمت عليها في معنى المادة 591/ 1 من ذات القانون والذي لا يصادف محله إلا بعد نهائية العقد، ولا مساغ للقول بأن المشرع قصد بإغفال النص على الفسخ في المادة 550 أن المؤجر يجب أن ينتظر إلى نهاية الإيجار، لأن المطالبة بالتنفيذ العيني وبالفسخ مع التعويض في الحالين مستمد من القواعد القانونية العامة. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن عقد الإيجار أنصب على دارين للخيالة إحداهما شتوية والأخرى صيفية بما تتحدد معه طبيعة العين المؤجرة، وأن عبارة الإذن بالتغيير جاءت بصيغة عامة فلا ينصب إلا على التغييرات العادية المألوفة المتفقة مع طبيعة العين المؤجرة وفي الظروف المعتادة. وكان الثابت من الصورة الرسمية لتقرير الخبير في دعوى إثبات الحالة أن المطعون عليه الثاني أزال معالم الدار الصيفية بحيث درست آثارها وأمحى شكلها واندثر كيانها، فهدمت الحجرات المخصصة للآلات السينمائية وتحطمت كافة المقاعد واختفت كل أجهزة العرض ومكبرات الصوت والتوصيلات الكهربائية، واستعملت ساحة العرض كمخزن وترك باقيها أرضاً فضاء، وكان الحكم المطعون فيه اعتبر هذه التغييرات مما يجيزه الترخيص الصادر من مأمور التفليسة باعتباره ممثلاً للمؤجر وانتهى إلى أن الدعوى مرفوعة قبل أوانها مع أن مبناها هو مجاوزة المستأجر للحدود التي يتقيد بها رغم الإذن، وأن من حق المؤجر المطالبة بالتعويض أثناء سريان عقد الإيجار، فإنه يكون قد خالف القانون وشابه القصور بما يستوجب نقضه دون ما حاجة لبحث باقي الأسباب على أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق