جلسة 30 من نوفمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إميل جبران، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.
-----------------
(183)
الطعن رقم 67 لسنة 31 القضائية
(أ) إيجار "آثار العقد". خلف. "خلف خاص". بيع. تسجيل.
انصراف أثر الإيجار إلى الخلف الخاص للمؤجر بحكم القانون. لا يكون مشتري العقار المؤجر خلفاً خاصاً في هذا الشأن إلا إذا انتقلت الملكية فعلاً بالتسجيل. قبل التسجيل لا يعدو أن يكون دائناً عادياً للبائع. حق المشتري في ثمار المبيع ونمائه بمجرد البيع في ذاته حق شخصي في ذمة البائع. علاقة البائع بالمشتري علاقة شخصية مستقلة عن علاقته بالمستأجر.
(ب) حوالة. "نفاذ الحوالة". "حوالة عقد الإيجار". "إيجار".
نفاذ الحوالة في حق المستأجر وإلزامه بدفع الأجرة لمشتري العقار المؤجر منوط بعلمه بأن هذا العقار بيع إلى مشتر سجل عقد شرائه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وغيره من أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 15/ 7/ 1958 استصدر الطاعن أمراً قضى بإلزام المطعون عليه بأن يؤدي له مبلغ 287 ج و500 م قيمة أجرة 15 ف و18 ط و2 س أطياناً زراعية، عن سنة 1958 مضافاً إليها ضريبة الدفاع، واستند في استصدار هذا الأمر إلى عقد إيجار مؤرخ في 25/ 9/ 1955 عن سنة 1956 امتدت مدته طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي، وقال إن هذا العقد محول إليه من المؤجر الأصلي كرم محمد زيدان وأنه حل محله بشرائه الأطيان وأصبح خلفاً له في حقوقه قبل المطعون عليه - عارض المطعون عليه في هذا الأمر بالمعارضة رقم 391 لسنة 1958 كلي سوهاج وأسس معارضته على أنه ليست هناك أية علاقة قانونية مباشرة بينه وبين الطاعن وأن حوالة عقد الإيجار إلى الطاعن ليست نافذة في حقه لأنه لم يقبلها ولم يعلن بها، وقد أوقعت مصلحة الضرائب تحت يده حجزاً تنفيذياً وفاء لمبلغ 43024 ج و881 م مستحق لها قبل ورثة المؤجر الأصلي، وأنه بسبب هذا الحجز أودع خزانة المحكمة لحساب مصلحة الضرائب مبلغ 204 ج و678 م قيمة صافي الأجرة عن سنة 1958 بخلاف المصروفات المحكوم بها، وأن الطاعن لم يحل محل المؤجر بالشراء لأنه لم يسجل عقده بعد حتى تنتقل ملكية الأطيان إليه - وبتاريخ 14/ 1/ 1960 حكمت المحكمة بإلغاء أمر الأداء المعارض فيه وبرفض دعوى الطاعن قبل المطعون عليه - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 183 سنة 35 ق أسيوط، واستند في استئنافه إلى أنه اشترى الأطيان المؤجرة بعقد عرفي رفع عنه دعوى بصحته ونفاذه سجلت صحيفتها في 27/ 1/ 1958 برقم 5466. وقد حول له عقد الإيجار على أساس أنه هو المالك للأطيان ومن حقه المطالبة بأجرتها ومحكمة الاستئناف حكمت بتاريخ 9/ 1/ 1961 بتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 2/ 6/ 1964 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من سببي الطعن، الخطأ في تطبيق القانون، وذلك من أربعة أوجه: حاصل الوجه الأول أن الحكم قرر أنه طبقاً للفقرة الثانية من المادة 604 مدني يجوز لمن اشترى العين المؤجرة أن يتمسك بعقد الإيجار ولو كان هذا العقد غير نافذ في حقه ليخلف بذلك المؤجر الأصلي في حقوقه قبل المستأجر ويلزم بالتزاماته، غير أن هذه الخلافة القانونية لا تتحقق إلا إذا انتقلت ملكية العين المؤجرة إلى المشتري وهي لا تنتقل إلا بتسجيل عقد البيع أو الحكم القاضي بصحته ونفاذه، أما قبل ذلك فإن العلاقة بين المشتري والبائع فيما يتعلق بنقل حقوق هذا الأخير قبل المستأجر، إلى المشتري، لا تعدو أن تكون حوالة حق، للمستأجر أن يتجاهلها إذ هي لا تنفذ في حقه إلا إذا قبلها أو أعلن بها هذا في حين أن الصحيح هو أن المشتري يحل محل البائع في حقوقه قبل المستأجر - ومنها حقه في قبض الأجرة حلولاً قانونياً لا يتوقف على تسجيل عقد البيع وإنما يكفي فيه مجرد انعقاد هذا العقد - ويتحصل الوجهان الثاني والثالث فيما يقوله الطاعن من أن قضاء الحكم المطعون فيه جاء مخالفاً للقواعد التي نصت عليها المواد 146 و431 و435 و458 و952 من القانون المدني، ذلك أن عقد الإيجار ينشئ حقاً شخصياً للمؤجر قبل المستأجر، فإذا ما بيعت العين المؤجرة كان هذا الحق مكملاً لها ومقيداً للمالك في الانتفاع بها فينتقل من أجل ذلك إلى المشتري ويحل فيه قانوناً محل البائع دون توقف على قبول من المستأجر أو على إنذاره - هذا إلى أن التزام البائع بتسليم المبيع إلى المشتري، ينشأ بمجرد انعقاد البيع ولا يتراخى إلى وقت انتقال الملكية، ويتم التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به ولو لم يستلمه استلاماً مادياً ويعد تسلم الطاعن لعقد الإيجار من البائع، تسلماً للعين يرتب له الحق في مطالبة المستأجر بإيجارها من غير حاجة إلى اتباع قواعد الحوالة وإجراءاتها - كما أن للمشتري من وقت انعقاد البيع ودون توقف على التسجيل ونقل الملكية الحق في ثمار المبيع، سواء كانت طبيعية أو صناعية أو مدنية، ومن الثمار المدنية أجور المباني والأراضي الزراعية - ويتحصل الوجه الرابع في أنه لما استصدر الطاعن أمر الأداء ونفذه، استشكل المطعون عليه في التنفيذ بالإشكال رقم 686 سنة 1959 مستعجل مركز سوهاج. وقضت المحكمة برفض الإشكال وأقامت قضاءها على أن الطاعن يخلف البائع في حقوقه قبل المطعون عليه - المستأجر - خلافة قانونية تتم بمجرد نشوء عقد البيع دون حاجة إلى تسجيله - ويقول الطاعن إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بحجية هذا الحكم في تقريره العلاقة القانونية بينه وبين المطعون عليه، لكن المحكمة أغفلت دفاعه في هذا الخصوص مما يعيب حكمها بمخالفة حكم سابق حاز قوة الشيء المقضى فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجوهه الثلاثة الأولى، ذلك أن المادة 146 من القانون المدني نصت على أنه "إذا أنشأ العقد التزامات وحقوقاً شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك إلى خلف خاص فإن هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إلى هذا الخلف في الوقت الذي ينتقل فيه الشيء، إذا كانت من مستلزماته..." ونصت المادة 604 من ذلك القانون على أنه 1 - إذا انتقلت ملكية العين المؤجرة.. إلى شخص آخر، فلا يكون الإيجار نافذاً في حق هذا الشخص إذا لم يكن له تاريخ ثابت سابق على التصرف الذي نقل الملكية 2 - ومع ذلك يجوز لمن انتقلت إليه الملكية. أن يتمسك بعقد الإيجار ولو كان هذا العقد غير نافذ في حقه) ونص في المادة 605 من القانون ذاته على أنه: 1 - لا يجوز لمن انتقلت إليه ملكية العين المؤجرة ولم يكن الإيجار نافذاً في حقه أن يجبر المستأجر على الإخلاء إلا بعد... (2) فإذا نبه على المستأجر بالإخلاء قبل انقضاء الإيجار، فإن المؤجر يلتزم بأن يدفع للمستأجر تعويضاً... ولا يجبر المستأجر على الإخلاء إلا بعد أن يتقاضى التعويض من المؤجر أو ممن انتقلت إليه الملكية...) - ثم نص في المادة 606 من ذات القانون على أنه (لا يجوز للمستأجر أن يتمسك بما عجله من الأجرة قبل من انتقلت إليه الملكية إذا أثبت هذا أن المستأجر وقت الدفع كان يعلم بانتقال الملكية... فإذا عجز من انتقلت إليه الملكية عن الإثبات...) ومفاد هذه النصوص أن أثر الإيجار ينصرف إلى الخلف الخاص بحكم القانون، فيحل هذا الخلف محل المؤجر في جميع حقوقه قبل المستأجر وفي جميع التزاماته نحوه، غير أن انصراف عقد الإيجار إلى الخلف الخاص الذي يتلقى من سلفه ملكية العين المؤجرة، هو وما يترتب عليه من آثار، وإن كان يعد تطبيقاً للقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 146 من القانون المدني، إلا أنه وفقاً للتنظيم القانوني الذي قرره المشرع لهذه القاعدة في المواد الثلاثة الأخرى المتقدمة الذكر على النحو وبالشروط المبينة بها، لا يكون المتصرف إليه خلفاً خاصاً في هذا الخصوص إلا إذا انتقلت إليه الملكية فعلاً - وعلى ذلك فإنه يتعين على مشتري العقار حتى يستطيع أن يحتج بعقد شرائه على المستأجر من البائع أن يسجل هذا العقد لتنتقل إليه الملكية بموجبه، أما قبل التسجيل، فهو ليس إلا دائناً عادياً للبائع - مؤجر العقار - شأنه في ذلك شأن المستأجر تماماً في علاقته مع هذا الأخير وحق المشتري في تسلم العقار المبيع وفي ثمار هذا العقار ونمائه - المقرر له قانوناً من مجرد البيع في ذاته - إنما هو حق شخصي مترتب له في ذمة البائع - وهاتان العلاقتان: أي العلاقة بين البائع للعقار والمشتري الذي لم يسجل، من ناحية - والعلاقة بين هذا البائع بوصفه مؤجراً للعقار وبين المستأجر، من ناحية أخرى، هما علاقتان شخصيتان مستقلتان كل منهما عن الأخرى، فلا يترتب عليهما قيام أية علاقة بين مشتري العقار الذي لم يسجل والمستأجر لهذا العقار وليس لأحد هذين أن يطالب الآخر بشيء ما بطريق مباشر - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض دعوى الطاعن قبل المطعون عليه تأسيساً على أنه لا توجد بينهما أية رابطة قانونية لأن حوالة عقد الإيجار إلى الطاعن غير نافذة في حق المطعون عليه ما دام لم يقبلها ولم يعلن بها ولأن حلول الطاعن محل المؤجر الأصلي بحكم القانون لشرائه منه الأطيان المؤجرة إلى المطعون عليه - هذا الحلول لا يتم ولا تترتب عليه آثاره القانونية، إلا بانتقال ملكية الأطيان المؤجرة إلى الطاعن وهي لم تنتقل إليه لأنه لم يسجل عقد البيع ولا الحكم القاضي بصحته ونفاذه. فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب مستوجب الرفض في وجوهه الثلاثة المذكورة - كما أن هذا النعي مردود في وجهه الرابع ذلك أن الحكم الصادر من قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة مركز سوهاج والقاضي برفض الإشكال في تنفيذ أمر الأداء هو حكم وقتي لا يحوز حجية الأمر المقضي في أصل موضوع النزاع - وإذ كان الحكم المطعون فيه على ما سبق بيانه، قد أقام قضاءه على أسباب صحيحة تكفي لحمله، فأياً كانت تقريرات الحكم الصادر في الإشكال، فإن المحكمة لا عليها إن هي لم ترد على دفاع الطاعن الذي يتمسك فيه بحجية هذا الحكم.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، بالسبب الثاني، الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن حكم محكمة أول درجة، الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه - استلزم إعلان المطعون عليه بحوالة عقد الإيجار إلى الطاعن؛ وذلك حتى تكون هذه الحوالة نافذة في حقه - وفات الحكم أن المطعون عليه وهو المستأجر - بمجرد علمه بالبيع علماً بسيطاً يلتزم بدفع الأجرة للطاعن الذي هو المالك الجديد للعين المؤجرة، فإذا وفاها، على الرغم من ذلك إلى غيره كان الوفاء غير مبرئ للذمة - ويرتب الطاعن على ذلك قوله إن الإيداع الذي قام به المطعون عليه لا يبرئ ذمته من الأجرة قبله، لحصوله بتاريخ 1/ 9/ 1959 بعد الحجز الذي أوقعته مصلحة الضرائب تحت يد المطعون عليه في 2/ 2/ 1959 وفاء للمستحق لها قبل ورثة المؤجر الأصلي. في حين أن المطعون عليه، كان قد علم قبل ذلك بحصول البيع إلى الطاعن، وبحلوله محل البائع وذلك من الخطاب المسجل المرسل إليه في 15/ 3/ 1958 ومن إعلان أمر الأداء إليه في 22/ 7/ 1958.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن علم المستأجر المعول عليه في هذا المقام والذي يلتزم بموجبه بدفع الأجرة إلى المشتري هو علمه بأن العقار المؤجر إليه، بيع إلى مشتر سجل عقد شرائه وانتقلت إليه الملكية - فإذا توافر هذا العلم لدى المستأجر فإن ذمته لا تبرأ من الأجرة إلا بالوفاء بها إلى هذا المشتري - وإذ كان ذلك، وكان الطاعن - على ما سبق بيانه - لم يسجل عقد شرائه ولا الحكم القاضي بصحته ونفاذه وبالتالي لم تنتقل إليه ملكية الأطيان المؤجرة، فلا يجديه تمسكه بعلم المطعون عليه، بحصول البيع، على النحو الذي يذكره في سبب النعي، ويكون تعييب الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين الحكم برفض الطعن.
(1) راجع نقض 11/ 6/ 1964 مجموعة المكتب الفني س 15 ص 819.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق