جلسة 8 من ديسمبر سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.
-----------------
(198)
الطعن رقم 208 لسنة 36 القضائية
إيجار. "إيجار الأماكن". حكم. "الطعن في الحكم".
المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون 121 لسنة 1947. غير قابلة لأي طعن. المسائل الأولية التي يطبق في شأنها أحكام القانون المدني. الحكم الصادر فيها يخضع للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 1074 لسنة 1964 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الشركة الطاعنة، وقال بياناً لها إن ألبير نسيم جنيف كان قد استأجر من الشركة المشار إليها محلاً بشارع شريف رقم 26 ( أ ) بمحافظة القاهرة لاستغلاله مكتبة بعقد إيجار مؤرخ 12 من يناير سنة 1952 لقاء أجرة سنوية قدرها 84 ج، وقد ألحقت بالعين المؤجرة دورة للمياه، وإذ اشترى الجدك بمقتضى عقد البيع المصدق عليه بتاريخ 12 من نوفمبر سنة 1961، وظل ينتفع بالمكتبة وملحقاتها حتى فوجئ في شهر يناير 1964 بإغلاق دورة المياه وحرمانه من استعمالها، وكانت الأجرة المتفق عليها تزيد على القيمة المقدرة قانوناً، فقد أقام دعواه بطلب تخفيضها إلى مبلغ 24 ج سنوياً وهو ما يقابل أجرة المثل، دفعت الطاعنة الدعوى بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة ومحكمة أول درجة حكمت في 12 من إبريل سنة 1964 برفض الدفع وبقبول الدعوى وبندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحديد أجرة المثل للتحقق من مدى تبعية دورة المياه للعين المؤجرة، وبعد أن قدم الخبير تقريره وبناء على ما ورد به من أن الشركة الطاعنة قد أجرت دورة المياه إلى المطعون عليهما الثاني والثالث باعتبارها مخزناً، فقد أدخلهما المطعون عليه الأول في الدعوى بصحيفة معلنة بتاريخ 31 من يناير سنة 1965، وأضافت إلى طلباته بطلان عقد الإيجار الصادر إليهما. ثم حكمت تلك المحكمة في 29 من إبريل سنة 1965 بتخفيض الأجرة إلى مبلغ 2 ج و900 مليم شهرياً اعتباراً من تاريخ التعاقد مع المستأجر الأصلي وببطلان عقد إيجار دورة المياه الصادر إلى المطعون عليهما الأخيرين. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1065 سنة 81 ق القاهرة ومحكمة الاستئناف حكمت في 23 من فبراير سنة 1966 بعدم جواز الاستئناف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إن ذلك الحكم استند في قضائه بعدم جواز الاستئناف إلى المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 اعتباراً بأن حكم محكمة أول درجة صدر في منازعة ناشئة عن تطبيق قانون إيجار الأماكن، في حين أن تلك المادة صريحة في أن المنازعات المدنية التي تنشأ بين المؤجر والمستأجر، وتخرج بطبيعتها عن نطاق ذلك القانون تظل خاضعة للقواعد القانونية العامة من حيث الموضوع والاختصاص والإجراءات، وإذ لم يقتصر حكم محكمة أول درجة على تطبيق قانون إيجار الأماكن بل طبق أيضاً وهو بسبيل بحث طلب بطلان العقد الصادر إلى المطعون عليهما الثاني والثالث الأحكام العامة للقانون المدني في شأن الصورية وضمان عدم تعرض المؤجر وتزاحم المستأجرين، فإن هذا من شأنه أن يجعل الحكم الابتدائي مما يجوز استئنافه، غير أن الحكم المطعون فيه قضى على خلاف ذلك وبرر قضاءه بأن المسائل التي طبقت عليها الأحكام العامة تتبع طلب تخفيض الأجرة، وترتبط به وهو الطلب الأساسي الناشئ عن تطبيق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947، مع أن المناط في هذا الشأن ليس بقيام التبعية أو الارتباط، وإنما بتطبيق التشريع الاستثنائي أو عدم تطبيقه على الطلب المعروض، وهو مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يشترط لاعتبار الحكم غير قابل لأي طعن طبقاً للفقرة الرابعة من المادة الخامسة عشرة من القانون رقم 121 لسنة 1947 أن يكون صادراًًَ في منازعة إيجارية يستلزم الفصل فيها تطبيق حكم من أحكام هذا التشريع الاستثنائي، فإذا كانت أبديت أثناء نظر المنازعة الأصلية المشار إليها منازعة مدنية أخرى تخرج بطبيعتها عن نطاق تلك الأحكام وتطبق بشأنها أحكام القانون المدني، فإن هذه المنازعة وإن كانت قد اعتبرت مسألة أولية بالنسبة للمنازعة الأصلية التي ينطبق عليها القانون رقم 121 لسنة 1947 أو تابعة لها أو مرتبطة بها، إلا أنها لا تعتبر منازعة ناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون بالمعنى الذي تتطلبه المادة 15/ 4 منه، وعلى ذلك فإن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية إذ فصل في هذه المنازعة يكون خاضعاً للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيه. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المطعون عليه الأول، وإن كان قد أقام دعواه على الشركة الطاعنة بطلب تخفيض الإيجار استناداً إلى أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947، إلا أن الشركة تمسكت بأن عقد الإيجار المبرم بينها وبين المستأجر الأصلي لا يشمل دورة المياه موضوع النزاع والتي صار تأجيرها إلى كل من المطعون عليهما الثاني والثالث، وقد أطرحت محكمة أول درجة هذا الدفاع وذهبت إلى أن دورة المياه تندرج ضمن ملحقات عقد إيجار المكتبة المبرم مع المستأجر الأصلي وبصورية العقد الصادر إلى المطعون عليهما الأخيرين، مطبقة في ذلك أحكام القانون المدني في الصورية وضمان عدم التعرض والمفاضلة بين المستأجرين، فإن مفاد ذلك ألا تعتبر المنازعة قاصرة في حقيقتها على تطبيق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وناشئة عنه بالمعنى الذي تتطلبه المادة 15/ 4 منه للقول بعدم جواز الطعن فيه، وعلى ذلك يكون الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية خاضعاً للقواعد العامة من حيث جواز الطعن، وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف تأسيساً على أن حكم المحكمة الابتدائية يخضع للحظر من الطعن سالف الإشارة إليه، فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق