جلسة 19 من أبريل سنة 1967
برياسة السيد المستشار
أحمد زكى محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار،
وإبراهيم عمر هندى، ومحمد نور الدين عويس، وحسن أبو الفتوح الشربينى.
--------------
(129)
الطعن رقم 7 لسنة 35 ق
"أحوال شخصية"
(أ، ب) حكم. "حجية
الحكم". نقض. "الخصوم في الطعن". أحوال شخصية. "دعوى الأحوال
الشخصية".
أ - حجية الأحكام. قاصرة
على أطراف الخصومة فيها. تعدى الحكم لغير المحكوم عليه مباشرة. جواز طعنه فيه. م
341 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. الأحكام النهائية الصادرة قبل العمل بقانون
الوقف 48 لسنة 1946 في غير الولاية على الوقف. نفاذها بالنسبة لطرفي الخصومة. عدم اعتبار
المستحق في الوقف ممثلا في الخصومة ولا طرفا فيها إذا لم يخاصم بنفسه أو بوكيله أو
بوصيه. عدم اعتبار الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه. لا أثر لهذه الدعوى في قطع
التقادم بالنسبة له.
ب - المطالبة القضائية
بالحق. قطع التقادم. مناطه. توجيهها إلى المدين أو من يمثله.
---------------
1 - حجية الأحكام تقتصر
على أطراف الخصومة فيها ولا تتعداهم إلى الخارجين عنها. وفى ضوء هذا الأصل - الوضعي
- نصت المادة 341 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن "كل حكم يكون متعديا
لغير المحكوم عليه مباشرة يجوز لغير المحكوم عليه أن يطعن فيه" كما نصت
المادة 60 من القانون رقم 48 لسنة 1946 على أن "الأحكام النهائية التي صدرت
قبل العمل بهذا القانون في غير الولاية على الوقف تكون نافذة بالنسبة لطرفي
الخصومة" وفى نطاق المادة 341 من اللائحة - قبل إلغائها - جرت المحاكم
الشرعية على أن المستحق في الوقف لا يعتبر ممثلا في الخصومة ولا طرفا فيها إذا لم
يخاصم بنفسه أو بوكيله أو بوصيه والحكم الصادر فيها لا يكون حجة عليه، وهو ما لا
يتأتى معه إعمال أثرها في قطع التقادم بالنسبة له.
2 - المطالبة القضائية
بالحق لا تقطع تقادم إلا أن تكون قد وجهت إلى المدين به أو من يمثله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن هلال ولونا قمر وشمس
بطرس عبد الملك أقاموا الدعوى رقم 72 سنة 1959 بنى سويف الابتدائية للأحوال
الشخصية ضد القمص يوحنا بطرس عبد الملك وسرور بسطورس بصفته وليا شرعيا على أولاده
القصر سامية وناجى وعزت ويحيى المرزوقين له من زوجته السيدة صوفى بطرس عبد الملك
والسيدة مارى قلادة سعيد بصفتها ناظرة وحارسة على وقف المرحوم بطرس عبد الملك
وآخرين يطلبون الحكم على المدعى عليهما الأول والثاني وفى مواجهة الباقين
باستحقاقهم لكامل حصتهم البالغة 21 ط من 24 ط شيوعا في وقف المرحوم القمص بطرس عبد
الملك ومنع تعرضهم لهم فيها مع إلزامهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقالوا
شرحا لدعواهم إنه بموجب إشهاد تم أمام محكمة بنى سويف الابتدائية الشرعية في 10
سبتمبر سنة 1936 وقف والدهم المرحوم القمص بطرس عبد الملك 128 ف و7 ط و13 س موضحة
الحدود والمعالم بالإشهاد وجعلها من بعده 3 ط على زوجته مارى قلادة المدعى عليها
الثالثة والباقي وقدره 21 ط على أولاده المدعين، وإذ توفى الواقف عن زوجته وأولاده
المذكورين وعن ابنه يوحنا بطرس عبد الملك المدعى عليه الأول وإبنته صوفى بطرس عبد
الملك مورثة المدعى عليه الثاني وقد نازعاهم في استحقاقهم لهذا القدر استنادا إلى
الحكم الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية بتاريخ 17/ 1/ 1955 في القضية
رقم 54 سنة 1949 المرفوعة منهما ضد السيدة مارى قلادة المدعى عليها الثالثة بصفتها
ناظرة على الوقف وقضى باستحقاقهما لحصة قدرها 6 ط بحق 4 ط للأول و2 ط لمورثة الثاني،
فقد انتهوا إلى طلب الحكم لهم بطلباتهم وعدم الاعتداد بهذا الحكم لأنه لم يصدر في مواجهتهم،
وبتاريخ 13/ 3/ 1960 حكمت المحكمة بعدم الاعتداد بالحكم الصادر في القضية رقم 54
سنة 1949 كلى شرعى القاهرة بالنسبة للمدعين وألزمت المدعى عليهما الأولين
بالمصروفات وبمبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنف المدعى عليهما الأول والثاني
هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم أصليا بعدم اختصاص
محكمة بنى سويف بنظر الدعوى وبعدم قبولها ومن باب الاحتياط رفضها وقيد هذا
الاستئناف برقم 84 سنة 77 ق. وبتاريخ 28/ 6/ 1961 حكمت المحكمة حضوريا (أولا)
بقبول الاستئناف شكلا (ثانيا) ببطلان الحكم المستأنف لعدم اشتماله على اسم عضو
النيابة الذى أبدى الرأي في القضية (ثالثا) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر
الدعوى (رابعا) برفض الدفع بعدم قبولها (خامسا) بعدم حجية الحكم الصادر في الدعوى
رقم 54 سنة 1949 كلي شرعي القاهرة قبل المستأنف عليهم الثلاثة الأولين (سادسا) بإعادة
القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فيما هو مبين بأسباب الحكم وألزمت المستأنفين
بمصروفات الاستئناف وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. وعجل المدعى عليهما الأول والثاني
الدعوى طالبين رفضهما بالنسبة لنصيبهم الواجب في الوقف وقدره 4 ط للأول و2 ط للثاني،
وطلب المدعون الحكم بترك الخصومة في الدعوى بالنسبة لطلب الاستحقاق بعد أن حكم
لمصلحتهم بعدم الاعتداد بالحكم الشرعي وأصبحوا بذلك في غير حاجة إلى إعلان استحقاقهم.
وبتاريخ 25/ 2/ 1962 حكمت المحكمة برفض الدفع بترك الخصومة في الدعوى. واستأنف
المدعون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم بترك الخصومة
وقيد هذا الاستئناف برقم 63 سنة 79 ق. وبتاريخ 30/ 6/ 1963 حكمت المحكمة بعدم جواز
الاستئناف لأن الحكم المستأنف مما لا تنتهي به الخصومة كلها أو بعضها ولا يجوز استئنافه
إلا مع الحكم الصادر في الموضوع. ومن بعد صدور هذا الحكم عادت الخصومة والخصوم إلى
محكمة الدرجة الأولى وجرى النزاع بينهم حول "الاستحقاق الواجب" في الوقف،
حيث ذهب المدعى عليهما إلى أن القدر الموقوف بعد الثلث الذى تجوز الوصية فيه يقسم
بين جميع الورثة ويخصهما فيه 6 ط وفقا للمادة 24 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946
وهى توجب أن يكون للوارث من ذرية الواقف استحقاق في الوقف فيما زاد على ثلث ماله
وطلبا رفض الدعوى في هذا الخصوص، بينما دفع المدعون بسقوط حق المدعى عليهما في المطالبة
بهذا الاستحقاق وفقا للمادة 30 من القانون وهى تنص على أنه لا يتغير شيء من الاستحقاق
إذا لم يرفع المحروم الدعوى بحقه مع التمكن وعدم العذر خلال سنتين من تاريخ موت
الواقف، وهو ما لم يفعلاه. وبتاريخ 28/ 6/ 1964 حكمت المحكمة حضوريا وقبل الفصل في
الموضوع بندب مكتب الخبراء الحكومي ببنى سويف لحصر وتحقيق جميع أموال الواقف عند
وفاته في 29/ 9/ 1948 من عقار ومنقول وديون بما في ذلك أعيان الوقف وتحقيق ما إذا
كان قد تصرف حال حياته للمدعى عليهما الأول ومورثة الثاني أو لأحدهما في عقار أو
منقول بغير عوض وتحديد قيمة هذا التصرف بالنسبة للأموال التي خلفها المورث وإذا لم
تكن هناك تصرفات بغير عوض فعليه أن يحدد ثلث أموال المتوفى والثلثين الباقيين،
وضمنت أسباب الحكم قضاءها برفض الدفع بسقوط حق المدعى عليهما في المطالبة بالاستحقاق.
واستأنف المدعون هذا الحكم لدى محكمة استئناف بنى سويف طالبين إلغاءه والحكم بقبول
الدفع بعدم سماع دعوى المستأنف عليهما الاستحقاق الواجب لعدم رفعها بالطريق القانوني
وبسقوط الحق في المطالبة بهذا الاستحقاق وقيد هذا الاستئناف برقم 2 سنة 2 ق، وطلب
المستأنف عليهما رفضه، ودفعت النيابة العامة بعدم جوازه تطبيقا للمادة 305 من
لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. وبتاريخ 14/ 2/ 1965 حكمت المحكمة حضوريا بجواز الاستئناف
وبقبوله شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما تضمنه من قضاء في أسبابه
بعدم سقوط حق المستأنف عليهما الأولين في النصيب الواجب في الوقف مع إلزام
المستأنفين بالمصروفات وبمبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليهما
الأولين. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وعرض
الطعن على هذه الدائرة حيث صمم الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه
الأول رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت
رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الثاني
أن الطاعنين دفعوا بسقوط حق المطعون عليهم في طلب استحقاقهم للنصيب الواجب في الوقف
لعدم رفع الدعوى به خلال سنتين شمسيتين من تاريخ وفاة الواقف وفقا للمادة 30 من
القانون رقم 48 لسنة 1946، وقضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع مستندا في ذلك إلى
أنهم أقاموا الدعوى رقم 54 سنة 1949 كلي شرعي القاهرة بطلب هذا النصيب ضد ناظرة
الوقف وخلال سنتين من تاريخ وفاة الواقف وهذه الدعوى تقطع التقادم بالنسبة
للطاعنين رغم سابقة القضاء بعدم حجية الحكم الصادر فيها عليهم، ولا عبرة بما
تمسكوا من أنهم لم يكونوا خصوما فيها لأن القانون لا يوجب ذلك ويكفى في إظهار
التمسك بالحق الواجب في الوقف أن يعلن صاحب الحق اعتراضه ويرفع الدعوى به ضد
الناظر أو الحارس على الوقف، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون ولقوة الشيء المقضي
من وجوه (أولها) أن رفع الدعوى من المحروم خلال فترة معينة شرط جوهري في المطالبة
به، ومن المقرر فقها وقضاء أن إجراءات المرافعات نسبية لا يستفيد منها إلا من قام
بها ولا يضار بها إلا من وجهت إليه، ويشترط في المطالبة القضائية التي تقطعت
التقادم - وبفرض أن المدة المنصوص عليها في القانون هي مدة تقادم لا مدة سقوط - أن
توجه إلى الخصم المراد قطع التقادم ضده أو من ينوب عنه (وثانيها) أنه لا يغنى عن
هذه الحقيقة ما قاله الحكم من أن المشرع لم يبين على من ترفع الدعوى ويصح رفعها
على الناظر، إذ هو يصطدم مع الأوليات القانونية، ومقتضاها أن الدعوى يجب أن ترفع
على ذي الصفة وأن توجه إليه ودعوى المحروم هي دعوى استحقاق في الوقف يجب أن ترفع
على المستحقين أو الملاك على الشيوع فيه ولا صفة للناظر أو الحارس في أن توجه
إليه، وهو ما قضت به محكمة الاستئناف بحكمها الصادر في 28/ 6/ 1961 بين الخصوم
أنفسهم. (وثالثها) أن رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة لا يقطع التقادم الجاري لمصلحة
من لم يختصم فيها (ورابعها) أنه سبق أن قضى في الاستئناف رقم 84 سنة 77 ق استئناف
القاهرة وبين الخصوم في هذا الطعن بعدم حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 54 سنة
1949 كلي شرعي القاهرة على الطاعنين لأنهم لم يكونوا خصوما فيها، وقول الحكم
المطعون فيه أن رفع هذه الدعوى ضد ناظرة الوقف يعتبر رفعا لها ضد الطاعنين ويقطع
التقادم قبلهم مصادمة واضحة للحكم ونقض له وإخلال بقوة الأمر المقضي.
وحيث إن هذا النعي في محله،
ذلك أن حجية الأحكام تقتصر على أطراف الخصومة فيها ولا تتعداهم إلى الخارجين عنها
وفى ضوء هذا الأصل - الوضعي - نصت المادة 341 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على
أن "كل حكم يكون متعديا لغير المحكوم عليه مباشرة يجوز لغير المحكوم عليه أن
يطعن فيه" كما نصت المادة 60 من القانون رقم 48 لسنة 1946 على أن
"الأحكام النهائية التي صدرت قبل العمل بهذا القانون في غير الولاية على
الوقف تكون نافذة بالنسبة لطرفي الخصومة" وفى نطاق المادة 341 من اللائحة -
قبل إلغائها - جرت المحاكم الشرعية على أن المستحق في الوقف لا يعتبر ممثلا في الخصومة
ولا طرفا فيها إذا لم يخاصم بنفسه أو بوكيله أو بوصيه والحكم الصادر فيها لا يكون
حجة عليه، وهو ما لا يتأتى معه إعمال أثرها في قطع التقادم بالنسبة له - وإذ كان
ذلك وكان الثابت في الدعوى ومن بيانات الحكم المطعون فيه أنه قضى في الاستئناف رقم
84 سنة 77 ق أحوال شخصية القاهرة - وبين ذات الخصوم - بعدم حجية الحكم الصادر في الدعوى
رقم 54 سنة 1949 كلي شرعي القاهرة على الطاعنين، وقضى الحكم المطعون فيه بأن الحكم
الصادر في هذه الدعوى وإن لم يكن حجة عليهم إلا أن مجرد رفع الدعوى على ناظر الوقف
يقطع التقادم ويترتب عليه أثره بالنسبة لهم في حين أنهم لم يكونوا أطرافا في الدعوى
ولا ممثلين فيها وفى حين أن المطالبة القضائية بالحق لا تقطع تقادمه إلا أن تكون
قد وجهت إلى المدين به أو من يمثله، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه
بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأسباب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق