جلسة 25 من أبريل سنة 1977
برياسة السيد المستشار
محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين
الرشيدي، وإسماعيل محمود حفيظ، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد علي بليغ.
---------------
(110)
الطعن رقم 54 لسنة 47
القضائية
(1)محكمة
الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". دفاع.
"الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحالة الحكم في بيان
شهادة الشاهد إلى ما أورده شاهد آخر. لا تثريب ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند
إليه الحكم منها.
(2)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع.
"الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة الالتفات عما يثيره
الطاعن من اتهام لآخر. لتعلقه بموضوع الدعوى. عدم التزامها بالرد عليه استقلالاً
اكتفاء بأدلة الإثبات القائمة بالدعوى.
(3)إجراءات. "إجراءات المحاكمة". دفاع. "الإخلال بحق
الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إثارة التناقض بين
الدليلين القولي والفني لأول مرة أمام النقض. غير جائزة.
عدم جواز النعي على
المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير
الدليل". إثبات. شهود. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحكمة في الأخذ
برواية ينقلها شخص عن آخر متى. رأت أن هذه الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل
الواقع في الدعوى.
(5)محكمة الموضوع. "حقها في تعديل وصف التهمة". نيابة عامة.
وصف التهمة. قتل. ضرب أفضى إلى موت.
عدم تقيد المحكمة بالوصف
القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. حقها في تعديله
متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم.
(6)محكمة الموضوع. "حقها في تعديل وصف التهمة". وصف التهمة
قتل عمد. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
اقتصار التعديل على
استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى. لا يستتبع ضرورة تنبيه المتهم أو
المدافع عنه إلى هذا التعديل.
---------------
1 - من المقرر أنه لا
يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. ما دامت
أقوالها متفقة مع ما أسند إليه الحكم منها.
2 - أن ما ينعاه الطاعن
عن التفات المحكمة عن الرد على ما أثاره من اتهامه لـ...... و..... بارتكاب
للحادث مردود بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا تلتزم
المحكمة بالتعرض له والرد عليه استقلالاً اكتفاء بأخذها بأدلة الإثبات القائمة في
الدعوى.
3 - لما كان الواضح من
محضر جلسة....... التي تناولت فيها المرافعة واختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن
المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن قاله التناقض بين
قاله...... و...... وبين الدليل الفني المستمد من التقارير الطبية الشرعية ومن ثم
فلا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ذلك لأنه دفاع موضوعي ولا
يقبل منه النعي على المحكمة بإغفال الرد عليه ما دام لم يتمسك به أمامها.
4 - من المقرر أنه ليس في
القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك
الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه
قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلى به المجني عليه للشاهدين سالفي الذكر وعول
على ما نقلاه عنه من أنه قال إن الطاعن هو ضاربه، فإن ما يثيره الطاعن حول استدلال
الحكم بهذه الأقوال لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه قتل عمداً مع سبق الإصرار والترصد...... بأن بيت النية على قتله وصمم
على ذلك وأعد لهذا الغرض آلة حادة (مطواة) وترصد له في الطريق الذي أيقن مروره فيه
وما أن ظفر به حتى انهال عليه طعناً في رقبته وباقي أجزاء جسمه قاصداً من ذلك قتله
فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت إلى
مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 230، 231 من قانون
العقوبات فقرر ذلك وادعت...... زوجة المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ ألف جنيه
على سبيل التعويض ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمواد
الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة مدة عشر سنوات وإلزامه بأن يدفع للمدعية
المدنية مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق
النقض ومحكمة النقض قضت في الدعوى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم
المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات شبين الكوم لتحكم فيها من جديد دائرة
أخرى. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت في الدعوى حضورياً للمرة الثانية عملاً
بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن مدة خمس سنوات وإلزامه
بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض. فطعن المحكوم
عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه قصور في
التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أحال في تحصيله لأقوال
الشاهد...... إلى أقوال...... رغم اختلاف شهادتهما. كما لم يعرض لما أثاره الدفاع
بشأن اتهامه...... و ...... بارتكاب الحادث وعول في إدانة الطاعن على ما شهد به
الشاهدان....... و....... من أنهما سمعا من المجني عليه فور الحادث أن الطاعن هو
ضاربه وهو ما يتعارض مع ما ورد بالتقارير الطبية الابتدائية عن عدم إمكان استجواب
المجني عليه وما أوراه تقرير الصفة التشريحية من إصابات تمنعه من التكلم – وأخيراً
فإن المحكمة انتهت إلى تعديل وصف التهمة من القتل العمد – الذي أقيمت بمقتضاه
الدعوى الجنائية على المتهم – إلى ضرب أفضى إلى الموت التي دانت الطاعن بها دون أن
تلفت نظر الدفاع إلى الوصف الجديد، وكل ذلك يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أنه حوالي الرابعة من مساء يوم 6 من مايو سنة
1971، وبينما كان..... ومعه..... ومن ورائهما "........." سائرين على
الطريق الزراعي الممتد بين بلدتي مليج وميت عافية بعد انتهائهم من عملهم بمصنع
"شبين الكوم للغزل والنسيج" إذ برز المتهم من جانب الطريق وتصدى لأولهم
وانهال عليه طعناً بالمطواة فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية
والتي أودت بحياته "ثم أورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من
أقوال....... و....... و....... و....... وما جاء بالتقارير الطبية وبتقرير الصفة
التشريحية لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل أقوال الشاهد...... بالتحقيقات بما
مؤداه بأنه كان يصحب المجني عليه على الطريق وقت الحادث، ورأى المتهم وهو يقوم
بطعنه بمطواة ويحدث إصاباته – وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن
أقوال...... متفقة مع أقوال الشاهد سالف الذكر التي أوردها الحكم في خصوص الواقعة
المشهود عليها وأحال عليها، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان
شهادة الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند
إليه الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان
ما ينعاه الطاعن عن التفات المحكمة عن الرد على ما آثاره من اتهامه لـ...... و.....
بارتكاب للحادث مردوداً بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها
مما لا تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه استقلالاً اكتفاء بأخذها بأدلة
الإثبات القائمة في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الواضح من محضر جلسة 13 أكتوبر سنة
1976 التي تناولت فيها المرافعة واختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن
الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن قالة التناقض بين قالة....... وبين
الدليل الفني المستمد من التقارير الطبية الشرعية ومن ثم فلا يسوغ له أن يثير هذا
الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ذلك لأنه دفاع موضوعي ولا يقبل منه النعي على
المحكمة بإغفال الرد عليه ما دام لم يتمسك به أمامها، وإذ كان من المقرر أنه ليس
في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك
الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه
قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلى به المجني عليه للشاهدين سالفي الذكر، وعول
على ما نقلاه عنه من أنه قال أن الطاعن هو ضاربه، فإن ما يثيره الطاعن حول استدلال
الحكم بهذه الأقوال لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة
النقض لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم أن الدعوى الجنائية رفعت على
الطاعن بتهمة القتل العمد، فعدلت المحكمة وصف التهمة إلى الضرب المفضي إلى الموت،
وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على
الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع
المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم
الذي ترى انطباقه على الواقعة. وإذ كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة، والتي كانت
مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف
الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو استبعاد نية القتل دون أن يتضمن
إسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة تختلف عن الأولى، فإن الوصف المعدل الذي نزلت
إليه المحكمة حين اعتبرت الطاعن مرتكباً لجريمة الضرب المفضي إلى الموت لا يجافي
التطبيق السليم في شيء ولا يعطى الطاعن حقاً في إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع، إذ
أن المحكمة لم تكن ملزمة في مثل هذه الحال بتنبيه أو المدافع عنه إلى ما أجرته من
تعديل في الوصف ما دام قد اقتصر على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها
الدعوى – ومن ثم فقد انحسرت عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع – لما كان ما تقدم،
فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق